دور القواسم مع حركة محمد بن عبدالوهاب في مواجهة مطامع بريطانيا العظمى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
أخواني : أقتنصت لكم موضوع لفت إنتباهي بقوة وهي علاقة الحركة الوهابية مع عرب الساحل إبتداء من أبوظبي ودبي والشارقة وأم القيوين ورأس الخيمة إلى لنجة وشناص وبوشهر كنكون واعسلوه وجارك .. إلخ .
أتركم مع قراءة الموضوع .....
لقد عملت بريطانيا كل ما في وسعها لمنع وصول الأفكار الوهابية إلى لنجة وبنادر الهولة ففي سنة 1841 دعا الساسة البريطانيون إلى العمل الدؤوب للوقوف في وجه التيار الوهابي خاصة وأن الأمير فيصل بن تركي قد ساعدته الظروف في أوضاع البحرين الداخلية لتحقيق أحلامه وكذلك ما كان يتمتع به من علاقات جيدة مع شيوخ الشارقة ورأس الخيمة وابوظبي وهذا الظلم زاد من جهل العرب بالدين الصحيح .
وما وصل الأمير فيصل إلى مشارف قطر حتى خافت بريطانيا أكثر وكان ذلك في عام 1850 حين قام هينيل بزيارة الخليج العربي مصطحبا معه مساعده ( الكابتن كمبول ) ليقدمه كخلف له ولتجديد نظام المهادنه مع شيوخ القواسم وبني ياس شيوخ الساحل ، وان هدنة العشر سنوات التي قامت بها بريطانيا قد بات انتهائها وشيكا .
ثم جاء احتلال الأمير عبدالله بن فيصل في يناير 1853 لواحة البريمي مما حدا بالكابتن كمبول أن يطلب من شيوخ الساحل المهادن الحضور إلى باسيدو لعقد هدنه جديدة في مارس 1853 خاصة وان سلطان بن صقر بن سلطان القاسمي قد انضم إلى الأمير عبدالله بن فيصل .
أما الآن سنسرد كيفية تواصل الحركة الوهابية بالقواسم في مواجهة بريطانيا العظمى :
بعد موت نادر شاه عام 1747 وانتشار الفوضى أدى إلى ازدياد نشاط القواسم ، فوجهوا طاقاتهم لاستغلال الأجزاء القريبة من الساحل الفارسي وحصلوا على موطئ قدم في جزيرة جسم (قشم) 1760م ولكن زادت قوتهم على مرور الزمن لدرجة انهم بدأوا بـأسر سفن بريطانيه ومهاجمتها خاصة عندما كان أميرهم صقر بن سلطان في حوالي 1804م إلى أن جاءت سنه 1805 دخلت الدعوة الوهابية (السلفية) لقرى وبنادر عرب الهولة وابتدأت بمدينة لنجة عن طريق شيوخ القواسم وعلى يد علماء الدين خصوصا .
(محمد بن عبدالواهاب و الكواهج)
اشتهرت قرية كوهج بمدارسها الدينية . ولهذه القرية الفضل في نشر العلم والدين في بلاد فارس كلها . وعاصمتها هي بستك التي حكمها آل العباس لمدة تزيد عن 400 سنة و اشتهروا بالخوانين و نسبهم يعود إلى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه . وقد زار هذه القرية الإمام المصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله و درس فيها دروسا و أقام عند كواهجها.
(سقوط بندر عباس)
أسقطت بندر عباس على يد سلطان مسقط بدر بن سيف والبريطانيون في يونيو 1805 واتجه الأثنان إلى جزيرة جسم وضربوا حصارا قاسيا على بني معين هم (عرب من قبيلة شمر العربية ) مما أثار حلفاءهم القواسم الذين ارسلوا في أول يوليو من راس الخيمة اسطولا من ثلاثين سفينه لمحاولة فك الحصار ولكن باتت بالفشل واستطاع الإنجليز في 6 فبراير 1806 في بندر عباس التوقيع على معاهدة مع القواسم عن طريق ممثل الشيخ سلطان بن صقر هناك تعهد فيها القواسم باحترام ممتلكات ورعايا شركة الهند الشرقية واوقفت هذه المعاهدة ايضا فكرة الجهاد التي نادى بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب ضد مصالح انجلترا في الخليج العربي .
( قوة القواسم وحلفائهم )
ففي عام 1808 صار للقواسم من 15 إلى 20 سفينة حربية وكل اسطول مسؤول عنه رجل متدين له باع من العلم الشرعي الذي نشره الشيخ إبن عبدالوهاب طيب الله ثراه وهذا مما زاد من غيظ الإنجليز وخوفهم أن تنتقل الدعوة الوهابية إلى سواحل عرب الهولة ويصبح الخليج العربي بحيرة للدعوة الوهابية .
ففي عام 1809 وصل عدد سفن القواسم الحربية إلى 63 سفينة كبيرة 810 سفن صغيرة وكان عليها ما بين 25018 ألف مقاتل معظمهم من الموانئ الممتدة من رأس الخيمة والشارقة ولنجة ونخيلو ومن موانئ عرب الهولة بفارس ( الساحل الشرقي للخليج العربي ) وكان هذا الإسطول في وقت السلم والسلام قوة إقتصادية للغوص على اللؤلؤ وصيد السمك والقطاعة (تجارة النقل البحري ) .
( مطالبة سلطان عمان ببندر شيناص )
طلب سعيد سلطان مسقط عن طريق الأمير الذي يمثل الشيخ محمد بن عبدالوهاب عند مجاهدي القواسم ان يبقى منطقة شيناص ( القريبه من لنجة بـ 10كم والتابعة لحكم القواسم ) تحت حكمه لكنه أفهمه ان ذلك يتطلب منه ان يقف مع القواسم وينضم تحت لوائهم ولما علمت بريطانيا عن طريق الكابتن سيتون في مسقط بذلك والذي اخذ يبعث بتقارير ليقنع حكومته بخطورة الموقف .
فقد رات الحكومة البريطانية عن طريق حاكمها في بومباي ضرورة التدخل للحيلوله دون خضوع مسقط للحركة الوهابية الإصلاحية مثل مشيخات القواسم ووافق حاكم الهند العام مينتو بعد تردد على إرسال حملة لردع القواسم في مارس 1809 وجهزت حملة بحرية بصفة رئيسية للقيام بعمليات ضد القواسم الذين باتت سيطرتهم واسعة على الخليج العربي والوضع في عمان ( لكن بريطانيا حذرت ايضا من أي احتكاك بالوهابين وجعلت نطاق العمليات الحربية محدودة بلبحر لتدمير المراكب وأوصت بعدم تصدير الأخشاب من ساحل الملبار في الهند إلى الخليج العربي ليحول ذلك دون بناء القواسم لسفن جديدة .
( الهجوم البريطاني على بندر شيناص )
أما الهجوم البريطاني على بندر شيناص ( معظمهم من الكنادرة في الكويت ) فلم يكن سهلا أبدا حيث كان صعبا على القوات الإنجليز ، لأنها كانت عبارة عن حصن ضخم يطل على الخليج العربي وبها تعزيزات إضافية لأن بها حامية وهابية أرسلها القائد مطلق المطيري بعد الهجوم على راس الخيمة لها ،ووجهة الإنجليز إنذارا لأهالي شيناص بطلبون فيه الإستسلام ثم السلام لكنهم شخروا من ذلك الأمر وبعدها ضربتهم القوات البريطانية بوابل من النيران والمدافع البحرية لكن الحصن كان بعيدا عن مرمى النيران إلى أن أصيب أحد أبراج الحصن وفتحت ثغرة فيه لكن الأبراج الأخرى بقت قائمة واستمرت نيران المدفعية تضرب الحصن والبواسل من عرب شيناص ومجاهدي رجال مطلق المطيري وكل أهالي شيناص صامدين إلى أن وصل الحال إلى إنزال للقوات الخاصة وإلى الفقتال بالسلاح الأبيض ومع ذلك أصروا على الدفاع والإستشهاد حتى آخر رجل يدفن (وهذا ما اعترف به القائد سميث الإنجليزي ) بنفسه .
( رفض سلطان مسقط حملة ضد خور فكان وكلباء مع الإنجليز )
ولصمود أهالي شيناص أن رفض سلطان مسقط (سعيد بن سلطان) الإنضمام مع الإنجليز بعد ذلك في حملة ضد خور كلباء وخورفكان خوفا من ان يتعرض لنفس المصير الذي واجهه الإنجليز في شيناص خاصة وان مطلق بن محمد المطيري مازال قويا في المنطقة واستطاع الاستيلاء على المدن العمانية نزوى وبهلا و مطرح مما كان يعني تهديدا خطيرا لمعقل سعيد بن سلطان في مدينة مسقط. وكذلك القواسم في راس الخيمة واخوانهم في لنجة وبرفارس إلى شط ابن تميم والجزر وحتى جزيرة خرج وخارجو في شمال الخليج العربي كلهم على استعداد للموت .
بعد سقوط شيناص في أوائل سنه 1810 أمضى الأسطول البريطاني في المنطقة حتى آخر يناير 1810 بحثا عن أبوام ( الداوات ) القواسمية لتدميرها .
( خوف بريطانيا من تواجد سفن القواسم على سواحل الهند )
في سنة 1813 بدأت سفن القواسم بالظهور في بومباي وموانئ الهند والمحيط الهندي مما حدا بالسلطة البريطانية لتجديد معاهدتهم السابقة مع القواسم ،ولكن تفاجأت سفن القواسم بطرادات بريطانية تحذرهم من الإستمرار في البقاء في المياة الهندية وهذا ( يبين لنا الخوف الذي كانت تخافه بريطانيا من تنامي اي قوة للقواسم وخاصة في راس الخيمة ولنجة وهذا يدل على ان لبريطانيا دور كبير في طرد العرب من سواحل بر فارس وفي مساعدتها لوضع حصار اقتصادي عليهم من ناحية اخرى مما حدا بالكثيرين من عرب الهولة لترك بنادرهم والهجرة إلى البحرين والكويت وسواحل الإحساء وقطر ودبي والشارقة وخاصة النواخذة الذين يملكون سفنا والتجار .
( ماذا احرزت قوة القواسم في المنطقة )
ولا يخفى على اي باحث ان النجاح الذي احرزه القواسم بواسطة سفنهم قد اضاف الكثير إلى قوتهم كما اغرى معظم موانئ وبنادر عرب الهولة بأن تحذوا حذوهم وآخرون للإنضمام تحت لوائهم خاصة وان حكمهم لمنطقة لنجة كان عدلا ورفاها وشجع ذلك ايضا جزيرة خرج على إقامة صلات ودية مع راس الخيمة .
( مقابلة الشيخ حسن بن ارحمة بالكاتب الرحالة بكنجهام والقائد بريدجز لدى هجومه على راس الخيمة)
وصل الإسطول البريطاني بقيادة بريدجز إلى راس الخيمة بعد الظهر 26نوفمبر 1816 اصدر تحذيرا وفي الصباح التالي ارسل إلى الشاطئ رسالة تطالب بإعادة البضائع التي كانت غنائما من الإعتداء على سفن سورات الأوروبية ولم يرد عليهم القواسم ونزل بعدها بنفسه إلى الشاطئ مرة أخرى لكنه تفاجأ ان الدفاعات القواسمية قد عززت بشكل كبير منذ حملة 1809 ولم يلبث ان توجه برفقة بكنجهام الكاتب الرحالة إلى مركز المدينة لمقابلة حسن بن ارحمة الذي كان تحت الحماية الوهابية والذي أوضح في رده بعد يوم انه مازال على عهده وان القواسم لم يعتدوا على اي سفينة بريطانية ولا يمكن اعتبار السفن الهندية انجليزية .
وبعدها عادوا للبحر بسبب عاصفة شمالية أجبرتهم وعادوا مرة أخرى في 30 نوفمبر مطالبين بالتعويض واقترب كثيرا من الشاطئ لكن القواسم ردوا بالرفض على لسان حسن بن ارحمه وبدأت النيران على القواسم وردوا عليهم بالمثل وتجمع العرب على الشاطئ حاملين البنادق والإستخفاف بهم لم تستطيع بريطانيا عمل شئ إلا اللجوء إلى عرض البحر وهكذا فشلت بريطانيا .
( ماذا جنت نظام الهدنه البحرية على العرب )
لا بد لنا ان نتساءل ماذا جنت بريطانيا من وراء نظام الهدنه البحرية ؟
جنت أن استخدمت العنف ضد شيوخ العرب للوصول إلى تفاقية 1820 واستخدمت الدهاء والمكر والخداع لتوجيه الأمور بما يتفق مصالحها ونفوذها في المنطقة ونجحت في تفتيت الساحل إلى دويلات وطرد العرب من لنجة وبندرعباس وبوشهر وعدد كبير من البنادر والإمارات في بر فارس ولم يعد بعدها اي شيخ يتخذ اي قرار دون الرجوع أوموافقة بريطانيا وكانت الحجج تنصب تحت ستار محاربة القرصنه وتجارة الرقيق أو منع النزاعات بين إمارات الخليج العربي .
( ماذا قال المقيم البريطاني مالكولم عن الوهابية )
عرب الهولة في لنجة وبندر عباس وبوشهر وشط بني تميم والقواسم قد اعتنقوا المذهب الشافعي ومنهم مثل القواسم واهالي لنجة قد أخذوا أفكار الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب طيب الله ثراه كانوا يؤمنون بان رفع شان مذهبهم الديني هو الجهاد في سبيل الله ويؤكد ذلك (جاك بيرني) مستشهدا بقول المقيم البريطاني (مالكولم ) على لسان مرافقه العربي :
" انهم ينتسبون إلى الطائفة الوهابية ويدعون القواسم ،( ليحمنا الله لأنهم مخيفون )، مهنتهم الحرب وفي كل أعمالهم يعطون اسبابا دينية لكل عمل برتكبونه وهم متقيدون بحرفية الكتاب لا يقبلون اي تفسير او تزويل أو تقليد ولو كنت سجينا ماسورا من قبلهم وقدمت لهم كل ما تملك مقابل حياتك رفضوا ذلك بإباء وشمم وقالوا لك إن القرآن يأمرنا " .
( الخاتمــة المؤلمـــة )
ويتبين أن الإنجليز بعد ان دمروا راس الخيمة في سنة 1819 وأحرقوا الكثير من أبوام القواسم فقرر زعيم القواسم الشيخ حسن بن رحمه القاسمي المبادرة بإعلان الاستسلام و رجاله إلى قائد الحملة الميجرو جنرال كير و حيث وصلت قوات كير إلى راس الخيمة و دمرتها تدميرا و تم انزل العلم القاسمي الأحمر و تم رفع العلم البريطاني . اتجهوا في نفس السنه لحرق لنجة وتدمير معقل آخر للقواسم وعرب الهولة واستطاعوا حرق أبوام القواسم فيها والكثير من البيوت والحصون تحت زعم محاربة القرصنة وتجارة الرقيق وبعدها اعطوا العنان للدولة المركزية في ايران ( الحليفة لهم ) ان تحكم لنجة بعد طرد حكامها القواسم في سنة 1899وآخر حكامها هو محمد بن خليفه بن سعيد بن قضيب القاسمي.
أخيرا..
أتمنى أن الموضوع قد حاز على إعجابكم وترقبوا موضوعا آخر عن قريب إنشاء الله تعالى .
المصدر :
1. كتاب عرب الهولة .
2. القواسم - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة .
تحياتي المخلص : آل بو خلف الحمادي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
أخواني : أقتنصت لكم موضوع لفت إنتباهي بقوة وهي علاقة الحركة الوهابية مع عرب الساحل إبتداء من أبوظبي ودبي والشارقة وأم القيوين ورأس الخيمة إلى لنجة وشناص وبوشهر كنكون واعسلوه وجارك .. إلخ .
أتركم مع قراءة الموضوع .....
لقد عملت بريطانيا كل ما في وسعها لمنع وصول الأفكار الوهابية إلى لنجة وبنادر الهولة ففي سنة 1841 دعا الساسة البريطانيون إلى العمل الدؤوب للوقوف في وجه التيار الوهابي خاصة وأن الأمير فيصل بن تركي قد ساعدته الظروف في أوضاع البحرين الداخلية لتحقيق أحلامه وكذلك ما كان يتمتع به من علاقات جيدة مع شيوخ الشارقة ورأس الخيمة وابوظبي وهذا الظلم زاد من جهل العرب بالدين الصحيح .
وما وصل الأمير فيصل إلى مشارف قطر حتى خافت بريطانيا أكثر وكان ذلك في عام 1850 حين قام هينيل بزيارة الخليج العربي مصطحبا معه مساعده ( الكابتن كمبول ) ليقدمه كخلف له ولتجديد نظام المهادنه مع شيوخ القواسم وبني ياس شيوخ الساحل ، وان هدنة العشر سنوات التي قامت بها بريطانيا قد بات انتهائها وشيكا .
ثم جاء احتلال الأمير عبدالله بن فيصل في يناير 1853 لواحة البريمي مما حدا بالكابتن كمبول أن يطلب من شيوخ الساحل المهادن الحضور إلى باسيدو لعقد هدنه جديدة في مارس 1853 خاصة وان سلطان بن صقر بن سلطان القاسمي قد انضم إلى الأمير عبدالله بن فيصل .
أما الآن سنسرد كيفية تواصل الحركة الوهابية بالقواسم في مواجهة بريطانيا العظمى :
بعد موت نادر شاه عام 1747 وانتشار الفوضى أدى إلى ازدياد نشاط القواسم ، فوجهوا طاقاتهم لاستغلال الأجزاء القريبة من الساحل الفارسي وحصلوا على موطئ قدم في جزيرة جسم (قشم) 1760م ولكن زادت قوتهم على مرور الزمن لدرجة انهم بدأوا بـأسر سفن بريطانيه ومهاجمتها خاصة عندما كان أميرهم صقر بن سلطان في حوالي 1804م إلى أن جاءت سنه 1805 دخلت الدعوة الوهابية (السلفية) لقرى وبنادر عرب الهولة وابتدأت بمدينة لنجة عن طريق شيوخ القواسم وعلى يد علماء الدين خصوصا .
(محمد بن عبدالواهاب و الكواهج)
اشتهرت قرية كوهج بمدارسها الدينية . ولهذه القرية الفضل في نشر العلم والدين في بلاد فارس كلها . وعاصمتها هي بستك التي حكمها آل العباس لمدة تزيد عن 400 سنة و اشتهروا بالخوانين و نسبهم يعود إلى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه . وقد زار هذه القرية الإمام المصلح الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله و درس فيها دروسا و أقام عند كواهجها.
(سقوط بندر عباس)
أسقطت بندر عباس على يد سلطان مسقط بدر بن سيف والبريطانيون في يونيو 1805 واتجه الأثنان إلى جزيرة جسم وضربوا حصارا قاسيا على بني معين هم (عرب من قبيلة شمر العربية ) مما أثار حلفاءهم القواسم الذين ارسلوا في أول يوليو من راس الخيمة اسطولا من ثلاثين سفينه لمحاولة فك الحصار ولكن باتت بالفشل واستطاع الإنجليز في 6 فبراير 1806 في بندر عباس التوقيع على معاهدة مع القواسم عن طريق ممثل الشيخ سلطان بن صقر هناك تعهد فيها القواسم باحترام ممتلكات ورعايا شركة الهند الشرقية واوقفت هذه المعاهدة ايضا فكرة الجهاد التي نادى بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب ضد مصالح انجلترا في الخليج العربي .
( قوة القواسم وحلفائهم )
ففي عام 1808 صار للقواسم من 15 إلى 20 سفينة حربية وكل اسطول مسؤول عنه رجل متدين له باع من العلم الشرعي الذي نشره الشيخ إبن عبدالوهاب طيب الله ثراه وهذا مما زاد من غيظ الإنجليز وخوفهم أن تنتقل الدعوة الوهابية إلى سواحل عرب الهولة ويصبح الخليج العربي بحيرة للدعوة الوهابية .
ففي عام 1809 وصل عدد سفن القواسم الحربية إلى 63 سفينة كبيرة 810 سفن صغيرة وكان عليها ما بين 25018 ألف مقاتل معظمهم من الموانئ الممتدة من رأس الخيمة والشارقة ولنجة ونخيلو ومن موانئ عرب الهولة بفارس ( الساحل الشرقي للخليج العربي ) وكان هذا الإسطول في وقت السلم والسلام قوة إقتصادية للغوص على اللؤلؤ وصيد السمك والقطاعة (تجارة النقل البحري ) .
( مطالبة سلطان عمان ببندر شيناص )
طلب سعيد سلطان مسقط عن طريق الأمير الذي يمثل الشيخ محمد بن عبدالوهاب عند مجاهدي القواسم ان يبقى منطقة شيناص ( القريبه من لنجة بـ 10كم والتابعة لحكم القواسم ) تحت حكمه لكنه أفهمه ان ذلك يتطلب منه ان يقف مع القواسم وينضم تحت لوائهم ولما علمت بريطانيا عن طريق الكابتن سيتون في مسقط بذلك والذي اخذ يبعث بتقارير ليقنع حكومته بخطورة الموقف .
فقد رات الحكومة البريطانية عن طريق حاكمها في بومباي ضرورة التدخل للحيلوله دون خضوع مسقط للحركة الوهابية الإصلاحية مثل مشيخات القواسم ووافق حاكم الهند العام مينتو بعد تردد على إرسال حملة لردع القواسم في مارس 1809 وجهزت حملة بحرية بصفة رئيسية للقيام بعمليات ضد القواسم الذين باتت سيطرتهم واسعة على الخليج العربي والوضع في عمان ( لكن بريطانيا حذرت ايضا من أي احتكاك بالوهابين وجعلت نطاق العمليات الحربية محدودة بلبحر لتدمير المراكب وأوصت بعدم تصدير الأخشاب من ساحل الملبار في الهند إلى الخليج العربي ليحول ذلك دون بناء القواسم لسفن جديدة .
( الهجوم البريطاني على بندر شيناص )
أما الهجوم البريطاني على بندر شيناص ( معظمهم من الكنادرة في الكويت ) فلم يكن سهلا أبدا حيث كان صعبا على القوات الإنجليز ، لأنها كانت عبارة عن حصن ضخم يطل على الخليج العربي وبها تعزيزات إضافية لأن بها حامية وهابية أرسلها القائد مطلق المطيري بعد الهجوم على راس الخيمة لها ،ووجهة الإنجليز إنذارا لأهالي شيناص بطلبون فيه الإستسلام ثم السلام لكنهم شخروا من ذلك الأمر وبعدها ضربتهم القوات البريطانية بوابل من النيران والمدافع البحرية لكن الحصن كان بعيدا عن مرمى النيران إلى أن أصيب أحد أبراج الحصن وفتحت ثغرة فيه لكن الأبراج الأخرى بقت قائمة واستمرت نيران المدفعية تضرب الحصن والبواسل من عرب شيناص ومجاهدي رجال مطلق المطيري وكل أهالي شيناص صامدين إلى أن وصل الحال إلى إنزال للقوات الخاصة وإلى الفقتال بالسلاح الأبيض ومع ذلك أصروا على الدفاع والإستشهاد حتى آخر رجل يدفن (وهذا ما اعترف به القائد سميث الإنجليزي ) بنفسه .
( رفض سلطان مسقط حملة ضد خور فكان وكلباء مع الإنجليز )
ولصمود أهالي شيناص أن رفض سلطان مسقط (سعيد بن سلطان) الإنضمام مع الإنجليز بعد ذلك في حملة ضد خور كلباء وخورفكان خوفا من ان يتعرض لنفس المصير الذي واجهه الإنجليز في شيناص خاصة وان مطلق بن محمد المطيري مازال قويا في المنطقة واستطاع الاستيلاء على المدن العمانية نزوى وبهلا و مطرح مما كان يعني تهديدا خطيرا لمعقل سعيد بن سلطان في مدينة مسقط. وكذلك القواسم في راس الخيمة واخوانهم في لنجة وبرفارس إلى شط ابن تميم والجزر وحتى جزيرة خرج وخارجو في شمال الخليج العربي كلهم على استعداد للموت .
بعد سقوط شيناص في أوائل سنه 1810 أمضى الأسطول البريطاني في المنطقة حتى آخر يناير 1810 بحثا عن أبوام ( الداوات ) القواسمية لتدميرها .
( خوف بريطانيا من تواجد سفن القواسم على سواحل الهند )
في سنة 1813 بدأت سفن القواسم بالظهور في بومباي وموانئ الهند والمحيط الهندي مما حدا بالسلطة البريطانية لتجديد معاهدتهم السابقة مع القواسم ،ولكن تفاجأت سفن القواسم بطرادات بريطانية تحذرهم من الإستمرار في البقاء في المياة الهندية وهذا ( يبين لنا الخوف الذي كانت تخافه بريطانيا من تنامي اي قوة للقواسم وخاصة في راس الخيمة ولنجة وهذا يدل على ان لبريطانيا دور كبير في طرد العرب من سواحل بر فارس وفي مساعدتها لوضع حصار اقتصادي عليهم من ناحية اخرى مما حدا بالكثيرين من عرب الهولة لترك بنادرهم والهجرة إلى البحرين والكويت وسواحل الإحساء وقطر ودبي والشارقة وخاصة النواخذة الذين يملكون سفنا والتجار .
( ماذا احرزت قوة القواسم في المنطقة )
ولا يخفى على اي باحث ان النجاح الذي احرزه القواسم بواسطة سفنهم قد اضاف الكثير إلى قوتهم كما اغرى معظم موانئ وبنادر عرب الهولة بأن تحذوا حذوهم وآخرون للإنضمام تحت لوائهم خاصة وان حكمهم لمنطقة لنجة كان عدلا ورفاها وشجع ذلك ايضا جزيرة خرج على إقامة صلات ودية مع راس الخيمة .
( مقابلة الشيخ حسن بن ارحمة بالكاتب الرحالة بكنجهام والقائد بريدجز لدى هجومه على راس الخيمة)
وصل الإسطول البريطاني بقيادة بريدجز إلى راس الخيمة بعد الظهر 26نوفمبر 1816 اصدر تحذيرا وفي الصباح التالي ارسل إلى الشاطئ رسالة تطالب بإعادة البضائع التي كانت غنائما من الإعتداء على سفن سورات الأوروبية ولم يرد عليهم القواسم ونزل بعدها بنفسه إلى الشاطئ مرة أخرى لكنه تفاجأ ان الدفاعات القواسمية قد عززت بشكل كبير منذ حملة 1809 ولم يلبث ان توجه برفقة بكنجهام الكاتب الرحالة إلى مركز المدينة لمقابلة حسن بن ارحمة الذي كان تحت الحماية الوهابية والذي أوضح في رده بعد يوم انه مازال على عهده وان القواسم لم يعتدوا على اي سفينة بريطانية ولا يمكن اعتبار السفن الهندية انجليزية .
وبعدها عادوا للبحر بسبب عاصفة شمالية أجبرتهم وعادوا مرة أخرى في 30 نوفمبر مطالبين بالتعويض واقترب كثيرا من الشاطئ لكن القواسم ردوا بالرفض على لسان حسن بن ارحمه وبدأت النيران على القواسم وردوا عليهم بالمثل وتجمع العرب على الشاطئ حاملين البنادق والإستخفاف بهم لم تستطيع بريطانيا عمل شئ إلا اللجوء إلى عرض البحر وهكذا فشلت بريطانيا .
( ماذا جنت نظام الهدنه البحرية على العرب )
لا بد لنا ان نتساءل ماذا جنت بريطانيا من وراء نظام الهدنه البحرية ؟
جنت أن استخدمت العنف ضد شيوخ العرب للوصول إلى تفاقية 1820 واستخدمت الدهاء والمكر والخداع لتوجيه الأمور بما يتفق مصالحها ونفوذها في المنطقة ونجحت في تفتيت الساحل إلى دويلات وطرد العرب من لنجة وبندرعباس وبوشهر وعدد كبير من البنادر والإمارات في بر فارس ولم يعد بعدها اي شيخ يتخذ اي قرار دون الرجوع أوموافقة بريطانيا وكانت الحجج تنصب تحت ستار محاربة القرصنه وتجارة الرقيق أو منع النزاعات بين إمارات الخليج العربي .
( ماذا قال المقيم البريطاني مالكولم عن الوهابية )
عرب الهولة في لنجة وبندر عباس وبوشهر وشط بني تميم والقواسم قد اعتنقوا المذهب الشافعي ومنهم مثل القواسم واهالي لنجة قد أخذوا أفكار الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب طيب الله ثراه كانوا يؤمنون بان رفع شان مذهبهم الديني هو الجهاد في سبيل الله ويؤكد ذلك (جاك بيرني) مستشهدا بقول المقيم البريطاني (مالكولم ) على لسان مرافقه العربي :
" انهم ينتسبون إلى الطائفة الوهابية ويدعون القواسم ،( ليحمنا الله لأنهم مخيفون )، مهنتهم الحرب وفي كل أعمالهم يعطون اسبابا دينية لكل عمل برتكبونه وهم متقيدون بحرفية الكتاب لا يقبلون اي تفسير او تزويل أو تقليد ولو كنت سجينا ماسورا من قبلهم وقدمت لهم كل ما تملك مقابل حياتك رفضوا ذلك بإباء وشمم وقالوا لك إن القرآن يأمرنا " .
( الخاتمــة المؤلمـــة )
ويتبين أن الإنجليز بعد ان دمروا راس الخيمة في سنة 1819 وأحرقوا الكثير من أبوام القواسم فقرر زعيم القواسم الشيخ حسن بن رحمه القاسمي المبادرة بإعلان الاستسلام و رجاله إلى قائد الحملة الميجرو جنرال كير و حيث وصلت قوات كير إلى راس الخيمة و دمرتها تدميرا و تم انزل العلم القاسمي الأحمر و تم رفع العلم البريطاني . اتجهوا في نفس السنه لحرق لنجة وتدمير معقل آخر للقواسم وعرب الهولة واستطاعوا حرق أبوام القواسم فيها والكثير من البيوت والحصون تحت زعم محاربة القرصنة وتجارة الرقيق وبعدها اعطوا العنان للدولة المركزية في ايران ( الحليفة لهم ) ان تحكم لنجة بعد طرد حكامها القواسم في سنة 1899وآخر حكامها هو محمد بن خليفه بن سعيد بن قضيب القاسمي.
أخيرا..
أتمنى أن الموضوع قد حاز على إعجابكم وترقبوا موضوعا آخر عن قريب إنشاء الله تعالى .
المصدر :
1. كتاب عرب الهولة .
2. القواسم - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة .
تحياتي المخلص : آل بو خلف الحمادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق