الكاتب : وطن 17 ديسمبر، 2015 لا يوجد تعليقات ديفيد كاميرون مع الرئيس المعتقل محمد مرسي “إنها لم تبدو حتى مجرد فكرة جيدة، فقد حذر دبلوماسيون بريطانيون منذ البداية، في أبريل 2014، من أن قرار ديفيد كاميرون بإجراء مراجعة للإخوان سوف يجعلنا رهينة للثروة، وضغوط هائلة من بلدان عربية استبدادية تمثل أسواقا حيوية للبيزنس البريطاني وتشعر بعدم الارتياح بفكرة وجود منظمة إسلامية داخل ديمقراطية متعددة الثقافات”. جاء ذلك في مستهل تقرير بصحيفة الجارديان أعده الصحفي أيان بلاك، تعليقا على نشر المملكة المتحدة أخيرا نتائج التحقيق حول أنشطة الجماعة. وإلى نص التقرير قائد اللوبي هو محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات التي يتفشى فيها هاجس معارضة الإسلاموية، والتي حظرت العديد من الجماعات، بينها داخل المملكة المتحدة، جراء روابط مزعومة مع الإرهاب. السعودية أكثر صمتا في هذا الشأن. أما مصر، التي شهدت الإطاحة بمحمد مرسي الرئيس المنتخب ديمقراطيا الذي لم يكن يمتلك شعبية عميقة، وصاحب ذلك عمليات اعتقال وقتل جماعي، فقد ضغطت بشدة أيضا، لكن بثقل اقتصادي أقل. ومع ذلك، كان لكاميرون أسبابه الخاصة للشعور بالقلق. ففي أواخر 2013، اشتاط رئيس الوزراء البريطاني غضبا، وفقا لأحد زملائه، عندما لم يكن أحد في حكومته يعرف شيئا عن حدث كبير للإخوان المسلمين في لندن. تقدم الإسلاميين في مصر وتونس بعد الربيع العربي وُضع على قمة أجندة السياسة الخارجية البريطانية. وقبل ذلك، كان الشاغل يتمثل في حماس، التي فازت بانتخابات في فلسطين، لكنها واجهت حظرا كجماعة إرهابية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل. ورأى مسؤولون داخل الحكومة البريطانية أنه إذا كان قرار مراجعة الإخوان خاطئ، فإن إعلانه على الملأ ضاعف من حجم الخطأ، حيث جعلها تخضع للتدقيق ليس فحسب من أنظمة عربية اصدرت تهديدات مبطنة بشأن أي نتائج قادمة غير مرغوبة. المراجعة كذلك خضعت للتدقيق من إسلاميين بريطانيين وأنصارهم شعروا بتهديد يمس حرياتهم الأساسية. من جانبه، قال كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني: “البلدان والأطراف المؤيدة للمراجعة ستشعر بالغضب تجاه عدم حظر الإخوان”. وتابع دويل: “مسلمو بريطانيا وآخرون من الذين رفضوا المراجعة سيشعرون أنهم مادة للمطاردة”. مسؤولو الشأن الداخلي البريطاني اتخذوا خطا ليبراليا نسبيا، واعتبروا أن الإسلاميين في المملكة المتحدة بمثابة “ديمقراطيون مسيحيون ولكن ملتحون”. أما الخارجية البريطانية فكانت منقسمة بشدة فيما يتعلق بالموقف السياسي تجاه محمد مرسي في مصر. حيث كان الكثيرون حريصين على رؤية نجاح أول حكومة إسلامية كوسيلة لتقويض خطاب الجهاديين. لكن الدبلوماسيين البريطانيين في عواصم عربية أخرى سمعوا شكاوى متعددة تصف العاصمة البريطانية بـ “لندنستان”، وأنها باتت مأوى لمخربين شديدي الخطورة. خلاصة المراجعة بأن “عضوية، أو الارتباط، أو الوقوع تحت تأثير الإخوان أمور يجب اعتبارها مؤشرا محتملا للتطرف” تظهر أن الرؤية الأكثر تشددا القادمة من الخارج البريطاني هي التي انتصرت. لم يناقش أحد مدى مصداقية مؤلف التقرير، السير جون جنكينز. جنكينز الذي تقاعد حاليا من عمله بالخارجية البريطانية، هو رجل مهتم بالشأن العربي، وصاحب إنجازات، وعميق التفكير، ولديه معرفة عميقة بالحركة الإسلامية، منذ بزوغها في مصر في عشرينيات القرن المنصرم. لكن الجانب السلبي في تعيينه قائما على المراجعة هو أنه كان في ذلك الوقت سفيرنا في الرياض، وهو ما عزز انطباعا بأن الأمر برمته جرى تنفيذه لإرضاء السعوديين. خلاصة المراجعة بضرورة وضع الإخوان “تحت المراجعة”، لا يحتمل أن تنهي القصة، نظرا للتسريبات الضارة المنبثقة عن حرب الدعاية المستمرة بين الإمارات وغريمتها الثرية قطر المؤيدة للإسلاميين. لن يعجب الإخوان المسلمين تلك اللغة المستخدمة بوصف الجماعة بالغموض العمدي والسرية، والادعاء أنها ترتبط بعلاقة شديدة الغموض مع التطرف العنيف. الخضوع لأصدقاء قمعيين هو بالتأكيد جزء من هذه القصة، لكن الأمر أكبر من ذلك. من جانبه، قال هشام هيلر الباحث بـ “أتلانتك كاونسل” و”معهد “رويال يونايتد” : “هذه المراجعة كان يمكن أن تمثل فرصة عظيمة للحكومة البريطانية لإضفاء تمييز أكثر في المناقشة العامة حول الإخوان، على نحول يتجاوز التوصيف غير الدقيق لها بكونها إما جماعة إرهابية من جانب، أو جماعة ديمقراطية تؤمن بالتعددية من جانب آخر”. واختتم هيلر قائلا: “لقد تم بذل الكثير من الجهد، لكن الإصدار النهائي لخصه في إطار بالغ الصغر. الجدالات السياسية حول التقرير بسبب حساسية دول الخليج لم تساعد في إنجاز الأمور. إنها فرصة ضائعة تعثرت فيها الحكومة بشكل متوقع”.
الخميس، 17 ديسمبر 2015
جارديان: مراجعة الإخوان.. فكرة سيئة تجعلنا رهينة دول عربية استبدادية كالإمارات
الكاتب : وطن 17 ديسمبر، 2015 لا يوجد تعليقات ديفيد كاميرون مع الرئيس المعتقل محمد مرسي “إنها لم تبدو حتى مجرد فكرة جيدة، فقد حذر دبلوماسيون بريطانيون منذ البداية، في أبريل 2014، من أن قرار ديفيد كاميرون بإجراء مراجعة للإخوان سوف يجعلنا رهينة للثروة، وضغوط هائلة من بلدان عربية استبدادية تمثل أسواقا حيوية للبيزنس البريطاني وتشعر بعدم الارتياح بفكرة وجود منظمة إسلامية داخل ديمقراطية متعددة الثقافات”. جاء ذلك في مستهل تقرير بصحيفة الجارديان أعده الصحفي أيان بلاك، تعليقا على نشر المملكة المتحدة أخيرا نتائج التحقيق حول أنشطة الجماعة. وإلى نص التقرير قائد اللوبي هو محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات التي يتفشى فيها هاجس معارضة الإسلاموية، والتي حظرت العديد من الجماعات، بينها داخل المملكة المتحدة، جراء روابط مزعومة مع الإرهاب. السعودية أكثر صمتا في هذا الشأن. أما مصر، التي شهدت الإطاحة بمحمد مرسي الرئيس المنتخب ديمقراطيا الذي لم يكن يمتلك شعبية عميقة، وصاحب ذلك عمليات اعتقال وقتل جماعي، فقد ضغطت بشدة أيضا، لكن بثقل اقتصادي أقل. ومع ذلك، كان لكاميرون أسبابه الخاصة للشعور بالقلق. ففي أواخر 2013، اشتاط رئيس الوزراء البريطاني غضبا، وفقا لأحد زملائه، عندما لم يكن أحد في حكومته يعرف شيئا عن حدث كبير للإخوان المسلمين في لندن. تقدم الإسلاميين في مصر وتونس بعد الربيع العربي وُضع على قمة أجندة السياسة الخارجية البريطانية. وقبل ذلك، كان الشاغل يتمثل في حماس، التي فازت بانتخابات في فلسطين، لكنها واجهت حظرا كجماعة إرهابية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل. ورأى مسؤولون داخل الحكومة البريطانية أنه إذا كان قرار مراجعة الإخوان خاطئ، فإن إعلانه على الملأ ضاعف من حجم الخطأ، حيث جعلها تخضع للتدقيق ليس فحسب من أنظمة عربية اصدرت تهديدات مبطنة بشأن أي نتائج قادمة غير مرغوبة. المراجعة كذلك خضعت للتدقيق من إسلاميين بريطانيين وأنصارهم شعروا بتهديد يمس حرياتهم الأساسية. من جانبه، قال كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني: “البلدان والأطراف المؤيدة للمراجعة ستشعر بالغضب تجاه عدم حظر الإخوان”. وتابع دويل: “مسلمو بريطانيا وآخرون من الذين رفضوا المراجعة سيشعرون أنهم مادة للمطاردة”. مسؤولو الشأن الداخلي البريطاني اتخذوا خطا ليبراليا نسبيا، واعتبروا أن الإسلاميين في المملكة المتحدة بمثابة “ديمقراطيون مسيحيون ولكن ملتحون”. أما الخارجية البريطانية فكانت منقسمة بشدة فيما يتعلق بالموقف السياسي تجاه محمد مرسي في مصر. حيث كان الكثيرون حريصين على رؤية نجاح أول حكومة إسلامية كوسيلة لتقويض خطاب الجهاديين. لكن الدبلوماسيين البريطانيين في عواصم عربية أخرى سمعوا شكاوى متعددة تصف العاصمة البريطانية بـ “لندنستان”، وأنها باتت مأوى لمخربين شديدي الخطورة. خلاصة المراجعة بأن “عضوية، أو الارتباط، أو الوقوع تحت تأثير الإخوان أمور يجب اعتبارها مؤشرا محتملا للتطرف” تظهر أن الرؤية الأكثر تشددا القادمة من الخارج البريطاني هي التي انتصرت. لم يناقش أحد مدى مصداقية مؤلف التقرير، السير جون جنكينز. جنكينز الذي تقاعد حاليا من عمله بالخارجية البريطانية، هو رجل مهتم بالشأن العربي، وصاحب إنجازات، وعميق التفكير، ولديه معرفة عميقة بالحركة الإسلامية، منذ بزوغها في مصر في عشرينيات القرن المنصرم. لكن الجانب السلبي في تعيينه قائما على المراجعة هو أنه كان في ذلك الوقت سفيرنا في الرياض، وهو ما عزز انطباعا بأن الأمر برمته جرى تنفيذه لإرضاء السعوديين. خلاصة المراجعة بضرورة وضع الإخوان “تحت المراجعة”، لا يحتمل أن تنهي القصة، نظرا للتسريبات الضارة المنبثقة عن حرب الدعاية المستمرة بين الإمارات وغريمتها الثرية قطر المؤيدة للإسلاميين. لن يعجب الإخوان المسلمين تلك اللغة المستخدمة بوصف الجماعة بالغموض العمدي والسرية، والادعاء أنها ترتبط بعلاقة شديدة الغموض مع التطرف العنيف. الخضوع لأصدقاء قمعيين هو بالتأكيد جزء من هذه القصة، لكن الأمر أكبر من ذلك. من جانبه، قال هشام هيلر الباحث بـ “أتلانتك كاونسل” و”معهد “رويال يونايتد” : “هذه المراجعة كان يمكن أن تمثل فرصة عظيمة للحكومة البريطانية لإضفاء تمييز أكثر في المناقشة العامة حول الإخوان، على نحول يتجاوز التوصيف غير الدقيق لها بكونها إما جماعة إرهابية من جانب، أو جماعة ديمقراطية تؤمن بالتعددية من جانب آخر”. واختتم هيلر قائلا: “لقد تم بذل الكثير من الجهد، لكن الإصدار النهائي لخصه في إطار بالغ الصغر. الجدالات السياسية حول التقرير بسبب حساسية دول الخليج لم تساعد في إنجاز الأمور. إنها فرصة ضائعة تعثرت فيها الحكومة بشكل متوقع”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق