الأربعاء، 25 أكتوبر 2017

ملف تجربة الصين في مكافحة الفساد / التنمية والبناء عبر مكافحة الفساد والفقر

تجربة الصين فى مكافحة الفساد
فاروق حلمى نشر فى : الإثنين 14 أبريل 2014 - لا شك أن الرئيس القادم وحكومته سيجاهدان من أجل النهوض بمصر من كبوتها، إلا أنهما سيحتاجان لتعاون من جانب الشعب بانصرافه للإنتاج وتحمل المزيد من التضحيات حتى تبدأ جهود رفع مستوى المعيشة تؤتى ثمارها. وكلنا نعلم أن التراكمات الطويلة لسوء الحكم والإدارة وانتشار الفساد والمظالم قد خلقوا هوة سحيقة بين الدولة والجماهير، وأدوا لإنعدام الثقة بالحكومة وإشاعة اليأس، فضلا عن شيوع الفردية والانتهازية واللا مبالاة بالمصلحة العامة وإضعاف الانتماء للوطن. وعندما ثار الشعب عام 2011 فإنه رفع شعارات أربعة لم يتحقق تقدما فى أى منها حتى الآن. فالمشكلات التى تنغص حياة الناس ما زالت قائمة، ورموز العهد السابق لم يعاقب أى منهم مما يغذى الشكوك بأنهم محميون وراء الأسوار، والأموال المهربة للخارج لم يسترد أى جزء منها، كما ما زالت مظاهر الفساد منتشرة دون خطوات واضحة لمنعها. ومهما فعل الرئيس والحكومة فإنهما لن يمكنهما أن يقنعا الشعب بالتعاون وتحمل معاناة أطول، إلا إذا رأى الأخير أمامه عملا ملموسا يشجعه على الصبر ويجعله يثق فى مصداقية النظام الجديد خلافا لسابقه. ومن هنا تثور الحاجة لخطوات جذرية لبناء الثقة المفقودة وإقامة تحالف بين الطرفين، يمكن من خلاله تعبئة طاقات المواطنين وراء أهداف التنمية وجعلهم عنصرا فاعلا فيها. *** وأمامنا تجربة حية فى الصين يمكننا أن نتعلم منها. فلقد أدرك الحزب الشيوعى والحكومة هناك أن سياسات الانفتاح وإطلاق حرية القطاع الخاص والنمو المتسارع للاقتصاد والثروات قد أدوا إلى خلق فجوة هائلة فى الدخل والثروة ولتزايد التسيب والفساد، وهو ما أضعف سلطة الحزب وما رآه فى ذلك من إضرار بالأمة. فقام الحزب والحكومة بتضمين الخطة الخمسية الحالية للدولة (للسنوات 2013 ــ 2017) منظومة لمحاربة الفساد بصرامة أكبر ومعاقبة الضالعين فيه، وأطلق الزعماء الجدد منذ بداية 2013 حملة قومية شاملة لمحاربة الفساد. وتعكف هيئات رقابة الانضباط بالحزب على تنظيم جولات تفتيش على المسئولين، لتتبع السلوكيات غير المشروعة مثل المتاجرة بالنفوذ من أجل الأموال وإساءة استغلال السلطة والرشاوى، بالإضافة لأساليب العمل الضارة كالبيروقراطية والشكلية والرفاهية والبذخ وحتى التراخى فى القيام بالواجبات. وكلفت اللجنة المركزية للحزب قيادات الحزب والدولة بدءا بالرئيس ورئيس الوزراء ونوابه بتولى مسئولية أنحاء مختلفة من البلاد، والإشراف على تطبيق معايير عالية للحملة فيها، بهدف رفع المستوى الفكرى لدى المسئولين وإحداث تغييرات فى أنظمة عملهم. وأصدر المكتب السياسى للجنة المركزية قواعد تقضى بمنع استخدام لافتات الترحيب أو السجادة الحمراء أو أكاليل الزهور أو حفلات الاستقبال لزيارات المسئولين، ونبه لوجوب خفض الإنفاق على الجولات التفقدية لأدنى مستوى. *** وأمرت السلطات بالتطبيق الحازم للقواعد التى تحتم على المسئولين الإبلاغ عن الأصول المالية والدخول الخاصة بهم وبأسرهم وأى أنشطة استثمارية لهم، وأنشأت خطوطا ساخنة ومواقع مضادة للفساد على الإنترنت، وعززت النيابة العامة أعمالها فى جمع الأدلة وحماية المبلغين والشهود. كما تتضمن المعايير قواعد تحكم مزايا المسئولين ورفاهيتهم، وفقا لحزم متباينة على أساس مستوى المسئول تتضمن المنازل والسيارات والحفلات والاجازات والسكرتارية والحراسة الأمنية، بهدف ضمان تمتعهم بالمميزات التى تتوافق مع مستوياتهم أثناء شغلهم للوظيفة فقط. وقد تمت إدانة 31،555 مسئولا بجرائم لها صلة بالعمل خلال العام الماضى، وتلقى 23 % منهم عقوبة السجن لأكثر من 5 سنوات، وكان 680 منهم يتقلدون مناصب رفيعة فوق مستوى المحافظة. وتضمنت تلك الجرائم الاختلاس والرشوة والتقصير فى العمل وانتهاك المصالح الشخصية والحقوق الديمقراطية للمواطنين. كما تمت أيضا معاقبة 38،135 شخص بتهمة انتهاك لوائح مكافحة البيروقراطية حتى نهاية فبراير الماضى، وشملت الانتهاكات مخالفة انضباط العمل واستخدام الأموال العامة فى الأنشطة الترفيهية والكسل والبطء فى العمل. كذلك قامت السلطات بالتحقيق مع ومعاقبة 829 من القضاة وموظفى المحاكم خلال 2013، وتم تحويل 157 منهم للمحاكمة لتلقيهم مكاسب غير مشروعة بينما فرضت عقوبات ضد الآخرين لارتكابهم لمخالفات انضباطية حزبية أو حكومية. *** وامتدت الحملة إلى المجال الإعلامى، للتصدى للأخبار المختلقة ومنع الصحفيين والصحف من ابتزاز الأموال مقابل القصص الخبرية التى يكتبونها، مع الاستعانة بمنابر إلكترونية للإبلاغ عن الممارسات الخاطئة. ووسعت السلطات حملتها مؤخرا لتشمل محاربة آفات أخرى فى المجتمع، بهدف مكافحة جرائم تجارة الجنس والدعارة والقمار والمخدرات ومعاقبة القائمين عليها. وكان من بين النتائج الإيجابية للحملة أنه لم يعد المسئولون أحرارا فى اكتساب مميزات من مناصبهم، وانخفض نسبيا عدد المقدمين للمحاكمات والمعاقبين. كما أعاد مسئولون كبار سيارات وشققا تملكوها بطريقة مخالفة للوائح، وأوقف بناء مشروعات غير متمشية مع القواعد، وألغيت الرحلات غير الضرورية للخارج، وتقلص الإنفاق من الأموال العامة على الشكليات والسيارات والرحلات وخلافه. *** والأهم من ذلك كله، هو العمل على إعادة بناء الثقة بين المواطنين الصينيين وبين الحزب والحكومة من خلال إثبات أنهما يعملان من أجل مصلحتهم وتحسين مستوى معيشتهم. وأثق بأن الرئيس المنتظر وحكومته سيركزان جل اهتمامهما على تعبئة الشعب وراء عملية إعادة البناء وما ستتطلبه من تواصل المعاناة والتضحية لفترة لا شك أنها ستطول. وستكون جهودهما أكثر فعالية فى تحقيق أهدافها إذا ما تم إطلاق حملة مماثلة لهذه الحملة الصينية المضادة للفساد والبيروقراطية، وذلك بالإضافة لإظهار مزيد من الجدية فى محاسبة رءوس النظام السابق والمستفيدين من استغلال النفوذ والسعى لاسترداد الأموال المنهوبة من الخارج، وكذا دفع رجال الأعمال الذين استفادوا من صلاتهم بهذا النظام بشكل أو آخر للتبرع بجانب من ثرواتهم للأمة، مع إنشاء صناديق خاصة تحشد فيها هذه الأموال والتبرعات للصرف منها على المشروعات الملحة والكفيلة برفع سريع للأحوال المعيشية مثل مخاطبة مشاكل العشوائيات والرعاية الصحية وخلق فرص للعمل وغيرها. والأمل معقود على أن يظهر الرئيس والحكومة نتائج ملموسة فى هذه الميادين لاكتساب ثقة الناس وحشد طاقاتهم لمساندة جهود الدولة، وإلا فإن ثورة الجياع قادمة لا ريب فيها وسيظل عدم الاستقرار يقوض أى جهود مخلصة لإعادة البناء ويهدد بالمزيد من التدهور. فاروق حلمى فاروق حلمى خبير في الشئون الصينية مقيم في هونج كونج ============
مكافحة الفساد في الصين : الرهان العالمي إن ازدهار الصين في المستقبل يتطلب تقييد حرية التصرف الإداري التي يتمتع بها المسؤولون الحكوميون، والحد من سلطة الشركات المملوكة للدولة وإعانات الدعم المقدمة إليها، وتعزيز سيادة القانون من خلال تطوير نظام قضائي مستقل. ولكن هذه الإصلاحات تعني ضمناً تغيير الثقافة والحوافز. لقد أبرزت محاكمة بو شي لاي أخيراً التحدي الأكبر الذي يواجه الصين المعاصرة: الفساد واستغلال السلطة من قِبَل بعض المسؤولين في الحكومة والحزب. فحتى سقوطه، كان بو شي لاي، عضو المكتب السياسي السابق وزعيم الحزب عن منطقة تشونغتشينغ التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة، مرشحاً محتملاً لعضوية اللجنة الدائمة للمكتب السياسي المؤلفة من سبعة أعضاء. جاء توقيت محاكمة بو شي لاي في لحظة حرجة بالنسبة للصين. فالملايين من الصينيين القرويين يتدفقون سنوياً على مدن البلاد بحثاً عن فرص العمل؛ ولكن النمو القائم على التصدير في الصين، والذي حجب في السابق التكاليف التي يتحملها الاقتصاد الكلي نتيجة للفساد والتدخل المفرط من قِبَل الدولة، بدأ يتباطأ الآن. ومع دخول الصين عصر النمو الأكثر هدوءاً في خضم المنافسة المتزايدة من قِبَل دول أخرى منخفضة التكاليف، فإن هذا الضرر سيصبح واضحاً بشكل متزايد- ومدمراً بشكل متزايد. إن الصين الناجحة اقتصادياً أقرب إلى الاستقرار والإيجابية على المستوى الجيوسياسي؛ أما الصين المحاطة بالمشاكل الاقتصادية الخطيرة فستكون أبعد عن الاستقرار، وبوصفها أول دولة صاحبة اقتصاد نام تصبح قوة عالمية، فإنها قد تتحول حتى إلى مصدر للمخاطر النظامية. وتتكامل ماكينة التجميع الصناعية الصينية مع سلاسل العرض العالمية للعديد من المنتجات. وفضلا عن ذلك فإن الصين هي أكبر حامل لسندات خزانة الولايات المتحدة (بعد مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي)، وتحتفظ بكم كبير من اليورو، ومن المرجح أن تصبح قريباً الشريك التجاري الأكبر لأميركا، هذا فضلاً عن تزايد حجمها كشريكة تجارية مع العديد من الاقتصادات الأوروبية والآسيوية. وتكشف البحوث عن الأهمية الجوهرية لفرض حقوق الملكية، والأنظمة الضريبية والتنظيمية العادلة التي يمكن التنبؤ بها، من أجل تحقيق الازدهار الاقتصادي الطويل الأجل. والمفتاح إلى الإصلاح في الصين، وأكثر ما يحتاج إليه الشعب الصيني الآن هو "حكومة القانون وليس الرجال" على حد تعبير جون آدامز- الإدارة العادلة التي تعمل وفقاً لقوانين معقولة، وليس الامتيازات الخاصة التي تمنح لقِلة من أصحاب الصلات القوية. وقد ردد وزير المالية لو جي وي ما قاله آدامز (وآدم سميث) عندما أعلن: "... لابد من تخصيص الموارد وفقاً للأسعار والأسواق، وليس كما يرى المسؤولون الحكوميون". وقد أكد الرئيس الصيني تشي جينبينغ أن الحملة الصارمة لتطهير الفساد تمثل أولوية قصوى، وأنها ما لم تصل إلى "النمور" (أعلى المناصب) و"الذباب" (المسؤولين الأدنى مستوى)، فقد لا يتكرر الانتقال المنظم للزعامة من ذلك النوع الذي جاء به إلى السلطة في وقت سابق من هذا العام. والواقع أن الحد من الفساد أمر بالغ الأهمية إذا كان للصين أن تنضم إلى القائمة الصغيرة من الاقتصادات النامية- اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وهونغ كونغ وتايوان- التي أفلتت من "شَرَك الدخل المتوسط" الذي تقع فيه أغلب البلدان النامية ويمنعها من بلوغ وضع الاقتصاد المتقدم. والأمر الأكثر خطورة من عدم لياقة سلوكيات العديد من المسؤولين واتباعهم لنزواتهم، أن هذا هو ما أصبح حقاً على المحك في حملة شي لمكافحة الفساد. إن ازدهار الصين في المستقبل يتطلب تقييد حرية التصرف الإداري التي يتمتع بها المسؤولون الحكوميون، والحد من سلطة الشركات المملوكة للدولة وإعانات الدعم المقدمة إليها، وتعزيز سيادة القانون من خلال تطوير نظام قضائي مستقل. ولكن هذه الإصلاحات تعني ضمناً تغيير الثقافة والحوافز. إن بعض المسؤولين يستخدمون سلطتهم التقديرية الكبيرة في منح التراخيص والتصاريح والعقود في مقابل مصالح شخصية وأموال جانبية. والواقع أن الثروة التي اكتنزتها زوجة بو (الاعتماد على الوكلاء، خصوصاً الأقارب، تكتيك شائع للمسؤولين الفاسدين في كل مكان) تسلط الضوء على الفرص التي ينالها أصحاب الصلات القوية. والعديد من الصينيين، الذين ينظرون إلى هذا الوضع كأنه الوسيلة المعتادة لتدبير الأمور، يتصرفون وفقاً لذلك. لا شك أن بعض الأمور مثل الحكم الريعي، والفساد والمحسوبية وتوزيع الإكراميات، موجودة في كل مكان بدرجة أو أخرى؛ ولكنها أكثر انتشاراً في البلدان النامية وفي الاقتصادات الغنية بالموارد والمخططة مركزياً مقارنة بالحال في الديمقراطيات الرأسمالية. والواقع أن الوقت وغيره من الموارد التي يكرسها الأفراد والشركات للسعي إلى الحصول على امتيازات خاصة من الحكومة قد تكون أكثر قيمة إذا أعيد توجيهها نحو إنتاج السلع والخدمات. الواقع أن بعض الأفكار الواعدة في مكافحة الفساد حققت سوابق ناجحة في تاريخ الصين، من أسرة مينغ إلى هونغ كونغ الحديثة. ففي عهد أسرة مينغ، جاء المسؤولون الذين عينهم الامبراطور من أقاليم أخرى، وكان يتم تدويرهم على الأقاليم بشكل متكرر. ولحماية البنك المركزي الصيني من الضغوط السياسية المحلية، قرر رئيس مجلس الدولة الإصلاحي تشو رونغ جي في تسعينيات القرن العشرين، استجابة لنصيحة مني وآخرين، إعادة تنظيم بنك الشعب الصيني على أسس إقليمية أشبه بفروع بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي في المناطق المختلفة. وفي هونغ كونغ، كان الفساد في أواخر السبعينيات متفشياً- فإذا كان منزلك يحترق فإن إدارة الإطفاء كانت تطالب بالدفع قبل ضخ الماء لإطفاء الحريق!- إلى حد أن لجنة مستقلة لمكافحة الفساد تم تعيينها خصيصاً للتحقيق في الفساد العام والخاص ومحاكمته. ثم نجحت هونغ كونغ في الحد من الفساد إلى حد كبير وتحسين الإدارة بالعفو، وزيادة الأجور، وإلزام المسؤولين بالإفصاح عن ذممهم المالية. ويتعين على زعماء الصين الحاليين أن يعيدوا دراسة هذه السوابق. صحيح أن إنشاء جهاز قضائي مستقل سيستغرق بعض الوقت، ولكن من الممكن تعيين بعض القضاة والدفع لهم ومساءلتهم من قِبَل الحكومة المركزية لا المسؤولين المحليين. وكما كانت الحال في الصين في عهد أسرة مينغ، فمن الممكن تدوير القضاة وغيرهم من المسؤولين على المناطق كل بضعة أعوام. على نحو مماثل، وكما حدث في هونغ كونغ، فيمكن منح العفو شريطة الإفصاح المالي وفرض غرامة على "الثروة غير المبررة" للجميع باستثناء من ارتكبوا سلوكيات فظيعة، وبالتالي يصبح من الممكن نسيان الماضي. وعند تلك النقطة يصبح من الممكن زيادة رواتب القضاة والمسؤولين الحكوميين إلى مستويات تنافسية، وهو ما من شأنه أن يضعف الحافز إلى مواصلة الممارسات الفاسدة- خصوصاً إذا كان لزاماً على المسؤولين أن يتقدموا ببيانات الإفصاح المالية بشكل دوري منتظم ومعاقبتهم على حجب مثل هذه المعلومات. إن استعداد المواطنين الصينيين العاديين أخيراً لإدانة الفساد علناً هو في واقع الأمر تطور محمود يبشر، كما نتمنى، بإصلاحات حقيقية لمكافحة الفساد من الزعامات الجديدة في البلاد. وكان الجهاز القضائي المستقل، والإفصاح المالي من قِبَل المسؤولين الحكوميين، وغير ذلك من المؤسسات المستقلة من العوامل الأساسية التي أسهمت في الحد من الفساد وإحباطه -ولو لم يتم القضاء عليه بالكامل- في الولايات المتحدة وأغلب الديمقراطيات الرأسمالية المتقدمة الأخرى. وهذا هو الدرس الذي يتعين على الصين أن تتعلمه بسرعة أكبر كثيراً مما قد يجده بعض أفراد نخبتها الراسخة مريحا. http://www.chinaasia-rc.org/index.php?p=47&id=1485
=============
مكافحة الفساد على الطريقة الصينية من قبل عبد الستار رمضان 22/5/2016 الفساد موجود في كل مكان وزمان، في الافراد والمجتمعات والدول الغنية والفقيرة، المتقدمة والمتأخرة من التي يتحكم فيها الدين او المجتمعات المنفتحة او المنفلته والتي ربما لا تؤمن بدين او تحكمها فلسفات وجودية مادية، المهم ان الفساد موجود ويمكن ان ينتشر ويتوسع فيها كلما وجد الارضية او البيئة التي تساعده على النمو والانتشار والتوسع، وهو مرض يتحول الى وباء اشرس واقسى من كل الامراض الاوبئة التي عرفتها الانسانية في تاريخها الطويل مثل الجدري والطاعون والكوليرا والايدز والسرطان وايبولا وغيرها مما هو معروف او قادم من الامراض ، لانه يتحالف ويتآلف وينمو وينتشر مع كل ماهو غير قانوني وغير انساني من العواطف والنزعات والشهوات والاهواء، كي يحقق المنفعة والفائدة للفاسدين وعوائلهم واقربائهم والمستفيدين منهم، وهو اخطر من الارهاب والحروب والانقلابات العسكرية الدموية، بل واخطر من كل الجرائم لانه المفتاح والطريق لكل خراب ودمار. في بلادنا سيطرت الطبقات السياسية واستحوذت وملكت كل شئ ولم يبق الا الهواء بانتظار حجزه (وتعليبه) كما فعلوا بالاراضي التي تم تسييجها في كل مكان، والاملاك والطرق والجبال والمولات والمدن السياحية والسكنية والشركات وعقارات الدولة التي تحولت من الملكية العامة الى ملكية افراد محددين سواء كانوا حقيقين ام مزيفين كما هو معروف او يشاع من انها ملكية الساسة واولادهم وعوائلهم واصهارهم وحماياتهم وابناء عمات خالات من خدمهم او سلُم عليهم في يوم ما من ايام نضالهم وحياتهم. لقد اصبح الحديث عن الفساد كلاما مكررا غير مؤثر ومجدي او مفيد لان الناس ملوا وهم يعرفون كل شئ عن الفاسدين وهوياتهم وارتباطاتهم، والفساد ينتشر ويتوسع في بلداننا وتكاد تعجز كل الخطوات والقرارات ولجان الاصلاح والمحاسبة وتعقب الفاسدين، وتقارير منظمة الشفافية الدولية تشير الى اعداد بالملايين قدموا رشوات من اجل الحصول على حقوقهم الاساسية. لكن المهم والفرق يظهر في بعض الدول التي يتراجع ويكاد يتلاشى فيها الفساد لان الاجراءات والقوانين والمعالجات هي حقيقية وناجحة وصارمة بحيث لا تستثنى او توفر حصانة لاحد، بينما في بلادنا اختلطت الامور ببعضها وتحول السياسي الى تاجر وصاحب مستشفى ومورد ادوية واغذية وهو شريك لكل تاجر ومستثمر، فكيف يمكن محاسبة المقصرين والفاسدين والمتلاعبين بقوت ودواء وحياة المواطنين اذا كان السياسي الحاكم والمتهم واحد؟!. التجربة الصينية مهم ومفيدة جدا في مكافحة الفساد في هذا البلد الاكثر عددا من حيث السكان والذي يحقق نجاحات وانجازات تكاد تجعله المسيطر على عالم التجارة والصناعة والمال في العالم، فقد ادت سياسات الانفتاح وإطلاق حرية القطاع الخاص والنمو المتسارع للاقتصاد والثروات إلى خلق فجوة هائلة فى الدخل والثروة وازدياد الفساد، وهو ما أدى الى اضعاف سلطة الحزب الواحد وبدئوا سنة 2013 حملة قومية شاملة لمحاربة الفساد بخطوات: 1- الزام السلطات الصينية المسؤولين وزوجاتهم على زيارة السجون لتحذيرهم من إغراءات الفساد، وهي خطوة تحذيرية و تثقيفية تسمح لهم بالاطلاع على الحياة خلف القضبان، وزيارة معارض وقاعات يتم فيها عرض صور وروايات مكتوبة لمسؤولين قابعين في السجن ، وسماع شهادات قدمها سجناء مدانون بالفساد. 2-مراقبة وتفتيش المسئولين، ومتابعة السلوكيات غير المشروعة مثل المتاجرة بالنفوذ وإساءة استغلال السلطة والرشاوى، والغاء أساليب العمل الضارة كالبيروقراطية والشكلية والرفاهية والبذخ والتراخى فى القيام بالواجبات. 3-التطبيق الحازم للقواعد التى تحتم على المسئولين الإبلاغ عن الأصول المالية والدخول الخاصة بهم وبأسرهم وأى أنشطة استثمارية لهم، وأنشاء خطوط ساخنة ومواقع مضادة للفساد على الإنترنت، وعززت النيابة العامة أعمالها فى جمع الأدلة وحماية المبلغين والشهود. 4-وضع معايير قواعد تحكم مزايا المسؤولين ورفاهيتهم، على أساس مستوى المسئول تتضمن المنازل والسيارات والحفلات والاجازات والحراسة الأمنية، والمحاسبة الفورية والحاسمة على كل ما يزيد على تلك الميزات أثناء الوظيفة وما بعد خروجهم منها. حصاد التجربة الصينية في مكافحة الفساد هو ادانة(31,555) مسئول بجرائم لها صلة بالعمل خلال العام الماضى، وتلقى(33%) منهم عقوبة السجن لأكثر من 5 سنوات، وكان(680)منهم يتقلدون مناصب رفيعة فوق مستوى المحافظة، عن جرائم الاختلاس والرشوة والتقصير فى العمل وانتهاك المصالح الشخصية والحقوق الديمقراطية للمواطنين، كما تمت معاقبة( 38،135) شخص بتهمة انتهاك لوائح مكافحة البيروقراطية ومخالفة انضباط العمل واستخدام الأموال العامة فى الأنشطة الترفيهية والكسل والبطء فى العمل. كذلك قامت السلطات بالتحقيق مع ومعاقبة(829)ممن القضاة وموظفي المحاكم وتم احالة (157) للمحاكمة لتلقيهم مكاسب غير مشروعة، وفرضت عقوبات على آخرين لارتكابهم لمخالفات انضباطية، كما وسعت السلطات حملتها لتشمل محاربة ومكافحة جرائم تجارة الجنس والدعارة والقمار والمخدرات ومعاقبة القائمين عليها. كما أعلن ان حوالي( 300 الف) مسؤول تمت معاقبتهم فى انحاء البلاد خلال العام 2015 بسبب تهم الفساد، والتعهد بالاستمرار فى الحملة الوطنية للتطهير والقضاء على الفساد وتطبيق عقوبة الاعدام على المتهمين بالفساد الذين يثبت انهم قاموا بإختلاس المال العام او تلقوا رشاوى بمبلغ 3 ملايين يوان (463 الف دولار امريكى) أواكثر وذلك اذا ثبت كذلك ان ما قاموا به من جرم نتج عنه اضرار خطيرة للمجتمع، وتم التأكيد ان الجرائم المرتبطة بالفساد تضر بشكل خطير بمصالح البلاد والشعب ، وأن الصين تولى دائما اهتماما خاصا لمنع مثل هذه الجرائم ، ومعاقبة مرتكبيها، وان المدانيين بالفساد يجب ان يخضعوا لعقوبات صارمة تصل الى عقوبة الاعدام على 13 جريمة مرتبطة بالاقتصاد وغير المرتبطة بالعنف مثل الرشوة والاختلاس وتهريب الآثار والإحتيال وتزوير الضرائب وهي تشكل20% تقريبا من 68 جريمة يعاقب عليها بالاعدام، وفي شباط 2015 تم تنفيذ حكم الإعدام في عملاق قطاع الاعمال (ليو هان) مالك مجموعة (هان لونغ) وهي شركة خاصة ضخمة في أعمال المناجم والاتصالات والكيماويات، كما نفذ حكم الإعدام أيضا في شقيقه الأصغر وثلاثة من شركائه في المجموعة،.. اما في بلادنا فقد وصلنا الى القناعة بأن تحقيق العدالة اصبح مستحيلا لذلك أصبح مطلبنا العدالة في توزيع اللاعدالة بين المواطنين.
===========

جهاز مكافحة الفساد: الصين عاقبت 1.34 مليون مسؤول منذ 2013
http://mubasher.aljazeera.net/news/جهاز-مكافحة-الفساد-الصين-عاقبت-134-مليون-مسؤول-منذ-2013 ============
باحث كيني: على كينيا أن تتعلم من الصين تجربة مكافحة الفساد https://www.youtube.com/watch?v=QwQ4kAkpHZw

===========


ملف مقالات مكافحة الفقر في الصين / كيف نفذت الصين من مصيدة الفقر

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2017/10/blog-post_69.html


الصين بنت مشروعها التنموي على خطة مكافحة الفقر والفساد في الجزب الشيوعي ومن خلاله دعمت الاستثمار وانظلفت في البناء


مشاريع الالهاءو الوعود الكاذبة فالاولويات مفقودة في السعودية الشعب السعودي يعاني من الفقر والبطالة و غياب حقوق الانسان فلا نهضة بظل الفساد

=============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق