من الإنصاف الغربي للإسلام
للمستشرقة الألمانية د. "سيجريد هونكة" (1913 – 1999م) سجل عظيم في فهم الإسلام، والدفاع عنه في وجه الجاهلين به والمعادين له.
ولقد ترجمت إلى العربية كتبها الشهيرة: "شمس الله تسطع على الغرب" و"فضل العرب على أوربا" و"العقيدة والمعرفة" و"الله ليس كمثله شيء" و"قوافل عربية في رحاب القيصر". ولقد حصلت على العديد من الجوائز العالمية - جائزة ووسام الفيلسوف "كانت" عام 1981م، وجائزة الشاعر "شيلر" عام 1985م، ووسام الاستحقاق والتقدير المصري من الطبقة الرفيعة في العلوم والآداب عام 1988م، كما نالت عضوية المجلس الأعلي للشئون الإسلامية بمصر.
وعلى حين خلط غربيون كثيرون - إما جهلا أو سوء نية - بين الجهاد الإسلامي وبين الإرهاب، أو حتى الحرب المقدسة - في المسيحية - التي سعت إلى تغيير العقيدة بالقوة، وعلى حين تسلل هذا الخلط إلى دوائر إسلامية فكان أن حذفت منظمة المؤتمر الإسلامي من بيان قمتها في السنغال عام 1992م كلمة الجهاد! فإن "سيجريد هونكة" قد ميزت بين الجهاد الإسلامي وبين الحرب المقدسة المسيحية، وأبرزت براءة هذا الجهاد الإسلامي من العنف والإكراه والإرهاب، فكتبت تقول: "إن الجهاد الإسلامي ليس هو ما نطلق عليه ببساطة مصطلح الحرب المقدسة. فحقيقة الجهاد أنه كل سعي مبذول وكل اجتهاد مقبول وكل تثبيت للإسلام في أنفسنا، حتى نتمكن في هذه الحياة الدنيا من خوض الصراع اليومي المتجدد أبدا ضد القوى الأمّارة بالسوء، في أنفسنا وفي البيئة المحيطة بنا عالميا، فالجهاد هو المنبع الذي لا ينقص، والذي ينهل منه المسلم مستمد الطاقة التي تؤهله لتحمل مسئوليته، خاضعا لإدارة الله عن وعي ويقين، إن الجهاد بمثابة التأهل اليقظ الدائم للأمة الإسلامية للدفاع بردع القوى المعادية كافة التي تقف في وجه تحقيق ما شرعه الإسلام من نظام إجتماعي إسلامي في ديار الإسلام، هذا هو المعنى الحقيقي للجهاد في الإسلام".
واليوم وبعد إنصرام ألف ومائتي عام لا يزال الغرب النصراني متمسكا بالحكايات المختلقة الخرافية التي كانت الجدات يروينها، حيث زعم مختلقوها أن الجيوش العربية بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم نشرت الإسلام "بالنار وبحد السيف البتار" من الهند إلى المحيط الأطلنطي، ويلح الغرب على ذلك بالسبل كافة بالكلمة المنطوقة أو المكتوبة وبالجرائد والمجلات والكتب والمنشورات وفي الرأي العام بل في أحدث حملات الدعاية ضد الإسلام.
"لا إكراه في الدين" (البقرة 265)، تلك هي كلمة القرآن الملزمة، فلم يكن الهدف أو المغزى للفتوحات العربية نشر الدين الإسلامي وإنما بسط سلطان الله في أرضه، فكان للنصراني أن يظل نصرانيا ولليهودي أن يظل يهوديا كما كانوا من قبل، ولم يمنعهم أحد أن يؤدوا شعائر دينهم، وما كان الإسلام يبيح لأحد أن يفعل ذلك، ولم يكن أحد لينزل أذى أو ضرر بأحبارهم أو قساوسهم ومراجعهم وبيعهم وصلواتهم وكنائسهم، لقد كان أتباع الملل الأخرى هم الذين سعوا سعيا لإعتناق الإسلام، والأخذ بحضارة الفاتحين، ولقد ألحّوا في ذلك شغفا وإفتتانا أكثر مما أحب العرب أنفسهم، فاتخذوا أسماء عربية، وثيابا عربية، وعادات وتقاليد عربية، ولسانا عربيا، وتزوجوا على الطريقة العربية، ونطقوا بالشهادتين. لقد كان الروعة الكامنة في أسلوب الحياة العربية والتمدن العربي والسمو والمروءة والجمال، وباختصار السحر الأصيل الذي تتميز به الحضارة العربية، بغض النظر عن الكرم العربي والتسامح وسماحة النفس.. كانت هذه كلها قوة جذب لا تقاوم.
ولقد شكا من ذلك أسقف قرطبة "القارو" فكتب يقول: "إن كثيرين من أبناء جيلي يتدارسون كتابات المسلمين لا ليدحضوها إنما ليتقنوا العربية، ويتوسلوا حسب التعبير القويم والذوق السليم".
وأين نقع اليوم على النصراني الذي يقرأ التفاسير اللاتينية للإنجيل، بل من ذلك الذي يدرس منهم الأناجيل الأربعة والأنبياء ورسائل الرسل. وامصيبتاه، إن النصاري قد نسوا حتى لغتهم الأم، بينما لا تستطيع إحصاء عدد من يحسن منهم العربية تعبيرا وكتابة وتجويدا، بل إن منهم من يقرضون الشعر بالعربية، حتى لقد حذقوه وبزوا في ذلك العرب أنفسهم لأن سحر أسلوب المعيشة العربي ذلك قد اجتذب إلى فلكه الصليبيين إبان وقت قصير، كما تؤكد شهادة الفارس الفرنسي "فولتير الشارتي": "وها نحن أولئك أبناء الغرب قد صرنا شرقيين". ثم راح يصور احاسيسه وقد تملكه الإعجاب بالسحر الغريب لذلك العالم العجيب بما يعبق به من عطر وألوان تبعث النشوة في الوجدان. ثم يتساءل بعد ذلك مستنكرا: "أفبعد كل هذا ننقلب إلى الغرب الكئيب، بعدما أفاء الله علينا وبدل الغرب إلى الشرق".
بهذا انتشر الإسلام وليس بالسيف أو الإكراه، لقد كان الجهاد الكبير كما جاء في القرآن، هو الجهاد بالكلمة القرآنية "وجاهدهم به جهادا كبيرا" (لفرقان 52).
http://arabi21.com/Story/734240
للمستشرقة الألمانية د. "سيجريد هونكة" (1913 – 1999م) سجل عظيم في فهم الإسلام، والدفاع عنه في وجه الجاهلين به والمعادين له.
ولقد ترجمت إلى العربية كتبها الشهيرة: "شمس الله تسطع على الغرب" و"فضل العرب على أوربا" و"العقيدة والمعرفة" و"الله ليس كمثله شيء" و"قوافل عربية في رحاب القيصر". ولقد حصلت على العديد من الجوائز العالمية - جائزة ووسام الفيلسوف "كانت" عام 1981م، وجائزة الشاعر "شيلر" عام 1985م، ووسام الاستحقاق والتقدير المصري من الطبقة الرفيعة في العلوم والآداب عام 1988م، كما نالت عضوية المجلس الأعلي للشئون الإسلامية بمصر.
وعلى حين خلط غربيون كثيرون - إما جهلا أو سوء نية - بين الجهاد الإسلامي وبين الإرهاب، أو حتى الحرب المقدسة - في المسيحية - التي سعت إلى تغيير العقيدة بالقوة، وعلى حين تسلل هذا الخلط إلى دوائر إسلامية فكان أن حذفت منظمة المؤتمر الإسلامي من بيان قمتها في السنغال عام 1992م كلمة الجهاد! فإن "سيجريد هونكة" قد ميزت بين الجهاد الإسلامي وبين الحرب المقدسة المسيحية، وأبرزت براءة هذا الجهاد الإسلامي من العنف والإكراه والإرهاب، فكتبت تقول: "إن الجهاد الإسلامي ليس هو ما نطلق عليه ببساطة مصطلح الحرب المقدسة. فحقيقة الجهاد أنه كل سعي مبذول وكل اجتهاد مقبول وكل تثبيت للإسلام في أنفسنا، حتى نتمكن في هذه الحياة الدنيا من خوض الصراع اليومي المتجدد أبدا ضد القوى الأمّارة بالسوء، في أنفسنا وفي البيئة المحيطة بنا عالميا، فالجهاد هو المنبع الذي لا ينقص، والذي ينهل منه المسلم مستمد الطاقة التي تؤهله لتحمل مسئوليته، خاضعا لإدارة الله عن وعي ويقين، إن الجهاد بمثابة التأهل اليقظ الدائم للأمة الإسلامية للدفاع بردع القوى المعادية كافة التي تقف في وجه تحقيق ما شرعه الإسلام من نظام إجتماعي إسلامي في ديار الإسلام، هذا هو المعنى الحقيقي للجهاد في الإسلام".
واليوم وبعد إنصرام ألف ومائتي عام لا يزال الغرب النصراني متمسكا بالحكايات المختلقة الخرافية التي كانت الجدات يروينها، حيث زعم مختلقوها أن الجيوش العربية بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم نشرت الإسلام "بالنار وبحد السيف البتار" من الهند إلى المحيط الأطلنطي، ويلح الغرب على ذلك بالسبل كافة بالكلمة المنطوقة أو المكتوبة وبالجرائد والمجلات والكتب والمنشورات وفي الرأي العام بل في أحدث حملات الدعاية ضد الإسلام.
"لا إكراه في الدين" (البقرة 265)، تلك هي كلمة القرآن الملزمة، فلم يكن الهدف أو المغزى للفتوحات العربية نشر الدين الإسلامي وإنما بسط سلطان الله في أرضه، فكان للنصراني أن يظل نصرانيا ولليهودي أن يظل يهوديا كما كانوا من قبل، ولم يمنعهم أحد أن يؤدوا شعائر دينهم، وما كان الإسلام يبيح لأحد أن يفعل ذلك، ولم يكن أحد لينزل أذى أو ضرر بأحبارهم أو قساوسهم ومراجعهم وبيعهم وصلواتهم وكنائسهم، لقد كان أتباع الملل الأخرى هم الذين سعوا سعيا لإعتناق الإسلام، والأخذ بحضارة الفاتحين، ولقد ألحّوا في ذلك شغفا وإفتتانا أكثر مما أحب العرب أنفسهم، فاتخذوا أسماء عربية، وثيابا عربية، وعادات وتقاليد عربية، ولسانا عربيا، وتزوجوا على الطريقة العربية، ونطقوا بالشهادتين. لقد كان الروعة الكامنة في أسلوب الحياة العربية والتمدن العربي والسمو والمروءة والجمال، وباختصار السحر الأصيل الذي تتميز به الحضارة العربية، بغض النظر عن الكرم العربي والتسامح وسماحة النفس.. كانت هذه كلها قوة جذب لا تقاوم.
ولقد شكا من ذلك أسقف قرطبة "القارو" فكتب يقول: "إن كثيرين من أبناء جيلي يتدارسون كتابات المسلمين لا ليدحضوها إنما ليتقنوا العربية، ويتوسلوا حسب التعبير القويم والذوق السليم".
وأين نقع اليوم على النصراني الذي يقرأ التفاسير اللاتينية للإنجيل، بل من ذلك الذي يدرس منهم الأناجيل الأربعة والأنبياء ورسائل الرسل. وامصيبتاه، إن النصاري قد نسوا حتى لغتهم الأم، بينما لا تستطيع إحصاء عدد من يحسن منهم العربية تعبيرا وكتابة وتجويدا، بل إن منهم من يقرضون الشعر بالعربية، حتى لقد حذقوه وبزوا في ذلك العرب أنفسهم لأن سحر أسلوب المعيشة العربي ذلك قد اجتذب إلى فلكه الصليبيين إبان وقت قصير، كما تؤكد شهادة الفارس الفرنسي "فولتير الشارتي": "وها نحن أولئك أبناء الغرب قد صرنا شرقيين". ثم راح يصور احاسيسه وقد تملكه الإعجاب بالسحر الغريب لذلك العالم العجيب بما يعبق به من عطر وألوان تبعث النشوة في الوجدان. ثم يتساءل بعد ذلك مستنكرا: "أفبعد كل هذا ننقلب إلى الغرب الكئيب، بعدما أفاء الله علينا وبدل الغرب إلى الشرق".
بهذا انتشر الإسلام وليس بالسيف أو الإكراه، لقد كان الجهاد الكبير كما جاء في القرآن، هو الجهاد بالكلمة القرآنية "وجاهدهم به جهادا كبيرا" (لفرقان 52).
http://arabi21.com/Story/734240
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق