الأربعاء، 6 مايو 2020

التعليم الطبى فى مصر مصاب بـ"شيخوخة"


.. مضمون المناهج وطرق التدريس لم يتغيرا منذ 89 عاما.. "الحق فى الصحة": الدراسة تعانى فوضى وتنتج طلابا فاقدين للمهارات.. وعميد طب "القاهرة": شكلنا لجنة عليا للمناهج

الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة
كتبت آية دعبس
الجمعة، 27 مارس 2015 10:20 ص
يعانى التعليم الطبى فى مصر، عددا من المشاكل التى تحول بين دارسيه وتقدم مستوياتهم العلمية والمادية، إذ إنه لم يتم تطويره منذ عشرات السنوات رغم ما شهده العالم من تطور كبير بكافة أنواع العلوم، وهو ما يشير إلى وجود خطورة حقيقية على مستقبل الدراسة الطبية، خاصة فى ظل استمرار الكليات فى ابتكار وسائل مختلفة للتغلب على الأمر.

طلاب "الطب" يفقدون المهارات الأساسية للرعاية الصحية


قال الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، أن التعليم الطبى فى مصر يواجهه مشاكل غير محدودة، مشيرا إلى أنه منذ عام 1926 تم وضع أسلوب دراسة أمريكية للتعليم الطبى، ومنذ ذلك الوقت حدث تطويرات جديدة فى التعليم حول العالم لم تدخل إلى كليات الطب فى مصر.

وأوضح خليل، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع، أن التعليم كان فى البداية يهتم بإعطاء المعلومات أو التلقين، أما الآن فهو ينقسم إلى معلومات ومهارات ومواقف بمعنى أن المعلومات تشمل المعلومات الأساسية لتأدية الوظيفة الخاصة به، والمهارات الخاصة بكل طبيب لتحديد معاناة كل مريض، بالإضافة إلى كيفية الحكم على المواقف واتخاذ قرارات مهنية.

وأضاف: "تعليمنا يشكوا من زيادة شديدة جدا بالمعلومات، فمثلا هناك 25 سببا وراء تضخم الكبد لدينا إذا أجاب طالب البكالوريوس بذكره 20 منها يحصل على امتياز، و15 يحصل على جيد جدا، لكن فعليا الطالب سيخرج ممارس عام وليس أخصائى كبد، وعندما أجرينا دراسات على 100 حالة بمستشفى الدمرداش على 100 حالة اكتشفنا أن الأسباب تكمن فى 4 فقط، وبالتالى نجد هنا أن وضوح مهمة الطبيب الممارس العام ليست منطبقة من الأساس على المناهج".

التعليم الطبى فى مصر "متخلف"


ووصف منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، التعليم الطبى فى مصر بـ"المتخلف"، موضحا أن معلوماته حديثة لكن هيكل التعليم وطرق التدريس تنتج طلاب لديهم معلومات زائدة ونقص بالمهارات وفاقدين للمهارات الإكلينيكية أو القدرة على اتخاذ القرارات السلمية، لافتا إلى أن الحل الحكومى للمناهج، بدلا من تطوير لمناهج التعليم، دفع بعض الكليات ككلية طب المنصورة إلى عمل دراسة "موازية" بمصروفات تصل إلى 25 ألف للطالب الواحد، حيث يدرس بها مناهج مختلفة تماما نظرا لتعاقد الكلية مع جامعة مانشستر فى إنجلترا.

وأوضح أن الأساتذة الذين يدرسون بها من أفضل الدكاترة، ونسبتهم إلى الطلاب أعلى من النسب الموجودة بالتعليم المجانى، والامتحانات تجرى من خلال طب المنصورة وجامعة مانشستر والورق يتم تصحيحه بالخارج، وبالتالى أصبح فى النهاية هناك تعليم مجانى للطب ينتج طلابا أقل كفاءة كثيرا من الآخرين، وهم الذين سيعانون بشكل مباشر من البطالة، وتعليم بمصروفات تخرج أعدادا أعلى كفاءة بأموالهم، بدلا من حل مشاكل الطب بشكل حقيقى.

وتابع: "الطب ليس علما بيولوجيا فقط، بل يحتاج الطبيب أن يكون ملما بعلم النفس والظروف المجتمعية التى تشهدها البلاد وعلاقتها بالأمراض، ومجموعة كبيرة من العلوم السلوكية والمجتمعية والإدارية التى يستفيد بها فى حياته، وهو ما لا يدرس فعليا، حتى إن بعض الكليات هى التى أقرتها من نفسها على الطلاب كطب الإسكندرية، وهى من أحد أوجه التخلف الشديد فى المناهج الطبية، والأمر الذى نتج عنه فوضى التعليم الطبى وتدهور فى المستوى ونتائجه بالطبع ضعف مستوى الخريجين".

التطورات التى أجريت على المناهج ليست كافية للنهوض بـ"التعليم الطبى" فى مصر


فى سياق متصل، أكد الدكتور فتحى خضير عميد كلية طب جامعة القاهرة، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن خلال السنوات الماضية حدث الكثير من التطويرات للمناهج الطبية حول العالم لكنها مازالت ليست كافية لتحقيق الطموح المرجو من العملية التعليمية، مشيرا إلى أن الكلية كونت لجنة عليا للمناهج لمراجعة المقررات من أول السنة الأولى للطلاب وحتى الدكتوراه لمنع وجود ازدواجية فى المناهج، وإزالة الأجزاء القديمة منها والتى طرأ عليها تطور، من خلال الاستعانة بمجموعة كبير من الأطباء.

وأشار خضير إلى أن الموارد المالية المخصصة لكلية الطب بجامعة القاهرة، ليست كبيرة ولا تكفى للعملية الدراسية، إلا أنهم يحاولون زيادة موارد الكلية، من خلال عمل كورسات لطلاب كلية طب 6 أكتوبر بمصروفات فى آخر شهرين بالعام الدراسى، واستضافة الطلاب الوافدين، مشيرا إلى أن الكلية 25% من طلابها وافدين من العرب والآسيويين والدول الأوروبية، الذين يدفعون مصروفات مرتفعة لوزارة التعليم العالى وبالتالى يمكنها الصرف بشكل أفضل على الكليات.

التعليم الطبى فى مصر يحتاج إلى ثورة حقيقية لتصحيحه


من جانبه، أكد الدكتور أحمد شوشه، عضو مجلس نقابة أطباء مصر، أن وضع التعليم الطبى فى مصر متدنى جدا، وأن لا أمل فيه إلا بثورة حقيقية لتصحيحه، مشيرا إلى أن الدراسات العليا بعض أساتذة الجامعات التى تخشى حال زيادة أعداد الأطباء الحاصلين على الشهادات التأثير على عياداتهم وكثافة المرضى بها، يلجأون إلى إغلاق الفرص أمام حديثى التخرج، مما يهدد العديد من الأطباء إلى فقد كافة معلوماتهم خاصة أن بعد مرور 10 سنوات على الطبيب دون دراسة يصبح غير مؤهل للعمل.

وأضاف شوشه، فى تصريحاته لـ"ليوم السابع"، أن العديد من الأساتذة لا يلقون اهتماما بتطوير التعليم ومناهجه، نظرا لوجود فرص جيدة أمام أبنائهم وتسفيرهم للخارج، واصفا التعليم الموازى الذى أطلقته عددا من الكليات بالباب الخلفى للدخول إلى المهن الطبية، والذى يدخل رؤوس الأموال محل الكفاءة، مؤكدا أن نتائجه ليست جيدة نظرا لعدم وجود ضوابط تحكمه، مما أدى إلى انهيار بالمنظومة الطبية والمزاحمة بالعمل بالمستشفيات والدراسات العليا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق