- المنهج القرآني في الاستدلال الأصولي/1الكاتب: الشيخ الدكتور طه حامد الدليمي
المنهج الرباني المحكم والرد المسكت المفحم
خرجت الشيعة عن الخط العام للإسلام. وكان خروجها بناء على مسائل أصولية استحدثتها لم تكن معروفة لدى المسلمين من قبل، مثل (الإمامة): هذه العقيدة التي يعتبرها الشيعة الأصل الثاني في الإسلام بعد التوحيد، ويأتي ترتيبها في اعتقاداتهم قبل النبوة. فـ(الإمامة) عند الشيعة أعلى مقاماً من النبوة. ولهم على ذلك أدلة نصية من الروايات، وأقوال صريحة لعلمائهم، هي موضع إجماع عندهم.
يروي الكليني عن أبي عبد الله أنه قال: (إن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا وان الله اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلا وان الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما فلما جمع له الأشياء قال: (إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين(1).
يقول ابن المطهر الحلي: (الإمامة لطف عام والنبوة لطف خاص وإنكار اللطف العام شر من إنكار اللطف الخاص)(2).
وجاء تفضيلها مصرحاً به على ألسنة الكثيرين من علماء الإمامية!! مثل (آية الله العظمى) كاظم الحائري الذي يقول: (إن الذي يبدو من الروايات أن مقام الإمامة فوق المقامات الأخرى - ما عدا مقام الربوبية قطعاً- التي يمكن أن يصل إليها الإنسان)(3).
وكفَّروا من لم يقر بهذه العقيدة الباطلة. كما في رواياتهم وأقوال علمائهم.
يروي الكليني عن أبي عبد الله (جعفر بن محمد) أنه قال: (لا يسع الناس إلا معرفتنا ولا يعذر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمنا ومن أنكرنا كان كافرا)(4).
ويصرح الخوئي قائلاً: (إن إنكار الولاية والأئمة حتى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم يوجب الكفر والزندقة، وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية)(5).
الخلاف مع الشيعة إذن هو خلاف أصول لا فروع. بل هو خلاف بين دينين، لا طائفتين، فضلاً عن أن يكون بين مذهبين.
المنهج المحكم والرد المسكت المفحم على ضلالات الشيعة
وهنا يحق لي أن أسأل وأقول: كيف يكون الرد المحكم على ضلالات الشيعة، بحيث يتبين بوضوح تام، وبسرعة، وبجملة واحدة بطلان ما يدعونه من اعتقادات، ويذكرونه من سفاهات؟
رد يقطع الطريق على الشيعي أن يلف ويدور، ويطيل ويستطيل.
رد يتمكن به السني الأُميّ من غلبة العالم الشيعي!
نعم لم يقصر علماؤنا في بيان الحق، وإيراد الحجج التي ألقمت خصوم الباطل الحجر. ولكن عامة ما جاءوا به يحتاج المتلقي له إلى أن يكون على مستوى من العلم، بعضه لا يدركه إلا النخبة. بينما المطلوب رد بالشروط السابقة. فإن دين الله الذين نزل للجميع: العالم والجاهل، والقارئ والأمي.
والسبب أنهم اتبعوا في ردهم على ضلالات الشيعة المنهج نفسه الذي يتعاملون به في ردودهم على بعضهم. أي بين أهل السنة أنفسهم. ولا شك أن اختلافات أهل السنة فيما بينهم هي اختلافات فروع لا أصول. وهذه يصح فيها الرد إلى الكتاب والسنة بأدلتهما القطعية والظنية. بل إلى الأدلة العقلية كالقياس وما شابه، وذلك في غياب النص. فالفروع يمكن أن يستدل لها بالحديث وحده، أو بآية ظنية الدلالة، أو حجة عقلية على التفصيل المذكور في كتب أصول الفقه، ولا يشترط لها صريح الآيات فقط. وهذا لا يصح – من حيث المنهجية العلمية لا من حيث النتيجة النهائية - في الخلاف مع الشيعة؛ لأنه خلاف أصول لا فروع وحدها. وهذا فرق جوهري منهجي. يستلزم فرقاً في منهج الرد.
فما هو المنهج الرباني، أو الرد القرآني الذي هو في متناول الجميع دون فرق بين عامي وعالم؟ نريد رداً يليق بالأصول، وليس هو مما يصلح للفروع. رداً يصلح أن يسمى بحجة الله البالغة.
من رحمة الله تعالى بخلقه أنه حفظ لهم كتاباً لا يمكن أن يتطرق الخلل إلى حرف واحد من حروفه الشريفة. وقد اشتمل هذا الكتاب على أصول الدين، وأساسيات الهداية جميعها. كما قال تعالى:(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:89). كل الأصول موجودة في القرآن. وبالنصوص الصريحة.
فهذه ثلاث مسائل، أو مقدمات عظيمة:
1. حفظ القرآن الكامل
2. اشتمال القرآن الكريم على أصول الدين جميعاً
3. وجود هذه الأصول، وثبوتها بالنصوص المحكمة الصريحة
منهج الراسخين ومنهج الزائغين
وأنا حين أؤكد على شرط إحكام النص القرآني فإنما أنطلق من قول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ)(آل عمران:7).
هنا منهجان:
1. منهج الراسخين الذين يستندون إلى محكمات الكتاب – وهي نصوصه الصريحة – وردوا متشابهاته – وهي ما احتملت أكثر من معنى مختلف متضاد، أو لم يتبين معناها على وجه التحديد – إلى محكماته، أو توقفوا حتى يتبينوا. ولا يبنون دينهم على ما تشابه منه.
2. منهج الزائغين الذين يروغون عن المحكمات الواضحات إلى المتشابهات المحتملات.
الحقيقة الكبرى
هنا نصل إلى الحقيقة الكبرى، وهي: ضرورة أن تكون أدلة الأصول آيات قرآنية محكمة صريحة. وهذا الشرط جامع مانع. فمن بنى أصله على آية متشابهة رددناه مباشرة من الوهلة الأولى؛ لوضوح زيغه وبيان بطلانه. ومن بنى أصله على رأي، أو رواية لا مستند لهما من محكم القرآن، رددناه كذلك؛ لأنه لو كان ما يدعيه أصلاً لورد ذكره في القرآن أولاً، الذي أنزله الله تبياناً لكل شيء على الوصف أو الشرط المذكور.
لا نحتاج إذن في نقاشنا مع الشيعة لنبطل أصولهم من الأساس، ونأتي بنيانهم من القواعد إلا أن نسأل سؤالاً واحداً: هل لك أيها الشيعي على ما تقول نص قرآني صريح؟ وعند الجواب لن يجد إلا المتشابهات من الآيات، والشبهات من الأقاويل والآراء والروايات. وبهذا يتبين باطلهم، ويتغلب جاهلنا على عالمهم.
هذا هو الرد المحكم على سفاهات الشيعة، بحيث يتبين بوضوح تام، وبسرعة، وبجملة واحدة بطلان ما يدعونه من اعتقادات، ويذكرونه من تفاهات. الرد الذي يقطع الطريق على الشيعي أن يلف ويدور، ويطيل ويستطيل. ويتمكن به السني الأُميّ من غلبة العالم الشيعي!
الشيعة على منهج الزائغين
نعم..! يحتج الشيعة بالآيات. ولكن على أي منهج؟ منهج الراسخين الذين يتبعون المحكمات؟ أم منهج الزائغين الذين لا دليل لهم سوى المتشابهات والشبهات؟
من كل ما سبق يتبين بلا شك أن الشيعة على منهج الزائغين المبطلين، (فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ) (الأعراف:119).
والحمد لله رب العالمين.
26/2/2010
08/08/2007
----------------
[1]- أصول الكافي، 1/175
[2]- الألفين، ص3
[3]- الإمامة وقيادة المجتمع، ص26
[4]- أصول الكافي، 1/178
[5]- مصباح الفقاهة، 1/324، ط3، 1371، مطبعة الغدير
http://www.alqadisiyya3.com/mysite/m...0-c-o1---.html - 10-26-2010, 06:16 PMآملة البغداديةطريقة القرآنفي إثبات أصول الشريعة
فاذا آمن المرء بالله وبرسوله وباليوم الآخر فعليه بعد ذلك أن يعمل بمقتضى هذا الإيمان .
وهنا يأتي دور الشريعة .
فالدين عقيدة وشريعة : العقيدة هي الأصل ، والشريعة فرع عنها. تلك الأساس ، وهذه البناء .
ويتبين من خلال استقراء القرآن أن أصول الشريعة تثبت بأمرين هما :
1- الإخبار
2- والقطع
أي الخبر القرآني القطعي الدلالة . ولا حاجة هنا إلى الدليل العقلي للبرهنة على صحتها ، لأنها إنما يخاطب بها المسلم المؤمن بصحة ما نزل من القرآن ، فهو لا يحتاج للعمل بها إلى غير علمه بأنها مما أنزل، وأن الله كلفه بها . فلا يحتاج المسلم الى أدلة إثباتية على أن الصلاة من الدين أو الزكاة أو الصيام ؛ ولذلك لا يخاطب الكافر بها . إنما يحتاج إلى دليل قطعي على أن الله خاطبه أو كلفه بها .
والشريعة أصول وفروع لهذه الأصول .
فأصول الشريعة - كالصلاة والزكاة وبر الوالدين - لا بد لإثباتها من الدليل الخبري القطعي . أما تفاصيلها وفروعها فيكفي فيها الدليل الظني الراجح.
والدليل القطعي إنما هو قطعي لوضوحه وعدم احتماله لغير ظاهر معناه .
ولا بأس من التأكيد على أنه لا بد أن يكون الدليل قرآنياً ، فلا تستقل الروايات ولا الآراء التي يسمونها (عقليات) بإيجاد شيء جديد في الأصول دون ان يثبت ذلك بالقرآن أولاً .
وهذا الشرط يشمل أصول العقيدة والشريعة.
خلاصة القانون
فتكون لأصول العقيدة خمسة شروط هي :
1- النص القرآني
2- القطعي الدلالة
3- الكثير التكرار
4- إخباراً
5- وإثباتاً
ولأصول الشريعة ثلاثة شروط هي :
1- النص القرآني
2- القطعي الدلالة
3- إخباراً فقط
هذا هو القانون أو المنهج القرآني في إثبات الأصول .
و(الإمامة) – عند الإمامية – من المسائل التي لا يصح الإيمان إلا بها بحيث يعد منكرها عندهم من الكافرين ! فهي إذن من المسائل الاعتقادية الأصولية أو الأساسية طبقاً لمنهج القرآن . فلا بد أن تثبت عند من يراد له أن يؤمن بها – على أقل تقدير – بالنص القرآني القطعي الدلالة .
فهل لذلك النص في القرآن من وجود ؟!
كل الذي يحتجون به آيات متشابهة ظنية الدلالة،
كهذه الآيات :
(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة:124) .
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (المائدة:55) .
(حرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (المائدة:3).
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب:33).
وهذا أقوى ما استدلوا به من آي الذكر الحكيم ، وقد كتبت الآيات بتمامها لعل عاقلاً يتأكد بنفسه أنه لا علاقة بين ما ذهبوا إليه من معنى للآية والمعنى الحقيقي الذي ترمي إليه ، والذي يتبين أكثر عندما تقرأ الآية كاملة ، لا مقطعة كما هو عادة الشيعة عند احتجاجهم بآيات الكتاب .
ما علاقة هذه الآيات بـ(الإمامة) التي يتحدث عنها الشيعة أولاً ؟
ثم ما علاقتها بـ(إمامة) علي t ثانياً ؟
وما علاقتها بـ(الأئمة) الآخرين الذين يلتزم الشيعة ويلزمون غيرهم بالإيمان بهم ثالثاً ؟ بشرط أن تكون هذه العلاقة قطعية لا احتمال فيها لأن الدليل الأصولي إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال كما قال تعالى: (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (النجم:28) .
إن دلالة هذه الآيات وسواها مما احتجوا به ليست قطعية، بل ولا تدخل في باب الظن الراجح الذي يقبل في فروع الشريعة أو الفقه !! وإنما هي وهمٌ ، أحسن أحواله ان يكون ظنا مرجوحاً :
فالآية الأولى تتحدث عن إمامة سيدنا إبراهيم u ولا ذكر فيها لعلي ولا غيره قط . ولا دليل فيها صريحاً على أن الإمامة المذكورة فيها هي الإمامة التي اصطلح عليها الشيعة ، إنما هي الإمامة بمعنى القدوة . غاية ما يمكن قوله جدلاً أن ما يدعونه أمر ظني ! والظن لا تثبت به العقائد الكبرى .
والآية الثانية تتحدث عن الميتة والدم ولحم الخنزير . فما الذي حشر (إمامة) علي - كرمه الله - بين هذه الأمور ولا رابط يجمع بينهما ؟! ثم إنه لا ذكر لهذا الموضوع في الآية البتة .
أما الآية الثالثة - فبالإضافة إلى أنه لا ذكر فيها لعلي ولا غيره ولا لـ(الإمامة) ولا لـ(العصمة) وهذا يكفي في إبطال الاحتجاج بها على ذلك - نجدها في سياق يتحدث عن أمهات المؤمنين . بل إن أول الآية خطاب صريح موجه إليهن . فما الأمر الذي يحملنا جزماً على أن نخرجهن من حكم الآية ونقصرها على علي وبعض أهل بيته فقط ؟! وحين نتبين الأمر لا نجد دليلاً من الآية على هذا سوى التحكم بلا حاكم والادعاء بلا داعٍ ! وأعلى ما يمكن قبوله هنا أن يقال: إن ذلك ظن ، (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) .
فلم تنطبق على هذا (الأصل) شروط إثبات أصول الشريعة التي هي فروع بالنسبة لأصل العقيدة. بل ولا فروع الشريعة : اذ أن هناك أموراً فرعية في الدين كالحيض والجماع والنكاح والطلاق والبيع والشراء … الخ تناولها القرآن بآيات واضحة : إما قطعية الدلالة ، وإما تفيد المسلم ظنا راجحاً يكفي للعمل بأمثالها من الفرعيات !!
فكيف يؤسس مثل هذا الامر العظيم الذي يكفر جاحده على نصوص دلالتها في أحسن أحوالها ظنية مرجوحة ؟!
إن الظن المرجوح لا يجوز العمل به في الفرعيات الفقهية فكيف يدخل في باب الأصول الاعتقادية ؟!!
اما اذا أردنا ان نطبق المواصفات أو الشروط التي تخص أصول الاعتقاد والمستفادة من استقراء القرآن وهي : النص القرآني القطعي الذي يكثر ويتنوع وهو يتناول الموضوع بطريقتين : الإخبار ثم الإثبات العقلي ، فسيظهر جزماً ان خير باب يدخل تحته هذا الامر هو باب الخرافات .
فأين الأدلة المتكررة؟!
وأين الأخبار القطعية ؟!
وأين أدلة الإثبات ؟
إن كان النص خبرا فأين إثباته ؟!
وإن كان إثباتاً فأين الخبر الذي جاء يثبته ؟! - 10-26-2010, 06:16 PMآملة البغداديةالقرآن هو الحجـة
يقول تعالى : ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيما * لكن الله يشهد بما انزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا[ (النساء/166،165) . فليس مع حجة الله ولا بعدها لأحد حجة ، وشهادة الله تكفي فليس بعدها ولا قبلها شهادة .
وإذا لم تكن حجة الله وشهادته في أصول الدين والعقيدة ، ففي أي شيء تكون ؟!!
يقول تعالى : ] أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا في السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ[ (العنكبوت:51،52) .
ورسولنا r أعظم الرسل، وحجته التي أعطاه الله إياها وشهد له بها أعظم الحجج . ]فأين تذهبون [ ؟!
]أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ[؟!
]سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ [ ؟
فلا بد ولا مهرب من ان تثبت أصول العقائد أولاً بالنصوص القرآنية القطعية فهي المرجع المستقل الوحيد في هذا الباب كما قال تعالى :
]هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ [ (آل عمران:7) ومعنى (محكمات) أي قاطعات الدلالة لا يدخلها الاحتمال . وقد وجدنا آيات الكتاب الخاصة بأصول العقائد كما أخبر سبحانه : محكمة قطعية ، على الوجه الذي أسلفناه تحت عنوان (طريقة القرآن في الاستدلال على أصول الاعتقاد) فصح أن تكون ( أماً ) أي مرجعا.
وإذا كان الدين هو مجموعة الأوامر النازلة من عند الله فلا شك أن أعظم ما نزل من عنده جل وعلا ، والمحور الذي يدور عليه ، وأساسه وقاعدته هو أصول العقيدة . ولذلك لا يمكن بحال ان لا تكون هذه الأصول أول ما قصد بالنزول من عند الله : فهي أول شيء نزل ، وأبْينُه وأوْضحه . فإن لم يكن القرآن مشتملاً على أهم أمر في الدين فعلام يشتمل ؟ وبأي شيء نزل ؟! وهو الذي نزله الله تعالى كما قال : ]وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[ (النحل:89) فهل نزل تبياناً للفروع دون الأصول؟ أم نزل تبياناً لبعض الأصول دون بعض ؟ والله تعالى يقول : ]مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ[ (الأنعام:38) . هذا ما لا يمكن ان يقرّ به عاقل !
ثم متى قصر القرآن في بيان أصول الدين حتى نلجأ إلى غيره ؟!
لذلك لا يصح عقلاً ان يأتي ( العقل ) بأمر هو من أصول العقيدة دون ان يكون هذا الأصل مفصلاً في القرآن . والقرآن شاهد على ما أقول.
وظيفة العقل
وظيفة العقل إذن ليست في البحث عن أصول الدين بمعزل عن الوحي ، وإنما تنحصر بتعقل ما جاء به الوحي واعتقاده ، والتيقن من كونه مما تستسيغه العقول السليمة ، وأنه ليس هناك من تناقض فيه ، وإقامة الأدلة على ذلك سواء كانت الأدلة عقلية أم نقلية .
ويقوم العقل كذلك باستنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها الظنية ، سواء كانت هذه الأدلة نصوصاً شرعية أو غير ذلك في حالة عدم توفر النص في أي مسألة من المسائل . وكذلك يقوم بتنزيل هذه الأحكام على مواردها
اتباع المتشابه هو العلامة الفارقة بين الفريقين
فإذا أردت أن تعرف هؤلاء المضلين لتحذرهم فانظر إلى حججهم تجدها شبهات واحتمالات لا تدخل في دائرة القطعي أو المحكم كما قال تعالى: ]إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس[ النجم/23 . وكما قال أيضاً : ]وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه[لماذا؟]ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله[ أي تصريفه على ما يهوون ويشتهون : فبدلاً من الرجوع إلى الأدلة الواضحة يذهبون إلى كلمة من هنا وسطر من هناك مستغلين سعة اللغة العربية وانقسامها إلى حقيقة ومجاز ، وكونها تحتوي على ألفاظ مشتركة : وهي كل لفظة تحمل عدة معان ، كالعين مثلاً دون اعتبار للقرائن التي تحدد اللفظ بالمعنى المعين . وكذلك ما في القرآن من مجمل قد فصل في مكان آخر، أو مطلق قيد في موضع آخر، أو عام مخصص، فيقطعون المجمل عن تفصيله والمطلق عن قيده وهكذا. - 10-26-2010, 06:18 PMآملة البغداديةالوظيفة الخاصةبكل من الكتاب والسنة والعقلإن هذا يحتاج منا إلى استحضار الوظيفة الخاصة بكل من الكتاب والسنة والاجتهاد بحيث لا تختلط هذه الوظائف ببعضها فنقع في الاضطراب .
وظيفة القرآن الخاصة
إن وظيفة القرآن الخاصة به حصراً هي بيان أصول الدين ومعالمه الكبرى بياناً جلياً لا يحتاج معه إلى غيره من بقية أدلة الأحكام ، وإلا لم تعد هذه الوظيفة خاصة به . والقرآن يقوم بأداء هذه الوظيفة خير قيام . وهذا يثبت تطبيقياً بالاستقراء بعد أن ثبت تنظيرياً بالأدلة القطعية .
وظيفة السنة
أما السنة أو الأحاديث النبوية فهي وإن استوعبت أصول الدين، لكن استيعاب القرآن الكريم لا يقل عن استيعاب السنة لهذه الأصول. وهذا أمر مقطوع به؛ فلا يمكن بحال أن تتضمن السنة أصلاً غفل القرآن عن ذكره، أو قصر عن تضمنه. لكن هناك ملحظاً في غاية الأهمية هو أن أحداً من الخلق يستحيل عليه أن يضيف إلى القرآن ما ليس منه. وعليه يستحيل أن يخترع أحد أصلاً ويضع له نصاً صريحاً يمكن أن ينسبه للقرآن. بينما يمكن أن يخترع أصلاً ويضع له نصاً صريحاً ينسبه إلى السنة. وهذا واقع كثيراً. فحتى لا يخترق أحد أصول الدين توجب عليه إذا احتج لأصل برواية أن يأتي أولاً بما يثبته من القرآن بالنص الصريح؛ لأنه – كما قلنا - لم تنفرد السنة بأصل لا وجود له في القرآن. وبعبارة أخرى نقول: لا يمكن أن تستقل السنة أو الحديث بتأصيل العقيدة ما لم يكن لهذه الأصول بيان واضح في القرآن الذي أنزله الله تعالى ]تبياناً لكل شيء[ النحل/89 . إن وظيفة السنة تدور حول ثلاثة أمور :
1- التأييد والتأكيد لما جاء أصلا في القرآن .
2- التفصيل لما أُجمل ذكره فيه كتفصيل وصف الجنة
والنار .
3- أمور فرعية في العقيدة كعلامات الساعة .
قد يقال : إن في الروايات متواتراً نقطع بصحته عن الرسول e فلماذا لا نأخذ به ؟ والجواب: ليس موضوعنا هو الأخذ بالروايات من عدمها ، إنما هو هل يمكن أن يكون في هذه الروايات من الأصول ما قصَّـر القرآن في بيانه ، أو غاب ذكره عنه كلياً فنحتاج إلى إثباته بهذه الروايات ؟ والجواب القطعي : كلا . هذا هو المهم . وعندها نعلم أن ورود الأصول في السنة أمر كمالي لا تكميلي، وإلا ما عاد الكتاب مصدراً كاملاً للهداية كما قال سبحانه: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (البقرة:2) ، وقال: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) (الأنعام:38) .
والنتيجة أن السنة –وإن اشتملت على أصول الدين- فإن اشتمالها هذا يأتي من وراء القرآن وليس استقلالاً.
وهذا يلزمنا برد كل (أصل) بني على الروايات لا
ذكر له صريحاً صراحة تامة في القرآن. فيقتصر أخذ
الأصول على القرآن فقط .
وعلى هذا فلا يقبل تأسيس أصول العقيدة على الأحاديث استقلالاً ، فضلاً عن الروايات المنسوبة إلى (الأئمة) . بل يصير عندنا واضحاً أن كل رواية تنشئ أصلاً غيرَ مصرحٍ به في القرآن الكريم باطلة . ويصبح ذكر ذلك (الأصل) في أي رواية دليلاً قاطعاً على بطلانها بدلاً من الاحتجاج بها على صحته !
والنتيجة الحتمية أن المحتجين لأصولهم بالروايات دون نص صريح من القرآن هم أهل الباطل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق