«مؤسّسات المجتمع المنفتح» هي المموّل الأبرز لـ «معهد حوكمة الموارد الطبيعية» الذي تأسّس عام 2013، ويتلقّى تمويلاً بمعدّل وسطي يبلغ 4,5 ملايين دولار سنوياً . والمعهد يُعنَى بـ «إثارة الوعي في الدول التي توجد فيها ثروات وموارد طبيعية حول الطرق الأنسب لاستغلال هذه الموارد وحوكمة إدارتها والاستثمار فيها». يضم مجلس إدارة المعهد 13 عضواً ترأسهم سميتا سينغ، وهي كانت عضواً في «مجلس التطوير العالمي» التابع للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، إضافة إلى عملها في مؤسسات مالية واقتصادية دولية وأوروبية وأميركية. وأغلب المدراء الذين يتعاقبون على العمل في المعهد إما عملوا في «مؤسسات المجتمع المنفتح» أو «مؤسسة فورد» أو مؤسسة «ويليام وفلورا هيولت»، أو مرّوا بوظائف في صندوق النقد الدولي أو في حكومات بريطانية وأميركية وغربية. تشغل اللبنانية كارول نخلة عضوية مجلس إدارة المعهد، وهي مؤسِّسة وصاحبة شركة «كريستول إنرجي» لاستشارات الطاقة. وتشغل لوري هايتيان منصب مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد منذ عام 2019، خلفاً لباتريسيا كرم، التي تركت المعهد للانضمام إلى «المعهد الجمهوري الدولي»، إحدى أذرع «الصندوق الوطني للديمقراطية – NED». ورغم أن البيانات المالية للمعهد المصرَّح عنها لوزارة الخزانة الأميركية تفرض ذكر الرواتب التي يتقاضاها كبار المسؤولين فيه، إلا أنّ اسم لوري هايتيان لا يظهر في الكشوفات، علماً بأنّ البيانات السابقة تظهِر أن باتريسيا كرم كانت تتقاضى ما معدّله 140 ألف دولار سنوياً.
وبحسب المعلومات المنشورة على الموقع الإلكتروني لـ «معهد حوكمة الموارد الطبيعية»، موّل الأخير مؤسسات ومنظّمات لبنانية منها مؤسسة «مهارات» التي حصلت على 20 ألف دولار بين آذار وتشرين الثاني 2019 لـ «الاستمرار في استخدام منصة مهارات لإثراء النقاش حول قطاع النفط والغاز وتعزيز ثقافة المساءلة من خلال التحقّق من صحة بيانات الجهات الفاعلة الرئيسية، و10 آلاف دولار بين نيسان وأيلول 2018 لـ «تتبع وعود وبيانات الجهات الفاعلة الرئيسية المشاركة في قطاعَي النفط والغاز من خلال إجراء تدقيق شامل للحقائق لإثراء النقاش المتعلق بإدارة النفط والغاز»، و75 ألف دولار للمركز اللبناني للدراسات LCPS بين آب 2018 ونيسان 2019 لـ «بناء قدرات وكلاء التغيير الرئيسيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال تزويدهم بالمعرفة والخبرة والتدريب ذات الصلة بإدارة الموارد الطبيعية اللازمة للعب دور أقوى في هذا القطاع». وكان المركز قد حصل من المعهد أيضاً على 100 ألف دولار بين تشرين الثاني 2016 وحزيران 2018 لـ «دفع أو إصلاح السياسات؛ وإنتاج وتبادل المعرفة المتعلقة بالسياسات، من خلال إجراء البحوث والتحليلات المتعلقة بالسياسات، ومراجعة التشريعات الحديثة بشأن إدارة الموارد، ونشر أوراق المواقف العملية المنحى؛ مع الانخراط مع صانعي القرار وبناء شبكة قوية لرصد الحوكمة والدعوة إلى الشفافية والمساءلة في حوكمة الموارد الطبيعية».
وفي منشورات المعهد حول ما يسمّيه حوكمة الطاقة، هناك إشارة واضحة إلى أنّ من المهامّ الأساسية إقناع حكومات الدول التي تمتلك مخزونات من النفط والغاز بالانضمام إلى «مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية – EITI». وضمن المبادرة المذكورة، عُيّنت ديانا القيسي عضوة في مجلس إدارة المبادرة بين عامَي 2019 و2021 كممثلة عن منظمات المجتمع المدني. علماً أنّ القيسي وهايتيان نشطتا بعد 17 تشرين الأول 2019 في ساحات التظاهر وعقدتا ندوات في مختلف المناطق اللبنانية لتثقيف المتظاهرين حول ضرورة عدم السماح للسلطة السياسية بأن تستخرج الثروة النفطية والغازية في لبنان لأنها سلطة فاسدة. وكانت القيسي قد نشطت مع زملائها في جمعية «المبادرة اللبنانية للنفط والغاز – LOGI» ولوري هايتيان وآخرين لسنوات قبل اندلاع انتفاضة 17 تشرين في أروقة المجلس النيابي لإقناع الكتل النيابية بإجراء تعديلات على التشريعات الخاصة بتنظيم قطاع النفط والغاز، بحجة التوافق مع المعايير الدولية حول الحوكمة والشفافية في قطاع النفط والغاز.
أخيراً ركّزت إصدارات «معهد حوكمة الموارد الطبيعية» على لبنان والجدل حول العوائد التي يمكن أن تؤمّنها الثروة الغازية والنفطية في البلوكات البحرية. فقد أصدر المعهد في 24 تشرين الثاني الفائت ورقة للوري هايتيان بالشراكة مع زميلها في المعهد آرون ساين دعَوَا فيها إلى «خفض التوقّعات بأن يصبح لبنان دولة منتجة للنفط والغاز»، معتبريْن بأنّ «الهدف غير مؤكد وأنّ الفوائد الاجتماعية والاقتصادية لأي إنتاج هي أقل مما وعد به المسؤولون اللبنانيون سابقاً»، ليختما بأنّ «لبنان يحتاج إلى رؤية جديدة أكثر واقعية لما يمكن أن يفعله النفط والغاز لاقتصاده وشعبه».
من ملف : مقاتلو الحرب الناعمة