بقلم: د. عبدالإله بن سعود السعدون
الثلاثاء ١٣ مارس ٢٠١٨
يتباهى الكهنة البوذيون بأن تعاليم بوذا تدعو إلى احترام الإنسان وحريته والتعايش الاجتماعي مع جميع المجتمعات المتعددة المكونات الدينية من مسيحيين وهندوس ومسلمين، إلا أن ممارسات الكهنة كانت في ميانمار بالأمس واليوم في سريلانكا بتحريض أتباعهم وممارسة أعمال القتل والاغتيال لأبناء الأقلية المسلمة في منطقة أراكان البورمية، وحاليا كاندي السيلانية وممارسة صنوف عديدة من الأجرام ضد المسلمين وحرق متاجرهم والتعرض بمشاعل النار المحرقة للمساجد والمدارس الإسلامية في منطقة كاندي القريبة من العاصمة كولومبو.
كل هذا الاضطهاد والتصفية العرقية الوحشية تحدث في بلدين تتميزان بالأكثرية البوذية يفصلهما المحيط الهندي بنحو ألف ميل وهما ميانمار (بورما) وسريلانكا، وما يبعث على الحيرة والتعجب أن المسلمين في هاتين البلدين يمثلون الأقلية المسالمة ونسبتهم من السكان نحو 10% كما أن المسلمين جلهم من طبقة التجار والمزارعين ولا يتدخلون في العملية السياسية وليس لهم أحزاب تمثلهم ومؤسساتهم محدودة في التعليم الإسلامي.
ومن أسباب الاعتداء على المناطق الإسلامية سخف اعتراضات الكهنة البوذيين على الطريقة الإسلامية لذبح الدواجن والماشية، وقد نظم أعضاء منظمة «البودوبال سينا البوذية» مسيرة كبرى ورفعوا شعارات بمقاطعة كل المؤسسات والمتاجر الاستهلاكية التي تحمل اسماء إسلامية مع المطالبة بتحديد الأصناف الاستهلاكية للمكون الإسلامي.
ويلتقي النشاط العدائي الدموي للبوذيين في بورما وسيلان في أشكال الحقد الاجتماعي والاقتصادي والديني نحو الأقلية الإسلامية من شعب الروهينجا عصب العمالة الرخيصة المؤثرة في اقتصادات ميانمار وتفضيلهم على العمال البورميين عاليي الكلفة، وتمثل الطائفة الإسلامية في سريلانكا عصب التجارة والزراعة فيها ويمثلون الطبقة الغنية النشطة اقتصاديًا، ما دفع البوذيين إلى محاربتهم والسعي لإنهاء نشاطاتهم الخاصة باتباع الاعتداء المسلح والسعي لتطهير البلاد من المسلمين الأغنياء في سريلانكا، ويلتقي سعي الكاهن البورمي ويراتو مع زميله في العدوان الكاهن السيلاني جالا سارا تيرو واللذين التقيا سرًّا في العاصمة كولمبو وخططا لحملة التصفية العرقية للمسلمين في كل مناطق سريلانكا.
وامتد الاعتداء المشترك للكهنة البوذيين في بورما وسيلان بهجوم العصابات البوذية في منطقة الساحل الشرقي على المسلمين من الأقلية الروهينجية البورمية الذين فروا من التصفية البوذية لهم في ميانمار في العام الماضي هربًا من العنف المسلح. وفي تصريح من رئيس العلاقات العامة للأمن السريلانكي قال فيه إن عددا من الكهنة البوذيين قادوا تظاهرة كبيرة ضد مخيمات اللاجئين من الروهينجا المسلمين ووصفوهم بالإرهابيين وطالبوا حكومة كولمبو بطردهم من البلاد وحرقوا ثلاثة مخيمات ومركز إغاثة دولي وجرح أكثر من 30 لاجئًا بورميًّا نتيجة الاعتداء بالضرب بالعصي وأسياخ الحديد، وتم نقل العديد من اللاجئين البورميين المسلمين إلى أماكن داخل سريلانكا.
وعقد البرلمان السيرلانكي اجتماعًا طارئًا ووجه اعتذارًا للأقلية المسلمة وذكر رئيس البرلمان (باسم شعب سريلانكا الموحد نود الاعتذار للمسلمين إزاء الاعتداء عليهم وتعرضهم لأعمال وحشية من جهات متطرفة غير مسؤولة).
ومن جهة أخرى ندد وزير التخطيط المسلم رؤوف حكيم بأعمال العنف وطالب الحكومة المركزية بإيقاف الفوضى الأمنية وأن ذلك يمثل أخفاقا أمنيا هائلا.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست الواسعة الانتشار أن الحكومة المركزية السريلانكية أعلنت حالة الطوارئ في منطقة كاندي ومحيط العاصمة كولمبو خوفًا من الهجمات الانتقامية من البوذيين أو الشباب المسلمين وتم تطبيق حظر التجوال منذ منتصف الليل في كل المناطق القلقة بعد حرق مسجدين ونهب محلات تجارية للمسلمين ونتيجة لهذا التصادم المسلح قتل شاب بوذي وجرح العديد من الشباب المسلمين نتيجة الحرائق... وبدأت ظواهر التقسيم بين المكونات الدينية في سريلانكا فقد تخندق البوذيون أصحاب الأغلبية السكانية (75%) والأقليات الأخرى من التاميلية الهندوس والمسيحية والمسلمين.. ويخشى من بدء شرارة الحرب الأهلية في جميع جغرافية الجزيرة الحالمة والتي أطلق عليها الملك جورج السادس ملك بريطانيا جوهرة المحيط..
وأمام الممارسات الوحشية للعصابات البوذية في سريلانكا والتي يقودها الكاهن المجرم ساراتيرو ومساعده المجرم المودع السجن الآن أميت ويراسنجاي المدعومة من بعض الوزراء البوذيين المشاركين في الحكومة فقد تم قتل وتهجير مئات من المواطنين والذين وجدوا على الأرض في منطقة كاندي الإسلامية والمشهورة بمزارع الشاي وبدأت هذه الحوادث العدائية من قبل العصابات البوذية عام 1983م حيث وقعت أسوأ أعمال عنف وجرائم وحشية من قبل المتمردين التاميل ضد المسلمين في سريلانكا ولهذه العصابات المتوحشة مؤيدون داخل المؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية الحاكمة، فوزير الدفاع السابق جوتابا راجاباكسا وصف الكهنة المتمردين بـحماة البلاد والدين والعرق وخدم بوذا والرسالة المعادية للمسلمين تتناقلها وسائل الأعلام والتواصل الاجتماعي بين منظمات الأغلبية البوذية محرضة ضد المسلمين.
هذه القرارات المستنكرة عالميًّا والمؤكدة بالإدانة للنظامين البورمي والسيلاني قابلناها بمجرد إصدار «إعلان جيبوتي» الذي لا نتمنى أن يكون نسخة مكررة لبيانات الجامعة العربية وكذلك هيئة الأمم المتحدة حين اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي المزمع عقدها قريبًا حول قضايا العرب والمسلمين.. إنها ملفات ملأها تراب البعد الزمني من الاستنكار والإدانة ولم يتحقق بند واحد من تلك القرارات الألفية اللهم إلا القرارات الملزمة بالفصل السابع من مجلس الأمن ضد الدول العربية والإسلامية لصالح دويلة إسرائيل!!
يا سادة مع جل احترامي لإعلانكم الاستنكاري العربي والإسلامي أؤكد لكم أن هذه الفقرة اليتيمة لن تعيد الحياة لأكثر من 2000 شهيد مسلم وتشريد مائتين وثمانين ألف بورمي مسلم من ديارهم وحرق المساجد والمدارس والمتاجر في كاندي السيلانية الآن، وسلب وحرق ممتلكاتهم.
إن سياسة الإبادة الجماعية الفاشية التي تنفذها العصابات الكهنوتية البوذية في ميانمار وسريلانكا ضد المسلمين بتخطيط مسبق عدائي ضد المواطنين المسلمين بروح تمثل أقذر صنوف التمييز العرقي والديني ومعاداتها لقوميتهم ودينهم، تتعارض وتتنافى مع نصوص الميثاق الدولي لحقوق الإنسان وكل المعاهدات والمواثيق الإنسانية والتي جاءت بها معاهدات جنيف وميثاق تأسيس الأمم المتحدة والقوانين الدولية، والمجتمع الدولي مازال في سبات عميق!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق