نشر في : الجمعة 26 يونيو 2015 -
يزن الهاشمي – التقرير
كما أصبح واضحًا للجميع أن الوضع الأمني والإنساني في العراق بدأ يأخذ منحى جديدًا وخطيرًا، حيث تواصل الحكومة العراقية، وبالاشتراك مع ميليشيا الحشد الشعبي ارتكاب سلسلة من الجرائم والانتهاكات التي أرّقت العالم، والمجتمع العربي والعراقي، والتي كان آخرها وأبرزها قرار إعدام 7000 سجين سني !
ونقلت وسائل إعلام عراقية عن رئيس المحكمة الجنائية العراقية (بليغ حمدي) تأكيده لوجود أكثر من سبعة آلاف سجين محكوم عليه بالإعدام، لكن الحكم لم يُنفذ بحقهم إلى الآن، وذلك بسبب موقف رئاسة الجمهورية من القرار، وأشار حمدي إلى أن ما يحول دون تنفيذ هذه الأحكام هو امتناع الرئيس العراقي فؤاد معصوم عن المصادقة عليها.
فيما وقع رئيس الوزراء(حيدر العبادي) قرار الموافقة على إعدام 7000 سجين، وخول وزارة العدل بتنفيذ أحكام الإعدام خلال 30 يومًا في حال عدم مصادقة رئاسة الجمهورية الحالية عليها، وأغلب المحكوم عليهم بالإعدام من سجن الناصرية، وجميعهم ينتمون للطائفة السنية، وبهذا فإن العبادي ضرب بعرض الحائط قرار العفو العام الذي سيصوت عليه البرلمان، والذي من شأنه أن يقلل عدد المحكوم عليهم بالسجن، أما المرجعية الشيعية فرفضت قانون العفو العام وتهدد بالتظاهر في بغداد في حال إقرار القانون.
وقال ممثل المرجعية في النجف محمد قاسم الأسدي إن “جميع مراجع النجف ترفض بشكل قاطع قانون العفو العام وتطالب مجلس النواب بعدم تمريره لما له من غبن وضياع لدماء الأبرياء “.
واستغرب الأسدي “من موافقة مجلس الوزراء على قانون العفو خاصة أنه يشمل المسجونين بالمادة 4 إرهاب “، مضيفًا إن “المرجعية سوف تدعو إلى تظاهرات في بغداد في حال تمت المصادقة على هذا القانون“.
يذكر أن مجلس الوزراء صوت في جلسته الأسبوع الماضي على قانون العفو العام وأرسله إلى مجلس النواب لتشريعه.
ويعتبر سجن الناصرية التي ستتم منه أغلب الإعدامات من أسوأ السجون في جنوب العراق والذي يعاني فيه من الويلات ما يقارب العشرة آلاف معتقل ومئات المعتقلات، ويعد سجن الناصرية أو سجن الحوت أحد السجون التابعة لدائرة الإصلاح العراقية، وإحدى دوائر وزارة العدل والتي تدير شُؤون السجون التابعة الوزارة في عموم محافظات العراق من أشد الأماكن التي يتعرض فيها الأسرى السنة إلى التعذيب اليومي؛ حيث يموت العديد من النزلاء تحت صعق الكهرباء والتعذيب الهمجي .
ويتعرض أغلب المعتقلين لأَلوان من التعذيب منذ اعتقالهم كما أُجبر أكثرهم عَلى الإدلاء باعترافات عن القيام بأعمال لم يرتكبوها؛ كالقيام بعمليات مسلحة ضد القوات الحكومية، والانتماء للجماعات المسلحة، وتم نزع اعترافاتهم تحت التعذيب، وحوكموا على ضوئها ويُجبر السنة في السجون على الدخول في حلقات التثقيف للتشيع مع وعود بإطلاق السراح أو تخفيف المدة، ويتعرض للتعذيب من يرفض ذلك.
إن المعتقلين معظمهم يؤكد بنفسه أو يؤكد المقربون منه أنه لم يسبق له الاشتراك بأي نشاط ضد الحكومة، وأغلبهم من أَهل السنة ومِن سكان محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك والبصرة، وجميعهم اعتقلوا تحت طائلة المادة الرابعة من قانون مكافحة الإِرهاب الَّذي صدر عام 2005 ، أو ما تُسمى بمادة (4 سنة )حيث أصبحت ذريعة للاعتقال، ولم يستثن أحد من السنة حتى طال وزراءهم مثل طارق الهاشمي نائب الرئيس نوري المالكي في الدورة السابقة، والنائب أحمد العلواني وغيرهما، وكان إلغاء هذه المادة والإفراج عن المعتقلين من أهم مطالب المظاهرات العراقية السلمية التي قمعتها الحكومة الطائفية ونتج عنها هذا الصراع المسلح.
12
وتنفذ أغلب عمليات الإعدام في سجن الناصرية وسجون أخرى؛ حيث يُعدم شهريًا ما لا يقل عن ٣٠ أسير في لائحة تضم حوالي ١٨٠٠ شخص محكوم عليهم بالإعدام، وتم إعدام ثلاثة جزائريين وسوري خلال وجبة الإعدامات في الشهر الماضي، وتم تخفيف الضغط على المعتقلين السعوديين والسماح لهم بالزيارات العائلية مؤخرًا!
ويُمنع المعتقلون في سجون وزارة العدل العراقية من لقاء عوائلهم ومحاميهم منذ شهر كانون الثاني مطلع عام 2014 الماضي، بموجب قرار وزير العدل العراقي السابق (حسن الشمري)، وبعد مطالبات عديدة من المُنظمات الحُقوقية الدولية والعراقية كمركز بغداد لحقوق الإنسانِ والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إضافة للشكاوى والمُطالبات التي قدمتها عوائِل المُعتقلين قررت وزارة العدل الحالية في شهْر آذار الماضي السماح بالزيارات الشهرية لذوي المُعتقلين، والآن يسمح للنساء دون الرجال بزيارة ذويهم المعتقلين، وذلك بتخصيص يوم الخميس من كل شهر لقسم من أقسام السجن الأربعة فتكون حصةَ المعتقل زيارة واحدة في كل شهر، وترفض إدارة السجن السماح خلال الزيارة بإدخال الملابس والمواد الغذائية والأدوية، وباقي المستلزمات الطبية للمعتقلين.
ورغمَ القرار الذي اتخذته وزارة العدل بإعادة العمل بالزيارات الشهرية للمعتقلين إلا أن الوزارة لم تسمح لأيٍ من المحامين العراقيين بزيارة موكليهم المعتقلين في سجن الناصرية المركزي وأغلب سجونها الأخرى، وكما كشف مركز بغداد لحقوق الإنسان والمنظمةُ العربية لحقوق الإنسان ببريطانيا في تقرير مشترك عن انتهاكات مروّعة ترتكب ضد نحو 7400 معتقل عراقي (معظمهم سنة) في سجن الناصرية جنوبي العراق، وأشار التقرير إلى إصدار محاكم الناصرية 297 حكمًا بالإعدام خلال الأشهر الأربعة الماضية، وبناءً على إفادات مخبرين سريين، واعترافات انتُزعت تحت التعذيب والتهديد باغتصاب الأقارب، وحسب التقرير المشترك فإن رئيس غرفة المحامين المنتدبين في الناصرية المحامي صالح الزهيري استقال احتجاجًا على عدم سماح محكمة الناصرية للمحامين بالانتداب للدفاع عن المتهمين!
كما دعت المنظمتان السلطات العراقية والمنظمات الدولية إلى تشكيل لجنة حقوقية دولية محايدة لزيارة سجن الناصرية والوقوف على الجرائم والانتهاكات المروعة التي تُرتكب ضد المعتقلين. كما طالب التقرير بإعادة النّظر في الأحكام الصادرة عن محاكم الناصرية، وإعادة تدوين أقوال المعتقلين من قبل محققين غير مسيّسين ولا طائفيين، وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، وتعويضهم ماديًا ومعنويًا.
أما هيئة علماء المسلمين في العراق قالت الشهر الماضي إن القوات العراقية قتلت 16 معتقلاً بالصعق الكهربائي في سجن الناصرية بمحافظة ذي قار جنوبي البلاد، موضحة أن القوات المشرفة على السجن “زعمت” أنهم لاقوا حتفهم جراء تعرضهم بشكل جماعي للتيار الكهربائي، وأفادت الهيئة في بيان بأن القوات الحكومية منعت أهالي الضحايا من مقابلة أبنائهم المعتقلين منذ أكثر من ستة أشهر بحجة أنها تتخذ إجراءات مشددة لمنع هروب المعتقلين، وعادت الهيئة لتصدر بيانًا في يوم 18/6/2015 أدانت فيه بشدة قرارات الإعدام الصادرة ضد المعتقلين العراقيين والتي تكشف عن طائفية السلطة الحاكمة ونزعتها للانتقام والثأر لحسابات طائفية مقيتة، وقالت الهيئة في بيان لها : بدلًا من اتخاذ خطوات في سبيل التقليل من حالات الإعدام وسن قوانين تتوخى العدالة والرحمة وفقًا للمتغيرات الدولية والمطالبات المستمرة للمنظمات العالمية.
وأعلن (حيدر الزاملي) وزير العدل في الحكومة الحالية عن حصول موافقة مجلس الوزراء الحالي على قانون تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة (1973) والذي سيعجل في تنفيذ أحكام الإعدام بمن صدرت ضدهم قرارات محكمة التمييز بشكل نهائي. ونقل البيان عن (الزاملي) قوله : إن مشروع القانون سيخول وزارة العدل تنفيذ أحكام الإعدام بحق المدانين في حال عدم مصادقة رئاسة الجمهورية على الأحكام دون الحاجة لمصادقتها، موضحًا أن هذا الإجراء سيتم في حال عدم صدور مرسوم جمهوري بالتنفيذ خلال (30) يومًا من إرسال الأحكام التمييزية النهائية إلى رئاسة الجمهورية.
وأوضحت الهيئة أن (عدنان الأسدي) عضو مجلس النواب الحالي عن ائتلاف دولة القانون كشف النقاب عن أن هناك أكثر من (7000) معتقل صدر ضدهم قرار الحكم بالإعدام إلا أن رئيس الجمهورية الحالي (فؤاد معصوم) يمتنع عن المصادقة على قرارات إعدامهم، كما لفتت الهيئة الانتباه الى أن المادة (286) من قانون الإجراءات الجنائية المعمول به حاليًا في العراق تنص على أن جميع أحكام الإعدام التي أيدتها محكمة التمييز يجب أن تُقدم إلى رئيس الجمهورية الذي يحق له المصادقة على الحكم أو تخفيفه أو إصدار عفو.. مشيرة إلى أن المادة (6) من الأمر رقم (3) لسنة 2004 أدخلت تعديلاً على المادتين (285 ب) و (286) من القانون الذي نص على أن تنفيذ أي حكم بالإعدام يقتضي موافقة رئيس الوزراء، فضلًا عن مصادقة المجلس الرئاسي وذلك استثناء مما نصت عليه الأنظمة السابقة، وفي ختام بيانها جددت هيئة علماء المسلمين مطالبتها المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالضغط على الحكومة الحالية لإيقاف ممارساتها العدوانية وشهوتها للقتل والإعدام وتوجيه اللوم إلى الدول الداعمة لها وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا اللتان كانتا ومازالتا تدعمان وبشكل علني حكومات القتل والجريمة والفساد في العراق دون حياء أو حرج أو شعور بالمسؤولية التاريخية والقانونية والدولية !
وذكر طارق الهاشمي نائب رئيس العراق السابق، أن رئيس الحكومة العراقية الموالي لإيران حيدر العبادي أجرى تعديلاً على القانون يعجل بتنفيذ الإعدام على 7000 سني بزعم ارتكابهم جرائم “إرهابية”! وقال الهاشمي في تغريدة على موقع التواصل “الفيسبوك”: ينفرد سياسيون بإثارة موضوع أحكام الإعدام في هذا الوقت بالذات، أما حكومة بغداد فتبشر العراقيين على لسان وزير العدل أمس بأن مجلس الوزراء أجرى تعديلاً على القانون يعجل بتنفيذ إعدام دون مرسوم جمهوري، كما ينص الدستور، وأضاف :أدعو لهم بالهداية والرشاد فهم أناس مرضى أفقدت الكراهية بصرهم وبصيرتهم.
كما بثت مجموعة من المحامين العراقيين الموكلين للدفاع عن بعض المعتقلين في الثاني من شهر رمضان المبارك سنة 1436هـ ما يلي :
مناشدة إنسانية عاجلة إلى كل من لديه ذرة من الغيرة والإنسانية
نحن مجموعة من المحامين العراقيين نناشد الأمم المتحدة، ومنظمة حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وجميع المنظمات الإنسانية لإنقاذ حياة السجناء العراقيين في سجون الحكومة العراقية، حيث اكتشفنا مؤخرًا عند لقائنا بموكلينا في أماكن احتجازهم في سجن التاجي وسجن الناصرية وسجن المخابرات والأمن الوطني واستخبارات الجيش ومطار المثنى والأفواج التابعة لها تبين أن المعتقلين غير متزنين وعلامات التعذيب واضحة على أجسادهم، ولكن هذه المرة لم يقتصر التعذيب على الجسد فحسب، وإنما قتل مباشر، وذلك بوضع السم البطيء في الطعام أو حقنهم بالإبر السامة، مما أدى إلى مقتل الكثير بعد أيام من خروجهم، وثبوت برائتهم من التهم الموجهة إليهم، لذا نطالب المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني والاتحاد الأوربي والحكومة الأمريكية بالتدخل فورًا والإطلاع والتحقق مما يجري داخل السجون الحكومة العراقية واتخاذ موقف واضح وصريح تجاه ما تفعله هذه المؤسسات القمعية والإجرامية اللإنسانية بحق المعتقلين الأبرياء، ونطالب بإرسال بعثات فورًا إلى السجون لفحصهم والتأكد من ذلك.
وقد ذكرت في وقت سابق في صحيفة التقرير من خلال تقرير صفحات مظلمة من سجن الناصرية أنه تم نقل المعتقلين من بغداد ومحافظاتها الأخرى إلى سجون ومحاكم تحقيق وجنايات الناصرية (ذي قار) تمهيدًا لتنفيذ أحكام الإعدام بحقهم وفي مخالفة جسيمة لمواد القانون العراقي الذي نص على الاختصاص المكاني للمحاكم العراقية، كما تمت إحالة قضايا معتقلين من أَهل السُّنة إِلى محاكم جميع قضاتها منتمون لأحزاب شيعية دينية، وتلك الأحزاب تعد طرفًا من أطراف الصراعات والنزاعات الطائفية والسياسية التي يعاني منها العراق، فقضاة محكمة ذي قار كما نقلها مركز بغداد لحقوق الانسان هم:
القاضي(فرقد صالح هادي) رئيسُ محكمة استئنافِ ذي قار العامّ (قاضي قضاة ذي قار) وهوُ عضو قيادي بحزب الدعوة.
القاضي(عزيز شنته الجابري) رئيس الهيئة الأولى في محكمةِ جناياتِ ذي قار (الناصرية) وهو نائبُ رئيس محكمة استئناف ذي قار أيضًا، وهو عضو قيادي في حزب الدعوة ومن المقربين من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي.
القاضي محمد محسن الإبراهيمي رئيسِ الهيئة الثانية في محكمةِ جناياتِ ذي قار (الناصرية) عضو في حزب الدعوة.
القاضي (ناظم حميد علك الوائلي) عضو محكمة جنايات ذي قار(الناصرية)، وهوَ عضو قيادي في حزب الدعوة ومن المقربين من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي.
القاضي (علي عبد الغني جلاب) عضو محكمة جنايات ذي قار (الناصرية) عضو في المجلس الأعلى.
القاضي (موفق نوري جاسم) عضو محكمة جنايات ذي قار (الناصرية) عضو في حزب الدعوة.
القاضي (رافد مركز الأعرجي) قاضي محكمة تحقيقِ ذي قار (الناصرية) والمختص بقضايا الإرهاب وهو عضو قيادي في التيار الصدري.
هذا في الوقت الذي يُفترض فيه أَن يكون القضاء العراقي مستقلّا حاميًا ومدافعًا عن حقوق الإنسان ومحاسبًا لمنتهكيها أصبح أداة طائفية وإجرامية تُستخدم لأغراض طائفية وسياسية تُرتكب بها أو من خلالها انتهاكات مهولة لحقوق الإنسان في العراق الذي تبدل بين ليلة وضحاها بعد أن جاء أدعياء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحولوه من بلد عريق بتاريخه وحضاراته ومواقفه الوطنية إلى بلد التدمير والتهجير والسجون التي باتت مراكز للانتقام الطائفي، ويستمر المسلسل المأساوي والمعاملة الطائفية المقيتة بحق أبرياء زج بهم في سجون قذرة وسط إهمال متعمد وصمت مريب لمأساة حقيقية تزايدت مؤخرًا على نحو مخيف، ربما تعود العالم على سماع أخبار السنة التي لا تسر والتي لا يعلم العراقيون متى تنتهي وتُطوى صفحاتها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق