الخميس, 06 ديسمبر 2018
في جميع دول العالم توجد حالة من عدم التفاهم بين الحكومة وفئة من الشعب، تتفاوت من حالة سياسية لحالة سياسية أخرى، ومن وضع اقتصادي لآخر وتزداد حدّة عدم التفاهم في الدول التي تتبع نظام الأحزاب، حيث إن المعارضة الحزبية هي معارضة آيديولوجية وليست مجرد معارضة سياسية، وهذا ما يجعل تلك الأحزاب في حالة سعي مستمر لقلب الطاولة على بعضها البعض.
ولكي يكون لكلامنا مصداقية, فلا بد من أن نستشهد ببعض الحالات التي تمثلت بها تلك النزاعات والتي وصلت في بعض حالاتها لمرحلة العداء بين الحكومة والشعب، منها على سبيل المثال لا الحصر ما جرى في جمهورية مصر العربية بين الاخوان المسلمين والحزب الوطني الديمقراطي، فكل من هذين الحزبين كان يستغل نفوذه وسلطته بعد وصوله لسدة الحكم لقمع الآخر وتهميشه ليس فقط لأنه معارض سياسي له بل لأنه يحمل أفكاراً يرى أنها أفكارٌ يجب أن تندثر.
كذلك ما جرى في السودان عندما ناصبت الحكومة المركزية السودانية العداء للانفصاليين أو ما يسمى بالحركة الشعبية لتحرير السودان بهدف الحفاظ على وحدة السودان وعدم انفصال الجنوب، وهذا ما أدى لأن تنشب بين الجانبين حرب أهلية أودت بحياة الكثير من الأبرياء. ثم إلى لبنان والأحزاب المتناحرة هناك ليس على منصب حكومي أو كرسي نيابي، فهذا هو الظاهر من تلك النزاعات والحقيقة أنها حروب يسعى كل طرف من أطرافها إلى نشر فكره وقمع بقية التوجهات المخالفة. وغيرها الكثير من الأمثلة على حالات العداء والحروب المحتدمة بين الحكومة والشعب .. بين حزب حاكم متسلط وحزب محكوم معارض، هذا على المستوى العربي، أما على المستوى الغربي فإن المسألة أكثر تنظيماً، فالأحزاب الخاسرة في الانتخابات الرئاسية أو النيابية هناك تتمتع بتشكيل حكومة ظل وتبقى جمعياتها ومؤسساتها التي تعمل بأفكارها قائمة ، ما يجعل الباب مفتوحاً أمامها للفوز في انتخابات مقبلة، أما في الدول العربية فإن الحزب الحاكم يعمل منذ فوزه بالانتخابات على قمع الحزب المعارض وحل جميع ما له من مؤسسات وجمعيات مما يدفع هذا الحزب لحمل السلاح بصورة غير شرعية بدلاً من رفع الشعارات السياسية والتأثير على الناس بها.
إن مثل هذه الصراعات الفكرية التي تصل بطبيعتها لحد التناحر والاقتتال يُفترض بأنها أقل حدة في منطقة الخليج العربي بسبب أنها لا تتبع نظام الأحزاب، بالإضافة لغياب بعض أوجه الديمقراطية، ما يجبر الشعوب الخليجية على تبني توجه سياسي واحد وهو التسليم المطلق للحكومة «ليبقى ما في القلب في القلب»، باستثناء الكويت التي يتمتع شعبها ببعض أشكال الديمقراطية والتي لا يُتوقع معها أن تصل النزاعات فيها بين التيارات والكتل السياسية لحد التناحر، فالكويت لا تتبع نظام الأحزاب كمصر وليس فيها تنظيمات مسلحة كالسودان أو لبنان ولا حتى عصابات اجرامية مثل كولومبيا، ثم إن الصراعات بين الكتل السياسية في الكويت لم ولن تتطور لتصل لحكم البلاد، بالإضافة إلى أننا نرفض ذلك جملةً وتفصيلاً. فلماذا تعادينا الحكومة؟
إن العداء المقصود في السؤال السابق ليس العداء بمفهومه الاصطلاحي إنما المقصود منه هو التقصير الحكومي بحق الشعب من نواحٍ متعددة والذي بدى مؤخراً وكأنه كره وحقد حكومي على الشعب، فعندما نرى مليارات الدولة تذهب لجميع دول العالم لانشاء سكك للقطارات والمدارس والمستشفيات وتسديد ديون تلك الدول ثم نرى شوارعنا بدائية ومستشفياتنا ومدارسنا تعيسة «شكلاً ومضموناً» وسجوننا ملئت بالمواطنين بسبب الديون، فإننا لا بد من أن نتساءل، هل الحكومة تعادينا؟
عبدالعزيز بومجداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق