الأحد، 8 مارس 2015

 الإمام - في المنظور الإمامي - ينازع جبّار السموات والأرض في صفات الألوهية والربوبية !


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فبينما كنت أستمع للمحاضرة الرائعة للشيخعبد الله الخضري والتي كانت بعنوان ( قراءة في التشيع الإمامي الآثار والمخاطر ) والتي كانت بمنتهى الروعة والتأثير فانقدح في ذهني تعليق يصب في صلب موضوع المحاضرة فأحببت أن أورده هنا للانتفاع به وكما يلي:
إن مسلسل منازعة الإمام لجبّار السموات والأرض في صفات الربوبية والألوهية لم يقف عند حد لدى أصحاب الإمامة.

فهاهم أكابر علماء الإمامية وأعمدة مذهبهم يزرعون في نفوس أتباعهم استحضار الخوف من بطش الإمام عند مواقعتهم للمعاصي سراً في خلواتهم سواء كانوا في مشارق الأرض ومغاربها وفي سهولها وكهوفها وأنهارها وجبالها ووديانها.

نعم أصَّلوا لأتباعهم أن يستحضروا الخوف من الإمام أن يخرج عليهم حين مواقعتهم للمعاصي فيعاقبهم عليها في أي صقع من أصقاع الأرض كانوا فهو قادرٌ على ذلك ومحيط بكل شئ علماً وما يكون من نجوى ثلاثة أو أكثر من ذلك إلا وهو معهم أينما كانوا ، فلا أدري ماذا بقي لجبار السموات والأرض من صفات يتفرد بها عن الإمام.
وقبل أن يستعجل البعض بالإنكار في نسبة هذه العقيدة لأصحاب الإمامة ، أقول صرح علماء الشيعة في معرض إثباتهم لحصول الفائدة من إمامهم الغائب لأتباعه الشيعة رغم غيبته عنهم فقالوا إن اعتقاد الشيعة بإمكانية خروج الإمام ومعاقبته عند مواقعتهم للمعاصي سراً يكون رادعاً لهم عن المعاصي وباعثاً لهم على الطاعات وعندها تحصل لهم فائدة من الإمام رغم غيبته عنهم وإليك أهم نصوص أركان المذهب وأعمدته:

1- يقول السيد المرتضى في كتابه ( المقنع في الغيبة ) تحت عنوان (استلهام الأولياء من وجود الإمام ولو في الغيبة ) ص 72:[ وجملته : أن أولياء إمام الزمان عليه السلام وشيعته ومعتقدي إمامته ينتفعون به في حال غيبته النفع الذي نقول إنه لا بد - في التكليف - منه ، لأنهم مع علمهم بوجوده بينهم ، وقطعهم على وجوب طاعته عليهم ، ولزومها لهم ، لا بد من أن يهابوه ويخافوه في ارتكاب القبائح ، ويخشوا تأديبه وانتقامه ومؤاخذته وسطوته ، فيكثر منهم فعل الواجب ، ويقل ارتكاب القبيح ، أو يكون ذلك أقرب وأليق ، وهذه هي جهة الحاجة العقلية إلى الإمام].

2- يقول شيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي في كتابه ( الاقتصاد ) ص 300-301:[ وأولياء الإمام ومن يعتقد طاعته ، فاللطف بمكانه (بغيبته) حاصل لهم في كل وقت عند كثير من اصحابنا، لانهم يرتدعون لوجوده من كثير من القبائح ، ولأنهم لا يأمنون كل ساعة من ظهوره وتمكينه ، فيخافون تأديبه كما يخافونه وان لم يكن معهم في بلدهم وكان بينه وبينهم بعد، بل ربما كانت الغيبة أبلغ لأن معها يجوز ان يكون حاضراً فيهم مشاهداً لهم وان لم يعرفوه بعينه].

3- يقول علامتهم ابن المطهر الحلي في كتابه ( الألفين ) ص 50:[ وأما عند غيبته فلأنه يُجَوِّز المكلَّف ظهوره كل لحظة فيمتنع من الاقدام على المعاصي وبذلك يكون لطفاً].

فهل ستجد - في ضوء هذه العقيدة - تفرُّد لله تعالى بصفة البطش لردع العاصين ، تلك الصفة التي أخبر الله تعالى بها عن نفسه سبحانه بقوله ( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) / سورة النحل ( 45- 47 )
وقوله تعالى ( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) / سورة الأعراف ( 97-99 )

بل أن آيتهم في المذهب محمد آصف المحسني قد تنبَّه لما في هذه العقيدة من مشاركة الإمام لله تعالى في البطش والمؤاخذة على الذنب ، فقال معقباً على هذه العقيدة في كتابه ( صراط الحق ) في جزئه الثالث :[ والاعتقاد بوجوده عليه السلام ولزوم انقياده لا يزيد على الاعتقاد بوجود الله العليم المحيط بكل شيء ، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، والذي هو أقرب إلى المكلفين من حبل الوريد ، فلا أثر له زائد ، على ما يترتب على هذا الاعتقاد ].


ملاحظة:
لمن أراد الاستماع إلى المحاضرة القيمة فهي على هذا الرابط:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق