تقرير يكشف عن أكثر من 4500 انتهاك منذ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء
المليشيا الحوثية.. مسيرة مثخنة بالانتهاكات
2015/01/18
(الرأي برس ـ صنعاء)
ثلاثة أشهر ويومان مذ أسقطت المليشيا الحوثية صنعاء العاصمة, واستولت تباعاً على كامل شمال اليمن.. مفاصل الحياه وفرض سلطة الأمر الواقع.. بدت مثخنة بالانتهاكات الجسيمة، وأعمال القتل والاختطاف، والاحتجاز للحريات السياسية والإعلامية، وحريات المجتمع المدني، والانتهاكات بحق الممتلكات الخاصة والعامة والمؤسسات التعليمية والطبية..
في تحقيق يغطي الفترة من 16 سبتمبر وحتى 10 أكتوبر 2014، يتحدث المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن ارتكاب الكثير من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل وحدات الجيش، ومن قبل ميليشيات الحوثيين في محافظات اليمن، والذين باشروا- خلال الساعات الأولى لسقوط العاصمة بأيديهم- في نهب معسكرات الدولة، وقمع كل من عارض سيطرتهم على العاصمة.
وبلغ إجمالي الانتهاكات- التي وثقها المرصد الأورومتوسطي منذ بداية اجتياح صنعاء وحتى العاشر من تشرين الأول (أكتوبر)- 4531 انتهاكاً، تركزت في مناطق شمال وغرب العاصمة صنعاء، فيما لم تخلو المناطق الجنوبية والشرقية والوسطى من بعض الانتهاكات، كاقتحام بيوت ومؤسسات بعض المعارضين لجماعة الحوثي، وعدد من المقار الحزبية التابعة للتجمع اليمني للإصلاح.
ففي ظهر الأحد 21 سبتمبر 2014، وبعد اشتباكات مسلحة استمرت 6 أيام بين القوات الحكومية، ولا سيما قيادة المنطقة العسكرية السادسة بالجيش اليمني، وعسكريين حوثيين، سقطت العاصمة صنعاء بيد جماعة الحوثي المسلحة القادمة من محافظة صعدة، وانتشرت في جميع شوارع العاصمة، وسيطرت على كافة المؤسسات والوزارات الحكومية داخل العاصمة، وفرضت نفسها كسلطة أمر واقع، وبدأت بممارسة سلطات الدولة الأمنية والإدارية.
في ظل هذا الواقع الجديد، شهدت العاصمة صنعاء سلسلة انتهاكات جسيمة، تنوعت بين أعمال قتل واختطاف، واحتجاز للحريات السياسية والإعلامية، وحريات المجتمع المدني، وانتهاكات بحق الممتلكات الخاصة والعامة والمؤسسات التعليمية والطبية.. وقد ترك القتال العديد من السكان محاصرين في منازلهم، ولم يبد أي من الجانبين الاستعداد لمساعدة المدنيين في الإخلاء إلى مكان آمن.
في المقابل، استطاع الحوثيون كسب جزء من الشارع اليمني، نسبياً، والذي كان قد ضاق ذرعا بتسلط الأذرع الأمنية للدولة وابتزازها للمواطنين، فيما عمل الحوثيون على تثبيت الأمن في المناطق التي سيطروا عليها، وسعوا إلى حل الإشكالات المحلية والخلافات اليومية بسرعة وفاعلية ودون مقابل في كثير من الأحيان.
القتل والإصابات
سقط نحو (733) قتيلاً منذ بداية الاجتياح المسلح لصنعاء، منهم (652) قتيلاً سقطوا خلال أسبوع من المواجهات المسلحة بين بعض وحدات الجيش النظامي وجماعة الحوثي.
فيما بلغ عدد المصابين منذ الاجتياح المسلح، بحسب ما أحصاه فريق المرصد الأورومتوسطي، ما يقارب 930 مصاباً. وشهدت عملية إحصاء المصابين تعقيدات كبيرة، بسبب أن البعض منهم ما زال ملاحقاً حتى اللحظة.
وفي السياق، سجل فريق المرصد ثلاث جرائم تصفية قام بها مسلحون حوثيون لجرحى جنود أثناء رقودهم وامتثالهم للعلاج داخل مستشفى حكومي بصنعاء. فضلاً عن اختطاف عدد آخر من منازلهم بعد خروجهم وتماثلهم للشفاء.
الاختطاف والإخفاء
بعد إحكام سيطرتها على العاصمة صنعاء، نفذت جماعة الحوثي المسلحة عدة حملات اختطاف لقيادات عسكرية وسياسية وشخصيات اجتماعية وقبلية، تعتقد أن لها دوراً في مساندة ودعم القتال ضدها من قبل بعض وحدات الجيش. وشملت الاختطافات كذلك ناشطين حقوقيين وإعلاميين كانت لهم آراء ومواقف رافضة للسيطرة الحوثية على العاصمة صنعاء، وقد وصلت حالات الاختطاف التي تم توثيقها إلى ما يزيد عن 1000 حالة، اقتيد معظمهم إلى سجون داخل العاصمة وفي محافظتي "صعدة" و "عمران". فيما تقدم عدد من الأهالي بشكاوى حول اختفاء أبنائهم خلال الفترة من (16 سبتمبر وحتى 10 أكتوبر)، دون أن يعرفوا مصيرهم، ووصلت هذه الحالات إلى 215 حالة اختفاء.
وقال السجناء المفرج عنهم إنهم تعرضوا للضرب لفترات طويلة أثناء اعتقالهم، فيما جرى تعليق بعضهم في أوضاع ملتوية، فضلاً عن تعذيبهم بالحرق بالسجائر، وتهديدهم بالقتل أو الاغتصاب، وإخضاعهم لعمليات إعدام صورية.
الاعتداء على الممتلكات
يقول المرصد إن فريقه تمكن من رصد وتوثيق أكثر من 50 حالة اعتداء بحق المؤسسات والممتلكات العامة التي لا يزال مسلحو جماعة الحوثي يستولون عليها إما بالكامل، أو عبر عدد من المندوبين الذين فرضتهم كممثلين لها في بعض الوزارات والمنشآت الهامة، مقابل رفع التمترس والمظاهر المسلحة عنها.
أما على صعيد الاعتداء على الممتلكات الخاصة، فقد سجل فريق المرصد حالات اعتداء قام بها مسلحون حوثيون ضد منازل مواطنين، ونهب بعض الممتلكات الخاصة من أثاث وأجهزة الكترونية ونقود ومجوهرات وأسلحة شخصية ومركبات. كما أسفرت أعمال القصف العشوائي التي قامت بها جماعة الحوثي للأحياء السكنية عن تضرر مئات المنازل والمنشآت الخاصة، سيما الواقعة في نطاق المواجهات المسلحة أو القريبة من مواقع القصف.. حيث بلغ عدد الاعتداءات بحق الممتلكات الخاصة (439) انتهاكاً.
الحريات الإعلامية والمجتمعية
رصد فريق المرصد (66) حالة انتهاك ضد الإعلام المحلي والدولي في اليمن خلال الشهر الأول من دخول الحوثيين للعاصمة صنعاء وسيطرتهم عليها، كما تلقى الفريق شكاوى وبلاغات من 37 صحفياً وإعلامياً تعرضوا للاعتداء الجسدي، إضافة إلى قصف واقتحام منازلهم ونهب بعض محتوياتها، فضلاً عن توقيف واحتجاز حرية البعض منهم، ومصادرة مقتنياتهم الشخصية أثناء أدائهم لمهامهم.
وفيما يبدو، فإن القنوات التلفزيونية الحكومية (اليمن، سبأ، الإيمان) تعرضت لقصف مدفعي شديد وحصار لطاقم العمل فيها واقتحامها والسيطرة عليها بالكامل من قبل مسلحي جماعة الحوثي، غير أن جماعة الحوثي- عبر وسائلها الإعلامية- اتهمت أكثر من مرة "طرفاً ثالثاً" لم تسمِّه، بأنه قام باقتحام ونهب بعض المقار الحزبية والمؤسسات الخاصة والعامة، مبررة تواجدها في تلك المقار والمؤسسات بأنه فقط حماية لما تبقى فيها. وأفاد بعض المتضررين أنه تم إكراههم على توقيع سندات استلام تتضمن اعترافاتهم باستلام عقاراتهم من مسلحي الحوثي بكل محتوياتها حتى يقوموا بحراستها خلال فترة تواجدهم فيها.
وكان زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، قد قال- في كلمة له بثتها إحدى قنوات التلفزة المحلية في اليمن "المسيرة"- قال إن بعض الإعلاميين اليمنيين "يسايرون التوجه الأمريكي"، باستثناء "بعض الشرفاء" بحسب قوله.
كما بلغت عدد الانتهاكات بحق المجتمع المدني (22) انتهاكاً، تنوعت ما بين عمليات اقتحام وتفتيش ونهب وقصف عشوائي لمنظمات المجتمع المدني والنوادي المحلية، ومنها جمعية للمعاقين شمال غرب العاصمة صنعاء.
وقام المسلحون الحوثيون باقتحام 33 مقراً حزبيا في العاصمة صنعاء، أحدها للحزب الاشتراكي اليميني، والبقية تتبع التجمع اليمني للإصلاح، والذي يُعتقد أنه كان طرفاً في الاشتباكات المسلحة إلى جانب الجيش. فيما نفت جماعة الحوثي وعبر وسائلها الإعلامية أن تكون هي المسؤولة عن هذه الاقتحامات، واتهمت "طرفاً ثالثا" لم تسمِّه باقتحام هذه المقرات ونهبها، وبررت تواجد الحوثيين في هذه المقرات بأنه لغرض حمايتها.
وتجدر الإشارة إلى أن جماعة الحوثي ترفض الرد على الأسئلة التي تطرحها المنظمات الحقوقية، وغالباً ما تلتزم الصمت إزاء البيانات و التقارير التي تصدر عن تلك المنظمات حول انتهاكات الحوثيين لحقوق الإنسان.
المؤسسات التعليمية والطبية
رصد فريق المرصد سلسلة انتهاكات بحق المؤسسات التعليمية في العاصمة صنعاء خلال الاجتياح المسلح لها، بلغ عددها (37) انتهاكاً، تنوعت ما بين اقتحام ومداهمة واحتلال لعدد من المدارس والجامعات الحكومية والأهلية، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، ونهب محتويات البعض منها، إضافة إلى انتهاكات أخرى بحق عدد من الأكاديميين والكوادر التربوية والتعليمية، واقتحام عدد من المساكن الطلابية وتفتيشها ونهب محتوياتها، بلغ عددها (7) مساكن.
وكانت الاشتباكات التي حدثت ما بين الفترة (16 سبتمبر – 10 أكتوبر) وعدم استقرار الوضع بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء قد أدت إلى تعطيل المدارس المحلية لعدة أيام، وصلت في بعض المدارس إلى عشرة أيام.
فيما رصد فريق الأورومتوسطي (12) انتهاكاً بحق المؤسسات الصحية والطواقم الطبية، شملت عمليات الاقتحام والنهب لبعض هذه المؤسسات، والاستهداف والتهديد للعاملين في القطاع الصحي الحكومي.
انتهاكات بحق الطفولة
سجل فريق المرصد الأورومتوسطي تجنيد الحوثيين للمئات من الأطفال (دون الثامنة عشرة)، وهم يتوزعون على نقاط التفتيش المنتشرة داخل شوارع وأحياء العاصمة صنعاء، تقدر أعدادهم ب 250 طفلاً على الأقل، ولوحظ أن أغلب هؤلاء هم من خارج العاصمة. غير أنه تعذر على الفريق توثيق تلك الحالات بالطرق المتعارف عليها؛ نظراً لرفض جماعة الحوثي التعامل مع الفريق أو الإدلاء بأي معلومات.
ويحظر القانون تجنيد الأطفال، وهذا ما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل 1989م، في المادة "38", والمادة "8/26" من اتفاقية روما والتي نصت على :"تجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشر من العمر إلزامياً أو طوعياً في القوات المسلحة أو من قبل الجامعات والحركات المسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في الأعمال الحربية".
ويدعو التقرير الأطراف المتصارعة في اليمن، إلى ضبط النفس، والتزام الحوار، وتغليب مصلحة الشعب اليمني على المصالح الخاصة، والعمل على تطبيق مخرجات الحوار الوطني واتفاق 21 سبتمبر 2014، باعتبارها قاعدةً متفقاً عليها ومخرجاً للأزمة الراهنة.
كما دعا إلى ضرورة أن تأخذ العدالة مجراها، بما يعنيه ذلك من الوقف الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان من كافة الأطراف، وتجنيب المدنيين آثار العنف، وتقديم المسؤولين عن الجرائم بحق الأبرياء للعدالة.
المرصد أيضاً دعا مجلس الأمن، إلى معاونة الحكومة اليمنية لإعادة الاستقرار إلى أراضيها، تمهيداً لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تفضي إلى اختيار الشعب لممثليه، وتنهي حالة الاحتقان والشد والجذب المتبادل بين كافة الأطراف في اليمن.
بالأرقام
733 قتيلاً منذ بداية الاجتياح المسلح لصنعاء منهم (652) قتيلاً سقطوا خلال أسبوع..
930 مصاباً والبعض منهم ما زال ملاحقاً حتى اللحظة.
250 طفلاً على الأقل (دون الثامنة عشرة) تم تجنيدهم من قبل الحوثيين.
12 انتهاكاً بحق المؤسسات الصحية والطواقم الطبية.
37 انتهاكاً بحق مؤسسات تعليمية
7 مساكن طلابية تم اقتحامها وتفتيشها ونهب محتوياتها
33 مقراً حزبيا في العاصمة صنعاء قام مسلحو الحوثي باقتحامها
22 حالة انتهاكات بحق المجتمع المدني
66 حالة انتهاك ضد الإعلام المحلي والدولي
439 انتهاكاً بحق الممتلكات الخاصة
50 حالة اعتداء بحق المؤسسات والممتلكات العامة
ما يزيد عن 1000 حالة اختطاف لقيادات عسكرية وسياسية وشخصيات اجتماعية وناشطون
215 حالة اختفاء تقدم الأهالي بشكاوي حولها دون أن يعرف مصيرهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق