: الشرط الأول: إجماع الناس عليه.
قال الشافعي: «كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة (ويجمع الناس عليه) فهو خليفة». هذا تصريح من الامام الشافعي بشرطية هذا الشرط للمتغلب. وقد جلا ابن تيمية معنى «اجماع الناس عليه» اي باتفاق الجمهور الذين يقام بهم الامر فقال: «لا يشترط في الخلافة الا اتفاق اهل الشوكة والجمهور الذين يقام بهم الامر». الشرط الثاني: اتفاق اهل الشوكة عليه. قال ابن تيمية: «لا يشترط في الخلافة الا اتفاق اهل الشوكة والجمهور الذين يقام بهم الامر». واهل الشوكة هم اهل الحل والعقد كما قال البجيرمي: «أهل الشوكة هم اهل الحل والعقد». اي هم رؤوس الناس، فهم العلماء المطاعون، ورؤوس القبائل، ورؤوس الاحزاب، واعضاء مجلس الامة ومجلس الشعب، ورؤساء الجيوش، لذا قال ابن تيمية عن اهل الشوكة: «حتى اذا كان رؤوس الشوكة عددا قليلا (ومن سواهم موافق لهم) حصلت الامامة بمبايعتهم». ليس كل من خرج وله شوكة صار اماما فقد قال في منتهى الارادات: «البغاة: هم الخارجون على امام ولو غير عدل بتأويل سائغ ولهم شوكة». فهؤلاء بغاة ولهم شوكة فيجب قتالهم اذ «الاجماع منعقد على وجوب قتال البغاة». قاله البهوتي في كشاف القناع وفي مغني المحتاج للشربيني. الشرط الثالث: يؤمر بطاعة الله. قال ابن تيمية: «متى صار قادرا على سياستهم اما بطاعتهم او بقهره فهو ذو سلطان مطاع اذا امر بطاعة الله». فهذا تصريح منه بشرطيته للمتغلب بالقهر، فلا تصح امامة من تغلب وكان شعاره نبذ الاسلام. الشرط الرابع: مفسدة بيعته اخف من مفسدة عدم بيعته. قال ابن تيمية: «الحاكم اذا ولاه ذو الشوكة ولم يمكن عزله الا بفتنة مفسدتها اعظم من مفسدة بقائه لم يجز الاتيان باعظم الفسادين لدفع ادناهما». وهذا الشرط في صحة ولاية المتغلب باتفاق الائمة. الشرط الخامس: ان يكون قادرا على سياستهم. قال ابن تيمية «متى صار قادرا على سياستهم اما بطاعتهم او بقهره ذو سلطان مطاع اذا امر بطاعة الله». وهذا تصريح منه بشرطيته لولاية المتغلب. الشرط السادس: استقرار تغلبه. قال الشافعي: «كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة ويجمع الناس عليه فهو خليفة». وقال احمد: «من غلب بالسيف حتى صار خليفة وسمي امير المؤمنين». اي استقر تغلبه حتى صار خليفة. وسيأتي تفصيله بما يلي: رابعا: من توفرت فيه الشروط السابقة اصبح سلطانا، فإن جاء بالتغلب والقهر اصبح سلطانا متغلبا، وان جاء بالاختيار اصبح سلطانا بالاختيار. هذا معنى قول العلماء: «قد اجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب»، اذ لم يقولوا (على وجوب طاعة المتغلب) انما قالوا: «السلطان المتغلب» اي الذي توفرت فيه شروط السلاطين والتي سبق بيانها. هذا معنى قول الشافعي: «كل من غلب علي آلخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة ويجمع الناس عليه فهو خليفة» اي توفرت فيه الشروط التي يسمى فيها خليفة والتي بينها ابن تيمية وغيره. وهذا معنى قول احمد «من غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة (اي توفرت فيه شروط الخلافة وقد سبقت) وسمي امير المؤمنين فلا يحل لاحد ان يبيت ولا يراه اماما». كما قال تعالى (وأحل الله البيع) فليس كل بيع حلالا، انما البيع الذي توفرت شروطه واركانه وانتفت موانعه. كذا السلطان المتغلب او الخليفة المتغلب: اي الذي توفرت فيه شروط الخلافة. لذا لم يطلق العلماء «المتغلب» انما كما قال الشافعي «الخليفة» وقال احمد «الخليفة»، وقال ابن تيمية وابن حجر «السلطان المتغلب» اي الذي توفرت فيه شروط الخلافة. خامسا: من الامثلة فيمن توفرت فيهم شروط الامامة بالتغلب وصحت امامتهم: -1 الخلافة المروانية: بايع العالم الاسلامي ابن الزبير رضي الله عنه، فلما قتله عبدالملك بن مروان بويع بالخلافة «خلافة قهر» وتحققت فيه جميع شروط خلافة القهر واستمرت الدولة المروانية الاموية الى ان جاءت الدولة العباسية. -2 الدولة العباسية: لما قتل السفاح العباسي آخر خليفة مرواني اموي ولم تبق بيعة لأحد بويع بالخلافة وتحققت فيه جميع الشروط، فقامت الدولة العباسية. -3 لما قتل المأمون اخاه الخليفة الامين لم تبق بيعة لاحد غيره، فبويع بالخلافة «خلافة التغلب والقهر» فتحققت فيه جميع شروط خلافة التغلب واستمرت الدولة العباسية. سادسا: لعل التفصيل السابق يوضح لماذا صحت امامة الملك السلفي المجاهد (عبدالعزيز آل سعود رحمه الله) للحجاز لما تغلب عليها وضمها ووحد بها المملكة وكانت منقبة له، بينما لم تصح امامة صدام للكويت او (اي رئيس مسلم لو كان مكان صدام وغزا الكويت)، لما تغلب عليها وضمها للعراق، بل كانت سبة في جبينه؟ على الرغم من ان كلا منهما تغلب على الارض المذكورة بجيشه من اقصاها الى اقصاها. لأن الملك عبدالعزيز رحمه الله توافرت فيه شروط الامامة بالتغلب والتي سبق ذكرها بينما لم تتوافر في الثاني، مما يدل على انه ليس كل من تغلب بالجيش على بلد ما من اقصاه الى اقصاه يصبح اميرا وسلطانا عليه ما لم تتوافر فيه شروط السلطان والخليفة المتغلب. في الختام: لا يجوز لطلبة العلم ان يطيروا بالالفاظ ويكيفوها كما شاؤوا دون الرجوع الى الضوابط التي ذكرها العلماء الكبار ففي ذلك افساد لدين العباد ودنياهم، فنفهم الدين كما فهمه سلفنا الصالح رضوان الله عليهم لاسيما في مسائل الامامة والخلافة. فلابد ان تتوافر جميع الشروط التي ذكرها العلماء ليس شرطا واحدا او نصف شرط، ويجب على طلبة العلم ان ينظروا الى مآلات الفتاوى التي يتناقلونها. بقلم: عدنان عبدالقادر @adnanabdulqader http://adnanabdulqader.com |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق