مما استدل به الطاعنون فى عصمة النبى صلى الله عليه وسلم وزعموه أدلة على صدور وجواز الكبائر والصغائر من الذنوب عنه صلى الله عليه وسلم. ما ورد فى القرآن الكريم من آيات ظاهرها عتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو قوله تعالى : { عبس وتولى، أن جاءه الأعمى. وما يدريك لعله يزكى. أو يذكر فتنفعه الذكرى. أما من استغنى. فأنت له تصدى. وما عليك ألا يزكى. وأما من جاءك يسعى وهو يغشى. فأنت عنه تلهى } (1) وقوله سبحانه : { ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض. تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } (2) وقوله عز وجل : { وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } (3) وقوله : { يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم } (4) وقوله : { عفا الله عنك لم أذنت لهم } (5)
... ويجاب عن ما سبق إجمالاً بما يلى :
أولاً : إن عتاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الوارد فى القرآن الكريم، هو فى الظاهر عتاب، وفى الحقيقة كرامة وقربة لله عز وجل، وتنبيه لغيرهم ممن ليس فى درجتهم من البشر، بمؤاخذتهم بذلك، فيستشعروا الحذر، ويلتزموا الشكر على النعم، والصبر على المحن، والتوبة عند الزلة(6).
ثانياً : أن لله تعالى أن يعتب أنبياءه وأصفياءه، ويؤدبهم، ويطلبهم بالنقير والقطمير من غير أن يلحقهم فى ذلك نقص من كمالهم، ولا غض من أقدارهم، حتى يتمحصوا للعبودية لله عزوجل(7).
ثالثاً : أن غاية أقوال الأنبياء وأفعالهم التى وقع فيها العتاب من الله عز وجل لمن عاتبه منهم، أن تكون على فعل مباح، كان غيره من المباحات أولى منه فى حق مناصبهم السنية.
رابعاً : المباحات جائز وقوعها من الأنبياء، وليس فيها قدح فى عصمتهم ومنزلتهم، فهم لا يأخذون من المباحات إلا الضرورات، مما يتقون به على صلاح دينهم، وضرورة دنياهم، وما أخذ على هذه السبيل التحق طاعة، وصار قربة(8).
خامساً : أنه ليس كل من أتى ما يلام عليه يقع لومة، فاللوم قد يكون عتاباً، وقد يكون ذماً، فإن صح وقوع لومه، كان من الله عتاباً له لا ذماً، إذ المعاتب محبور(9) والمذموم مدحور، فاعلم – رحمك الله – صحة التفرقة بين اللوم والذم قال الشاعر :
لعل عتبك محمود عواقبه ... *** ... فربما صحت الأجسام بالعلل(10).
إذا ذهب العتاب فليس ود ... *** ... ويبقى الود ما بقى العتاب(11).
سادساً : أن العتاب فيما قيل أنه عوتب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما كان على ما حَكَمَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد، والاجتهاد محتمل الخطأ، فكان تصحيح الخطأ فى اجتهاده من الله عز وجل، بتوجيهه صلى الله عليه وسلم إلى الأخذ بالصوب فعاد الحكم بذلك إلى الوحي.
سابعاً : عدم ورود نهى عما عوتب فيه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، حتى يكون عتابهم ثمَّ ذم.
ثامناً : إنه ما من آية ظاهرها عتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهى واردة فى مقام المنَّة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيان عظيم فضله ومكانته عند ربه عز وجل بأعظم ما يكون البيان.
... وإليك التفصيل :
ما استدلوا به من قوله تعالى : { عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين } (الآية 43 التوبة).
هذه الآية بحسب الأسلوب العربى، تفيد تكريم النبى صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، خلافاً لمن وهم، ففهم منها عتابه أو تأنيبه، لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يخالف أمراً ولا نهياً، فيستوجب ما فهمه ذلك الواهم.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم لما عزم على الخروج إلى تبوك، استأذنه بعض المنافقين فى التخلف، لأعذار أبدوها، فأذن لهم فيه لسببين :
أحدهما : أن الله لم يتقدم إليه فى ذلك بأمر ولا نهى.
ثانيهما : أنه لم يرد أن يجبرهم على الخروج معه، فقد يكون فى خروجهم على غير إرادتهم ضرر.
... فأنزل الله تعالى : يبين له أن ترك الإذن لهم كان أولى، لما يترتب عليه من انكشاف الصادق من الكاذب، فيما أبدوه من الأعذار، واستفتح رب العزة ما أنزله بجملة دعائية. هى قوله : { عفا الله عنك } على عادة العرب فى استفتاح كلامهم بهذه الجملة، أو بقولهم : غفر الله لك، أو جعلت فداك، أو نحوها يقصدون تكريم المخاطب؛ إذا كان عظيم القدر، ولا يقصدون المعنى الوصفى للجملة(12).
... ولو بدأ رب العزة حبيبه ومصطفاه بقوله : { لم أذنت لهم } لخيف عليه أن ينشق قلبه من هيبة هذا الكلام، لكن الله تعالى برحمته أخبره بالعفو حتى سكن قلبه، ثم قال له : لم أذنت لهم بالتخلف حتى يتبين لك الصادق فى عذره من الكاذب؟
... وفى هذا من عظيم منزلته عند الله مالا يخفى على ذى لب، ومن إكرامه إياه وبره به، ما ينقطع دون معرفة غايته نياط القلب.
... فليتأمل كل مسلم! هذه الملاطفة العجيبة فى السؤال من رب الأرباب، المنعم على الكل، المستغنى عن الجميع، ويستثير ما فيها من الفوائد.
... وكيف ابتدأ بالإكرام قبل العتب (وهل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا إن كان ثمَّ عتب) وأنس بالعفو قبل ذكر الذنب إن كان ثمَّ ذنب، وهكذا فى أثناء عتبه براءته، وفى طى تخويفه تأمينه وكرامته(13). إن قوله تعالى : { لم أذنت لهم } غاية ما يمكن أن يدعى فيها أن تكون دالة على أنه صلى الله عليه وسلم ترك الأولى والأفضل، وقد بينت أن ترك الأولى ليس بذنب، وقد يقول أحدنا لغيره إذا ترك الندب، لم تركت الأفضل، ولم عدلت عن الأولى، ولا يقتضى ذلك إنكاراً، ولا ذنباً(14).
... أما قول بعضهم : إن هذه الآية تدل على أنه وقع من الرسول ذنب، لأنه تعالى قال : { عفا الله عنك } والعفو يستدعى سابقة ذنب، وأن الاستفهام فى قوله تعالى : { لم أذنت لهم } استفهام بمعنى الإنكار(15).
فهذا قول من يجهل لغة العرب فى استفتاح كلامهم بهذه الجملة ونحوها يقصدون بها تكريم المخاطب، إذا كان عظيم القدر، وتحاشياً عن جعل الاستفهام أول كلام للمعظم.
وليس "عفا" هنا فى الآية بمعنى "غفر" أى ستر، وترك المؤاخذة بل بمعنى : لم يلزمك شيئاً فى الأذن، كما قال صلى الله عليه وسلم : "إنى قد عفوت عنك عن صدقة الخيل والرقيق، ولكن هاتوا ربع العشر من كل أربعين درهماً، درهماً"(16).
ولم تجب عليهم زكاة فى خيل ورقيق قط، أى : لم يلزمكم ذلك، فليس معناه : إسقاط ما كان واجباً، ولا ترك عقوبة هنا فتأمل(17).
وصفوة القول : أن يقال : إما أن يكون صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنب أم لا؟ فإن قلنا : لا! امتنع على هذا التقدير أن يكون قوله "لم أذنت لهم" إنكاراً عليه. وإن قلنا : إنه صدر عنه ذنب – وحاشاه الله من ذلك – فقوله عز وجل : { عفا الله عنك } يدل على حصول العفو، وبعد حصول العفو يستحيل أن يتوجه الإنكار عليه.
فثبت أنه على التقديرين المذكورين، يمتنع أن يقال : إن قوله : { لم أذنت لهم } يدل على كون الرسول مذنباً، وهذا جواب شاف كاف قاطع.
وعند هذا يحمل قوله : { لم أذنت لهم } على ترك الأولى والأكمل، بل لم يعد هذا أهل العلم معاتبة، وغلطوا من ذهب إلى ذلك(18) كالإمام الزمخشرى(19) فقد أساء الأدب فى التعبير – مع جلالة علمه – عن بيان العتاب – فى زعمه – فقال : إن قوله تعالى : { عفا الله عنك } كناية عن الجناية، لأن العفو رادف لها، ومعناه : أخطأت وبئس ما فعلت(20).
وقد استغواه فى هذا التعبير السئ سلفه الجبائى(21) الذى يرى أن أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمستأذنين من المنافقين بالقعود عن الخروج معه إلى غزوة تبوك "كان قبيحاً، ووقع صغيراً"(22) فالزمخشرى – رحمه الله – مقلد فى سوء الأدب لشيخ شيوخ المعتزلة، وقد تابع البيضاوى(23) الزمخشرى فى جفوة التعبير فى هذا الموضع من تفسيره(24).
وقد علق أبو حيان(25) - رحمه الله تعالى فى البحر، على هذا المسلك من التفكير والتعبير فقال : "وكلام الزمخشرى فى تفسير قوله { عفا الله عنك لم أذنت لهم } مما يجب إطراحه، فضلاً عن أن يذكر فيرد عليه"(26) قال الألوسى(27) : "وكم لهذه السقطة فى الكشاف من نظائر"(28).
الشيخ عماد الشربيني
=============
أعظم المعترضون الفريةَ على نبيِّنا r لما قالوا عنه :إنه rيحرم ما أحله اللهُ... >>>
ثم قالوا: كيف يحرم ما أحله اللهُ ،هل هذه هي الأمانة في أداء الرسالة... ؟!>>
واستندوا في ذلك بقولِه I :] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (التحريم1) .>>
>>
· الرد على الشبهة>>
>>
أولاً : كان على المعترضين أن يكلفوا أنفسَهم بتكملةِ الآياتِ ليفهموها فهمًا صحيحًا....... >>
وعلى كلٍّ أقول: إن هذه الآيةَ والآياتِ التي تليها تشيرُ إلى قصةٍ حدثت في بيتِ النَّبِيِّ r، وهي قصة (العسل و المغافير) ؛ القصةٌ ثابتةٌ في الصحيحين واللفظ للبخاري برقم 4862 عن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا ، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ r فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ فَنَزَلَتْ:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إِلَى إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ }>>
لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ :{ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ } لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا.>>
نلاحظ بعد القراءةِ أن نساءه r تظاهرن عليه بدافعِ الغيرةِ المعروفة عند النساءِ عامة ، فحرّم النبيُّ r العسلَ على نفسِه إرضاءً لهن فعتابه اللهُ Iقائلاً له :]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (التحريم1). >>
وعليه فهذه الآية الكريمة ليس فيها اتهامٌ له r بتحريم ما أحل الله ؛ ولكنها من بابِ العتاب له rمن ربِّه I الذي يعلم I أنه r يستحيل عليه أن يحرّمشيئًا ، أو أمرًا ، أو عملاً أحلّه اللهُ.....>>
فكلُّ ما هنالك أنه r شدد على نفسِه لصالحِ مرضاةِ زوجاتِه ،وذلك منخلقِه الرفيع ....وهذا من باب المشاكلة ثم العتاب لا كما فهم وزعم المعترضون ....>>
>>
=============
هل أخطأ المعصوم صلى الله عليه وسلم بإذنه للمنافقين بعدم الخروج!
(حوار بين عالم مسلم ومستشرق غربي)
ـ المستشرق الغربي:
لقد تذكرت شيئاً عن بعض أصحاب السير وبعض المفسرين أن رسول الله عاتبه الله تعالى لمَ أذن للمنافقين بعدم الخروج في غزوة تبوك بما ورد بالآية (43) في سورة التوبة: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ}.
فهل أخطأ الرسول باجتهاده ثم نزل الوحي مصححاً ومبيناً إذنه للمنافقين بعدم الخروج في غزوة تبوك وهي آخر غزواته، فقد بلغه أن الروم جمعوا جموعاً في الشام تبلغ عدتها الأربعين ألفاً يريدون غزوه في بلاده.
وكان ذلك في زمن عسرة الناس وجدب البلاد وشدة الحر فالصيف لمَّا ينته، والحر قد بلغ أعلى درجاته، فلمَ أذن لهم حتى عاتبه ربه بقوله: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لهم}؟
ـ العالم المسلم:
إن هذه الآية لا تفيد أي خطأ أو عتاب وما زعموه إن هو إلا خطأ في التفسير، وهذه الآية إنما تدل وتبين حكمة فعله صلى الله عليه وسلم، وأن هذا الإذن إنما هو بوحي من الله تعالى.
ـ المستشرق الغربي: ماذا، ليس فيه خطأ ولا عتاب وهو وحي من الله! كيف ذلك والعفو المعروف هو بعد الخطأ، فإن أخطأت معي مثلاً وسامحتك عندها أعفو عنك!
ـ العالم المسلم: مهلاً فكلمة (عفا) مأخوذة من العفو وهو محو أثر الشيء. تقول: عفا الهواء على آثار سير فلان في الرمل، أي: محا الآثار فلم يعد لها بقاء. وعفت الآثار على الأقوام المنقرضة، أي انمحت وزالت. وعفا الله عن ذنب فلان، أي: محا أثره من نفسه. وكلمة {عَفَا اللّهُ عَنكَ} بحسب سير الآيات إنما تعني خلاص رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان قد يحدثه المنافقون من الفتنة إذا هم خرجوا معه في هذه الغزوة، وهي تعني أيضاً أن الله تعالى قد أقر رسوله على فعله. فكلمة {عَفَا اللّهُ عَنكَ} تقول: خلصك الله وحفظك من شر هؤلاء المنافقين وأذاهم وذلك بإذنك لهم، ثم علل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله الكريم: {لمَ أذنت لهم}: أي ما السبب الذي دعوناك به لتأذن لهم. ثم بين تعالى السبب بقوله الكريم: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ}: أي إنك إنما أذنت لهم لوحي منا ليتبين لك المؤمن الصادق من المنافق الكاذب. إذاً فالله خلص رسوله من شر هؤلاء المنافقين بوحيه له أن يأذن لهم بعدم الخروج.
ـ المستشرق الغربي: وما دليل نفاقهم حتى يأذن لهم فلا يخرجوا معه؟
ـ العالم المسلم: تثاقلهم عن الخروج، ولم يعدوا له العدة، بل حتى وصل بهم الأمر لتثبيط الهمم عن نصرة الحق وأهله، إذ قال بعضهم لبعض كما جاء في سورة التوبة (81): {لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ...}. ووجدوا أن خير وسيلة للتخلص من مشقة الحرب وشدة الحر في مثل تلك الأيام الصعبة هو الاستئذان من الرسول ليسمح لهم بعدم الخروج.
وقد أذن لهم صلى الله عليه وسلم وغاب عنهم أن الله يعلم سرهم ونجواهم، وبطلبهم الإذن انكشف أمر كفرهم.
والله تعالى بين أحوال المؤمنين ثم المنافقين بقوله الكريم: {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ، إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} سورة التوبة (44ـ45).
ـ المستشرق الغربي: قلت لي أن كلمة {عَفَا اللّهُ عَنكَ} أي أزال عنك وحفظك مما سيحدثه المنافقون من الفتنة إذا خرجوا معك وخلصك من شرهم، فما الدليل من القرآن؟
ـ العالم المسلم: أرجو أن تحلم قليلاً ليتوضح وجه الحقيقة ساطعاً كشمس رابعة النهار... لقد بين تعالى أن فعل رسوله كان بموافقةٍ منه تعالى فقال: {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} سورة التوبة (46).
فالله كره انبعاثهم مع رسوله للحرب لما قد يقومون به من الأذى وتوهين الصفوف وبلبلة النفوس فثبطهم وقيل لهم بوحي منه تعالى على لسانك: {... اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ}، وهذا هو إذنه صلى الله عليه وسلم لهم بعدم الخروج والقعود مع القاعدين فكان الإذن إذاً من الله.
ثم وضّح تعالى أذاهم لو أنهم خرجوا مع الرسول فقال تعالى: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.
ـ المستشرق الغربي: حقاً بهذه الآية يتمم الجواب الصاعق المبين بجلاء معنى آية {عَفَا اللّهُ عَنكَ}: أي أزال ومحا ما كانوا سيحدثوه بخروجهم مع المؤمنين بالأدلة الثلاثة الواردة بالآية التي ذكرتها لي :
1 لو خرجوا ما زادوا المؤمنين إلا خبالاً، أي: لأحدثوا بلابل كبرى بينهم.
2 لبغوا الفتنة.
3 بما أن الرسول الكريم كان لا يفضحهم، بل يسترهم ولا يكشفهم رجاء إيمانهم وفريق من المؤمنين كانوا لا يعرفونهم أيضاً فهم سمّاعون لهم ظانين فيهم ظن الخير فأذاهم عليهم شديد.
حقاً لا يمكن بعد إيرادك وإيضاحك لهذه الآية أن يبقى اعتراض لمعترض أبداً، فالآية واضحة وضوح الشمس فلا خطأ على رسول الله ولا عتاب ويا ليت قرأوا هذه الآيات وربطوا المعنى دون أن يجعلوها قراطيس "أي يشرحوا آية منفردة دون ربطها بآيات الموضوع بكامله" فيبدونها مباشرة بذم المبرّأ المعصوم بالخطأ والعتاب هذا الظن المريع بنسبته إلى النبي وحاشاه وهو الذي لا ينطق عن الهوى، فالخطأ والعتاب لا أساس لهما أبداً.
حــفـــظ الإلــــه مــحمـداً فـــي
إذنـه لـــذوي لنفــاق حمــــاهُ
لـو أنـهم خـــرجــوا لــزاد أذهــم
وحـــيٌ بهــذا للنبــي أتـــــاهُ
عيــن الصـواب وللعيـون عـواقـب
ٌ نعمَ المعلـم اقتــده بهــــداهُ
أفكلَّما ضلَّ الطريق مفسِّرٌ عجباً
أينســـبُ للـرســـول عمـــــاهُ
مـا ضلَّ طــه مــا غــوى ليُعاتَبُ
والحق يشهدُ في بديع سناهُ
والحمد لله رب العالمين
===============
الرد على منكر السنة عن آية ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا وان سبب نزولها تقسيم ممتلكات بني النضير العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2018/01/blog-post_164.html …
الرد على منكر السنة يدعي ان صفة الرسول معصومة صفة النبي غير معصوم
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_62.html
الرد على منكر السنة عن العصمة وان النبي بشر و يخطىء
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2018/01/blog-post_634.html
ملف حفظ السنة التدوين الرد على منكر السنة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_47.html
ملف مواضيع متعلقة بكون السنة وحي و الرد على شبهات منكرين السنة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_72.html
===================
حوار حفظ السنة
منكر السنة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_93.html
أسئلة عجز عن الإجابة عليها منكري السنة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_55.html
... ويجاب عن ما سبق إجمالاً بما يلى :
أولاً : إن عتاب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الوارد فى القرآن الكريم، هو فى الظاهر عتاب، وفى الحقيقة كرامة وقربة لله عز وجل، وتنبيه لغيرهم ممن ليس فى درجتهم من البشر، بمؤاخذتهم بذلك، فيستشعروا الحذر، ويلتزموا الشكر على النعم، والصبر على المحن، والتوبة عند الزلة(6).
ثانياً : أن لله تعالى أن يعتب أنبياءه وأصفياءه، ويؤدبهم، ويطلبهم بالنقير والقطمير من غير أن يلحقهم فى ذلك نقص من كمالهم، ولا غض من أقدارهم، حتى يتمحصوا للعبودية لله عزوجل(7).
ثالثاً : أن غاية أقوال الأنبياء وأفعالهم التى وقع فيها العتاب من الله عز وجل لمن عاتبه منهم، أن تكون على فعل مباح، كان غيره من المباحات أولى منه فى حق مناصبهم السنية.
رابعاً : المباحات جائز وقوعها من الأنبياء، وليس فيها قدح فى عصمتهم ومنزلتهم، فهم لا يأخذون من المباحات إلا الضرورات، مما يتقون به على صلاح دينهم، وضرورة دنياهم، وما أخذ على هذه السبيل التحق طاعة، وصار قربة(8).
خامساً : أنه ليس كل من أتى ما يلام عليه يقع لومة، فاللوم قد يكون عتاباً، وقد يكون ذماً، فإن صح وقوع لومه، كان من الله عتاباً له لا ذماً، إذ المعاتب محبور(9) والمذموم مدحور، فاعلم – رحمك الله – صحة التفرقة بين اللوم والذم قال الشاعر :
لعل عتبك محمود عواقبه ... *** ... فربما صحت الأجسام بالعلل(10).
إذا ذهب العتاب فليس ود ... *** ... ويبقى الود ما بقى العتاب(11).
سادساً : أن العتاب فيما قيل أنه عوتب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما كان على ما حَكَمَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد، والاجتهاد محتمل الخطأ، فكان تصحيح الخطأ فى اجتهاده من الله عز وجل، بتوجيهه صلى الله عليه وسلم إلى الأخذ بالصوب فعاد الحكم بذلك إلى الوحي.
سابعاً : عدم ورود نهى عما عوتب فيه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، حتى يكون عتابهم ثمَّ ذم.
ثامناً : إنه ما من آية ظاهرها عتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهى واردة فى مقام المنَّة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيان عظيم فضله ومكانته عند ربه عز وجل بأعظم ما يكون البيان.
... وإليك التفصيل :
ما استدلوا به من قوله تعالى : { عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين } (الآية 43 التوبة).
هذه الآية بحسب الأسلوب العربى، تفيد تكريم النبى صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، خلافاً لمن وهم، ففهم منها عتابه أو تأنيبه، لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يخالف أمراً ولا نهياً، فيستوجب ما فهمه ذلك الواهم.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم لما عزم على الخروج إلى تبوك، استأذنه بعض المنافقين فى التخلف، لأعذار أبدوها، فأذن لهم فيه لسببين :
أحدهما : أن الله لم يتقدم إليه فى ذلك بأمر ولا نهى.
ثانيهما : أنه لم يرد أن يجبرهم على الخروج معه، فقد يكون فى خروجهم على غير إرادتهم ضرر.
... فأنزل الله تعالى : يبين له أن ترك الإذن لهم كان أولى، لما يترتب عليه من انكشاف الصادق من الكاذب، فيما أبدوه من الأعذار، واستفتح رب العزة ما أنزله بجملة دعائية. هى قوله : { عفا الله عنك } على عادة العرب فى استفتاح كلامهم بهذه الجملة، أو بقولهم : غفر الله لك، أو جعلت فداك، أو نحوها يقصدون تكريم المخاطب؛ إذا كان عظيم القدر، ولا يقصدون المعنى الوصفى للجملة(12).
... ولو بدأ رب العزة حبيبه ومصطفاه بقوله : { لم أذنت لهم } لخيف عليه أن ينشق قلبه من هيبة هذا الكلام، لكن الله تعالى برحمته أخبره بالعفو حتى سكن قلبه، ثم قال له : لم أذنت لهم بالتخلف حتى يتبين لك الصادق فى عذره من الكاذب؟
... وفى هذا من عظيم منزلته عند الله مالا يخفى على ذى لب، ومن إكرامه إياه وبره به، ما ينقطع دون معرفة غايته نياط القلب.
... فليتأمل كل مسلم! هذه الملاطفة العجيبة فى السؤال من رب الأرباب، المنعم على الكل، المستغنى عن الجميع، ويستثير ما فيها من الفوائد.
... وكيف ابتدأ بالإكرام قبل العتب (وهل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا إن كان ثمَّ عتب) وأنس بالعفو قبل ذكر الذنب إن كان ثمَّ ذنب، وهكذا فى أثناء عتبه براءته، وفى طى تخويفه تأمينه وكرامته(13). إن قوله تعالى : { لم أذنت لهم } غاية ما يمكن أن يدعى فيها أن تكون دالة على أنه صلى الله عليه وسلم ترك الأولى والأفضل، وقد بينت أن ترك الأولى ليس بذنب، وقد يقول أحدنا لغيره إذا ترك الندب، لم تركت الأفضل، ولم عدلت عن الأولى، ولا يقتضى ذلك إنكاراً، ولا ذنباً(14).
... أما قول بعضهم : إن هذه الآية تدل على أنه وقع من الرسول ذنب، لأنه تعالى قال : { عفا الله عنك } والعفو يستدعى سابقة ذنب، وأن الاستفهام فى قوله تعالى : { لم أذنت لهم } استفهام بمعنى الإنكار(15).
فهذا قول من يجهل لغة العرب فى استفتاح كلامهم بهذه الجملة ونحوها يقصدون بها تكريم المخاطب، إذا كان عظيم القدر، وتحاشياً عن جعل الاستفهام أول كلام للمعظم.
وليس "عفا" هنا فى الآية بمعنى "غفر" أى ستر، وترك المؤاخذة بل بمعنى : لم يلزمك شيئاً فى الأذن، كما قال صلى الله عليه وسلم : "إنى قد عفوت عنك عن صدقة الخيل والرقيق، ولكن هاتوا ربع العشر من كل أربعين درهماً، درهماً"(16).
ولم تجب عليهم زكاة فى خيل ورقيق قط، أى : لم يلزمكم ذلك، فليس معناه : إسقاط ما كان واجباً، ولا ترك عقوبة هنا فتأمل(17).
وصفوة القول : أن يقال : إما أن يكون صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنب أم لا؟ فإن قلنا : لا! امتنع على هذا التقدير أن يكون قوله "لم أذنت لهم" إنكاراً عليه. وإن قلنا : إنه صدر عنه ذنب – وحاشاه الله من ذلك – فقوله عز وجل : { عفا الله عنك } يدل على حصول العفو، وبعد حصول العفو يستحيل أن يتوجه الإنكار عليه.
فثبت أنه على التقديرين المذكورين، يمتنع أن يقال : إن قوله : { لم أذنت لهم } يدل على كون الرسول مذنباً، وهذا جواب شاف كاف قاطع.
وعند هذا يحمل قوله : { لم أذنت لهم } على ترك الأولى والأكمل، بل لم يعد هذا أهل العلم معاتبة، وغلطوا من ذهب إلى ذلك(18) كالإمام الزمخشرى(19) فقد أساء الأدب فى التعبير – مع جلالة علمه – عن بيان العتاب – فى زعمه – فقال : إن قوله تعالى : { عفا الله عنك } كناية عن الجناية، لأن العفو رادف لها، ومعناه : أخطأت وبئس ما فعلت(20).
وقد استغواه فى هذا التعبير السئ سلفه الجبائى(21) الذى يرى أن أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمستأذنين من المنافقين بالقعود عن الخروج معه إلى غزوة تبوك "كان قبيحاً، ووقع صغيراً"(22) فالزمخشرى – رحمه الله – مقلد فى سوء الأدب لشيخ شيوخ المعتزلة، وقد تابع البيضاوى(23) الزمخشرى فى جفوة التعبير فى هذا الموضع من تفسيره(24).
وقد علق أبو حيان(25) - رحمه الله تعالى فى البحر، على هذا المسلك من التفكير والتعبير فقال : "وكلام الزمخشرى فى تفسير قوله { عفا الله عنك لم أذنت لهم } مما يجب إطراحه، فضلاً عن أن يذكر فيرد عليه"(26) قال الألوسى(27) : "وكم لهذه السقطة فى الكشاف من نظائر"(28).
الشيخ عماد الشربيني
=============
أعظم المعترضون الفريةَ على نبيِّنا r لما قالوا عنه :إنه rيحرم ما أحله اللهُ... >>>
ثم قالوا: كيف يحرم ما أحله اللهُ ،هل هذه هي الأمانة في أداء الرسالة... ؟!>>
واستندوا في ذلك بقولِه I :] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (التحريم1) .>>
>>
· الرد على الشبهة>>
>>
أولاً : كان على المعترضين أن يكلفوا أنفسَهم بتكملةِ الآياتِ ليفهموها فهمًا صحيحًا....... >>
وعلى كلٍّ أقول: إن هذه الآيةَ والآياتِ التي تليها تشيرُ إلى قصةٍ حدثت في بيتِ النَّبِيِّ r، وهي قصة (العسل و المغافير) ؛ القصةٌ ثابتةٌ في الصحيحين واللفظ للبخاري برقم 4862 عن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا ، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ r فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ فَنَزَلَتْ:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إِلَى إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ }>>
لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ :{ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ } لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا.>>
نلاحظ بعد القراءةِ أن نساءه r تظاهرن عليه بدافعِ الغيرةِ المعروفة عند النساءِ عامة ، فحرّم النبيُّ r العسلَ على نفسِه إرضاءً لهن فعتابه اللهُ Iقائلاً له :]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ (التحريم1). >>
وعليه فهذه الآية الكريمة ليس فيها اتهامٌ له r بتحريم ما أحل الله ؛ ولكنها من بابِ العتاب له rمن ربِّه I الذي يعلم I أنه r يستحيل عليه أن يحرّمشيئًا ، أو أمرًا ، أو عملاً أحلّه اللهُ.....>>
فكلُّ ما هنالك أنه r شدد على نفسِه لصالحِ مرضاةِ زوجاتِه ،وذلك منخلقِه الرفيع ....وهذا من باب المشاكلة ثم العتاب لا كما فهم وزعم المعترضون ....>>
>>
=============
هل أخطأ المعصوم صلى الله عليه وسلم بإذنه للمنافقين بعدم الخروج!
(حوار بين عالم مسلم ومستشرق غربي)
ـ المستشرق الغربي:
لقد تذكرت شيئاً عن بعض أصحاب السير وبعض المفسرين أن رسول الله عاتبه الله تعالى لمَ أذن للمنافقين بعدم الخروج في غزوة تبوك بما ورد بالآية (43) في سورة التوبة: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ}.
فهل أخطأ الرسول باجتهاده ثم نزل الوحي مصححاً ومبيناً إذنه للمنافقين بعدم الخروج في غزوة تبوك وهي آخر غزواته، فقد بلغه أن الروم جمعوا جموعاً في الشام تبلغ عدتها الأربعين ألفاً يريدون غزوه في بلاده.
وكان ذلك في زمن عسرة الناس وجدب البلاد وشدة الحر فالصيف لمَّا ينته، والحر قد بلغ أعلى درجاته، فلمَ أذن لهم حتى عاتبه ربه بقوله: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لهم}؟
ـ العالم المسلم:
إن هذه الآية لا تفيد أي خطأ أو عتاب وما زعموه إن هو إلا خطأ في التفسير، وهذه الآية إنما تدل وتبين حكمة فعله صلى الله عليه وسلم، وأن هذا الإذن إنما هو بوحي من الله تعالى.
ـ المستشرق الغربي: ماذا، ليس فيه خطأ ولا عتاب وهو وحي من الله! كيف ذلك والعفو المعروف هو بعد الخطأ، فإن أخطأت معي مثلاً وسامحتك عندها أعفو عنك!
ـ العالم المسلم: مهلاً فكلمة (عفا) مأخوذة من العفو وهو محو أثر الشيء. تقول: عفا الهواء على آثار سير فلان في الرمل، أي: محا الآثار فلم يعد لها بقاء. وعفت الآثار على الأقوام المنقرضة، أي انمحت وزالت. وعفا الله عن ذنب فلان، أي: محا أثره من نفسه. وكلمة {عَفَا اللّهُ عَنكَ} بحسب سير الآيات إنما تعني خلاص رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان قد يحدثه المنافقون من الفتنة إذا هم خرجوا معه في هذه الغزوة، وهي تعني أيضاً أن الله تعالى قد أقر رسوله على فعله. فكلمة {عَفَا اللّهُ عَنكَ} تقول: خلصك الله وحفظك من شر هؤلاء المنافقين وأذاهم وذلك بإذنك لهم، ثم علل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله الكريم: {لمَ أذنت لهم}: أي ما السبب الذي دعوناك به لتأذن لهم. ثم بين تعالى السبب بقوله الكريم: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ}: أي إنك إنما أذنت لهم لوحي منا ليتبين لك المؤمن الصادق من المنافق الكاذب. إذاً فالله خلص رسوله من شر هؤلاء المنافقين بوحيه له أن يأذن لهم بعدم الخروج.
ـ المستشرق الغربي: وما دليل نفاقهم حتى يأذن لهم فلا يخرجوا معه؟
ـ العالم المسلم: تثاقلهم عن الخروج، ولم يعدوا له العدة، بل حتى وصل بهم الأمر لتثبيط الهمم عن نصرة الحق وأهله، إذ قال بعضهم لبعض كما جاء في سورة التوبة (81): {لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ...}. ووجدوا أن خير وسيلة للتخلص من مشقة الحرب وشدة الحر في مثل تلك الأيام الصعبة هو الاستئذان من الرسول ليسمح لهم بعدم الخروج.
وقد أذن لهم صلى الله عليه وسلم وغاب عنهم أن الله يعلم سرهم ونجواهم، وبطلبهم الإذن انكشف أمر كفرهم.
والله تعالى بين أحوال المؤمنين ثم المنافقين بقوله الكريم: {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ، إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} سورة التوبة (44ـ45).
ـ المستشرق الغربي: قلت لي أن كلمة {عَفَا اللّهُ عَنكَ} أي أزال عنك وحفظك مما سيحدثه المنافقون من الفتنة إذا خرجوا معك وخلصك من شرهم، فما الدليل من القرآن؟
ـ العالم المسلم: أرجو أن تحلم قليلاً ليتوضح وجه الحقيقة ساطعاً كشمس رابعة النهار... لقد بين تعالى أن فعل رسوله كان بموافقةٍ منه تعالى فقال: {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} سورة التوبة (46).
فالله كره انبعاثهم مع رسوله للحرب لما قد يقومون به من الأذى وتوهين الصفوف وبلبلة النفوس فثبطهم وقيل لهم بوحي منه تعالى على لسانك: {... اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ}، وهذا هو إذنه صلى الله عليه وسلم لهم بعدم الخروج والقعود مع القاعدين فكان الإذن إذاً من الله.
ثم وضّح تعالى أذاهم لو أنهم خرجوا مع الرسول فقال تعالى: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.
ـ المستشرق الغربي: حقاً بهذه الآية يتمم الجواب الصاعق المبين بجلاء معنى آية {عَفَا اللّهُ عَنكَ}: أي أزال ومحا ما كانوا سيحدثوه بخروجهم مع المؤمنين بالأدلة الثلاثة الواردة بالآية التي ذكرتها لي :
1 لو خرجوا ما زادوا المؤمنين إلا خبالاً، أي: لأحدثوا بلابل كبرى بينهم.
2 لبغوا الفتنة.
3 بما أن الرسول الكريم كان لا يفضحهم، بل يسترهم ولا يكشفهم رجاء إيمانهم وفريق من المؤمنين كانوا لا يعرفونهم أيضاً فهم سمّاعون لهم ظانين فيهم ظن الخير فأذاهم عليهم شديد.
حقاً لا يمكن بعد إيرادك وإيضاحك لهذه الآية أن يبقى اعتراض لمعترض أبداً، فالآية واضحة وضوح الشمس فلا خطأ على رسول الله ولا عتاب ويا ليت قرأوا هذه الآيات وربطوا المعنى دون أن يجعلوها قراطيس "أي يشرحوا آية منفردة دون ربطها بآيات الموضوع بكامله" فيبدونها مباشرة بذم المبرّأ المعصوم بالخطأ والعتاب هذا الظن المريع بنسبته إلى النبي وحاشاه وهو الذي لا ينطق عن الهوى، فالخطأ والعتاب لا أساس لهما أبداً.
حــفـــظ الإلــــه مــحمـداً فـــي
إذنـه لـــذوي لنفــاق حمــــاهُ
لـو أنـهم خـــرجــوا لــزاد أذهــم
وحـــيٌ بهــذا للنبــي أتـــــاهُ
عيــن الصـواب وللعيـون عـواقـب
ٌ نعمَ المعلـم اقتــده بهــــداهُ
أفكلَّما ضلَّ الطريق مفسِّرٌ عجباً
أينســـبُ للـرســـول عمـــــاهُ
مـا ضلَّ طــه مــا غــوى ليُعاتَبُ
والحق يشهدُ في بديع سناهُ
والحمد لله رب العالمين
===============
الرد على منكر السنة عن آية ما اتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا وان سبب نزولها تقسيم ممتلكات بني النضير العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2018/01/blog-post_164.html …
الرد على منكر السنة يدعي ان صفة الرسول معصومة صفة النبي غير معصوم
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_62.html
الرد على منكر السنة عن العصمة وان النبي بشر و يخطىء
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2018/01/blog-post_634.html
ملف حفظ السنة التدوين الرد على منكر السنة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_47.html
ملف مواضيع متعلقة بكون السنة وحي و الرد على شبهات منكرين السنة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_72.html
===================
حوار حفظ السنة
منكر السنة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_93.html
أسئلة عجز عن الإجابة عليها منكري السنة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/12/blog-post_55.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق