القاهرة: محمد خليل
في شهادة جديدة من غير المسلمين أكد المفكر القبطي الدكتور نبيل لوقا بيباوي انه لا علاقة بين الاسلام والأفعال الإرهابية التي يرتكبها قلة ضالة من المسلمين لأن الاسلام حجة على تابعيه وليست تصرفات تابعيه حجة عليه.وأوضح الدكتور بيباوي في دراسة صدرت حديثاً في كتاب بعنوان «الإرهاب صناعة غير اسلامية» ان الإرهاب ظاهرة عالمية لا دين له ولا وطن، مؤكداً ان الأديان السماوية الثلاثة «الاسلام والمسيحية واليهودية» أديان تدعو الى المحبة وتحرم قتل النفس ولا تقر الإرهاب.
وتضمنت مقدمة الكتاب تقرير مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر الذي أثنى على الكتاب وأوصى بنشره وترجمته الى كل لغات العالم، مؤكداً ان هذا الكتاب يرد على تهمة باطلة أطلقها أعداء الاسلام على الاسلام وهي ان الإرهاب صناعة اسلامية، مستغلين أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) عام 2001 لتحقيق أهداف سياسية. ويؤكد الدكتور بيباوي في مقدمة الكتاب ان الاسلام بما فيه من مبادئ سامية في الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح قادر على الدفاع عن نفسه، وقد عرضت الدراسة بمنهج علمي محايد وبعيد عن المجاملة لكي يصل الباحث الى الحقيقة العلمية والتاريخية وهي ان الإرهاب صناعة غير اسلامية ولم يخرج من رحم الاسلام كما يدعي المستشرقون وبعض أجهزة الاعلام الغربية. وقال، رغم انه مسيحي أرثوذكسي، إنه قد قرأ عن الاسلام كثيراً فانتهى عن يقين وقناعة الى ان الاسلام بريء من هذه التهمة الظالمة والى ان الاسلام لايعرف العنف ولا يقره بل على العكس ان الاسلام يتصدى للعنف ويمنعه لانه دين الأمن والسلام. ويقول الدكتور بيباوي ان ما شجعني على القيام بهذه الدراسة ان الدين الاسلامي دين سلام وتعارف بين الشعوب وليس دين عنف وصراع حضارات، فهو يعترف بأن كل شعوب الأرض يجب ان تتعاون وتتعارف لا أن تتصادم وتدخل في حروب ليس فيها منتصر ومهزوم، فالله تعالى يقول: «يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا». وقال المؤلف انه طبقاً لمفهوم الآية القرآنية السابقة فلكل شعب حضارته وثقافته وأسلوب حياته ونمط سلوكه وجوهر عقيدته، وكل هذه الخصوصيات يجب ان تحترم لكي تتفاعل مع الحضارات والثقافات الأخرى من أجل الوصول الى مبادئ هادية وأسس مشتركة للعلاقة بين الشعوب لان فرض شكل واحد من أشكال الحضارة أو الثقافة على دول العالم ليس في صالح السلام العالمي، مؤكداً ان دعوى صدام الحضارات دعوى تخريبية يجب ان يحل محلها دعوة الاسلام في التعارف والتعاون بين الشعوب. وقد ذكر المؤلف في هذا الكتاب رأي الاسلام في الجهاد والقتال معتمداً على المصادر الأصلية للشريعة الاسلامية، ثم عرض لأقوال وأفعال وسلوك ومنهج وهدف وغايات الجماعات الإرهابية التي تسمي نفسها اسلامية وذلك من مراجعهم التي يعتمدون عليها في تبرير أعمالهم وتفسيرهم الخاطئ لبعض آيات القرآن الذي لايوجد فيه مايدعو الى الإرهاب وترويع الآمنين، بالاضافة الى فهمهم للأحاديث النبوية بمفهوم منحرف يخدم غرضهم وهدفهم. وعقد المؤلف مقارنة بين الحق والباطل وبين صحيح مفهوم الاسلام عن الجهاد والقتال فيه، معتمداً على مصادر الاسلام الأصلية، وبين الافتراء على الاسلام وإدعاء آراء وفتاوى عن الجهاد والقتال في الاسلام غير صحيحة. وانتهى المؤلف من هذه المقارنة والعرض الى إثبات براءة الدين الاسلامي بالأدلة والبراهين القاطعة من تهمة الإرهاب والعنف وإلى إثبات ان الإرهاب ليس صناعة اسلامية بل ان الإرهاب لا دين له ولا وطن فهو ظاهرة عالمية. ثم تحدث المؤلف عن تعريف الإرهاب محلياً وعالمياً، ثم تحدث عن الفرق بين الإرهاب وتحرير الأرض للحصول على الاستقلال، وذكر ان اسرائيل وبعض الدول الكبرى التي تساندها لديها ازدواجية وتناقض في تعريف الإرهاب، فبينما هم يعتبرون العمليات الفدائية التي يقوم بها الفلسطينيون لتحرير أرضهم عملا إرهابياً يعتبرون في الوقت نفسه أعمال العنف والاغتيالات التي قام بها الجنرال ديجول في فرنسا في فترة الاحتلال الالماني عام 1940 أعمالا قومية لتحرير التراب الفرنسي. كما يعتبرون ان ما يحدث في اسرائيل من عمليات عنف وإبادة ضد الفلسطينيين دفاعاً شرعياً، وتحدث عن أنّ الإرهاب لا دين له. فمن الممكن ان يكون مرتكبوه ممن ينتمون الى الديانة الاسلامية أو المسيحية أو اليهودية أو البوذية أو الي أي ديانة غير سماوية. وانتقل بعد ذلك الى الحديث عن موقف الاسلام من قضية الإرهاب وموقف الاسلام من جماعات العنف الإرهابي التي ترتدي ثوب الاسلام، موضحاً ان الاسلام بريء من هذه الجماعات لايقر تصرفاتها لا في القرآن الكريم ولا في السنة ولا في سيرة السلف الصالح. وقد شرح المؤلف بالتفصيل المدعم بالادلة وأكد خلاله ان الاسلام هو دين السلام. وان القتال فرض على سبيل الاستثناء في حالات محددة وان الاسلام يحرم الحرب مع أهل الكتاب المسالمين ومع المشركين الذين يرتبطون بدولة الاسلام بمعاهدات، وأوضح أخلاقيات الاسلام في الحرب وان الاسلام يعترف بالأديان المساوية السابقة عليه، وان الاسلام لايقر العنف ولا الاعتداء على النفس البشرية، ثم عقد مقارنة بين ما فعله الاسلام مع غير المسلمين في البلاد التي افتتحها ومعاملته الحسنة لهم وتخييرهم بين الدخول في الاسلام بلا إكراه وبين البقاء على دينهم وبين ما فعلته الدولة الرومانية المسيحية الكاثوليكية مع المسيحيين أنفسهم من قتل وتعذيب وحرب إبادة. وفي الختام دعا المؤلف الى خلق نوع من الحوار مع الغرب لبيان تفرد وتميز الحضارة الاسلامية بخصائص معينة لايمكن تجاهلها. وان مسألة الانقياد الأعمى للحضارة الغربية ومحاولة طمس معالم الحضارة الاسلامية مسألة تحدث من الضرر أكثر مما تحدثه من المنافع. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق