عرض كتاب
صدر في 2/12/2014 كتاب (الصوفية والصفوية.. خصائص وأهداف مشتركة) تأليف الكاتب العراق علي الكاش ، والكتاب من منشورات(موقع البرهان، دليل الباحث عن الحقيقة).
جاء في مقدمة الكتاب:
مرٌ التصوف كعقيدة بعدة مراحل شأنه شأن بقية العقائد، وتطورت مفاهيم العقيدة بتأثير الترجمة عن الأغريقية والفارسية والهندية وغيرها من الديانات والفلسفات، مما ساهم في رفدها بأفكار جديدة بعضها يتعارض مع الإسلام تعارضا رئيسا مثل أفكار الحلول والأتحاد والفناء والرجعة، وبعضها يتوائم مع العقيدة الإسلامية كإداء الفرائض والزهد والتواضع والتعبد. لو افترضنا جدلا بإن التصوف إسلامي النشأة، فإنه لا أحد يمكن أن ينكر تأثره بالثقافات الأجنبية التي مرٌ ذكرها. ورغم ان بعض المتصوفة ينكر هذه الأفكار ويعتبرها دخيلة على التصوف، ويعلن تمسكه بالقرآن والسنة النبوية، لكن هذا لا ينفِ مطلقا إن الأفكار الغنوصية أمست جزء لا يتجزأ من العقيدة الصوفية. وقد اعترف بعض المتصوفة بهذ الحقيقة، في حين البعض منهم أنكرها، والبعض الآخر تجنب التطرق إليها لسبب في نفس يعقوب.
ان الكثير من الفرق الإسلامية نحت منحى المتصوفة، مدعية بإن أفكارها مستمدة من العقيدة الإسلامية وأنها تمثل الإسلام الصحيح، على الرغم من إنها تقف على الضفة المقابلة للإسلام تماما لما تتضمنه من شرك وإلحاد كالقاديانية والنصيرية والدرزية والصفوية، والغرض منها إضعاف شوكة المسلمين وزرع بذور الفرقة والبغضاء بين صفوفهم، وقد نجحت نجاحا باهرا في تحقيق أهدافها الخبيثة، بسبب سواد الأمية والجهل وقلة الوعي والتعصب الطائفي. ويمكن القول إن أرضية الأديان السرية والحركات الباطنية ملغومة دائما ولا يمكن الوثوق بها، ويتطلب دائما الحذر منها والإنتباه لتحركاتها المريبة، بغية وأدها في مهدها.
على رغم من ان التصوف الحقً بأهل السنة خطئا وظلما، لكن الأفكار التي يتبناها تتناقض كليا مع المذاهب الأربعة لأهل السنة. فالتصوف مثلث قام على ثلاثة أضلاع ضلعين من غلاة الشيعة وضلع مجهول الهوية. وأصوله ليست من عقيدة السنة البتة، بل من العقيدة الشيعة كما سيتبين في فصول الكتاب. كما ان أفكار الرجعة والحلول والعروج الى السماء والتقية والعلم اللدني والكرامات والمعاجيز لها أصول في العقيدة الشيعية ولا أساس لها في مذاهب السنة. يقول نيكلسون" أجمع النقاد على أن القول بوحدة الوجود إنما هي واحدة من أهم خواص التصوف الاسلامي". (الصوفية والاسلام/31). ويذكر أحمد أمين" أركان التصوف هي وحدة الوجود، الفناء في الله وحب الله". (ظهر الاسلام2/78). فهل لهذه العقائد وجود مذاهب السنة الأربعة؟ كلنا نحب الله تعالى ولكننا لا نمثله بليلى قيس، ولا بثينة جميل. ولا إمثالهما من الفرس، لأننا نؤمن بأن الذات المقدسة ليس كمثله شيء، وهذا ما ورد في القرآن الكريم.
من المعروف ان الصفوية والصوفية تؤمن بعقيدة الانابة، ونيابة الإمام في الفكر الصفوي لا تختلف في جوهرها عن نيابة الشيخ الصوفي" حيث يستمدها الشيخ من النبي(ص) بإعتبار الشيخ الصادق نائب عنه".(المدرسة الشاذلية لمحمود عبد الحليم/387). ويستمدها الصفوي من الأئمة رجوعا الى سفراء الامام المهدي الأربعة، الذين نصبوا أنفسهم الضالة نوابا لشخص لم تصح ولادته أصلا لا في كتب الشيعة نفسها، ولا بإعتراف أهل بيته. كان الغرض من الإنابة هو إحاطة النواب بهالة مقدسة والتجرأ على أنهم معصومون، مما يترتب عليه منحهم صلاحيات دينية ودنيوية مطلقة، وأهمها بالنسبة لمراجع الصفويين واردات الخمس. ولذلك أعتبروه واحد من اركان الإسلام بل وأهم من بقية الفرائض، وبسقوط الخمس تسقط أركان الصفوية والعقيدة الإمامية، حيث يفقد تنابلة المذهب موردهم المالي.
كما يلاحظ ان تسلسل الأئمة عند المتصوفة هو نفس التسلسل الذي تنفرد به الأمامية. وعقيدة المهدي المنتظر من حيث ولادته المزعومة وعودته لملأ الأرض عدلا بعد ان امتلأت جورا يأخذ بها المتصوفة، وهذه العقيدة لا تعترف بها المذاهب السنية فهي إسطورة الغرض منها التقاعس والتخاذل بإنتظار المخلص الموعود. ان شطر التصوف الى شطرين شيعي وسني ممنوع من الصرف، فالنقيضان لا يُجمعان. والإختلافات كلية وليست جزئية كما يحاولون تصويرها. فأما التصوف سني أو شيعي؟ ولا توجد منطقة وسطى بينهما. كما إن أية عقيدة كل ما ابتعدت عن القرآن الكريم والسنة النبوية كلما ضلت طريقها وأقتربت من الشرك. والصوفية والصفوية كلاهما انحرف عن جادة الإسلام، وتشرب بالأفكار الوثنية حتى تشبع بها.
إن من يَدعِ بأن الإختلافات بين أهل السنة والشيعة سيما الإثنى عشرية تنحصر في الفروع وليس الأصول هو على وهم كبير! فهو إما جاهل أو يتجاهل أو يعمل بالتقية. فالإختلاف يشمل كل شيء، إبتداءا من الوضوء والأذان والشهادة ويستمر مع الصلاة والحج والزكاة التي لا موقع لها حيث حل محلها الخمس. ومن يدعِ بأن القرآن محرف وناقص ولا يعترف بأحاديث النبي(ص) التي أوردها غير الأئمة، ويكفر الخلفاء الثلاثة، ويهتك عرض أمهات المؤمنين، ليس له قواسم مشتركة مع المذاهب السنية التي هي من ينطبق عليها حقا الإتفاق في الأصول والإختلاف في الفروع.
من جهة أخرى، إن التصوف كمصطلح لا معنى له البته، حتى لو اعتبر كدلالة على الزهد. فالزهد حالة معنوية، ولبس الصوف حالة مادية قد ترجع الى الفقر او تفضيل نوع معين من اللبس على غيره. فليس الزاهد كل من لبس الصوف، وليس كل من لبس الصوف هو زاهد. يذكر ابن القيم " الأنبياء أعظم الزهاد ولم يخصوا الصوف باللبس، فقد لبسوه ولبسوا غيره ومثلهم الصحابة".(زاد المعاد1/135).
كذلك الحال بالنسبة إلى إرتداء الملالي والسادة العمائم السوداء. فليس كل معمم رجل دين، وليس كل رجل دين معمم. المظاهر أحيانا خداعة لا تنم عن الجوهر، ولا تشكل اساسا للحكم على الشخصية. لا يوجد اكثر ايمانا من الصحابة ومع هذا لم يتميزوا بوحدة الملبس وغطاء الرأس. حتى كبار مشايخ الصوفية احتاروا في اشتقاق كلمة التصوف، فأمهات مصادرهم كرسالة القشيري وعوارف السهروردي ولمع الطوسي وكشف الهجويري لم تتحدث عن الصوف كأساس للإشتقاق كما سيتبين لاحقا.
يلاحظ ان المستشرقين الذين يعادون الإسلام يمدحون المتصوفة ويصفونهم بالتيار الديني المتسامح، ولا نعرف من أين جاءت صفة التسامح؟ وهذا ما نوه عنه د. عبد الوهاب المسيري" مما له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية. ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين بن عربي وأشعار جلال الدين الرومي، وقد أوصت لجنة الكونغرس الخاصة بالحريات الدينية بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية. فالزهد في الدنيا والانصراف عنها وعن عالم السياسة يضعف ولا شك صلابة مقاومة الاستعمار الغربي". والغرابة ان المستشرقين يقفون أيضا مع الشيعة نفس الموقف المؤيد! ربما لأنهم استمدوا منهم الأفكار الهدامة كالقول بتحريف القرآن الكريم والطعن بالنبي(ص) والسخرية منه، ولعن كبار الصحابة؟
تقول الكاتبة (فارينا علم) بإن" الروحانية الإسلامية الصوفية تعتبر الجزء المكمل لحياة المسلم الدينية، وقد قدم أولياء وشيوخ الصوفية نظرة منهجية لمعرفة الله تستند على تلاوة الابتهالات، والتدرب على تطوير شخصية ورعة قويمة، بغية إذلال الأنا وتكريس النفس لخدمة المجتمع. ومن الممكن أن تصبح الصوفية اليوم بتركيزها على القيم الإسلامية المشتركة ووضع الأهداف السامية نصب عينيها، بمثابة قوة كبيرة مضادة للإسلام السياسي المجاهد". (المبادئ الخمس لمستقبل الإسلام). ويؤكد المستشرق الألماني شتيفان رايشموت أستاذ العلوم الإسلامية وتاريخ الإسلام بجامعة بوخوم بأن (مستقبل العالم الإسلامي سيكون حتماً للتيار الصوفي". (الصوفية هل تكون النموذج الامريكي للتغيير/ د. عمار علي حسن) ولا نعرف كيف توصل شتيفان إلى هذه النتيجة؟ هل هي الضرب عل التخت؟ أم هم الذين يوجهون المتصوفة ويخططون لهم لتحقيق هذه الغاية. وفي تقرير نشرته مجلة( يو إس نيوز آند وورلد ريبورت الأمريكية) وذلك في عام 2005 تحت عنوان (عقول وقلوب ودولارات) جاء فيه" يعتقد الإستراتيجيون الأمريكيون بشكل متزايد أن الحركة الصوفية بأفرعها العالمية قد تكون واحداً من أفضل الأسلحة، وبينما لا يستطيع الرسميون الأمريكيون أن يُقِرُّوا الصوفية علناً، بسبب فصل الدين عن الدولة في الدستور الأمريكي، فإنهم يدفعون علناً باتجاه تعزيز العلاقة مع الحركة". (25/4/2005 (Us news and world Report on.. إذن الولايات المتحدة والغرب يؤيدون المتصوفة ويعززون علاقاتهم مع الفرق الصوفية! مع التركيز على عبارة أفضل الأسلحة! وجاء فيه أيضا" لا بد من حل مشكلة التيارات الإسلامية وأن هناك حلاً للمشكلة أخذ يشق طريقه بمساندة من الولايات المتحدة لإصلاحيين تجمعهم رابطة الصوفية التي تعتبر فرعاً متسامحاً من فروع الإسلام". (المصدر السابق).
كما أشارت صحيفة الخليج إلى حضور السفير الأمريكي في القاهرة حفل الميلاد النبوي الشريف معلناً عن إعجابه الشديد بعالم التصوف الإسلامي، ولافتاً النظر إلى ما تنطوي عليه الصوفية من تسامح، وما تجسده من قيم ومبادئ إسلامية رفيعة مثل الحق والخير والجمال". (جريدة الخليج في25/2/2005). وفي هذا الصدد يذكر الأستاذ محمد فريد وجدي" يجب أن نعذر الأوروبيين إذا صدقوا جميع الأكاذيب الملفقة عن الإسلام والمسلمين، فهم غير ملومين إذا أظهروا العداوة لديننا ما داموا لا يجدون نصب أعينهم غير مشاهد البدع التي أحدثها رجال ذوو فكر سقيم، وارتضاها الناس وزادوا عليها وما إلى ذلك من الهرطقات والأخطاء المتنافية مع الطبيعة البشرية ومع نواميس المدنية، وكيف نرجو أن يفهم الأوروبيون روح ديننا نفسها وهو الدين الوحيد الذي يكفل السعادة الكاملة ما داموا لا يعرفون غير بعض مظاهر الإسلام الخارجية التي يشهدونها كل يوم مثل الحشود الضاجَّة في الشوارع السائرة خلف الرايات والطبول، والاحتفالات المستهجنة المنافية لكل منطق أخلاقي؟ والتي تقام في جميع مدن مصر يوم مولد الرسول، وعقد حلقات الذكر الضخمة أمام جمهور يتألف من آلاف الناس، وإرسال الابتهالات الصوفية في صوت جَهْوَري وعلى وقع الانحناءات ذات اليمين وذات اليسار وما شابه ذلك". (دفاعا عن الإسلام/122).
وقد تضمن الكتاب عدة محاور حول مناقشة العروة الوثقى بين الصوفية والصفوية بإعتبارهما من أبرز واجهات الشعوبية في الوقت الحاضر، وما تمثلانه من تهديد مباشر للإسلام. ومن أهم هذا المحاور"
أبرز ما قيل في التصوف من قبل العلماء، ونظرة موجزة في المعاجم الصوفية. كما تضمن الباب الأول من الكتاب: تعاريف مختصرة للتصوف والصفوية، والأثر الفارسي في التصوف العربي. وتضمن الباب الثاني: مناقشة العقائد كالولاية والعصمة والتقيه والحلول والرجعة والمهدية. أما الباب الثالث فقد تضمن: المعاجيز في العقيدتين كالقدرة الإلهية عند الأئمة والشيوخ، وإحياء الموتى والتقليد ومعرفة الظواهر الكونية وعلم الغيب وغيرها. في حين تضمن الباب الرابع: الدعاء في العقيدتين، الملائكة، والعلاقة مع إبليس والجان، الأساطير والخرافات، الكهانة والسحر. وتناول الباب الخامس: الرحلات الى السماء، وأسم الله الأعظم، والعرش الإلهي، واللوح المحفوظ، ومعرفة كل اللغات وأخيرا الإسفاف وقلة الحياء في العقيدتين. وتضمن الباب السادس: الزهد، الجهاد، الخوف من الثقافة والوعي، قضاء حاجات العباد، إقامة الشعائر ومنها زيارات الأضرحة والمراقد. وجاء في الباب السابع: مرجعية الإمام علي بن أبي طالب، التلاعب بالإنساب، النظرة الدونية للمرأة، الإعفاء من الفروض والإستهانة بها. الغلو وأخيرا العلاج والأدوية. كما تضمن الباب الثامن،: مناقشة مفهوم الشرك، الإستخفاف بالذات الإلهية، تأويل آيات الذكر الحكيم، الإساءة الى الرسل والأنبياء، أبواب الجنة والنار، المعجزات والكرامات، المبالغة في الأرقام، وأخيرا مؤتلفات متفرقة. تضمن الباب التاسع: مناقشة هال المتصوفة هم حقا من أهل السنة؟ نظرات في عقائد الأقطاب والشيوخ، الإمام الخميني نموذجا، وفي الختام هل التصوف إيمان أم ضلال؟
وقد إعتمد على المئات من المراجع والمصادر التي أشير إليها في نهاية الكتاب.
مع العلم، سبق أن نشرت العديد من موضوعات الكتاب في هذا الموقع الموقر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق