الأربعاء، 4 يوليو 2018

لماذا فشل البرقعي ونجح الامام الخميني في احداث تحول كبير في صفوف الشيعة؟


أبو الفضل البرقعي ( 1908 - 1992 م) هو عالم دين شيعي ، من أهل قم. قام بنقد الفكر الشيعي الامامي، واشتهر بكتاب «كسر الصنم؛ نقض كتاب أصول الكافي»
ولد أبو الفضل علي أكبر البرقعي في أُسرة شيعية من أهالي قم، يرجع نسبها إلى السيّد أحمد بن موسى المبرقع, وكان من جملة المحصّلين في الحوزة العلمية, حتّى أنّه درس، على الشيخ عبد الكريم الحائري، و الكوهكمري، ثم ترك الدراسة في قم وذهب إلى طهران ليصلّي الجمعة والجماعة في جامع (وزير دفتر)، 
فأفتى السيّد هادي الميلاني و الشريعتمداري بضلاله , وأوعزوا إلى الجهات الحكومية الشاهنشاهية بإلقاء القبض عليه وتأديبه
وقد اتهمه الشيخ الأميني في كتابه (الغدير) بالانحراف إذ قال: ((كان البرقعي محمود السيرة، ميمون النقيبة، من روّاد الفضيلة والأدب، غير أنّه تحزّب في الآونة الأخيرة بفئة ضالة ساقطة، وأُصيب - والعياذ بالله - بمتعسة أزالته عن مكانته، وأسفته إلى هوّة البوار، عصمنا الله من الزلل، وآمننا من الخطل، وحفظنا من خاتمة السوء)) وكان يقصد بانحرافه انكاره للخمس، و زيارة قبور الأئمّة و التوسّل بهم ،
وبالرغم من ادعاء بعض الوهابيين ، انتقاله الى المذهب السني الا ان البرقعي بقي ينكر انتقاله إلى المذهب السُنّي إلى آخر أيام حياته .
يقول السيد ابو الفضل البرقعي أن ما يقوم به عوام الشيعة من زيارة مراقد الآئمة من آل الرسول و قبور ذراريهم لطلب الحوائج منهم بحجة الاستشفاع بهم إلى الله، عمل بدعي شركي، وعمل لا طائل تحته ولا ينفع أصحابه القائمين به بل يضرهم، لأن من يناديه هؤلاء الزوار من العباد الصالحين الأموات قد انتقلوا بعد موتهم إلى عالم آخر هو عالم البرزخ، وانقطعت صلتهم بالدنيا، فهم لا يسمعون من يناديهم و لا يستجيبون لمن يستغيث بهم ويستصرخهم. وقد قام المؤلف بدراسة شاملة وتمحيص لمتون جميع الروايات و الأحاديث الواردة في كتب الشيعة الإمامية المنسوبة إلى أئمة أهل البيت حول فضائل زيارات القبور وما أعد للزائرين من عظيم الأجر والثواب، لا سيما التي ذكرها المجلسي في كتابه بحار الأنوار، فنقدها حديثا حديثا، و وَزَنَهَا بميزان القرآن الكريم ثم التاريخ والعقل، وَخَرَجَ بنتيجة مفادها أن جميع ما رُوِيَ في فضائل وأجور زيارات القبور لا يوجد فيها حديثٌ صحيحٌ واحدٌ! وأنها مما وضعه الغلاة والوضاّعون في العصور اللاحقة على زمن الأئمة من آل الرسول. كما درس المؤلف متون الزيارات المروية دراسة ناقدة فبين أن أغلبها باطل موضوع إذ يتضمن عبارات تخالف القرآن ومبالغات في تعظيم الأئمة لا يقرها الشرع و تنافي روح التوحيد. وأجمل ما في كتابه أنه قارن هذه الروايات الموضوعة المغالية بما صح عن أئمة العترة النبوية بدءاً من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم سائر الأئمة الكرام من وُلْدِهِ من أدعية توحيديّة خالصة ومن روايات يرفضون فيها المغالاة بحقهم والتجاوز في إطرائهم وتعظيمهم، ومن تأكيدهم على أن الله قريبٌ من الداعين لا يحتاج إلى الاستشفاع لديه بشفعاء ولا التوسل إليه بوسطاء بل هو قريب مجيب بابه مفتوح للسائلين حتى من العصاة والمذنبين، وهو أكرم مسؤول و خير مأمول..الخ، كما جاء في نصوص ذكرها من أدعية «الصحيفة العلوية» المروية عن علي بن أبي طالب، أو «الصحيفة السجادية» الشهيرة المروية عن الإمام زين العابدين السجاد، أو نصوص ممتازة اقتبسها من «نهج البلاغة» مما جمع الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين علي، أو غيرها من الأدعية الصحيحة الأخرى الموجودة في الموروث الروائي الشيعي الصحيح.
ألف البرقعي كتبا ومقالات ورسائل عديدة ومن أشهرها:
1- تحطيم الصنم أو: كسر الصنم عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول، وهو في الرد على أصول الكافي للكليني الشيعي ويقع في 411 صفحة بالفارسية و360 صفحة بالعربية وهو دراسة حديثيه لكتاب المذكور حيث يقارنه بالقرآن والعقل ثم يفنده وينقض من خلاله عقيدة القوم بشكل غير مسبوق..
2- تضاد مفاتيح الجنان مع القرآن : مفاتيح الجنان أهم كتاب دعاء لدى القوم ويحملونه معهم في جميع الزيارات والمشاهد والحج ،وهو يدرسه دراسة حديثية ،حديثاحديثا علي أساس المذهب نفسه كالكتاب السابق،
ثم يعرض أحاديثه تلك على القرآن والعقل ثم يرد عليها ويرد على عقيدة القوم من خلاله ويقع في 209 صفحات..
3- دراسة علمية في أحاديث المهدي :إن أساس عقائد المذهب الشيعي هي عقيدة المهدي المنتظر ويدرس في هذا الكتاب ثلاث مجلدات من كتاب البحار للمجلسي والتي تتعلق رواياته بالمهدي ثم يفندها طبقا للمذهب أيضا ويقع في 211 صفحة..
4- دراسة في نصوص الإمامة: يدرس المؤلف فيه النصوص الواردة في الإمامة والخلافة لدي السنة والشيعة ثم يفند الروايات الشيعية ويثبت بأدلة قاطعة أن الخلافة حق و الإمامة المنصوصة لا أساس لها ولا دليل ويقع في 170 صفحة...
5- الجامع المنقول في سنن الرسول :وهو عدة مجلدات ، ويورد فيه المؤلف الروايات الفقهية الصحيحة لدى السنة ثم يدعمها بما وردت لدى الشيعة أي أن كل ما وردت لدي السنة وردت لدي الشيعة إلا أن الشيعة لا يأخذون بها وهو يقع في 1406 صفحات..
6- نقد على المراجعات وهو رد على كتاب المراجعات لعبدالحسين شرف الدين الموسوي
7- تضاد المذهب الجعفري مع القرآن والإسلام..
8- ترجم مختصر منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيميه الى الفارسية..
9- كتاب أحكام القرآن..
10- رسالة الحقوق في بيان حق الخالق والمخلوق..
وقد أطلق عليه أحد الاشخاص النار وهو في بيته يصلي فدخلت الرصاصة من خده الأيسر وخرجت من خده الأيمن لكنه لم يمت ، فحمل إلى المستشفى وهو مغمى عليه وبعد شفائه بسنوات حكم عليه بالسجن ثلاثين سنة، وبما أنه كان شيخاً بسيطاً ولم تكن له جماعة منظمة، فلم تشعر الدولة بخطره كما شعر به أقرانه، فتم إطلاق سراحه.
كان للشيخ البرقعي مسجدٌ يصلي فيه في طهران قريباً من ميدان توبخانه وأقام صلاة الجمعة فيه واجتمع مراجع قم بزعامة شريعتمداري وأرسلوا إلى الشاه ستة آلاف توقيع بأن هذا الناصبي يريد هدم مذهب أهل البيت، فأخذ إلى المحكمة ولكن القاضي لم يجد تهمة تستحق الاعتقال، فأطلق سراحه من جديد وعاد إلى مسجده، لكنه لم يسلم فهاجموا المسجده وخربوه وأغروا الأوباش والعوام واستولوا عليه، وبعد ذلك تحول إلى بيت في طهران ليقيم صلاة الجمعة قرب ميدان "انقلاب" في شارع جمال زاده.. 
توفي سنة ١٩٩٢

لماذا فشل البرقعي في احداث تحول كبير في صفوف الشيعة؟

لأنه في نظري اتجه الى نقد التراث الميت أساسا ، وبالخصوص نظرية الامامة الالهية التي ليس لها وجود في الخارج، بينما نجح الامام الخميني بقيادة الشارع الايراني لأنه قاد حركة الشعب نحو الحرية والاستقلال والجمهورية الاسلامية، تلك الاهداف التي تعبر عن ضمير الشعب ومطالبه الحيوية، واذا نظرنا الى ما قام به الامام الخميني فانه قد احدث تطورا كبيرا في الفكر السياسي الشيعي، حيث نقل الشيعة من حالة الانتظار السلبي للامام الغائب، الى حالة العمل والمبادرة والثورة، دون ان يمس عقيدته في وجود ذلك الامام الذي كان ولا يزال يدور حوله جدل كبير بين الشيعة قديما وحديثا. وكذلك استطاع الامام الخميني أن يتجاوز نظرية الامامة الالهية وشروطها المثالية الخيالية التعجيزية كالعصمة والنص الالهي والسلالة العلوية الحسينية العمودية، واستبدلها بنظرية ولاية الفقيه، أو النظام الدستوري الجمهوري الديمقراطي.
ويمكن القول باختصار ان سبب فشل البرقعي يكمن في نقده للتراث الشيعي دون ان يقوم بأية حركة سياسية في مواجهة نظام الشاه المستبد العميل لأميركا، بينما نجح الامام الخميني في قيادة حركة الشعب دون ان يتوقف كثيرا عند بعض النظريات التاريخية الميتة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق