الأحد، 24 يونيو 2018

استراتيجة الامارات للسيطرة على الموانىء التي يمكن تشكل منافس لها

من خلال الاستثمار فيه وإدارته أو من خلال عرقلته وتحجيم دوره لكي لا يكون منافسا
==============

"صراع الموانئ" بين الإمارات وقطر في منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي

كشفت التحركات الإماراتية المتزايدة في دول القرن الأفريقي وما يقابلها من تحركات قطرية عن صراع نفوذ بين الإتتنوَّع الصراعات في مراات والسعودية من جهة و قطر وتركيا من جهة اخرى على الموانئ في منطقة الشرق الأوسط و القرن الأفريقي لما تشكله هذه المواني من أهميّةٍ استراتيجيةٍ باعتبارها الشريان الرئيسيّ لحركة الملاحة الدولية والتجارة العالمية، أو باعتبارها أحد أهم الأدوات التي يتمُّ من خلالها فرض النفوذ السياسي.

وتتبع دولة الإمارات استراتيجية السيطرة على أي ميناء يمكن أن يشكل منافسة حقيقية لموانئها في حركة الملاحة وتجارة العبور، وذلك من خلال الاستثمار فيه وإدارته من قبل شركة موانئ دبي العالمية، أو من خلال عرقلته وتحجيم دوره لكي لا يكون منافسا.

وتعتبر شركة "موانئ دبي العالمية"، الدراع الملاحي لدولة الإمارات العربية المتحدة، أحد أكبر مشغلي الموانئ في العالم، حيث تشرف على إدارة أكثر من 77 ميناء عبر العالم، من بينها ميناء "جبل علي" بدبي

بين ميناء جبل علي وميناء حمد

وتبرز ملامح هذا الصراع بين الإمارات و قطر حيث يعتبر كل من ميناء جبل علي في الإمارات وميناء حمد في قطر قطبا الملاحة في المنطقة، وتدور بينهما حاليًا منافسةٌ شرسة من أجل السيطرة على النسبة الأكبر من حجم التجارة، فيما برز هذا الصراع للواجهة بعد الأزمة الخليجية التي اندلعت في 5 يونيو (حزيران) 2017، عندما قررت كل من السعودية، والبحرين، والإمارات، مقاطعة قطر ومحاصراتها اقتصاديًا، وهو الأمر الذي أشعل المنافسة بين البلدين سواء على مستوى الموانئ المحلية أو حتى السيطرة وإدارة الموانئ خارج حدود البلدين.
و يعدّ ميناء جبل علي أكبر ميناء بحري في منطقة الشرق الأوسط، ويتميَّز بموقعه الاستراتيجي في دبي، وهو أهم ميناء بشركة موانئ دبي العالمية التي تضمّ أكثر من 78 ميناء ومحطة بحرية تتوزع على قارّات العالم الست، كما أن له دورًا محوريًا في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، فبحسب سلطان أحمد بن سليم، الرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية فإنّ ميناء جبل علي والمنطقة الحرَّة التابعة له يساهمان بأكثر من 21% من الناتج المحلي الإجمالي لدبي، ويلعبان دورًا محوريًّا في تنويع اقتصاد الإمارة، وذلك لدوره في استقطاب الشركات العالمية وتسهيل أعمالها، إذ إن الميناء يعتبر ميناءً محوريًا لأكثر من 90 خدمة ملاحية أسبوعية تربط أكثر من 140 ميناء في أنحاء العالم بحسب ما أورده تقرير لموقع " ساسة بوست ".
وظلّ ميناء جبل علي أفضل ميناء بحري في الشرق الأوسط على مدى 20 عامًا متتالية، منذ أن تم افتتاحه في 1979، ويصنف بوصفه عاشر أكبر ميناء للحاويات في العالم، فضلاً عن أنه يضم أكبر حوض من صنع الإنسان في العالم، وتمكن الميناء في عام 2015 من شحن ما يقرب من 15.6 مليون حاوية ليحتل المركز التاسع عالميًا، وكان له فضل كبير في أن أصبحت دبي مركزًا عالميًا للتجارة والمال والسياحة، من خلال استقبالها لملايين السائحين ورجال الأعمال من جميع أنحاء العالم سنويًا.
وعلى مدار السنوات الماضية تمكنت الإمارات من خلال ميناء جبل علي التربُّع على عرش خدمات الموانئ والتجارة البحرية في المنطقة العربية، حيث كان الميناء يخدم أسواقًا بها أكثر من ملياري شخص، ولكن مؤخرًا لم تعد الإمارات اللاعب الوحيد في هذا القطاع بالمنطقة، إذ وجدت الدوحة نفسها تمتلك مقوِّمات تستطيع من خلالها أن تكون منافسًا قويًّا لدبي.
ففي قطر و في سبتمبر (أيلول) الماضي افتتح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ميناء حمد، وهو أحد أكبر وأحدث موانئ المنطقة، وتأمل قطر أن يستحوذ على أكثر من ثلث تجارة الشرق الأوسط، إذ تعمل الدوحة على إنشاء منطقة اقتصادية بجوار الميناء في إطار سعي البلاد لزيادة صادراتها غير النفطية وإنشاء صناعات تحويلية، ومن المقرر أن تتم المرحلة الثانية من إنشاء الميناء بين عامي 2020 و2021.
والميناء يمتد على مساحة 28.5 كيلومترًا مربعًا، وبتكلفة إجمالية تقدر بنحو 7.4 مليارات دولار، ويبلغ طوله أربعة كيلومترات، بعرض 700 متر، وبعمق يصل إلى 17 مترًا، بحيث يكون قادرًا على استقبال أكبر السفن في العالم، كما يضم مشروعًا لتخزين السلع الغذائية ليوفر مخزونًا استراتيجيًّا يكفي 3 ملايين نسمة لمدة عامين، وجاء افتتاح الميناء قبل ستة أشهر من الموعد المقرر، وذلك في خطوةٍ سريعة من الدوحة لمواجهة مقاطعة جيرانها، إذ دشنت قطر عدة خطوط ملاحية جديدة مع دول عدة، وذلك لتوفير بدائل للاستيراد بعد غلق المنفذ البري الوحيد لقطر مع السعودية.
وبالرغم من ضخامة المشروع القطري لكن مهمة منافسة ميناء جبل علي في دبي، ليست سهلة، فبالنظر إلى الطاقة الاستيعابية لميناء حمد الدولي نجد أنها ستصل إلى 7.5 مليون حاوية سنويًا، بعد الانتهاء من المرحلة الثانية، بينما ميناء جبل علي في دبي قدرته الاستيعابية قد تصل إلى 22 مليون حاوية سنويًا، لكن في ظل الأزمة الخليجية الحالية، تبقى جميع الاحتمالات مفتوحة، إذ يتمتع ميناء حمد بأنظمة وتكنولوجيات عالمية، وهو ما يعزز من قدرته اللوجستية، كما لم يمر سوى أشهر على افتتاحه.
ومن ناحية أخرى نجح ميناء حمد، بمطلع مايو (أيار) الماضي، في تدشين خط بحري مباشر لتحالف (Ocean Alliance) المصنف باعتباره أكبر تحالف بحري في العالم، والذي يضم تحت مظلته خمس شركات من أكبر الشركات العاملة في مجال الشحن والنقل البحري بأسطول يزيد على 350 سفينة وقدرة استعابية تتجاوز 3.5 مليون حاوية نمطية، إذ سيقلص الميناء الفترة الزمنية التي تستغرقها الشحنات من الموانئ التي يخدمها تحالف (Ocean Alliance) من 30 يومًا إلى 14 يومًا فقط، والذي يؤمن 40 مسارًا بحريًا مشتركًا من معظم الموانئ العالمية.
كما أنه مع افتتاح ميناء حمد خسر ميناء جبل علي السوق القطري الذي كان يعتمد على ميناء جبل علي في السابق، فبحسب ما قال وزير المواصلات والاتصالات القطري، جاسم بن سيف السليطي، في سبتمبر (أيلول) الماضي فإنه «ستتم إعادة تصدير منتجات من دولة قطر عبر ميناء حمد إلى قرابة 130 دولة.. كانت في الواقع تُصدر سابقًا عن طريق ميناء جبل علي في دبي».

الصراع على موانئ خارجية

وبعيدًا عن المنافسة الدائرة بين ميناء جبل علي وميناء حمد، على مستوى قطر والإمارات، دخلت الدوحة مؤخرًا في مسار جديد للصراع مع دبي وذلك خارج حدود البلاد، من خلال السيطرة على مواني خارج البلاد وهي سياسة جديدة على الدوحة، ولكنها قديمة في دبي التي تستخدم هذا الأسلوب منذ سنوات سواء في المنطقة أو في عدة مناطق حول العالم.
ويرى المحللون أن اتجاه الدوحة للاستثمار في الموانئ العالمية سواء في المنطقة أو المطلة على المحيط الهندي وبحر العرب ومنافسة موانئ دبي، هي خطوة استباقية، وذلك في إطار الحرب الاقتصادية منذ الأزمة الخليجية الحالية.

وتمتلك الإمارات شركة «موانئ دبي العالمية» وهي ضمن أكبر الشركات العالمية لإدارة الموانئ والخدمات البحرية، إذ تعد رائدًة للتجارة العالمية وتعمل في مجالات الموانئ والمحطات البحرية والبرية والخدمات البحرية واللوجستية والخدمات المساندة، وتضم محفظة أعمال الشركة نحو 78 محطة برية وبحرية عاملة مدعومة بأكثر من 50 نشاطًا ذا صلة في 40 بلدًا عبر قارات العالم الست.
وبحسب الشركة فإن مناولة الحاويات هو النشاط الأساسي لها، إذ تساهم بأكثر من ثلاثة أرباع عائداتها، وفي 2015 قامت «موانئ دبي» بمناولة 61.7 مليون حاوية نمطية (قياس 20 قدمًا)، ومن المتوقّع أن تنمو الطاقة الاستيعابية الإجمالية إلى أكثر من 100 مليون حاوية نمطية بحلول 2020 تماشيًا مع حاجة السوق، وتتوزَّع أنشطة الشركة في مناطق كثيرة في العالم، لكن شهدت سيطرة الشركة على موانئ المنطقة نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي اعتبره البعض محاولات للقضاء على أي تجربة قد تكون منافسًا للمجموعة.
وبحسب، إبراهيم محمد، الأستاذ والخبير الاقتصادي، فإن التوسعات الإماراتية تهدف إلى إبقاء دبي بعيدًا عن منافسة الجيران مركزًا إقليميًّا وعالميًّا للتجارة والسفر ونقل البضائع ومن أجل ذلك تقوم بتحجيم الموانئ التي تدخل في إدارتها، موضحًا أن الإمارات تريد من خلال النفوذ الاقتصادي التأثير على دول الجوار فمن خلال هذه المشروعات الاقتصادية تستطيع الإمارات أن تحمي نفسها.
وفي عام 2008 منح الرئيس المقتول علي عبد الله صالح «موانئ دبي» حق إدارة ميناء عدن، وموانئ أخرى، وذلك مع حق امتياز لـ100 عام قادمة، ولكن بعد الثورة اليمنية وخلع صالح، قرر مجلس إدارة مؤسسة خليج عدن إلغاء اتفاقية تأجير ميناء عدن لشركة موانئ دبي العالمية، معتبرًا أن الإمارات لم تفِ بالاتفاق المبرم لتطوير الميناء إلى أن تهالكت أدواته وتراجع نشاطه، فبعد أن كان الميناء يستوعب 500 ألف حاوية في العام الواحد، وكان من المفترض أن يرتفع استيعابه إلى مليون حاوية خلال مدة محددة، انخفض العدد.
وفي عام 2011 لم يستوعب الميناء سوى 130 ألف حاوية فقط، ورغم انتهاء الاتفاق ما زالت الإمارات تحكم سيطرتها الإجبارية على الميناء، إذ تتولى الإمارات قيادة واجهة التحالف العربي في جنوب وشرق اليمن، وبذلك تحكم السيطرة على عدد من الموانئ والسواحل اليمنية.
ويرى محللون أن هدف سيطرة الإمارات لم يكن تطوير الميناء، ولكن القضاء على أحد أخطر منافسي موانئها، حيث تواصل الإمارات سيطرتها على معظم موانئ اليمن تقريبًا إذ تسيطر على موانئ جنوب اليمن، من المكلا شرقًا وحتى عدن غربًا، إلى الموانئ الغربية للبلاد، فيما تستمر المساعي للسيطرة على مينائي المخا والحُديدة.
وفي فبراير (شباط) الماضي أكدت مصادر يمنية لموقع «عربي 21» على أن الإمارات وضعت يدها على ثلاثة موانئ في محافظة شبوة على البحر العربي (جنوب اليمن)، عبر قوات محلية موالية لها، وهي تعمل بشكل واضح على عرقلة جهود تطوير الموانئ اليمنية، كمشروع ميناء «قنا» التاريخي، فبينما تريد الحكومة اليمينة تحويله لميناء تجاري، والاستفادة الاقتصادية منه، وتعمل الإمارات على إبقاء الميناء منفذًا للتهريب؛ حيث ازدهرت فيه تجارة تهريب الوقود والبشر عبر الميناء اليمني، بعد سيطرة قوات موالية للإمارات عليه، وتعد منطقة «شبوة» من أهم محافظات اليمن الغنية بالنفط، وهي خط الدفاع الأول عن أكبر مشروع اقتصادي أمام الحوثيين، وهو مشروع الغاز وميناء بلحاف النفطي.
كما يمكن القول إن هناك سيطرة شبه كاملة من «موانئ دبي» على الملاحة في الجزائر، فمنذ عام 2009 تولت الشركة رسميًا العمليات في ميناء الجزائر العاصمة والمعروف بميناء الجزائر العالمي، وذلك بعقد امتياز مدته 30 عامًا، وهو الميناء المسؤول عن أكثر من 60% من تجارة البلاد الخارجية.
ولا يتوقَّف عمل «موانئ دبي» في الجزائر على ميناء الجزائر العالمي فقط، بل إن الشركة تولت في نفس العام (2009) إدارة ميناء «جن جن» وهو الميناء الذي يعتبر همزة وصل بين أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، وذلك بعقدٍ مدَّته 30 عامًا، تأمل الجزائر أن يصبح فيها «جن جن» مركزًا إقليميًا لإعادة الشحن في منطقة غرب المتوسط وقطب اقتصادي قد يساهم في تنويع اقتصاد البلاد الذي يعاني أزمة موارد حادة منذ تدهور أسعار النفط.
وفي 9 أغسطس (آب) 2017، وافق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، على إنشاء شركة تنمية رئيسية مشتركة بين الهيئة العامة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس و«موانئ دبي» وذلك لتقوم بتنفيذ مشروعات في منطقة قناة السويس، وهي الشراكة التي تعد نجاحًا كبيرًا للشركة إذ وضعت بذلك قدمًا في أهم ممر مائي بالمنطقة، وأسرع ممر بحري بين قارتي أوروبا وآسيا، إذ تنص الاتفاقية أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تساهم بنسبة 51% وموانئ دبي العالمية بنسبة 49% مع احتفاظها بحق الإدارة، وهو الأمر الذي يعزز سيطرة «موانئ دبي» بالمنطقة.
هذه الشراكة تعدّ استكمالًا لما بدأته «موانئ دبي» في 2008، عندما وقَّعت اتفاقية استحوذت من خلالها على حصة بنسبة 90% من شركة تطوير ميناء السخنة بصفقة تصل قيمتها إلى 670 مليون دولار، وهو الميناء القريب من المدخل الجنوبي لقناة السويس على البحر الأحمر، وهو الموقع الاستراتيجي الذي يجعل الميناء في قلب أكثر طريق تجاري حيوي بين الشرق والغرب، حيث يتعامل مع البضائع العابرة خلال أكثر الممرات المائية التجارية ازدحامًا في العالم، ولكن بالرغم من ذلك لم يشهد هذا الميناء طفرة تذكر وهو ما يثير شكوكًا حول تعمُّد الشركة الإماراتية إضعاف الميناء المصري، ضمن سياسة إضعاف المنافسين التي كثيرًا ما يتم اتهام الشركة بها.
وبالحديث عن قطر، نجد أنها مؤخرًا بدأت في تطوير وبناء والاستثمار في الموانئ المطلة على المحيط الهندي أو الخليج العربي، وذلك بعد الأزمة الخليجية، في تحدٍّ صريح للإمارات التي تفعل الشيء نفسه منذ تأسيس «موانئ دبي»، هذا الدخول القطري قد يغير كثيرًا من ملامح خريطة السيطرة على الموانئ في المنطقة، خاصة أنها تأتي في وقتٍ تواجه فيه دبي كثيرًا من الصعوبات، إذ تلقت الشركة ضرباتٍ متلاحقة، من جيبوتي، ثم الصومال فإندونيسيا.
ولكن يبقى السؤال: لماذا قد تشكِّل هذه الخطوة القطرية تهديدًا للإمارات التي سيطرت في السنوات الماضية على خدمات الشحن البحري وإدارة المواني، أي أنها قادرة على المواجهة؟ في الواقع يأتي التهديد هنا بسبب طموح قطر الكبير ودخولها إلى موانئ قادرة على أن تشكِّل خطرًا كبيرًا على ميناء جبل علي بشكلٍ خاص، وكذلك توقُّف خطط السيطرة الإماراتية على موانئ المنطقة.
وحتى الآن تقتصر أدوات قطر في تحديها للإمارات على أربعة موانئ فقط، ولكن هذه الموانئ تعتبر من العيار الثقيل، فبداية من ميناء «جوادر» الباكستاني ومرورًا بميناء «صحار» في سلطنة عُمان، ووصولًا إلى «بورتسودان» و«سواكن» في السودان، حيث تبدو قطر عازمة على الرد على المقاطعة عن طريق الموانئ، حيث يرى محللون أن قطر أدركت أهمية الموانئ التجارية باعتبارها أهم المتغيرات التي تتحكم في اللعبة إقليميًا سواء من الجانب الاقتصادي أو السياسي.
ومؤخرًا أبدت الدوحة استعدادها للاستثمار بنسبة 15% في تطوير وبناء الممر الباكستاني بميناء جوادر، حيث ينظر إلى مدينة جوادر الباكستانية التي تأوي هذا الميناء بأنها دبي ثانية، إذ تنشئ الميناء على بحر العرب بالقرب من مضيق هرمز، وهو الميناء الذي يعد جزءًا من مشروع «حزام واحد.. طريق واحد» الذي أعلنت عنه الصين في عام 2013، وتكمن أهميته في قربه من الصين، إذ يعتبر أقرب ميناء لإقليم شينجيانج الصناعي وذلك مقارنةً بالموانئ الصينية الواقعة شرق البلاد.
وكان هذا الميناء معطلًا في السابق وذلك منذ عام 1958، إذ كان تحت سيطرة سلطنة عمان حتى ذلك الحين، فيمااستعادته باكستان وظل معطلًا حتى عام 2002، وتعمل قطر على إنجاح هذا المشروع بشتى الطرق، بينما سيكون دور دبي باعتبارها مركزًا تجاريًّا عالميًّا مهددًا بسبب هذا الميناء.
وبعيدًا عن باكستان، برزت العلاقات القطرية – العُمانية منذ الأزمة الخليجية، إذ تم إنشاء تحالف تجاري واقتصادي بين الدوحة ومسقط، بالإضافة إلى العمل على تطوير ميناء صحار في سلطنة عُمان المطل على المحيط الهندي، والذي يعتبر واحدًا من أكثر الموانئ نموًّا في العالم؛ لكونه يقع في وسط طرق التجارة العالمية بين أوروبا وآسيا، كما يوفر الميناء والمنطقة الحرة التابعة له سهولة الوصول إلى دول المنطقة مع تجنُّب التكاليف الإضافية للمرور عبر مضيق هرمز، فيما فاز بجائزة أفضل ميناء لعام 2016، وهو ما يشير إلى أنه يعتبر رقمًا صعبًا أمام الإمارات، في ظل التحالف القطري – العماني.
وبعد أيام من اندلاع الأزمة الخليجية أعلنت الشركة القطرية لإدارة الموانئ «موانئ قطر» عن تدشين خط مباشر يربط ميناء حمد بميناء صحار في سلطنة عُمان، ضمن خدمة «دي إم جي» التابعة لشركة الملاحة القطرية «ملاحة»، وهو الأمر الذي يعزز قدرات الميناء ويزيد من نشاطه في مواجهة موانئ الإمارات.
وفي أحدث حلقات هذا المسلسل وقَّعت السودان وقطر اتفاقًا مبدئيًّا بقيمة 4 مليارات دولار، من أجل التطوير المشترك لميناء سواكن على البحر الأحمر قبالة ساحل السودان، وقد وصفت وسائل الإعلام هذا الاتفاق بالصفعة الكبيرة للإمارات التي تسعى حتى الآن أن تمنحها السودان إدارة ميناء بورتسودان.
وكانت الخرطوم قد كشفت في نهاية 2017 عن اتفاق بينها وبين الدوحة لإنشاء ما وصفته بأكبر ميناء على ساحل البحر الأحمر، وهو ما تم الكشف عنه مؤخرًا، لكن على الصعيد الآخر تسعى أيضًا الدوحة لتطوير ميناء بورتسودان ليصبح أكبر ميناء للحاويات في المنطقة، وذلك في تنافس كبير بينها وبين الإمارات على الميناء، ومع الاتفاق الجديد باتت حظوظ الدوحة أكبر إلى حدٍ ما، إذ ن الحضور القطري في السودان لا يقتصر على الموانئ، حيث تتنوع استثمارات قطر ما بين الجهاز المصرفي والقطاع العقاري والزراعي، بالإضافة إلى أن قطر تقوم بتمويل ترميم آثار سودانية منها أهرامات السودان.
فيما كانت جيبوتي أنهت عقد امتياز مرفأ دوراليه للحاويات مع موانئ دبي العالمية الشهر الماضي مستندة إلى الإخفاق في حل نزاع يرجع إلى عام 2012.

ووصفت موانئ دبي العالمية تلك الخطوة بأنها غير قانونية وقالت إنها بدأت إجراءات أمام محكمة لندن للتحكيم الدولي، والتي برأتها العام الماضي من جميع الاتهامات المتعلقة بسوء إدارة الامتياز.
وفي ليبيا تمتلك ليبيا عدة موانئ على البحر المتوسط مثل، ميناء الخمس ومصراتة وبنغازي وطبرق، وهي مؤهلة إلى أن تتطور إلى موانئ تجارة عبور ضخمة، تنقل من خلالها البضائع العالمية جنوبا إلى أعماق أفريقيا، لتغطية كل الأسواق الأفريقية الواعدة، والذي يقدر الاتحاد الأفريقي حجمها التجاري وقدرتها الاستهلاكية بقرابة الأربعة تريليونات دولار في العام.
كما سعت دولة الإمارات إلى السيطرة الاقتصادية على ميناء جيبوتي وميناء ومطار عصب في إرتيريا، و ميناء بربرة في جمهورية أرض الصومال المنفصلة عن دولة الصومال، بينما تواجه الإمارات منافسة شديدة من تركيا على النفوذ الاقتصادي في دولة الصومال التي تملك أطول شاطئ على البحر الأحمر.

رابط الموضوع: http://www.emasc-uae.com/news/view/12021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق