2016-04-06
شؤون خليجية - سامية عبدالله
الحرس الثوري الإيراني يلوح بجاهزية الخيار العسكري ضد السعودية، ويرسل رسائل تهديد لدول الخليج، وبخاصة الرياض والمنامة، بإعلان جاهزية مخططاته ومشاريعه للرد على القرارات الخليجية الأخيرة، المتعلقة بأذرعه العسكرية بالمنطقة، وأن الحرس الثوري الذي يعد الذراع العسكرية الأقوى لمرشد الثورة وقائد القوات المسلحة علي خامنئي، فقط بانتظار الأوامر.
رسالة خطيرة من حيث الجهة والشخص الذي يرسلها، فهو قائد الحرس الثوري، وليس قائد أحد القوات البرية أو البحرية، كما أنها تأتي بمناسبة مفصلية، حيث اللقاء السنوي للمؤسسة النافذة، وتضمنت ما يشبه التلويح بالقدرة على التعبئة العامة في أي وقت، وبرغم حساسية التهديد، من قبل مؤسسة تتبع مباشرة علي خامنئي، وقائدها جعفري المعروف بأنه مقرب من خامنئي، إلا أن هناك تساؤلًا يدور حولها وهو: هل تأتي من مركز قوة أم مركز ضعف، ولماذا الآن تجديد إطلاق هذه التهديدات؟
هناك آراء تشير إلى أن إيران تعاني خسائر إقليمية متنامية بأهم الملفات التي استنزفت قادتها وأموالها، في سوريا واليمن ولبنان، وتعاني الآن من محاولة الخليج بقيادة الرياض تحجيم نفوذها، وبخاصة مع اقتراب جولات جديدة للمفاوضات السياسية اليمنية والسورية، وفي ظل ما يرشح من وجود خلافات مكتومة بين إيران من جهة، وروسيا والولايات المتحدة من جهة أخرى، حول تقاسم النفوذ في سوريا ومصير الأسد، أما محاصرة حزب الله داخليًا وخارجيًا، فتمثل ضربة أخرى لإيران، مع تلويح الخليج باستهداف باقي الميليشيات الشيعية بالمنطقة، وبخاصة في العراق، والتي تمثل الأذرع العسكرية لتمدد الحرس الثوري وتدخلاته التوسعية الخارجية.
الجاهزية فقط بانتظار الأوامر
شدد قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال محمد علي جعفري، على أن قواته أعدت خططًا ومشاريع للرد على السعودية، بعد إعلان الرياض "حزب الله" اللبناني، المدعوم من إيران، منظمة إرهابية. وقال "جعفري" إن قواته تنتظر الأوامر للرد، مشيرًا إلى أن طهران ستدافع بكل قوة عن حزب الله وتعزيز موقفه في لبنان والمنطقة.
وفي أول اجتماع يجمع قادة الحرس الثوري في السنة الإيرانية الجديدة، ربط قائد الحرس الثوري، الجنرال محمد علي جعفري، مبدأ "الحفاظ على الثورة" بأوضاع المنطقة والعمل على تقدمها في الدول الأخرى، وعاد "جعفري" إلى الحديث عن تصدير الثورة الإيرانية إلى الخارج، مشددًا على أهمية "هندسة الثورة" وتوسيع نطاقها في المجال الدولي. وطالب "جعفري" باليقظة وترك التحفظ لتجاوز الحرس الثوري والثورة، ما اعتبره المرحلة الثالثة، وفق ما نقلت عنه وكالة "فارس" التابعة للحرس الثوري.
وفي أول تعليق له بعد أسابيع، من اعتبار حزب الله منظمة إرهابية من قبل مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، أبدى جعفري غضبه من القرار مهاجمًا الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والبحرين، بسبب ذلك القرار، وقال: إن الحرس الثوري أعد مشاريع ومخططات، وأصبحت جاهزة الآن للرد على تلك القرارات، مؤكدًا أن قواته تنتظر الأوامر.
وأكد أن بلاده ستدافع بكل قوتها من أجل تعزيز موقف حزب الله في لبنان والمنطقة، كما أكد موقف بلاده من التدخل في الشؤون العربية، ودافع عن سياساتها تجاه اليمن وسوريا والبحرين وفلسطين، وفي وقت تقترب فيه المنطقة من وقف الحرب في اليمن، قال إن بلاده "لا تترك الشعب اليمني وحيدًا"، وإن سيف جماعة أنصار الله "سيكون أكثر حدة".
وتناول في اجتماعه مع قادة الحرس الثوري الرؤية المستقبلية للحرس الثوري خلال العام الجديد، بعد أيام من رفع ميزانية القوات المسلحة في البرلمان الإيراني، ردًا على "الاستراتيجية (البريطانية - الأمريكية - الصهيونية) من أجل تقسيم سوريا".
معادلات سياسية وعسكرية خارج الفلك الإيراني
معروف الجنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني، بخطاباته الحادة وتهديداته المباشرة ضد الرياض، منذ بدء عاصفة الحزم في نهاية مارس 2015، وتتجدد اليوم مع بدء ترجمة المكتسبات الميدانية إلى مكتسبات سياسية، في إطار مفاوضات الأمم المتحدة المرتقبة في الكويت في 18 إبريل، الأكثر إزعاجًا إلى إيران تحديد مواعيد لوقف إطلاق النار خارج أجندتها، فمن المقرر وقف إطلاق النار باليمن في 10 إبريل، أي بعد أربعة أيام فقط، بالتزامن مع استمرار وقف إطلاق النار الهش في سوريا، وترقب مفاوضات جنيف السورية في 11 إبريل، بما يهمش نفوذها ودورها الإقليمي، بحسب مراقبين، بفرض حلول سياسية مصيرية خارج العباءة الإيرانية.
أما حزب الله الشريك المهم لإيران في سوريا والعراق ولبنان، فيتعرض لضغوط مالية وسياسية داخل وخارج لبنان، بسبب سياسة تجفيف منابعه التي أعلنتها دول الخليج بتصنيفه إرهابيًا، مع حزمة قرارات للتضييق عليه ماليًا وإعلاميًا واقتصاديًا، وفرض مراجعة ملف نزع سلاحه وشرعيته بلبنان، سبق ذلك كله قرار السعودية وعدة دول عربية بالمقاطعة الدبلوماسية مع إيران، والتي يمكن أن تتبعها مقاطعة اقتصادية وتجارية.
تهديدات بإسقاط آل سعود قبل عام؟
لم يكن التهديد الفج لـ"جعفري" الأول من نوعه، ففي 27 إبريل 2015 أي بعد مرور شهر على بدء عملية عاصفة الحزم بقيادة الرياض، هاجم قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري، السعودية، ورأى أن "النظام السعودي سيسقط قريبًا"، وقال خلال مهرجان البحوث العلمية بجامعة "بقية الله" الطبية في طهران، أمام المسؤولين الإيرانيين وقادة الحرس الثوري: "على الحكومة الإيرانية أن لا تهادن النظام السعودي، لأن نظام آل سعود آيل للسقوط"، داعيًا المسؤولين في إيران أن "يتركوا الانتقادات البسيطة التي يوجهونها للنظام السعودي، فعليهم أن يتخذوا مواقف حازمة ضد الرياض".
يعد "جعفري" في إبريل 2016 يكرر خطابه نفسه في 2015، دون أن ينفذ أيًا من تهديداته، برغم مرور عام، الأمر الذي يلقي بظلال من الشك حول جدية تنفيذ تهديداته الجديدة، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي، حيث تجري عملية رفع العقوبات وإدماج إيران في المنظومة الغربية، ومن ثم فالمتوقع استمرار خوضها حروب بالوكالة عبر أذرعها وشبكة ميليشياتها، دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الرياض.
الرد السريع بحادث منى؟
ودليل ذلك مرور ستة أشهر، على تهديد خطير أطلقه "جعفري" نفسه بتوجيه ضربة سريعة للسعودية في 3 أكتوبر 2015، حيث أعلن القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني محمد على جعفري، عن استعداد بلاده لتوجيه "الرد السريع في سياق تحقيق مطالب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، لإجبار السعودية على تحمل المسؤولية تجاه حادثة مشعر مني".
وقال "جعفري"، في تصريح صحفي: إننا "نستعد لاستعادة حقوق ضحايا كارثة منى، وننتظر تنفيذ الأوامر"، مضيفًا أن "قوات الحرس الثوري تستعد للدفاع عن عزة المسلمين وكرامتهم تجاه حكام آل سعود، وستنتقم بشدة من السعودية..".
الحرس الثوري تحت إمرة خامنئي
حرس الثورة الإسلامية الإيرانية المعروف أيضاً باسم (حرس الباسداران)، و(الحرس الثوري)، أحد أركان القوة العسكرية للجمهورية الإيرانية، وقائدها الأعلى هو قائد الثورة الإسلامية، أسسه في بداية الثورة في إيران الإمام الخميني، وقائده اليوم هو الفريق محمد علي جعفري، فيما يعد قائد الثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية، التي تشمل إضافة إلى الحرس الثوري، جميع أركان الجيش الإيراني.
ينضوي تحت هذا الحرس، قوات التعبئة العامّة المعروفة باسم البسيج، والحرس الثوري مجهّز بقوات برية وبحرية وسلاح الجو والاستخبارات الخاصة به، علاوة على القوات الخاصة. ويضم في صفوفه 90,000 من الجنود النظاميين، ونحو 300,000 من جنود الاحتياط.
المصدر : شؤون خليجية-خاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق