هل يملك الشيعة حديثا صحيحا متصل
السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم
كتبه : نور الدين الجزائري المالكي
الحَمْدُ للهِ، الذي جَعلَ في كل زمانٍ فترة مِن الرسلِ بَقَايَا من أهْل العِلم، يَدعُونَ من ضل إلى الهُدى ويَصبرُون مِنهم على الأذى، يُِحيونَ بكتَاب الله المَوتَى ويُبَصِرُون بنور الله أهل العَمى، فكم مِن قتيلٍ لإبليسَ أحيوه وكَم من تَائِه ضَال قد هَدوه، فما أحسَنَ أثرَهُم على الناسِ و مَا أقبَحَ أثرُ الناس عليهم.
يَنفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحَال المُبطلين وتَأويل الجَاهِلين، الذين عَقدُوا ألوية البدعَة وأطلقوا عَنان الفتنة، المُخَالفون للكِتاب، المُختلفون في الكِتَاب، المُتفقون على مُفارقة الكتاب، يَقولون فِي الله وعلى الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام، يخدعون به جُهَال الناسِ ليشبهون عليهم، فنعوذ بالله مِن فِتن المُضِلين أما بعد :
قبل سنوات تحدى شيخنا اليامي (حفظه الله تعالى) علماء و شيوخ الإمامية الاثنى عشرية ان ياتوا بحديث واحد صحيح متصل السند حسب شروطهم لنبي صلى الله عليه وسلم و لحد الأن لم يفلح الإمامية الإثنى عشرية في إيجاد حديث صحيح، أكيد ان هذا التحدي كان عن علم و كان بعد دراسة و تتبع لأسانيد و رويات الإمامية الإثنى عشرية، لكن مع الأسف الشديد ان بعد الإخوان يتحدون في نفس الموضوع عن غير علم، لهذا السبب سنطرح بين أيديكم هذا البحث المتواضع في موضوع (هل يملك الشيعة حديث صحيح متصل السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم)، و من باب الإنصاف أن نستدل على الإمامية الإثنى عشرية بكتبهم بأقوال علمائهم بما أنها حجة عليهم و بما أنهم الزموا أنفسهم بها.
أولا : متى ظهر تقسيم الحديث عندهم و ما هي أسبابه ؟
اعلم أخي القارئ أن تقسيم الحديث عند الإمامية الإثنى عشرية ظهر متأخراً، بالضبط في القرن السابع للهجرة على يد شيخهم بن طاووس المتوفى سنة (693 هـ) و تلميذه بن المطهر الحلي ، و هذا باعتراف شيخهم الحر العاملى حيث يقول في كتابه وسائل الشيعة الجزء30 صفحة248 الفائدة التاسعة : في ذكر الأدلة على صحة أحاديث الكتب المعتمدة تفصيلا في ذكر الاستدلال على صحة أحاديث الكتب التي نقلنا منها هذا الكتاب وأمثالها تفصيلا ووجوب العمل بها فقد عرفت الدليل على ذلك إجمالا ويظهر من ذلك ضعف الاصطلاح الجديد على تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وموثق وضعيف الذي تجدد في زمن العلامة وشيخه أحمد ابن طاووس.
و كان تقسيم الحديث إلى (صحيح و ضعيف و موثق و حسن) ذلك لعدة أسباب منها، دفع معايرة أهل السنة و الجماعة هذا من جهة، من جهة أخرى لتفادي التناقضات و التضاربات في كتبهم، و من جهة أخرى حتى إذا سأل العوام شيوخهم و علمائهم يقولون أن هذا الحديث ضعيف، لكن أكبر إشكال يواجه الأصوليين العاملين بالجرح و التعديل هو جهالة رجال الأسانيد وضعف رواياتهم، فلا يستطيع الاثنى عشرية إثبات عقائدهم من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، من هذا أتى تحدى شيخنا (اليامي حفظه الله تعالى).
ثانيا : تعريف الحديث الصحيح عند الاثنى عشرية
أكيد حتى نعرف أحاديثهم هل تصح أم لا وجب أن نذكر تعريف الحديث الصحيح عندهم، عرف الحر العاملى في كتابه وسائل الشيعة الجزء30 صفحة260 الحديث الصحيح قائلا : (ما رواه العدل الإمامي الضابط في جميع الطبقات)
و عرف الشهيد الثاني في كتابه الرعاية في علم الدراية صفحة 77 الحديث الصحيح قائلا : في الصحيح وهو ا اتصل سنده إلى المعصوم بنقل العدل الامامي عن مثله في جميع الطبقات حيث تكون متعددة (وإن اعتراهشذوذ)
ثالثا : هل يملك الإمامية الإثنى عشرية حديث متصل السند للنبي ؟
الشيعة الإمامية الإثنى عشرية، لحد كتابة هذه السطور لم يأتوا بحديث واحد صحيح متصل السند على شروطهم للنبي صلى الله عليه وسلم، قبل أن نبدأ بتضعيف أحاديث الإمامية الاثنى عشرية يجب أن نعرف سبب تضيفنا لها ؟
السبب بكل وضوح نثبت أن عقيدة الامامية الاثنى عشرية من دين البشر وليست من دين الله عز وجل، كيف و هم لم يثبتوا أحاديثهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
رابعاً : هل أحاديث جعفر هي أحاديث النبي ؟
لتصحيح أحاديث الإثنى عشرية، أقوى مشكل يواجههم أن أسانيدهم تصل للصادق أو الباقر أو الهادي أو غيرهم من الأئمة، و السؤال الذي يطرح نفسه هل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أحاديث الصادق رحمه الله ؟
الإجابة : أكيد لا
و هذا يحتاج إلى توضيح، حيث أن النبي توفي سنة 11 للهجرة و جعفر الصادق ولد سنة 80 للهجرة، فكيف يروى أمور حدثت قبل ميلاده بـ69 سنة ؟
لحد هذا الإشكال يلجئ الإمامية الإثنى عشرية لعدة مناورات، فعلى سبيل المثال يستدل بعضهم بحديث حديثي حديث أبي، فينقل الكليني في كتابه الكافي ج1 ص53 باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسك بالكتب " علي بن محمد عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره قالوا: سمعنا أبا عبد الله ع يقول: حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ع وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وحديث رسول الله قول الله عز وجل"
فهذا الحديث يصل السند المنقطع بين النبي و الصادق لكن مهلا ...
الحديث هذا لا يصح لأمور منها أن المجلسي ضعفه في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج1ص182: (الحديث الرابع عشر): ضعيف على المشهور.
إضافة لتضعيف المجلسي فالرواية في سندها سهل بن زياد و هي أقوال علمائهم في الرجل :
المفيد من معجم رجال الحديث : محمد الجواهري : ص273 ترجمة رقم 5630 سهل بن زياد : أبو سعيد الآدمي الرازي روى في كامل الزيارات وتفسير القمي ضعيف جزما أو لم تثبت وثاقته روى 2304 رواية
رجال بن الغضائري : ص66 ترجمة رقم 65: سهل بن زياد : أبو سعيد الأدمى الرازي كان ضعيفا جدا
الفهرست للطوسى: ص142 ترجمة رقم 339: سهل بن زياد : الأدمى الرازي يكنى أبا سعيد ضعيفا.
رجال النجاشي : ص185 ترجمة رقم 490: سهل بن زياد : أبو سعيد الأدمي الرازي كان ضعيف في الحديث، غير معتمد عليه.
أقول :
1- يعتبر هذا أقوى دليل لدى الإثنى عشرية لاتصال السند من جعفر الصادق إلى النبي صلى الله عليه وسلم و الرواية كما هي ظاهرة ضعيفة السند.
2- ممكن أن يدلس الشيعة و يستلون بحديث (نوارثه كابر عن كابر) و الذي رواه الصفار في كتابه بصائر الدرجات ص319 باب 14 في الأئمة أن عندهم أصول العلم ما ورثوه عن النبي ص لا يقولون برأيهم.
و الرد عليه : غاية ما يقال أن هذه الأحاديث تثبت صدق و وثاقة جعفر الصادق رضي الله عنه، و نحن لسنا في معرض إثباتها، بل نحن نطالب بسند من الصادق إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
خامسا : تضيف أقوى سند إثنى عشر ؟
أكيد أن التركيز على اقوي سند إثنى عشري مهم ذلك أنه لو تم تضعيف وإسقاط أقوى سند فبالضرورة تتهاوى الأسانيد الأقل قوة، فما هو أقوى سند عند إثنى عشري ؟
علي بن إبراهيم عن أبيه (إبراهيم بن هاشم) عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن زرارة عن الصادق.
يظهر لنا أن السند صحيح لكن هناك إشكال وجب تبيانه قبل تضعيف السند، فنقطة ضعف السند تكمن في (إبراهيم بن هاشم) ذلك ان الرجل لم يوثقه أحد من علماء الرجال المتقدمين لا الكشي و لا الطوسي و لا النجاشي و لا الحلي، عندما قسم الحديث اضطر علمائهم لتوثيق الرجل، إضافة لهذا فتوثيق إبراهيم بن هاشم كان بناء على ما قاله ابنه في مقدمة تفسير القمي حيث يقول في الجزء 1 صفحة 4 " ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم واوجب ولايتهم ولا يقبل عمل إلا بهم"
و هذا الكلام أيضا لا تصح نسبته لإبراهيم بن هاشم حيث أن تفسير القمي لا تصح نسبته لعلي بن إبراهيم أو على الأقل النسخة المتداولة حاليا، فنجد أن من روى النفسير هو "أبو الفضل العباس بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر"
يقول الشاهرودي في مستدركات عمل رجال الحديث الجزء4 صفحة357 ترجمة رقم 746 العباس بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر ع أبو الفضل : لم يذكروه
فنصل إلى نتيجة أنه لا دليل على توثيق إبراهيم بن هاشم بل وثقه علمائهم المتاخرين لإنقاذ عقيدتهم المتهالكة.
سادسا : كثرة المجاهيل
من بين الإشكالات التي يواجهها الإمامية الإثنى عشرية في تصحيح رواياتهم كثرة المجاهيل و تفاديا لذلك لجئ علمائهم المتاخرين أصحاب الموسوعات (المامقاني و الخوئي و الأردبيلي والشاهرودي) إلى التوثيقات العامة، فعل سبيل المثال قام الخوئي بتوثيق كل من وقع في إسناد كامل الزيارات لجعفر بن قولوية القمي المتوفى سنة (368 هـ)، ثم تراجع بعد ذلك عن هذه القاعدة عندما وقع في تناقض فتراجع عن هذا في كتابه معجم رجال الحديث و قال بتوثيق شيوخ بن قولويه فقط.
و لمعرفة عدد المجاهيل في مروياتهم و كتبهم فعلى السبيل المثال الخوئي ترجم لـ15678 راوي في كتابه معجم رجال الحديث من بين هؤلاء حكم بالجهالة على 8069 راوي، بالضبط 7982 مجهول 87 مجهولة، و هذه الإحصائيات طبقت على كتاب المفيد من معجم رجال الحديث لمحمد الجواهري، الذي هو تلميذ الخوئي و قام باختصار كتاب شيخه معجم رجال الحديث.
سابعا : هل يعلم العلماء أن رواياتهم لا تصح ؟
نعم.
علماء الاثنى عشرية يعلمون أنهم لا يملكون حديث واحد صحيح متصل السند للنبي صلى الله عليه وسلم، و هذا بشهادة الحر العاملى حيث يقول في كتابه وسائل الشيعة الجزء30 صفحة260 "واللوازم باطلة وكذا الملزوم بل يستلزم ضعف الأحاديث كلها عند التحقيق لأن الصحيح عندهم: (ما رواه العدل الإمامي الضابط في جميع الطبقات)" و يقول في موضوع آخر في نفس الصفحة " وأصحاب الاصطلاح الجديد قد اشترطوا - في الراوي - العدالة فيلزم من ذلك ضعف جميع أحاديثنا لعدم العلم بعدالة أحد منهم إلا نادرا"
خاتمة
في أخير نسأل الله لنا و للإخوان الإمامية الاثنى عشرية الهداية للحق و الثبات عليه، و اعلم أخي الشيعي أن هذا البحث لم يكتب انتقاصا من أشخاصهم إنما تبيانا لعقائدكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق