الاثنين، 25 مايو 2020

مصر رسالة دكتوراة خطيرة ترصد الواقع من داخل المحاكم:٤١% من المتقاضين لا يثقون فى أحكام القضاء


 و٥٩ % يقبلون خصخصة بعض خدمات الجهاز القضائى

نشوى الحوفى ١١/ ٣/ ٢٠١٠



قد يرى البعض أنه من الرفاهية الحديث عن تجديد دورات المياه فى قاعات المحاكم المصرية، بينما عجلة العدالة تسير فى بطء أو يشوب أحكامها الجدل.

وقد يظن البعض أنه من غير المناسب الحديث عن أماكن انتظار لائقة للمتقاضين والمحامين ورواد المحكمة، بينما القضاة يعانون من ضغط القضايا عليهم وقلة الإمكانيات المتاحة لهم، إلا أن تجارب الواقع فى كل بلاد العالم تؤكد أن آدمية البشر وتحقيق العدل بينهم يبدآن من تفاصيل صغيرة من بينها تلك الأمور.

ومن هنا تأتى أهمية رسالة الدكتوراه التى تناقش (أثر الإصلاح المؤسسى والتنظيمى على كفاءة الخدمات العامة المقدمة للجمهور فى الجهاز القضائى)، والتى تناقشها بعد غد السبت الباحثة بالجامعة الأمريكية صفاء يوسف صدقى، فى أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، والتى قامت بعمل لقاءات مع ٦٩ مواطناً من أصحاب القضايا و٤١ موظفاً من العاملين فى المحاكم و٤٥ قاضياً من أربع محاكم بالقاهرة الكبرى، لتخرج بالعديد من النتائج أهمها أن الإصلاح الإدارى فى جهاز القضاء المصرى أمر لازم وضرورى لتحقيق العدالة، وليس من الكماليات.

العثور على حجرة نظيفة ومؤثثة بشكل تنظيمى لائق لحفظ الملفات وأوراق القضايا ليس من الرفاهية، كما أن أرشفة القضايا القديمة على أقراص مدمجة لتسهيل الرجوع إليها كلما تطلب الأمر، ليست بالأمر الغريب أو المستحدث، ولكنها تضمن للقاضى فرصة العثور على مستنداته، وسرعة البت فى القضايا المطروحة أمامه، كما يضمن لذاكرة القضاء أن تعيش للأبد بعيداً عن أيدى العابثين أو عوامل الإهمال.

يكفى أن نعلم أن السفارة الأمريكية كانت قد ذكرت فى تقرير لها حول مناخ الاستثمار فى مصر، أن نزاعاً تجارياً بين إحدى الشركات الأمريكية والحكومة المصرية استمر لمدة ١٥ عاما منذ عام ١٩٨٠. فإذا كان هذا الأمر قد حدث مع شركة تتمتع بحماية دولية فما بالنا بالمواطنين العاديين الذين بات بطء إجراءات التقاضى وتأجيلها لأسباب واهية، يضيع حقوقهم ويشعرهم أنهم لن يستطيعوا استرداد تلك الحقوق من دون التعامل معها بأنفسهم.

كل هذا يحدث على الرغم من عراقة القضاء فى مصر التى عرفته منذ عهد الفراعنة وطورته عبر عصورها المتعاقبة، وجعلت من سلطته القضائية سلطة مستقلة منذ العام ١٩٢٣ عند وضع دستور ذلك العام. وزادت عليه بإنشاء محكمة النقض عام ١٩٣١، ثم مجلس الدولة عام ١٩٤٦ وإلغاء القضاء الشرعى والمجالس الحسبية. وتعددت جهات القضاء وتم إنشاء المحكمة العليا عام ١٩٦٩ والتى أصبحت بعد ذلك المحكمة الدستورية العليا.

الحديث عن مشاكل التنظيم الإدارى فى جهاز القضاء المصرى لم ينبع من قبل المواطنين وحسب، الذين يعانون فى قضاء مصالحهم، ولكنه نبع أيضاً من خلال العاملين سواء كانوا من الموظفين الإداريين أو القضاة أنفسهم، فالجميع يطالب بضرورة التنظيم ولكن لا شىء يحدث.

البداية مع المواطنين الذين تعددت شكاواهم من هذا الجهاز العريق حتى إن ٦١% منهم يرون أنه ليست هناك قاعات للمتقاضين فى المحاكم يجلسون فيها بدلاً من الجلوس على الأرض أو الاستناد على الحائط، وهو ما تعبر عنه عبارة قالها أحد المواطنين فى الرسالة بالقول: «ده أسوأ مكان» أو «أنا ممكن أقف لمدة ٤-٥ ساعات». تلك الوقفة ترتبط لدى ٥٢% من المواطنين الذين شملتهم الدراسة، بعدم مناسبة مواعيد المحاكم أو عدم وجود قواعد للوقت يلتزم بها القضاة.

وهو ما يعبر عنه قول أحدهم: «اليوم كله يضيع.. قاعد هنا من الساعة ٨ للساعة ١٢ والقاضى لسه ما جاش، ويا ريت القاضى يسمعك عشان يحس بيك»، ومن إحساس القاضى والاستماع لك تأتى الشكوى الثالثة الخاصة برسوم التقاضى التى يرى ٦٣% من المواطنين انها مرتفعة، وأكد ٦٩% منهم أنها لا تناسب المواطن البسيط وتجعل القضاء وسيلة لاستخلاص الحقوق فقط لدى القادرين مادياً.

ففى قاعات المحاكم كثيراً ما نسمع شكاوى سيدات ورجال يؤكدون لك أنهم قد باعوا أثاث بيتهم أو قطع مصاغهم الذهبية من أجل سداد الرسوم القضائية المقررة. وتلخص جملة أحد المتقاضين الأمر بالقول: «ما أظنش الفقير يأتى هنا، ممكن يضيع حقه».

هل تصدق أن تحبس وتقضى فى السجن ثلاثة أشهر بسبب عجزك عن سداد كفالة لا تتجاوز قيمتها ١٠٠ جنيه؟ حدث هذا لمواطن قابلته الباحثة فى المحكمة، هذا غير قصة التلاعب فى قيمة الكفالة، التى ذكرتها رواية أحدهم، من قبل سكرتير المحكمة الذى له هو الآخر شأن كبير داخل جهاز القضاء. وتبقى مشكلة العامة الذين يعرفون أن ما تأخذه الحكومة باليمين لا يمكن أن ترده باليسار.

فالكفالة لا يمكن أن ترجع مهما كان الحكم النهائى. لا تتوقف شكاوى المواطنين عند هذا الحد ولكنها تمتد لأسلوب تعامل العاملين معهم، ليؤكد ٦٣% منهم أنهم يلقون معاملة سيئة من موظفى المحكمة وبخاصة سكرتير الجلسة. وتسمع من المواطنين عبارات من عينة: «تديله عشان يخلصك» أو «كل حاجة بالفلوس» أو«العساكر ما رضيوش يدخلونى وأنا صاحب الدعوى إلا بعد ما أدفع» أو «العساكر والأمناء والموظفين على طول بيتخانقوا معانا، ويقولوا امشوا أو غوروا من هنا ويطردونا».

تتعجب أى بيت للعدالة ذلك الذى يُطرد رواده الباحثون عن العدل ليكونوا كالمستجير من الرمضاء بالنار؟ وكيف يقبل قضاة مصر نظاما إداريا كهذا يجبر المضطر على التعامل معه لكراهية العدل إن جاء بهذا الشكل، هذا إن جاء فى النهاية؟ وإذا كان التعامل البشرى مفقودا داخل قاعات جهاز القضاء، فإنه من البديهى أن تجد صعوبة فى تسيير إجراءات قضاياك.

فهناك، وحسب ما قاله المواطنون، لا أحد يعطيك إجابة شافية عن سؤال لك، أو يدلك على ما يجب عليك فعله إلا إذا دفعت، وحتى لو فعلت يسير الأمر بمنطق: «حسنة وأنا سيدك» بمعنى أن الموظف يواصل حالة التعالى عليك من منطلق أنك لن تجد غيره لإنهاء المصلحة.

كما أن كبير المكان لن ينصفك لأنه فى الغالب لا يسمعك. وهو ما يعبر عنه قول أحد المواطنين: «حاولت فى مرة أكلم القاضى، فلم يرد، وعندما حاول المحامى أن يتكلم معه، شخط فيه وقال له: خلاص يا أستاذ.. بعدها طلب من الحاجب أن ينده على القضية اللى بعدها». قد نقدر ما يعانيه القضاة من متاعب وضغوط فى العمل، ولكن بأى ضمير ينام وقد حكم فى دعوى لم يحسن الإنصات لأحد أطرافها؟

ويتحول الحديث إلى بطء إجراءات التقاضى وما يشوبها من روتين يقتل الأمل فى وصول الدعوى لنهايتها. وهو ما أكده ٨١ % من المواطنين، وعبر عنه قول أحدهم: «موالهم طويل قوى» أو«لو فيه شاهد مش موجود يؤجل القاضى الدعوى ٣ شهور.. ليه هو الشاهد حييجى بعد ٣ شهور». وتسمع من أفواه المواطنين العجب العُجاب فى تلك الدراسة فيما يتعلق بالتزام المحكمة بقواعد العمل.

سواء فيما يتعلق بحضور القضاة وانصرافهم، أو فيما يتعلق بنقل الاسم إلى جلسة أخرى من دون إعلان صاحب الدعوى وعليه أن يلف ويدور حتى يعثر على نفسه فى أى قاعة صار. وقد أكد ٣٣% من المواطنين أن جلساتهم تم إلغاؤها فجأة، بينما ذكر ٣٦% منهم أن تأجيل الدعوى تكرر بسبب غياب القاضى، بينما ذكرت نسبة ٣١% أنه تم نقل الاسم من جلسة إلى أخرى.

ولذا كان من الطبيعى أن يؤكد ٧٤% من المواطنين المشتركين فى تلك الدراسة أنهم لا يرون أى إيجابيات فى قاعات المحاكم التى يرتادونها. يقول أحدهم: «أى دولة متأخرة بالنسبة للخدمات والاهتمام بالمواطن أحسن من هنا».

أتذكر هنا قاعة محكمة دريسدن التى تمت فيها محاكمة قاتل الصيدلانية المصرية مروة الشربينى، وكيف كان كل شىء يسير وفقاً لقواعد ونظام يمنحك الإحساس بأن الأمور ستسير على ما يرام، على عكس ما نجده فى محاكمنا المصرية من فوضى وانعدام نظافة وغياب أسلوب آدمى للتعامل، حيث يؤكد أن ٤١% من المواطنين المشاركين فى الدراسة عدم ثقتهم فى القضاء المصرى، وهى طامة كبرى حتى لو كانت مجرد رأى.

«لا مانع من خصخصة بعض خدمات الجهاز القضائى وإسناد بعضها للقطاع الخاص» هكذا عبر نحو ٥٩% من المواطنين لتخفيف معاناتهم فى بعض الأمور مثل إعلان المعلومات الخاصة بالجلسات ووجود مترجمين ودور المحضرين الذين يرى ٩٠% من المبحوثين أنهم من الأمور التى تؤخر انعقاد الجلسات. بينما رفض ٧٧ % منهم فكرة الخصخصة فيما يتعلق بالجهات المعاونة للقضاء مثل الطب الشرعى والخبراء.

تقرأ فى الدراسة عبارة تؤكد مدى الفارق بيننا فى مصر وبين العالم المتقدم فيما نقدمه من خدمات. ففى الخارج يعتبرون الإصلاح المؤسسى ضرورة لرفع كفاءة الأداء وتحسين الخدمة العامة. لأن الاعتقاد العلمى يؤمن بأن جودة الخدمة تعكس إلى أى مدى تتفق مع الأهداف التى من أجلها تم تقديم هذه الخدمة وتتفق كذلك مع حاجات ومتطلبات مستخدمى الخدمات. ومن المعروف أن المؤسسات فى القطاع الحكومى الخدمى تهدف لتحقيق هدفين، أولهما التغطية الكاملة للخدمة، والثانى هو استعادة تكلفة هذه الخدمة. ولتحقيق العدالة، يجب علينا الاهتمام بالتغطية الكاملة للخدمة والاستجابة للمواطنين.

وترى الباحثة أنه لا سبيل لتحقيق ذلك إلا من خلال عملية تطوير شاملة فى جهاز العدالة والأجهزة المعاونة له. ويتم ذلك عن طريق تغيير سلوك الجهاز القضائى، وتغيير علاقته مع البيئة المحيطة بها، وتغيير قواعد عمله التى تحكم سلوك الأفراد والعلاقات بينهم. وهى أمور لا يمكن تحقيقها إلا من خلال وجود الرغبة الحقيقية فى التطوير لدى الحكومة واعترافها بضرورة إحداث هذا التطوير من أجل خفض المهدر من المال والوقت والآدمية.

وكذلك تحقيق الاستقلالية التامة للجهاز القضائى سواء فى القواعد الإدارية أو المالية التى تحكمه حتى يكون بعيداً عن أسلوب الإدارة الحكومية المتسم بالجمود. مع اتباع جميع النظم التكنولوجية الحديثة فى الأرشفة والإدارة.

فى تساؤلات الباحثة جزء خاص بالقضاة تحدثوا فيها هم الآخرون عن مشاكلهم، ومن بينها الاختناق القضائى حيث ذكر ٩٣ % منهم ظاهرة تراكم الدعاوى الناتجة عن نقص عدد القضاة بالنسبة للمطروح أمامهم من قضايا. حيث أكدوا أنهم يقضون ٧٠% من أوقاتهم فى العمل.

وقد قال أحدهم: «عدد القضايا المؤجلة عندى بلغ ١٤٨٧ قضية، أنا بأروح بيتنا فى المغرب، وبأشتغل هناك برده». من بين شكاوى القضاة أيضا عدم ملاءمة أماكن العمل بالنسبة للقضاة، وهو ما أكده ٩١ % من القضاة، حتى إن أحدهم أوصى بنسف مجمع الجلاء لأنه غير آدمى. هنا لابد أن نتوقف قليلاً لننصف القضاة، فمن غير الطبيعى أن تقضى بالعدل بين الناس وأنت منه محروم.

فمن الأمور التى تؤثر فى حياة القاضى من الناحية المادية والمعنوية مكان العمل والنقل والندب والإعارة لان القاضى يهتم بالمكان الذى يعمل به والذى يجمعه بأسرته، كما يهتم القاضى بالمكان الذى سيعمل به مستقبلا والذى يؤثر على استقراره العائلى.

كما أن قواعد الندب أو الإعارة وما يترتب عليها من مميزات مادية ومعنوية والبعد عن العمل القضائى كلها أمور تشغل بال القاضى وتدعو القضاة إلى المطالبة بوضع قواعد منضبطة وعامة تجعل كل قاض يعرف موقفه تماما دون اللجوء إلى وساطة أو التقرب ممن بيده الأمر. ولعله أمر سعى القضاة لتداركه فى مشروع تعديل قانون السلطة القضائية والذى أعده نادى القضاة.

لا يمكن تحقيق كل هذه الأمور فى الجهاز القضائى إلا بوجود ميزانية، تحددها وزارة المالية وهو ما يجعل السلطة القضائية، ورغم نص الدستور على استقلاليتها، غير مستقلة بشكل كامل.

لأن وزارة المالية تملك كل مقدرات القضاة والمتحكمة فى كل شؤونهم المالية، كما أن المجلس الأعلى للهيئات القضائية الذى يرأسه وزير العدل، هو من يحدد ميزانيات الهيئات القضائية وهو ما يعنى تحكم السلطة التنفيذية فى موازنة الجهاز القضائى.

أمر آخر لا يضمن الاستقلال للسلطة القضائية وهو تعيين وترقيات العاملين بالمحاكم، الإشراف على الجهات المعاونة للقضاء. ليس هذا وحسب ولكن أقر نسبة من القضاة ،٤٠%، بتدخل العوامل السياسية فى الحياة المهنية ونسبية استقلال القضاء، وهو ما أرجعوه لتدخل وزارة العدل.

وقال أحدهم: «أنا النهارده فى محكمة شمال القاهرة، بكره ممكن أتنقل بره القاهرة بقرار من الوزير»، و«القضاة كانوا أكثر استقلالاً عام ١٩٨٣ من الآن، كل شيء بات فى يد الوزير». وهكذا بات للسلطة التنفيذية عبر وزارتى العدل والمالية القدرة على التحكم فى القضاة واستقلاليتهم.

وهو ما اعتبره القضاة أنفسهم نوعا من الاعتداء على حقوقهم. يقولون: «السلطة التنفيذية لا ترغب فى تحقيق الإصلاح القضائى لأن وجود قضاء مستقل ضد مصلحتها ووجود مجلس شعب قوى ضد مصلحتها لأن معنى ذلك أن تنفرد بالسلطة ولا تبقى بجوارها أى سلطات أخرى.

لا ينكر ٨٤% من القضاة تعقد وطول الإجراءات القضائية، مبررين إياها بعدد من الأسباب من بينها تلاعب الخصوم بسبب عدد من الأسباب كالطعن بالتزوير أو تغيير المحامى أو طلب رد الهيئة، هذا غير قلة عدد القضاة الذين أكد ٧٨% منهم على وجودها، إلى الحد الذى يؤثر على سير العدالة ذاتها طبقاً لتعبيراتهم.

ومنها: «ما سمعتش الدفاع»، «قلت للمواطن يا كابتن حتاكل دماغنا»، «لو كل واحد أو قضية أخدت دقيقة فى ٥٠٠ قضية، يعنى محتاج ٩ ساعات أسمع فيها فقط. أكتب قراراتى إزاى؟» نعم كيف نطلب من قاض ينظر فى ٥٠٠ قضية فى اليوم أن يسمع لأطراف قضيته؟

«باب النجار مخلع» مثل تتذكره وأنت تستمع لشكاوى القضاة التى لا تنتهى. ومن بينها مشكلة التضخم التشريعى وتعدد القوانين فى الفرع الواحد إلى الحد الذى باتت تسبب معه تخبطا فيما بينها. حتى إن القضاة لا يعلمون بها إلا بعد إحضار القوانين الجديدة من مجلس الشعب أو المطبعة الأميرية، مؤكدين أن ثلاثة أرباع القوانين لا يعرفونها ويقولون: «المفروض القاضى يكون على علم بها فور صدورها، لقد صدر فى السنوات الأربع الأخيرة ١٤٠٠ قانون لم يراجع منها فى القسم التشريعى سوى ٣٠٠ قانون والباقى صدر من غير مراجعة».

ويرد القضاة على شكوى٩٠% من المواطنين يؤكدون على مشكلة عدم تنفيذ الأحكام بالقول: «طالبنا بشرطة قضائية، وأخطر حاجة أن الحكومة لا تحترم القانون ولا تهتم بالأحكام القضائية، لا يوجد امتناع فى تنفيذ القانون ولكن هناك إهمالاً فى تنفيذه».

الموظفون هم الآخرون يتكلمون عارضين رؤيتهم رغم جميع الانتقادات التى وجهها لهم المواطنون، فلم يؤكد على حدوث التطويرات فى المنظومة القضائية التى أدت لتيسير العمل، سوى ٣٨% منهم، ذاكرين وجود الحاسب الآلى وتوافر التدريبات للبعض للتعرف على كيفية استخدامه، وإنشاء بعض الإدارات فى بعض المحاكم مثل الإدارة الجنائية. بينما ذكر ٦٢% عدم وجود أى تطويرات ومن أمثلة أقوالهم: «ما فيش أى حاجة خالص حصلت»، «جابوا كراسى- لما اتعينا كنا واقفين»، « لأ ما فيش تطويرات»، «عندنا دفاتر من ٩٥- ٩٩»، «بنشتغل بالورقة والقلم».

وعند سؤال المبحوثين عما إذا كانت هناك أى تغييرات خاصة بتصميم الوظيفة وهيكل المحكمة، ذكر ٣١% وجود تغيير فى تصميم الوظيفة وأجاب ٦٩% بعدم وجود أى تغييرات. وفيما يتعلق بالهيكل التنظيمى، أجاب ٥١% بوجود تعديلات فى الهيكل التنظيمى مثل فصل النيابة العامة عن المحكمة أو إنشاء بعض الإدارات الجديدة مثل الإدارة الجنائية، أما الـ٤٩% فذكروا عدم وجود أى تعديلات سواء فى تصميم الوظيفة وتوصيفها أو فى الهيكل التنظيمى. أما فيما يتعلق بالمشاكل التى تؤثر على بطء الإجراءات، فقد ذكر ٧٦% من الموظفين الذين شملتهم الدراسة ظاهرة كثرة اللوائح والتى تؤدى إلى تعقد الإجراءات.

وعلى الرغم من اختصاص كل موظف بعمله فإن ٧٠% من المبحوثين يرون أن العمل جماعى يعتمد على فريق العمل فى النهاية. كما أرجع ٤٠% من المبحوثين سبب التأخير فى إنهاء الإجراءات لوجود مشاكل إدارية خاصة بالتنظيم وتضارب الاختصاصات والتى تعانى الإدارة منها وتؤثر على عدم انسياب العمل بسهولة ويسر. إلى جانب ذكر ٥٠% من الموظفين وجود فجوة بين الموظفين والقيادات فى أعلى الهيكل التنظيمى، وأن ٨٥% من المبحوثين ذكروا عدم تفويض الرئيس المباشر للموظفين فى سلطة العمل.

لم ينس الموظفون ذكر مشاكل المكان وسوء نظافته وعدم وجود أثاث مناسب للجلوس عليه، مؤكدين أنه كان هناك شركة نظافة تتولى تنظيف المكاتب فى المحاكم إلا أن الوزير الحالى ألغى التعاقد معها مما اضطرهم للإنفاق على نظافة مكاتبهم بأنفسهم.

هذا مع عدم وجود أماكن مناسبة لحفظ الأوراق والملفات ولذا يسهل ضياعها أو سرقتها. ويتساءل الموظفون ونحن معهم كيف يستطيعون الإلمام بمستندات وأوراق ٢٠٠ قضية تشملها الجلسة الواحدة؟ وهو أمر يمكن التغلب عليه بأمرين الارتقاء بمستوى مهارات الموظف ومنحه راتباً مناسباً للعمل، وميكنة العمل فى ذلك الجهاز المميز الذى يفتقر حتى لماكينات التصوير.

لعل هذه الدراسة تكون صرخة تحذير لإنقاذ جهاز يرى البعض أنه حائط الصد الأخير فى مجتمع يتهاوى فيه الكثير من الحوائط الحامية لمواطنيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق