فريةُ إبتداعِ مُعاوية رضي الله عنُه
قال الطحاوي في كتابه شرح معاني الآثار : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ , قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ الْجَزَرِيُّ , عَنْ خُصَيْفٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , طَافَ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ , فَجَعَلَ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا . فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لِمَ تَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ , وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُهُمَا ؟ . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَيْسَ مِنَ الْبَيْتِ شَيْءٌ مَهْجُورٌ . فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " } قَالَ: صَدَقَتْ " فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا , تُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَلِمُ فِي طَوَافِهِ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ . وَمَعَ هَذِهِ الْآثَارِ مِنَ التَّوَاتُرِ , مَا لَيْسَ مَعَ الْأَثَرِ الْأَوَّلِ .[1].
قلتُ : وهذا فيهِ كلام لا يصحُ .
قال الطبراني [2] : (( لم يرو هذا الحديث عن خصيف إلا عتاب )).
قال شيخي خالد الخالدي : (( صدوق يخطئ عندي انها من مرتبة الضعيف عند الحافظ خلافا لمن قال انها من الحسن ما لم يخالف )) .
قلتُ : وتفرد عتاب بن بشير الجزري بهذا الحديث عن خصيف بحد ذاتهِ علةُ هذا الحديث ، وبه فالأثر لا يصح عن ابن عباس رضي الله عنهُ ، وفيه نظر بمقتضى القرآئن .
قال ابن عدي [3] : (( حدثنا بن أبي عصمة ثنا أحمد بن حميد سألته يعني أحمد بن حنبل عن عتاب بن بشير فقال أرجو أن لا يكون به بأس وروى بآخره أحاديث منكرة ولا أراها إلا من قبل خصيف حدثنا بن حماد حدثني عبد الله بن احمد عن أبيه قال عتاب بن بشير كان كذا وكذا وعتاب بن بشير هذا روى عن خصيف نسخة وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه فمنها روى عن خصيف عن مقسم عن عائشة حديث الإفك وزاد فيه ألفاظا لم يقلها إلا عتاب عن خصيف ومع هذا فإني أرجو أنه لا بأس به )) . وفي كلام ابن عدي تنصيص على كلام الإمام أحمد بن حنبل مع العلم أن لا بأس بهِ ( حسن ) عند أهل الحديث إلا أن عتاب أتى عن خصيف بأحاديث منكرة وهذا الأثر من جملة الأحاديث المنكرة التي رويت عن خصيف برواية عتاب .
ناهيك عن تفرد عتاب برواية هذا الأثر عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري وإن كان ( حسن الحديث ) فإن ( تفردهِ بالرواية علة ) . والله أعلم .
قال الحافظ ابن حجر [4] : (( لم يروِ لهُ البخاري سوى حديثين متابعة )) .
وقولُ ابن عدي كما قال شيخنا حاتم الشريف العوني في كتاب إضاءات بحثية في السنة النبوية بأن (( وصفُ الراوي بالصلاح قد لا يدل على شيء من عدالته أو ضبطه (من خلال كتاب الكامل لابن عدي) ، فجزاهُ الله تعالى كل خير على هذه الفوائد الجلية في هذا الكتاب ، وبارك الله في شيخ شيوخنا .
وقال الإمام أحمد [5] : (( قال أحمد: أحاديثه عن خصيف منكرة )) .
قال الحافظ في مقدمة الفتح : (( ضعفه أحمد بن حنبل في خصيف ووثقه بن معين والدارقطني وقال النسائي ليس بقوي وقال أبو داود عن أحمد تركه بن مهدي بآخرة وقال بن المديني ضربنا على حديثه قلت ليس له في البخاري سوى حديثين أحدهما في الطب حديث أم قيس بنت محصن في الأعلاق من العذرة أخرجه بمتابعة بن عيينة وشعيب بن أبي حمزة لشيخه إسحاق بن راشد ثلاثتهم عن الزهري ثانيهما في الاعتصام حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة فقال ألا تصلون قال علي فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله الحديث أخرجه مقرونا بشعيب هذا جميع ماله عنده وروى له أبو داود والنسائي والترمذي )) .
وقال الساجي [6] : (( عنده مناكير، حدث أحمد عن وكيع عنه )) .
الخُلاصة /
أنا الأثر لا يصحُ إلي ابن عباس رضي الله عنهُ ، وتفرد عتاب بن بشير بهذا الحديث عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري ( علةٌ ) ولهُ عنهُ أحاديث منكرة .
فتعس القائل بأن معاوية بن أبي سفيان قد إبتدع في الدين ما ليس فيه ، وخاب وخسر المُبطلون الذين يريدونَ الطعنَ بمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما .
كتبهُ /
أهل الحديث
غفر الله له ولمشيخته وأطال عمر والدتهِ ... اللهم آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق