الجمعة، 27 يونيو 2014

المرجعية الدينية العليا تدعو المواطنين الذين يتمكّنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم، ومن يضحِّ بنفسه فإنّه شهيد -إن شاء الله تعالى-..




الخطبة الأولى: 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي خشعت له الأصوات، وقصرت دونه الأوهام، ووجل كلّ شيء منه، وهرب كلّ شيء اليه، وملأ كلّ شيء نوره.. وأشهد أن لا إله إلّا الله المُتعالي عن الحدود، المتنزّه عن الوالد والمولود، وأشهد أنّ محمّداً(صلّى الله عليه وآله) عبده ورسوله، الداعي الى توحيده، والقائم على شرائعه وحدوده، ختم به النبيين وابتعثه رحمة للعالمين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين الميامين، صلاةً زاكيةً باقيةً ترفع لهم الدرجات..
أوصيكم عباد الله تعالى وقبل ذلك أوصي نفسي بما أوصى به الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله) والأئمة الكرام، بتقوى الله تعالى والتمسّك بحبله، فإنّ الحياة لا تصلح إلّا بذلك، ولن تنالوا السعادة إلّا في ظلالها ولا تتمّ نعمة الوجود إلّا بالعمل بها، أيّها الإخوة والأخوات سلامٌ عليكم جميعاً من ربٍّ رحيم غفور ورحمةٌ منه وبركات..
نحن نعيش في هذه الليلة وفي يوم غدٍ ليلة النصف من شعبان، وفي يوم غد ذكرى ولادة منقذ الأمّة، منقذ البشرية ومقيم دولة العدل والقسط، ومحيي الدين الإمام الحجّة المنتظر(عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، أيّها الإخوة والأخوات الخطبة الأولى نتحدّث فيها بإيجاز كيف نحيي هذه الولادة؟ كيف نحيي هذه المناسبة بما يرضي الله تعالى ويرضي الإمام المنتظر؟ كيف نكون وكيف نستعدّ لأن نكون من أنصار الإمام الحجّة(عجّل الله تعالى فرجه الشريف)؟ ما هي استعداداتنا لنكون جنوداً من جنوده؟ كيف نواجه هذه الفتن الكثيرة والدعوات الباطلة؟ هناك تحديات صعبة داخلية وخارجية، وامتحانات عسيرة، كيف نواجهها؟ كيف نخرج من هذه الامتحانات بما يرضي الله تعالى والإمام الغائب؟ كيف نحيي هذه الولادة؟ هناك فتن كثيرة هناك دعوات باطلة، هناك تكالبٌ من أهل الباطل بجميع مسمّياتهم وإمكاناتهم على أهل الحقّ، هناك محنة الغيبة للإمام المنتظر(عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، هناك الانتظار الحارّ والترقّب الدائم لظهور الإمام ودولته ونصرته، كيف نستطيع أن نكون كذلك؟ وكيف نواجه هذه التحديات؟ أذكر على سبيل الاختصار مجموعة من الأمور أرجو الالتفات اليها.
نحن بحاجة الى المعرفة الصحيحة بالإمام(عليه السلام) وأحواله ودولته وما يتعلّق بغيبته، نحن بحاجة أن نستشعر شعوراً وجدانياً عميقاً بأنّ الإمام حيٌّ يراقب الأمور عن كثب ويتابع كلّ الظروف التي نعيشها ويطّلع على أعمال الناس وسيرتهم وأحوالهم، وأنّ الإمام ينتظر توفّر الشروط المطلوبة الإلهية اللازمة لظهوره، ما هي ثمرة هذا الاستشعار؟ لعلّ الكثير منّا يزور الإمام ويدعو له بالنصرة، يحبّ أن يكون من جنده وأنصاره لكنّه لا يستشعر هذا الحضور للإمام(سلام الله عليه) لابُدّ أن نعمّق هذا الشعور الوجداني بأنّ الإمام حيٌّ يراقب الأمور ويطّلع على أعمالنا وعلى ظروفنا كما ورد في الحديث الشريف، ما هي ثمرة هذا الاستشعار؟ هذا الاستشعار في الواقع يجعل الإنسان دائماً في حالة مراقبة مستمرة لأعماله وسلوكه وإيمانه وسيرته، استشعار هذا الاطلاع والمراقبة من الإمام(عليه السلام) تعطي حافزاً ودافعاً للإنسان المؤمن أن لا يكون جامداً، أن لا يكون خاملاً، أن لا يكون يائساً، هذا الدافع والحافز يجعله يتحرك نحو إصلاح نفسه وإصلاح المجتمع والتحلّي بمكارم الأخلاق حينما يشعر أنّ حركته، إيمانه، سلوكه، سيرته، دعوته للإصلاح تحت رعاية الإمام(سلام الله عليه) ونظره، وأنّه حينما يطّلع على سيرة فلان وفلان وأعمالهم وتحرّكهم يكون مسروراً، يحظى برعاية الإمام(سلام الله عليه) ولكنّه حينما يجد هذا الإنسان بعيداً عن طاعة الله تعالى وبعيداً عن الانقياد لتوجيهات الإمام ومنهج الإمام(سلام الله عليه) جامداً فاشلاً لا يتحرّك، يائساً ليس له الأمل، لا يتحرّك نحو الإصلاح والقيام بالواجبات الدينية، هذا يؤذي الإمام ويجعله في همّ وحزن، ونحن نسعى جميعاً أن نُسرَّ الإمام ونُفرحَهُ، كيف نُسرُّه ونُفرحُهُ؟ هنا هذا الإحياء الحقيقي لولادة الإمام أن نسرّه السرور الحقيقي وأن نفرحه الفرح الذي يريده الإمام، ألا وهو أن نُرضي الله تعالى أن نرضي الإمام، وذلك بالانقياد الى تعاليمه وتوجيهاته وإرشاداته وطاعة الله تعالى، أن يكون المؤمن نشطاً متحرّكاً يعمل بكلّ هذه الواجبات، ولا يعيش حالة اليأس بل دائماً مهما واجه التحدّيات والمصاعب يعيش حالة الأمل بالانتصار، لاحظوا هذا الحديث الذي ورد عن الإمام المهدي(عليه السلام) في رسالته الأولى للشيخ المُفيد(رضوان الله تعالى عليه) يقول: (فإنّا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنا شيء من أخباركم، إنّا غير مهملين لمراعاتكم...) المؤمن الذي يكون بهذه المواصفات التي ذكرناها يحظى برعاية الإمام وبدعاء الإمام له، ولا شكّ أنّ ذلك يمثّل رعاية إلهية له (...إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء).
الأمر الثاني الذي نوصي به لا شكّ أنّ كيان المؤمنين كيانُ الجماعة المؤمنة الصالحة، قد يتعرّض الى الضعف والوهن بسبب شدّة هذه الابتلاءات وهذه الامتحانات، قد يتعرّضون الى حاكم ظالم جائر يذيقهم العذاب والتنكيل والإعدامات والسجون والتشريد والتجويع، قد يتعرّضون الى فرق ضالّة ومنحرفة، يتعرّضون الى مختلف مشاكل الحياة والابتلاءات، ربما هذا يصيبهم بالضعف والوهن، ما المطلوب منّا حتى نبقي لهذا الكيان قوّته وقدرته على المواجهة؟ نحن نحتاج هنا أن يوصي بعضُنا بعضاً بالصبر والثبات والصمود والاستعداد للتضحية والعمل على التمسّك بأحكام الشرع الحنيف والتحلّي بمكارم الأخلاق والانقياد لتوجيهات الإمام وطاعته في كلّ شيء، أن ننشر بيننا مشاعر التحابب والتوادد ونبعد عن أنفسنا وعن مجتمعنا التباغض والشحناء والتنازع والاختلاف، أن ننشر التكافل الاجتماعي فيما بيننا، أن يعاضد بعضُنا البعض الآخر، أن تكون بيننا مواساة ومشاركة من بعضنا للبعض الآخر في الأحزان والأفراح والشدائد والمصاعب وما يمرّ به كلّ واحد منّا من ابتلاءات ومحن وحاجة، هذه من الأمور المهمّة التي تقوّي الكيان الاجتماعي للجماعة المؤمنة وهناك حاجة ماسّة الى هذه الأمور، لكي يقوى هذا الكيان على مواجهة مثل هذه الظروف.
الوصية الثالثة تقوية الارتباط الوجداني بالإمام(عليه السلام) والتفاعل العملي مع أهدافه، لا نقصد بتقوية الارتباط الوجداني مع الإمام والتفاعل العملي مع أهدافه، أن نكثر فقط من الدعاء والتصدّق عن الإمام وزيارته، هذا طبعاً من الأمور المهمة هذه تمثّل حينما أقرأ دائماً زيارة الإمام وأدعو له وأتصدّق عنه تمثّل تقوية لهذا الارتباط الوجداني للإمام(عليه السلام)، لكن عندنا شيء أعمق من ذلك -نرجو الالتفات اليه- وهي مسألة التفاعل العملي مع أهداف القائد، الإمامُ قائدُنا، الإمامُ قائدٌ لهذه الأمّة، هو الذي سينشئ دولة العدل الإلهي التي ننتظرها، هو المنقذ والأمل لنا ولجميع البشرية، لابُدّ أن يكون لدينا دائماً الاستعداد العقائدي والاستعداد النفسي والمعنويّ أن نتحلّى بمكارم الأخلاق، نبتعد عن المعاصي، نجاهد أنفسنا نتغلّب على أهوائنا وشهواتنا، نتغلّب على حبّنا للدنيا وأيضاً المطلوب الاستعداد البدنيّ والقتالي، لأنّه لا ندري في أيّ وقت يظهر الإمام ونحن نواجه هذه الفتن الكثيرة، المطلوب من كلّ إنسان مؤمن حتّى يكون ناصراً للإمام(سلام الله عليه) أن يدرّب نفسه على القتال وحمل السلاح في أيّ وقت لنصرة الإمام وللدفاع عن الحق، هذه من الأمور الأساسية التي نحتاج اليها في هذه الأيّام، في هذا الزمان وفي كل زمان، لا يكفي أن نستعدّ عقائدياً هذه من الأمور الأساسية والأركان المهمة في أن يكون الإنسان من المنتظرين الصادقين للإمام، ومن الذين يمهّدون لظهوره، ويكون من جند الإمام ومن ناصري الإمام، الاستعداد العقائدي، المجاهَدات النفسانية، التغلب على حبّ الدنيا، الطاعة لله تعالى والورع عن المحارم والتحلّي بمكارم الأخلاق، ولكن لابُدّ أن يكون هناك استعداد بدنيّ وقتاليّ، معنى ذلك أنّ كلّ إنسان قادر على أن يدرّب نفسه على حمل السلاح، وقادر على أن يدرّب نفسه على فنون القتال، حتى يكون ناصراً للإمام حقّاً عليه أن يعمل لتحقيق ذلك.
الوصية الرابعة هي الإحساس ببركات وجود الإمام(سلام الله عليه)، حتى لو كان غائباً له بركات عظيمة، الإحساس بهذه البركات تعطي للإنسان المؤمن الأمل والقوة والاندفاع في مواجهة التحديات والمصاعب والمشاكل والمخاطر، ويكون له الأمل والثقة بالله تعالى والثقة بنفسه، أنّه قادر أن يواجه هذه الفتن والمصاعب، وأنّه قادر أن ينتصر.
الوصية الخامسة العمل الجاد لطاعة الله تعالى والانقياد للإمام(عليه السلام) والورع عن المحارم والتحلّي بمكارم الأخلاق كما ورد في هذا الحديث: (من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر..) ثمّ تأتي هذه العبارة، الانتظار المطلوب ما هو؟ كيف يتحقّق؟ يقول هذا المقطع من الرواية: (..وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل من أدركه) من كان لديه ورع وتحلّي بمكارم الأخلاق وهو في حال الانتظار والاستعداد لنصرة الإمام، ثم مات ولم يدرك القائم ولم يظهر الإمام(سلام الله عليه)، سيكون له من الأجر بسبب هذه الصفات مثل أجر من أدرك الإمام(سلام الله عليه)، ونصره وقاتل بين يدي الله تعالى.
الوصية الأخيرة المهمّة، إنّ الإمام(سلام الله عليه) والأئمة الآخرين(عليهم السلام) بيّنوا لنا أنّه في حال الغيبة -أي أنّه لا يمكن الاتصال المباشر بالإمام(عليه السلام)- كيف نوصل حبل الطاعة؟ حبل الولاء للإمام الذي لا نتمكّن من الاتصال به مباشرة؟ الإمام(سلام الله عليه) قال: أنا أعيّن لكم حججاً لي عليكم إن أطعتموهم، إن امتثلتم اليهم، إن عملتم بما أرشده اليكم فإنّكم حينئذٍ تكونون من الذين وصلوا حبل الطاعة بحبل الإمام وبحبل النبي وبحبل الله تعالى، وهم الفقهاء العدول مراجع الدين العظام الذين تتوفّر فيهم الشروط التي بيّنها الإمام(سلام الله عليه)، هؤلاء يجب طاعتهم، يجب الالتزام ببرنامجهم وبمنهجهم وبإرشاداتهم وبتوجيهاتهم، ليس فقط في الاستفتاءات، ليس فقط في أحكام الحلال والحرام، ليس فقط في أحكام العبادات والمعاملات، بل في كلّ شيء يصدر منهم، في كلّ مجالات الحياة، لأنّ الإمام(سلام الله عليه) أطلق في عبارته حيث قال: (فإنّهم حجّتي عليكم) ولم يقيّد بمجال من مجالات الحياة أبداً، وهو حجّة الله عليهم، لذلك يجب طاعتهم في كلّ ما يصدر منهم، ولا يصحّ أن يكون للإنسان المؤمن رأي في قبال منهج ورأي المرجع الذي تتوفّر فيه الشروط التي بيّنها الإمام(سلام الله عليه)، ويجب احترامهم وتوقيرهم والبرّ بهم وعدم التحدث عنهم بأيّ شيء لا يليق بمقامهم الذي بيّنه الإمام(سلام الله عليه)، ولاحظوا هذا المقام العظيم الذي بيّنه الإمام الهادي(عليه السلام) لهؤلاء الفقهاء العدول الذين تتوفّر فيهم هذه الصفات، حيث يقول الإمام الهادي(عليه السلام): (لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم -عليه الصلاة والسلام- من العلماء الداعين اليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج الله، والمُنقذين لضعفاء عباد الله من شِباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد..) انظروا أيّها الإخوة، تأمّلوا في هذه العبارة، ما فَضْلُ هؤلاء المراجع علينا؟، يقول الإمام(عليه السلام): (...لما بقي أحدٌ إلّا ارتدّ عن دينه..) بقاؤنا على الإيمان الحقيقي الصادق الصحيح بالله تعالى وبالنبيّ(صلّى الله عليه وآله) وبالأئمة، إنّما من خلال الالتزام بمنهج وطاعة هؤلاء المراجع، يقول: (...لما بقي أحدٌ إلّا ارتدّ عن دينه، ولكنّهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله). نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لرضاه ورضا الإمام صاحب العصر والزمان(عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وأن نعمل بنهجه وسيرته وأن نكون من المُحيين الحقيقيين لولادة الإمام(سلام الله عليه) كما بينّاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.

الخطبة الثانية:
دعت المرجعية الدينية العليا المواطنين الذين يتمكّنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم للتطوّع والانخراط في القوات الأمنية، مؤكّدةً من يضحِّ منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله وعرضه فإنّه يكون شهيداً -إن شاء الله تعالى-.
جاء هذا خلال خطبة الجمعة الثانية (14شعبان 1435هـ) الموافق لـ(13حزيران 2014م) في الصحن الحسيني الشريف، والتي كانت بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، والتي جاء فيها:
"إنّ الأوضاع التي يمرّ بها العراق ومواطنوه خطيرة جداً، ولابُدّ أن يكون لدينا وعي بعمق المسؤولية الملقاة على عاتقنا أنّها مسؤولية شرعية ووطنية كبيرة، لذا نود توضيح ما يلي:
1- إنّ العراق وشعب العراق يواجه تحدّياً كبيراً وخطراً عظيماً وإنّ الإرهابيين لا يستهدفون السيطرة على بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين فقط بل صرّحوا بأنّهم يستهدفون جميع المحافظات، ولا سيّما بغداد وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف، فهم يستهدفون كلّ العراقيين وفي جميع مناطقهم ومن هنا فإنّ مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا يختصّ بطائفةٍ دون أخرى أو بطرفٍ دون آخر.
2- إنّ التحدي وإنْ كان كبيراً إلاّ أنّ الشعب العراقي الذي عُرِفَ عنه الشجاعة والإقدام وتحمّل المسؤولية الوطنية والشرعية في الظروف الصعبة أكبر من هذه التحديات والمخاطر، فإنّ المسؤولية في الوقت الحاضر هي حفظ بلدنا العراق ومقدساته من هذه المخاطر وهذه توفّر حافزاً لنا للمزيد من العطاء والتضحيات في سبيل الحفاظ على وحدة بلدنا وكرامته وصيانة مقدساته من أن تهتك من قبل هؤلاء المعتدين، ولا يجوز للمواطنين الذين عهدنا منهم الصبر والشجاعة والثبات في مثل هذه الظروف أن يدبَّ الخوفُ والإحباطُ في نفسِ أيِّ واحدٍ منهم، بل لابُدّ أن يكون ذلك حافزاً لنا لمزيد من العطاء في سبيل حفظ بلدنا ومقدساتنا.
قال تعالى في محكم كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
وقال تعالى: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
وقال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
وقال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).
وقال تعالى: (وَقاتِلُوا في‏ سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يُقاتِلُونَكُمْ‏ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدينَ).
3- إنّ القيادات السياسية في العراق أمام مسؤولية وطنية وشرعية كبيرة وهذا يقتضي ترك الاختلافات والتناحر خلال هذه الفترة العصيبة وتوحيد موقفها وكلمتها ودعمها وإسنادها للقوات المسلحة ليكون ذلك قوة إضافية لأبناء الجيش العراقي في الصمود والثبات، مُوضّحاً أنّها -أي القيادات السياسية- أمام مسؤولية تاريخية ووطنية وشرعية كبيرة.
4- إنّ دفاع أبنائنا في القوات المسلحة وسائر الأجهزة الامنية هو دفاع مقدّس ويتأكّد ذلك حينما يتّضح أنّ منهج هؤلاء الإرهابيين المعتدين هو منهج ظلامي بعيد عن روح الإسلام يرفض التعايش مع الآخر بسلام ويعتمد العنف وسفك الدماء وإثارة الاحتراب الطائفي وسيلةً لبسط نفوذه وهيمنته على مختلف المناطق في العراق والدول الأخرى، فيا أبناءنا في القوات المسلحة أنتم أمام مسؤولية تاريخية ووطنية وشرعية واجعلوا قصدكم ونيتكم ودافعكم هي الدفاع عن حرمات العراق ووحدته وحفظ الأمن للمواطنين وصيانة المقدسات من الهتك ودفع الشر عن هذا البلد المظلوم وشعبه الجريح.
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه المرجعية الدينية العليا دعمها وإسنادها لكم تحثّكم على التحلي بالشجاعة والبسالة والثبات والصبر، وإنّ من يضحّي منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله وأعراضهم فإنّه يكون شهيداً -إن شاء الله تعالى-.
والمطلوب أن يحثّ الأبُ ابنه والأمُّ ابنها والزوجة زوجها على الصمود والثبات دفاعاً عن حرمات هذا البلد ومواطنيه.
5- إنّ طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي (بمعنى أنّ من يتصدّى له وكانت فيه الكفاية بحيث يتحقّق الغرض وهو حفظ العراق وشعبه ومقدساته يسقط عن الباقين) وتوضيح ذلك بمثال أنّه إذا تصدّى عشرة آلاف وتحقّق الغرض منهم سقط عن الباقين فإن لم يتحقّق وجب على البقية وهكذا، ومن هنا فإنّ على المواطنين الذين يتمكّنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيّين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوّع للانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس.
6- إنّ الكثير من الضباط والجنود قد أبلوا بلاءً حسناً في الدفاع والصمود وتقديم التضحيات فالمطلوب من الجهات المعنية تكريم هؤلاء تكريماً خاصاً لينالوا استحقاقهم من الثناء والشكر وليكون حافزاً لهم ولغيرهم على أداء الواجب الوطني الملقى على عاتقهم.

http://alkafeel.net/inspiredfriday/political.php?id=164

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق