على خلفية تصريحات ياسر الحبيب: علماء الشيعة ... تنوع أدوار ووحدة معتقد !!!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى وصحبه أجمعين وبعد ، فمن خلال ما قام به الرافضي الخبيث ياسر الحبيب من نزعه لقناع التقية وإعلانه لحقيقة معتقده القائم على بغض الصحابة وتكفيرهم والبراءة منهم ، كثرت الردود من هنا وهناك حول ما قال وكأنه أتى بشئ جديد خالف فيه معتقد الإمامية بالصحابة عموماً والخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين خصوصا ، وهو ما سبقني به المشايخ والكتاب والزملاء في المنتديات حين بينوا بأن هذا الخبيث إنما صرح بما تنطوي عليه عقائد القوم ونطقت به مروياتهم وتصريحات علمائهم.ولذا فإن الإنكار الصادر من علماء الشيعة لم يكن منصبّاً حول تبنيه لعقيدة تكفيرهم والبراءة منهم والطعن بهم ، بل كان حول تصريحه بتلك العقيدة وإعلانه عنها لأنه مخالف لما عليه علماء الشيعة في كل الأعصار والأمصار من وجوب كتمان تلك العقيدة وعدم التصريح بها ، وإليكم البيان التفصيلي لذلك في ثلاثة محاور وكما يلي:
المحور الأول: اتفاق مروياتهم وتصريحات علمائهم على تكفير الخلفاء الراشدين وبغضهم
وإليكم بيان ذلك من خلال مروياتهم وكلام علمائهم وكما يلي:
1- الروايات:
1- قال علامتهم محمد باقر المجلسي في كتابه ( بحار الأنوار ) (30 / 399 ) : [ أقول : الأخبار الدالة على كفر أبي بكر وعمر وأضرابهما، وثواب لعنهم والبراءة منهم، وما يتضمن بدعهم، أكثر من أن يذكر في هذا المجلد أو في مجلدات شتى ، وفيما أوردناه كفاية لمن أراد الله هدايته إلى الصراط المستقيم ] .2- قال علامتهم ومحققهم الكركي ( نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت ) ( ص 198 ) ، بعد أن أورد بعض الروايات في لعن الخلفاء وتكفيرهم: [ وهذا النحو في كتب أصحابنا مما لو تحرّى المتصدي لحصره جمع منه مجلدات ولم يأت على آخره، وقد أورد الأمين الضابط الثقة محمد بن يعقوب الكليني في كتابه " الكافي "من ذلك شيئاً كثيراً، وفيه أحاديث باللعن الصريح، والحث عليه من الأئمة ]. 3- وقال علامتهم ومفسرهم عبد الله شبر في كتابه ( الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة ) ص 150 :[ وقد دلت أخبار كثيرة على كفر المخالفين يحتاج جمعها إلى كتاب مفرد]. 4- قال آيتهم العظمى الخوئي في كتابه ( الطهارة ) ( 2 / 84 ):[ ويمكن أن يستدل به على نجاسة المخالفين وجوه ثلاثة الأول: ما ورد في الروايات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة من أن المخالف لهم كافر] ، وأكد ذلك أيضاً في كتابه ( مصباح الفقاهة ) ( 1 /323 ) حيث قال:[ وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية].
2- المعتقدات:
1- صرح آيتهم العظمى الخميني بأن عائشة وطلحة والزبير ومعاوية أخبث من الكلاب والخنازير ، وذلك في كتابه ( الطهارة )( 3 / 337 ) حيث قال:[ وأما سائر الطوائف من النصاب بل الخوارج فلا دليل على نجاستهم وإن كانوا أشد عذابا من الكفار ، فلو خرج سلطان على أمير المؤمنين عليه السلام لا بعنوان التدين بل للمعارضة في الملك أو غرض آخر كعائشة وزبير وطلحة ومعاوية وأشباههم أو نصب أحد عداوة له أو لأحد من الأئمة عليهم السلام لا بعنوان التدين بل لعداوة قريش أو بني هاشم أو العرب أو لأجل كونه قاتل ولده أو أبيه أو غير ذلك لا يوجب ظاهرا شئ منها نجاسة ظاهرية . وإن كانوا أخبث من الكلاب والخنازير لعدم دليل من إجماع أو أخبار عليه .2- اعترف علامتهم محمد باقر المجلسي بأن القول بعدم كفر المخالف للشيعة هو الكفر بعينه أو قريب منه ، حيث قال في كتابه ( بحار الأنوار ) ( 65 / 281 ):[ قوله " ومن زعم " يدل على أن القول بعدم كفر المخالف كفر أو قريب منه]. وأكد أن البراءة من الخلفاء الراشدين هو من العقائد الضرورية في مذهب الإمامية حيث قال في رسالة ( الاعتقادات ) ص 90:[ ومما يعد من ضروريات دين الإمامية استحلال المتعة ، وحج التمتع ، والبراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية ]. 3- ينقل شيخهم المفيد اتفاق الإمامية على تكفير منكر الإمامة والحكم عليه بالخلود في النار ، حيث قال في كتابه ( أوائل المقالات ) ص 44:[ (القول في تسمية جاحدي الامامة ومنكري ما أوجب الله تعالى للائمة من فرض الطاعة) واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الائمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار ]. 4- صرح علامتهم ومفسرهم محمد بن محمد رضا المشهدي بتكفير أهل السنة في تفسيره ( كنز الدقائق ) ( 9 / 137 ) في معرض تفسيره للآية ( 65 ) من سورة الحج ، حيث قال:[ قوله ( ومن أنكرهم ، أو أنكر واحداً منهم ، فقد أنكرني ) يدل على كفر أهل السنة صريحاً ، لأنه لا شك في كفر من أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم]. المحور الثاني: إستنكار علماء الشيعة لم يكن على تبني تلك العقيدة بل على الإعلان بها
1- المصلحة المرجوَّة من كتمانهم البغض والتكفير هي نشر المذهب بين صفوف أهل السنة:
وهذا يظهر لكل من تتبع تقريراتهم وتصريحاتهم ، حيث تجدهم أمام أهل السنة يصرحون بشئ ، ولكن أمام أهل نحلتهم يصرحون بخلاف ذلك تماماً تحقيقاً لتلك الغاية ، وإليكم بيان ذلك:أ- اعتراف كاتبهم جعفر الشاخوري بضرورة الابتعاد عن التصريح بالطعن كي يخترقوا أهل السنة: وقد كشف عنها بكل صراحة كاتبهم جعفر الشاخوري حين دعا كُتّاب الإمامية إلى اعتماد النهج الملتوي في اختراق الصف السُنّي وشدَّدَ عليهم بترك أسلوب الهجوم اللاذع على مذاهب أهل السنة ورموزهم - خصوصاً الخلفاء الثلاثة الأوائل y - معلِّلاً دعوته تلك بأن اعتماد مثل هذا الأسلوب الهجومي سيكون مَدْعاة لتنفير أهل السنة عن المذهب الشيعي ، ومن أسباب نقمتهم عليه .. ويدعوهم عوضاً عن ذلك إلى اتباع الأسلوب الهادئ المتودِّد بشعارات الوحدة والأخوة والتقريب ، معترفاً صراحةً بنجاح هذا الأسلوب في نشر الفكر الشيعي الإمامي في الكثير من بلدان المسلمين وبشكل واسع ، ومن ثم راح يشيد بجهود مرجعهم الديني عبد الحسين شرف الدين صاحب كتاب المراجعات ، أحد أكثر دعاتهم المتأخرين انتهاجاً لهذا المسلك الماكر ، وبراعةً فيه ، وإليك نص أقواله في كتابه ( مرجعية المرحلة وغبار التغيير ): 1- قال ص 224:[ التركيز على سلبيات الآخر وتسليط الضوء على خرافات الآخرين: من دون ذكر بعض الإيجابيات التي قد يصادف وجودها عنـدهم ، وبذلك تكون نتيجة البحث دائماً في الطـرف السلبي ، وهذا الأسلـوب -رغم نجاحه في أوساط العوام عندنا- يؤدي إلى فشل مثل هذه الكتابات في اختراق العالم السني ، بل من المستحيل أن تجد لها قارئاً سنياً ، على العكس من كتابات السيد عبد الحسين شرف الدين والسيد هاشم معروف الحسيني والسيد مرتضى العسكري والشيخ محمد جواد مغنية التي لها صدى واسع في العالم الشيعي والسني على السواء]. 2- قال ص 228:[ ومن الجدير ذكره هنا ، أن مثل هذه المؤلفات التي تركز كل جهودها على إبراز مساوئ رموز السُنَّة ، حتى الأمور الخلقية والأمور العادية التي لا ربط لها بالتاريخ ، تتسبب في نفور الناس من التشيع ، على العكس من الكتابات المتوازنة ككتاب " المراجعات " ( للسيد شرف الدين ) و " معالم المدرستين " ( للسيد مرتضى العسكري) ، حيث أنها تسببت في انتشار الفكر الشيعي بشكل واسع ؛ لأن القارئ السني عندما يجد فيها الموضوعية واللغة الهادئة ، فسوف تنفتح شهيته على قراءتها ودراستها]. ب- اعتراف فيلسوفهم مرتضى مطهري بنجاحهم في اختراق أهل السنة عن طريق شعارات التقريب التي رفع لوائها مرجعهم البروجردي وغيره: لقد جعل علماء الإمامية من دعوة التقريب بين المذاهب وسيلة لنشر معتقدهم بين صفوف أهل أهل السنة وإيجاد موطئ قدم لهم في بلدانهم ( وما يلي ذلك من غرسٍ لبذور هدم أصول تلك المذاهب أو مسخ صورتها في أنظار معتنقيها ) .. وهذا ما صرح به أبرز علمائهم ومنظِّري الجمهورية الإيرانية مرتضى مطهري -الذي يلقبوه بالفيلسوف والشهيد- بأن الغاية الأساسية من مثل مشاريع التقريب تلك هو ذاك ، ويؤكد عليه بقوله في كتابه " الإمامة " ( ص28-29 ) : [ إنَّ ما ننتظره على خط الوحدة الإسلامية أن ينبثق محيط صالح للتفاهم المشترك لكي نعرض ما لدينا من أصول وفروع ، تضّم ما نحمله من فقه وحديث وكلام وفلسفة وتفسير وأدبيات ، بحيث يسمح لنا ذلك الجو أن نعرض بضاعتنا بعنوان كونها أفضل بضاعة ، حتى لا يبقى الشيعة في العزلة أكثر ، وتنفتح أمامهم المواقع المهمة في العالم الإسلامي ، ثم لا تبقى الأبواب مغلقة أمام المعارف الإسلامية الشيعية النفيسة ] ، ثم يعود ليؤكد أن هذا هو عين الهدف الذي كان يسعى لتحقيقه آيتهم العظمى البروجردي من وراء رفعه شعار التقريب والدعوة إليه ، مبيناً مقدار النجاح الذي حققه في هذا المجال فيقول ( ص30 ) : [ ما كان يُفَكِّر به المرحوم آية الله العظمى البروجردي على الخصوص ، هو إيجاد الأرضية المناسبة لبثّ معارف أهل البيت ونشرها بين الإخوة من أهل السنة ، وكان يعتقد أن هذا العمل لا يكون إلاّ بإيجاد أرضية التفاهم المشترك ، والنجاح الذي أحرزه المرحوم البروجردي -جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء- في طبع بعض كتب الفقه الشيعي في مصر من قبل المصريين أنفسهم ، إنما كان على إثر هذا التفاهم الذي انبثق ، وكان ذلك أهمّ نجاح حققه علماء الشيعة ]. وهذا النص يعتبر من أخطر الوثائق التي أدلى بها فيلسوف الشيعة مطهري والتي تبين كيف كانوا يخططون لنشر التشيع في بلدان أهل السنة عن طريق دعوة التقريب كما ورد على حد تعبيره :[ ما كان يُفَكِّر به المرحوم آية الله العظمى البروجردي على الخصوص ، هو إيجاد الأرضية المناسبة لبثّ معارف أهل البيت ونشرها بين الإخوة من أهل السنة] ، ثم يؤكد تلك المؤامرة الدنيئة لاستغفال أهل السنة ونشر التشيع بين صفوفهم بأن النجاح المرجو ليس تحقيق التقارب ونبذ الخلاف والشحناء والتكفير بين المسلمين كما يتصوره الصادقون من أهل السنة في سعيهم للوحدة ، بل النجاح في معاييرهم هو قيام أهل السنة في مصر بأنفسهم بنشر التشيع في بلدهم عن طريق طباعة كتب الشيعة بأيديهم ، كما ورد على حد تعبيره:[ في طبع بعض كتب الفقه الشيعي في مصر من قبل المصريين أنفسهم ... وكان ذلك أهمّ نجاح حققه علماء الشيعة] ، نعم إن النجاح في منظورهم هو نشر التشيع في بلدان أهل السنة وطبع كتبهم التي تروج لمذهبهم على أيدي أهل السنة ، تلك هي المؤامرة الدنيئة والخطة الخبيثة التي يسعون لها من دعاوي التقريب والوحدة الإسلامية ، وهي بحق وثيقة خطيرة يدلي بها أبرز علمائهم ومفكريهم ومؤسسي جمهورية إيران ، ليقول لأهل السنة - اللاهثين وراء التقريب - بلسان الحال: لقد خدعناكم واستغفلناكم عن طريق دعوة التقريب طيلة الفترة الماضية ، إذ نشرنا من خلالها التشيع في بلدانكم ، حتى قمتم بطباعة كتبنا بأيديكم ، في الوقت الذي كنتم تظنون أن سعينا بذلك نابعاً من محبتكم والحرص على التآخي معكم ، ألا خابت ظنونكم وطاشت أحلامكم ما دمتم تجهلون أن بغضكم وعداوتكم والبراءة منكم هي من ثوابت مذهبنا وبديهياته. وكان هذا هو السبب الأول في عدم تصريحهم بالبغض والتكفير لسائر المسلمين وهو الطمع والرغبة العارمة في نشر مذهبهم بين صفوف أهل السنة والذي يقضي بإبقاء ذاك الطعن والتكفير لكبار الصحابة مخفياً عن أهل السنة.
2- المفسدة التي يرجون دفعها من كتمانهم البغض والتكفير هي إلحاق الضرر بالشيعة:
وهذه العلة قد صرح بها كبار مراجعهم بعدما شاهدوا أن إعلان حقيقة معتقدهم ببغض وتكفير سائر المسلمين - وعلى رأسهم أصحاب رسول الله r - سيستفز أهل السنة ويستعديهم على الشيعة فيلحقوا بهم الضرر ، وإليك بعض تصريحات علمائهم بذلك:1- إن محدثهم ومحققهم يوسف البحراني كان في معرض مناقشة ما نقله محدثهم نعمة الجزائري عن سيرة محققهم ولعانهم الأكبر شيخ الدولة الصفوية علي بن الحسين الكركي الذي كان يعلن بسب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقال في كتابه ( لؤلؤة البحرين ) ص 153:[ قال مولانا السيد نعمة الله الجزائري في صدر كتابه شرح غوالي الئالي ... وكان رحمه الله لا يركب ولا يمضي إلا والباب يمشي في ركابه مجاهراً بلعن الشيخين ومن على طريقتهما] ، ثم انتقد البحراني إعلان الكركي باللعن لما تسبب من إلحاق الضرر بالشيعة في البلدان الأخرى ، فقال:[ أقول: إن ما نقله عن الشيخ المزبور من ترك التقية والمجاهرة بسب الشيخين خلاف ما استفاضت به الأخبار عن الأئمة الأخيار الأبرار عليهم السلام ، وهي غفلة من شيخنا المشار إليه إن ثبت النقل المذكور ، وقد نقل السيد المذكور أن علماء الشيعة في مكة المشرفة كتبوا إلى علماء أصفهان من أهل المحاريب والمنابر : أنكم تسبون أئمتهم في أصفهان ونحن في الحرمين نُعذَّب بذلك اللعن والسب ، انتهى ، وهو كذلك]. 2-بما أن أغلب الروايات الشيعية لا تطعن بالخلفاء بأسمائهم بل بالرموز مثل ( الأول والثاني ، أو فلان وفلان ) جاء علامتهم محمد باقر المجلسي ليبين صراحة بأن المراد بهذه الرموز هم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، وهذا التصريح لا شك سيلحق الضرر بالشيعة ، وهو ما دفع آيتهم العظمى المعاصر محمد آصف المحسني للتشنيع عليه ، مبيناً بأن الشيعة لم تجنِ من ذلك التصريح إلا الضرر لا سيما ومراد تلك الاصطلاحات معلوم حتى عند عوامهم ، وإليك أقواله من كتابه ( مشرعة بحار الأنوار ): أ-قال ( 1 / 167 ):[ لم يمسك المؤلف رحمه الله قلمه عن السب ، والتفسيق ، والتكفير ، والطعن في جملة من أجزاء بحاره بالنسبة إلى قادة المخالفين ، والله يعلم أنها كم أضرَّت بالطائفة نفساً وعرضاً ومالاً ، على أنه هو الذي نقل الروايات الدالة على وجوب التقية وحرمة إفشاء الأسرار ، وأصرَّ على التصريح بمرجع ضمائر التثنية في الروايات مع أن عوام المؤمنين يعرفونه فضلاً عن خواصهم فأي فائدة في هذا التفسير سوى إشعال نار الغضب والغيض والانتقام ؟ ولا أظنه قادراً على بيان جواب معقول على سلوكه هذا]. ب-قال ( 1 / 39 ):[ يتوجه إليه السؤال في تفسير ضمائر التثنية في الروايات المنتشرة في كتابه بفلان وفلان مع أن المراد مفهوم للكل من دون التفسير المهيج للعداء والنزاع والمسبب لسفك دماء المؤمنين ونهب أموالهم وإذلالهم ؟ غفر الله لنا وله ولجميع العلماء العاملين وكافة المؤمنين]. ج-قال ( 2 / 235-236 ):[ ثم أن هنا اعتراضاً صعباً وهو أن في نقل هذه الروايات - حتى وإن فرضت صحتها فضلاً عما إذا كانت غير معتبرة أو ضعيفة التي لا تفيد الحق وأهله شيئاً - إفشاء الأسرار وترك التقية وإضرار المؤمنين ، ولا يبقى مثل كتاب بحار في اصفهان وسائر بلاد المؤمنين وقراهم والله يعلم الأضرار المصيبة للمؤمنين في الهند وباكستان ، وبعض البلاد العربية من جراء هذه الأحاديث ، في نفوسهم وأموالهم وأعراضهم ، والعلامة المؤلف العادل يعلم حرمة كل من العناوين الثلاثة في الفقه ، والفقير ذكر في بعض كتبه وجهاً لعمله وعمل أمثاله من العلماء ، ولم أجد في كلامه عذراً لإقدامه على ارتكابه لإفشاء الأسرار وترك التقية ، ونقل ما أوجب الإضرار للمؤمنين والهادي عفى الله عنه وعن الجميع ]. د- قال في ( 1 / 64 ) :[ لكن الإيراد أو السؤال المهم متوجه إلى جملة من علمائنا منهم المؤلف العلامة حيث أورد في كتبه منها كتابه هذا- بحار الأنوار- ما يضر بحال الشيعة نفساً وعرضاً ومالاً فلا بد له من ارائة الجواب المقنع ] ، ثم علَّق بالهامش على مراده من ذلك فقال:[ ولا سيما كتفسيره لضمائر التثنية في جملة من الروايات صراحة مع عدم احتياج الناس إليه فهو إضرار وصب الوقود على البنزين بلا فائدة]. 3- يعترف آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني بأن الأصل في قضية لعن الخلفاء الراشدين هو الجواز ولا إشكال فيه عنده ، بشرط أن لا يؤدي ذلك الجهر والإعلان بلعنهم إلى مفسدة ، وذلك من جوابه على سؤال وجه إليه في موقعه على هذا الرابط: http://www.imamrohani.com/fatwa-ar/viewtopic.php?t=744 السؤال:هل يجوز اللعن بالأسماء للثلاثة مغتصبي الخلافة والجهر بذلك؟ ودمتم موفقين مسددين الجواب : كونهم من مصاديق الظلمة الذين ينطبق عليهم قوله تعالى ( ألا لعنة الله على الظالمين ) مما لا شك فيه . وأما الجهر بذلك فهو تبع للظروف الموضوعية ، فإن ترتب على ذلك ضرر أو مفسدة فلا يجوز ، وإلا فلا إشكال فيه. 4- كرر تجويز لعن أهل السنة بالإطلاق بشرط أن لا يؤدي إلى مفسدة التشاجر وإلحاق الضرر بالشيعة ، وذلك من خلال جوابه على سؤال وجه إليه في هذا الرابط: http://www.imamrohani.com/fatwa-ar/viewtopic.php?t=2208 سؤال: وهل يجوز لعن المخالفين _ السنة _ بالطلق ؟ جواب: بسمه تعالي إذا لم يعد اللعن موجبا للتشاجر والنزاع بين الفريقين يجوز والأحفظ الاتحاد في هذا الزمان أهم. 5- لم يستنكر آيتهم العظمى الميرزا جواد التبريزي قضية الجهر بلعن الخلفاء الراشدين بأسمائهم ، بل علَّق الأمر تبعاً للمصلحة والمفسدة المترتبة على ذلك ، وذلك من خلال جوابه على سؤال وجه إليه في كتابه ( الأنوار البهية في المسائل العقائدية ) ص 259: سؤال: هل يجوز اللعن للثلاثة مغتصبي الخلافة بذكر أسمائهم والجهر بذلك ؟ بسمه تعالى: ينبغي للمؤمن بيان العقائد الحقة للمؤمنين وغير المؤمنين بالحوار والمجادلة بالتي هي أحسن وبالحكمة والمدارك الصحيحة المعتبرة ، والله الموفق. ثم أكده بجوابه على سؤال آخر ص 259-260: سؤال: في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها المسلمون هل يجوز لنا نحن الشيعة الإمامية لعن الخلفاء الثلاثة صريحاً على منابرنا في مجالسنا العامة التي تعقدها مراكزنا الإسلامية في بلدان الاغتراب علماً بأن أكثر المغتربين المسلمين هم على غير مذهبنا وأكثر ساكني هذه البلدان ممن لا يدينون بديننا ؟ بسمه تعالى: يجب على الخطيب أن يبين للناس وخاصة الشباب منهم ما جرى في قضية الخلافة ، وكيف أن النبي صلى الله عليه وآله لم يترك فرصة إلا بين فيها أمرها بعده وآخرها قضية الغدير المشهورة المعروفة ، وعلى الخطيب تأكيد مظلومية أهل البيت بعد النبي صلى الله عليه وآله ويستشهد بما جرى على الزهراء عليها السلام وعدم حضور كبار الصحابة جنازتها واختفاء قبرها إلى الآن ، فهو من أوضح الشواهد على مظلومية أمير المؤمنين عليه السلام ، وصبره وغصبه حقه وبيان هذه الأمور لا يحتاج معها إلى اللعن بل هو غير جائز في بعض الموارد ، والله المستعان والموفق. وهذا السبب الثاني في عدم تصريحهم بالبغض والتكفير لسائر المسلمين ، وهو الخوف من إلحاق الضرر بالشيعة نتيجة تكفيرهم لرموز المسلمين.
المحور الثالث: أهم النتائج الخطيرة المستخلصة من الحقائق التي استعرضناها
وهما نتيجتان إليكم بيانهما:
النتيجة الأولى:
إن النكير الصادر من علمائهم لم يكن على أصل التكفير وردِّه إذ هو من ثوابت مذهبهم كما بيناه في المحور الأول ، بل كان على التصريح به لما يترتب عليه من تفويت مصلحة نشر المذهب أو إلحاق الضرر بالشيعة ، ومن يدقق في كلامهم يستيقن من موافقتهم لهم على التكفير ، وأن المخالفة كانت فقط في إعلانه ، وهذه نقطة يجب أن يتنبه لها الجميع ، أي أن عدم إظهارهم الطعن لا يعني براءتهم منه ورفضهم له ، لأنهم في معرض تطبيق ذاك الأصل لجلب مصلحة أو دفع مفسدة.
النتيجة الثانية:
إن حصول الاتفاق بين كل من الكركي والمجلسي على التصريح بالتكفير مع الفارق الزمني بينهما لم يكن مصادفة عابرة ، بل وفق ضابطة وهي كون كل منهما عاش في ظل الدولة الصفوية التي تمكن في ظلها مذهب الشيعة الإمامية حتى صار المذهب الرسمي لها ، وعليه فليس هناك محذور من تصريحهم بالتكفير ، بل ربما كان هذا يرضي الحكومة لدرجة قد تكافئ من يفعله ، وهذا له بُعْدٌ خطير يجب أن يتنبه له كل علماء الأمة وقادتها من خلال وقوفهم على الضابطة التي من خلالها نعرف متى يجهر الشيعة بتكفير المسلمين ومتى يخفونه ، والتي تجلت بحالتي التمكين والاستضعاف فمتى ما تمكنوا سيعلنوا تكفير الصحابة وسائر المسلمين كما فعله أكابر علمائهم في ظل الدولة الصفوية ، وإن كانوا في استضعاف في البلدان التي يعيشون فيها فسيخفونه حتماً ، وهذا نذير شؤم ينتظر الأمة الإسلامية في كل مكان سيتمكنون فيه.وعليه فمن الخطأ والسذاجة أن نظن تراجعهم عن التكفير - ذلك الأمر البديهي في مذهبهم ومن أهم ثوابته- بمجرد عدم تصريحهم به ، لأنهم بانتظار التمكين الذي يبيح له ذلك سواء تحقق لهم عن طريق حكومة يديرها علماؤهم أو عن طريق إمامهم الثاني عشر الذي سيجعل ساحة الأمة الإسلامية مسرحاً للدماء بذبح المسلمين من غير الشيعة ، كما اعترف بذلك علامتهم وفقيههم ومحققهم محمد جواد العاملي حين كشف عن تلك الوثيقة الدموية باستحلالهم لدماء المسلمين وأموالهم حال التمكين وزوال خوف التقية والاستضعاف وذلك في معرض مناقشته لتلك القضية في أهم كتب الفقه المعتمدة في مذهبهم ، فقال في كتابه ( مفتاح الكرامة ) ( 12 / 215 ) :[ ثم إنا قد نقول بحليتهما عند الأمن وعدم التقية] .
وهكذا تبين لنا - من خلال المحاور الثلاثة - أن علماء الشيعة يجتمعون على معتقد واحد هو تكفير الخلفاء الراشدين وبغضهم ولعنهم ، إلا أنهم يتقاسمون الأدوار في قضية إعلانه أو كتمانه بحسب الظروف وتقدير المصلحة والمفسدة المترتبة على ذلك.
ومن هنا جاء عنوان مقالي:
علماء الشيعة ... تنوع أدوار ووحدة معتقد
ملاحظة: معظم مادة هذا البحث مأخوذة من كتاب لي بعنوان ( آفات تجهض الحوارات ) والذي سيطبع قريباً بمشيئة الله تعالى وتوفيقه. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق