الإرهاب الكنيسي والإكراه الديني في شريعة المسيح ابن الله
الإرهاب الكنيسي والإكراه الديني في شريعة المسيح ابن الله
الإرهاب الكنيسي والإكراه الديني في شريعة المسيح ابن الله
نشأت النصرانية في ظل أكبر إمبراطورية علي وجه الأرض، لذلك لم يكن للجيل الأول أن يستخدم العنف لإدخال الناس إلي المسيحية، كيف وهي التي كانت تعاني من الدولة ومن السنهدرين اليهودي، ولتجنب الاحتكاك بالدولة تكلم يسوع بالأمثال موجها كلامه إلي أجيال المستقبل ، " وبدون مثل لم يكن يكلمهم " ( مر 4/34 ) ، فبينما يقول يسوع جهارا لا تقاوموا الشر، كان أيضا يقول: اذبحوهم قدامي، ( لوقا 19/27 ) أو " ألزموهم بالدخول" ( لوقا 14/23 ) ولكن وصايا القتل والإكراه على الدين كانت في شكل أمثال مشفرة، ولما قويت شوكة النصرانية تحولت النعجة إلى جزار ونادي القديس أغسطينوس أن ألزموهم بالدخول، وفي هذا المقال نبحث في فكر القديس أغسطينوس حول الإكراه على الدين
((تابع الاضطهاد الطائفي اليسوعي في ضل للأنظمة الدكتاتورية المساندة للكنيسة المتمثل بالعبارة " وألزمهم بالدخول حتى يمتلئ بيتي"))
يظهر فكر أغسطينوس عن الإكراه الديني في كتاباته ضد الدوناتستيين، فيجدر بنا قبل الولوج في فكر القديس أغسطينوس أن نقدم نبذة عن الدوناتست – وهم أتباع دوناتس أسقف قرطاجنة وتركز هذه الجماعة على روحانية الكنيسة وطهارتها، وتعتبر الذين تعاونوا مع الدولة أثناء الاضطهاد غير صالحين للرتبة الكهنوتية كما تري انه الكنيسة ليس لها علاقة بالدولة فقالوا : ما هي علاقة المسيحيين بالملوك، وماذا يعمل الأساقفة في البلاط [1] يتهم الدوناتستيون الكنيسة بالاستعانة بالدولة لإكراههم على الانضمام إلي الكنيسة، وأنها استخدمت العنف ضد الدوناتست، ورد أوغسطينوس نيابة عن الكنيسة فقال : " وألزمهم بالدخول حتى يمتلئ بيتي"
((انتبه إلى ما بين قوسين إلى الأبعاد السياسية الطائفية من قول يسوع " اذبحوهم قدامي وألزمهم بالدخول حتى يمتلئ بيتي" ))
عندما قال يسوع : " اذبحوهم قدامي" وأيضا " وألزمهم بالدخول حتى يمتلئ بيتي" جاء كلامه في سياق مثل، وقد تفهم الأجيال الحالية هذه النصوص علي أنها مجرد أمثال، ولكن الأجيال الأقرب إلي المسيح، لم ترى في هذه الأمثال مجرد أمثال، أغسطينوس الذي يمثل الكنيسة يري في هذه الأمثال ((خطابا مشفرا موجه إلي أجيال المستقبل التي سوف تقوي شوكتها وتكون الدولة في صفها لتكره الناس علي الدخول في المسيحية))
الكنيسة تتحين الفرصة للإطاحة بالشعوب
ولكن التلاميذ لم يستعينوا بالدولة وتكره الناس علي المسيحية
هذا صحيح، يقول أغسطينوس، ولكن، لكل شيء وقت، والوقت لم يكن قد حان بحسب النبوة التي يستدل بها القديس أغسطينوس، فالنبوة ذكرت ان الأمم ترتج، والشعوب تفكّر في الباطل (مزمور2/1) واثناء حياة المسيح، الملوك ورؤساء السنهدرين يتآمرون على المسيح ( مزمور2/2) وبعد مرور المحنة يرجع الملوك إلي رشدهم (فالآن يا أيها الملوك تعقلوا.تأدبوا يا قضاة الأرض ) مزمور2/10 ) وعندما يرجع الملوك إلي رشدهم ويعتنقون المسيحية، تتحقق الجزئية الأخيرة من النبوة، فتحمل الكنيسة السيف مستعينة بالدولة لتقهر الشعوب من أجل أن تسوقهم إلي طريق الحق (تحطمهم بقضيب من حديد.مثل اناء خزّاف تكسّرهم ) مزمور 2/9 )
يقصد هنا بالملوك ..هم ملوك بني إسرائيل (اليهود)فالصراع هنا صراع ديني طائفي مسيحي مع الذين يحملون أفكار يهودية من عصر الملوك..يشوع ابن نون .. والملك سليمان ابن داود .. وشؤول
في كتاب THE CORRECTION OF THE DONATISTS يقول القديس أغسطينوس
الذين لا يريدون أن تستخدم قوانين الدولة لكبح أعمالهم الشريرة ويقولون ان تلاميذ المسيح لم يستعينوا بالدولة لا يعيرون اهتماما إلي اختلاف الأزمنة، فكل شيء وقت، وفي زمن التلاميذ لم يكن الملوك قد دخلوا في الإيمان كي يخدموا المسيح بسن القوانين لردع الأشرار، كما ان النبوة عن خدمة الملوك لم تتحقق بعد" لماذا يرتج الوثنيون ويتخيل الناس في الأمور الباطلة ملوك الأرض هيئوا أنفسهم والرؤساء تشاوروا معا ضد الرب ومسيحه" والي هنا لا نجد أثرا لما سوف ويأتي، ونراها بعد قليل في نفس المزمور" فالآن يا أيها الملوك تعقلوا.تأدبوا يا قضاة الأرض اخدموا الرب بخوف وابتهجوا"
ويتساءل أغسطينوس كيف إذن يخدم الملوك الله إلا من خلال منع التعدي ومعاقبة الدينية الصارمة ضد كل من يرتكب الأعمال المخالفة لوصايا الرب [2]
استخدام العنف ضد أصحاب الأديان الأخرى ليس بدعة مسيحية حسب القديس أغسطينوس، فقد سبق ان خدم الملوك الرب بسن قوانين قاسية ضد المخالفين،يقول أغسطينوس" حلقيا خدم الرب بتدمير بساتين الوثنيين ومعابد الأوثان التي بنيت خلافا لوصايا الرب، وكذلك يوشيا فعل نفس الشيء، وملك نينوى أجبر الجميع في مدينته لإرضاء الرب وداريوس خدم الرب لما سلم الأوثان لدانيال النبي ليحطمها ويقذف أعداء الله إلي عرين الأسود [3]
الإكراه الديني مرتبط ارتباط وثيق بما يعرف بالحرب العادلة عند أغسطينوس الذي يرى أن استخدام العنف يبرر في عدة حالات، وهي عند تنفيذ أوامر الرب، أو إذا اقتضاه العقد الاجتماعي، ويجب أن يكون الهدف من استخدام العنف المحبة،الذين شنوا الحرب طاعة الله يمثلون الجانب المؤمن الشعب لذلك لا يمكن أن يقال أنهم ناقضوا وصية لا تقتل لم يجرم احد إبراهيم في شروعه بقتل ابنه بل يمدح في ذلك لأنه أطاع الله، يفتاح قتل ابنته لأنه نذرها للرب إذا انتصر علي الأعداء شمشون الذي هدم المنزل علي نفسه وأعدائه كانت غايته إرضاء الله وإذا كان هذا ليس مقنعا يلجأ القديس أغسطينوس إلي النصوص المشفرة – يقول أغسطينوس أنت تري انه لا يليق أن نكره الناس لإتباع الحق، ولكنك تقرأ أن صاحب البيت قال لعبيده " حيثما ثقفتموهم أجبروهم بالدخول"
((الكنيسة تستغل قوانين الدولة للإرهاب الديني ))
ويقول أغسطينوس
لماذا إذن لا تستخدم الكنيسة العنف لإكراه الخراف الضالة إلي العودة لماذا لا يلاقي الدوناتستيون مصير أعداء دانيال الذين أٌلقوا في عرين الأسود، وتستخدم قوانين الدولة لتحطيمهم، هذه القوانين تبدو ضدهم ولكن في الحقيقة هي لصالحهم ( أي لإنقاذهم ) اننا نسمع من الذين تم إكراههم بالقوانين فبعد أن عادوا إلي رشدهم يباركون أنفسهم لأن هذه القوانين عملت لصالحهم، ويشجعوننا علي الاستمرار علي الإكراه كي ينال أصدقائهم الخلاص [4]
في البداية المسيحية، فهم المسيحيون ان الكنيسة دائما مضطهدة من قوة الشر، خاصة من الدولة، القديس أغسطينوس يرفض هذه النظرة، فأصحاب الحق أيضا يضطهدون الآخرين، فليس كل قاتل ظالما وليس كل مقتول شهيدا،
يرى أغسطينوس الشهداء الحقيقيون هم من قال عنهم الرب "طوبي للمضطهدين من أجل البر
إذن ليس الشهداء هؤلاء الذين يلاقون الاضطهاد في حال كونهم أشرار، الشهداء الحقيقيون هم الذين يلاقون الاضطهاد في حال كونهم مؤمنين
لو كان الذين يضطهدون الآخرين دائما علي الباطل والعكس، لكانت سارة علي الباطل وهاجر علي الحق
يقول أغسطينوس لقد اضطهدت سارة هاجر، ولكن التي اضطهدت كانت على الحق، والتي عانت الاضطهاد كانت علي الباطل[5]
نبو خذناضر ملك بابل، عندما كان يخدم الأوثان سن قوانين باطلة ولما آمن بمعجزة إلهية سن قوانين حق ومحمودة نيابة عن الحق ونص ان كل من يتكلم بالباطل عن إله الفتيان الثلاثة (شدرخ وميشخ وعبد نغو ) يجب أن يباد مع جميع أهل بينه، ويعلق أغسطينوس علي تلك القوانين قائلا أنها قوانين عادلة ويدعوا المخالفين للقوانين مجانين [6]..الذين يرون ان العنف ليس له مبررا نهائيا ويقولون ان الكنيسة التي علي الحق تعاني الاضطهاد ولا تذيق الآخرين بأسها، أقول لهم: ليسألوا الرسول ، أية كنيسة كانت سارة عندما اضطهدت جاريتها؟ وهو الذي قال عنها ( أي بولس الرسول ) أمنا الحرة وأورشليم السماوية، لقد كانت تلك المرأة رمزا للكنيسة ومع هذا تعاملت جاريتها بوحشية [7] وبناءا علي ما تقدم يقول أغسطينوس
إن أردنا الحق فعلينا ان نقرر بوجود اضطهاد باطل ضد أهل الحق وهناك اضطهاد حق وهو الذي تذيقه الكنيسة للأشرار، وعندما يعاني أصحاب الباطل فهم يلاقون الويل بينما أصحاب الحق حين يعانون فان لهم الطوبية
((تبرير الإرهاب بأمثال المحبة ))
ولكن كيف يكون القتل والإكراه علي الدين محبة
الكنيسة في استخدامها للعنف لإكراه الناس علي الدين، تماثل الأب الحنون والطبيب الماهر، فالأب يقسوا على ابنه لتقويمه والطبيب يسبب الآلام للمريض لعلاجه، والإثنان يقومان بذلك وقلوبهما عامرة بالمحبة، ولكن إذا تجاهل الأب والطبيب دورهما فان ما يظهر لنا كالرحمة هي القسوة بعينها، وهكذا تفعل الكنيسة، [8 ]...كما أن المحبة هي الغابة في نظرية الحرب العادلة عند أغسطينوس، كذلك عند الإكراه علي الدين، يجب أن تكون المحبة هي الدافع، فالكنيسة عندما تجبر الناس علي الدين، فأنها تفعل ذلك لهدف سامي وهو ضمان خلاصهم ودخولهم الملكوت، فالغابة إذن هي محبة الأشرار، وليس مجرد رغبة في قهره [9] إن الكتاب يقول باركوا لاعنيكم وهذا صحيح يقول أغسطينوس، ولكن أي مباركة هي إذا تركنا العدو يلقي في الجحيم، وان مقاومة الشر بالشر هي أن تري عدوك يلقي نفسه إلي الهلاك بسبب حمة أصابته وتتجاهله، ولكن إن أمسكت به وأوثقته فأنك تظهر كالعدو ولكن في الحقيقة تلك هي قمة المحبة [10]ويضيف أغسطينوس. ليس كل متسامح صديقا ولا كل من يضرب بالسف عدوا، ان ضربات الصديق خير من قبلات المخادع وهل هناك من هو أكثر محبة من الله، ولكن الله لا يرشدنا بلطف فقط، بل يوقظنا رهبا، ويبتلي بالجوع الأتقياء
(( الإرهاب باسم المحبة ودوره في الكسب السياسي ))
يقول أغسطينوس، أن الأشرار يضطهدون الآخر لأسباب شريرة، بينما الكنيسة تضطهد الآخر بروح المحبة، من أجل تقويمهم، ومن أجل رجوعهم عن الشر، ان الكنيسة تضطهد الآخرين وتقبض عليهم حتى تخور قوتهم الفكرية الباطلة فيتفكرون في الحق ويتقدمون فيه، لكنهم يقابلون جميلنا بشرهم، إذ نحن نسعى إلي مصلحتهم وضمان حياتهم الأبدية [11] هي رحمة عظيمة من جانبنا عندما ننقذهم ضد رغبتهم بقوة القانون ونخلصهم من التعاليم الشيطانية وفيما بعد نجلهم كاملين في الكنيسة الجامعة، إذ يعتادون بعدها علي الإيمان الصحيح ويقتدون بالمؤمنين، وكثير من المجبرين حاليا نعجب بإيمانهم القوي وهم يشكرون الله أنهم تركوا طريقتهم القديمة، هؤلاء لما كان ممكنا أن يؤمنوا لولا أننا قطعناهم من رابطتهم القديمة ضد رغبتهم، ويقولون لنا أنهم كانوا يريدون الانضمام إلينا لكنهم كانوا خائفين، لأن المتعاطفين مع الكنيسة الجامعة في منطقتهم تحرق بيوتهم، من إذن لديه من الجنون ما يمكنه الإنكار علينا مساعدة هؤلاء لينالوا الخلاص، بينما زعمائهم نالهم الرعب من قوانين الدولة وبعض زعمائهم أيضا استقاموا رعبا [12]
(((الجريمة لتكريس المحبة )))
صحيح أرعبتهم الكنيسة، حتى لو فشلت التجربة، ولكن أرعبتهم لهدف سامي ألا وهو الحب، حتى كما ان الإله ذبح الأطفال حبا، رغم ان ذبح الأطفال لم يجلب الإيمان، لكن الإله أراد ذبح الأطفال كي يعود الأشرار عن شرهمـ لقد ذبح الأطفال محبة أليس الله محبة،
يقول أغسطينوس مقتبسا من سفر ارميا النبي،باطلا ذبحت أطفالكم لكنهم لم يستقيموا، وأظن ان هؤلاء المذبوحين الذين تكلم النبي عنهم ذبحوا حباـ لا كرها [13]إذا كان هناك رجلين يسكنان معا في منزل علي وشك الانهيار يقينا، وهما لا يصدقان تحذيرنا لهما وظلا داخل المنزل، إذا كان بإمكاننا إنقاذهم ضد رغبتهم فإننا ننقذهم رحمة منا وبعدها نريهم الخطر الذي كان يحدق بهم، أظن أننا إن تجاهلناهم يحق أن يطلق علينا قساة، [14]
(((مقارنه بين الإيمان تحت الإرهاب وبين الإيمان تحت الفكر)))
القديس أغسطينوس يعلم ان الإقناع أفضل من السيف، غير ان الإقناع لا يعط الثمار دائما، وقد أثبتت تجربة العنف ذاتها علي أرض الواقع، فقد حققت الكنيسة نجاحا باهرا باستخدامها للسيف وقوانين الدولة، بينما الإقناع لم يجدي دائما، فالتقاليد أحيانا تقف حجر عثرة
في خطاب موجه إلي فيشنزي يقول أغسطينوس
عليك أن تضع في عين الاعتبار الأعداد الكبيرة التي نالت الخلاص ونبتهج بهم، وهؤلاء لو كنا اكتفينا بإرهابهم دون أن نوجههم لأمكن أن يقال ان هذا استبداد غير مبرر، وإذا اكتفينا بتعليمهم دون تخويفهم لكان من الصعب ان نقنعهم بطريق الخلاص وذلك بسبب تعصبهم للتقاليد الراسخة [15]
ومنهم من يقولون لنا : قولكم هو الصواب لا نجد ما يعارضه ولكن من الصعب ان نترك ما ورثناه من تقاليد آبائنا – لماذا لا نهز مثل هؤلاء هزات مفيدة بقوانين تضيق عليهم في أمور الحياة كي ينهض من سباته العميق و يستيقظ من نومه فينال الخلاص الكامن في وحدة الكنيسة، وكثير من هؤلاء [16]
((مقارنه بين الإيمان المكره وبين الإيمان الفكري))
وفي رسالة " تقويم الدوناتست " يعلن أغسطينوس تفضيل المؤمنين عن قناعة، لكنه يري ان القناعة لا تؤدي قبول الإيمان دائما،
يقول أغسطينوس
لا أحد ينكر ان هداية الناس بالتعاليم الربانية، أفضل من هداهم عن طريق الخوف والألم، والطريقة الأولي تخرج أناسا أفضل إيماناـ لكن أفضلية الإيمان عن طريقة الأولي لا يعني ان نتجاهل الذين لا يقتنعون، وقد أثبتت التجارب ان أناسا كثر استفادوا من الإرهاب، فبعد اجبروا على الإيمان ودخلوا فيه هربا من الألم، وفيما بعد نؤثر عليهم بالتعاليم الصحيحة، لا نقاش ان الذين تم هداهم بالمحبة، ولكن الذين استقاموا عن طريق الرعب أكثر، [17]
إن الذين دخلوا في الإيمان عن طريق الإقناع والمحبة، أقوَم إيمان، وأغسطينوس لا يشك في ذلك، وقد قال يوحنا اللاهوتي انه لا خوف في المحبة، بل المحبة الكاملة تطرح الخوف، هذه الفئة المؤمنة هي النخبة، ولكنها قليلة العدد، والأغلبية هي التي تستجيب للسيف، ويري أغسطينوس ان الأغلبية لا تستجيب للكلمة ولا للحجة، وفيهم قال الكتاب المقدس " بالكلام لا يؤدب العبد لأنه يفهم ولا يعنى " وعندما يقول الكتاب بالكلام لا يؤدب فهذا لا يعني أن يترك لنفسه، وإنما يلمح الكتاب إلي تقويمه بالوسائل الأخرى، لأنه في مكان آخر يقول الكتاب، تضربه بالعصا فتنقذ نسفه من الهاوية [18]
القديس أغسطينوس يعبر عن فكر الإرهاب الديني بدون اعتذار، ويجب ان ننتبه أن أغسطينوس لا يقول أنها يجب أن تكون هكذا، وإنما يقول هذا حالها، والتجارب أثبتت أن أللإقناع صعب المنال، بينما ثمار الإرهاب كثيرة، والإنسان مخلوق شرير، لا يجب ان يكون الإنسان شريرا لكن هذا حاله، أو هذه طبيعته، لا يجب أن نرهب الآخر لكن هذه هي طبيعة الآخر، إن لم ترعبهم الكنيسة فهم سوف يرعبون الكنيسة، والواقع خير دليل، فالدولة أرهبت الكنيسة قبل أن يتعقل ملوك الأرض، وها هم الدوناتست في أفريقية يرهبون المسيحيين، في عصر أغسطينوس،
وفي سياق حديثه عن أفعال الدوناتست في أفريقية يقول أغسطينوس
لماذا إذن لا تستخدم الكنيسة العنف لاستعادة الخراف الضالة، إذا كانت الخراف الضالة نفسها دفعت آخرين إلي الدمار
لكن هل إيمان المكره له اعتبار عند الله، هل ينال الخلاص؟
القديس أغسطينوس لا يرى ثمة مشكلة في إيمان المكره، فالأم الحنونة دائما تفرح بعودة الابن الضال إلي حضنها، حتى إذا كانت عودته بسبب القوانين المرهبة والنافعة، بل الأم تحتفل بالإبن الضال أكثر من الذين لم يهجروها من البدء، أليس الراعي الصالح يستعيد الخراف الضالة بالسوط إذا قاومت،ويقبلها مع الخراف الأخرى، ذلك لأنه الملك، وطريق الملك طريق خير، والإجبار علي الخير خير [19] والرب أيضا حاول دعوة الناس إلي طاولة العشاء العظيم، ثم أجبر الباقي على الحضور، في قوله، أجبروهم بالدخول حتى يمتلئ بيتي ( لوقا 14/23 )
الملخص
إن المدينة الأرضية ليس لها قيمة، ولكن يجب على المدينة السماوية التي يمثلها القديس أغسطينوس، ان تتكيف مع المدينة الأرضية كي تعيش،و تعمل جاهدة كي تنقل المدينة الأرضية إلي السماء، بالحجة أو بالسيف، فالغاية هي الوصول إلي المدينة السماوية، قد يبدو ان سبل السفر غير أخلاقية عند البعض الأخلاق مسألة نسبية في نظر أبناء مدينة السماء الجميلة، وكل الطرق المؤدية إليها محمودة، وغاية المحبة هو أن تمنح الأعداء جنسية المدينة السماوية وان كان ضد رغبتهم وان كان بالتضييق علي معيشة الإنسان، إن كان بالنفي، أو حتى بالقتل، هكذا قال يسوع، لكن الظروف لم تسمح له أن يعلنها بصريح العبارة فجاءت عباراته مشفرة في أمثال (يقول اذبحوهم قدامي، ( لوقا 19/27 ) " ألزموهم بالدخول" ( لوقا 14/23 ) هكذا فهم أغسطينوس غاية الحياة علي الأرض وهكذا فهمت الكنيسة الأولي، فباركت اللاعنين بتعميدهم كرها وأحبت المبغضين بإرسالهم إلي مدينة السماء رغما عنهم
بقلم محمود أبا شيخ
http://www.burhanukum.com/article1588.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق