صباحكم عِلم .. شبهة والرد عليها ..
الحمد لله .. وبعد :
سئلت عن قول قبيح منسوب للشيخ د.العريفي ، وهو أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يبيع الخمر !
فأخبرتهم أن هذا لا يصدر عن د.العريفي وتيقنت أن هذا من الحملات الموجهة للشيخ من أهل الضلال ليصدوا أهل الإسلام عن علمائهم وقد أصيب بمثله الأنبياء ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيراً )
واطلعتُ على المقطع المنشور فوجدته كلاماً علمياً متيناً يناقش مسألة علمية معروفة عند الفقهاء وهي مسألة نجاسة الخمر العينية ، واختار د.العريفي القول بأن الخمر نجس معنويا لا حسّيا بحيث لو انسكب على ثوبك فليس له حكم البول في وجوب غسله وإنما نجاسة الخمر معنوية كما قال الله ( إنما المشركون نجس ) ومع ذلك لو لمست كافراً لم يجب أن تغسل يدك ، وسرد الشيخ الأدلة وهو قول فقهي معروف قال به علماء أجلاء من آخرهم العلّامة ابن عثيمين .
واستطرد د.العريفي ببيان القول بعدم نجاسة الخمر حسيّاً وذكر حديثاً أجمعوا على صحته ورواه مسلم :
أن رجلاً أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم راوية خمر "وكان ذلك قبل تحريم الخمر" فقال د.العريفي تعليقا على الحديث :
(وكان الخمر قبل تحريمه مشروباً عادياً مثل العصير، ولا يعني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يستعمله ، لكن ربما يهديه أو يبيعه )
هذا نص كلام د.العريفي ، وهو كلام صحيح ، والأمر واضح لا يحتاج جواباً ، والشيخ لم يقل إن النبي كان يبيع الخمر، وإنما أورد أن رجلاً أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم راوية خمر قبل تحريمها ، وعلق الشيخ قائلاً : ولا يعني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يستعمله ، ثم قال : لكن ربما كان يُهديه أو يبيعه .
وبين د.العريفي أن هذا كان قبل تحريم الخمر ، فقد كانت حلالاً ، وما كان حلالاً فإنه يجوز إهداؤه وبيعه ، كما لو قال عالم : إن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ عليه رمضان ولم يصُم ، أو غابت الشمس ولم يُصلّ المغرب ، أو مرّت سنة ولم يؤدّ زكاة ماله ، أو لبس ثوب حرير .. ثم يقول وكان هذا قبل أن تُفرض الصلاة والصوم والزكاة ، وقبل أن يُحرم لبس الحرير للرجال ..
وقد نصّ الزرقاني في شرحه لموطأ مالك عند الكلام عن حديث راوية الخمر : (ثم احذر أن يخطر ببالك أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب الخمر قبل تحريمها ، فلا يلزم من إهداء الراوية إليه كل عام قبل التحريم أن يشرب ، بل يهديها أو يتصدق بها ، أو نحو ذلك ) انظر شرح الزرقاني على الموطأ ( 4/213 ) دار الكتب العلمية ، وهذا نص ما قاله د.العريفي ..
فما دامت الخمر حلالاً (قبل تحريمها) فالتصرف فيها بأنواع التصرفات جائز كالصناعة والإهداء والبيع ، بل والتصدق بها كما ذكر الزرقاني ، فلما حُرّمتْ حرُم ذلك كله .
ومما يُشبه ذلك :
ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى حُلة فأنكرها لكونها من قماش محرم وقال (إنما يلبس هذه من لا خلاق له) ، ثم أُهدي إليه صلى الله عليه وآله وسلم مثلها ، فأرسلها لعمر ، فعجب عمر وقال : كيف ألبسها يا رسول الله وقد قلتَ (إنما يلبس هذا من لا خلاق له) ؟ فقال : إني لم أبعث إليك بها لتلبسها ، وإنما تبيعها أو لتكسوها .. أي لتكسوها امرأتك أو غيرها
وعلى هذا فإن ما قاله الشيخ محمد العريفي صوابٌ لا تثريب عليه فيه لكونه تكلم عن جرّة خمر أُهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل تحريمها، وقال فإنه ( ربما ) يهديها أو يبيعها.
وأما ما نسبه إليه أهل الكذب والزور فعنوانٌ مطلقٌ قبيحٌ يستقبح المؤمن مجرد حكايته ، نسأل الله العافية ..
وختاماً أقول :
لا تكترثوا للأكاذيب والبواطيل التي ينسبها أهل الباطل لمشايخكم وعلمائكم ، فهي عادتهم ، وقد افترى الكافرون والمنافقون والضالون أشد منها على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والعلماء ورثة الأنبياء وسيصيبهم مثل ما أصابهم ، والله المستعان
والشيخ محمد العريفي رجلٌ هُمامٌ مقدام ٌ ، واضح المنهج ، طلق اللسان ، جرئ الجنان ، غير مداهن في الحق - أحسبه والله حسيبه – وقد رافقته سفرا وحضرا منذ عشرين سنة ، ولم أرَ منه إلا حرصاً على السنة ومحبة لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، وكتابه في أخلاق النبوة ( استمتع بحياتك ) يشهد بذلك حتى ترجم ل13لغة ولا يزال يترجم ، وكان له وقفة شجاعة ضد من قذفوا أمنا عائشة رضي الله عنها ، وكفروا الصحابة الكرام ، فلا عجب أن يكثر مناوئوه فإنه لو داهنهم لداهنونه كما داهنوا غيره ، قال عز وجل : ( ودّوا لو تُدْهِن فيدهنون ) سورة ن
اسأل الله الكريم أن يثبّتنا والشيخ على الحق وأن ينفع بنا وبه الناس وأن يجعلنا هداة مهتدين . اللهم آمين
كتبه على عجل /محمد بن سليمان المهنا
إمامٌ وخطيبٌ بمسجد الملك خالد بأم الحمام – الرياض
8/5/1433 – 31/3/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق