من خلال حوار مع منكر للسنة الذي كان يلقي الشبهات و الطعن في السنة النبوية ويفسر القرآن على هواه
من دون اساس علمي فهو جاهل في علوم اللغة العربية و اسباب النزول والتفاسير و الحديث حين نسالهم ما هي ادواتكم العلمية لفهم القرآن يجبيب احدهم انه يعتمد على عقله وفهمه الشخصي و حين نرد عليه انه لكي تفهم القرآن يجب ان تكون لديك خلفية علمية دينية تؤهلك لفهم القرآن فيرد و يقول ان الدين ليس علم و لا يحتاج متخصص و هذا غير صحيح لان الدين علم حين حرض القرآن الي الرجوع الي اهل الذكر العلماء و حين تحدث عن معرفة علماء اهل الكتاب قوله تعالى : أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل الشعراء 197 قال مجاهد : يعني عبد الله بن سلام وسلمان وغيرهما ممن أسلم . وقال ابن عباس : بعث أهل مكة إلى اليهود وهم بالمدينة يسألونهم عن محمد عليه السلام ، فقالوا : إن هذا لزمانه ، وإنا لنجد في التوراة نعته وصفته . فيرجع لفظ " العلماء " إلى كل من كان له علم بكتبهم أسلم أو لم يسلم على هذا القول . وإنما صارت شهادة أهل الكتاب حجة على المشركين ; لأنهم كانوا يرجعون في أشياء من أمور الدين إلى أهل الكتاب ; لأنهم مظنون بهم علم علما اننا نرى في حالة المرض نراجع الطبيب و في حالة النية لبناء بيت نرجع الي المهندس بينما يرى منكر السنة يرى ان الدين لا يحتاج الي متخصص علما ان الدين هو اولى العلوم بالتخصص حتى يستطيع طالب العلم ان يدرس القرآن فيجب ان تكون لديه معرفة علوم اللغة و التفاسير و اسباب النزول والحديث بل حتى يقراءه بصورة صحيحة حتى يفهم القرآن ويفسره بناء على قواعد علمية اضافة الي التجويد للقراءة الصحيحة للقرآن و لكي نرد على هذا الجاهل منكر السنة ان علوم الدين كثيرة تحتاج من طالب العلم المتخصص الكثير من الجهد والدراسة سانقل من خلال هذا الموضوع مقالات متنوعة تلقى الصوء على بعض علوم الدين التي هي بحر واسع يتطلب من طالب العلم الكثير من الدراسة والبحث على ايدي العلماء |
تعريفات العلم
يَحملُ تعريف العِلم (بكسر العين) في اللّغة العربية اختلافًا كبيرًا بين معان عديدة ومصادر مختلفة: العِلم كمرادف للمعرفة، أي إدراك الشيء بحقيقته، ونقيضه الجهل. فيقال "فلان على عِلْمٍ بالأمر أي يَعرفُه". وفي قول الله {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} (النجم 35). وتنسب المعرفة عادةً، في بعض السياقات، للإدراك الجزئي أو البسيط لا للمفاهيم الكّلية والمركبة فيقال "عَرفتُ الله" ولا يقال "عَلمتُ الله".[6]. العِلم كمرادف أو كمرتبة لليقين ونقيض للشّك والظن، ويظهر هذا المعنى في القرآن الكريم في العديد من الآيات مثل قول الله تعالي في كتابه العزيز {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ} (البقرة 144) و{كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمْ} (التكاثر 6،5) ويقال "اليقين هو بلوغ الإيمان في القلب لمرتبة العِلم والمعرفة التامة وتُنافي الشّك والريب عنها" [7]. العِلم ويُراد به في الحضارة الإسلامية العِلم الشرعي اقتصارًا دون العِلم الدُنيوي [8][9]. ويطلق لفظ العَالِم على الفقيه والمجتهد في الشريعة وأصول العقيدة الإسلامية، ويقول رسول الله {إن العُلَماء ورَثةُ الأنبياَء، إن الأنبياَء لم يورثُوا درهمًا ولا دينارًا وإنما ورثُوا العِلمَ فمَن أخذه أخذ بحظٍ وافرٍ} (أخرجه أبو داود). وقد جاء فضل العِلم والثّناء على أهله في الكثير من سور القرآن الكريم، مثل قول القرآن {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} (المجادلة 11) و{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَاب} (الزمر 11). وكذلك في الأحديث النبوية التي تحض على طلب العلم والعمل به وتبليغه، ومنها عن أبي أمامة حين قال: سمعت رسول الله يقول{فَضلُ العَالِم على العَابِد كفضلِي على أدناكُم} ثم قال {إن اللَّه وملائكتهُ وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جُحرها وحتى الحوت لَيصلُون على مُعَلِمي النّاس الخير} (أخرجه أبو داود) [10]. وينقسم العِلم الشرعي على قسمين: الأول فرض عين، أي ما يلزم المسلم معرفته عن أمور دينه مثل أحكام الحلال والحرام، والثاني فرض كفاية، بحيث يكون واجبا على جمع من الأمة ويحصل بهم القيام بهذا الواجب [11]. وفي القرآن الكريم، ويُراد به كل ما بني منطقيا على معطيات الحواس ولا فرق في ذلك بين علوم دينية أو طبيعية أو منطقية،قال تعالى:"وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا{36} " الإسراء17، وهذا دال على أن الحواس والمنطق مسئولون عن تكوين العلم في النفس [12]، ينتج عن التأمل والتفكر والتعقل في الطبيعة وقوانينها ويدعو من خلال ذلك إلى الإيمان باللّه. ويتجلى ذلك في العَديد من الآيات ومنها قَولُه تعالى {أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)} (فاطر) و{قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (العنكبوت 20)... قال الله (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) العِلم، بتعريفه الحديث، يطلق في الآن نفسه على الطريقة التفكير العلمية (مشاهدة، فرضية، تجربة، صياغة) والمنظومة الفكرية التي تنتج عنها وتشتمل على مجموعة الفرضيات والنظريات والقوانين والاكتشافات المتسقة والمتناسقة التي تصف الطبيعة وتسعى لبلوغ حقيقة الأشياء [13]. والكلمة المقابلة للعِلم، بهذا التعريف، في الإنجليزية هي "ساينس" Science (مشتقة من كلمة scientia اللاتينية وتعني المَعرِفة Knowledge) وتحمل أيضًا نفس المعنى. يقصي هذا التعريف كل ظاهرة غير قابلة للمشاهدة وكل فرضية لا يمكن اختيارها بالتجربة لإثباتها أو تفنيدها. ويعتبر بعضهم أن الرياضيات، رغم أهميتها للعِلم، غير مشمولة في هذا التعريف لأنها لا تتطلب المشاهدة، وتتخذ بدهيات ومسلمات، وتتعامل مع كائنات المجردة غير قابلة للتثبت عن طريق التجربة [14]. وكما تستعمل الرياضيات كوسيلة أو أدات لدراسة قوانين الكون و ============= الرد على منكر للسنة انه يعتمد على عقله و نفسه و ليس بحاجة الي احد يفسر له الدين حض القرآن الكريم سؤال اهل الذكر من العلماء قال تعالى فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ / النحل43 قال تعالى أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ / الشعراء 197 رد على منكر للسنة انه يعتمد على نفسه و ليس بحاجة الي احد يفسر له الدين http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?p=1668417 ماهي العلوم الدينية العلوم التي استقت من القرآن او السنه -علوم اللغة العربية - علوم القرآن و التفسير العلوم الدينيه: -العلوم القرانيه: علم القراءات,علم التفسير -الحديث النبوي:علم الحديث,علم دراسة المتن,علم رواية الحديث, علم الجرح والتعديل -علم الفقه:تعدد المذاهب الفقهية -علم الكلام ============= - الرياضيات لحساب المواريث قال شيخنا المبارك أبو عبد الله مصطفى بن العدوي - حفظه الله -) في تفسيره على سوررة النساء: "لقد تكفل الله سبحانه وتعالى بقسمة التركات بنفسه، وما ذلك إلا لأنالإنسان شحيح بطبعه، فعندما تكون القسمة من الله تعالى يكون هناك الرضاالتام، وعلم المواريث له أحكام عدة تحتاج إلى تفهم وإلى تدبر، لذا يجب تعلم علم الفرائض؛ حتى لا تضيع الحقوق، والوجوب على العموم لا على الأعيان، فإذا تعلمه البعض سقط عن الآخرين." وقال في موضع آخر في السورة ذاتها: " آيات الفرائض أو علم الفرائض علم دقيق، ولقد اهتم الصحابة رضي الله عنهم بإسناد الفصل في هذا العلم إلى زيد بن ثابت الذي كانبارعا بالحساب ،وهذاأمر وإن لم يذكره به أحد ، إلا أن الأعمال التي أسندت إليه والتي تحتاجإلى براعة في الحساب تدل على ذلك ، من ذلك تفوقه في علم الفرائض - المواريث - وهو علم يستند على الحساب ، وإسناد رسول الله صلى الله عليهوسلم قسمة الغنائم إليه أكثر من مرة ، ومساعدته عمر بن الخطاب في تدوينالدواوين ، وقيامه بأمانة بيتا مال المسلمين في عهد عثمان ، و لن نطيل في ذكر أقوال العلماء في الثناء على علم زيدبن ثابت رضي الله عنه بعد أن أثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : « أفرض أمتي زيد بن ثابت » . المنهج الأسلم لتعلم المواريث فعليك أن تتبع الخطوات الذهبية وهي عشر للمبتدئ لضبط علم المواريث وهي : الدرس الأول : الحقوق المتعلقة بالتركة الدرس الثاني : الإرث : تعريفه ،أسبابه ،أركانه وشروطه الدرس الثالث :طرق الإرث وأنواع الورثة الدرس الرابع : الفروض وأصحابها وأدلتها الدرس الخامس : التعصيب وأنواعه الدرس السادس : مفهوم الحجب وأقسامه الدرس السابع:تأصيل الفريضة الدرس الثامن : العول الدرسالتاسع : تصحيح الفريضة الدرس العاشر :تقسيم حظوظ الورثة بالإضافة إلى ما تقدم، فإن من أول ما يجب أن تقوم به : أولا: حفظ الآيات المتعلقة بالمواريث. ثانيا: فهم وتدبر الآيات المتعلقة بالمواريث فهما دقيقا. ثالثا: حفظ متن الرحبية حفظا جيدا. رابعا: فهم متن الرحبية فهما جيدا.. لأن البداية بالنظم قبل الفهم مضيعة للوقت وهدر للجهذ في مادة المواريث خصوصا بخلاف باقي العلوم. وفوق كل ذلك لابد من شيخ تأخذ عنه فإن الأخذ عنهم مظنة التوفيق من الله تعالى. وما أبرع الشيخ العلامة ابن عثيمين في ملخصه الميسر (تلخيص فقه الفرائض) وقبل أن أبدأ، أحب أن أن أشير إلى أن انطلاقي في هذه السلسلة المباركة بإذن الله إنما هو من قبيل التعلم لا التعليم ولما كنت في مقام النقل فإني أسأل الله تعالى أن ييسر لنا البلاغ عنه وعن أهل السنة رحمهم الله تعالى (أبو أنس) ونقلة ( ابوغيث الرفاعي ) عفا الله عنه وعنكم آمين نفى تعالى التسوية بينهم وبين غيرهم بقوله {قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }. فهم أرقى الناس منزلة في الدنيا قبل الآخرة { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } . العالم هو الذي يتعلم العلم ويعلمه ويكون علم نافع يهدي صاحبه من الظلمات الى النور فالعلوم الأخرى لا بد منها فهي تكمل العلوم الدينية فمثلًا علم الرياضيات يدخل في المواريث و الفلك في معرفة مواعيد الحج والصيام وهناك كتب مشهور عنوانه احياء علوم الدين شهادة عالم التاريخ النصراني أسد رستم الذي استخدم منهج علم الحديث في مجال بحثه http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=137440 |
التعريف ببعض علوم الإسلام - مقدمة
أحمد سعد الدين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الذي خلق القلم وعلم به، وأنزل القرآن فتفجرت منه ينابيع المعرفة وخلق الإنسان ثم أكرمه بتعلم البيان.. كيف لا وهو القائل سبحان {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان }(الرحمن /1ـ4). أفضل صلاة صليت على مخلوق على سيدنا محمد بن عبد الله رسول الله النبي الأمي ، الذي علمه الله من علمه { وعلمك ما لم تكن تعلم.. وكان فضل الله عليك عظيماً }(النساء/113) وجعله معلماً لمن بُعث إليه من الخلق أجمعين { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين }(الجمعة/2) ، اللهم يسر وأعن يا كريم. لعلوم وسبق المسلمين فيها: أما بعد: فإن من الحقائق الثابتة والأمور المسلّم بها :أن الإسلام هو دين العلم والمعرفة ، وأنه اهتم بالعلوم كلها ـ سواء كانت علوماً شرعية أو كونية، نظرية أو تجريبية ـ اهتماماً شديداً، إما بدعوته إلى القراءة مفتاح التعلم، أو برفعه مكانة الذين يعلمون فوق الذين لا يعلمون، أو باحترامه وتقديره للقلم والكتاب آلة العلم ووسيلة تدوينه ووعائه أو بلفت الأنظار إلى كثير من الحقائق العلمية المعلومة للإنسان حينها أو المجهولة، أو بدعوة البشر إلى التفكر والتدبر والتنقل بين بقاع الأرض والسفر، والغوص في أعماق النفس وأصل خلق البشر، واستخراج خيرات الأرض والبحر، وتتبع منازل الشمس والقمر، وتقلبات الليل والنهار، واختلاف الأحوال والطباع في الإنسان والحيوان، وغير هذا وذاك من دلائل الاهتمام بالمعرفة وبراهين الاحتفاء بها. نعم لقد فتح الإسلام باب العلوم، ودعا المسلمين إلى الدخول فيه أفواجاً، ونصب لهم ميدان التنافس فيه واسعاً، وزرع في نفوسهم حب السبق فيه والابتكار، وادخر لهم في الآخرة بسببه خيراً كثيراً. لذلك فليس من العجب أن يكون لأمة الإسلام في مضمار العلم سجل ناصع مشرف، وأن تحوز قصب السبق في كل فن، وأن يسجل التاريخ بكل افتخار أن المسلمين كانوا أكثر أهل الأرض قراءة وكتابة وتعلماً وتعليماً وتأليفاً وتدويناً وابتكاراً واختراعاً وتحقيقاً وتدقيقاً. كما أنه ليس من العجب أن نرى كثيراً من العلوم والمعارف والفنون عاشت في كنف الإسلام والمسلمين: نبتت بذورها في أرضهم ابتداءاً، ورعتها أكف علمائهم دائماً، واتشحت بحللهم أبداً. وكذلك أيضاً فليس من العجب أن نعلم أن المسلمين تلقوا علوم من سبقهم من يونان وفرس وهنود ورومان فهضموها هضماً جيدا،ً ونقحوها تنقيح خبير عليم، ونقدوها نقد بصير واع، ونقلوها وترجموها إلى لغتهم العربية نقل أمين مقتدر. إن هذا كله يعلمه من له أدنى اهتمام بتاريخ العلوم عند المسلمين. قد بقي مشعل الحضارة في أيدي المسلمين حقبة طويلة من الزمن، كان العالم خلالها يلهث وراء ذلك المشعل ليستضيء ويهتدي بشعاعه، وكان لزاماً عليه أن يتزلف أكثر فأكثر إلى المسلمين حملة المشعل، وأن يتعلم على أيديهم وفي ديارهم وبطريقتهم، وأن يتقن لغتهم، وأن يدرس نظرياتهم، وأن يوقر علماءهم ومدارسهم، بل وأن يَدْخل في دينهم دين العلم والمعرفة. لا خيار للعالم سوى ذلك. هذا وإن الأيادي البيضاء للمسلمين على العلوم، والجهود المضنية لهم في خدمتها وتطويرها، وعشرات الآلاف من العلماء ومئات الألوف من ساعات البحث والدراسة هي التي أخرجت لنا كنوز المكتبة الإسلامية التي لا تقدر بثمن. بل أجزم يقيناً أن ما على الأرض كله من متاع، وما في باطنها من ثروة لا يعدل قيمة العلم المكنون والجهد المبذول في تلك التحف الرائعة والنفائس الغالية والمراجع الغالية. إن تلك الكنوز التي تملأ خزائن المكتبات العامة، أو تقع تحت ملك بعض المهتمين ،أو امتدت إليها أيدي المستشرقين المشبوهة حتى تفرق شملها بين مكتبات الشرق والغرب، لهي بعض ما سلم لنا من تراث الأجداد ومداد السلف مما لم تستطع نكبات الحروب وأهوالها، وتقادم السنين وآفاتها، وإهمال الأجيال ونزواتها أن تقضى عليه... بعد أن قضت تلك العوامل على أعداد هائلة أخرى غيره. هي بلا شك أكثر وأكثر. فأية أمة هي تلك التي كادت أن تجف مياه دجلة قبل أن ينمحي مداد كتبها، وأي دين هو ذلك الدين الذي ترك بصماته على العلوم كلها بلا استثناء وكم بلغت تلك العلوم التي كتب فيها المسلمون وأجادوا ؟ أهي ستون علماً كما أوردها الإمام فخر الدين الرازي في كتابه الأنوار في حقائق الأسرار؟ أم هي مائة علم كما سردها الشيخ عبد الرحمن بن محمد البسطامي؟ أم هي خمسمائة علم كما جمعها الشيخ عصام الدين أحمد بن مصطفى المعروف بـ ( طاشكبرى زاده) في كتابه: مفتاح السعادة ومصباح السيادة ؟ أم هي أكثر من ذلك بما لا يقع تحت حصر.. ولولا أن الأمر جد، وأدلته حاضرة ناطقة، لقلنا إن في الأمر مبالغةً وفي التقدير شَطَطاً. ولكنها الحقيقة كالشمس في رابعة النهار، لا تخفي على ذي عينين. وليس هذا بكثير على أمة اتخذت العلم لها ديناً وديدنا، وعبادة وعملاً،وسلوة وسلواناً. حتى أخرجت للعالم أصنافاً جديدة من العلم لاعهد له بها من قبل، بل وأشكالاً مبدعة غريبة معجزة من صور الكتابة وتنسيق الكلام والتصرف بالأحرف والكلمات، فهذا مثلاً كتاب " الشرف الوافي " وهو من أعجب الكتب، يتكلم في علوم الفقه والعروض والتاريخ والنحو والقوافي دفعة واحدة في آن واحد، كأنه إنسان بخمسة ألسن: فإذا قرأته قراءة عادية من أول السطر إلى آخره أفادك علماً وإذا قرأت أول كلمة من السطر الأول، ثم أول كلمة من أول السطر الثاني، وتابعت هكذا في الأسطر الأخرى أفادك علماً آخر، وإذا قرأت من آخر السطرالأول ثم من آخر السطر الثاني كلماته الأخيرة أفادك علماً ثالثاً، وثمة طريقة أخرى تستخرج بها علماً رابعاً وخامساً. ومن لا يصدق هذا فالكتاب مطبوع متداول معروف، ويمكن الرجوع إليه بسهولة... إن طريقته في الكتابة والتأليف تكاد تكون معجزة لغوية ناطقة. بل إن عالماً آخر هو الشيخ محمد أمين بن صدر الدين الشرواني المتوفى سنة ست وثلاثين وألف للهجرة جمع كتاباً للسلطان أحمد العثماني أورد فيه ثلاثة وخمسين علماً من أنواع العلوم العقلية والنقلية سماه (الفوائد الخاقانية الأحمدية الخانية) ورتبه ـ وهنا بيت القصيد ـ على مقدمة وميمنة وميسرة وساقة وقلب، على نحو ترتيب جيش السلطان. المقدمة في ماهية العلم وتقسيمه.. والقلب في العلوم الشرعية.. والميمنة في العلوم الأدبية والميسرة في العلوم العقلية ـ وقد أورد منها ثلاثين علماًـ والساقة في آداب الملوك. وإنما اقتصر على ذلك العدد ليكون موافقاً لعدد (أحمد)، وهو اسم السلطان على حسب حساب أبجد. ============== نظرة كلية جامعة للعلوم. لاشك بأن العلوم التي حوتها الحضارة الإسلامية كانت كثيرة جداً في أعدادها، متنوعة تنوعاً عظيماً في مواضيعها ومتعلقاتها، متفرعة إلى فروع عديدة وشعب شتى.. ومن هنا كان من الضروري أن نضع تصوراً جامعاً شاملاً حاصراً لتلك العلوم ومواضيعها وفروعها، قبل أن نخوض فيما نحن بصدده من الحديث عن العلوم الإسلامية ذات الصلة بالدين من قريب أو بعيد. ولعل أفضل من صور لنا تلك العلوم جملة الشيخُ الأزنيقي تلميذُ موسى بن محمودٍ الرومي، الشهير بقاضي زاده. فللأزنيقي هذا كتاب رفيع المنزلة أسماه (مدينة العلوم) رتبه على: مقدمة، وطرفين، وخاتمة، وذكر في المقدمة حصر العلوم على الإجمال في أصول سبعة، وتكلم في الكتاب على سبع دوحات ( والدوحة هي الشجرة المعروفة بكثرة أغصانها وفروعها وأوراقها) وكل واحدة من تلك الدوحات السبع في بيان أصل من الأصول السبعة، ثم ذكر في كل دوحة منها شعباً لبيان الفروع.. وذلك لتقريب الصورة إلى أذهان القارئ بعد تشبيه كل مجموعة من العلوم بشجرة وفروعها وأغصانها. ولنا هنا أن نستعرض جملة تلك العلوم من دوحاتها حسب تصنيف الأزنيقي. فالدوحة الأولى: في بيان العلوم الخطية، ولها شعبتان: فالشعبة الأولى مثلاً تتعلق بكيفية صناعة الخط، وذكر فيها علم أدوات الخط، وعلم قوانين الكتابة، وعلم تحسين الحروف، وعلم إملاء الخط العربي، وعلم خط المصحف وغير ذلك. والدوحة الثانية: في علوم تتعلق بالألفاظ، وهي التي تسمى بالعلوم الأدبية والعربية، وفيها ثلاث شعب. الأولى: تتعلق بالمفردات، والثانية: تتعلق بالمركبات، والثالثة: بفروعها. وعلى سبيل المثال أورد الأزنيقي في شعبة المفردات علم مخارج الحروف، وعلم اللغة، وعلم الوضع، وعلم الاشتقاق، وعلم الصرف، وعلم النحو، وعلم المعاني، وعلم قرض الشعر، وعلم الإنشاء، وعلم التاريخ، وألحق بها علوماً شرعية كثيرة مثل: علم المغازي والسير، وعلم الطبقات، وعلم الأمثال. وأما الدوحة الثالثة: أي المجموعة الثالثة من العلوم ففيها شعبتان، الأولى: في العلوم الآلية التي تعصم عن الخطأ في الكسب، ومنها علم المنطق. والشعبة الثانية: في علوم تعصم عن الخطأ في المناظرة والدرس، مثل علم الجدل، وعلم النظر، وعلم الخلاف، وعلم آداب الدرس. وأما الدوحة الرابعة: فمجموعة العلوم فيها تتعلق بالأعيان، وهذا قسمان: الأول: ما يُبحث فيه بمجرد الرأي ومقتضى العقل فقط، وهو العلوم الحكمية الباحثة عن أحوال الموجودات الخارجية بحسب الطاقة البشرية. والقسم الثاني: ما يُبحث فيه على قواعد الشرع وعلى تسليم المدعى وأخذه من الشرع وهو علم أصول الدين.. وقد جعل شعب ذلك تسعاً، الشعبة الأولى: في العلم الإلهي. والثانية: في فروع العلم الإلهي من مثل علم أمارات النبوة، وعلم معرفة النفوس البشرية، والثالثة: في العلم الطبعي من مثل علم الطب، وعلم البيطرة، وعلم الفراسة، وعلم أحكام النجوم، وعلم الطلسمات، وعلم الكيمياء، وعلم الفلاحة، والرابعة: في فروع العلم الطبعي كعلم النبات، وعلم الحيوان، وعلم المعادن، وعلم الجو، وعلم قوس قزح. والخامسة من شعب هذه الدوحة الرابعة تكلم فيها عن مثل علم التشريح، وعلم الصيدلة، وعلم تركيب أنواع المواد، وعلم الفصد، وعلم المقادير والأوزان. وفي الشعبة السادسة: تكلم عن فروع علم الهندسة مثل علم عقود الأبنية، وعلم المرايا المحرقة، وعلم مراكز الأثقال وجرها، وعلم المساحة، وعلم إنباط المياه، وعلم الآلات الحربية، وعلم الملاحة والسباحة، وعلم الأوزان والموازين. وفي الشعبة السابعة: عدد الأزنيقي علوم الهيئة مما يتعلق بالتقاويم والمواقيت والجغرافيا ووضع الإسطرلاب وآلات الساعة ووضع ربع الدائرة. وفي الشعبة الثامنة: تكلم عن علوم العدد كالحساب والجبر وحساب العقود والتخت والميل. وفي الشعبة التاسعة: تكلم عن فروع علم الموسيقى وما يتعلق بها. وأما الدوحة الخامسة: ففي العلوم التي تنتظم تحت معنى الحكمة العملية وشعبها أربعةُ شعب: الأولى في علم الأخلاق، والثانية في تدبير المنزل، والثالثة في علم السياسة، والرابعة في فروع ذلك كعلم آداب الملوك وآداب الوزارة ( أي البرتوكول) وعلم الاحتساب (أي الحسبة الشرعية) وعلم قود العساكر. وأما الدوحة السادسة: فهي تشتمل على العلوم الشرعية. وشعبها: علم القراءة، وعلم رواية الحديث، وعلم تفسير القرآن، وعلم دراية الحديث (أي فقهه) وعلم أصول الدين المسمى بالكلام، وعلم أصول الفقه، وعلم الفقه، ثم بحث بعد ذلك في فروع العلوم الشرعية تلك كلاً على انفراد. وانتقل أخيراً ـ في الدوحة السابعة ـ إلى الحديث عن علومٍ تتعلق بالأعمال، وسماها علوم التصفية أي تصفية النفس من الشوائب والرذائل. والمعرفة فيها على نوعين: معرفة بطريق النظر وهي لا تكمل إلا بالعمل، ومعرفة بطريق العمل. وعدَّ من ذلك العلوم المتعلقة بأسرار العبادات، والعلوم المتعلقة بالعادات، والعلوم المتعلقة بالأخلاق المهلكة كالعجب والغضب وآفات الغرور، والعلوم المتعلقة بالمنجيات كعلم آداب التوبة وعلم فوائد الصبر وعلم المحبة وعلم الرجاء والخوف. المساحة الواسعة التي شملتها المعرفة الإسلامية: ولئن كنا أطلنا في سرد تلك المجموعات من العلوم وفروعها المشبهة بدوحات الشجر وأغصانها، فما ذلك إلا ليقف المسلم على اتساع رقعة المساحة التي غطتها العلوم في الحضارة الإسلامية وتعدد مواضيعها وكثرة أبوابها ومفاتيحها. ملاحظات مهمة في البداية: على أننا نحتاج قبل أن ننهي مقدمتنا هذه إلى توضيح أمور مهمة هي: أولا: مما لاشك فيه أن كثيراً من تلك العلوم قد اندرست واختفت لأسباب عدة إما لكونها علوماً نظرية بحتة، أو لاختفاء كتبها وتلفها، أو لانشغال الناس عنها بعلوم أخرى حلت محلها في هذا الزمن المتغير. ثانياً: أن الزمن المعاصر والتقدم العلمي الذي يشهده قد ألغى اعتبار بعض تلك العلوم المعتبرة سابقاً، إما لثبوت خطئها، أو لتغير أسسها بعد الاكتشافات المعاصرة، أو لظهور أوضاع اجتماعية حديثة تختلف كلياً عن الأوضاع الماضية مما صرف الناس عن كثير مما كانوا يهتمون به قبلاً. ثالثاً: إن بعض تلك العلوم قد لا يعتبر علماً بالمعنى الفني الدقيق لكلمة علم، فقد قال العامري مثلاً في تعريف (العلم) بأنه الإحاطة بالشيء على ما هو عليه من غير خطأ ولا زلل،وقال آخرون بأن العلم هو اعتقاد الشيء على ما هو به عن دليل.. فأين هذا من بعض التخليط والتخمين، وما لا يعتمد على دليل ولا تجربة ولا برهان. رابعاً: إن العلوم الشرعية لقيت من الحفاوة والاهتمام، والبحث والتنقيب، والتقييد والتفريع، والتعليم والتعلم، والكتابة والحفظ، ما لم تلقه العلوم الكونية أو الطبيعية الأخرى، وذلك لشدة حرص الأمة الإسلامية على دينها، واعتبارها أن العلوم الشرعية علوم ملحقة بالرسالة، ومهمة لشرح القرآن الكريم، وضرورية لضبط السنة الشريفة، ومبينة لمراد الله من خلقه، وحافظة للدين إلى يوم الدين. يقول ابن خلدون رحمه الله في مقدمته (ص718) ثم إن هذه العلوم الشرعية النقلية قد نفقت أسواقها في هذه الملة بما لا مزيد عليه، وانتهت فيها مدارك الناظرين إلى الغاية التي لا شيء فوقها، وهُذّبت الاصطلاحات ورُتبت الفنون، فجاءت من وراء الغاية في الحسن والتنميق، وكان لكل فن رجال يرجع إليهم فيه، وأوضاع يستفاد منها في التعليم. ويكفي أن نعلم أن كل تكريم وتشريف ورفع لمقام أهل العلم وتنويه بفضلهم، مما ورد في القرآن الكريم أو السنة النبوية يتناول ـ أول ما يتناول ـ أهل العلم الشرعي على وجه الخصوص، قبل أن يتناول ـ بكل تأكيد ـ أهل سائر العلوم على وجه العموم - وهذا ما لا جدل فيه. |
سابعاً: علم أصول الفقه يقف المرء أمام الفقه الإسلامي ـ وهو أعظم تنظيم ديني ودنيوي معاً للحياة البشرية ـ وقفة إعجاب وإكبار من حيث سعته وشموله ودقته وإحكامه وعدله وإنسانيته. وأول تساؤل يطرح نفسه في مثل هذا الموقف هو كيف تم مثل هذا البناء الشامخ وعلى أية أسس قام؟ وكيف كان ضبط كل تلك الفروع وما هي أصولها ومراجعها ووسائلها.. إن هذا التساؤل يشبه تساؤل إنسان أعجب غاية الإعجاب بنظام أو صنعة أو اختراع، فقام يتساءل عن وسائلها وطرائقها ونظرياتها وقواعدها. تعريف علم أصول الفقه وتفرد المسلمين به: وعلم أصول الفقه هو ـ كما يعرفه الأصوليون ـ النظر في الأدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها الأحكام والتكاليف، أو هو علم يتعرف منه استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها الإجمالية اليقينية، أو هو ـ كما يعرفه القاضي البيضاوي أحد أئمته ـ: معرفة دلائل الفقه إجمالاً وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد .. وهذه التعاريف بمجموعها تمثل الإجابة على تساؤل المرء: كيف بني الفقه وشيد. وإذا ذهبنا نعدد مآثر أمة الإسلام وفضائلها، فلن نجد بدّاً من التنويه بهذا العلم الذي تفردت به أمتنا الإسلامية من دون سائر الأمم السابقة، بل واللاحقة أيضاً، فلم يكن لغيرها أبداً علم مستقل كعلم أصول الفقه في تكامله ودقته تستطيع به ضبط قوانينها ودساتيرها... قال ابن خلدون في مقدمته (واعلم أن هذا الفن ـ يقصد علم أصول الفقه ـ من الفنون المستحدثة في الملة). بواعث استحداث علم أصول الفقه: أما بواعث استحداث هذا العلم عند المسلمين فقد كانت عديدة متنوعة لكنها كلها طيبة جليلة، فمنها: 1) المحافظة على الشريعة الإسلامية : لأن علم أصول الفقه صان أدلة التشريع حتى لا يتجاوزها الناس، كما حفظ للأحكام الشرعية حججها ومستنداتها، كما وضح المصادر الأصلية والفرعية للتشريع حتى تحتفظ الشريعة بقواعدها، مع مرونة كافية لتلبية حاجات المجتمع المسلم فيما يستجد من حوادث. 2) ومن بواعث علم الأصول أن يمتثل المسلمون للأوامر الشرعية التي تدعوهم للتفكر والتدبر في القرآن، ونقله نصاً وروحاً للبشرية جمعاء، ومن هنا جاء جهد العلماء في إخراج أحكام الكتاب والسنة إلى حيز التطبيق والتنفيذ. 3) ومن أهم البواعث على الاهتمام بعلم الأصول الرغبة القوية التي تولدت لدى الأمة للجمع بين مدرستي ومنهجي أهل الحديث وأهل الرأي. فقلد رأينا ونحن نستعرض نشأة علم الفقه أن العصر الأول شهد نشوء هاتين المدرستين في الحجاز والعراق، وقد تولد في أحيان كثيرة نزاع شديد بين بعض أتباعهما واتهامات خطيرة متبادلة فكان علم أصول الفقه ضرورة ملحة للجم الخلاف، ولمّ الصف، وتحديد مسار استنباط الأحكام ضمن قواعد ثابتة متفق عليها، ترد على كل متجاوز، وتهدي كل باحث عن الحقيقة. 4) وآخر ما نذكر من أسباب نشوء علم الأصول الحاجة إلى دراسة الاختلاف بين الأئمة والمجتهدين والفقهاء، وسبب تعدد آرائهم حيناً وتباينها أحياناً، وللاطلاع على الخلاف المقبول الذي يعتبر توسعة في الدين ورحمة، والخلاف المنبوذ المبني على الهوى والتعصب والتشهي. هذا من ناحية البواعث الداعية إلى ذلك العلم. موضوعات علم أصول الفقه: أما موضوع بحثه فإنه ينحصر في الأدلة الشرعية الكلية من حيث كيفية استنباط الأحكام الشرعية منها. وذلك على النحو التالي: 1) يبحث علم أصول الفقه في مصادر التشريع في الإسلام ، وهي الأصول التي يستقي منها كل مؤمن أحكام الدين. وهي قسمان: مصادر متفقُُ على العمل بها بين المسلمين كافة، وهي القرآن والسنة والإجماع والقياس وتسمى المصادر الأربعة الأساسية. ومصادر مختلف في العمل بها بين الفقهاء وهي: الاستحسان والمصلحة المرسلة وقول الصحابي وسد الذرائع والاستصحاب وشرع من قبلنا. ولكل من هذه المصادر المتفق عليها والمختلف فيها أبحاثُُ ومسائل وفروع وقواعد. 2) كما يبحث علم أصول الفقه في الأحكام الكلية التي تتولد أو تثبت بالأدلة السابقة. والأحكام الكلية الثابتة بالمصادر التشريعية نوعان: نوع يسمى بالأحكام التكليفية أي التي يخاطب بها الفرد المكلف : وهي خمسة الوجوب ويقابله الحرمة، والندب ويقابله الكراهة، ثم أخيراً الإباحة. فيقال مثلاً: الحكم التكليفي للصيام الوجوب، وللزنا الحرمة، ولصلاة النافلة الندب، وللتعرض للشبهات الكراهة، وللعادات الإباحة. أما النوع الثاني للأحكام الكلية فهو الأحكام الوضعية وهي متعلقة بالنوع الأول وهي السبب والشرط والركن والمانع والصحة والفساد والرخصة والعزيمة. 3) ويبحث علم أصول الفقه في موضوع الاجتهاد في الأحكام الشرعية، وشروط المجتهد وصفاته، كما يبحث في مسألة أخرى مقابلة لهذه وهي مسألة تقليد المجتهد وحكم ذلك، ومن هو المقلد، ومتى يجب عليه التقليد، ومتى لا يحل له ذلك؟ 4) كما يبحث أصول الفقه في تعارض الأدلة متى يكون ، وكيف يمكن الترجيح بينها؟ ومعرفة الدليل القوى والدليل الصحيح من جهة ثبوته أو دلالته، وهي مسائل غاية في الدقة تنقطع دونها أعناق الإبل. 5) ويبحث أصول الفقه كذلك في دلالات نصوص الكتاب والسنة، والتي تبين لنا كيفية اقتباس الأحكام الشرعية من النصوص الواردة وقواعد الاستنباط، فهناك دلالة بالنظم ودلالة بالفحوى ودلالة بالاقتضاء ودلالة بالضرورة، وهناك لفظ عام وهناك لفظ خاص، وهناك مطلق وهناك مقيد، فمتى يقيد المطلق ومتى يخصص العام ونحو ذلك. وعلم الأصول في مواضيعه تلك يستند كثيراً إلى علوم اللغة العربية التي بها نزل القرآن ونطق بها النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى علم التفسير والحديث والمنطق والخلاف وعلم الفروع الفقهية. الرواد الأوائل في علم الأصول: وأول من كتب في علم أصول الفقه الإمام الفذ أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، وقد دون فيه كتابه الشهير (الرسالة). وعلى يديه رحمه الله ولد ونشأ هذا العلم ولم يكن معروفاً من قبل ـ وإن كان واقعاً حقيقة ـ لأن السلف السابق من طبقة الصحابة والتابعين كانوا في غنية عنه، بما كانوا عليه من ملكة لسانية عربية فصيحة، يستخدمونها لاستخراج المعاني من الألفاظ، وبما تميزت به حياتهم من بساطة وبعد عن التعقيد، وانشغالهم بتثبيت أركان الدين والدعوة إليه. قال ابن خلدون: وكان أول من كتب فيه الشافعي رضي الله تعالى عنه أملى فيه رسالته المشهورة. ولكن الحقيقة أن للشافعي كتباً أخرى في الأصول أيضاً مثل (جُماع العلم) و(إبطال الاستحسان) و(اختلاف الحديث). طريقتا علماء الأصول: ومن بعد الإمام الشافعي توالى العلماء في التأليف في علم الأصول. متخذين لهم إحدى الطرق التالية: فأما طريقة الشافعية من أهل الأصول: فقد نهجوا على نهج رسالة الشافعي، واتخذوا أسلوب السؤال والجواب، وتقرير المسائل والتدليل عليها، وتقرير القواعد وتنقيحها، والنظر إلى الحقائق المجردة، ويكثر هؤلاء من قولهم: فإن قلت كذا قلنا كذا. وهي الطريقة المسماة (القنفلة). ومن كتب هذه الطريقة (البرهان) للجويني و(المستصفى) للغزالي و(المحصول) للرازي و(منهاج الوصول) للبيضاوي و(الإحكام في أصول الأحكام) للآمدي. وأما طريقة الحنفية من الفقهاء الأصوليين، فقد قامت على سرد مبادئ الأصول وقواعده بأسلوب متتابع، واستنباط القواعد الأصولية من مجموع الفروع الفقهية المتشابهة لتحويلها إلى قواعد كلية.. ومن أشهر ما كتبه الأحناف كتاب (الأصول) للإمام الكرخي و(الأصول) للجصاص الرازي، و(تقويم الأدلة) للدبوسي و(أصول السرخسي) و(أصول البزدوي) وشرحه (كشف الأسرار) لعلاء الدين البخاري. وأما المتأخرون من أهل أصول الفقه فقد اتخذوا لأنفسهم في التأليف طريقة جمعت بين الطريقتين السابقتين، بما فيهما من مزايا وخيرات، وتركوا ما يعتور الطريقتين من مآخذ، فهم يقعدون القاعدة والأصل، ويثبتون ذلك بالأدلة والبراهين، ثم يذكرون الفروع الفقهية التي تدخل تحته، ثم يذكرون الاستثناءات مع بيان السبب. وعلى هذه الطريقة نجد كتباً منها: (بديع النظام الجامع بين أصول البزدوي والإحكام) للآمدي ومؤلفه الساعاتي. وكتاب (تنقيح الأصول) لصدر الشريعة عبيد الله بن مسعود، وكتاب (مسلم الثبوت) لابن عبد الشكور، وكتاب (جمع الجوامع) للإمام تاج الدين السبكي، وكتاب (التحرير) لكمال الدين بن الهمام. ومثل هؤلاء فعل الشوكاني في (إرشاد الفحول) والخضري في (أصول الفقه) وخلاّف في (أصول الفقه). |
درء تعارض العقل والنقل لشيخ الاسلام ابن تيمية. وتجده هنا: http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=861 وباختصار: انه لا يوجد ابدا تعارض بين نقل صحيح وعقل صريح وانتبه لما لونته لك بالأحمر. فيجب ان يكون النقل صحيحا والعقل صريحا. وباختصار يكون ما ظاهره التناقد اما بنقل غير صحيح...او بنقل صحيح ولكن فهم بطريقة خاطئة...او بأن العقل او العلم في هذه الحالة هو الخاطيء...كمثل ان تكون فرضية او نظرية غير مثبتة فعلا...الخ. ========== من هو أول من وضع النقاط في المصحف؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فيقول الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9]. ومن مظاهر حفظ الله تعالى لكتابه أن هيأ له حفظة ضابطين وكتبة متقنين في كل عصر وفي كل مصر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تنزل عليه الآية يأمر أحد كتابه فيكتبها في موضع كذا من سورة كذا. ولم يكن في ذلك الوقت نقط ولا شكل للحروف، إلى أن جاء الخليفة الراشد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وفي ذلك الوقت انتشر الإسلام وكثر تابعوه من العجم وغيرهم وتفشى اللحن في لغة العرب، وكثر الخطأ في القرآن الكريم، فشكا أبو الأسود الدؤلي -أحد كبار التابعين من أصحاب علي رضي الله عنه- إلى علي رضي الله عنه هذه الظاهرة فعلمه مبادئ النحو، وقال له: الاسم ما دل على المسمى، والفعل ما دل على حركة المسمى، والحرف ما ليس هذا ولا ذاك، ثم انح على هذا النحو. ثم بعد ذلك وضع أبو الأسود الدؤلي نقطه كضبط للقرآن. ومن هنا نسب الضبط للتابعين، أما الرسم فهو توقيفي كتبه الصحابة بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرهم على ذلك. فكان أبو الأسود الدؤلي أول من وضع النقط للضبط فكان يضع النقطة أمام الحرف علامة على الضمة، والنقطة فوقه علامة على الفتحة، وإذا كانت تحته فهي للكسرة، واستمرت الكتابة على هذا إلى أن جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي فوضع ضبطاً أدق من ضبط أبي الأسود فجعل بدل النقط: ألفاً مبطوحة فوق الحرف علامة على الفتح، وتحته علامة على الكسر، وجعل رأس واو صغيرة علامة على الضمة. ثم جعل النقاط على الحروف لإعجامها وتمييزها فيما بينها. والخلاصة: أن أول من وضع النقط في المصحف هو أبو الأسود الدؤلي ولكنه للشكل والضبط .أما نقط الإعجام الذي بين أيدينا فأول من وضعه هو الخليل بن أحمد. والله أعلم. أبي الأسود الدؤلي أول من وضع النقاط في المصحف؟ http://www.islamweb.net/fatwa/index....twaId&Id=18675 النحو العربي قبل أبي الأسود الدؤلي http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145400 |
التعريف ببعض علوم الإسلام - علوم الحديث
أحمد سعد الدين رابعاً : علوم الحديث لم تهتم الأمة الإسلامية بشيء بعد اهتمامها بكتاب الله عز وجل كاهتمامها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسعيها في ذلك السعي العجيب الفذ.. فانطلاقاً من كون السنة النبوية الركن الثاني لهذا الدين العظيم، وما لذلك من آثار وخلفيات‘ فإن علماء المسلمين منذ السنوات الأولى لفجر الإسلام وعلى مر العصور واختلاف الدهور كان لهم في علوم السنة النبوية شغل شاغل وعمل علمي متواصل وتفرغ كامل. تارة يحفظون الحديث، وتارة يدونونه، وتارة يحضون الناس على تحمله، وتارة يقسمونه إلى أقسام بحسب مواضيعه أو بحسب مراتبه، وتارة يذبون الشبهات عنه، وتارة يكشفون أمر الوضاعين فيه، وتارة يبينون القواعد العامة والأصول التي يقبل بها الحديث أو يرد... وهكذا تولدت علوم جمة ومعارف كثيرة، حملتها صدور أولئك الرجال الأفذاذ، وسطرتها أقلامهم النشطة، وطوتها كتبهم النفيسة. ونحن عندما نقول ( علوم الحديث ) نعني بذلك كمّا كبيراً ضخماً من المؤلفات والمواضيع، ملأ من المكتبة الإسلامية الكبيرة مساحات واسعة، وكان بفضل الله سبحانه من فوائد هذه الأمة ومزاياها. تعريف علم الحديث رواية ودراية: وإذا أردنا بادئ ذي بدء تعريفاَ شاملاً لعلوم الحديث، نجد أنفسنا مضطرة إلى اتباع طريقة العلماء في تقسيم تلك العلوم إلى قسمين أساسين هما علم الحديث رواية، وعلم الحديث دراية. فأما علم الحديث رواية فهو: يشتمل على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها. وأما علم الحديث دراية ( وهو الذي يطلق عليه مصطلح الحديث ) فهو علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن. وأقدم من يمكن إضافة تأليف بعض المباحث في علم مصطلح الحديث إليه ـ كما قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في كتابه ( لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث ) ـ هو الإمام علي بن المديني المتوفى عام 234 وهو من أشهر أئمته.... كما يمكن أن يقال: إن الإمام الشافعي رحمه الله المتوفى عام 204هـ أول من دون بعض المباحث الحديثية في كتابه (الرسالة). لكن العصر الذهبي لتدوين السنة النبوية إنما كان القرن الثالث الهجري. أما القرن الرابع فهو عقد التآليف الجامعة التي لا تزال حتى الآن مراجع لا يستغنى عنها. وفيما بين القرن السابع والقرن العاشر كان دور النضج والاكتمال وبلوغ الغاية القصوى والتمام. سرد وبيان لعلوم الحديث: وإذا أردنا من جانب آخر أن نستقصي جملة علوم الحديث الشريف فلن نستغني عن تقسيمات العلماء الجامعة لذلك خاصة تقسيمات الأستاذ الدكتور نور الدين عتر في كتابه القيم: ( منهج النقد في علوم الحديث) فمن تلك التقسيمات: 1) علوم رواة الحديث: وهو ما يتعلق بالتعريف بحال الراوي ومرتبته وتعريف كل مرتبة أو وصف ومتى تقبل روايته ومتى ترد، حيث لقبول الرواية شروط ولردها شروط. كذلك وفي هذا القسم من علوم الحديث يتعرض العلماء للتعريف بالصحابة وبطبقات الثقات والضعفاء وغير ذلك. كما يتعرضون لتواريخ رواة الحديث وطبقاتهم وأسمائهم وكناهم وألقابهم، وفي تلك المباحث تفريعات كثيرة لا حصر لها.. ومن أهمها شروط العدالة ومسائلها، والجرح والتعديل وآدابه وكيفية قبول كل منهما وألفاظُهما وعدالة الصحابة وطبقاتهم . وقد ألف فيهم ابن عبد البر كتابه (الاستيعاب في أسماء الأصحاب) وابن الأثير كتابه ( أسد الغابة في معرفة الصحابة). وكذلك من مباحث علوم رواة الحديث: معرفة الثقات والضعفاء. وفيها كتب كثيرة منها كتاب (الثقات لابن حيان) وكتاب (تذكرة الحفاظ) للذهبي و(الكامل في الضعفاء) لابن عدي و(ميزان الاعتدال) للذهبي وكتاب (الجرح والتعديل) لأبي حاتم الرازي. كما إن من علوم رواة الحديث معرفة المدلسين الذي ألف فيهم المحدثون مؤلفات منها: (التبيين في أسماء المدلسين) للبرهان الحلبي الحافظ ، وكتاب ( تعريفات أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس ) لابن حجر. وقد ألف العلماء في تواريخ الرواة كتباً منها: (التاريخ الكبير) للإمام البخاري. كما ألفوا في طبقات الرواة مثل كتاب (الطبقات الكبرى) لابن سعد، والذي يعرف به التابعين الذين جاءوا بعد الصحابة رضوان الله عليهم ومن جاء بعدهم. ========= 2) علوم رواية الحديث : وتشتمل على خمسة أنواع هي: آداب طالب الحديث، وآداب المحدث، وكيفية سماع الحديث وتحمله وضبطه، وصفة رواية الحديث وشرط أدائه، وكتابة الحديث وكيفية ضبطه. وفي كل نوع فروع كثيرة عديدة . فمن آداب طالب الحديث إخلاص النية لله تعالى، والجد في الأخذ عن العلماء، والعمل بالعلم، واحترام الأساتذة وتوقيرهم، وبذل الفائدة لزملائه طلاب الحديث، واتباع منهج علمي متدرج في طلب الحديث، والعناية بمصطلح الحديث. ومن آداب المحدث:الإخلاص، وتصحيح النية، والتحلي بالفضائل، ومراعاة الأهلية للتحديث، وترك التحديث متى خاف الغلط، وتوقير من هو أولى منه، وتوقير الحديث ومجلسه، والاشتغال بالتصنيف والإنتاج العلمي.. ونتيجة لذلك الاشتغال بالتأليف خرجت إلى الأمة الجوامعُ كصحيح البخاري ومسلم والترمذي. والسننُ كسنن أبى داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والمصنفاتً كمصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة، والمستدركاتُ كمستدرك الحاكم، والمسانيد كمسند الإمام أحمد ومسند أبي يعلى الموصلي، والأطراف كتحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للمزي وذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث للنابلسي، والمعاجُم كالمعجم الكبير والأوسط والصغير للطبراني، والمصنفاتُ الجامعة للكتب مثل كتاب جامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الأثير وكنزِ العمال في سنن الأقوال والأمثال للمتقي الهندي والجامع الكبير للسيوطي، ومصنفات الزوائد كمجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي والمطالب العالمية بزاوئد المسانيد الثمانية لابن حجر، وكتبُ التخريج كنصب الراية لأحاديث الهداية للزيلعي والمغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار للعراقي والتلخيص الخبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير لابن حجر وغير ذلك كثير. وبشكل إجمالي فإن المحدثين قد عنوا أشد العناية بعلوم الرواية بتفصيل يُدهش المطلع عليه. وهناك كتب تعتبر مصادر في هذا المجال. مثل كتاب (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي) للرامهرمزي و(الكفاية في علم الرواية) و(الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) كلاهما للخطيب البغدادي و(الإلماع في أصول الرواية وتقييد السماع) لليحصبي. 3) علم قبول الحديث ورده: ونتيجة لهذا العلم نستطيع الجزم بصحة نسبة الحديث المروي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو بكذبها، أو نحكم له بالحسن أو الضعف. وفي هذا العلم يقسم الحديث إلى قسمين مقبول ومردود، فأقسام الحديث المقبول أربعة: الصحيح، والحسن، والصحيح لغيره، والحسن لغيره، ولكل واحد منها تعريف وأبحاث عديدة، ومن أهمها على سبيل المثال لا الحصر تعريف الحديث الصحيح بأنه: الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذاً ولا معللاً. ومصادره عديدة منها موطأ الإمام مالك وصحيح الإمام أبي عبد الله البخاري وصحيح مسلم بن الحجاج القشيري وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان والمختارة لضياء الدين المقدسي ، والمستدركات على الصحيحين والمستخرجات عليهما وغيرها. وأما الحديث المردود فهو أنوع منها الضعيف والمضعَّف والمتروك والمطروح والموضوع، وكذلك لكل منها تعريف ومسائل. فمن ذلك أن الحديث الضعيف هو ما فقد شرطاً من شروط الحديث المقبول باختلال عدالة الراوي، أو ضبطه، أو انقطاع السند، أو شذوذ المتن، أو وجود العلة القادحة، أو عدم وجود العاضد عند الحاجة إليه. وقد بين العلماء حكم الحديث الضعيف حيث أجاز جمهورهم العمل به في فضائل الأعمال فقط بشروط مذكورة مبينة. ومن أهم أبحاث الحديث المردود بحث الحديث الموضوع، الذي هو مختلق ومصنوع ومنسوب كذباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويتعلق بذلك معرفة أسباب الوضع، وأصناف الوضاعين، وكيفية محاربة الوضع في الحديث ووسائل ذلك، وعلامات الحديث الموضوع، وعلامات الوضع في الراوي أو المروي. ومن أهم المؤلفات في بيان الأحاديث الموضوعة كتاب (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) للسيوطي وكتاب (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة) لابن عِراق الكناني و(المنار المنيف في الصحيح والضعيف) لابن القيم و(المصنوع في الحديث الموضوع) للحافظ علي القاري. ============ 4) علوم المتن: والمتن في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما انتهى إليه السند من الكلام. أي هو النص المنقول إلينا من خلال سلسلة الرواة.. يقول الدكتور نور الدين عتر في منهج النقد في علوم الحديث: ولدى استقراء هذه الأنواع من علوم الحديث وجدنا أنه يمكن تقسيمها إلى ثلاثة زُمَر هي: أولاً :علوم المتن من حيث قائله. ثانياً : علوم شارحة للمتن. ثالثاً: علوم تنشأ من مقابلة المتن المروي بالروايات والأحاديث الأخرى. فأما علوم المتن من حيث قائله فإنها أربع. أولها: الحديث القدسي: وهو ما أضيف إلى رسول الله صلى عليه وسلم وأسنده إلى ربه عز وجل أي قال فيه: قال الله تعالى .. وهو غير القرآن الكريم. وقد عني العلماء بجمع تلك الأحاديث في كتب خاصة منها (الاتحافات السنية في الأحاديث القدسية) للإمام المناوي. ثانيها: الحديث المرفوع: والمرفوع من الحديث ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة من قول أو فعل أو تقرير أو وصف، وفيه معظم المؤلفات الحديثية. وهذا النوع ـ أي الحديث المرفوع ـ يشمل نوعين آخرين ينضمان إلى النوعين السابقين، هما الحديث الموقوف الذي أضيف إلى الصحابة رضوان الله عليهم، والمقطوع وهو ما أضيف إلى التابعين. ومن مصادر الحديث الموقوف والمقطوع المصنفات ومن أهمها: (مصنف عبدالرزاق) و (مصنف ابن أبي شيبة) وكذلك الكتب التي اعتنت بالتفسير بالمأثور مثل (تفسير ابن جرير). وأما علوم المتن من حيث درايته فمنها علم غريب الحديث أي ما يتعلق بما وقع في متون الأحاديث من الألفاظ الغامضة البعيدة عن الفهم، مثل شرح كلمة السقب في حديث: (الجار أحق بسقبه) وهو اللزيق (رواه البخاري وغيره عن أبي رافع). وقد عني العلماء بالتصنيف في شرح الغريب عناية كبيرة، منهم ابن الأثير في كتابه (النهاية في غريب الحديث)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه (غريب الحديث).. ومن علوم دراية المتن علم أسباب ورود الحديث ، وهو مهم لفهم الحديث، كأهمية معرفة أسباب النزول بالنسبة للقرآن الكريم. ومن المؤلفات في هذا العلم كتاب (اللمع) للإمام السيوطي، و(البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف) للمحدث ابن حمزة الحسيني. ومن تلك العلوم علم ناسخ الحديث ومنسوخه. وممن كتب فيه أبو بكر محمد بن موسى الحازمي في كتابه (الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار). ومن تلك العلوم علم مشكل الحديث أو مختلف الحديث. وهو ما تعارض ظاهره مع القواعد فأوهم معنى باطلاً، أو تعارض مع نص شرعي آخر وهو مهم مفيد لإزالة كثير من الشبة التي يتعلق بها بعض الواهمين. وممن كتب فيه ابن قتيبة النيسابوري في كتابه (تأويل مختلف الحديث) وأبو جعفر الطحاوي في كتابه (مشكل الآثار) وابن فورك في كتابه (مشكل الحديث). وغيرهم. ========= 04-04-2004, 12:43 pm 5) علوم السند: ومعلوم أن السند هو سلسلة الرواة الذين نقلوا الحديث واحداً عن الآخر حتى يبلغوا به إلى قائله. قال ابن المبارك: الإسناد عندي من الدين،. لولا الإسناد لذهب الدين ولقال من شاء ما شاء. وهذه العلوم تجمعها شعبتان: شعبة علوم السند من حيث الاتصال، وهي تشمل الحديث المتصل والمسند والمعنعن والمؤنن والمسلسل والعالي والنازل والمزيد في متصل الأسانيد. وشعبة علوم السند من حيث الانقطاع وهي تشمل المنقطع والمرسل والمعلق والمفصل والمدلس والمرسل الخفي. يقول الدكتور عتر: وقد بذل المحدثون غاية الجهد في تتبع الأسانيد وتقصيها، حتى رحلوا من أجلها في البلاد، وجالوا في الآفاق، لكي يعثروا على سند، أو لكي يبحثوا في سند صعب عليهم أمره. وفي هذا القسم من الكتب كثير منها: (الأحاديث المسلسلة) للسخاوي و(المراسيل) لأبي حاتم الرازي. و(تغليق التعليق) لابن حجر و(جامع التحصيل لأحكام المراسيل) للحافظ العلائي، و(تمييز المزيد في متصل الأسانيد) للخطيب البغدادي. ولكل واحد من علوم السند تعريف وأبحاث ومسائل. ولعل من أطرف ما يذكر في هذا المجال ما يتعلق بالحديث المسلسل، وهو ما تتابع رجال إسناده على صفة واحدة أو حال واحدة للرواية أو الرواة، وذلك كحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن من الشعرحكمة " (رواه الشيخان عن أبي) وقالت عائشة رضي الله عنها يرحم الله لبيداً وهو الذي يقول : ذهب الذين يعاش في أكنافهـم وبقيتُ في خَلَف كجلد الأجرب يتأكّلون خيانـة مـذمـومـة ويعاب سـائلهم وإن لم يَشـْغب قالت عائشة: يرحم الله لبيداً كيف لو أدرك زماننا هذا؟. قال عروة بن الزبير الراوي عن عائشة: رحم الله عائشة كيف لو أدركت زماننا هذا؟ وهكذا تسلسل الحديث بقول كل راو فيه: رحم الله فلاناً كيف لو أدرك زماننا هذا. ============ 6) ومن علوم الحديث الشريف علوم توصف بأنها مشتركة بين سند الحديث ومتنه : وهي تنشأ من مقابلة الحديث سنداً ومتناً مع غيره من الأحاديث والروايات الأخرى ليعرف تفرد الحديث وتعدده، ثم يعرف اتفاقه مع غيره أو اختلافه. وهو ما يمكن سرده ضمن ثلاثة أنواع: النوع الأول في تفرد الحديث، وهو يشمل الحديث الغريب، والحديث الفرد، وكل واحد منهما له أقسام وتعاريف. وممن كتب في هذا النوع الإمام أبو داود السجستاني في كتابه (السنن) التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة. وكذلك الإمام الدارقطني في كتابه (الأفراد). والنوع الثاني في تعدد رواة الحديث مع اتفاقهم، وهذا يشمل الحديث المتواتر، والمشهور، والمستفيض، والعزيز، والتابع، والشاهـد ولكل منها ـ كذلك أقسام وأبحاث ـ فالمتواتر مثلاً هو الذي رواه جمع كثير يؤمن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى انتهاء السند وكان مستندهم الحس. ومن أمثلته حديث: " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"(متفق عليه عن المغيرة وغيره) فقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ بضع وسبعون صحابياً. ومن المؤلفات في هذا النوع من العلوم: كتاب السيوطي (الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة) وكتاب (نظم المتناثر في الحديث المتواتر) للعلامة الكتاني وكتاب (المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة) للسخاوي. والنوع الثالث في اختلاف رواية الحديث وهو يضم أبحاث زيادة الثقات، والشاذ المحفوظ والمنكر والمعروف والمضطرب والمقلوب والمدرج والمصحف والمعلّ. واختلاف الرواة ظاهرة مهمة تحتاج إلى بحث وتقص، لما يتكشف عنها للمحدث من فوائد في السند أو المتن أو فيهما، فربما تكشف وهم راو أو تقوي الحديث أو نحو ذلك. على سبيل المثال ففي صنف الحديث المقلوب يذكر العلماء أن أشهر اختبار فعله المحدثون لامتحان قدرة شخص ومكانته في الحديث، حينما عمدوا إلى مائة حديث ـ وهم يمتحنون الإمام البخاري أول ما نزل بغداد ـ فقلبوا متونها وأسانيدها، ودفعوها إلى عشرة أنفس ـ إلى كل رجل عشرة أحاديث ـ ولما اطمأن مجلس البخاري بجلسائه انتدب إليه أول رجل من العشرة، فأورد عليه حديثه الأول بسنده المقلوب فقال البخاري: لا أعرفه، ثم الثاني والثالث، وهكذا حتى انتهى من عشرته، والبخاري يجيبه: لا أعرفه. ثم انتدب الرجل الثاني ففعل مثل ما فعل الأول، وهكذا فعل الرجال العشرة والبخاري لا يزيد على (لا أعرفه) حتى إذا فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا وصوابه كذا، والثاني كذا وصوابه كذا، ثم رد على الرجل الثاني إلى تمام الرجال العشرة، حتى رد كل متن من متون المئة حديث المقلوبة إلى أسانيدها، وكل إسناد إلى متنه. فأقر الناس له بالحفظ وأذعنوا. وممن ألف من العلماء في هذا النوع من علوم الحديث ابن حجر في كتابه (المقترب في بيان المضطرب) و(الفصل للوصل المدرج في النقل) للخطيب البغدادي و(إصلاح خطأ المحدثين) لأبي سليمان الخطابي و(علل الحديث) للرازي و(التصحيف) للدارقطني. وهكذا....ومن خلال هذا التطواف السريع المختصر في علوم الحديث النبوي الشريف نجد أن الأمة الإسلامية خلال عصورها المتعاقبة بذلت جهوداً جبارة ومضنية في خدمة الأساس الثاني لدينها، حتى حررته صافياً من كل شائبة، وخالياً من كل عائبة، فكان بحمد الله كالصبح واضحاً وكالشمس ظاهراً. |
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق