الإعلام المصري يكشف عن أزمة مكتومة مع السعودية
هناك مشكلة حقيقية في العلاقات المصرية الخليجية هذه الأيام ، وهناك تباين في الرؤية تجاه أكثر من ملف وأولوية ، وهو أمر لم يعد يمكن إخفاؤه ، وبما أن الإعلام في الحالة المصرية أعلن مرارا وتكرارا اصطفافه الكامل مع النظام السياسي والدفاع عن خياراته الداخلية والخارجية واعتبر ذلك موقفا وطنيا لا يقبل الاحتمال ، إضافة إلى ما تسرب من معلومات عن أن قطاعا واسعا من الإعلام الرسمي والخاص يمثل أذرعا للأجهزة والمؤسسات الصلبة ، فإن هذا كله مما دعا العالم الخارجي إلى رصد ما ينشره الإعلام المصري باعتباره مرآة عاكسة لتوجهات السياسة الرسمية غير المعلنة أو ما خفي منها ، وخاصة عندما يكون النشر منسقا ومتكررا في قضية بعينها وبرؤية محددة . منذ انعقاد القمة العربية الأخيرة التي استضافتها مصر في شرم الشيخ ، وهناك ما يمكن وصفه بالتحرش الإعلامي ببعض دول الخليج ، وخاصة المملكة العربية السعودية ، باعتبار أن الخلاف مع قطر قديم ولا جديد فيه ، إلا أن السعودية تمثل أحد قطبي الدعم الأساس والقوي الذي مكن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي من الاستمرار وتجاوز عقبات خطيرة ، وذلك باعتراف السيسي نفسه في أكثر من موقف وأكثر من لقاء وخطاب ، وبالتالي يأتي انقلاب الإعلام المصري على السعودية مؤشرا حقيقا ومقلقا على أزمة ثقة ـ وربما أبعد من الثقة ـ بين مصر والمملكة في المرحلة الجديدة ، وهناك أكثر من إعلامي مصري ، سواء عبر القنوات الفضائية أو بعض الصحف ، تحدث بانتقاد وسخرية شديدة من السعودية وموقفها السياسي في اليمن وسوريا على سبيل المثال ، ووصل الحال إلى الاستخفاف والسخرية من عاصفة الحزم التي تقودها السعودية بمشاركة العديد من الدول ضد التمرد الحوثي في اليمن ، بل تحولت السخرية إلى هجوم ونقد شديد وعنيف ضد السعودية ودفاع عن الحوثيين أنفسهم وتوعد بانكسار عاصفة الحزم وهزيمة المملكة هناك . لم يكن الإعلامي إبراهيم عيسى وحده في هذه الحملة ، وإن كان هو الصوت الأعلى فيها ، وإبراهيم يقدم نفسه عادة على أنه الصوت المعبر عن "المؤسسة" ، وكان أول إعلامي يجري حوارا مع السيسي أيام انتخابات الرئاسة ، كما أنه ـ في لحظات الانتشاء ـ تباهى على الهواء بعلاقاته مع جهاز أمني سيادي وقال أن له اجتماعا أسبوعيا مع قادة هذا الجهاز ، وسواء كان برنامج هذا الاجتماع الأسبوعي ما زال مستمرا أو طرأ عليه تعديل في المواقيت ، إلا أنه كان مؤشرا على عمق صلة عيسى بالأجهزة والمؤسسة الصلبة ، وبالتالي فما يقوله من المفهوم أن تعتبره جهات خليجية عديدة دلالة على توجه ما لدى الدولة المصرية أرادت التنفيس عنه من خلال الإعلام بعيدا عن القنوات السياسية أو الديبلوماسية المباشرة ، وصحيح أن إبراهيم عيسى له نوازع شيعية معروفة من سنوات ، ولذلك تخصص في هجاء السنة وأهل السنة على مدار التاريخ ، دون أي مساس بأي رمزية شيعية قديما أو حديثا ، وينحاز تلقائيا للأحزاب والقوى الشيعية سواء في العراق أو السعودية أو البحرين أو لبنان أو اليمن ، وكان يضع صورة حسن نصر الله في خلفية مكتبه ، وهو ما يجعل هناك التباسا في مسألة دفاعه عن الحوثي وهجومه على السعودية ، بين نوازعه الطائفية وانتماءاته للأجهزة ، غير أن تكرار نفس ما قاله عيسى في منابر إعلامية أخرى تمثل أذرعا للسلطات الجديدة يجعلنا أمام استبعاد فرضية النوازع الطائفية الشخصية وترجيح الأخرى . سبق وقلت في هذه الزاوية أنه لا مستقبل للعلاقة بين إدارة السيسي وبين المملكة بعد أن يضعف القلق من الإخوان ، وذلك بسبب تباين الموقف بوضوح شديد في الأزمة السورية ، فمصر منحازة تقريبا لبشار ونظامه وتنظر إلى المعارضة بمجملها باعتبارها إرهابا يهدد الدولة السورية ووحدتها ، وإن كانت اللغة الديبلوماسية حذرة حتى الآن ، ولم يأت أي ذكر لبشار الأسد على لسان السيسي بسوء منذ توليه الرئاسة ، بينما السعودية ترى أن بشار مجرم حرب ولا يقبل وجوده في أي تسوية سياسية لمستقبل سوريا وتدعم معارضيه بالمال والسلاح ، كما أن السعودية ليست متحمسة لرغبة مصر في التدخل في ليبيا ، فضلا عن أن العلاقات المصرية الإيرانية ملتبسة جدا الآن ، بل هناك التباس في الموقف من الحوثيين أيضا ومن حزب الله اللبناني ، وكل ذلك يثير قلقا خليجيا وسعوديا بشكل كبيرا . في الأفق القريب تعددت مواقف يمكن أن تبلور ميلاد محور جديد يتشكل بين القاهرة وعمان وأبو ظبي ، في مقابل محور آخر يتشكل بين الرياض والدوحة وأنقره ، والأحداث المتوالية تكشف تدريجيا عن هذه المحاور الجديدة التي هي في طور التكوين حاليا ، فإلى أي مدى يمكن أن تستمر هذه التكوينات ، وإلى أي مدى يمكن أن يقع الصدام بينها في الملفات المختلفة ، وهل يمكن أن تشهد الأسابيع المقبلة تفجر الخلاف المصري السعودي علنا ، هذا ما سوف تكشف عنه تطورات الأحداث الملتهبة في اليمن وسوريا ، ثم في ليبيا .
almesryoongamal@gmail.com
المصريون
=====
https://www.youtube.com/watch?v=UuiENHHBC78
هناك مشكلة حقيقية في العلاقات المصرية الخليجية هذه الأيام ، وهناك تباين في الرؤية تجاه أكثر من ملف وأولوية ، وهو أمر لم يعد يمكن إخفاؤه ، وبما أن الإعلام في الحالة المصرية أعلن مرارا وتكرارا اصطفافه الكامل مع النظام السياسي والدفاع عن خياراته الداخلية والخارجية واعتبر ذلك موقفا وطنيا لا يقبل الاحتمال ، إضافة إلى ما تسرب من معلومات عن أن قطاعا واسعا من الإعلام الرسمي والخاص يمثل أذرعا للأجهزة والمؤسسات الصلبة ، فإن هذا كله مما دعا العالم الخارجي إلى رصد ما ينشره الإعلام المصري باعتباره مرآة عاكسة لتوجهات السياسة الرسمية غير المعلنة أو ما خفي منها ، وخاصة عندما يكون النشر منسقا ومتكررا في قضية بعينها وبرؤية محددة . منذ انعقاد القمة العربية الأخيرة التي استضافتها مصر في شرم الشيخ ، وهناك ما يمكن وصفه بالتحرش الإعلامي ببعض دول الخليج ، وخاصة المملكة العربية السعودية ، باعتبار أن الخلاف مع قطر قديم ولا جديد فيه ، إلا أن السعودية تمثل أحد قطبي الدعم الأساس والقوي الذي مكن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي من الاستمرار وتجاوز عقبات خطيرة ، وذلك باعتراف السيسي نفسه في أكثر من موقف وأكثر من لقاء وخطاب ، وبالتالي يأتي انقلاب الإعلام المصري على السعودية مؤشرا حقيقا ومقلقا على أزمة ثقة ـ وربما أبعد من الثقة ـ بين مصر والمملكة في المرحلة الجديدة ، وهناك أكثر من إعلامي مصري ، سواء عبر القنوات الفضائية أو بعض الصحف ، تحدث بانتقاد وسخرية شديدة من السعودية وموقفها السياسي في اليمن وسوريا على سبيل المثال ، ووصل الحال إلى الاستخفاف والسخرية من عاصفة الحزم التي تقودها السعودية بمشاركة العديد من الدول ضد التمرد الحوثي في اليمن ، بل تحولت السخرية إلى هجوم ونقد شديد وعنيف ضد السعودية ودفاع عن الحوثيين أنفسهم وتوعد بانكسار عاصفة الحزم وهزيمة المملكة هناك . لم يكن الإعلامي إبراهيم عيسى وحده في هذه الحملة ، وإن كان هو الصوت الأعلى فيها ، وإبراهيم يقدم نفسه عادة على أنه الصوت المعبر عن "المؤسسة" ، وكان أول إعلامي يجري حوارا مع السيسي أيام انتخابات الرئاسة ، كما أنه ـ في لحظات الانتشاء ـ تباهى على الهواء بعلاقاته مع جهاز أمني سيادي وقال أن له اجتماعا أسبوعيا مع قادة هذا الجهاز ، وسواء كان برنامج هذا الاجتماع الأسبوعي ما زال مستمرا أو طرأ عليه تعديل في المواقيت ، إلا أنه كان مؤشرا على عمق صلة عيسى بالأجهزة والمؤسسة الصلبة ، وبالتالي فما يقوله من المفهوم أن تعتبره جهات خليجية عديدة دلالة على توجه ما لدى الدولة المصرية أرادت التنفيس عنه من خلال الإعلام بعيدا عن القنوات السياسية أو الديبلوماسية المباشرة ، وصحيح أن إبراهيم عيسى له نوازع شيعية معروفة من سنوات ، ولذلك تخصص في هجاء السنة وأهل السنة على مدار التاريخ ، دون أي مساس بأي رمزية شيعية قديما أو حديثا ، وينحاز تلقائيا للأحزاب والقوى الشيعية سواء في العراق أو السعودية أو البحرين أو لبنان أو اليمن ، وكان يضع صورة حسن نصر الله في خلفية مكتبه ، وهو ما يجعل هناك التباسا في مسألة دفاعه عن الحوثي وهجومه على السعودية ، بين نوازعه الطائفية وانتماءاته للأجهزة ، غير أن تكرار نفس ما قاله عيسى في منابر إعلامية أخرى تمثل أذرعا للسلطات الجديدة يجعلنا أمام استبعاد فرضية النوازع الطائفية الشخصية وترجيح الأخرى . سبق وقلت في هذه الزاوية أنه لا مستقبل للعلاقة بين إدارة السيسي وبين المملكة بعد أن يضعف القلق من الإخوان ، وذلك بسبب تباين الموقف بوضوح شديد في الأزمة السورية ، فمصر منحازة تقريبا لبشار ونظامه وتنظر إلى المعارضة بمجملها باعتبارها إرهابا يهدد الدولة السورية ووحدتها ، وإن كانت اللغة الديبلوماسية حذرة حتى الآن ، ولم يأت أي ذكر لبشار الأسد على لسان السيسي بسوء منذ توليه الرئاسة ، بينما السعودية ترى أن بشار مجرم حرب ولا يقبل وجوده في أي تسوية سياسية لمستقبل سوريا وتدعم معارضيه بالمال والسلاح ، كما أن السعودية ليست متحمسة لرغبة مصر في التدخل في ليبيا ، فضلا عن أن العلاقات المصرية الإيرانية ملتبسة جدا الآن ، بل هناك التباس في الموقف من الحوثيين أيضا ومن حزب الله اللبناني ، وكل ذلك يثير قلقا خليجيا وسعوديا بشكل كبيرا . في الأفق القريب تعددت مواقف يمكن أن تبلور ميلاد محور جديد يتشكل بين القاهرة وعمان وأبو ظبي ، في مقابل محور آخر يتشكل بين الرياض والدوحة وأنقره ، والأحداث المتوالية تكشف تدريجيا عن هذه المحاور الجديدة التي هي في طور التكوين حاليا ، فإلى أي مدى يمكن أن تستمر هذه التكوينات ، وإلى أي مدى يمكن أن يقع الصدام بينها في الملفات المختلفة ، وهل يمكن أن تشهد الأسابيع المقبلة تفجر الخلاف المصري السعودي علنا ، هذا ما سوف تكشف عنه تطورات الأحداث الملتهبة في اليمن وسوريا ، ثم في ليبيا .
almesryoongamal@gmail.com
المصريون
=====
اعترافات قادة العسكر عن خرافة إن الجيش حمى مصر وثائقي
https://www.youtube.com/watch?v=UuiENHHBC78
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق