* نشأته عربيا وعالميا .
* رواد أدب الطفل العربى والعالمى ، وكتابه الكبار ، والمتميزين منهم ومن اشتهروا بإبداعاتهم الموجهة للطفل .
* قضايا الكتابة للطفل وفنه وهمومه ومشكلاته وما يعترضه من عقبات .
* محاولة طرح حلول لمثل هذه المشكلات والعقبات .
* الدراسات النقدية والحوارات الثقافية التى دارت حوله .
* جهود الدول والحكومات والمنظمات العربية للنهوض والإرتقاء به .
* وغيرها من الموضوعات المتعلقة بهذا الموضوع .
{ يتبع }
07/02/2010, 07:36 PMعبد المنعم جبر عيسي
رد: موسوعة أدب الطفل العربى
عالم الطفولة ..
ذلك العالم الخلاب .. المبهر بكل ما فيه من بساطة ، والذى لا يبدع فيه إلا من عاش احساس الطفولة ، وعانق سموها وبساطتها ، عايش أحداثها ومغامراتها .. وتهادى فى طريقهايبنى ويربى ، يرتبط بماضيه ويعايش حاضره ويستشرف مستقبله ..
لم لا والطفولة هى المستقبل ؟
نعم .. فلن ترتقى هذه الأمة إلا بتربية جيل جديد من أبنائها ، يرتبط بماضيه وتاريخه ، ولا ينفصل عن حاضره ، ولا يغيب مستقبله عن ناظريه .. جيل يتربى على الحب والعلم ، فى عصر يتسم بمتغيراته ، وحيث إننا نعد أطفالنا لزمان غير زماننا ، تصبح مسئوليتنا أكثر تعقيدا ، وعلينا أن نتفهم هذا المستقبل ونرسم في ضوء هذا الفهم استراتيجيتنا العربية لتربية الطفل العربي ، عربى المستقبل .. ودون هذا التخطيط لا يمكن أن ننجح في تربية أطفال يمكنهم التعامل مع المتغيرات المستقبلية على كافة المستويات ، والوقوف أمام ما تمثله ـ هذه المتغيرات ـ لنا من تحديات .
وتلعب ثقافة الطفل وأدبه دوراً مهماً في تشكيل شخصية الطفل وإعداده للمستقبل ، ويصبح الاهتمام بثقافة وأدب الطفل العربي من المهام التي يجب أن يضعها القائمون على تربية الطفل العربي نصب أعينهم .. فلم يكن الاهتمام بالمستقبل والعمل من أجل الغد وليد العصر ، فالإنسان منذ بداية عهوده الأولي كان يهتم بالمستقبل ، ويرتب ويعد من أجله ، وجاءالإسلام ليجمع بين الدين والدنيا ، وأكد على حاجات الطفولة وطريقة التربية الصحيحة ؛ ضمن إطار إسلامي يحير الألباب ويدهش الأفئدة ، حتى لقد أحدث ثورة عظيمة في المجتمع الجاهلى ؛ بإنكاره ورفضه لبعض الممارسات التى كانت سائدة ضد الطفولة ، كوأد البنات وكراهيتهن ، فحبب فى تربيتهن وأقرن ذلك بالفوز بالجنة ، كما حث على تعليم الولد الرماية والسباحة وركوب الخيل ، وسائر العلوم والمعارف ، ورغَّبَ فى كفالة اليتيم ورعايته .. والهدي النبوي الشريف مليء بالقصص والآثار التي توضح مدى الاهتمام بالطفولة فى صدر الإسلام .. ولكن اليوم نظرا لما يتسم به العصر من سرعة التغير ، أصبح الاهتمام بالمستقبل ضرورة حتمية ، وأصبح هناك فرع من فروع العلم الحديث يُعرف بالدراسات المستقبلية ، تعنى بالأساس بالتخطيط في المجالات كافة ، وتعطي مؤشرات للتوقعات المستقبلية التي يمكن التخطيط في ضوئها ، وانطلاقا من سمات عالمنا المعاصر ، والتوقعات المستقبلية نسعى لتحديد ما يحمله المستقبل من تحديات لشباب الوطن العربي في الغد ، الذين هم أطفال اليوم .
ونقصد بمثل هذه التحديات الصعوبات التي يمكن أن تواجه إنسان المستقبل ؛ وتعوقه عن مسايرة التقدم والتفاعل مع مجتمع الغد ، والتعامل مع معطيات الحضارة الحديثة وما يواجهه من مشكلات اجتماعية وسياسية ؛ قد يكون لها أثرها السلبي في حياته ومستقبله ( 1 ) .
يرى الدكتور عبد المجيد إبراهيم ( رئيس حركة التأصيل الأدبي والفكري بالقاهرة ) أن أدب الطفل هو علم صناعة المستقبل ؛ لأن هذا العلم يشكِّل وجدان الصغير ؛ الذي سيصبح فيما بعد كبيراً يتولى مقاليد الأمور ، وتكون تصرفاته انعكاساً إلى حد كبير لمرحلة الطفولة الأولى .
وإذا اجتمع أدب الطفل والدين ، فهما يتعاونان في تشكيل إنسانٍ صالح ؛ ليكون خليفة الله في أرضه ، فالخير ينمو عن طريق الدين والجمال عن طريق الأدب ( 2 ) ، وأدب الطفل في الأساس مادة خصبة لبناء قوى الإبداع والابتكار والموهبة لدى الطفل ، كما أنه يفجر الطاقات الكامنة لدى القارىء الصغير ، تمهيداً لإعادة صياغة القدرة النقدية والتحليلية التي ينبغي أن يبدأ الطفل في التسلح بها ، وهو يواجه الحياة . ويتم هذا عن طريق القصص ، والحكايات ، وسير العظماء ، والتأمل الواعي الذي تتضمنه الأشعار والغنائيات .
والحقيقة أن الإبداع للأطفال معناه تجسيد لحلم الطفولة ، وجعل الأدب معادلاً حقيقياً وفنياً ؛ وإنسانياً لهذا الحلم ، والوصول بالطفل إلى معايشته ؛ رغبة في تحويل قيم الحلم وجمالياته ، ورحابة انطلاقه إلى سلوك ، وفكر ناضج ، ووعي سليم ، وتخيل رشيد ، وتلك هي أهم عناصر ومقومات بناء شخصية أطفالنا في ظل عصر الثورة المعلوماتية . ( 3 )
في تقرير مشترك صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة " يونيسف " والجامعة العربية ، أكد أن أكثر من عشرة ملايين طفل خارج المدرسة في العالم العربي ، وفي احصائية عن نصيب الطفل من الكتب في العام وجد أن : الطفل الأمريكي : نصيبه من الكتب في العام 13260 كتاباً ، الطفل الإنجليزي : نصيبه من الكتب في العام 3838 كتاباً ، الطفل الفرنسي : نصيبه من الكتب في العام 2118 كتاباً ، الطفل الإيطالي : نصيبه من الكتب في العام 1340 كتاباً ، الطفل الروسي : نصيبه من الكتب في العام 1485 كتاباً في العام .. أما الطفل العربي فبقى بلا تصنيف أو رقم معين ، حتى لقد بلغ عدد كتب الأطفال الصادرة في أحد الأعوام 322 كتاباً فقط .
وانطلاقا من رسالة المربد الثقافية ، ودوره فى التوعية بأهمية وخطورة أدب الطفولة ، نخطو أولى خطواتنا نحو البحث ؛ حول أدب الطفل تأريخا وتوثيقا .. مفهوما ومضمونا .. واقعا ومأمولا .. آملين ميلاد جيل جديد من كتَّاب الأطفال العرب بنفس قامة وعطاء جيل الأساتذة ، من أمثال : كامل الكيلاني ، ومحمد سعيد العريان ، وعطية الأبراشي ، وابراهيم عزوز ، وأحمد نجيب ـ رحمهم الله جميعا ـ ، وعبد التواب يوسف ـ أمد الله فى عمره ـ من مصر .. وعمر فروج ، وحبوبة حداد ، وروز غريب من لبنان .. وعبد الكريم الحيدري ، ونصر سعيد من سوريا .. وغيرهم كثيرون يحفل بأسمائهم تاريخ أدب الطفل العربى ، ونأمل أن نتناول أعمالهم وسيرهم عبر حلقات موسوعتنا .
ولا أنسى أن أُذكِّر بأن هذا العمل كبير لا أضطلع به وحدى ، بل يشاركنى أجره زملاءُ آخرون ؛ وهم مثلى ما زالوا يتلمسون طريقهم ؛ وعما قليل يطلون عليكم بإبداعاتهم ، وليس لنا فيه من فضل إلا التطفل على موائد المبدعين ؛ روادا وأساتذة ، كتابا ونقادا ، وزملاء بذلوا كل غال ونفيس جدا واجتهادا .. وأن أحب الناس إلى نفوسنا من أهدى إلينا عيوبنا ؛ فصحح لنا إذا أخطأنا وعلمنا إذا جهلنا ووجهنا إذا ضللنا .. وأن ما يكون بعملنا هذا من توفيق فمن الله وحده ؛ وما كان فيه من تقصير فمنا ومن الشيطان .
والله تعالى هو الهادى إلى سواء السبيل .
--------------------------------------------
( 1 ) أدب وثقافة الطفل العربي وتحديات المستقبل .
( 1 ) الإعلام وثقافة الطفل العربي .. الأسباب والحلول .
( 2 ) أدب الأطفال مدخل للتربية الإبداعية . ا / انشراح ابراهيم محمد محمود .
08/02/2010, 02:28 PMعبد المنعم جبر عيسي
رد: موسوعة أدب الطفل العربى
الطفل .. بين مفهومى الأدب والثقافة
للأدب والثقافة بشكل عام مفهومين شاملين ، يدخل فى نطاقهما معنى أو مفهوم أدب الأطفال وثقافتهم اصطلاحا ، حيث لكلمة الأدب في المعاجم العربية معانٍ متعددة ، منها : أَدَبَ القومَ : دعاهم إلى طعامه (1) . وفي لسان العرب أن كلمة أدب تعني : الذي يتأدب به الأديب من الناس ، سميّ أدباً ؛ لأنه يأدِب الناس إلى المحامد ، وينهاهم عن المقابح (2) .. وفي القاموس المحيط : الأدب : الظَّرف وحسن التناول (3) .
أما التعريف الإصطلاحى للأدب ، فذكر أنه " فنّ من الفنون الإنسانية الرفيعة ، يحقّق هدفه بواسطة العبارة " (4) . وقالوا أيضا : " الأدب تعبير عن الحياة ، وسيلتهُ اللغة " (5) . وقالوا : هو الآثار اللغوية التي تثير فينا بفضل خصائص صياغتها انفعالات عاطفية أو إحساسات جمالية (6) .. واعتبره البعض " مؤسسة اجتماعية ، أداته اللغة "(7) ، ومن تعريفاته أنه " تجربة إنسانية معبرّ عنها بالألفاظ والجمل ، مع شرط مراعاة مطابقة التعبير وحسن اختيار اللفظ وتناغم الحرف ، وتناسق الجمل ، وملائمة الكلمات مع الموضوع ، والعناية بالصور ، واستخدام الخيال عنصراً ضرورياً ومتمماً في بناء التعبير بناءً جيداً "(8) . والأدب : " بناء لغوي يستغلّ كلّ إمكانيات اللغة الصوتية والتصويرية والإيحائية والدالة في أن ينقل إلى المتلقي خبرة جديدة منفعلة بالحياة " (9) .
لعل هذا التعريف الأخير هو أشمل التعريفات السابقة ؛ فقوله " بناء لغوي " معناه صياغة فنية محكمة ، كالبنيان المحكم غير المتصدّع ، فيشترط في لغة الأديب أن تكون صحيحة لا ضعف فيها ، تشدّ القارئ إليها شدّاً . وكما تكون الحجارة في البنيان ألواناً ، فكذلك ألفاظ الأديب . وقوله " يستغل إمكانيات اللغة الصوتية والتصويرية والإيحائية والدالة " فهي الأثاث الذي يكمل ذلك الصرح ويعطيه قيمته العالية ، فنبرة الصوت أمر مطلوب في الأدب ، وإلا فلماذا نقدم أحياناً لفظة أو نؤخّر أخرى ؟ أو لماذا نبدّل تركيباً بتركيب وكلاهما صحيح ومعناهما واحد ؟ كذلك التصوير - أيّاً كان نوعه - لاغنى للأدب عنه في إبراز الشعور والأفكار .
أمّا قوله " الدالة " فقد أراد به دلالة اللغة على المعاني والأفكار ، وهذه الإمكانات لابد أن تكون موحية مؤثّرة في القارئ ، فتنقل إليه شحنة من الشعور والأفكار هي الخبرة الجديدة (10) .
الثقافة :
ثَقُفَ فلان يثقُف ثَقْفاً وثَقَفاً وثقافة : صار حاذقاً خفيفاً فَطِناً (11) . وثقّف الشيء : أقام المعوجّ منه وسوّاه . وثقّف الإنسانَ : أدّبه وهذّبه وعلّمه . والثقافة : العلوم والمعارف والفنون التي يُطلب الحِذْق فيها (12) .
في كتب الاصطلاح ورد أنّ الثقافة هي " كلّ مظاهر العادات الاجتماعية في المجتمع المحلي واستجابات الأفراد نتيجة لعادات الجماعة التي يعيشون فيها ومنتجات النشاط الإنساني " (13) . فهي إذن : ما صنعه الإنسان في مجتمعه معنوياً كان أو مادياً كالمخترعات والاكتشافات والآداب والفنون وغير ذلك .
إنّ ثقافة الطفل هي كل الوسائط الفنية والثقافية والإعلامية والمكتبية والمعلوماتية التي يراد من خلالها التربية المتكاملة لذلك الطفل المنشود (14) . فالثقافة : أسلوب الحياة السائد في مجتمع الأطفال ؛ هذا الأسلوب المتفق مع خصائص الأطفال في مراحل نموهم .
ليست الثقافة نتاج فرد أو بضعة أفراد ولا جيل أو بضعة أجيال ، بل هي نتاج المجتمع ؛ فهي حصيلة للنشاط الإنساني عبر الأجيال ، ولها بُعدان : معنوي ومادي . وتظهر في ثقافة الأطفال الملامح الكبيرة لثقافة المجتمع في العادة ، فالمجتمع الذي يولي أهمية كبيرة لقيمة معينة تظهر في العادة في ثقافة أطفاله (15) .
كما أنّ للثقافة أثرها في أوجه نمو الأطفال المختلفة كالنمو العقلي والانفعالي والحركي والاجتماعي ، وهذا التأثير لا يتخذ نسباً معينة ، بل يتباين إلى حد كبير ؛ فالبيئة الثقافية لا تؤثر في النمو الجسمي إلا في نطاق محدود ، في حين تؤثر تأثيراً كبيراً في النمو الانفعالي والاجتماعي (16) .
------------------------------------------
1 - الصحاح : تاج اللغة وصحاح العربية ، إسماعيل بن حمّاد الجوهري ، تحقيق : أحمد عبد الغفور عطار ، مادة أدب ، دار الكتاب العربي ، مصر 1956 .
2 - لسان العرب ، جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور ، مادة أدب ، دار صادر ، بيروت .
3 - القاموس المحيط ، الفيروز آبادي ، تحقيق مكتب تحقيق التراث ، بإشراف : محمد نعيم العرقسوسي ، مادة أدب ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط 4 ، 1994 .
4 - تطوير تعليم الأدب ، محمد عبد القادر أحمد ، ص 148 ، اتحاد المعلمين العرب ، المؤتمر التاسع ، الخرطوم ، فبراير ،1976 .
5 - الأدب وفنونه ، عز الدين إسماعيل ، ص11 ، دار النشر المصرية ، ط1 ، مصر ، 1955 .
6 – انظر : الأدب ومذاهبه ، محمد مندور ، ص 5 ، دار نهضة مصر ، ط2 ، مصر .
7 - نظرية الأدب : رينيه ويليك ، وأوستن دارين ، ترجمة محيي الدين صبحي ، مراجعة د . حسام الخطيب ، المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، ط3 ، ص 119 ، دمشق .
8 - الرائد في الأدب العربي ، إنعام الجندي ، بيروت ، دار الرائد العربي ، 1979، ج 1 ، ص36 .
9 - الأدب وفنونه ، مرجع سابق ، ص25 .
10 - النقد الواضح ، محمد علي حمد الله ، ص 18-19، دار الكتاب ، دمشق ، ط1 ،1971 بتصرف ، انظر في تعريف الأدب أيضاً : تاريخ الأدب العربي ، عمر فروخ ، ج1 ص42 ، دار العلم للملايين ، بيروت ، ط2 ، 1969 .
11 - القاموس المحيط : مادة ثقف .
12 - المعجم الوسيط : مادة ثقف .
13 - قاموس علم الاجتماع : إعداد محمد علي محمد وآخرين ، حرره وراجعه محمد عاطف غيث ، ص110، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1979 وانظر : تطور صحافة الأطفال : الخطوط العريضة والعلامات البارزة ، في الحلقة الدراسية الإقليمية عن كتب الأطفال ومجلاتهم في الدول المتقدمة ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1984، ص170 .
14 - الندوات الثقافية المتخصصة ، المهرجان الوطني للتراث والثقافة الثامن 1413 هـ ، الرياض ، ندوة عن أدب الأطفال ، تعقيب للدكتور أحمد زلط ، ص102 .
15 - ثقافة الأطفال ، هادي الهيتي ، ص 26-27 ، وما بعدهما . عالم المعرفة ، الكويت ، العدد 123 .
16 - المرجع السابق ص ،44 وينظر : تحضير الطفل العربي للعام 2000، دراسة مستقبلية ، عماد زكي ، مركز 2000 لدراسات الطفولة والمستقبل ، ص 30 ، والتربية الثقافية للطفل العربي ، بهاء الدين الزهوري ، مجلة المعرفة السورية ، ع349 ، عام 1992، ص74.
08/02/2010, 02:32 PMعبد المنعم جبر عيسي
رد: موسوعة أدب الطفل العربى
من هو الطفل؟
ومع تعريف الطفولة كمرحلة عمرية يعبرها الإنسان ، نصل إلى تعريف أدب الأطفال ، ومرحلة الطفولة عند الإنسان هي أطول مراحل الطفولة عند الكائنات الحية ، لكن العلماء لا يتفقون على تحديد هذه المرحلة من مراحل النمو الإنساني ..
( الطفل ) في اللغة : هو الصغير من كل شيء ، أو المولود (1) ، جمعه : أطفال ، والطفل هو الولد حتى البلوغ ، ويستوي فيه الذكر والأنثى (2) .. قال الأصمعي : يقال غلام طفل وجارية طفلة ، ثم هو شَدَخ صغير إذا كان رَطْباً ، فإذا نما شيئاً ، وظهر سِمَنُه قيل : قد تضبّب وتحلّم (3) . وقد سمّى العرب الغلام الذي لم يبلغ الحِلم يافعاً ، وإذا احتلم قالوا : محتلم وحالم ، ثمّ ناشئ بعدها ، ثم طارّ (4).
أما في علم النفس فلكلمة ( الطفل ) مدلولان :
1- عام : ويطلق على الصغار من سنّ الولادة حتى النضج الجنسي .
2- خاص : ويطلق على الصغار من فوق سنّ المهد حتى سن المراهقة (5) .
وقد أجرى المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر بالاشتراك مع منظمة اليونسيف ؛ دراسة حدّدوا فيها مرحلة الطفولة بالمدة الواقعة بين الحمل وسن المراهقة حتى الثامنة عشرة ؛ فعلى هذا تكون مرحلة الطفولة قد ضمّت المراحل الآتية :
- مرحلة ما قبل الولادة .
- مرحلة المهد .
- مرحلة الطفولة المبكرة .
- مرحلة الطفولة المتأخرة .
- مرحلة البلوغ .
- مرحلة المراهقة حتى سنّ الثامنة عشرة .
لأنهم يرون أن الطفولة اسم جامع للأعمار بين المرحلة الجنينية ، ومرحلة الاعتماد على النفس (6).
ويقسم بعض العلماء حياة الفرد إلى : طفولة ، ورشد ، وشيخوخة ، ويقسمون مدة الطفولة إلى مرحلتين متعاقبتين :
1- مرحلة ما قبل الولادة ، وتبدأ بتلقيح البويضة ، وتنتهي بالولادة .
2- مرحلة ما بعد الولادة ، وتقسم إلى ثلاثة أطوار :
أ- الطور الأول : يبدأ بالمهد ، ويستمر حتى يستوي الطفل قائماً على رجليه ، ثم يتطور إلى الطفولة المبكرة .
ب- الطور الثاني : الطفولة المتوسطة .
ج- الطور الثالث : الطفولة المتأخرة (7).
ومن العلماء ، من يقسم ( زمن الطفولة ) قسمين أساسيين :
1- الطفولة المبكرة : من الولادة إلى سنّ الخامسة أو السادسة .
2- الطفولة المتأخرة : من سن الخامسة أو السادسة إلى الثانية عشرة (8).
ومنهم من يرى أنها تُقسم ثلاثة أقسام رئيسة :
1- الطفولة المبكرة من سنّ الثالثة إلى سنّ الخامسة تقريباً.
2- الطفولة المتوسطة : من سنّ السادسة إلى سنّ الثامنة تقريباً.
3- الطفولة المتأخرة : من سنّ التاسعة إلى سنّ الثانية عشرة تقريباً (9) .
وهناك من يقسم مرحلة الطفولة بحسب النمو الذهني واللغوي لدى الأطفال ، وهي عنده كالآتي :
1- من ثلاث سنوات إلى ست سنوات : مرحلة ما قبل الكتابة.
2- من ست سنوات إلى ثماني سنوات : مرحلة الكتابة المبكرة.
3- من ثماني سنوات إلى عشر سنوات : مرحلة الكتابة الوسيطة.
4- من عشر سنوات إلى اثنتي عشرة سنة : مرحلة الكتابة المتقدمة.
5- من اثنتي عشرة سنة إلى خمس عشرة سنة : مرحلة الكتابة الناضجة.
ولكل مرحلة من هذه المراحل خصائصها وسماتها (10) . ولا يعني هذا أن هناك حدوداً وفواصل قاطعة بين المراحل المذكورة ؛ لأنّ مراحل الطفولة كلّها تشكّل وحدة نموّ متصلة ومترابطة يُكمل بعضها بعضاً (11) ، ومن الصعب أن نصل إلى تقسيم دقيق نميّز فيه بداية المرحلة ونهايتها ، ولكن يُلجأ إلى هذه التقسيمات الشكلية لتسهيل البحث فحسب .
---------------------------------------------
1 - لسان العرب : مادة طفل .
2 - المعجم الوسيط : مادة طفل .
3 - خلق الإنسان : عن ثابت بن أبي ثابت ، ص 15، تحقيق : عبد الستار أحمد فراج ، الكويت ، 1965 ، وزارة الإرشاد والأنباء .
4 - المرجع السابق : ص 18 و19 .
5 - معجم العلوم الاجتماعية ، إعداد نخبة من الأساتذة المصريين والعرب المتخصصين ، تصدير ومراجعة إبراهيم مدكور ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1975 ، ص 369 .
6 - حقّ الطفل في التشريع الأردني : تحليل للبعدين النفسي والاجتماعي ، جهاد الخطيب وعبد الله الخطيب ، عمان ، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية ،1980 ، ص 10-11 وانظر : مسؤولية المفكر العربي إزاء قضية الطفولة ، تعقيب للدكتور صفي الدين أبو العز ، ص 32 ، معهد الإنماء العربي ، لبنان ، ط1، 1990 .
7 - فؤاد البهي السيد ، في كتابه : الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى الشيخوخة ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، ط2 ، 1968 ص90 .
8 - صالح عبد العزيز وعبد العزيز عبد المجيد ، في كتابهما : التربية وطرق التدريس القاهرة ، دار المعارف ، ط12 ، 1976 ، ج1 ص102 .
9 - الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى الشيخوخة ، مرجع سابق ، ص 92 .
10 - الطفولة والثقافة والمجتمع ، د . محمد سعيد فرح ، ص 17 وما بعدها ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، مصر ، 1993 والشعر والأغنية في أدب الطفل ، إبراهيم أبو عباه ، محاضرة ضمن الندوات الثقافية المتخصصة ، مرجع سابق ، ص114 .
11 – انظر : مسؤولية المفكر العربي إزاء قضية الطفولة ، مرجع سابق ، تعقيب للدكتورة سهير لطفي ، ص96
08/02/2010, 02:35 PMعبد المنعم جبر عيسي
رد: موسوعة أدب الطفل العربى
من مصطلحات أدب الأطفال
هناك تشابه واختلاف بين أدب الأطفال وأدب الكبار ، فهما يتفقان في المبادئ العامة ، ويختلفان في الخصوصية ، فأدب الأطفال خبرة لغوية في شكل فني ، يبدعه الفنان للأطفال بين الثانية والثانية عشرة أو أكثر قليلاً ، يعيشونه ويتفاعلون معه ، فيمنحهم المتعة والتسلية ، ويدخل على قلوبهم البهجة ، وينمّي فيهم الإحساس بالجمال ، ويقوّي تقديرهم للخير ومحبتهم له ، ويطلق العنان لخيالاتهم وطاقاتهم الإبداعية ، ويبني فيهم الإنسان (1).
ولا ينبع التمييز بين أدب الأطفال وأدب الكبار من المستوى الفني لكليهما فحسب ، بل يقع الاختلاف بينهما من حيث المستوى اللغوي والأسلوبي وطريقة معالجة القضايا واختيار الموضوعات في كلٍّ منهما (2).
أدب الأطفال " شكل من أشكال " كتابة " التعبير الأدبي ، له قواعده ومناهجه ، سواء منها ما يتصل بلغته وتوافقها مع قاموس الطفل ، ومع الحصيلة الأسلوبية للسنّ التي يؤلف لها ، أو ما يتصل بمضمونه ومناسبته لكل مرحلة من مراحل الطفولة " (3) .. أو هو " الآثار الفنية التي تصور أفكاراً وإحساسات وأخيلة تتّفق ومدارك الأطفال ، وتتخذ أشكال القصة والشعر والمسرحية والمقالة والأغنية "(4).
أدب الطفل كما عرَّفه أحدهم هو "جنس أدبي متدرج يوجّه إلى مرحلة من مراحل الطفولة وفقاً لما انتهى إليه علم النفس من الخصائص النفسية ، والجسمية ، والمعرفية لذلك الطفل "(5).
هذه بعض تعريفات أدب الأطفال ، وإن كانت متقاربة في المضمون عموماً . ولا تعارض بين التعريفات السابقة ، بل هي متكاملة ، وإن كان التعريف الأخير أشمل لإشارته إلى دور علم النفس ، وعلاقته بمرحلة الطفولة .
ولو قارنا بين مصطلحي ( الأدب والثقافة ) لتمكّنا من أن نلمح بينهما فرقاً ، هو أن الأدب يتصل بالنفس لا محالة ، وليس ذلك شرطاً في الثقافة ، بل لعله يفارقها في هذا المنهل ويتفرّد به دونها ، ومن هنا يمكن القول : لا بأس على أدب الأطفال أن يقدم شيئاً من الثقافة وإن لم تلامس النفس ؛ فصقل النفس وتهذيبها لا يتعارض مع تثقيف العقل . ونشير هنا إلى أن بعض الكتّاب (6) يرون أن " أدب الأطفال ليس إلاّ لوناً من ألوان الثقافة الموجهة له ". ولكنّا - مع إيرادنا لهذه المقولة - لا نقرّ أن الأدب لون من الثقافة ولا العكس ، وتبقى الحاجة إلى كلٍّ منهما في كلّ الأحوال ، ولا يصحّ الاقتصار على واحد منهما البتة .
اللغة :
اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم (7) ، وهذا من أقدم التعريفات وأشهرها في التراث العربي ، ويتضمن هذا التعريف عدة حقائق تتصل بماهية اللغة ووظيفتها ، وهي أن :
1- اللغة أصوات .
2- للغة وظيفة اجتماعية .
3- لكل مجتمع لغته الخاصة (8) . ويقال : سمعت لغاتهم أي اختلاف كلامهم (9).
مراحل النمو اللغوي عند الطفل تبدأ بالصراخ والمناغاة ، ثم ينمو القاموس اللغوي عنده تدريجياً ، وترتقي لغته ، وتزداد جملته تنسيقاً إلى أن يستطيع التعبير عن نفسه بطلاقة ، ثم يبدأ تذوقه للّغة من حيث اختيار المفردات وتركيب الجملة ، وهذه جميعها مراحل متكاملة متتابعة ، كل منها مقدمة للأخرى ومتممة لسابقتها (10).
إنّ لأدب الأطفال أهدافاً متعددة ؛ أهمها تنمية الثروة اللغوية لدى الأطفال ؛ لأنّ الألفاظ مفاتيح المعاني ، والمعاني لَبِنات الفكر والوجدان اللّذينِ تقوم بهما شخصية الفرد ، والفرد هو الأساس في بناء الأمة .
ليس المراد بالثروة اللغوية الألفاظ فحسب ؛ بل إنّ معناها يتّسع ليشمل الألفاظ ، والجمل ، والعبارات ، وما تتضمنه من تراكيب ، وأساليب مختلفة .
القصة :
قصّ الأثر : تتبعّه ، والخبر : أعلمه .. وقال تعالى : { نحن نقص عليك أحسن القصص } القصص (3) أي نبين لك أحسن البيان ، والقاص : من يأتي بالقصة (11) .. ولعل القصاص ينتمي إلى هذا الأصل اللغوي ، لأن القِصاص الأنفع هو الذي يسير في الناس ، فيعتبر به أولو الألباب ، وهذا شأن القصة .
تعريف القصة اصطلاحاً :
القصة فنّ أدبي يهدف إلى كشف أو غرس مجموعة من القيم ، والمبادئ ، والاتجاهات ، بالكلمة المنثورة التي تتناول حادثة ، أو مجموعة من الحوادث التي تنتظم في إطار فني من التدرج والنماء ، ويقوم بها شخصيات بشرية أو غير بشرية ، وتدور في إطار زمان ومكان محددين ، مصوغة بأسلوب أدبي راق يتنوع بين السرد والحوار والوصف ، ويعلو ويدنو وفقاً للمرحلة المؤلّفة لها القصة وللشخصية التي يدور على لسانها الحوار(12).
والقصة (13) أكثر الأجناس الأدبية انتشاراً وشيوعاً بين الأطفال ، وهي تستعين بالكلمة في التجسيد الفني ، حيث تتخذ الكلمات فيها مواقع فنية في الغالب ، كما تتشكل فيها عناصر تزيد في قوة التجسيد من إبداع خلق الشخصيات وتكوين المواقف والحوادث ، وهي بهذا لا تعرض معاني وأفكاراً فحسب ، بل تقود إلى إثارة عواطف وانفعالات بناءة لدى الطفل ؛ إضافة إلى إثارتها العمليات العقلية المعرفية (14).
والقصة باختصار جنس أدبي ، فيه تُسرد واقعة ، أو جملة وقائع تُستمد من الواقع ، أو الخيال ، أو منهما معاً ، وتُبنى على قواعد معينة .
وللقصة مقومات أساسية وقواعد ناظمة تتمثل في : الأحداث ، والشخصيات ، والبيئة ، الزمانية ، والمكانية ، والبناء الفني ، والأسلوب . وليست غاية هذا المقال التفصيل في بناء قصة الطفل ، حسبه أن يقف عند مصطلحات أساسية يكثر دورانها في أدب الأطفال و ثقافتهم .
وأخيرًا على من يتصدّى للكتابة للأطفال أن يطلّع على مقوّمات شخصية الطفل المعرفية ، والوجدانية السلوكية ، قبل أن يكتب لهم لرغبة في نفسه فحسب ؛ لئلا يكون ما يكتبه في واد ، و الأطفال في واد آخر ! وعليه أن يعي خطورة دور كلّ كلمة بل كلّ حرف يكتبه لهم ؛ لأنّ الطفل مُتَلَقٍّ تنهمر عليه الرُّؤى و القيم كالمطر لا يستطيع دفعها غالبًا ، و لا بُدَّ أن يخرج ما تشرَّبه عقله و وجدانه عاجلاً أو آجلاً . ومن هنا ندرك صعوبة الكتابة للأطفال ومُتعتها .
---------------------------------------------
1 - في أدب الأطفال ، د. علي الحديدي ، ص 100 و 101، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة ، ط7، 1996 ومشكلات الأدب الطفلي ، سيسيليا ميرايل ، ترجمة مها عرنوق ، ص 96-97، منشورات وزارة الثقافة ، دمشق ، 1997،
2 - انظر : أدب الأطفال ، محمد علي حمد الله ، ص 24 وما بعدها ، وزارة التربية ، سورية ، 1989 .
3 - في أدب الأطفال ، علي الحديدي ، مرجع سابق ، ص101 .
4 - أدب الأطفال : فلسفته ، فنونه ، وسائطه : هادي نعمان الهيتي ، ص 72، دار الحرية ، بغداد ، 1978 .
5 - الندوات الثقافية المتخصصة ، مرجع سابق ، تعقيب أحمد زلط ص102، وانظر : تقرير حول أدب الأطفال في المغرب ، إبراهيم الخطيب ، ص1، المؤتمر العام الثاني عشر للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ، دمشق ، 1979 .
6 - محاضرات في أدب الأطفال ، أحمد حسن أبو عرقوب ، ص42، عمان ،1982 .
7 – الخصائص ، ابن جني ، ج1، ص 33، تحقيق : محمد علي النجار ، دار الهدى ، ط2، بيروت ، 1952 .
8 - انظر : اللغة والطفل ، دراسة في ضوء علم اللغة النفسي ، د. حلمي خليل ، دار النهضة العربية ، بيروت ،1986، ص 47 .
9 - المعجم الوسيط : مادة لغا.
10 - لغة الطفل : شاكر عبد العظيم ، سلسلة " سفير " التربوية، رقم (1). وحدة ثقافة الطفل ، مصر ، ص18 و ما بعدها .
11 - القاموس المحيط ، مادة : قصّ .
12 - أدب الأطفال : أحمد حسن حنورة ، ص107، مكتبة الفلاح ، الكويت ط1، 1989 .
13 - هناك خلط بين الحكاية والقصة ؛ فالحكاية في الأصل ذات طابع شفهي مرتبط بالأدب الشعبي ، وهي في جانب من جوانبها ذات علاقة بالخرافة والأسطورة وما إلى ذلك من وجوه الحكاية ، في حين أن القصة نتاج فردي يؤلفه كاتب فرد ، وقد تكون مستمدة في بعض أنواعها من الحكاية والأسطورة .
انظر : في أدب الأطفال ، محمد صالح الشنطي . دار الأندلس ط1، 1996، ص276، وأيضاً : ثقافة الأطفال : هادي الهيتي ، مرجع سابق ص174، و185 و : الحكاية الساحرة ، دراسة في أدب الأطفال ، د. عبد الرزاق جعفر ، ص 45 و ما بعدها ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 1985 .
14 - ثقافة الأطفال : هادي الهيتي ، مرجع سابق ص 181، وأدب الأطفال ، محمد علي حمد الله ، مرجع سابق ، ص38و39 .
13/02/2010, 09:08 AMعبد المنعم جبر عيسي
رد: موسوعة أدب الطفل العربى
نشأة أدب الأطفال :
يعتبر أدب الطفل فى بلادنا ؛ من أهم روافد ثقافته العربية ، وذلك لما يتمتع به من عناصر جذب تشد انتباه القارىء الصغير ، كما أنه يمثل الجزء الأكبر من المادة الثقافية ، التي تقدم للطفل فى عالمنا ؛ عن طريق الأجهزة المتنوعة والوسائل المتعددة ، ولا نبالغ إذ ذهبنا إلي القول بأنه عصب وسائل إعلام الطفل ، فالنصيب الأوفر في صحافة الأطفال لأدب الطفل بعامة وقصص الأطفال بخاصة ، وكذلك كل ما تقدمه وسائل الإعلام الأخرى من إذاعة وتليفزيون ، ومسرح يعتمد بشكل أو بأخر على النتاج الأدبي الذي كتب للأطفال ، أي أن أدب الأطفال يشكل معظم المادة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية التي تقدم للطفل .
و ( أدب الأطفال ) لا يختلف في كثير من الخصائص والسمات الفنية عن أدب الكبار ، ولكن نظراً لاختلاف خصائص الأطفال عن الكبار أصبح لأدب الأطفال قواعده ومناهجه ، سواء منها ما اتصل بلغته وتوافقها مع قاموس الطفل اللغوى ، ومدى موائمتها للمرحلة العمرية التي توجه لها .
وتتعدد تعاريف أدب الأطفال ، وببساطة يمكن أن يعرف أدب الأطفال ، بأنه حصيلة ما يكتب للأطفال خصيصاً من نتاج أدبي ، روعي فيه خصائصهم اللغوية والنفسية والعقلية ، متمثلا في الأشكال الأدبية المتنوعة من قصة وشعر ومسرحية وأغنية .
والكتابة للأطفال فن يتطلب مهارات خاصة لدى الكاتب ، وإلمام بحاجات الأطفال وتطلعاتهم في كل مرحلة سنية من مراحل نموهم ، وصعوبة الكتابة للأطفال تتأتى من عوامل عدة أبرزها عدم قدرة الأديب على فهم عالم الطفل ، أو عدم قدرته على نسيان عالمه ـ عالم الكبار ـ إلي حد ما ، إضافة إلي ما يكتنف عالم الطفولة من غموض ، فإن جمهور المتلقين الصغار يتفاوت في مستوياته النفسية واللغوية والعقلية والعاطفية ، وفقا لمراحل النمو وما يرتبط بها من ظروف حياتية ، فضلاً عن تفاوته من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية .. لذلك فإن هناك أسس فنية للكتابة للأطفال من حيث اللغة والمضمون ، وأيضاً هناك مواصفات في أديب الأطفال تتصل بالجوانب المهارية والمعرفية والخلقية .
ولا يختلف المؤرخون فى أن ( أدب الأطفال يوجد حيث توجد الطفولة ، لكونه جزء لا يتجزأ عن باقي احتياجاتها المادية والنفسية والروحية ، فكما يحتاج الطفل إلي الطعام والشراب والحنان والرعاية ، فإنه في حاجة ماسة إلي ما يثري فكره ، ويرتقى بوجدانه ) والأديب الكبير ( عبد التواب يوسف ) يؤكد أن أجدادنا العرب قد تنبهوا لأدب الأطفال وثقافاتهم قبل ( هانز أندرسون ) بنحو عشرة قرون ، واستدل على رأيه بعبارات جاءت في كتاب ( الأسد والغواص ) الذي كتب في القرن العاشر الميلادي ، منها ( والمرء إذا أراد أن يخاطب صبياً بما يقبله ويُسَرُ به تصابى له في حديثه ) .. وربما تتفق الآراء مع رأى كاتبنا ؛ على أن معظم الحضارات والأمم القديمة ؛ لم تهتم بتسجيل حياة الطفولة لديها ، أو ما يمكن أن نسميه بـ ( أدب موجه للأطفال ) ، وما وصل إلى أيدينا منه كان قليلا ونادرا ، ومتصلاً بعمل من أعمال الكبار .
13/02/2010, 09:10 AMعبد المنعم جبر عيسي
رد: موسوعة أدب الطفل العربى
ويرى الأستاذ الدكتور ( علي الحديدي ) أن أدب الأطفال خلال مسيرة تطوره مر بثلاثة أطوار رئيسية :
* الطور الأول بدأ عام 1697 بصدور أول كتاب أدبي للأطفال كتبه الشاعر الفرنسى " تشارلز بيرو " بعنوان ( حكاية أمي الأوزة ) ، وتضمن هذا الكتاب حكايات شعبية ، وقد أصدره تحت اسم مستعار وهو اسم ابنه الصغير " بيرو دار مانكور " ، وأثارت هذه المجموعة في فرنسا والبلاد الأوروبية الأخرى ، بعد أن ترجمت إلى لغاتها ، حركة أدبية نشطة ، دفعت الأدباء إلى البحث والتنقيب في الآداب الشعبية الأوروبية وإلى الاهتمام بحكايات الأطفال . ومن ناحية أخرى اجتاحت حكايات " ألف ليلة وليلة " أوروبا بعد أن ترجمها انطوان جالان بين عامى ( 1714-1704) ، فتأثرت بها قصص الأطفال تأثيراً كبيراً ، وبعد عامي (1749-1747) ظهرت في فرنسا أول صحيفة للأطفال وهي صحيفة ( صديق الأطفال ) وكان هذا أيضاً اسم محرر الصحيفة المستعار !
وفي انجلترا لم تكن كتب الأطفال في القرنين السابع عشر والثامن عشر تضع اهتمامات الأطفال موضع الاعتبار بل كان هدفها تقديم النصح والإرشاد . وأدب الأطفال الحقيقي بدأ عندما قدم " جون نيوبري " بمساعدة عدد من المختصين أدباً شيقاً ومفيداً للأطفال فاختصر ( روبنسون كروز ) و ( رحلات جليفر ) لتناسب القارىء الصغير وفي عام 1865 ظهرت في انجلترا أشهر مجموعة قصصية كتبت للأطفال وهي ( أليس في بلاد العجائب ) للكاتب " لويس كارول " وفي ألمانيا ظلت الحكايات الخرافية تكتب للكبار حتى جاء الأخوان " يعقوب ووليم جريم " فأصدرا كتاباً بعنوان حكايات الأطفال والبيوت ، وجاء في جزئين صدرا في الأعوام (1812-1814) . وفي الدنمارك ظهر رائد أدب الأطفال في أوروبا " هانز كريستيان اندرسون " 1805-1875) . وفي روسيا شد عالم الأطفال الشاعر " بوشكين " (1799-1837) الذي كتب للأطفال أشعاراً تناسب أفكارهم وسنهم ، و "تولستوي) (1828-1910) الذي كتب الكثير من القصص للأطفال .
* أما الطور الثاني في مسيرة تاريخ الأطفال فظهر بعد الحرب العالمية الأولى ، وقد رافق هذه المرحلة الدراسات المنهجية حول " علم نفس الطفل " ، كما برز الاهتمام بالطفل كإنسان مستقل ، وبدأ الاهتمام بالطفولة على كافة المستويات ولدى جميع الهيئات .
* وبدأ الطور الثالث في مسيرة أدب الأطفال العالمية ، بعد الحرب العالمية الثانية وانطلق أدب الأطفال إلى عصره الذهبي في دول العالم المتقدم ، ففي أمريكيا مثلاً تنوعت أشكال التعبير ووسائل من كتب وصحف ومجلات ومسرحيات ومكتبات عامة ، وزاد عدد الناشرين للأطفال في معظم دول العالم ، وأدرج أدب الأطفال ضمن مناهج الدراسة في المعاهد العليا ، وبدأت ترافقه حركات نقدية تدرسه وتحدد ملامحه وقواعده واتجاهاته .
وقد أزدهر أدب الأطفال بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الحاجة إلى إقامة ثقافة للأطفال في بلدان المنظومة الاشتراكية وبعض دول أوروبا وأمريكيا اللاتينية . وكان الهدف الأساسي من وراء ذلك كله هو الاتجاه العام لبناء ورعاية جيل ما بعد الحرب ، والتركيز على تربيته من جديد وفق منظور علمي قادر على تنمية الدافع الإنساني في سلوكه.
13/02/2010, 09:12 AMعبد المنعم جبر عيسي
رد: موسوعة أدب الطفل العربى
ويختلف " أورئيل أوفك " مع الدكتور على الحديدى فيقسم تطور أدب الأطفال إلى خمسة أطوار :
أ . الفترة القديمة : وتضم هذه الفترة النصوص التي كتبت في الحضارة القديمة ، والتي تتلاءم مع أدب الأطفال في أيامنا . وقد وجدت على أوراق البردى الكثير من هذه النصوص المتبقية منذ زمن الحضارة القديمة .
ب . العصور الوسطى : في هذه الفترة قام رهبان الأديرة بجمع القصص القديمة من أماكن بعيدة وحافظوا عليها ، وبواسطتهم تم نشر هذه القصص ، التي ضمت أيضاً قصصاً للأطفال . وإلى جانب ما قام به الرهبان لوحظ اهتمام بالقصص الشعري في هذه الفترة .
جـ . عصر الطباعة : وتبدأ هذه الفترة بعد منتصف القرن الخامس عشر ، أي بعد اختراع الطباعة ، حيث بدأت في أوروبا طباعة كتب تضم قصصاً شعبية . وفي سنة 1550م صدرت في إنجلترا الكتب الأولى المطبوعة المخصصة للأطفال سميت " Horn Book" ، ولم تتخذ الكتب في تلك الأيام شكل وإخراج الكتاب في أيامنا ، بل كانت هذه الكتب عبارة عن صفحة مطبوعة عليها الكلمات من جهة واحدة . وبعد ذلك بدأت كتب الأطفال تتخذ شكل الكراريس المتعارف عليها في أيامنا . وفي القرن السابع عشر ظهر كتاب ( أمي الأوزة ) لمؤلفه " شارل بيرو " 1628-1703) ، وهي المجموعة الأولى التي احتوت أساطير كتبت خصيصاً للأطفال ، وقد احتوى الكتاب على ثمانية أساطير ، منها : ( سندريلا ) ، و ( القط أبو جزمة ) ، و ( ليلى الحمراء ) .. وفي القرن الثامن عشر برز " الأخوان جريم "، و" هانز كريستان أندرسون "، ككتاب أطفال معروفين .
د . العصر التعليمي : وتبدأ هذه الفترة مع صدور كتاب " إميل " لروسو (1762) الذي شدد فيه على أهمية التعامل مع الأطفال حسب أجيالهم ، وتتميز هذه الفترة بصدور المواد العلمية والتثقيفية والموسوعات الخاصة بالأطفال ، وفي منتصف القرن الثامن عشر نجد اهتماماً لدى كتاب أدب الأطفال بعنصري التشويق والمتعة ، ورائد هذا الاتجاه " جون نيوبري " (1713-1767).
هـ . العصر الحديث ( الذهبي ) : بدأ هذا العصر في منتصف القرن التاسع عشر مع صدور كتاب ( أليس في بلاد العجائب ) لمؤلفه لويس كارول ، وقد صدر بعد هذا الكتاب الكثير من الكتب الموجهة للأطفال ، وبدأت اتجاهات متعددة في الكتابة للأطفال .
ولما كان أدب الأطفال لا يزال ناشئاً وليداً في الأمم الغربية ، فقد استعان كثير من مؤلفي قصص الأطفال بما جاء في ( ألف ليلة وليلة ) من عناصر شيقة للأطفال ، ومن هؤلاء المؤلفين ( هانز أندرسون ) ، كما وأصبحت هذه القصص ( ألف ليلة وليلة ) جزءاً من ثقافة الأطفال في أوروبا بعد ظهور تراجم باللغات الأوربية لها ، فقد زودت الليالي أدب الأطفال العالمي بمصادر وحي جديدة كان تأثيرها على هذا الأدب كبيرا ، وأصبح السندباد ، وعلي بابا ، وعلاء الدين ، والبساط السحري ، والأميرات والأمراء ، والحصان الطائر ، والخوارق ، رموزاً تسبح في فضاء أدب الأطفال العالمي ، ولها مكانة خاصة في عالم الأطفال . ومن أوائل المجموعات القصصية التي تأثرت بألف ليلة وليلة واستوحت الكثير منها مجموعة " دار لاروس " المعروفة تحت اسم " مؤلفات الناشئة " التي تشمل على فئتين من الكتب : " كتب الناشئة الزرقاء " و " كتب الناشئة الوردية " واحتوت هاتان المجموعتان على حكايات من الليالي ، وهي جميعها عبارة عن تهذيب واقتباس للحكايات ترجمها " جالان " و " ماردروس " وتم إعدادها بصورة تلائم الأطفال ، وظل هذا التأثير مستمراً حتى يومنا هذا ، فسحر الليالي لم ينطفىء بعد وامتد إلى السينما والتلفزيون ، فنجد حكايات الليالي تعرض كأفلام وصور متحركة للأطفال في محطات البث العربية والأجنبية .
13/02/2010, 09:13 AMعبد المنعم جبر عيسي
رد: موسوعة أدب الطفل العربى
أدب الأطفال العربي :
التراث العربي الإسلامي حافل بألوان كثيرة من أدب الأطفال ، وتذكر المصادر التاريخية والأدبية عدداً كبيراً من الأشعار في الجاهلية والإسلام ، التي تعد من الأناشيد أو الأشعار والأغاني الخاصة بالأطفال ، كما أن التراث غني بالنصوص النثرية شريطة أن نخضعها لظروف عصرها وطبيعته وقيمه وعاداته .
وإذا كان الأدب العربي في العصور السابقة لم يعرف فناً أدبياً ناضجاً خاصاً بالأطفال أو موجه لهم ، فهو لا ينفرد بذلك وحده ، فقد ميز هذا النقص آداب الأمم الأخرى أيضا ، ولكننا نعثر في الأدب العربي على بعض المؤشرات الإيجابية التي انفرد بها الأدب العربي عن غيره وتميز بها ، منها على سبيل المثال : الاهتمام المبكر بالتربية الشاملة للأطفال روحياً وجسدياً منذ فجر الإسلام ، ووجود الأرضية التراثية الخصبة التى تضمنها التراث الأدبي العربى الواسع ، وهو ما جعل البعض يَخْلُص إلى إلى القول بأن أدب الأطفال العربي قديم وكان بعضه مشمولا في أدب الكبار ، وإن بعض القدماء وضعوا كتباً للأطفال ونصوا في المقدمة على ذلك ، وإن عبارة " أدب الأطفال " عبارة قديمة .. والأذرعي المولود سنة 750هـ-1349م كان ملماً بأدب الأطفال ، قبل أدب الأطفال الأوروبي بـ 135 سنة .
وقد اختلف الباحثون حول هوية أول كتاب عربي للأطفال ، فهناك من يرى أن أول كتاب أطفال عربي حديث ، هو ( النفثاث ) لرزق الله حسون من مدينة حلب ، وكان صدوره سنة 1867.. بينما رأى الأديب ( أحمد نجيب ) ـ رحمه الله ـ أن قصة ( القطيطات العزاز ) لمحمد حمدي وجورج روب ، التي نشرتها دار المعارف سنة 1912 هي أول كتاب أطفال عربي ، وأن ما سبقه من كتب لا تتحلى بالصفات المطلوبة في كتاب الطفل ، رغم توجه أصحابها بها إلى الطفل العربي ، بينما رأى الأديب ( عبد التواب يوسف ) أن أقدم قصة عربية هي ( الأسد والغواص ) . .
وأدب الأطفال في العالم العربي حديث ، وإن كانت جذوره تمتد إلى مصر القديمة ، وجذوره الحديثة أيضاً تمتد إلى مصر الحديثة ، حيث حملت مصر مشاعل الريادة لهذا الفن في الأدب الحديث .. ففي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي بين عامى ( 1849-1854) أتم محمد عثمان جلال (1828-1898) ترجمة معظم الحكايات الشعرية الخرافية الغربية إلى العربية نقلاً عن الشاعر الفرنسي لافونتين (1621-1695 ، وقد اطلق محمد عثمان جلال على كتابه المترجم اسم : ( العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ ) ويعتبر إصدار مجلة ( روضة المدارس ) المصرية في عام 1870م ونشرها المواد الأدبية للطلاب والكتّاب مرحلة غير مسبوقة في نشر الكتابات الأدبية للناشئين .
ويرى بعض الدارسين الذين تناولوا تاريخ أدب الأطفال بعام 1875م ، كبداية لنشأة أدب الطفل في الأدب العربي الحديث ، ودليلهم إصدار ( رفاعة الطهطاوي ) لكتابة ( المرشد الأمين في تربية البنات والبنين ) في تلك السنة ،
ومن قصصه المترجمة حكايات الأطفال ، عقلة الاصبع ، وهو أول من ادخل قراءة القصص في المنهج المدرسي .
وفي العصر الحديث ، كان للأدب العربي دور بارز في ميدان القصة ، فقد أنجز بعض الشعراء الرواد ، من أمثال " أحمد شوقي " شعراً قصصياً عظيماً للطفال ، معبرين عن ميول هذا السن المبكر ورغباته ، فجاءت أشعارهم لتحكي قصصاً وروايات على لسان الحيوان والطير ( وكان شوقي بأغنياته وقصصه الشعرية التي كتبها على ألسنة الطير والحيوان للصغار رائداً لأدب الأطفال في اللغة العربية وأول من كتب للأحداث العرب أدباً يستمتعون به ويتذوقونه ) .
وعندما أصدر الشاعر أحمد شوقي ديوانه ( الشوقيات ) عام 1898 ؛ دعا الشعراء في مقدمة الديوان في الكتابة للأطفال ، وقد تضمنت الشوقيات عدداً من الحكايات الشعرية على ألسنة الحيوان ، ويعتبر أحمد شوقي بذلك رائداً للأدب الشعرى الموجه للأطفال ، وقد تأثر شوقي بأسلوب " لافونتين " ، حيث جاء في مقدمة الديوان : ( وجربت خاطري في نظم الحكايات على أسلوب " لافونتين " ، فكنت إذا فرغت من وضع أسطورتين أو ثلاث اجتمع بأحداث المصريين وأقرأ عليهم شيئاً منها فيفهمونه لأول وهلة ، ويأنسون إليه ويضحكون من أكثره وأنا استبشر لذلك ، واتمنى لو وفقني الله لأجعل للأطفال المصريين مثلما جعل الشعراء للأطفال في البلاد المستحدثة ، منظومات قريبة المتناول يأخذون الحكمة والأدب من خلالها على قدر عقولهم ) .
إن ( القصص التي كتبها شوقي للأطفال تهدينا إلى الحكم بأن الشاعر كان يدرك أن " أدب الأطفال " أقوى سبيل يعرف به الصغار الحياة بأبعادها المختلفة ، وإنه وسيلة من وسائل التعليم والتسلية ، وأسلوب يكتشف به الطفل مواطن الخطأ والصواب في المجتمع ، ويوفقه على حقيقة ما في الحياة من خير وشر ) .
13/02/2010, 09:14 AMعبد المنعم جبر عيسي
رد: موسوعة أدب الطفل العربى
القصة على لسان الحيوان ، ليست جديدة على الشعر العربي ، فالكل يعرف أن كتاب " كليلة ودمنة " ترجم إلى العربية قبل أن يترجم إلى اللغات الأوروبية ، وأن الأديب الفرنسي " لافونتين " برع وبرز في قصصه التي اقتبسها عن كليلة ودمنة ، والتي جعلت من " لافونتين " صاحب فضل على الشعراء العرب ، أمثال أحمد شوقي عندما قلدوه في هذا الفن ، ونجحوا في تقديم القصص والحكايات التي لا تقل جودة عن قصص وحكايات لافونتين
، ويمكن القول أن من خطا الخطوات الأولى في مجال أدب الأطفال محمد عثمان جلال ثم ابراهيم العرب ، وأحمد شوقي وثلاثتهم شعراء ، وتبع شوقي محمد الهراوي الذي نظم الأناشيد والأغاني للأطفال ، وفي مجال الكتابة النثرية ألف ( علي فكري ) عام 1903 كتابه ( مسامرات البنات ) ، كما وضع عام 1916م كتاباً آخر للبنين سماه ( النصح المبين في محفوظات البنين ) ، والمحاولات المذكورة سابقاً كانت محفزاً للكثيرين ليتابعوا الطريق ، أمثال : عمران وفايز الجمل ، وحسن توفيق ، ونعمه ابراهيم ، وتوفيق بكر ، ومحمد عبد المطلب ، وقد غلب على كتبهم الطابع التعليمي ، وتلا جيل الرواد جيل برز في الثلث الثاني من القرن العشرين أمثال : عمر فروج ، وحبوبة حداد ، وروز غريب في لبنان .. وعبد الكريم الحيدري ، ونصر سعيد في سوريا ، وبعضهم تجاوزت شهرته حدود بلاده ، مثل : كامل الكيلاني ومحمد سعيد العريان وعطية الأبراشي ، وابراهيم عزوز ، وأحمد نجيب ، وعبد التواب يوسف .. وقد تميزت كتابات هذه المرحلة بالاقتباس والنقل من اللغات الأجنبية ، أو التبسيط لكتب العرب القداما، ، يضاف إلى ذلك عدم اهتمام أصحابها بالطفولة في مراحلها الأولى ، وحاول مؤلفو هذه المرحلة إحياء التراث العربي ، فلجأوا إلى ألف ليلة وليلة ، وكليلة ودمنة ، والحكايات الشعبية ، ليزودوا الأطفال بأمتع القصص من هذا التراث ويعتبر كامل الكيلاني من أبرز كتاب هذه المرحلة للأطفال ، ويعتبر الرائد الفعلي والحقيقي لأدب الأطفال العربى ، وقد كتب الكيلاني أكثر من مائتي قصة ومسرحية للأطفال ، وكانت أول قصة له هي السندباد البحري (1927) ؛ كما كانت الترجمة مصدراً رئيسياً من مصادر أدب الأطفال في العالم العربي بين الحربين العالميتين ، ثم بدأت تتراجع لصالح التأليف العربي إلى تأليف نوعي في السبعينات ، دون أن تختفي الترجمة ودون أن تتمكن من المحافظة على مكانتها السابقة ، إضافة إلى أن تطور أدب الأطفال في الوطن العربي كان غير متكافىء ، ففي حين كانت الترجمة أساساً لهذا الأدب الفريد في مصر فإنها لم تكن في سوريا والعراق ، ومقابل تأخر ظهور أدب الأطفال في دول الخليج تطور هذا الأدب بسرعة في لبنان وسوريا والعراق ومصر وتونس وترى ( سمر الفيصل ) أن العلاقة بين أدب الأطفال والتراث العربي ما زالت في بداياتها الأولى ، لأن مشكلة الاستلهام من التراث ما زالت قيد الدراسة ، وما يلاحظه المرء من قصص وأشعار ومسرحيات مستمدة من التراث ، يجب أن يخضع لسؤال هام عن مدى ملاءمته للطفل ؟ وهل هو تبسيط للتراث ؟ أم استلهام منه ؟
ومع انقضاء الثلث الثاني من القرن العشرين ، بدأ أدب الأطفال بانتزاع اعتراف الهيئات العلمية والأدبية به ، كفن وعلم له قواعده وأدواته ، وسلك طريقه ليصبح مادة من مواد التدريس في الجامعات العربية .. وقد كان لحرب يونيو عام 1967 أثر كبير على الاهتمام بالأطفال وأدبهم ؛ من خلال رؤية تهدف إلى بناء مجتمع سليم قوي ، والذي يشكل الأطفال اللبنة الأساسية فيه ، فصارت تعقد الندوات والمؤتمرات ، وتقام المراكز من أجل النمو بالطفل وأدبه ، ومن ابرز من اهتموا للكتابة للأطفال بعد حرب حزيران سليمان العيسى وزكريا تامر من سوريا .. وفي الوقت الذي قطعت بعض الدول العربية شوطاً في مجال أدب الأطفال ، مثل : مصر وسوريا ، نجد دولة اليمن يتحدد ميلاد أدب الأطفال فيها بالعام 1973م ، أما في المغرب فحتى سنوات الثمانين كان أدب الأطفال يخطو خطواته الأولى ، وقد رافقه ترجمات من أدب الأطفال الفرنسي ، والذي كان منتشراً فى لبنان.
ويتميز الثلث الأخير من هذا القرن بالتنافس بين دور النشر لإصدار مجموعات ملونة جميلة ذات طباعة جذابة للأطفال ، وقد تجاوز التنافس حدود الكلمة والكتاب ليصل إلى برامج الكمبيوتر الخاصة بقصص الأطفال وقصائدهم ، وكما انه يتم استغلال الكثير من البرامج الترفيهية والتعليمية للأطفال . ويلاحظ منذ السبعينات حتى الآن غزارة في الكتابة للأطفال ، وقد ساعد على تنشيط حركة الكتابة وسرعتها التغيرات التي طرأت على البنية العقلية التربوية ، وعلى تغيير موقع الطفل في العملية التربوية كذلك في عملية التطوير الاجتماعي ، وتحقيق تطلعات المستقبل ، ويضاف إلى ذلك كله اهتمام الهيئات الثقافية والتربوية بما يكتب للطفل وتشجيعها على نشره . وعلى الرغم من الانتباه الجماهيري المتزايد لأدب الأطفال ؛ كنتيجة مباشرة لنجاحه التجاري ، فإن المؤسسات الأكاديمية والنقدية في الشرق ؛ لم تكرس بعد جهودا كافية لبحث هذا الأدب ، وإن وجد بعض الباحثين الذين بدأوا يتوجهون لبحث أدب الأطفال .
01/05/2010, 06:49 AMعبد المنعم جبر عيسي
أدب الأطفال والتربية الإبداعية
للأدب تأثير كبير على لغة الأطفال وتفكيرهم وسماتهم النفسية والشخصية ، ومن الأهمية بمكان أن يتعرض الطفل منذ الطفولة المبكرة للنماذج الأدبية المختلفة ؛ لكي يتشكل لديه الحس والذوق الأدبي الفني .. ففي البداية يسمع الطفل الأنشودة والقصة من الوالدين ومعلمة الروضة ، وبعد أن يتعلم القراءة ، يقرأ بنفسه ما يختار من القصص والأناشيد والمجلات وغيرها .
وتلعب المدرسة بما فيها من إدارة ومعلمين ومرشدين تربويين ونفسيين دوراً مهماً في الكشف عن طاقات الطفل الإبداعية ، وتشكيلها ، وتنميتها ، ويمكننا أن نقول في هذا السياق إن الإبداع من أنواع السلوك التي يمكن أن يتعلمها الفرد . وهنا يجب أن نؤكد أهمية وجود المعلم المبدع ( أو على الأقل المقدر للإبداع ) ، فإذا لم يكن المعلم نفسه مفكراً مبدعاً مجدداً ، فكيف نتأمل منه الكشف عن الطلاب المبدعين ورعايتهم ؟
ويقصد بالتربية الإبداعية أن توجه التربية اهتمامها وأساليبها وأنشطتها ونتائجها إلى مجال الإبداع ، مع مراعاة خصائص وإمكانيات ومقومات كل من التربية وعمليات الإبداع ودورها بالنسبة للفرد والمجتمع ، أي أنها هي التربية في مجال الإبداع ، وما يمكن أن يحدث بينهما من تفاعل ونشاط إيجابي متميز ، مع توظيف خصائص الإبداع ومقوماته لإثراء حياة الفرد والمجتمع الحاضرة والمستقبلية ، وتنميتها ، وتطويرها لمواجهة ما يطرأ عليها من متغيرات ومواقف ومتطلبات ، بأفضل صورة ممكنة . ( 1 )
وأدب الأطفال كـ : "خبرة لغوية في شكل فني ، يبدعه الفنان ، وبخاصة للأطفال فيما بين الثانية والثانية عشرة أو أكثر قليلاً ، يعيشونه ويتفاعلون معه ، فيمنحهم المتعة والتسلية ، ويدخل على قلوبهم البهجة والمرح ، وينمي فيهم الإحساس بالجمال وتذوقه ، ويقوي تقديرهم للخير ومحبته ، ويطلق العنان لخيالاتهم وطاقاتهم الإبداعية ، ويبني فيهم الإنسان . كما يعرف أدب الأطفال بأنه شكل من أشكال التعبير الأدبي ، له قواعده ومناهجه ، سواء منها ما يتصل بلغته وتوافقها مع قاموس الطفل ، ومع الحصيلة الأسلوبية للسن التي يؤلف لها ، أم ما يتصل بمضمونه ومناسبته لكل مرحلة من مراحل الطفولة ، أم يتصل بقضايا الذوق وطرائق التكنيك في صوغ القصة ، أو في فن الحكاية للقصة المسموعة . ( 2 )
وأدب الأطفال في مجموعه هو : " الآثار الفنية التي تصور أفكاراً وأحاسيس وأخيلة تتفق ومدارك الأطفال وتتخذ أشكال القصة والمسرحية والمقالة والأغنية " ( 3 )
والقول عن الأدب بأنه " الآثار الفنية التي تصور أفكاراً وأحاسيس وأخيلة " قد ينطبق على الأدب عامة - الموجه للصغار والكبار على السواء - ولكن قول الهيتي بوجوب ملاءمة تلك الآثار الفنية لمدارك الأطفال ، أو ضرورة ملاءمة مضامين تلك الآثار مع " قدرات الأطفال العقلية والخيالية والعاطفية " ، هذا التحديد يشير إلى اختلاف أدب الأطفال وتميزه عن أدب الكبار بسبب اختلاف جمهور المتلقين الصغار وخصائصهم .
وفي ضوء ما سبق ، يمكن أن نجد لأدب الأطفال في المرحلة العمرية التي يدور الحديث حولها ، مفهومين رئيسيين :
أدب الأطفال بمعناه العام : وهو يعني الإنتاج العقلي المدون في كتب موجهة لهؤلاء الأطفال في شتى فروع المعرفة ؛ مثل : كتب الأطفال العلمية المبسطة ، والمصورة ، وكتبهم الإعلامية ، ودوائر المعارف الموجهة إلى الأطفال .
أدب الأطفال بمعناه الخاص : وهو يعني الكلام الجيد الذي يحدث في نفوس هؤلاء الأطفال متعة فنية سواء أكان شعراً أم نثراً ، وسواء أكان شفوياً بالكلام ، أم تحريرياً بالكتابة ؛ مثل قصص الأطفال ومسرحياتهم وأناشيدهم وأغانيهم وما إلى ذلك .
ومما تجدر الإشارة إليه أننا عندما نتحدث عن الكتب ، إنما نقصد إلى معناها الواسع ، بحيث تضم : المقروء ، والمسموع ، والمرئي ، تمشياً مع مقومات التقدم التقني المعاصر .
"ويرى بعض الباحثين ، أهمية التمييز بين النتاج الفكري عن الطفولة والنتاج الأدبي الموجه لهم . وينادون بإعادة النظر بين هذين النتاجين . ويرون أن أدب الأطفال له آثاره الإيجابية في تكوينهم ، وبناء شخصياتهم وإعدادهم ليكونوا رواد الحياة .
والطفل هو الإنسان في أدق مراحله وأخطر أطواره ، ومن ثم فإن الاهتمام بالجانب الوجداني من حياة الطفل يتعين ألا يعلوه أي اهتمام آخر ، ويقوم أدب الطفل بوظائف التربية الجمالية والأخلاقية والنمو اللغوي ... الخ " يمكن القول إن غالبية الأدباء والباحثين الذين تطرقوا لقضية اللغة والأسلوب في أدب الأطفال ، يجمعون على ضرورة مراعاة لغة الطفل وقاموسه حسب مراحل العمر والنمو ، مع محاولة الارتقاء التدريجي لهذه اللغة ، وهذا بدوره ينعكس في الأمور التالية :
" على صعيد الألفاظ والتراكيب اللغوية – الدعوة لاستخدام الألفاظ والتراكيب السهلة ، وتجنب الغريبة غير المألوفة منها ، والإقلال من المفردات والتراكيب المجازية إلا ما جاء منها عفو الخاطر ، واللجوء إلى التكرار في الألفاظ والتعابير .
وعلى صعيد الجملة ، تركيبها ونحوها – استخدام الجمل القصيرة أو المتوسطة الطول ، وتجنب الجمل الطويلة المعقدة . استخدام الجمل والألفاظ الدالة على المعاني الحسية وتجنب المجرد المعنوي .
وعلى صعيد الأساليب – تحري الوضوح والجمال والدقة وتجنب الإسراف في الزركشة والزخرف والثراء اللغوي المتكلف ، وتجنب أسلوب التلميح والمجازات الغامضة الصعبة ، والاقتراب من خصائص " لغة الكلام " والاستفادة من أسلوب الراوي في الحكاية الشعبية الشفهية " ( 4 )
ويعتقد البعض أن الكتابة للأطفال أكثر مشقة من الكتابة للكبار ، بسبب الاشتراطات التربوية والثقافية التي يلتزم بها كاتب الأطفال ، وبسبب مراعاته للمستوى العقلي والنفسي للمتلقين.
ويمكن القول إن أدب الأطفال قد يكون كل عمل أدبي يكتب ابتداءً وخصيصاً للأطفال ، وقد يكون كذلك كل عملٍ أدبي يكتب ثم يقرأه الأطفال فيستسيغونه ، ويجدونه مادة أدبية مشوقة ومحببة لهم حتى ولو لم يقصد مؤلف ذلك العمل توجيهه أصلاً للأطفال .
وبالفعل ، هناك الكثير من الأعمال الأدبية التي لم تكتب خصيصاً للأطفال ، ولكنها أصبحت مع مرور الزمن ، بعد تعديلها وملاءمتها ، من المواد الأدبية الشائقة والمحببة لدى القراء الصغار ، من بين تلك الأعمال نذكر رواية " روبنسون كروزو " للكاتب دانيال ديفو (1660-1731 ) ، والرواية الساخرة " رحلات جلفر " لجوناثان سويفت (1667-1745) . كذلك يدخل ضمن هذا الإنتاج الأدبي الذي أصبح جزءاً من أدب الأطفال ، الأساطير والحكايات الشعبية بعد تعديلها وملاءمتها للأطفال ، كحكايات وقصص " ألف ليلة وليلة " و" سيرة عنترة " وغيرهما . ( 5 )
يمكن لأدب الأطفال أن يدعم بقوة تربية الأطفال التربية الروحية الصحيحة ، التي تدعم بدورها بناء شخصية الفرد السوي ، الذي يتسم بالصفات التي تدعم الفكر والابتكار والإبداع ، فهو الإنسان القارئ ، المفكر المتأمل ، العامل الجاد ، الصابر المثابر ، المدقق الذي يتقن عمله ، الذي يطلب العلم طوال الحياة ، والذي يعيد النظر في أفكاره وأعماله بهدف تقييمها وتطويرها ، والذي يهتم بشؤون مجتمعه ومشكلاته، والذي تتسم تصرفاته بالموضوعية بعيداً عن الأهواء الشخصية .
ويمكن لأدب الأطفال أن يعدهم للحياة في عالم الغد ، بمتغيراته وتكنولوجياته المتقدمة . وأدب الأطفال العام والخاص بألوانه المختلفة ، يقدم هنا لخدمة الحياة في مناخ المستقبل : المادة المعرفية والمعلومات والمهارات والقيم ، ما يعين الأطفال على التكيف مع المستقبل ، والتحلي بالمرونة ، والتفكير العلمي ، والقدرات الابتكارية والإبداعية اللازمة لمواجهة المتغيرات الجديدة .
كما يقوم أدب الأطفال بدور مهم في إثراء لغة الطفل ، واللغة - كما رأينا- وثيقة الصلة بالتفكير . وتقوم القصص والمسرحيات والأغاني والأناشيد ، وغيرها من ألوان الإنتاج الأدبي ، بدعم القيم والصفات اللازمة لعمليات التفكير الإبداعي والابتكاري ، مثل : دقة الملاحظة ، والصبر والمثابرة ، والتفكير الجاد المستمر ، وتنمية الخيال ، والتفكير الناقد ... الخ . وألوان الإنتاج الأدبي المقدم للأطفال تصل إلى دعم هذه الصفات والقيم الإيجابية بوسائل شديدة الفعالية ، مثل : التقليد والقدوة ، الاستهواء ( وهو تقبل آراء الآخرين ممن يعجب بهم الطفل ويقدرهم من غير نقد أو مناقشة )، والانطباعات ، والاندماج ، والتعاطف الدرامي ، والتقمص ، وغيرها .
ويقدم أدب الأطفال قصص العلماء والمخترعين ، وأهل الإبداع ، ليتخذ الأطفال من حياتهم وسيرهم وتصرفاتهم نماذج وأمثلة تحتذى . كما يقدم أدب الأطفال أنماطاً للتفكير المستهدف ، ونماذج للتصرف السليم في مختلف المواقف ، ومن خلال تصرفات الأبطال الذين يعجب بهم الطفل ويقدرهم ، فيقلد تصرفاتهم ويتبنى أساليبهم من غير تردد ، على أن يكون هذا مما يخدم أساليب التفكير العلمي ، والتفكير الابتكاري والإبداعي .
وكتب الأطفال التي تقدم لهم أنشطة عملية وفكرية ، تقوم بدور مهم في القيام بعمليات التصنيف ، واكتشاف المختلف والمتشابه ، والتدرب على دقة الملاحظة ، وابتكار الحلول ، والخروج من المتاهة ، وإكمال الصور والرسوم ، وحل الأحاجي والألغاز وما إلى ذلك .
وأدب الأطفال في قصصه وبرامجه التلفزيونية والإذاعية وغيرها ، يتيح مواقف تستدعي من الأطفال: دقة الملاحظة والتأمل، والربط والتعليل، والاستنتاج، وحسن إدراك الأمور، وتشجع الرغبة في تفسير المسائل وحل المشاكل، وللقصص البوليسية دور في تنمية مهارات التفكير السابقة.
ويجب أن يستمتع الأطفال بالكتابة الإبداعية ( 6 ) ، ويجب أن تتاح لهم فرصة اختيار مواضيع وطرق الكتابة ، وعلى المعلمين أن يؤكدوا للطلاب أن القصة الجيدة تتطلب تتابعاً منطقياً وتسلسلاً حقيقيا ً؛ لذلك يجب أن يكون كاتب القصة عالماً بتفاصيل الأشياء التي يكتب عنها، وكذلك مدركاً وملماً بكثير من الأشياء التي حوله ، وفي عالمه .
قد يكون من الصعب على الطالب أن يدرك معنى " قصة "، فهو قد تعرض للعديد من القصص منذ الصغر ، سواء بالاستماع إليها أولاً ، ثم بقراءتها بنفسه ثانياً . وهو قد يدرك معنى القصة بطريقة حدسية في البداية . وبعد ذلك ينمو مفهوم القصة لديه من خلال قراءة القصص في الصف ، وبعد ذلك مناقشتها ، وهو أمر مهم جداً ، فإذا تمت عملية مناقشة القصة بطريق ناجحة ، فإن الطالب يبدأ بملاحظة أوجه الشبه والاختلاف بين الكتب ذات أساليب الكتابة المختلفة ، وكذلك ذات المحتوى المختلف ، ويبدأ بتشكيل فكرة عن الأساليب وأنماط البناء التي تتبعها القصة عادة .
ومناقشة القصة تكون من خلال تحليل عناصرها ( الشخصيات ، الزمان ، المكان ، الأحداث ، الفكرة المركزية والمغزى ، الأسلوب والألفاظ ) وكل ذلك بطريقة مبسطة تناسب المرحلة العمرية للطفل .
وقد يكتب القصة طالب واحد ، وقد يكتبها مجموعة من الطلاب ، أو طلاب الصف جميعهم ، وتسمى القصة في هذه الحالة " القصة الجماعية ".
مفهوم القصة الجماعية : هي القصة التي يقوم بتأليفها مجموعة من طلاب الصف أو جميعهم بمساعدة المعلم وإرشاده غير المباشر ، معتمدين في ذلك توارد الأفكار ، وقصف الأذهان وابتكار الكلمات ، التي تتم في بيئة اجتماعية تخلق فيها فعاليات التعلم والأنشطة المتنوعة داخل الصف بشكل جماعي وتعاوني مكمل .
إن الكشف عن الأطفال المبدعين ورعايتهم ، ليس بالأمر السهل ، بل أمر يحتاج إلى تخطيط تربوي ، وحشد هائل للطاقات المادية والبشرية .
وتقع على عاتق الأسرة والمدرسة كمؤسستين تربويتين مسؤولية احتضان الأطفال ورعايتهم ، والبحث باستمرار عن القدرات الكامنة فيهم ، وجعلها تظهر في أعمال إبداعية تعبر عن أفكارهم ومشاعرهم .
ويجب أن تتوفر للطفل البيئة المساندة للإبداع ، ومن ميزات هذه البيئة أنها داعمة لشخصية الطفل ، فهي تقدره لذاته وتوفر له الأمن النفسي الذي يستطيع في ظله أن يعبر عن أفكاره بحرية ، وأن يظهر أعماله الإبداعية ، ومن ميزات البيئة المساندة أيضاً أنها داعمة للقراءة ، والمقصود هنا قراءة أدب الأطفال الذي يقوم بوظائف التربية الجمالية والأخلاقية والنمو اللغوي .
وهناك علاقة جدلية بين القراءة ومفهوم الإبداع ، فالقراءة تدفع الأطفال للإبداع ، الذي بدوره يزودهم بالثقة بالنفس ، وبطرق ذات معنى لاستخدام اللغة ، وأخيراً يشجعهم على القراءة أكثر ، وهكذا تبدأ الدائرة من جديد .
والكتب المدرسية جزء من أدب الأطفال ، فهي نتاج عقلي مدون في كتب موجهة للأطفال ، ولذلك عليها أن تراعي الخصائص العقلية والنفسية لهم . ويجب أن تشتمل الكتب المدرسية على الكثير من النماذج الأدبية الشائقة والجميلة ( القديمة والحديثة ) التي تمتع نفس الطفل بقراءتها ، وتنمي ثروته اللغوية ، وتوسع آفاقه الفكرية ، وتجعله يتصل فكرياً وعاطفياً بأفراد الشعوب الأخرى ، فيخلق لنفسه أصدقاء من الكتاب ، وأصدقاء خياليين من شخصيات القصص .
وعندما يقرأ الطفل كثيراً، ويتذوق فنياً النصوص التي يقرأها ، تتغذى ميوله وقدراته الإبداعية ، وقد يصبح راغباًً في الكتابة بنفسه ، وهنا يأتي دور الوالدين لتشجيعه ، ودور المعلم في المدرسة ليأخذ بيده ويدربه على الكتابة . وعلى المدرسة أن تضع خططاً لتدريب الطلاب على الكتابة الإبداعية ، فلا يبقى الأمر خاضعاً للصدفة ، ومزاج المعلم ، وفسحة الوقت .
--------------------------------------
( 1 ) أحمد نجيب ، ( أدب الأطفال علم وفن ) ـ القاهرة - دار الفكر العربي .
( 2 ) رافع يحيى ، ( تأثير ألف ليلة وليلة على أدب الأطفال العربي ) ـ حيفا : دار الهدى للطباعة والنشر .
( 3 ) محمود أبو فنة ، ( القصة الواقعية للأطفال في أدب سليم خوري ) ـ حيفا : دار الهدى للطباعة والنشر .
( 4 ) و ( 5 ) المرجع السابق .
( 6 ) ( أدب الأطفال والتربية الإبداعية ) للكاتبة : سناء العطاري ( معلمة ومرشدة اللغة العربية ) .
=============
الناصرة: مركز الطفولة يطلق سلسلة قصص أطفال
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2018/02/blog-post_52.html
ملف اسماء بعض كتاب ادب الطفل
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2018/02/blog-post_21.html
علي الحمادي: أدب الأطفال في الإمارات والخليج يتصدر العالم العربي
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2018/02/blog-post_58.html
قصص اطفال بالصوت و الصورة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2018/02/blog-post_22.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق