حركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الاصلاحية و محاربة الدولة العثمانية لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الاصلاحية
...نشأت هذه المملكة في قلب الإمبراطورية العثمانية، وناهيك بما كان للإمبراطورية العثمانية، من الحول والطول وقد تصدت بجميع قواها الحربية والدعائية لتحطيم الحركة الدينية الإصلاحية التطهيرية التي أشرق نورها من قلب جزيرة العرب بجوار الحرمين الشريفين اللذين هما شريان الخلافة العثمانية.
لأن أجل ألقاب السلطان العثماني (خادم الحرمين) وزوال هذا اللقب ينذر بزوال الخلافة ثم بزوال الإمبراطورية وهو نتيجة محتومة لزوال الخلافة ولذلك جمع السلطان العثماني كل قواه وعبأ جيشه العظيم تحت قيادة محمد علي باشا وابنه إبراهيم باشا وزحفوا على الإمارة مدح النبي صلى الله عليه وسلم السعودية بعد ما شنوا عليها حملات أقلام مضللة فعبأت الدولة العثمانية أسطولا بحريا وجيوشا برية بأحدث ما في ذلك العصر من الأسلحة من المدافع والبنادق المجهزة بالحراب والسيوف واستمرت الحرب بين الدولة العثمانية بجيوشها المختلفة الألوان واللغات وانضم إليهم لصوص الجزيرة وخرابها بقيادة محمد على باشا ثم ابنه إبراهيم وابنه طوسون من سنة 1226هـ إلى سنة 1233هـ ففتحوا الحجاز ثم نجدا بلدا فبلدا، وقرية فقرية، بل حيا فحيا.
وهذا من خوارق العادات أن إمارة تقاوم دولة عالمية زهاء إحدى عشرة سنة دون أن تتلقى مددا من أي جهة من الجهات وقد شهد المؤرخ المصنف عبد الرحمن الجبرتي المصري أن جيش إبراهيم باشا لم يكونوا يصلون ولا يذكرون الله وكانوا يشربون الخمر حدثه بذلك شاهد عيان وأن جيش الأمير عبد الله بن سعود كانوا محافظين على الصلاة، وفي أوقات الشدة كانوا يصلون صلاة الخوف وهؤلاء الغزاة العثمانيون وإن كانوا قد دوّخوا بلاد الحجاز ونجد وفتكوا بأهلها وخربوا مدينة الدرعية وأخذوا أميرها عبد الله بن سعود مع أصحابه إلى بلادهم وقتلوه شر قتلة فإن الله سبحانه وتعالى جعل العاقبة للمتقين وهو القائل: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} سورة النمل.
ونقلوا رؤساء آل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب إلى مصر الذين لم يقتلوا في المعركة وظنوا أنهم قد قضوا على الحركة الإصلاحية الدينية، والنهضة العربية التحريرية فخاب ظنهم، وكيف كانت عاقبة آل سعود؟ وآل الشيخ محمد بن عبد الوهاب؟ الجواب أن الله بارك فيهم حتى كأنهم لم يرزءوا شيئا ومن قتل منهم فاز بالشهادة وهي إحدى الحسنيين وكيف كانت عاقبة محمد علي باشا وسادته آل عثمان؟ لم يبق منهم ديار ولا نافخ نار وعد الله لا يخلف الله وعده، {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} سورة القصص.
{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} سورة الرعد.
أما الحركة السعودية الدينية والسياسية فصارت أقوى مما كانت عليه، ولم تزل في تقدم واتساع حتى صارت أعظم مملكة في جزيرة العرب وما يليها إلى حدود الشام والعراق.
ولاتزال بحمد الله تزداد نموا وازدهارا وقوة ولاسيما في هذا الزمان الذي منّ الله عليها فيه بملك همام حنكته التجارب وعرف كيف يسير بالمملكة في طريق الرقي وكيف يسير سفينتها بحكمة وبعد نظر وحزم إلى شاطئ السلامة في هذا الخضم المتلاطم الأمواج ألا وهو صاحب الجلالة الملك فيصل بن عبد العزيز زاده الله توفيقا وتسديدا وقوة ونصرا على أعداء الإسلام ووفق جميع ملوك المسلمين ورؤسائهم إلى اتباع رضوانه.
اقتباس من مقال عنوانه الثقافة التي نحتاج اليها
موقع الشيخ محمد تقي الدين الهلالي
من كتاب الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة / الشيخ محمد تقي الدين الهلالي
( ..... المتأخرين من رجال الدولة العثمانية حرضوا شرار العلماء في جميع البلاد الإسلامية على تشويه سمعة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكذبوا عليه، وأوهموا أتباعهم أنه جاء بدين جديد، وأنه يتنقص جانب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ويكفر المسلمين، إلى غير ذلك من الأكاذيب. وقد تبين لأكثر الناس بطلان تلك الدعوى وعلموا علم اليقين أن محمد بن عبد الوهاب من كبار المصلحين الذين فتح الله بدعوتهم عيونا عميا وآذانا صما، وأنه أحيا العمل بكتاب الله وسنة رسوله في جزيرة العرب بعدما كاد يندثر. وإلى الآن لا يزال بعض الغربان ينعقون بسبه كالغراب الذي تقدم ذكره، وذلك لا يضره: إن كانوا مسلمين فإن سبهم له يجعل حسناتهم في صحيفته وإن كانوا مشركين فإن الله يزيدهم عذابا....)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق