الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذا بحث مفيد للشيخ / عبدالرحمن بن معاضة الشهري وفقه الله ، حرره الشيخ – كعادته – بما يسر الناظرين ، والداعي إلى إبرازه هنا مع أنه مأخوذ من هذا الملتقى أمران :
1. أنه جاء بين ثنايا الردود على موضوع لأحد الإخوة ، وسرعان ماتزحلق عن الصفحة الرئيسة .
2. أنه كتب قبل ثلاثة أسابيع أو أربعة فيما أظن ، وذلك الوقت كان المنتدى يعاني من فترة البيات الصيفي ، أما وقد عادت الطيور إلى أوكارها ، وألقى الناس عنهم عصى الترحال ، فكان من المناسب أن يعاد نشره في موضوع مستقل .
يقول جزاه الله خيرا :
موضوع النسخ من موضوعات علوم القرآن الكريم التي كتبت فيها مؤلفات كثيرة جداً في القديم والحديث ، لأهميتها ، ولما يترتب على معرفتها من الفهم الصحيح لكلام الله وخطابه.
وأفضل من كتب في موضوع النسخ في القرآن الكريم من المتقدمين أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224هـ في كتابه (الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن) وقد حققه محمد بن صالح المديفر.
وأفضل من كتب في النسخ في القرآن من المتأخرين الدكتور مصطفى زيد رحمه الله في كتابه (النسخ في القرآن الكريم).
وقد كتب الدكتور عبدالله بن محمد الأمين الشنقيطي وفقه الله كتاباً في الآيات المنسوخة في القرآن الكريم عنوانه (الآيات المنسوخة في القرآن الكريم) وطبعته مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة ذكر فيه أن ما ثبت عنده نسخه من الآيات تسع آيات فقط ، دخلها نسخ في سبعة موضوعات ، ولم يجد آية اتفق العلماء على نسخها غير آية تقديم الصدقة لأجل النجوى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما غيرها من الآيات ففيها خلاف.
وبهذا يتبين أن الآيات المنسوخة في القرآن الكريم - أخي الكريم- قليلة جداً في القرآن الكريم. وليست كما يصورها بعض من كتب في النسخ في القرآن أنها بالمئات. والسبب في الخلاف في النسخ والآيات المنسوخة عدم الاتفاق على مدلول النسخ بين المؤلفين في الناسخ والمنسوخ ، وقد اشار إلى ذلك جملة من المؤلفين في الناسخ والمنسوخ ، ومن أبرز من أشار إلى ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات.
والمتأمل في كتب الناسخ والمنسوخ يجدها بين إفراط وتفريط ، فكثير منهم عدَّ من النسخ ما ليس بنسخ كالتقييد والتخصيص والإجمال ، فلذلك جعلوا آية السيف بمفردها ناسخة لأكثر من مائة آية. وهناك قلة من العلماء منعوا القول بالنسخ في القرآن الكريم وأغلبهم من المعاصرين ، وما ذكر عن منع أبي مسلم الأصفهاني القول بالنسخ تبين أنه خلاف لفظي ، وأن التحقيق أنه لم ينكر القول بالنسخ ، وإنما يراه من باب تخصيص الأزمان.
وهناك عدد من العلماء توسطوا وقبلوا النسخ بشروطه ، وميزوا بينه وبين غيره من أساليب الخطاب وعلى رأس هؤلاء الإمام الشافعي رحمه الله تعالى. ومن العلماء الذين تميزوا في هذا الباب الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره حيث حرر مسائل النسخ وآياته تحريراً بالغاً ، وهو عمدة وحجة في هذا الباب.
كما كان الإمام ابن عبدالبر من أبرز العلماء الذين حرروا مسائل النسخ ومواضعه ، وله في ذلك عبارات بليغة .
ومن المُسلَّم به أن كون الآية ناسخةً أو منسوخةً أمرٌ توقيفي لا يعلم إلا من طريق الشارع ، فالذي شرع هو الذي يملك النسخ ورفع الحكم الذي أنزله ، وهذه المسألة ينبغي أن تتقرر لدينا تماماً.
وكذلك لابد من التعارض بين النصين في الظاهر ، أي أنه لا بد أن يكون الناسخ متضاداً مع المنسوخ.
وقد تعددت دعاوى النسخ في الكتب التي تعرضت لمسائل النسخ ، وقد رتبها الدكتور عبدالله الشنقيطي وفقه الله على النحو التالي مبتدأً بأكثرها :
1. الدكتور مصطفى زيد ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (293) آية.
2. ابن الجوزي رحمه الله ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (247) آية.
3. السكري ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (218) آية.
4. ابن حزم ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (214) آية.
5. ابن سلامة ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (213) آية.
6. الأجهوري ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (213) آية.
7. ابن بركات ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (210) آية.
8. مكي بن أبي طالب ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (200) آية.
9. النحاس ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (134) آية.
10. عبدالقاهر ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (66) آية.
11. محمد عبدالعظيم الزرقاني / عدد الآيات المدعى عليها النسخ (22) آية.
12. السيوطي ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (20) آية.
13. الدهلوي ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (5) آية.
فهذه هي جملة الدعاوى ، مع التنبه إلى أن كل من هؤلاء المؤلفين رحمهم الله لا يقبل هذه الدعاوى ، بل كثير منهم يذكرها ويفندها.
فالدكتور مصطفى زيد رحمه الله هو أكثر من تعرض لقضايا النسخ وناقشها ، وقد قرر في النهاية أنها لا تزيد عن ست آيات ، علماً بأنه عند البحث أتى بـ(293) آية قيل بنسخها.
وكذلك العلامة ابن الجوزي رحمه الله عند مناقشة القضية جاء بـ(247) آية ، ولكن بعد البحث قبل منها (22) آية فقط ، ورد النسخ في (205) آيات ، وقال : إن الصحيح أنها محكمة ، وتوقف في الباقي وهو (20) آية ، لم يبين فيها حكماً ولم يصرح بالنسخ إلا في سبعة مواضع فقط.
أما الزرقاني – رحمه الله – فقد تعرض لـ(22) واقعة قبل النسخ في (12) منها.
وأقل من قبل النسخ الإمام الدهلوي رحمه الله حيث قبله في خمس آيات فقط ، وهي آية الوصية في النساء ، وآية المصابرة الواحد للعشرة في الأنفال ، وآية الأحزاب :(لا يحل لك النساء من بعد) ، وآية المجادلة :(إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) وآية المزمل :(قم الليل إلا قليلاً) الآية.
أما الآيات التسع التي رجح الدكتور عبدالله الشنقيطي نسخها فهي على التوالي كالتالي :
1. الآية 12 من سورة المجادلة :(يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر).
نسخت هذه الآية بالآية التي بعدها
:(أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات...). وهي الآية الوحيدة التي اتفق العلماء على نسخها وإن اختلفوا في سبب نزولها والناسخ لها ، هل هي الزكاة ، أو الآية التي بعدها ، وهو رفع الوجوب المطلق ، والخلاف لفظي على كل حال.
2. الآية 65 من سورة الأنفال :(يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون).
وهذه الآية منسوخة
بقوله تعالى :(الآن خفف الله عنكم..). وقد فهم الصحابة هذه الآية على أنها ناسخة للتي قبلها ، وصرحوا بالنسخ. وكذلك كبار المفسرين من السلف رحمهم الله صرحوا بكون هذه الآية منسوخة بالآية التي بعدها.
والقول بالنسخ هو الذي يمكن به التخلص من التناقض والإشكال ، وأما بدون القول بالنسخ فلا نتخلص من الإشكال المانع من نسخها لكونها خبراً ، وهو كون الآية ليست خبراً ، وإنما هي أمر جاء في صورة الخبر كما ذكر ابن جرير الطبري وابن حجر العسقلاني رحمهما الله تعالى.
3. الآيات من سورة المزمل :(يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً* نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه...).
نسختها الآية التي في آخر السورة
:(إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه .. الآية).
4. الآيتين (15-16) من سورة النساء :(واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان تواباً رحيما).
والذي نسخ حكم هاتين الآيتين
هو قوله تعالى في سورة النور :(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة..).
وبالآية التي نسخ لفظها وبقي حكمها :(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة).
وبحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم :(خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم).
والإجماع الحاصل على أن هاتين الآيتين منسوختان.
5. الآية (240) من سورة البقرة ، قوله تعالى :(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج).
نسختها الآية المتقدمة عليها في نظم القرآن وهي
قوله تعالى :(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً..).
6. الآية رقم (184) من سورة البقرة :(وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين).
نسختها آية
:(فمن شهد منكم الشهر فليصمه).
7. الآية (67) من سورة النحل :(ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً).
8. الآية رقم (219) من سورة البقرة :(يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما).
9. الآية رقم (43) من سورة النساء :(يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وهذه الآيات الثلاث الأخيرة دخلها نسخ بقوله تعالى في سورة المائدة :(يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون).
هذا خلاصة ما ذكره الدكتور عبدالله الشنقيطي وفقه الله ، ولمعرفة التفاصيل والأدلة والردود والأجوبة عليها ،
لا بد من مراجعة هذا الكتاب وبعض المراجع التي اعتمد عليها في بحثه وفقه الله.
فهذا بحث مفيد للشيخ / عبدالرحمن بن معاضة الشهري وفقه الله ، حرره الشيخ – كعادته – بما يسر الناظرين ، والداعي إلى إبرازه هنا مع أنه مأخوذ من هذا الملتقى أمران :
1. أنه جاء بين ثنايا الردود على موضوع لأحد الإخوة ، وسرعان ماتزحلق عن الصفحة الرئيسة .
2. أنه كتب قبل ثلاثة أسابيع أو أربعة فيما أظن ، وذلك الوقت كان المنتدى يعاني من فترة البيات الصيفي ، أما وقد عادت الطيور إلى أوكارها ، وألقى الناس عنهم عصى الترحال ، فكان من المناسب أن يعاد نشره في موضوع مستقل .
يقول جزاه الله خيرا :
موضوع النسخ من موضوعات علوم القرآن الكريم التي كتبت فيها مؤلفات كثيرة جداً في القديم والحديث ، لأهميتها ، ولما يترتب على معرفتها من الفهم الصحيح لكلام الله وخطابه.
وأفضل من كتب في موضوع النسخ في القرآن الكريم من المتقدمين أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224هـ في كتابه (الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن) وقد حققه محمد بن صالح المديفر.
وأفضل من كتب في النسخ في القرآن من المتأخرين الدكتور مصطفى زيد رحمه الله في كتابه (النسخ في القرآن الكريم).
وقد كتب الدكتور عبدالله بن محمد الأمين الشنقيطي وفقه الله كتاباً في الآيات المنسوخة في القرآن الكريم عنوانه (الآيات المنسوخة في القرآن الكريم) وطبعته مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة ذكر فيه أن ما ثبت عنده نسخه من الآيات تسع آيات فقط ، دخلها نسخ في سبعة موضوعات ، ولم يجد آية اتفق العلماء على نسخها غير آية تقديم الصدقة لأجل النجوى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما غيرها من الآيات ففيها خلاف.
وبهذا يتبين أن الآيات المنسوخة في القرآن الكريم - أخي الكريم- قليلة جداً في القرآن الكريم. وليست كما يصورها بعض من كتب في النسخ في القرآن أنها بالمئات. والسبب في الخلاف في النسخ والآيات المنسوخة عدم الاتفاق على مدلول النسخ بين المؤلفين في الناسخ والمنسوخ ، وقد اشار إلى ذلك جملة من المؤلفين في الناسخ والمنسوخ ، ومن أبرز من أشار إلى ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات.
والمتأمل في كتب الناسخ والمنسوخ يجدها بين إفراط وتفريط ، فكثير منهم عدَّ من النسخ ما ليس بنسخ كالتقييد والتخصيص والإجمال ، فلذلك جعلوا آية السيف بمفردها ناسخة لأكثر من مائة آية. وهناك قلة من العلماء منعوا القول بالنسخ في القرآن الكريم وأغلبهم من المعاصرين ، وما ذكر عن منع أبي مسلم الأصفهاني القول بالنسخ تبين أنه خلاف لفظي ، وأن التحقيق أنه لم ينكر القول بالنسخ ، وإنما يراه من باب تخصيص الأزمان.
وهناك عدد من العلماء توسطوا وقبلوا النسخ بشروطه ، وميزوا بينه وبين غيره من أساليب الخطاب وعلى رأس هؤلاء الإمام الشافعي رحمه الله تعالى. ومن العلماء الذين تميزوا في هذا الباب الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره حيث حرر مسائل النسخ وآياته تحريراً بالغاً ، وهو عمدة وحجة في هذا الباب.
كما كان الإمام ابن عبدالبر من أبرز العلماء الذين حرروا مسائل النسخ ومواضعه ، وله في ذلك عبارات بليغة .
ومن المُسلَّم به أن كون الآية ناسخةً أو منسوخةً أمرٌ توقيفي لا يعلم إلا من طريق الشارع ، فالذي شرع هو الذي يملك النسخ ورفع الحكم الذي أنزله ، وهذه المسألة ينبغي أن تتقرر لدينا تماماً.
وكذلك لابد من التعارض بين النصين في الظاهر ، أي أنه لا بد أن يكون الناسخ متضاداً مع المنسوخ.
وقد تعددت دعاوى النسخ في الكتب التي تعرضت لمسائل النسخ ، وقد رتبها الدكتور عبدالله الشنقيطي وفقه الله على النحو التالي مبتدأً بأكثرها :
1. الدكتور مصطفى زيد ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (293) آية.
2. ابن الجوزي رحمه الله ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (247) آية.
3. السكري ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (218) آية.
4. ابن حزم ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (214) آية.
5. ابن سلامة ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (213) آية.
6. الأجهوري ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (213) آية.
7. ابن بركات ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (210) آية.
8. مكي بن أبي طالب ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (200) آية.
9. النحاس ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (134) آية.
10. عبدالقاهر ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (66) آية.
11. محمد عبدالعظيم الزرقاني / عدد الآيات المدعى عليها النسخ (22) آية.
12. السيوطي ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (20) آية.
13. الدهلوي ، عدد الآيات المدعى عليها النسخ (5) آية.
فهذه هي جملة الدعاوى ، مع التنبه إلى أن كل من هؤلاء المؤلفين رحمهم الله لا يقبل هذه الدعاوى ، بل كثير منهم يذكرها ويفندها.
فالدكتور مصطفى زيد رحمه الله هو أكثر من تعرض لقضايا النسخ وناقشها ، وقد قرر في النهاية أنها لا تزيد عن ست آيات ، علماً بأنه عند البحث أتى بـ(293) آية قيل بنسخها.
وكذلك العلامة ابن الجوزي رحمه الله عند مناقشة القضية جاء بـ(247) آية ، ولكن بعد البحث قبل منها (22) آية فقط ، ورد النسخ في (205) آيات ، وقال : إن الصحيح أنها محكمة ، وتوقف في الباقي وهو (20) آية ، لم يبين فيها حكماً ولم يصرح بالنسخ إلا في سبعة مواضع فقط.
أما الزرقاني – رحمه الله – فقد تعرض لـ(22) واقعة قبل النسخ في (12) منها.
وأقل من قبل النسخ الإمام الدهلوي رحمه الله حيث قبله في خمس آيات فقط ، وهي آية الوصية في النساء ، وآية المصابرة الواحد للعشرة في الأنفال ، وآية الأحزاب :(لا يحل لك النساء من بعد) ، وآية المجادلة :(إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) وآية المزمل :(قم الليل إلا قليلاً) الآية.
أما الآيات التسع التي رجح الدكتور عبدالله الشنقيطي نسخها فهي على التوالي كالتالي :
1. الآية 12 من سورة المجادلة :(يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر).
نسخت هذه الآية بالآية التي بعدها
:(أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات...). وهي الآية الوحيدة التي اتفق العلماء على نسخها وإن اختلفوا في سبب نزولها والناسخ لها ، هل هي الزكاة ، أو الآية التي بعدها ، وهو رفع الوجوب المطلق ، والخلاف لفظي على كل حال.
2. الآية 65 من سورة الأنفال :(يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون).
وهذه الآية منسوخة
بقوله تعالى :(الآن خفف الله عنكم..). وقد فهم الصحابة هذه الآية على أنها ناسخة للتي قبلها ، وصرحوا بالنسخ. وكذلك كبار المفسرين من السلف رحمهم الله صرحوا بكون هذه الآية منسوخة بالآية التي بعدها.
والقول بالنسخ هو الذي يمكن به التخلص من التناقض والإشكال ، وأما بدون القول بالنسخ فلا نتخلص من الإشكال المانع من نسخها لكونها خبراً ، وهو كون الآية ليست خبراً ، وإنما هي أمر جاء في صورة الخبر كما ذكر ابن جرير الطبري وابن حجر العسقلاني رحمهما الله تعالى.
3. الآيات من سورة المزمل :(يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً* نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه...).
نسختها الآية التي في آخر السورة
:(إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه .. الآية).
4. الآيتين (15-16) من سورة النساء :(واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان تواباً رحيما).
والذي نسخ حكم هاتين الآيتين
هو قوله تعالى في سورة النور :(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة..).
وبالآية التي نسخ لفظها وبقي حكمها :(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة).
وبحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم :(خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم).
والإجماع الحاصل على أن هاتين الآيتين منسوختان.
5. الآية (240) من سورة البقرة ، قوله تعالى :(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج).
نسختها الآية المتقدمة عليها في نظم القرآن وهي
قوله تعالى :(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً..).
6. الآية رقم (184) من سورة البقرة :(وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين).
نسختها آية
:(فمن شهد منكم الشهر فليصمه).
7. الآية (67) من سورة النحل :(ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً).
8. الآية رقم (219) من سورة البقرة :(يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما).
9. الآية رقم (43) من سورة النساء :(يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وهذه الآيات الثلاث الأخيرة دخلها نسخ بقوله تعالى في سورة المائدة :(يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون).
هذا خلاصة ما ذكره الدكتور عبدالله الشنقيطي وفقه الله ، ولمعرفة التفاصيل والأدلة والردود والأجوبة عليها ،
لا بد من مراجعة هذا الكتاب وبعض المراجع التي اعتمد عليها في بحثه وفقه الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق