الثلاثاء، 11 فبراير 2020

عبقريات العقاد بين المتن والإسناد صالح بن سعد اللحيدان

القسم الأول: الزنادقة الذين قصدوا إفساد الشريعة وإيقاع الشك فيها في قلوب العوام والتلاعب بالدين كعبدالكريم بن أبي العرجاء، وكان خال معن بن زائدة وربيب حماد بن سلمة، وكان يدس الأحاديث في كتب حماد كذلك قال أبو أحمد ابن عدي الحافظ فلما أخذ ابن أبي العرجاء أتى به محمد بن سليمان بن علي فأمر ضرب عنقه فلما أيقن بالقتل، قال ]والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحل فيها الحرام، ولقد فطرتكم في يوم صومكم، وصومتكم في يوم فطركم،[.

قال ابن سعد اللحيدان، وقد نخلها العلماء كلها نخلاً فأبطلوها وحصروها فبينوها للناس ولم يبق إلا ما صح عن غير طريق ابن ابي العرجاء.

قال ابن الجوزي: كذلك في ص 37/38 من كتابه: الموضوعات : ]أنبأنا يحيى بن علي قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت، قال أنبأنا أبو سعيد أحمد بن الماليني، قال أنبأنا عبدالله بن عدي الحافظ، قال حدثنا أحمد بن علي المديني، قال حدثنا أبو أمية قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد أو قال: حدثني صاحب لي عن حماد بن زيد عن جعفر بن سليمان قال: سمعت المهدي يقول: أقر عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربعمائة حديث فهي تجول في أيدي الناس،

قال المصنف ]ابن الجوزي[ وكان ممن يضع الحديث مغيرة بن سعيد وبيان، قال ابن نمير: كان: مغيرة ساحراً، وكان بيان زنديقا فقتلهما خالد بن عبدالله القسري، وأحرقهما بالنار[.

القسم الثاني: قوم كانوا يقصدون وضع الحديث نصرة لمذهبهم وسول لهم الشيطان أن ذلك جائز وهذا مذكور عن قوم من المسالمية.

أنبأنا أبو منصور بن جبرون عن أبي محمد الجوهري عن الدار القطني عن أبي حاتم بن حبان الحافظ قال: سمعت عبدالله بن علي يقول: سمعت محمد بن أحمد بن الجنيد يقول سمعت عبدالله بن يزيد المصري يقول عن رجل من أهل البدع رجع عن بدعته فجعل يقول: انظروا هذا الحديث ممن تأخذونه فإنا كنا إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثاً.

أنبأنا أبو بكر محمد بن عبدالباقي البزار قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: أنبأنا إبراهيم بن أحمد الحرفي قال حدثنا جعفر بن محمد الغيريابي قال حدثني يوسف بن الفرج أبو نعم الحلبي واسحاق بن البهلول الأنباري قال حدثنا عبدالله بن زيد المغري قال حدثنا ابن لهيعة قال سمعت شيخا من الخوارج تاب ورجع وهو يقول إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فإنا كنا إذا هوينا أمراً صيرناه حدثنا[.

قال اللحيدان: هذا حق في غير فرقة الخوارج فإن أهل البدع والزنادقة والشعوبيين يضعون الآثار كذباً وزورا وكتبهم مليئة بهذا انظر كتب: الرافضة والمعطلة والجهمية والقدرية والمعتزلة والحلولية والاتحادية والشاذلية والرفاعية والأحمدية تجد عجباً إذا كنت ملماً بالأسانيد,, وحال الرواة أو كنت تسأل حينما يمر بك ما تستنكره ولا يفعل هذا إلا أهل العقل والأمانة.

قال ابن الجوزي ص 39/40: ]والقسم الثالث: قوم وضعوا الأحاديث في الترغيب والترهيب ليحثوا الناس بزعمهم على الخير ويزجروهم عن الشر وهذا تعاط على الشريعة ومضمون فعلهم أن الشريعة ناقصة تحتاج إلى تتمة فقد أتممناها.

وأورد ابن الجوزي بسنده إلى عبدالله النهاوندي قال قلت لغلام خليل: هذه الاحاديث التي تحدث بها من الرقائق، قال: وضعناها لنرقق بها قلوب العامة.

القسم الرابع: قوم استجازوا وضع الأسانيد لكل كلام حسن، وأورد بسنده إلى عن أبي زرعة الدمشقي قال حدثنا محمد بن خالد عن أبيه قال سمعت محمد بن سعيد يقول: لا بأس إذا كان كلام حسن أن نضع له إسناداً.

القسم الخامس: قوم كان يعرض لهم غرض فيضعون الحديث فمنهم من قصد بذلك التقرب إلى السلطان بنصرة غرض كان له كغياث ابن ابراهيم فإنه حين أدخل على المهدي وكان المهدي يحب الحمام إذا قدامه حمام فقيل له حدث أمير المؤمنين، فقال: حدثنا فلان عن فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح فأمر له المهدي ببدرة فلما قام، قال: أشهد على، فقال: إنه فتى كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال المهدي أنا حملته على ذلك, ثم أمر بذبح الحمام ورفض ما كان فيه.

القسم السادس: قوم وضعوا أحاديث في ضد الأغراب ليطلبوا ويسمع منهم قال أبو عبدالله الحاكم منهم إبراهيم بن اليسع وهو ابن أبي حبة كان يحدث عن جعفر الصادق وهشام بن عروة فيركب حديث هذا على حديث ذاك لستغرب تلك الأحاديث بتلك الأسانيد.

ثم أورد ابن الجوزي ص 43/44 قال: ]وروى مسلم بن الحجاج أن يحيى بن أكثم دخل مع أمير المؤمنين حمص فرأى كل من بها شبيه التيران فدخل شيخ على رأسه ريبة وله جبة فأدناه وقال يا شيخ من اين أتيت، قال: استغنيت عن جميع الناس بشيخي, قال: ومن لقي شيخك؟

قال الأوزاعي, قال الأوزاعي عمن؟ قال: عن مكحول, قال ومكحول عمن؟ قال: عن سفيان بن عيينة, قال وسفيان عمن؟ قال عن عائشة فقال له: يحيى: يا شيخ أراك تعلو إلى أسفل.

القسم السابع: قوم شق عليهم الحفظ فضربوا نقد الوقت وربما رأوا أن الحفظ معروف فأتوا بما يغرب مما يحصل مقصودهم فهؤلاء قسمان:

أحدهما: القصاص ومعظم البلاء منهم يجري، لأنهم يزيدون أحاديث تثقف وترقق والصحاح يقل فيها، ثم إن الحفظ يشق عليهم ويتفق عدم الدين ومن يحضرهم جهال فيقولون.

ولقد حكى لي فقيهان ثقتان عن بعض قصاص زماننا وكان يظهر النسك والتخشع أنه حكى لهما قال: قلت يوم عاشوراء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فعل اليوم كذا فله كذا ومن فعل كذا فله كذا إلى آخر المجلس فقالا له: ومن أين حفظت هذه الأحاديث، فقال والله ما حفظتها ولا أعرفها، بل في وقتي قلتها.

ثم يعقب الإمام ابن الجوزي فهو يقول: ]قال المصنف: ولا جرم، ذلك القصاص شديد النعير ساقط الجاه لا يلتفت الناس إليه ولا له دنيا ولا آخرة، وقد صنف بعض قصاص زماننا كتاباً فذكر فيه: أن الحسن والحسين دخلا على عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وهو مشغول فلما فرغ من شغله رفع رأسه فرآهما، فقام فقبلهما ووهب لكل واحد منهما الفاً وقال اجعلاني في حل فما عرفت دخولكما فرجعا وشكراه بين يدي أبيهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عمر بن الخطاب نور في الإسلام، وسراج لأهل الجنة، فرجعا فحدثاه، فدعا بدواة وقرطاس وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم حدثني سيدا شباب أهل الجنة عن أبيهما المرتضى عن جدهما المصطفى أنه قال: عمر نور الإسلام في الدنيا وسراج أهل الجنة في الجنة وأوصي أن تجعل في كفنه على صدره فوضع، فلما أصبحوا وجدوه على قبره وفيه صدق الحسن والحسين وصدق أبيهما وصدق رسول الله صلى عليه وسلم: عمر نور الإسلام وسراج أهل الجنة.

قال المصنف ابن الجوزي : والعجب بهذا الذي بلغت به الوقاحة إلى أن يضيف مثل هذا وما كفاه حتى عرضه على كبار الفقهاء فكتبوا عليه تصويب ذلك التصنيف فلا هو عرف أن مثل محال ولاهم عرفوا، وهذا جهل متوفر، علم به أنه من أجهل الجهال الذين ما شموا ريح النقل ولعله قد سمعه من بعض الطرقيين، قال المصنف ابن الجوزي : وقد ذكرت في كتاب (القصاص) عنهم طرفا من هذه الأشياء وما أكثر ما يعرض علي احاديث في مجلس الوعظ قد ذكرها قصاص الزمان فأردها عليهم، وأبين أنها محال فيحقدون علي حين أبين عيوب شغلهم حتى قلت يوماً: قولوا لمن يورد هذه الأحاديث ما يتهيأ لكم مع وجود هذا الناقد اتفاق زايف، وذكرت حديثا حدثنا به أبو الفتح الكروخي قال حدثنا عبدالله بن محمد الأنصاري قال أنبأنا اسحاق بن إبراهيم قال سمعت أبا بكر الجوزقي يقول: سمعت غير واحد من مشايخنا يذكرون عن محمد بن اسحاق ابن خزيمة أنه قال: ما دام أبو حامد الشرقي في الأحياء لا يتهيأ لأحد أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ص 45.

وقال ابن الجوزي في ص 47/48: ]والكذابون والوضاعون خلق كثير قد جمعت: اسماءهم في كتاب الضعفاء والمتروكين وسترى في كل حديث نذكره في هذا الكتاب اسم واضعه والمتهم به، وكان من كبار الكذابين: وهب بن وهب القاضي .

وقال في ص 48/49: ]ولقد رد الله كيد هؤلاء الوضاعين والكذابين بأخبار أخيار فضحوهم وكشفوا قبائحهم وما كذب أحد قط إلا وافتتضح، ويكفي الكاذب أن القلوب تأبى قبول قوله فإن الباطل مظلم وعلى الحق نور وهذا في العاجل، وأما في الآخرة فخسرانهم فيها متحقق[.

وقال في ص 53: ]قال المصنف ولقد عجبت من كثير من المحدثين طلبوا لتكثير أحاديثهم فرووا الأحاديث الموضوعة ولم يبينوها للناس، وهذا من الخطأ القبيح والجناية على الإسلام، وأقبح منه هذا حال المدلسين الذين يروون عن كذاب وضعيف لا يحتج به فيغيرون اسمه أو كنيته أو نسبه أو يسقطون اسما من الإسناد أو يسمونه ولا ينسبونه إلخ,,[

وكتاب الإمام ابن الجوزي هذا الموضوعات وكذلك كتابه الضعفاء والمتروكين لا يكاد طالب علم أو محقق أو باحث ومؤرخ وأديب يدون شيئاً إلا وهو بحاجة إليهما،

وقد قرر رحمه الله تعالى في صفحة 99 حقيقة لازمة يقول: ]فمتى رأيت حديثا خارجا عن دواوين الإسلام كالموطأ والصحيحين وسنن أبي داود ونحوها يعني كسند الترمذي والنسائي وابن ماجة وصحيح ابن خزيمة وابن السكن فإن كان له نظير من الصحيح والحسان قرب أمره، وان ارتبت فيه ورأيته يباين الأصول فتأمل رجال اسناده واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمى :بالضعفاء والمتروكين فإنك تعرف وجه القدح فيه،

قال اللحيدان: وبجانب ابن الجوزي لابد من هذه الكتب لمن يشتغل بنظر الآثار

1 تهذيب الكمال للإمام المزي

2 تواريخ البخاري للإمام البخاري.

3- الجرح والتعديل للإمام ابن أبي حاتم

4 الكاشف للإمام الذهبي.

5 ميزان الاعتدال للإمام الذهبي.

6 لسان الميزان للإمام ابن حجر.

وكم أعجبتني كلمة قالها الأمير الألمعي سلمان بن عبدالعزيز ]نحن لنا الظاهر ولا يصح إلا الصحيح ونحن تحت الشرع فما أمرنا به أخذناه[.

كلمة قالها ونحن جلوس عنده يوما ما، وهي كلمة لا يقولها إلا الحكام الكبار الذين حلبوا الدهر شطريه وعرفوا كيف تكون سياسة العمل وسياسة القول على نحو جليل نزيه.

وعلماء السند ليس لهم إلا الظاهر في جرح الرواة الوارد ذكرهم في الأسانيد ويغلبون جانب: براءة الذمة للراوي وهم لا يقبلون كلام قريب بقريب أو مماثل بمماثل لأن الحسد والوشاية لهما دور كبير في الزعزعة, وهدم الثقة.

ولهذا لم يقبلوا كلام الإمام مالك بن أنس في ابن اسحاق ولم يقبلوا كلام الإمام ابن اسحاق في مالك بن أنس وهذا كثر.

من أجل ذلك سلمت الأسانيد من العلل، وسلمت المتون من العلل ووصلت إلينا السنة غضة طرية محفوظة محفوفة بالقبول أبدا.

وكلمة العلماء المتخصصين في هذا العلم كلمة هي هي حماية لجناب الدين من العبث والسوء ولا يصح إلا الصحيح وليس لنا إلا الظاهر ونحن تحت الشرع فما أمرنا به أخذناه) كما قال هذا الأمير خالد الذكر طيب الكلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق