الخميس، 11 سبتمبر 2014

ملف التحالف الإيراني الأمريكي : ماهي حقيقته وأبعاده و نتائجه ؟


التحالف الإيراني الأمريكي : ماهي حقيقته وأبعاده و نتائجه ؟


اضيف بتأريخ : 14/ 02/ 2012 موسوعة الرشيد 

يختلف المحللون والباحثون في توصيف العلاقة القائمة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية نتيجة الغموض الكبير الذي يكتنف القضية، مع تباين المواقف العملية والقولية للولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران ولإيران تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.

وهنا يمكن الإشارة إلى عدة آراء في هذا الشأن:

 الرأي الأول:-

يذهب للقول بأن جمهورية إيران الإسلامية صنعة غربية بحتة، وأنها تابع مطلق لمصدر الصنعة. مستندا في ذلك إلى الدعم الذي واكب قيام ثورة الخميني غربيا! وإلى جملة من الأحداث التي تعطي مؤشرا بهذا الاتجاه. وأصحاب هذا الرأي يرون أي موقف أو حدث بين الطرفين خارج إطار هذه الرؤية هو من قبيل المسرحية والرتوش الضرورية للتأكيد على أن العلاقة القائمة بين هذين الطرفين هي علاقة العداء المستحكم، وهي صورة يرغب كلا الطرفين صناعتها لدى أتباعه وفي المنطقة لتحقيق مآرب أخرى.

الرأي الآخر:-

يذهب في النقيض من الرأي السابق إلى أن جمهورية إيران الإسلامية تمثل ثورة إسلامية على الغرب وعملائه وخطا أصيلا في الدفاع عن الأمة، وأن العلاقة القائمة بين الطرفين هي علاقة عداء مستحكم. وعلى نقيض الطرف الآخر ينفي أصحاب هذا الرأي أي رواية أو تصريح أو موقف يصب باتجاهٍ مخالفٍ لرأيهم، أو يعمدون إلى اعتباره خدعة غربية يُقصد من ورائها تشويه سمعة إيران في أنظار المسلمين ومشاعرهم. وقد يلجؤون إذا اضطروا للاعتراف ببعض الحقائق في هذا الشأن إلى تأويلها أو تبريرها خارج نسق القراءة الموضوعية والواقعية لها.

الرأي الثالث: -

وهو الأندر حضورا والأقرب صوابية في تقديري، هو رأي لا يشط به الخلاف العقدي الظاهر بين السنة والشيعة إلى إلغاء الشيعة ككيان مستقل وفاعل له حضوره وبات رقما صعبا، بعزيمته وإصراره تارة وبإرادة أجنبية تارات أخرى. وأنه ليس بالضرورة أن يكون واقع إيران اليوم أن تختار بين أن تكون عميلا منقادا للغرب أو تابعا مطلقا لأجندته. فالتحول الذي أحدثه الخميني بإقامة حكومة للشيعة تحت مبدأ “ولاية الفقيه” أحال أدوار الشيعة من الظل إلى الضوء ومن المذهبية (الغائبة) إلى السياسية (الطائفية) ومن ردود الفعل إلى الفعل ابتداء.

وعليه فإن العلاقة بين جمهورية إيران الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية تخضع لتجاذبات مختلفة وعوامل متعددة، ولا يلزم إطلاقا أن يكون لهذه العلاقة تصور أوحد وهدف وحيد. ومن ثمَّ فإن بإمكاننا من هذا المنظور أن نفسر الأقوال والمواقف العملية المتباينة التي تصدر من كل طرف تجاه الآخر، دون أن نلجأ إلى نكرانها أو تأويلها أو تبريرها بشكل لا موضوعي.

وانطلاقا من هذا الرأي يمكن القول أن لـ(جمهورية إيران الإسلامية) مشروعها الخاص ولـ(الولايات المتحدة الأمريكية) مشروعها الخاص، ولكل منهما أجندته الإقليمية والدولية، ووفقا لذلك فإن العلاقة بين هذين الطرفين تقوم على مدى التقارب بين أهداف مشروعيهما واتفاق الأجندة التي يرغبون في تشكيلها. وإن كان مجال التقارب هذا تجاه السنة والعرب يأخذ الحيز الأكبر، كما أن المذهب الشيعي أقرب للتعايش مع الغرب المسيحي واليهودي من المذهب السني، الذي كان ولا يزال عصيا!

إن حكمنا على (الشيعة) من منطلق (الخلاف العقدي) البين ومن خلال (التاريخ) الحافل بالصراع المذهبي لا يكفي مطلقا في فهم الواقع ما لم نأخذ بالتحولات القائمة والتغيرات المستجدة -من جهة، ومن جهة أخرى اختلاف وسائل إدارة الصراع اليوم وتوزعها على كافة المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية والإعلامية والاجتماعية.

كما أنه لا ينبغي أن يدفعنا كرهنا لعقائد الشيعة وما هم فيه من باطل أن ننكر قدرة هذا الفصيل من الأمة على بناء ذاته وإقامة مصالحه (وفق رؤاه الخاصة) وامتلاك نقاط القوة؛ وإن كان أثر ذلك قد يكون سلبا على الأمة جمعاء؛ لكن هذه هي الحقيقة.


إيران.. بين الانتماء المذهبي الطائفي والانتماء للأمة.

جمهورية إيران الإسلامية هي اليوم إحدى دول منظمة المؤتمر الإسلامي، وتصنف عالميا على دول الإسلام. وإن كان هذا التصنيف أصبح (رسما) تخالفه الحقائق القائمة على الأرض لهذه الدول وما تعانيه من بعد كبير عن الإسلام وتعاليمه كنهج وتطبيق.

وجمهورية إيران الإسلامية قامت –كما هو معلوم- إثر ثورة دينية تزعمها الإمام الخميني على الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979م. وهي تعتمد على الفارسية كلغة رسمية للدولة، والتقويم الفارسي كأساس للتأريخ بل يُعدُّ يوم (النيروز) من الأعياد الرسمية للدولة.[1]

ويقوم دستور جمهورية إيران الإسلامية، الصادر عام 1992م، على مبدأ (ولاية الفقيه)[2] التي تتلخص في فكرة إقامة مرجع ديني ينوب الإمام المعصوم (الغائب)!! للقيام بمصالح (الأمة) وهي هنا الطائفة الشيعية! وعلى أساس أن الثورة الإسلامية في إيران كانت “حركة تستهدف النصر لجميع المستضعفين على المستكبرين”، وأن الدستور يُعدُّ “الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد وخارجها، خصوصا بالنسبة لتوسيع العلائق الدولية مع سائر الحركات الإسلامية والشعبية؛ حيث يسعى إلى بناء الأمة الواحدة في العالم….، ويعمل على مواصلة الجهاد لإنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في جميع أنحاء العالم”! وهذا ما عرف في سياسة الخميني بمبدأ (تصدير الثورة)، والذي استهدف أمن دول المنطقة أكثر مما استهدف دول الكفر الطاغية!

وبحسب الدستور فإن القوات المسلحة الإيرانية وجيش الجمهورية الإسلامية وقوات حرس الثورة تحمل أعباء رسالة إلهية، “من أجل بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم”، على أمل أن “يكون هذا القرن –القرن الخامس عشر الهجري- قرن تحقق الحكومة العالمية للمستضعفين وهزيمة المستكبرين كافة”!

ويكرس دستور جمهورية إيران الطائفية في الفصل الأول، الذي يتحدث عن الأصول العامة. ففي المادة الثانية ينص الدستور على أن نظام الجمهورية الإسلامية يقوم على أساس عدة قضايا منها “خامسا، الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة، ودورها الأساس في استمرار الثورة التي أحدثها الإسلام”، وعلى أنه “نظام يؤمّن القسط والعدالة، والاستقلال السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والتلاحم الوطني” عن طريق ثلاث أمور، منها “الاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشرائط، على أساس الكتاب وسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين”! وتلخص المادة الخامسة مبدأ قيام حكومة إسلامية في ظل غياب الإمام المعصوم بأنه: “في زمن غيبة الإمام المهدي -عجل الله تعالى فرجه- تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير”، وفقا للمادة 107.

وفيما تنص المادة الحادية عشرة أنه “على حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة كل سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي”، كما تنحاز جمهورية إيران في المادة الثانية عشرة إلى المذهب الجعفري الإثنى عشري، “الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثنا عشري، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير”!

ولعل قائلا يورد أن المادة ذاتها تنص على أن “المذاهب الإسلامية الأخرى، والتي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي، تتمتع باحترام كامل، وأتباع هذه المذاهب أحرار في أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم، ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والإرث والوصية)، وما يتعلق بها من دعاوى المحاكم. وفي كل منطقة يتمتع أتباع أحد هذه المذاهب بالأكثرية، فإن الأحكام المحلية لتلك المنطقة -في حدود صلاحيات مجالس الشورى- تكون وفق ذلك المذهب، هذا مع الحفاظ على حقوق أتباع المذاهب الأخرى”! غير أن واقع الحال يثبت أن أتباع هذه المذاهب الإسلامية الأخرى لا يتمتعون في إيران بما يتمتع به اليهود والنصارى والوثنيين حسب المادة الثالثة عشرة، “الإيرانيون الزرادشت واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات الدينية المعترف بها، وتتمتع بالحرية في أداء مراسمها الدينية ضمن نطاق القانون، ولها أن تعمل وفق قواعدها في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية”!

فأهل السنة في إيران مضطهدون ويعانون من العزلة والحرمان والإقصاء والتهجير. ورغم الفسح للديانات الأخرى بفتح معابد لها في العاصمة إلا أن أهل السنة لا يسمح لهم بإنشاء مساجد لهم خاصة، وهذا أمر يلمسه الزائر إلى طهران!

وتخضع جميع السلطات الحاكمة في جمهورية إيران: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، لإشراف “ولي الأمر المطلق وإمام الأمة”! ويتألف مجلس “الشورى الإسلامي”! في حكومة إيران من أعضاء منتخبين من الشعب! وهو “يسن القوانين في القضايا كافة”، حسب المادة الحادية والسبعون، لكن لا يحق له أن “يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للبلاد أو المغايرة للدستور”، المادة الثانية والسبعون!

وتصف المادة السابعة بعد المائة الخميني بأنه “المرجع المعظم والقائد الكبير للثورة الإسلامية العالمية، ومؤسس جمهورية إيران الإسلامية”! وتشترط المادة التاسعة بعد المائة في القائد الذي ينبغي أن ينوبه في قيادة الثورة وعلى خطاه أن يكون متصفا بـ: “الكفاءة العلمية اللازمة للإفتاء في مختلف أبواب الفقه، والعدالة والتقوى اللازمتان لقيادة الأمة الإسلامية، والرؤية السياسية الصحيحة والكفاءة الاجتماعية والإدارية والتدبير والشجاعة والقدرة الكافية للقيادة”! ووفقا للمادة الخامسة عشرة بعد المائة “ينتخب رئيس الجمهورية من بين الرجال المتدينين السياسيين” ويشترط فيه أن يكون “مؤمنا ومعتقدًا بمبادئ جمهورية إيران الإسلامية والمذهب الرسمي للبلاد”! ويؤدي رئيس الجمهورية اليمين على أن يكون –فيما ينبغي عليه أن يكون- “حاميا للمذهب الرسمي”! و”متبعًا لنبي الإسلام والأئمة الأطهار عليهم السلام”! المادة الحادية والعشرون بعد المائة! كما أن على جيش جمهورية إيران أن يكون جيشًا إسلاميًا عقائديًا يضم أفرادًا “مؤمنين بأهداف الثورة الإسلامية، ومضحين بأنفسهم من أجل تحقيقها”! المادة الرابعة والأربعون بعد المائة. و”تبقى قوات حرس الثورة الإسلامية -التي تأسست في الأيام الأولى لانتصار هذه الثورة- راسخة ثابتة من أجل أداء دورها في حراسة الثورة ومكاسبها”، المادة الخمسون بعد المائة!

إذن نحن أمام مواد تكرس هيمنة طائفة مذهبية على حساب بقية المذاهب التي تدعي مساواتها في الحقوق والحريات والمواطنة! ولن تحلم أي طائفة بتغيير الوضع سلميا مهما بلغ تعددها السكاني وثقلها الانتخابي ففي حين تسمح المادة السابعة والسبعون بعد المائة بإعادة النظر في دستور جمهورية إيران في الحالات الضرورية، إلا أن “مضامين المواد المتعلقة بكون النظام إسلاميًا وقيام كل القوانين والمقررات على أساس الموازين الإسلامية والأسس الإيمانية، وأهداف جمهورية إيران الإسلامية وكون الحكم جمهوريًا، وولاية الأمر، وإمامة الأمة، وكذلك إدارة أمور البلاد بالاعتماد على الآراء العامة، والدين والمذهب الرسمي لإيران، هي من الأمور التي لا تقبل التغيير”!

كما أن توجه الدولة في سياستها الخارجية ونظرتها لمحيطها الإقليمي محكوم على أساس طائفي باعتبار أن أتباع المذهب الشيعي، القائلين بولاية الفقيه، هم رعايا للفقيه القائم مقام الإمام المعصوم.

ومن العجيب أن المادة الرابعة والخمسون بعد المائة، في شأن السياسة الخارجية تنص على أن “جمهورية إيران الإسلامية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم، وفي الوقت نفسه لا تتدخل في الشئون الداخلية للشعوب الأخرى”! وشعار المستضعفين ضد المستكبرين اليوم يستخدم في أدبيات الأقليات الشيعية في المنطقة وهي تثور بمساندة بالولايات المتحدة (الشيطان الأكبر) للوصول إلى السلطة!

إننا في هذه السطور اعتمدنا على رؤية النظام الإسلامي في إيران السياسية الواردة في أسمى وثيقة رسمية، ولو أضفنا إلى ما لدى الشيعة (الإثنى عشرية) من عقائد تميزهم عن المسلمين لعلمنا قطعا أمام طائفة تختصر رؤيتها العقائدية والسياسية للأمة في أتباعها المؤمنين بمذهبها والكافرين بمذاهب الأمة الأخرى.

إيران والعرب عبر التاريخ

ينظر البعض إلى أن إيران اليوم هي حاملة لواء الإسلام والمدافعة عن الأمة وعن مقدساتها، وهي نظرة في الحقيقة لا تخلو من الغفلة والتسطيح وغياب الوعي ونسيان التاريخ.

فالعلاقة بين القومية الفارسية والعرب خلال عهود التاريخ لم تتسم باللقاء أو التصالح. وبالرغم من تمكن الملك الفارسي قورش عام 542 ق.م من احتلال العراق وأرض الشام، ومن تمكن ابنه من احتلال مصر وبعض بلاد العالم القديم، إلا أن الجزيرة العربية ظلت مستعصية على الفرس. ولم يخضع العرب لسلطان الفرس، وإنما كان فيهم حلفاء لهم. واستمر الحال كذلك إلى أن عمد الملك الفارسي سابور الثاني عام 370م بشن حملة إبادة ضد العرب، فتك فيها بقبائل العرب على الساحل الإيراني وعبر الخليج، وحاول التوغل في جزيرة العرب فقتل من تمكن منه من العرب، وهجر قبائل منهم.

وقد خضع العرب في العراق أو ما كان يعرف بأرض الحيرة، وفي البحرين على سواحل الخليج العربي للنفوذ الفارسي حتى مجيء الإسلام؛ كما امتد نفوذ الفرس حتى اليمن.

وكان الفرس في حكمهم وقتالهم للعرب عتاة وقساة ومجرمون، وكان العرب لتفرقهم أصعب من أن يواجهوا الفرس ويتغلبوا عليهم. ومن بين المعارك المشهورة التي تغلب فيها العرب على الفرس معركة (ذي قار). وكان الفرس يحتقرون العرب ويستهينون بهم ويعاملونهم باستعلاء وعنصرية شديدة.

وحيث أن الفرس كانوا أصحاب رؤية توسعية وحلم إمبراطوري، فقد احتكوا منذ القدم بالغرب، ودخلوا معه في صراع نفوذ وهيمنة على المنطقة الممتدة من إيران وحتى فلسطين. وقد سجل القرآن الكريم مشهدا لهذا الصراع في مطلع سورة الروم.. “ألم، غلبت الروم في أدنى الأرض، وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضع سنين، لله الأمر من قبل ومن بعد، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم”، (1-5).

وقد عبر القرآن الكريم عن فرح المسلمين بانتصار الروم نظرا لكونهم أهل كتاب في حين كان الفرس عبدة للنار، فكان في انتصار أهل الكتاب إشارة لانتصار قيم الحق السماوية وهو ما يبشر المسلمين بانتصارهم على من سواهم نظرا للحق الإلهي المطلق الذي يحملونه.

وبعد هجرة الرسول الكريم –عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة المنورة، وعقب عقد اتفاق صلح الحديبية مع كفار قريش، بعث الرسول الكريم إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام. فبعث بعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى يدعوه للإسلام، وقد قابل كسرى كتاب النبي –عليه الصلاة والسلام- بأن مزقه! متطاولا على مقام الرسول –صلى الله عليه- بالشتم! فلما أخبر الرسول الكريم بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب دعا عليه بقوله: “مزق الله ملكه”!

وفي زمن أبي بكر وعمر –رضي الله عنهما- توسعت فتوحات الدولة الإسلامية، ودخلت بلاد فارس تحت حكم الإسلام في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وهو ما زرع الحقد في قلوب أهل فارس عليه حين ذهبت دولتهم. وهذا ما دفع بأبي لؤلؤة المجوسي إلى قتل عمر بن الخطاب، ويُعدُّ قبره اليوم مشهدا يزار في إيران.

وقد نشأت في العصر الأموي في بلاد فارس بوادر الدعوة “الشعوبية”[3]، لكنها ظهرت وانتشرت في بدايات العصر العباسي. و”الشعوبية” دعوة تنكر فضل العرب على غيرهم من العجم، بل تفضل العجم على العرب وتنتقص منهم وتحتقرهم.

وقد استطاع الصفويون بمكرهم التلبس بالمذهب الشيعي الإثنى عشري مع ما لديهم من دعوة (شعوبية) لإضفاء الطابع الديني على توجههم السياسي، وإمعانا في تضليل العامة من المتشيعين لآل البيت ولهذا نجد أن غالبية الشيعة الإيرانيين ينظرون إلى غالبية العرب نظرة عداء وكره تحت مبررات دينية، كما أن الشيعة يميلون في محبتهم للإمام الحسين وذريته، كونه قد تزوج من الفرس، في حين أن نظرتهم للإمام الحسن أقل توهجا في مشاعرهم ووجدانهم العاطفي.

ولا يزال الشيعة الإثنى عشرية، ومن قبلهم الصفويون، يمجدون آثار فارس ويتمدحون بمآثرها ويأخذون الكثير من العادات والتقاليد عن حضارتها. ولا يزال الإيرانيون يصرون على وصف الخليج العربي بالخليج الفارسي في مقرراتهم الدينية والسياسية والتعليمية والأدبية والثقافية!

فإذا خلصنا من هذه المقدمات إلى أن جمهورية إيران الإسلامية تنفصل عن كيان الأمة برؤية مذهبية طائفية، وقومية (شعوبية) معادية لأهم مكون من مكونات الأمة، وهم العرب؛ فنحن إذن أمام طرف آخر وكيان مستقل في أهون أحواله (الطبيعية) نِدٌ يحمل بذور العداء التاريخية والدينية والسياسية –كما سيأتي معنا!

إذن فلا غرو أن نجد سياسة إيران الخارجية تذهب باتجاه التوسع الإقليمي على حساب أمن المنطقة، فقد دخلت إيران في حرب طاحنة مع العراق لمدة ثمان سنوات، وعملت على تأجيج الأقليات الشيعية ضد الأنظمة الحاكمة في دول الخليج خلال ثمانينات القرن الماضي، واحتلت الجزر الإماراتية الثلاثة وهي تطالب بالبحرين لتكون تحت سيادتها! وعملت على زرع ذرع سياسي وعسكري (طائفي) لها في لبنان! وعملت على دعم حركة (تمرد الحوثي) باليمن! وساعدت قوى الاحتلال الأجنبي (الكافرة) على إسقاط نظام طالبان[4] وحكومة بغداد[5] والاعتداء على شعوب البلدين!

قد لا يريح كلامنا عن عداء إيران للعرب والسنة البعض باعتباره يثير الضغائن ويفرق الأمة ولهؤلاء نقول: إن القرآن الكريم وصف على عهد الرسول الكريم فصيلا من الناس أعلن عن إسلامه وأظهر تمسكه بشرائعه وشارك في الجهاد مع الرسول الكريم وبنى مسجدا وأنفق من أمواله بأنهم (العدو)! وحذر الرسول وأتباعه من بعده منهم، نظرا لما يضمرونه للإسلام والمسلمين من عداء مبطن.

ثُمَّ إن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر عن الخوارج –وهم في التصنيف محسوبون على السنة- فأخبر عن صلاتهم وصيامهم وقراءتهم القرآن لكنه أخبر عن كونهم يمرقون من الدِّين وأن الواجب قتالهم! كونهم يُكفِّرون أهل القبلة ويستحلون دماءهم وأعراضهم ويتركون مجاهدة الكفار وقتالهم!

فإذا كان منهج القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وصف بعض الفصائل المنتسبين للأمة بـ(العداوة) و(المروق من الدِّين) رغم ما هم عليه في ظاهر أمرهم فإن من الأولى بنا التزام هذا المنهج القرآني مع كل فصيل يخالف قوله عمله وظاهره باطنه وأثره شعاره!

وبحسب بيان السفارة الإيرانية في موسكو فإن الرئيس “لم يكن يقصد الكلام بعبارات حادة عندما تحدث عن إزالة إسرائيل من خريطة العالم”! وأن “طهران لا تهدف إلى الدخول في صراع، إلا أن الرئيس أراد التركيز على الدور المحوري لإيران في المنطقة”![6] فالتركيز على الدور المحوري لإيران في المنطقة” هذا هو المغزى لا أقل ولا أكثر!


عداء إيران.. لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية: حقيقة أم شعار

لقد مثل الشاه ونظامه في إيران أداة طيعة للولايات المتحدة الأمريكية وشرطيا لها في المنطقة، وحتى ثورة الخميني “الإسلامية”! لم تكن في الحقيقة طاهرة من دنس هذه العلاقة مع واشنطن وإن كانت في السر! بل إن تلك المواجهة التي ظهرت مبكرا بين الثورة الإيرانية وواشنطن، والتي تمثلت في حادثة اقتحام السفارة الأمريكية في طهران واختطاف الدبلوماسيين فيها كرهائن، والتي كان وراءها بحسب شهادة “أبو الحسن بني الصدر”[7] الأمريكيون! وأنها كانت لخدمة مصالح الفريقين: “لخدمة الملالي في إيران، وأيضاً خدمة الجمهوريين في الولايات المتحدة الأمريكية، الذين كانوا يريدون تغيير نفسية الأمريكيين الذين استكانوا إلى السلام بعد حرب الفيتنام، حتى أنهم عادوا إلى عزلتهم المعروفة، لهذا كان يجب إيقاظ الروح العدائية عندهم باستغلال موضوع الرهائن، والنتيجة كانت وصول الجمهوريين للسلطة، وقيل كثيراً إن الخطة كانت من إعداد (هنري كيسنجر) و(روكشيلر) ولم يكن بالتأكيد من إعداد الطلبة الثوار، لم نجد طالباً واحداً يحدثنا عن مخطط العملية حتى الآن، لا نعرف في إيران حتى اليوم من الذي خطط لعملية الرهائن”[8].

هذه الحادثة التي جرت عام 1979م من قبل الطلبة السائرين على نهج الإمام (الخميني) كان يتم الاحتفال بها تحت تكبير هؤلاء الطلبة وترديد شعار (الموت لأمريكا) حتى عام 1998م، حيث رفع المتظاهرون المحتفلون بهذه المناسبة لافتة كتب عليها: (نحن لا نضمر كراهية للشعب الأمريكي، بل نعتبره في الحقيقة شعب عظيم)، وأخرى كتب عليها: (في غمرة الحماس الثوري تحدث أشياء لم يكن من الممكن احتواؤها).[9]

وبعد فوز ريجان في انتخابات الرئاسة، تم التوصل في مطلع عام 1981م لاتفاق في لندن، أفرجت إيران بموجبه عن الرهائن الأمريكيين، واستمرت الولايات المتحدة في تزويد الجيش الإيراني بالسلاح وقطع الغيار والعتاد.. وفي مارس- أبريل 1981م، نقلت الطائرات من إسرائيل إلى إيران قطع غيار طائرات “إف-14″ المقاتلة ومعدات عسكرية أخرى. وعبر إسرائيل، اشترت إيران في عام 1983م صواريخ أرض-أرض من طراز “لاتس”![10]

لقد كانت واشنطن على علاقة سابقة مع قيادة الثورة “الإسلامية”! التي قادها الخميني، فقد نشرت مجلة تايم الأمريكية في 5/3/1979م تصريحاً للرئيس كارتر رد فيه على معارضيه، قال فيه: “إن الذين يطلبون من الولايات المتحدة أن تتدخل بشكل مباشر لوقف الأحداث مخطئون ولا يعرفون الحقائق القائمة في إيران!! لقد سبق أن أجرينا اتصالات مع أبرز زعمائها منذ بعض الوقت”![11] هذا الاتصال ضمن لواشنطن بقاء مصالحها التي عبر عنها هارولد ساوندرز -مساعد وزير الخارجية الأمريكية الأسبق- في تقرير ألقاه أمام لجنة شؤون الشرق الأوسط، بقوله: “إن المصالح الأمريكية في إيران لم تتغير، ولنا مصلحة قوية في أن تبقى إيران دولة حرة مستقرة ومستقلة”![12]

وفي حديث لوزير الدفاع الأمريكي براون –حينها- وصف حكومة بازركان -أول رئيس وزراء في عهد الخميني- بأنها متعاونة جداً وباستطاعة الأمريكان أن يقيموا معها علاقات ودية! وفي تصريح هام للراديو الحكومي قال بازركان: “إن جوهر الوجود الإيراني كدولة قد تولد من اتصالنا مع الغرب!! وإنه لما يتنافى مع المبادئ الإسلامية تدمير كل ما هو أجنبي”![13] بل سبق أن صرح آية الله روحاني، الذي كان ممثلاً للخميني في واشنطن، عندما كان الأخير في فرنسا، بالقول: “أنا مقتنع بأن أمريكا أعطتنا الضوء الأخضر”![14]

هذه العلاقة ظلت مستمرة حتى في أجواء الحرب العراقية الإيرانية، ففي عام 1986م، قام مستشار الأمن القومي الأمريكي “بَدْ مكفارلن” بزيارة سرية لطهران، وحضر والوفد المرافق له على متن طائرة تحمل معدات عسكرية لإيران، وكان الكشف عن هذه الزيارة هو ما أثار القضية التي عرفت وقتها بـ”إيران غيت” والتي قام الأمريكان -بتعاون ومباركة يهودية- بتزويد إيران بأسلحة في وقت كانت تقوم فيه على حماية الخليج العربي من الزحف الإيراني الإرهابي!![15]

وفي غمرة الاحتفالات بالذكرى العشرين للثورة قال آية الله حسين علي منتظري: إن خيار القطيعة بين إيران والولايات المتحدة منذ انتصار الثورة وضع مؤقت قابل للتغيير وفقاً للظروف السياسية والاقتصادية! إن العلاقة مع أمريكا تحددها مصالح البلاد! لا بدَّ من مراجعة للسياسة الإيرانية تجاه الولايات المتحدة في شكل عملي، وعلى يد أصحاب الخبرة والاختصاص، وإذا توصلوا إلى وجود مصلحة في التطبيع ما عليهم إلا أن يبادروا إلى ذلك من دون تردد.[16]

وفي مقال لتوماس فريدمان، في صحيفة هيرالد تربيون 30/3/1995م، ذكر أنه حتى هذا العام كانت أمريكا هي الشريك التجاري الأول لإيران!! وأن الصادرات الأمريكية إلى إيران زادت عشر مرات منذ العام 1979م.[17]

أما وزيرة الخارجية الأمريكية الصهيونية مادلين أولبرايت فقد صرحت في 21/1/1999م بالقول: “فكرنا كثيراً في شأن كيفية التعامل مع إيران، لأن من المهم ألا يُعزل إلى ما لا نهاية بلد بهذا الحجم والأهمية والموقع”!! وكانت أولبرايت قد أوصت الرئيس كلينتون، في 25/11/1998م، برفع اسم إيران من القائمة الأمريكية للدول الرئيسة المنتجة للمخدرات، وذلك في خطوة إيجابية تجاه هذا البلد[18]. ولم يتأخر الرئيس كلينتون في الاستجابة، فكان أن أصدر قراراً برفع اسم إيران من القائمة بتاريخ 8/12/1998م[19].

ويقول السفير الأمريكي السابق لدى قطر جوزيف جوجاسيان الذي عمل في الدوحة بين عامي 1985م و1989م إن الرئيس الأمريكي سيلغي قرار حظر تعامل الشركات الأمريكية مع طهران قبل نهاية العام المقبل -1999م. ولفت إلى أن كلينتون وضع على الرف قراراً كان أصدره الكونغرس يمنع تعامل شركات غربية مع إيران، مشيراً إلى أن هذا القرار سينتهي تلقائياً عام 2001م، وأعرب عن اعتقاده أنه لن يتم تجديده، وقال إن الشركات الأمريكية ستعود قريباً للعمل في إيران. (الحياة، العدد 13056، 2/12/1998م)![20].

إن إيران أحمدي نجاد هي إيران محمد خاتمي هي إيران آية الله الخميني هي إيران الشاه، لا فرق! ولنستشهد هنا بتصريح علي أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام والرئيس الإيراني السابق، في 8 فبراير 2002م، في خطبته بجامعة طهران، حيث يقول: إن القوات الإيرانية قاتلت طالبان، وساهمت في دحرها، ولولا مساعدة القوات الإيرانية في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني! وتابع قائلاً: “يجب على أمريكا أن تعلم أنّه لولا الجيش الإيراني الشعبيّ ما استطاعت أمريكا أنْ تُسْقط طالبان”!

كما صرح محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية سابقا، في الإمارات العربية المتحدة في ختام أعمال مؤتمر “الخليج وتحديات المستقبل” الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية (15/1/2004م) قائلا: إنّ بلاده “قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان والعراق”! وأنه “لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة”!![21]

صرح مسئول المجلس الأعلى للثورة الإسلامية محمد باقر الصدر أن مرشد الثورة الإسلامية بإيران –علي خامنئي- بالعمل مع المعارضة والتعاون مع الأمريكان من أجل إسقاط نظام صدام حسين، وأنه لولا هذه الفتوى[22] ما أقدم على هذه الخطوة![23]

يقول المفكر الشيعي محمد حسين فضل الله: “أتصور أن السياسة الواقعية التي انتهجتها إيران في تطوير الأيديولوجيا على أساس الموازين الشرعية، لمصلحة الواقع السياسي والاقتصادي والأمني يمكن أن تفسح المجال لتطوير العلاقات الإيرانية مع الواقع الدولي حتى مع أمريكا. وفي الواقع فإن الخطوط السياسية في إيران لا تمنع من علاقات مع أمريكا، ولكن مسألة التجاذب والجدية بين أمريكا وإيران هي مسألة الشروط، إذ تعمل إيران على أن تحافظ على موقعها وعنفوانها واستقلالها بينما تريد أمريكا إخضاع إيران على الطريقة التي تخضع بها الدول الأخرى. واعتقد أن القضية لا بد أن تصل إلى نقطة التوازن، لأن أمريكا وحسب رصدي للطريقة الأمريكية السياسية، التي تدير بها أمريكا المواجهة ضد إيران، أي طريقة العصا والجزرة، توحي أن أمريكا تفكر ولو في المستقبل البعيد في أن تحرك مصالحها الاقتصادية والسياسية في الساحة الإيرانية. ومن الممكن جدا أن تقدم بعض التنازلات في مقابل ما تقدمه إيران من تنازلات على الطريقة الواقعية التي تقول: لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”![24]

يا ترى من الذئب ومن الغنم في المعادلة؟ وهل ستتخلى إيران نجاد[25] عن مشروع الخميني، الذي “كان يريد إقامة حزام شيعي للسيطرة على ضفتي العالم الإسلامي، كان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسوريا ولبنان، وعندما يصبح سيدا لهذا الحزام يستخدم النفط وموقع الخليج الفارسي للسيطرة على بقية العالم الإسلامي، كان الخميني مقتنعاً بأن الأمريكيين سيسمحون له بتنفيذ ذلك، قلت له: إن الأمريكيين يخدعونك، ورغم نصائحي له ونصائح الرئيس عرفات -الذي جاء يحذره من نوايا الأمريكيين- فإنه لم يكن يريد الاقتناع”![26].

لقد قطعت واشنطن العلاقات مع إيران في عام 1980م، وكانت ترى فيها خطرا على مصالحها في الخليج! في حين كانت الولايات المتحدة الأمريكية في ثقافة الثورة الإيرانية (الشيطان الأكبر)! هذا في العلن، أما في السر فيبدو أن إيران -رابع أكبر منتج للنفط في العالم- كانت “تتمتع” بعلاقة دافئة مع واشنطن خلال تلك الحقبة الغابرة.

وبالرغم من أن إيران ضمن محور الشر الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عقب الحادي عشر من سبتمبر، ورغم استمرارها في برنامجها النووي وصناعتها العسكرية للأسلحة بعيدة المدى، ورغم اتهامها بأعمال إرهابية على صعيد الخارج، ورغم النظر إليها باعتبارها تهديدا للأصدقاء، إلا أنها لم تتعرض لأي هجوم أمريكي! فمصلحة واشنطن تحجيم طهران وليس القضاء عليها، وذلك منذ الحرب العراقية الإيرانية!

و”الواقع أنه رغم أن إيران تصنف الولايات المتحدة على أنها (الشيطان الأكبر) الذي تنبغي مواجهته، فإن تأكيدات المواجهة لم تتعدَّ التصريحات والهتافات بالموت لأمريكا”، فقد أكد محمد خاتمي-الرئيس السابق للجمهورية- “أن إيران ليست راغبة في الحرب مع أحد، حتى مع أعدائها”! ويقول العميد محمد باقر ذو القدر-نائب القائد العام لجيش حراس الثورة الإسلامية: “إننا لا نرحب بالحرب، ولكننا ندافع عن هويتنا”![27]

الهوية! التي توصف اليوم بأنها ضد إسرائيل!!! وهذه قضية أخرى!

فإذا كانت دولة إيران من أوائل الدول التي اعترفت بالكيان اليهودي سنة 1948م بقيادة القادة الشيعيين من ملوك إيران! فالوضع لم يتغير بعد قيام الثورة “الإسلامية” يقول بني الصدر، في حديثه للجزيرة حول علاقة إيران بإسرائيل في حربها ضد العراق: “في اجتماع المجلس العسكري أعلمنا وزير الدفاع أننا بصدد شراء أسلحة من إسرائيل، عجباً كيف يعقل ذلك؟! سألته: من سمح لك بذلك؟ أجابني: الإمام الخميني. قلت: هذا مستحيل!! قال: إنني لا أجرؤ على عمل ذلك وحدي، سارعت للقاء الخميني، وسألته: هل سمحت بذلك؟ أجابني: نعم. إن الإسلام يسمح بذلك، وأضاف قائلاً: إن الحرب هي الحرب، صعقت لذلك، صحيح أن الحرب هي الحرب ولكن أعتقد أن حربنا نظيفة، الجهاد وهو أن تقنع الآخرين بوقف الحرب، والتوق إلى السلام، نعم، هذا الذي يجب عمله، وليس الذهاب إلى إسرائيل وشراء سلاح منها لمحاربة العرب، لا، لن أرضى بذلك أبداً، حينها قال لي: إنك ضد الحرب وكان عليك أن تقودها لأنك في موقع الرئاسة”![28]

غير أن “إيران غيت، شراء الأسلحة الأمريكية عبر إسرائيل” لم تغب عنها شمس الحقيقة! كما أن علاقة إيران الثورة مع الكيان الصهيوني لم تدم في الخفاء![29]

فقد صرح ديفيد ليفي -وزير الخارجية اليهودي في حكومة نتنياهو- قائلا: إن إسرائيل لم تقل في يوم من الأيام إن إيران هي العدو![30] ويقول الصحفي اليهودي أوري شمحوني: إن إيران دولة إقليمية ولنا الكثير من المصالح الإستراتيجية معها، فإيران تؤثر على مجريات الأحداث وبالتأكيد على ما سيجري في المستقبل، إن التهديد الجاثم على إيران لا يأتيها من ناحيتنا بل من الدول العربية المجاورة! فإسرائيل لم تكن أبدا ولن تكون عدوا لإيران![31]

كما أعلن إيتان بن تسور -مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية- عن عدم وجود خصومة بين البلدين -أي إسرائيل وإيران- فتنتفي دوافع العداء بينهما على المستويين الرسمي والشعبي![32] الشيء ذاته يؤكده السفير الإسرائيلي المتقاعد هانان باريمون -الذي عمل مستشاراً لرئيس بلاده عايزرا وايزمان- في اليوم الأخير من الحلقة النقاشية عن الخليج والغرب، والتي نظمها مركز مؤتمرات ويلتون بارك، يقول السفير: إيران دولة إقليمية مهمة ليس لنا معها أو مع شعبها أي خلاف أو عداء! وأن عليها أن تعمل للتكيف مع ظروف النظام العالمي الجديد![33]

لكن إسرائيل حرصت ألا تحرج طهران أو تفضحها! فأصدرت حكومة نتنياهو أمرا يقضي بمنع النشر عن أي تعاون عسكري أو تجاري أو زراعي بين إسرائيل وإيران، وجاء هذا المنع لتغطية فضيحة رجل الأعمال اليهودي ناحوم منبار الذي أدانته محكمة تل أبيب بالتورط في تزويد إيران بـ50 طنا من المواد الكيمائية لصنع غاز الخردل السام! وقد تقدم المحامي اليهودي أمنون زخروني –حينها- بطلب بالتحقيق مع جهات عسكرية واستخباراتية أخرى زودت إيران بكميات كبيرة من الأسلحة أيام حرب الخليج الأولى![34]

فقد قامت شركة كبرى تابعه لموشيه ريجف، الذي يعمل خبير تسليح لدى الجيش الإسرائيلي، ما بين (1992م-1994م) ببيع مواد ومعدات وخبرات فنية إلى إيران، وقد كشفت عن هذا التعاون الاستخبارات الأمريكية بصور ووثائق تجمع بين موشيه والدكتور ماجد عباس رئيس الصواريخ والأسلحة البايولوجية بوزارة الدفاع الإيرانية.[35] وقد نقلت جريد الحياة (عدد 13070) عن كتاب “الموساد” للعميل السابق في جهاز الاستخبارات البريطانية ريتشارد توملينسون: وثائق تدين جهاز الموساد لتزويده إيران بمواد كيماوية! وذكرت الصحيفة عن صحيفة “هآرتس” أن ريتشارد توملينسون، وهو عميل سابق لجهاز الاستخبارات البريطاني، أكد في كتابه أن جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) ساعد إيران على شراء عتاد كيماوي في وقت كان يقود حملة استخباراتية دولية لإحباط خطط إيران، لكن في الوقت ذاته عمل الموساد سراً ووحده من دون علم الأطراف الأخرى وبالتعاون مع الإيرانيين لعقد صفقة تهدف إلى مساعدة الإيرانيين في جهودهم لإنشاء مصنع للأسلحة الكيماوية في مقابل إطلاق الطيار الإسرائيلي “رون أراد” الذي قبض عليه في لبنان بعد سقوط طائرته![36]

“في كل الأحوال فإن من غير المحتمل أن تقوم إسرائيل بهجوم على المفاعلات الإيرانية، وقد أكد عدد كبير من الخبراء تشكيكهم بأن إيران -بالرغم من حملاتها الكلامية- تعتبر إسرائيل عدوا لها. وأن الشيء الأكثر احتمالا هو أن الرؤوس النووية الإيرانية موجهة للعرب”![37]

وإيران التي ساهمت في احتلال العراق، تعلم مؤكدا بوجود الموساد الإسرائيلي وكافة الأجهزة الاستخبارية الأخرى على أرض العراق، وتعلم أن هناك وجود صهيوني! لا بل مشروع صهيوني! تقوم به قوات الاحتلال الأمريكي والشركات اليهودية على أرض العراق لتمزيقه إلى دويلات طائفية وعرقية! ونهب ثرواته ومقدراته! فلماذا لا تعمل على محاربة الوجود والتغلغل الإسرائيلي تحت غطاء الخبراء والضباط والجنود والشركات؟! رغم نفوذها في الأوساط الشيعية! ووجودها على الساحة من خلال عشرات الميليشيات المسلحة التي تصفي الوجود السني العربي! في حين يعلن الجعفري والبارزاني عن نيتهما لتطبيع العلاقات مع إسرائيل من خلال فتح قنصلية رسمية في أربيل شمال العراق!

إنه وعلى الرغم من تصريح كل من الجانبين بخطر التهديد الإستراتيجي الذي يمثله الطرف الآخر، وعلى أعلى المستويات السياسية غير أن التاريخ والواقع يثبت أن هذا التهديد ليس إلا غطاء يحجب علاقة إستراتيجية بين إيران وإسرائيل تتخلله لحظات فتور أو خلاف عابرة سرعان ما تلتئم.

فقد حافظت إيران بزعامة الشاه على موقف مناصر لليهود الإسرائيليين أثناء حروب العرب ضد إسرائيل، فقد واصلت تزويد إسرائيل بالنفط في فترة الحظر النفطي الذي فرضه العرب في سبعينات القرن الماضي. كما أنها وفرت طريق الهروب أمام يهود العراق الراغبين في الهجرة إلى إسرائيل بعد عام 1948م، وكانت واحدة من أوائل الدول الإسلامية التي أقامت علاقات دبلوماسية وتجارية مع دولة إسرائيل المحتلة.

كما كان اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية، ورغبة منه في استنزاف العراق ثروة وجهدا، وراء تزويد الولايات المتحدة الأمريكية إيران بالسلاح في حربها ضد العراق خلال ثمانينات القرن الماضي, بل كانت إسرائيل وسيطا في صفقة السلاح مقابل الرهائن التي أبرمت في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق “رونالد ريغان”!

ويبلغ عدد اليهود المهاجرين إلى إسرائيل من أصل إيراني حوالي 200 ألف نسمة، وفي المقابل يبلغ عدد اليهود في إيران حوالي 25 ألف نسمة، وهي من أكبر الجاليات اليهودية في الشرق الأوسط خارج إسرائيل في الوقت الراهن.[38]

بهذا الوضوح وهذا الجلاء نكون قد وصلنا إلى الواقع الذي يتحدث عنه صبحي الطفيلي: “اليوم هناك محاولة أمريكية لأن يلعب الشيعة دورا لصالح أمريكا في المنطقة، وهناك جهات سُنية تراقب وتعتبر هذا الدور دور عمالة للكفر وجريمة ضد الإسلام، وبالتالي الشيعة يلعبون دورا قذرا، حنقول الأمور بوضوح هذا الأمر قد يتفاقم ويصل إلى درجة يصبح قتل الشيعي وقتل الأمريكي سيان عند شريحة واسعة من المسلمين، ويصبح إذا صدق الناقلون -وإن كنت أشك بذلك- أن قتل الناس في كربلاء في يوم عاشوراء أو في الكاظمية أمر من ضروريات العمل لتحرير الأمة الإسلامية من الوجود الأمريكي وهذه مصيبة!”!

وللخروج من هذه النتيجة يقول الطفيلي: “على المسئولين الشيعة وعلى رأسهم إيران أن يبعدوا أنفسهم عن القطار الأمريكي”! لأن هذا القطار سيرحل في يوم من الأيام! وإذا رحل فسيكون في “أجواء أن الشيعي كان في خدمة الأمريكي”! مما قد يعرضهم للانتقام السني وقتلهم باعتبارهم عملاء للاحتلال! ويضيف الطفيلي: “من يتحمل المسؤولية أليست السياسة الإيرانية! وكذلك في الخليج وكذلك في الحجاز وكذلك في لبنان وكذلك في أي مكان، في إيران شريحة شيعية واسعة يمكن أن تحمي نفسها! لكن نحن –يقصد بقية الشيعة- في أصقاع الدنيا ليس كذلك! ولا يعني هذا أنه يجب علينا أن نمتنع عن العمل مع الأمريكان خوفا على أنفسنا، لا الأمريكان أعداء الأمة أعداء الإسلام، يجب على كل مسلم لأي فئة انتمى أن يدافع عن دينه وعن أمته وعن بلده، يجب علينا أن نقاتل وبضراوة وبكل قوة الغزو الأمريكي لعالمنا الإسلامي!

أنا أقول بصراحة إيران تمسك بأكثر خيوط العمل السياسي العراقي الشيعي! على إيران إذا كانت لا تستطيع أن تساعد العراقيين في الجهاد وتحرير بلادهم ألا تمنعهم عن هذا الفعل! وألا تحول دون ذلك! وأنا أستنكر شديد الاستنكار دعوة بعض المسئولين الإيرانيين الأمريكان للتعاون في العراق! وأعتبر هذا ضربا من ضروب العدوان على أمة المسلمين هذا أولا! على القيادات في النجف وفي غير النجف -أقول وبصراحة- مشروع التعاون مع الأمريكان يا حالمين سيفشل وسيتبرأ كل منكم من دوره القذر الذي لطخ به جبينه في التعامل مع الأمريكان! من الآن اعلموا أن طريق المقاومة هو الطريق الباقي! والمقاومون هم الباقون في العراق! وعليه استدركوا والتحقوا بركب الجهاد والمجاهدين وقاتلوا الأمريكيين! وأنا متأكد وأنا أضمن لكم أيها العراقيون أن العراق يُحرر من الأمريكيين خلال سنوات قليلة جدا أقصر مما تظنون!”[39].


فهل تعي إيران ذلك؟!

ما ينطبق على إيران ينطبق على حركة أمل أيضا في الحرب الأهلية اللبنانية! يقول أيهود باراك -رئيس الاستخبارات العسكرية اليهودية سابقا: إنه على ثقة تامة من أن أمل ستكون الجبهة الوحيدة المهيمنة في منطقة الجنوب اللبناني، وأنها ستمنع رجال المنظمات والقوى الوطنية اللبنانية من الوجود في الجنوب والعمل ضد الأهداف الإسرائيلية! وفي المقابلة التي أجرتها مجلة “الأسبوع العربي”، في 24/10/1983م، مع حيدر الدايخ أحد قادة حركة أمل في الجنوب يثني على إسرائيل يقول:.. كنا نحمل السلاح قبل دخول إسرائيل إلى الجنوب، ومع ذلك فإنها فتحت لنا يدها وأحبت أن تساعدنا، فقامت باقتلاع الإرهاب الفلسطيني من الجنوب وغيره ولن نستطيع أن نرد لها الجميل ولن نطلب منها أي شيء لكي لا نكون عبئاً عليها!

ويقول تامير برشد -ضابط المخابرات في وحدة الاتصال مع لبنان في الفترة من 1990-1992م: إن العلاقات بين إسرائيل والسكان الشيعة غير مشروطة بوجود المنطقة الأمنية ولذلك فقد قامت إسرائيل في الماضي برعاية العناصر المعتدلة في الطائفة الشيعية وقلصت تأثير العناصر المتطرفة وخلقت نوعا من التفاهم مع حركة أمل، والتي تمثل الطائفة الشيعية في واقع الأمر، ويجب أن نعمل بجميع الوسائل الممكنة من أجل تأييد حركة أمل ودعم القوى التي تقع عبر المنطقة الأمنية وذلك بالتنسيق مع الشيعة داخل المنطقة الأمنية ويجب فعل ذلك حتى لو كان حليفنا المخلص الجنرال أنطون لحد لا يرغب في ذلك لأن مثل هذا النشاط يمس مكانته أو يضر بها. ونحن نتحمل مسئولية كبيرة تجاه أنفسنا ومستقبلنا![40]


ماذا عن تحالف الشيعة عموما مع الأعداء؟

يقول ديفيد ساترفيلد -السفير الأمريكي في بيروت- في 3/12/1998م، بعد زيارة له لمدن صور وصيدا والنبطية بجنوب لبنان: إن بلاده تميز بين المقاومة وبين الإرهاب! وهي لا تعتبر المقاومة اللبنانية في الجنوب إرهاباً![41]

حزب الله الذي يؤكد حسن نصر الله، أمينه العام، بأنه “حركة مقاومة نشأت كرد فعل لبناني على الاحتلال الصهيوني”![42] ويقول نائبه نعيم قاسم: “معارضتنا لإسرائيل هي جوهر إيماننا وهذا ما لن يتغير مطلقا”![43] ليس بعيدا عن العلاقة مع يهود! لأنه كما أسلفنا يتبع لإيران ولا يستطيع الخروج عن رؤيتها.. وهي تمثل له المرجع الديني والدعم السياسي والسند المادي والمالي! لهذا نفهم مقولة البروفيسور “إيال زيسر”: إن هناك وضعا ما يكون فيه مع حزب الله المفتاح إلى إحلال السلام والهدوء في منطقة الشرق الأوسط![44] ومقولة بنيامين بن أليعازر -وزير الدفاع السابق: إن حزب الله قد أصبح العامل الاستراتيجي في الشرق الأوسط![45]

ولتطمين إسرائيل وتسويق حزب الله دوليا أجرى الحزب تعديلا على صياغة شعاره على علم التنظيم من (الثورة الإسلامية في لبنان)، الذي يعكس طبيعة الرؤية الاستراتيجية للتنظيم، إلى (المقاومة الإسلامية في لبنان)!

لذا فـ”في كل الأحوال ستنتهي تلك الحرب بنتيجة يعرفها الإسرائيليون أولاً قبل حسن نصر الله ورجاله، وهي أن أقصى النتائج التي يمكن تحقيقها هو إضعاف حزب الله، أما مسألة القضاء عليه نهائيًا فهذا لن يحدث. بل ربما يُشكل إضعاف حزب الله إعادة بنائه مرة أخرى بصورة أكثر تنظيمًا بمساعدة إيران وسوريا”![46]

وهكذا فإن علاقة حزب الله بـ (يهود) قائمة في الخفاء ومتبرأ منها في العلن! لأن علاقة كهذه ستفقد إيران وحزب الله سمعتهما في العالمين العربي والإسلامي!

ومن المؤسف حقا أن يقع الصادقون من أبناء الطائفتين السنة والشيعة معا في الاعتقاد بأن مشروع جمهورية إيران الإسلامية أو حزب الله، وقبله حركة أمل، هو مقاومة الاستعمار الغربي الصليبي أو منازلة العدوان الإسرائيلي! بعد مرور أكثر من ربع قرن على إعلان مثل هذه الشعارات من طهران ومن بيروت!

يقول صبحي الطفيلي[47] وهو يتألم حسرة من تعاون إيران مع الاحتلال الأمريكي: “إن الأمريكي لم يأت للمنطقة لا للديمقراطية ولا لحقوق الإنسان ولا للعدالة ولا للإنصاف ولا لمحاربة إرهاب! جاء محتلا غازيا مستبيحا آكلا لكل شيء، أنت الإيراني تقول لهذا أن تعالى نتعاون! ما هو دورك؟ منسق تتوسل بالغازي تعالى أصير في خدمتك، هذا الدور لا يمكن لعاقل أن يقبل به ولا بأي وجه من الوجوه”!

ويضيف –وهو من أبناء الطائفة الشيعية: “يجب على المسلمين جميعا أن يواجهوا الغزو الأمريكي في العراق وفي خارج العراق، من يستطيع أن يدخل العراق عليه أن يدخل، ومن يستطيع أن يواجه بالكلمة عليه أن يواجه بالكلمة، من يستطيع أن يواجه بالموقف كذلك، هنا حرب تحتاج إلى كل الإمكانيات، تحتاج إلى كل الوظائف عسكرية وأمنية وإعلامية وثقافية، وإلى النهاية وعلى الجميع من المُعمم في محرابه إلى المقاتل في معركته على الجميع أن يقوم بمهمته لتحرير العالم الإسلامي من الغزو الأمريكي”!

ويذكر الطفيلي الشيعة بموقفهم من الاحتلال الإسرائيلي من لبنان فيقول: “الشارع الشيعي في العراق، مثل أي شارع آخر، تتحكم به عوامل كثيرة قبل أن يتحكم به عقله، القرى والمدن الشيعية في جنوب لبنان استقبلت الإسرائيلي بالورود والأرز جراء بعض الممارسات التي قامت بها فصائل فلسطينية، لكن هذه القرى نفسها بعد سنتين كانت في طليعة المقاومة! ولهذا اعتقد أن الوضع في الساحة الشيعية سيتحول بعد أمد غير طويل! لكن المشكلة في السياسيين، ذلك أن معظم التيارات الدينية السياسية منضوية تحت راية التيار الإيراني المتواطئ مع الأمريكيين. وهو الذي يأمر القيادات السياسية الشيعية بقبول مجلس الحكم وأن تكون أعضاء فيه”! و”الأمريكي حتى لو عين شيعياً فهذا الشيعي سيكون خادماً له ولا يخدم الإسلام”![48]

يذكر شارون في مذكراته ص635 أنه فهم من حبيب (مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية لحل أزمة لبنان) أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها تصور عن لبنان يرتكز على استخدامه “كوسيلة لحل مشاكل الشرق الأوسط الأخرى”!! وأنه سوف يستخدم “لبنان لحمل الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات”!!

ويقول شارون: “أما إسرائيل فلم تضع يوما نصب عينيها هدفا يقوم على إرساء حكم ودي في لبنان، ولكنها تبدي اهتماما بالغا حيال شكل الحكومة التي ستقود مصير البلاد”، وبالتالي سعت لتشكيل تحالفات وإقامة اتصالات مع قوى لبنانية مختلفة، يقول ص558: “فإذا كانت إسرائيل قد رأت أنه من مصلحتها مساعدة الأكراد الذين يشنون المعارك على مسافة ألف كيلومتر من حدودنا، والأثيوبيين الذين يتحاربون على بعد ألف وخمسمائة كيلومتر، فإن ضرورة دعم المسيحيين الذين يقاومون منظمة التحرير الفلسطينية المتمركزة أمام بابنا، دفاعا عن أرواحهم (!!) أصبحت حقيقة لا تقبل الشك”، وهو هنا يتحدث عن سياسة إسرائيل في لبنان عقب وصول حزب الليكود لسدة الحكم عام 1977م.

المسيحيون الذين يتحدث عنهم شارون كانوا حلفاء لأمل ضد الفلسطينيين واللبنانيين السنة! ولكن من خلال تواصله مع المسيحيين فهم شارون أن “هؤلاء الحلفاء لن يكونوا فاعلين في حرب طويلة المدى ضد منظمة التحرير الفلسطينية”، ص626، لأنهم حسب وصفه “كانوا يكتفون على ما يبدو بالتزام الحياد والانتظار حتى نتعب ونشقى من أجل مصلحتهم”، ص626، وعليه غيرت إسرائيل تحالفها لتحتضن الشيعة “الذين رفعوا السلاح ضد الجيش الإسرائيلي مكرهين”!! “فقد رحب العديد منهم بالإسرائيليين واعتبروهم مخلصين أو على الأقل أعطوا موافقتهم الصامتة على الغزو”!![49] و”كتب فؤاد عجمي، وهو أفضل من أرخ لهذه الطائفة: بقضائها على القوة الفلسطينية في صيف 1982م تكون إسرائيل قد فعلت للشيعة ما لم يكونوا قادرين على فعله”!![50]

حتى حزب الله، الذي خرج منتصرا –كما يقال- عام 2000م، تعاون “مع المسيحيين في الانتخابات البرلمانية في سبتمبر 2000م”، ووافق على ضم قواته إلى الجناح الأيمن المسيحي بزعامة إيلي حبيقة، الذي تعاون مع القوات الإسرائيلية أثناء غزوها للبنان عام 1982م، وألقيت على عاتقه مسئولية مجازر مخيمات اللاجئين في صبرا وشاتيلا! وبهذا “يتضح أن حزب الله قد قبل المساومة على مبادئه وأيديولوجيته وتعاون مع شخص ذي علاقات مفضوحة مع إسرائيل”![51]

إن حزب الله يتلاعب بورقة المقاومة ما بين الدعاية والممارسة، ففي حين يعلن “رئيس كتلة حزب الله البرلمانية محمد رعد بأن النشاط الفلسطيني من جنوب لبنان يتطلب تنسيقا استراتيجيا وتدقيقا في الموضوع مع حزب الله”![52] وهو ما يوهم بنوع من التنسيق! يعترف الحزب بأنه ساعد في إحباط عدة عمليات كونها “أعمالا محظورة”![53]

هذا التناقض دفع العميد سلطان أبو العينين، أمين سر حركة فتح في لبنان، للاعتراف في 5/4/2004م[54] بأن حزب الله اللبناني أحبط في الأسبوع الأخير أربع عمليات كانت المقاومة الفلسطينية قد خططت لتنفيذها ضد إسرائيل من الجنوب اللبناني انطلاقا إلى الحدود الشمالية مع الدولة العبرية. وأضاف أبو العينين أن عناصر حزب الله قامت باعتقال المقاومين الفلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة! مضيفا: “حزب الله قال سنكون إلى جانبكم عند المحن، ولكننا منذ ثلاثة أعوام نعيش الشدائد ولم نعد نقبل شعارات مزيفة من أحد!”! مؤكدا بأن “كافة الحدود الفلسطينية عليها حمايات عربية ومغلقة أمام أي مقاوم فلسطيني”! “بما فيها اللبنانية ضمن ترتيبات أمنية غير معلنة”!

وأضاف أبو العينين في تصريحات نشرتها صحيفة “كل العرب” بأن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في مايو تم ضمن ترتيبات أمنية واتفاق أمني بألا تطلق طلقة واحدة على شمال فلسطين من جنوب لبنان، وهذا الاتفاق يطبق منذ الانسحاب الإسرائيلي، فلم يتمكن أي مقاوم من اختراق الحدود الشمالية وجرت أكثر من محاولة من جميع الفصائل الفلسطينية وجميعها ضبطت من حزب الله وقدمت إلى المحكمة! موضحا بأن “حزب الله يريد المقاومة كوكالة حصرية له”! و”أن سيطرة حزب الله على المقاومة في الجنوب اللبناني نابعة من اتفاقيات وترتيبات أمنية”!

ودعا أبو العينين الشعب الفلسطيني إلى ألا يعول لا على حزب الله “لأن لحزب الله أولوياته ومواقفه السياسية”! وطالب من حزب الله إيضاح موقفه من منظمة التحرير الفلسطينية! المنظمة التي كانت حسب رأي شارون في مذكراته متمكنة في جنوب لبنان، وكانت بحسب تعبيره قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهدافها.. فكانت إرادة إسرائيل من حروبها ضد لبنان “أن يعتلي سدة الحكم حكومة قادرة على تأمين الاستقرار والحؤول دون عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى لبنان”، وبالتأكيد دون عودة أي مقاومة إسلامية جهادية!![55] ولربما تكون هذه الحكومة هي حكومة حزب الله القادمة!

لقد حقق حزب الله من عملياته أن يكون الممثل والمفاوض الرسمي عن المقاومة اللبنانية! ليكون فيما بعد جزءا من معادلة السلام في المنطقة! كما هو حاصل مع بقية الأنظمة! ولنتابع ما قاله صبحي الطفيلي –أول أمين عام لحزب الله في حوار مع قناة الجزيرة في برنامج “زيارة خاصة”.

يرى الطفيلي أن الإسرائيليين استطاعوا بتفاهم نيسان[56] مع حزب الله! تحييد الحزب ليكون بمنأى عن ضرب الأهداف اليهودية في فلسطين! وأن يكون “مقاومة لبنانية! داخل الأرض اللبنانية!”، وأنه لا يحق له “أن يقاتل داخل فلسطين!” يعني “موضوع تحرير فلسطين وما شابه ذلك موضوع شطب من الخريطة! وهنا كانت المصيبة!”، وأن هذا ما كانت تطرحه إسرائيل “بطرق معينة بالثمانينات ورفضناه”!

ويضيف الطفيلي: اليوم باستثناء مزارع شبعا الحدود اللبنانية الإسرائيلية “منطقة محروسة آمنة! أكثر من الحدود الفلسطينية المصرية! والحدود الأردنية الفلسطينية! والحدود السورية الفلسطينية! وهذا ما يشكر عليه الأمريكيون حزب الله”! ويضيف بأن حزب الله “يلعب دورا مخزيا” كونه “يشكل عمليا حماية للعدو الإسرائيلي”! وأنه سبق له أن طلب منهم مررا أن يبتعدوا عن الحدود “ليحرس الحدود غيركم”!

“هذا التفاهم يمنع على حزب الله أن يضرب في الأرض الفلسطينية! ما معنى هذا؟! هل هناك فلسفة معينة لإخراج الأمور من دائرتها الطبيعية؟! متجهة نحو حماية الحدود الشمالية لفلسطين!” يعني “أنا أو أنت أو إنسان يحمل البندقية ويريد أن يقاتل العدو الإسرائيلي اليوم يذهب إلى الحدود.. من يمسكه؟ من يعتقله؟ أليس شبابنا الطيبون الطاهرون المساكين”! ويقدم حقيقة معبرة فيقول: “بالمناسبة لو أن غير شباب حزب الله هم الذين على الحدود لكان الأمر مختلفا! كان كثير من الناس يستطيعون اختراق الحدود والقيام بعمليات ضد العدو الإسرائيلي! لكن الحزب بما لديه من كفاءة ومن إمكانيات وسمعة…. هو الأقدر على الحماية! هنا المصيبة! وهنا الكارثة!”[57].

وفي حوار آخر مع صبحي الطفيلي يقول: “لقد بدأت نهاية هذه المقاومة مذ دخلت قيادتها في صفقات كتفاهم يوليو 1994م وتفاهم أبريل 1996م الذي أسبغ حماية على المستوطنات الإسرائيلية وذلك بموافقة وزير خارجية إيران[58]. لكن هذا التفاهم اعتبر انتصاراً للبنان لأنه حيد المدنيين اللبنانيين أيضاً واعترف بشرعية المقاومة! مع أن عمليات للمقاومة تحصل في مزارع شبعا بين الحين والآخر، هذا التفاهم الهدف الأساسي منه تحييد المقاومة وإدخالها في اتفاقات مع الإسرائيليين، كما أن العمليات الفلوكلورية التي تحصل بين حين وآخر لا جدوى منها لأن الإسرائيلي مرتاح، وهل هناك فرق بين الإسرائيلي في مزارع شبعا والإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ هذا اعتراف بالاحتلال! أنا أرى أن الخيام -بلدة حدودية لبنانية- هي مثل عكا وحيفا. وما يؤلمني أن المقاومة التي عاهدني شبابها على الموت في سبيل تحرير الأراضي العربية المحتلة، تقف الآن حارس حدود للمستوطنات الإسرائيلية، ومن يحاول القيام بأي عمل ضد الإسرائيليين يلقون القبض عليه ويسام أنواع التعذيب في السجون”!!

و”أنا أوجه كلامي إلى أبنائي في المقاومة لأقول لهم إن ما تفعلونه حرام وخدمة للعدو وخيانة للقضية! ألقوا سلاحكم وارحلوا أو تمردوا وأطلقوا النار على عدوكم ولا تجعلوا أحداً يخدعكم تحت عنوان أي فتوى أو ولاية فقيه، فلا فقيه في الدنيا يأمرني بأن أخدم عدوي! أنا آسف كيف أن المقاومة التي صنعناها بدماء شهدائنا تختطف وتحول إلى خدمة أعدائنا”!!

ويربط الطفيلي بين إيران وهذا التحول فيقول: “رغم كل ما حصل معي، كنت حريصاً على إبعاد وضعي الشخصي عن الوضع العام، كما لم أتناول إيران وشخصياتها القيادية رغم كل الأحداث الماضية والحالة الشخصية. كنت حريصاً على ألا أدخل أي قضية عامة في إطار وضعي الشخصي. لكن بعد التحول الذي حصل في الموقف من المقاومة وتحول إيران إلى منسق للشؤون الأمريكية في المنطقة رأيت أن أخرج عن صمتي!!”[59].

هذه حقيقة قديمة! وقد نفى صبحي الطفيلي علاقة حزب الله بالعملية التي استهدفت المارينز والمظليين الفرنسيين في بيروت، وكان في حينها أمين عام الحزب، كما في مقابلته مع قناة الجزيرة الفضائية في 23/7/2004م، واعتبر أن ذلك شرفا لم يحققه حزب الله وإنما سبقهم إليه غيرهم! “لسنا مسؤولين عن هذا الفعل –تفجير مقر المارينز الأمريكي والمظليين الفرنسيين- لم نأمر أحدا بتنفيذ هذه العملية، لو أمرنا كنت لأفتخر أمامك وقلنا نحن ضربنا.. عملنا.. لأنه يومها كانت القاصمة للأمريكيين”!! كما نفى الديراني مسئولية الحزب عن عملية السفارة الأمريكية في بيروت!

و”حتى لا نخدع أنفسنا، أقول لا شك في أن هناك حواراً أمريكياً- إيرانياً بدأ قبل غزو العراق. وأن وفداً من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية المؤيد لإيران زار واشنطن لهذه الغاية. والتيارات الإيرانية في العراق هي جزء من التركيبة التي تضعها الولايات المتحدة في العراق. حتى أن أحد كبار خطباء الجمعة في العاصمة الإيرانية قال في خطبة صلاة الجمعة أنه لولا إيران لغرقت أمريكا في وحل أفغانستان!! فالإيرانيون سهلوا للأمريكيين دخول أفغانستان! ويسهلون بقاءهم الآن! أما القول عن اعتقال سفير سابق هنا أو حديث عن سلاح نووي هناك فهو يدخل من باب السعي الأمريكي لتحسين شروط التعاون الإيراني. التشيع يستخدم الآن في إيران لدعم المشروع الأمريكي في أفغانستان. ومن هنا أقول لكل الشيعة في العالم أن ما يجري باسمهم لا علاقة له بهم. وهذه أعمالٌ المتضررُ الأكبرُ منها الإسلام والتشيع!”.[60]

وهنا أقف مع مقابلة أجراها مدير مكتب قناة الجزيرة مع حسن نصر الله سأله فيها: هل من الوارد توسيع دائرة مقاومتكم إلى فلسطين، إلى العراق، إلى غيرهما؟ فأجاب نصر الله بعيدا عن محور السؤال –كعادته: “نحن هنا في لبنان، قاتلنا على الساحة اللبنانية، على الأرض اللبنانية، أعلنا بوضوح أننا ندعم الانتفاضة في فلسطين والمقاومة في فلسطين، وهذا أمر معلن وواضح، ولنا شرف قبول هذه التهمة من قبل الأمريكيين والإسرائيليين، ومعركتنا الحالية مازالت قائمة مع العدو الصهيوني الذي يحتل أرضنا، ويواجه المنطقة كلها بالتهديد”! وما أسهل هذا الكلام الذي ردده من قبل زعماء العرب![61]

لكن مذيع القناة عاد ليسأل نصر الله: هل أنتم في وارد دعم أي بذور مقاومة في العراق، أم لا؟ فقال نصر الله: “هذا الأمر أولاً يرتبط بإرادة الشعب العراقي، يعني خلينا نشوف نبحث عن مقاومة عراقية في الأول، وبعدين نسأل عن القوى الأخرى والشعوب والحكومات والحواضن، من هو حاضن ولديه استعداد أن يدعم وأن يقف، وأن يساند، وما شاكل، وإن كنت أنا طبعاً قلت نحن نحترم خيارات الشعب العراقي، ونعرف أنه عاش ظروفا صعبة خلال 30 عاماً، والآن هو خرج من مرحلة قاسية، وهو الذي بإمكانه أن يحسم خياره ويتخذ قراره، وأنا لا أستطيع أن آخذ قرارا بالنيابة عن الشعب العراقي، وإن كانت سنن التاريخ وطبيعة الأمور تقول: أن الشعوب التي تحتل أرضها مآلها إلى المقاومة”!! وأضاف: “بكل وضوح العراق تحت الاحتلال، ما حصل في العراق هو احتلال أمريكي عسكري غير مشروع على الإطلاق، وبكل المعايير والموازين هو غير قانوني وغير شرعي، ويتعاطى معه كاحتلال”! “بعض العراقيين مازال يصدق بأن الأمريكيين جاءوا فعلاً لإنقاذه ولتحريره، وأنهم سيرحلون بعد شهر، أو ستة أشهر، أو سنة، أنا أعتقد أن الوقت والظروف والأطماع الأمريكية، والسياسات الأمريكية، والأخطار الأمريكية، سوف تضع الشعب العراقي أمام حقيقة واضحة أن ما جرى هو احتلال وسيطرة وهيمنة على نفطه، وخيراته، ومصيره، ومستقبله، وستتهاوى أحلام الديمقراطية ووعود الحرية، و احترام إرادة الشعب العراقي، وهذا الشعب سوف يلجأ عاجلاً أم آجلاً إلى خيار المقاومة”!![62]

ويواصل حديثه: “ما حصل “هو عدوان، في أفغانستان نفس الشيء، نحن لم نكن مع حركة طالبان، نحن لدينا ملاحظات كبيرة جداً على أداء حركة طالبان، وعلى نموذج طالبان، ولكن كنا ضد الحرب الأمريكية على أفغانستان وصنفناها بأنها عدوان، أمريكا لم تأتِ لتحرير الشعب العراقي، أمريكا جاءت لاحتلال العراق والسيطرة على نفط العراق وإعادة رسم خريطة المنطقة تمهيداً للسيطرة على العالم، وبالتالي هنا لا تستطيع أن تكون مؤيداً لهذه الحرب، أو ساكتاً عنها، في الحد الأدنى يجب أن تكون ضد هذه الحرب”![63]

في الحقيقة نصر الله يعطي إجابات حمالة، ذات أوجه، حتى لا يأخذ عليه العقلاء كلمة تدينه في لبنان، لذا فهو يتحدث عن وضع العراق بالقول: “العراق نموذج يجب أن نتوقف عندهدائما ويجب أن تبقى رسالتنا لشعبنا في العراق الصبر والهدوء والحكمة والتواصل وعدمالوقوع في الفتنة وعدم الرهان على العدو”![64] فهل هذه دعوة إلى الجهاد والمقاومة أم لمساندة الاحتلال على أبناء العراق!

إن حسن نصر الله لا يجرؤ على مخالفة المرجعيات الشيعية في العراق ليجيز مقاومة العدو المحتل! كما أنه حريص على الإشارة إلى “الدولة الحاضنة”! ولا ندري من يقصد بها دولة “ولاية الفقيه” أم دولة “البعث النصيري”!!

إننا ينبغي ألا ننكر أن حزب الله يقوم بعمليات عسكرية ضد إسرائيل بين وقت وآخر، كما ذكر صبحي الطفيلي، لكنه لا تمثل أيديولوجية قتالية ضد اليهود لإخراجهم من فلسطين وإلا كيف نفسر اجتياح إسرائيل للبنان لتصفية المقاومة الفلسطينية خلال الثمانينات وارتكابها المجازر بحق الفلسطينيين بينما هي في حالة “حزب الله” ومن قبل حركة أمل! نجدها كدولة ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي عاجزة عن نزع سلاح حزب الله! السلاح الذي يعلن حسن نصر الله، وهو الذي يصور نفسه منتصرا على إسرائيل نصرا تاريخيا استراتيجيا، أنه لا توجد قوة في العالم تستطيع نزع سلاح حزب الله!!! ألا يتناسب هذا مع تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني بأنه لا توجد قوة في هذا العالم تستطيع نزع سلاح حزب الله!!

إذن وماذا كانت تفعل الولايات المتحدة في العراق وفي أفغانستان وفي البوسنة!! ألم تعمل على نزع أسلحة دول بأكملها! وميليشيات!

ألا يجعلنا هذا الوضع نتساءل عن صدقية مقاومة حزب الله، و”حزب الله بالمناسبة، هو المليشيا المسلحة الوحيدة في العالم المسموح لها بعرض عضلاتها، وتملك أسلحة وصواريخ وعلاقات دولية، وموازنة تقدر بمائتي مليون دولار، وكل مؤهلات الدولة، في حين غير مسموح لوجود مثل هذه المليشيات في أية دولة على سطح كوكبنا، وحين تتهم أية مقاومة سنية أو مقاوم سني بشبهة يتم على الفور قتله أو توجيه صواريخ كروز إلى موقعه كما حصل في بغداد وخوست الأفغانية والخرطوم وغيرها”![65]

ألم يقل حسن نصر الله “إن وجود هذا السلاح هو نتيجة لسبب! إذا زال السبب زالت النتيجة! ونحن لا ننوي الاحتفاظ بهذا السلاح إلى الأبد”! فما هو السبب الفعلي وراء امتلاك حزب الله للسلاح وقد رضي بعد المواجهة الأخيرة بالقرار رقم 1701 الذي يطالب “بنشر قوات لبنانية في الجنوب بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي، وبالتعاون مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) التي سيرتفع عددها إلى 15 ألفا”!! ويدعو كلا من “إسرائيل ولبنان إلى دعم وقف دائم لإطلاق النار وحل بعيد المدى”!

إن بقاء سلاح حزب الله وتزايد عدد قوات الأمم المتحدة في أرض الشام، في حين تتحدث تقارير إعلامية وصحفية واستخباراتية عن تنام كبير لشعبية الجهاد والمقاومة في أرض العراق والشام، مع ما أكدته التقارير الأخيرة من العراق والتي تفيد بأن أغلب المجاهدين العرب في العراق هم من سوريا والبعض من لبنان! كل ذلك يضع علامة استفهام عن الدور المستجد لسلاح حزب الله في ظل استحقاقات النصر الداخلية!

ختاماً:

نخلص مما سبق أن التحالف الإيراني الأمريكي حقيقة لا مراء فيها، تؤكدها الحقائق الواقعية، وأنها تأتي في نسق العداء العقدي مع جمهور الأمة من السنة والعرب، ومن ثمَّ فهي امتداد طبيعي للتاريخ التآمري للشيعة مما يذكره المؤرخون وأهل العلم.



ويغذي التوجه نحو هذا التحالف (المعتقد الديني) الذي يرى في اليهود والنصارى كفارا أصليين وفي المسلمين السنة كفارا مرتدون، و(التعصب الطائفي) الذي ربى عليه عموم الشيعة وقامت دولهم على أساسه، و(الانتماء القومي) لحضارة مغايرة للحضارة الإسلامية العربية، و(المصالح السياسية) التي تريد إيران اقتناصها في زمن الهجوم على المكون (السني) للأمة من قبل اليهود والنصارى، فإيران تعمل بالمبدأ: “ليس في السياسة أعداء دائمون، أو أصدقاء دائمون, إنما مصالح دائمة فحسب”!

وهكذا يلتقي الديني بالطائفي والقومي والسياسي في رؤية ووعي ومواقف مرجعيات الشيعة الإثنى عشرية بقيادة إيران تجاه المسلمين السنة والعرب عموما!

وهذا التحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل يأخذ أبعاده السياسية والدينية والاقتصادية والعسكرية المشتركة، فمن حيث السياسة يلتقي الطرفان في إسقاط بعض الأنظمة السنية أو إضعافها، وتغيير خارطة المنطقة. ودينيا تريد الولايات المتحدة القضاء على الإرهاب (السني) ولا مانع لديها من مساندة المذهب (الشيعي) الثائر كذبا! إلا على الحكومات السنية والعربية. واقتصاديا يرغب كل من الطرفين الوصول إلى ثروات العراق والخليج. وعسكريا إضعاف الدول الإسلامية والعربية عموما لصالح أمن إسرائيل وتأمين مصالح الغرب!

ومن نتائج هذا التحالف ما شاهدناه في أفغانستان والعراق ولبنان واليمن.. والدور قادم على دول أخرى.

يقول مؤلف كتاب (الغزو الفارسي للعالم العربي) عبد الله عبد الله السعيد -عام 1404هـ- عن الحرب الإيرانية العراقية: “العالم كله يتحرك ويتوسط إلا أن إيران ترفض إلا أن تُفتَحَ العراقَ ليصعد الشيعة فيها إلى سدة الحكم، وليقيموا المشانق لنحو 65% من شعب العراق السني. ويا له من يوم كيوم القيامة يوم تفتح يأجوج ومأجوج على السنة في العراق والخليج، ولا أحد–إلا الله- يعلم كم من ملايين السنة سوف تباد في ذلك اليوم المنحوس”.[66]

——————————–

[1] تنص المادة الخامسة عشرة في (الفصل الثاني: اللغة والكتابة والتاريخ والعلم الرسمي للبلاد) على أن اللغة الرسمية هي الفارسية، أما العربية حسب المادة السادسة عشرة فبما أنها “لغة القرآن والعلوم والمعارف الإسلامية،….. وأن الأدب الفارسي ممتزج معها بشكل كامل؛ لذا يجب تدريس هذه اللغة بعد المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية في جميع الصفوف والاختصاصات الدراسية”! كما تنص على استخدام الأشهر الفارسية أو اللاتينية وليس العربية! كما يعتمد في التقويم الرسمي على السنة الشمسية.

[2] المادة الخامسة من الدستور.

[3] قال عنها القرطبي: هي حركة “تبغض العرب وتفضل العجم”، وقال الزمخشري في (أساس البلاغة): “وهم الذين يصغرون شأن العرب ولا يرون لهم فضلاً على غيرهم”. تعرف الموسوعة البريطانية الشعوبية بأنها كل اتجاه مناوئ للعروبة (anti-arabisim).

[4] يقول المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله، في حوار مطول نشر على حلقات في صحيفة النهار اللبنانية، 6 نوفمبر 2002م: لـ”قد كسبت إيران من خلال هذا الموقف الكثير في أفغانستان، ولذلك فإنها تملك الآن مواقع جيدة متقدمة حتى على مستوى الحكم”!!

[5] في مارس 2003م كتب ألكساندر شوابة، بعنوان (مع الشيطانالأكبر ضد صدام حسين)، في الواشنطن بوست: “إن الإيرانيين التقوا بالأمريكيين فيأواخر يناير 2003م في لندن، وأيد نائب وزير خارجية أمريكا ريتشارد أرميتاج هذا اللقاء، ويبدو أن الأمريكان ضغطوا في هذا اللقاء السري على الإيرانيين ليتعهدوا ألا يمانعوا في إسقاط صدام، ولذا أعلن رفسنجاني بعدئذ مباشرة وفي خطبة الجمعة: أننا نوافق على خلع أسلحة النظام العراقي ولا نوافق على دخول جيوش أمريكا المنطقة، وزير خارجية إيران أعلن أن إيران لن ترفض الهجوم على العراق إذا كان ضمن نطاق الأمم المتحدة.

[6] انظر: أخبار الـBBC، في 29/10/2005م.

[7] أبو الحسن بني الصدر أول رئيس منتخب لجمهورية إيران (1980م) عقب إسقاط الشاه، غادر فرنسا مع الإمام الخميني للمشاركة في قيام الثورة الإسلامية، لكنه عاد إلى فرنسا، ليخلفه الخميني في الحكم في العام التالي. وكان الانقلاب عليه لعدم توقيعه على الاتفاق الذي كان بين جماعة الخميني وجماعة (ريجان) و(بوش)!

[8] راجع: حوار قناة الجزيرة مع أبي الحسن بن الصدر، الرئيس الأول للجمهورية الإسلامية الإيرانية، في برنامج زيارة خاصة بتاريخ 17/1/2000م.

[9] الجارديان، في: 18/11/1998م.

[10] راجع: الكشف عن تقرير سري يفضح علاقة إيران بإسرائيل، علي حسين باكير، مجلة العصر الإلكترونية، في 13/4/2006م.

[11] انظر: عبد الله الغريب، الجذور التاريخية، ص: 255.

[12] المرجع السابق، ص: 255.

[13] المرجع السابق، ص: 255.

[14] انظر: مقابلة مع صحيفة باري ماتش، نقلتها الوطنالكويتية، بتاريخ 11/2/1979م، المرجع السابق.

[15] وانظرلمزيد من التفاصيل حول هذه القضية ومسار التعاون بين الدولتين في العهد الخميني،مذكرات وزير الخارجية الأمريكي جورج شولتز: نصر واضطراب، ص 275-377، الأهلية للنشر، ط1، 1994م. وكتاب: يوميات الفضيحة الإيرانية الصهيونية الأمريكية، تمام البرازي، دار الفكر للنشر والتوزيع، 1987م.

[16] انظر: صحيفة الحياة، العدد 13120، في 7/2/1999م.

[17] انظر: مقال لعلي الدين هلال، صحيفة الحياة، العدد 13056، في 2/12/1998م.

[18] صحيفة الحياة، العدد 13049.

[19] الشرق الأوسط، العدد 7315.

[20] للمزيد من الفائدة انصح القارئ الكريم بكتاب ويل للعرب مغزى التقارب الإيراني مع الغرب والعرب، لعبد المنعم شفيق، وأتمنى من الخيرين طباعة هذا الكتاب مرة أخرى! وهو من المراجع المهمة التي اعتمد عليها الباحث.

[21] راجع: عالم متعدد الأقطاب: روسيا تتحدى تفرد الولايات المتحدةالأمريكية، علي حسين باكير، مجلة الدفاع الوطني- تصدر عن الجيش اللبناني، www.lebarmy.gov.lb.

[22] في تقرير سري إلى الخارجية البريطانية يذكر السير “هوارد جونس” –الوزير الإنجليزي المفوض في القرن الماضي- أن هناك طبقة متنفذة أخرى في إيران غير البلاط الملكي والنخبة الحاكمة يجب أن تحمى من قبل التاج البريطاني، وهم علماء الشيعة ومشائخهم؛ موجها إلى استغلالهم في التأثير على عامة الشيعة. والشيء ذاته يشير إليه وزير خارجية بريطانيا، في جلسة سرية في السفارة البريطانية في طهران في11 أكتوبر 1914م، حيث يشير أن أقوى جهاز متنفذ في إيران هو طبقة رجال الدين الشيعة، معبرا عن ثقة حكومته فيهم.

انظر كتاب (أسرار وعوامل سقوط إيران).

[23] أ أيقاظ قومي أم نيام؟! محمد سرور بن زين العابدين، دار الجابية، ط1، 1428هـ.

[24] انظر: حوار مطول مع المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله، نشر على حلقات في صحيفة النهار اللبنانية، 7 نوفمبر 2002م.

[25] محمود أحمدي نجاد (45 عاما) هو الرئيس التاسع لجمهورية إيران الإسلامية، فاز في الانتخابات الرئاسية في 25 يونيو 2005م بدعم المحافظين الأقوياء، وقد بلغت نسبة المصوتين له 62%. ولد نجاد في بلدة قرب طهران عام 1956م، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في النقل والمواصلات من جامعة طهران للعلوم والتكنولوجيا، وقد سبق تعيينه عمدة لطهران في 2003م، وهو يعد رجلا عقائديا من الطراز الأول، ويتمتع بشعبية كبيرة، نظرا للحياة البسيطة التي يعيشها، والطبقة ذات الدخل المحدود التي تنتمي إليها عائلته، والحملة التي يشنها ضد الفساد، وانضمامه القديم للحرس الثوري! فقد ظل أحمدي نجاد ثوريا محترفا منذ شبابه، وظلت يده على الزناد، وحارب بنفسه التركمان والأكراد المطالبين بالانفصال، كما قاتل وأوشك أن يُقتل، في عدة أحداث، بسبب ولائه لمبادئ الخميني!

[26] راجع: حوار قناة الجزيرة مع أبي الحسن بني الصدر، الرئيس الأول للجمهورية الإسلامية الإيرانية، في برنامج زيارة خاصة بتاريخ 17/1/2000م.

[27] انظر: الحلم الإيراني والحلم الأمريكي، أ.د. محمد السعيد عبد المؤمن، خبير في الشؤون الإيرانية، إسلام أون لاين، في 9/4/2002م.

[28] راجع: حوار قناة الجزيرة مع أبي الحسن بني الصدر، الرئيس الأول للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

[29] لمزيد فائدة حول العلاقة بين إيران الخميني وإسرائيل، أرجو أن يطلع القارئ الكريم على كتاب: الحرب المشتركة.. إيران وإسرائيل!، لحسين علي هاشمي. وجدير بالذكر أن آية الله حسين علي منتظري، النائب السابق لآية الله الخميني، والذي يعيش تحت الإقامة الجبرية بمنزله بمدينة قم، كشف في مذكراته عن الاتصالات السرية بين رموز المحافظين الإيرانيين وكل من إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية بغرض شراء الأسلحة في حربهم مع العراق. وقد صدر حكم بالإعدام على آية الله منتظريعام 1975 لكنه لم ينفذ، بل وأطلق سراحه بعد ذلك بثلاثة أعوام، وأصبح عضوا في المجلسالثوري. يعتبر آية الله منتظري واحدا من أكبر المرجعيات الدينية للشيعة وقدأكسبته مواقفه السياسية المستقلة شعبية في إيران. (العربية، في 20/4/2008م- 14/4/1429هـ).

[30] صحيفة هآرتس اليهودية، في 1/6/1997م.

[31] صحيفة معاريف اليهودية، في 23/9/1997م.

[32] انظر: رضا لاري، إسرائيل تغازل إيران، جريدة الشرق الأوسط،في 31/12/1997م، المرجع ذاته.

[33] انظر: صحيفة الأنباء، في 8/11/1998م، المرجع ذاته.

[34] صحيفة الشرق الأوسط، العدد 7359، في 21/1/1999م.

[35] صحيفة هآرتس اليهودية، نقلا عن الشرق الأوسط، عدد 7170، في 16/7/1998م.

[36] الحياة، العدد 13070، في 21/12/1998م.

[37] انظر: مقال للصحفي اليهودي يوسي مليمان، لوس أنجلس تايمز، نقلا عن صحيفة الأنباء، العدد 7931، في 16/6/1998م.

[38] راجع مقال: إيران وإسرائيل والرابطة التاريخية، ستانلي فايس، هيرالد تريبيون، في يوليو 2006م.

[39] حوار مع الشيخ صبحي الطفيلي، الأمين العام الأول لحزب الله، الجزيرة، في 23و30/7/2004م.

[40] انظر: صحيفة معاريف اليهودية، 8/9/1997م، المرجع ذاته.

[41] انظر: مجلة المشاهد السياسي، العدد 144، في 13/12/1998م، المرجع ذاته.

[42] السفير اللبنانية، في 23/11/2001م.

[43] ديلي ستار اللبنانية، 28/10/2002م.

[44] فصلية الشرق الأوسط، خريف 2002م.

[45] إذاعة إسرائيل، 23/12/2002م.

[46] موت نصر الله في الميزان الصهيوني، تحليل مترجم من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، المفكرة، في 26/7/2006م. وإن كانت الحقيقة أبعد مما يطرحه الكاتب!

[47] حوار مع صبحي الطفيلي، الجزيرة، في 23و30/7/2004م.

[48] حوار مع صبحي الطفيلي، الشرق الأوسط، عدد 9067، في 25/9/2003م.

[49] راجع: الحروب السرية للاستخبارات الإسرائيلية، إيان بلاك- بني موريس، ترجمة إلياس فرحات، دار الحرف العربي، بيروت، 1998م، ص338.

[50] المرجع قبل السابق، نفس الصفحة!

[51] راجع: قواعد جديدة للعبة: إسرائيل وحزب الله بعد الانسحاب من لبنان، دانييل سوبلمان، مركز جافي للدراسات الإستراتيجية، ترجمة د. عماد فوزي شعيبي، مركز المعطيات والدراسات الإستراتيجية، الدار العربية للعلوم، بيروت، ط1 2004م، ص50.

[52] قناة المنار، 28/1/2001م.

[53] صحيفة الحياة، 10/4/2002م.

[54] القدس العربي، 5/4/2004م.

[55] راجع: مذكرات شارون، ص657، ص661!

[56] نص تفاهم نيسان، 27/6/1996م، الذي حظي بدعم إقليمي ودولي واسع، على أن حكومتي إسرائيل ولبنان يكفلان التالي: أن يتوقف حزب الله والمنظمات المسلحة عن استهداف إسرائيل بالصواريخ مقابل توقف إسرائيل والمتعاونين معها عن استهداف المدنيين اللبنانيين، وأنه بدون خرق هذا التفاهم لا يوجد مانع لأي طرف من ممارسة حق الدفاع عن النفس، وأن يتم تشكيل مجموعة مراقبة دولية من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وسوريا ولبنان وإسرائيل، وأن التفاهم لحل الأزمة بين البلدين ليس بديلا عن حل دائم.

[57] حوار مع الشيخ صبحي الطفيلي، الأمين العام الأول لحزب الله، الجزيرة، في 23و30/7/2004م.

[58] هذا يؤكد دور إيران في توجيه مسار حزب الله سياسيا وعسكريا! بشأن الداخل وإسرائيل!

[59]حوار مع صبحي الطفيلي، الشرق الأوسط عدد 9067، في 25/9/2003م.

[60]حوار مع صبحي الطفيلي، الشرق الأوسط عدد 9067، في 25/9/2003م.

[61] يقول مؤلف (قواعد جديدة للعبة.. إسرائيل وحزب الله)، ص36: “إن المنظمات الفلسطينية نفسها ربما تكون قد بالغت في تخمين حريتها ونشاطها في لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي منه –أي عام 2000م، وكما سنفصل فيما يلي، فقد تم بعد الانسحاب مباشرة منع منظمة جبريل –وهي تابعة للجبهة الشعبية الفلسطينية، ولها روابط بسوريا وحزب الله- من تحريك الدبابات باتجاه إسرائيل وكذلك أيضا تمت معاقبتها من قبل عدة عناصر في لبنان بما فيهم حزب الله بعد مقتل عضوين من الجبهة الشعبية بنيران قوات الدفاع الإسرائيلي في قطاع مزارع شبعا أثناء ما اتضح أنه كان عملية ضد إسرائيل”! هذا في الوقت الذي رأى العرب في حزب الله مشروع المقاومة الوطنية التي استطاعت طرد إسرائيل وإخراجها بالقوة!!

[62] ورغم هذا الكلام المعسول لم يثن حسن نصر الله على موقف التيارات السنية التي رفضت الاحتلال منذ الأيام الأولى له، ولا فصائل المقاومة العراقية المجاهدة!!!

[63] حوار مع حسن نصرالله في برنامج لقاء خاص، الجزيرة، 8/5/2003م.

[64] خطاب حسن نصر الله في حشد من أنصاره في 22/9/2006م.

[65] جيش المهدي حزب الله.. ومقتدى الصدر نصر الله، أحمد موفق زيدان، على صفحته الخاصة في موقع مكتوب www.maktoobblog.com/ahmedzaidan، في 24/7/2006م.

[66] الغزو الفارسي للعالم العربي، عبد الله عبد الله السعيد، ط1- 1404هـ.


================

رسالة سرية من "أوباما" الى "خامنئي" حول النووي و"داعش"

الأناضول
واشنطن طهران الحليفان اللدودان
واشنطن طهران الحليفان اللدودان
صورة: (ح.م)
Decrease font Enlarge font
ذكرت صحيفة أمريكية، الخميس، أن الرئيس "باراك أوباما"، بعث برسالة سرية، أواسط الشهرالماضي، الى المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية في إيران "آية الله علي خامنئي"، للتأكيد على المصالح المشتركة لبلديهما في محاربة تنظيم "داعش".
وأوضحت صحيفة "وول ستريت جورنال" في خبر نشرته على صفحاتها في عددها الصادر الخميس، أن رسالة "أوباما"، تهدف إلى تليين موقف الزعامة الدينية بإيران، من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية بخصوص مواجهة "داعش"، والمباحثات الدولية الجارية بشأن الملف النووي الإيراني.
وذكر "أوباما" في رسالته للمرشد الأعلى، أن أي تعاون في مكافحة تنظيم "داعش"، سيكون مرهوناً بالتوصل الى اتفاق شامل في المجال النووي مع اقتراب الـ24 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، الذي حدد موعدا لابرام اتفاق في هذا الشأن. 
وأشارت الصحيفة، إلى ان الرسالة يعتقد أنها الرابعة التي يوجهها اوباما الى خامنئي منذ توليه السلطة في 2009، موضحة أن السبب في سرية هذه الرسائل هو رغبة أوباما في عدم إغضاب الدول العربية حليفة الولايات المتحدة، وإسرائيل، جراء ذلك.  
هذا ولم يؤكد أو ينفي المتحدث باسم البيت الابيض "جوش ايرنست"، ما ذكرته الصحيفة،  قائلا "لست في موقع يخولني بحث رسائل خاصة بين الرئيس وأي قائد في العالم".
وأضاف: " انه على هامش هذه المحادثات التي تجري ضمن مجموعة القوى الكبرى، بحثت إيران والولايات المتحدة التهديد الذي يشكله المقاتلون"، مؤكداً أن السياسة الأمريكية بشأن إيران لم تتغير، وأضاف "لن تتعاون عسكريا مع إيران في ذلك الصدد، ولن نشاطرهم معلومات استخباراتية".


========

الجارديان لأوباما : الوهابية أخطر من الشيعة

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=82436


في مقابلة له مع مجلة «أتلانتيك»، تمسك الرئيس الأميركي باراك أوباما بموقفه؛ أن التفاوض مع إيران خياره الأفضل، وأن على دول المنطقة أن تتعايش وتتقبل هذا الأمر.


http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/09/blog-post_90.html

خامنئي تفاوضنا مع الشيطان للخلاص من شره
الغفوة الأميركية في مواجهة التمدد الإيراني ؟

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/06/blog-post_6694.html

90% من الاعمال الارهابية التي تعرضت لها اميركا قام بها غير مسلمين

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/06/90.html

ايران و اسرائيل دولتان دينيتان وتحالف اميركا معهم
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/09/blog-post_68.html

الحرب على الإرهاب أم على السنة؟

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/09/blog-post_23.html

الارهاب الشيعي ضد اهل السنة
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/09/a.html



الاسلام الاميركي الصهيوصفوي الشيعي

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/10/blog-post_4.html

تنافضات اميركا و مبعوث الامم المتحدة الي سوريا حول كوباني عين العرب

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/10/blog-post_64.html

تقرير أمريكي: المليشيات الشيعية بالعراق تستخدم حرب داعش للقضاء على السنة

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/11/blog-post_63.html

بشار" لم يعد أولوية بل "الدولة".. "واشنطن" تقطع تمويلها لأهم لجنة توثق جرائم النظام

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/11/blog-post_77.html

الامم المتحدة ترحب بتفجير مساجد اهل السنة وحرق جثثهم في الطرقات


http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/10/blog-post_747.html


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق