الأحد، 1 يونيو 2014

الغفوة الأميركية في مواجهة التمدد الإيراني ؟ داود البصري.


الغفوة الأميركية في مواجهة التمدد الإيراني ؟

داود البصري.

ثمة مثل يتداوله أهل المغرب الأقصى يقول ما معناه ( بأن عيون المخزن ( السلطة ) لا تنام أبدا )! وهي تراقب كل شاردة وواردة ، أقول ذلك في التعقيب على مقال كتبه الأستاذ فيصل القاسم يتعجب فيه من الغفوة الأميركية و الإسرائيلية أمام التمدد الستراتيجي الإيراني في الشرق الأوسط ووصول الإيرانيين للحدود الشمالية لإسرائيل ، وهيمنتهم المطلقة حاليا على أهم بلدين في الشرق الأوسط وهما العراق وسوريا إضافة للبنان و اللذان يالسخرية الأقدار كانا يحكمان من قبل حزب واحد و لكن بقيادات متصارعة ( حزب البعث ) فأسقط الأمريكان الفرع العراقي للحزب عام 2003 فيما تكفل الإيرانيون بوضع الفرع الآخر ( اليساري ) تحت إبطهم ، و فرضوا عليه حمايتهم ، و ساندوه و بقوة في مقاومة ثورة شعبية إندلعت منذ أربعة أعوام ، فيما يراقب الأميركيون الموقف الدموي و لا يعدون سوى بتقديم مساعدات غير قاتلة للثوار كالأحذية و كرات القدم و شطائر الهمبرغر!!.. وتتخبط إدارة أوباما في تحديد المواقف و تكتفي بالتهديدات الفارغة، فيما يعبأ الإيرانيون البراميل القذرة و يطلقونها على رؤوس السوريين ، ويرسلون صفوة خبرائهم و مستشاريهم العسكريين و يفتحون أبواب التطوع للعراقيين و الأفغان و كل راغب و من أموال الخزينة الإيرانية!!، الإيرانيون في تمددهم عبر مجالهم الحيوي الحالي لم يحققوا ذلك بضربة واحدة سريعة و إنما من خلال عملية بناء تراكمي معقد و طويل المدى بدأت إرهاصاته منذ عام 1979 و نما و تطور مع الأيام معتمدا على البناء الكمي وعلى حالة الصبر والتحمل الطويلة التي يتقنها الإيرانيون وعلى بناء النموذج العقائدي بالأموال الإيرانية مع بناء تحالفات سياسية و طائفية كانت معلومة للجميع وخصوصا للمخابرات الغربية التي كانت و لا زالت على إطلاع تام و دقيق بكل محاور و عناصر اللعبة الإقليمية الإيرانية ، لقد شكل إحتلال العراق و إسقاط نظام الرئيس صدام حسين الفرصة الذهبية السانحة لتمدد كان موجودا بكل أدواته الفاعلة ولكنه كان يشهد حالة سكون إنتظارا للفرصة السانحة و التي توفرت بالكامل بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 و سيناريوهاته و ماجره من حملات إنتقام أمريكية شملت خصوم النظام الإيراني العقائديين الشرسين ، الطالبان في الشرق الأفغاني ، و البعث العراقي في الغرب العراقي! وهو النظام الذي كان يقطع حبل التواصل البري بين دمشق و طهران! ، لم ينس الإيرانيون أبدا بأن نظام الرئيس السوري البعثي حافظ أسد قد وقف علنا في الحرب العراقية/ الإيرانية ( 1980/1988 ) إلى جانب النظام الإيراني سياسيا و عسكريا ، رغم القاعدة البعثية التي تجمع نظامي بغداد و دمشق ، ولكن الإنحياز السوري لإيران كان واضحا جدا و يتجاوز الآيديولوجيا البعثية و ذلك بإفساح المجال لقوى المعارضة العراقية الشيعية ذات المرجعية الإيرانية المباشرة كالدعوة و جماعة الحكيم و آخرون بالعمل المباشر و حتى التخريبي الإنتحاري من الساحة السورية و بتسهيلات المخابرات السورية و التي نفذت عمليات إرهاب دولي كبرى ضد الكويت و السعودية و العراق..! و أساسا ضد المصالح الأميركية و الغربية في لبنان و الخليج العربي في ثمانينيات القرن الماضي في ظل مراقبة كاملة و لصيقة و مباشرة من دوائر رصد المخابرات الدولية! ، فعملية إرهاب كبرى من طراز تفجير السفارة العراقية في بيروت في سبتمبر عام 1981 كانت المقدمة لسلسلة من العمليات ارهابية المباشرة التي ضربت السفارة الأميركية و قوات المارينز في بيروت عام 1983 و بنفس الأدوات الإيرانية!! أي أن الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل لم تكونا يوما في حالة غفوة أو نوم متقطع أو حتى حالة سكر طارئة!! بل كانتا و لا زالتا على وعي تام و إدراك كامل بن كل العمليات الإرهابية التي تقوم بها إيران و حلفائها ليست في النهاية سوى ( خربشات أطفال ) كونها في النهاية تخدم المصالح الغربية و تعزز الوجود و التدخل الأمريكي و لا تشكل أي خطر على صعيد إختراق الأمن الإسرائيلي ، لأن الهدف الإيراني المركزي في نهاية المطاف لايستهدف الأمريكان و لا الإسرائيليين بل يستهدف العالم العربي و خصوصا الجانب الشرقي منه ، إضافة لكون كل العمليات و التدخلات الإيرانية بمثابة إستنزاف قاتل و بطيء للقدرات الإيرانية وهي محدودة أصلا في ظرف يعاني منه الشعب الإيراني صعوبات و مشاكل إقتصادية و إجتماعية جمة ، فتصريف الطاقة الإيرانية الزائدة ثم المستقطعة من اللحم الإيراني الحي يتم عبر النزيف الإيراني الدائم في حروب المنطقة و مشاكلها الداخلية ، و التمدد الإيراني القائم حاليا تم بمباركة و تشجيع و إرادة الولايات المتحدة ، خصوصا في المرحلة التي أعقبت إحتلال العراق و تسليم السلطة هناك لجماعة الأحزاب الإيرانية إياها التي كانت عاملة و نشطة في المشروع الإرهابي الإيراني/ السوري في الشرق الأوسط ، فغالبية الوجوه الحاكمة اليوم في العراق تعامل معها الأميركيون ووفروا لها الحماية في المنطقة الخضراء و عقدوا معهم الإتفاقيات وهم يعلمون تفاصيل التفاصيل عن ماضيهم الإرهابي!! و لكن اللعبة الإقليمية و المصالح المتغيرة تقتضي ذلك ففي السياسة لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة بل مصالح دائمة ، و الإيرانيون في النهاية متمسكون حتى الثمالة بإتفاق الجنتلمان غير المكتوب ، فهم لايتطاولون لأبعد مما هو مسموح لهم ، و لايضربون الغرب تحت الحزام ، بل يحرصون أشد الحرص على إدامة ( شعرة معاوية ) مع الغرب ، وهم يحركون خيوط اللعبة الإقليمية بمهارة صانع السجاد الإيراني و صبره الدؤوب ، لا مجال أبدا لنوم الولايات المتحدة و لا لغفوة حليفتها إسرائيل ، بل أن كل الأمور تجري في سياقات تفاهمية ومن خلال النظرات و ليس العبرات!، و إذا كان ( المخزن ) لاينام كما يقول المغاربة... فهل يعقل أن ينام البنتاغون عن شواردها خصوصا و إن الجعجعة الإيرانية قد وفرت لأميركا و الغرب فرص تاريخية للتدخل و المكاسب باكثر مما كانوا يحلمون به... النظام الإيراني سيتراجع و يتقلص وحتى يندثر.. فيما تستمر لعبة الأمم في دورتها الدموية الرهيبة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق