الجمعة، 12 يونيو 2020

وتنص المادة رقم  60 من قانون العقوبات المصرى على أنه: " لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة" 

حسن النية مشروعة انتفاء نية الاضرار  


https://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=120608


تحمل على محمل حسن النية غير خادشة

=========
https://books.google.com.kw/books?id=qumFDwAAQBAJ&pg=RA7-PA213-IA22&lpg=RA7-PA213-IA22&dq=%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1+%D8%AD%D8%B3%D9%86+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A9+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD&source=bl&ots=09nA0Xr932&sig=ACfU3U3mflGxIF0qndLZoGut6aZHkd9fXQ&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwjG-uqm-PzpAhVDSxoKHfDACYcQ6AEwAnoECAMQAQ#v=onepage&q=%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1%20%D8%AD%D8%B3%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD&f=false

============
التعميم
التخصيص
في وقائع معينة
===========
التعميم التخصيص

النوع الأول :  أن تكون الوقائع علم بها جمهور الناس نتيجة فعل أصحابها أو نيتجة شهرتها أو تكون هذه الوقائع قد استقرت في المجتمع على أنها واقعة مسلمة.
ويترك لقاضي الموضوع تقدير صفة الواقعة.
النوع الثاني :  وقائع يكشفها الناقد على الرغم من أنها لم تصبح في حوزة الجمهور ومثل هذه الوقائع إذا نازع فيها المجني عليه وجب على الناقد إثبات صحتها بشرط أن تكون مثل هذه الوقائع يجيز القانون إثباتها.
ثانياً :  أن يكون موضوع الواقعة ذا أهمية اجتماعية:
لكي يقوم حق النقد بدوره داخل المجتمع، يجب أن يكون موضوع الواقعة محل النقد 
============

https://www.google.com/search?q=%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1+%D8%AD%D8%B3%D9%86+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A9+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD&rlz=1C1CHBD_enKW849KW849&oq=%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1+%D8%AD%D8%B3%D9%86+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A9++%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD&aqs=chrome..69i57j33.9111j0j4&sourceid=chrome&ie=UTF-8

================
جمال العفيفي المحامي بالنقض والإدارية العلياوالدستورية العليا بالإسماعيلية
9 مارس 2017  · تمت المشاركة مع العامة
كيف تدافع عن نفسك أمام سلطات التحقيق في قضايا النشر
إعداد: الأستاذ نجاد البرعي المحامي بالنقض
الطبعة الأولي : مارس 2003
رقم الإيداع :7119 /2003
الناشر : مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
العنوان : 4 شارع أبو المعاطي الدور الأول شقة 2 – العجوزة ، خلف مسرح البالون
تليفون / فاكس : 3028219 (202 ) البريد الإلكتروني : Hrcap@gega.net / website/www.hrcap.org

تقديم
ليس دعوة للاستغناء عن المحامين ولكن التعاون معهم

يصدر هذا الدليل باعتباره العدد الثالث من سلسلة الأدلة التدريبية علي حماية حقوق الإنسان وهي سلسلة صدر منها حتى الآن عددين تهدف إلى تقديم معلومات وخبرات إلى العاملين في هذا المجال من أجل زيادة رصيدهم المهني في مجال التدريب من ناحية وإضافة معلومات قانونية ذات طبيعة عملية إلى معارفهم لتحسين وتطوير الأداء من ناحية أخرى.
ويبدو هذا الدليل قليل الحجم بما لا يقاس بالدليلين السابقين الذين أصدرهما المركز قبله فهو أقرب ما يكون إلى الكراسات العلمية التي تتسم بصغر الحجم وإن احتوي علي الضروري من المعلومات .
وشباب الصحفيين ، وشباب المحامين أيضا هم هدف الدليل فالغرض الأساسي منه تقديم معلومات قانونية ميسرة حول القذف والسب تعين الصحفيين علي عدم التغول علي محارم القانون ومن ثم التعرض لعقابه ، وتساعد الراغب من المحامين علي البدء في التعرف علي هذا النوع من العمل ربما يتخصص فيه في المستقبل .
إن مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء مازال يري أن العمل مع شباب الصحفيين والمحامين هو ضرورة من ضرورات الدفاع عن حقوق الإنسان ، وأن الدفاع عن حرية الصحافة لا يكون بغير معاونة الصحفيين علي معرفة حقوقهم وواجباتهم، ومساعدة المحامين للدفاع عنهم بكفاءة .

مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء

مقـدمــــة
علي الرغم من أن دور المحامين في الدفاع عن حريات الصحافة لا يمكن الاستغناء عنه ، فإنه في كثير من الأحيان يضطر الصحفي لسبب أو لآخر إلى المثول أمام المحقق دون أن تتاح له فرصة الاستعانة بمحام ، ومن هنا تأتي أهمية هذا الدليل المبسط والذي يطرح أهم أوجه الدفاع التي يمكن أن يستخدمها الصحفي عند مثوله للتحقيق في التهم الأكثر شيوعا وهي السب والقذف ونشر أخبار المحاكمات وغير ذلك .
كما يصلح هذا الدليل المبسط ذاته للمحامين كمرجع سريع يتيح لهم إبداء أكثر أوجه الدفاع أهمية أمام المحقق أو حتى المحكمة، دون أن يغني بطبيعة الحال عن وجوب دراسة الموضوع دراسة معمقة وفقا لكل حالة علي حدة وتقدير وسيلة الدفاع الأكثر فاعلية ونجاعة.
وفي جميع الأحوال فإنه إذ عمد الصحفيون ورؤساء التحرير إلى استشارة محاميهم قبل نشر المواد الصحفية التي يرتابون في مدي قانونيتها فإن ذلك قد يؤدي إلى توفير حماية سابقة للصحفي من الاعتداء علي محارم القانون .
علي أنه من المهم وقبل الخوض في التفاصيل لفت الانتباه إلى أمور ثلاثة أرى أهميتها :-
1. أن الدفاع الأهم للصحفي هو حسن نيته حال النشر ، وحسن النية هنا معناه أن الصحفي لم يقصد غير المصلحة العامة كهدف من النشر ، وهذا الأمر رغم أنه من قبيل البواعث التي لا اثر لها في الركن المعنوي في الجريمة بشكل عام إلا انه يؤثر في مدي المسئولية في جرائم النشر .
2. أن اللغة التي يستخدمها الصحفي في الكتابة مهمة جدا لمعرفة ما إذ كان الصحفي يقصد التشهير بشخص معين أم أنه يتغيا المصلحة العامة ، وكثير ما يستخدم الصحفيون ما يعرف بالمعاريض وهي حيل لغوية تستخدم لإيصال المعني إلى القارئ بطريق غير مباشر ، وهي متنوعة مختلفة منها :-
• البيان بالصفات والإبدال ، وهو الإشارة إلى الشيء أو الشخص بصفات ونعوت تعينه دون أن تصرح به .
• تجاهل العارف وهو سؤال المتكلم عما يعلم ، سؤال من لا يعلم، وفائدته المبالغة في المعنى مدحا كان أو ذما تعظيما أو تحقيرا ، ومنه الاستفهام وهو إلقاء السؤال لا ليصل المتكلم إلى أمر يجهله بل لتقرير المعنى وتبكيت المخاطب .
• التسليم وهو أن يفترض المتكلم فرضا محالا ثم يسلم بوقوعه تسليما جدليا ، يدل على عدم الفائدة في وقوعه أو تقدير وقوعه .
• إضمار النهى وهو قول ظاهره الإباحة وباطنه النهى.
• التغاضي وهو أن يتظاهر المتكلم بأنه يضرب صفحا عن أمر هو في الواقع يذكره كقول القائل
• (دعك من سلوكه الشخصي على عيبه ومخازيه فهذا شانه هو لا يهم في كثير أو قليل ولتأخذه بما أساء إلى البلاد فيه).
• الاكتفاء وهو أن ينقطع المتكلم أو الكاتب عن الكلام فيستدل السامع أو القارئ على أن وراء قوله ما هو أعظم كقول القائل أبو فلان وإخوته أفضل ولكنه ……. ، فجملة تترك ناقصة عمدا وفى آخرها نقط قد تصبح مع براءتها فى ذاتها شائنة أو مهيجة ناطقة بالتعمد.
• التلميح وهو أن يشير المتكلم في كلامه إلى قصة معلومة أو نكتة مشهورة أو بيت متواتر أو مثل سائر كمن يقول فى الكلام عن سيدة متزوجة " وهكذا ختمت دليلة حياتها " يشير إلى قصة دليلة وشمشون وخيانتها لشمشون .
• التهكم وهو الهزؤ والسخرية فيأتي المتكلم بلفظه الإجلال فى موضع التحقير والبشارة فى مكان النذير والوعد فى معرض الوعيد أو ما يكون ظاهره المدح وباطنه القدح .
وقد قالت محكمة النقض المصرية في حكم شهير لها بتاريخ 27 فبراير سنة 1933 إن " المداورة في الأساليب الإنشائية بفكرة الفرار من حكم القانون لا نفع فيها للمداور ما دامت الإهانة تتراءى للمطلع خلف ستارها وتستشعرها الأنفس من خلالها. إنما تلك المداور مخبثة أخلاقية شرها أبلغ من شر المصارحة فهي أحرى بترتيب حكم القانون " .
3. أن أهمية الخبر للجمهور والهدف من النشر كلها أمور تقلل من مسئولية الصحفي أو تزيد منها حسب الأحوال ، فكلما كان موضوع الخبر أو المقال عاما ويهم الجمهور وذا هدف محدد ومشروع ، قلت مسئولية الصحفي عما يتضمنه من قذف وسب أو تشهير والعكس صحيح.
4.انه كلما تقدم الصحفي إلى التحقيق وفي يده دليل علي صحة ما نشر- خاصة عند نقد الشخص العام أيا كان – كلما زاد ذلك من فرص تبرئته .

الفصل الأول
القذف والسب في القانون المصري
نظرة عامة
تنص المادة 302 من قانون العقوبات المصري على أن " يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه" ، كما تنص المادة 306 من قانون العقوبات علي أن " كل سب لا يشتمل علي إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشا للشرف والاعتبار يعاقب عليه في الأحوال المعينة بالمادة 171بالحبس مدة لا تتجاوز سنه …الخ".

وتقول محكمة النقض المصرية تفسيرا للمادتين 302و306 حيث تقول المحكمة: " لا عبرة بطريقة الإسناد إذ يستوي أن يكون بصيغة التوكيد أو التساؤل أو التشكيك أو التهكم أو التندر قدحا في قالب المدح تصريحا أو تلميحا أو تعريضا ، حقيقة أو تورية ، أو مجازا ، صدقا أو كذبا بطريق مباشر أو غير مباشر ، منجزا أو معلقا علي شرط ممكن أو مستحيل التحقيق ، ويكفي أن تكون عباراته موجهة علي صورة يسهل معها فهم المقصود منها ".
وفضلا عن ذلك فقد استقرت أحكام المحكمة منذ عام 1930 علي أنه " يكفي لقيام الجريمة أن يكون الإسناد من شأنه تحقير المسند إليه عند من يخالطهم ويعاشرهم لا عند جميع أهل وطنه ".
ولابد من أن نشير إلى أن القانون المصري لا يعاقب علي السب والقذف إلا إذ كان علنيا ،وقد جمعت المادة 171 عقوبات (مصري) كل وسائل التعبير عن الرأي واشترطت لكي تدخل تلك الآراء دائرة التجريم أن تكون علانية فتنص على " كل من أغرى واحدا أو أكثر بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح جهر به علنا أو بفعل أو إيماء صدر منه علنا أو بكتابة أو رسوم أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخرى من طرق التمثيل جعلها علانية أو بأي وسيلة أخري من وسائل العلانية يعد شريكا فى فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذ ترتب على هذا الإغراء وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل … ويعتبر القول أو الصياح علنيا إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية فى محفل عام أو طريق عام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به أو ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان فى مثل ذلك الطريق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسلكي أو أية طريقة أخري ويكون الفعل أو الإيماء علنيا إذ وقع فى محفل عام أو طريق عام أو فى أي مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان فى مثل ذلك الطريق أو المكان وتعتبر الكتابة والرسوم والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون فى الطريق العام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع في أي مكان ".
وباستقراء تلك المادة نجد أن التعبير الذي أثمه القانون قد يكون :-
أ – بطريق الكتابة سواء كان ذلك بالكتابة في الصحف أو منشورات أو نشرات غير دورية أو الكتابة على الجدران … والكتابة هي كل تعبير باللغة المدونة سواء أكانت كلمات منسقة الجمل أو حروفا مجزأة تؤدى في مجموعها إلى معنى يفهم لأول وهلة أو بعد إمعان النظر وسواء أكانت باللغة العربية أو بلغة أجنبية حية كالإنجليزية مثلا أو ميتة مثل اللغة الهيروغليفية القديمة أو اليونانية القديمة مادام فهمها مستطاعا لعدد من الناس مهما كان محدودا .
ب – والرسوم وهى تشمل كل رسم أيا كان سواء تم طبعه على الورق أو حفره على الخشب أو خرائط أو بطاقات بريد مصورة .
ج _ والصور سواء أكانت صورا فنية كأعمال الكاريكاتير أو الفن التشكيلي أو كانت صورا شمسية وسواء أكانت نقلا للحقيقة المجردة أم مجرد تخيل لأشياء غير موجودة .
د – والرموز هى الأشكال التي تعبر عن أشياء معروفة مثل الصليب المعقوف الذي يرمز إلى النازي .
هـ- والتمثيل والفن المسرحي أو السينمائي كالمسرحيات أو الأفلام أو خيال الظل أو العروض الشعبية التمثيلية سواء أكان لها سيناريو مكتوب أو عملا ارتجاليا يقوم به الممثلون من تلقاء أنفسهم .
ز – وبطريق الجهر بالقول … وهو الكلام بصوت عادى مسموع خارج مباشرة من فم المتحدث أو الخطيب أو المغنى طال الكلام أو قصر جملا أو حروفا منظوما أو منثورا مرسلا أو ملحنا مصحوبا بالموسيقى أم غير مصحوب .
ح – وبطريق الصياح برفع الصوت بشكل جهوري مدو ويستوي أن يكون ترديد القول أو الصياح بالفم مباشرة أو بمعاونة إحدى وسائل الإذاعة الميكانيكية كمكبرات الصوت أو السينما الناطقة .
ط – بطريق الفعل أو الإيماء وهو يشمل الإشارة بجوارح الجسم وإشارات اليد واللسان والأصابع .
وبذلك يكون القانون المصري قد حرم كل وسائل التعبير عن الرأي أيا ما كانت صورة وأشكاله ما دام هذا التعبير عن الرأي قد تصادم مع النماذج العقابية التي نص عليها .
ومن المقرر أن سوء القصد هو لب جرائم النشر لأنها في مجموعها صورة لتجاوز حق الإعراب عن الفكر أو لإساءة استعمال هذا الحق استحقت القمع في نظر الشارع ولكونها كذلك كانت غير واضحة المعالم وكانت حدود المباح والممنوع فيما يتعلق بها متداخلة متشابكة متحركة متنقلة لا يفصلها في كثير من الأحيان إلا فارق معنوي أو نفسي هو سوء القصد – والحق أن القاضى إذا وصل إلي التحقق من سوء القصد فيما نشره المتهم يكون قد قطع معظم الطريق .

الفصل الثاني
وسائل الدفاع والدفوع الأكثر شيوعا في جرائم القذف والسب وغيرهما.
كما سبق منا القول فإن الهدف من هذا الدليل هو معاونة الصحفيين علي إبداء الدفوع وأوجه الدفاع المناسبة حال استدعائهم للتحقيق، وعدم قدرتهم أو عدم إمكانية استعانتهم بمحام بشكل سريع ، وإن كان من المهم في كل الأوقات الاستعانة بمتخصص قبل المثول للتحقيق بوقت كاف لدراسة كيفية مواجهة أسئلة المحقق وإعداد الردود المناسبة والمستندات المؤيدة لها .

الدفع الأول
عدم قبول الشكوى لتقديمها ممن لا يملك ذلك
تنازل الشاكي عن تقديم الشكوى ضد أحد المتهمين يعتبر تنازلا منه عن الشكوى في حق الباقين.
جرائم القذف والسب هي من جرائم الشكوى والشكوى هي عبارة عن تعبير المجني عليه عن إرادته في أن تتخذ الإجراءات الجنائية الناشئة عن الجريمة و يعني ذلك أن جوهر الشكوى أنها إرادة و هي إرادة متجهة إلى إنتاج الآثار الإجرائية .
ومعني ذلك أنه لا يجوز البدء في التحقيق إلا بناء علي شكوى من المقذوف أو وكيله الخاص المأذون له بذلك ، وبغير هذا لا يجوز التحقيق .
وتنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية المصري علي أنه: "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء علي شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185 و 274 و 277 و 292 و 293 و 303 و 306 و 307 و 308 من قانون العقوبات وكذلك في الأحوال التي ينص عليها القانون.
ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من علم المجني عليه بالجريمة و بمرتكبها ما لم ينص القانون علي خلاف ذلك" .
وقد قضت محكمة النقض المصرية أن اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة 3 من قانون الإجراءات هو في حقيقته قيد وارد علي حرية النيابة العمومية في استعمال الدعوى الجنائية.
كما قضت أيضا في حكم آخر لها بـ: "اشتراط تقديم شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية هو في حقيقته قيد وارد علي حرية النيابة العمومية في استعمال الدعوى الجنائية لا علي ما للمدعي بالحقوق المدنية من حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم إذ له أن يحركها أمام محكمة الموضوع مباشرة ولو دون شكوى سابقة في خلال الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون لان الأدعاء المباشر هو بمثابة شكوى".
ولما كان تحريك الدعوي أو بدء التحقيق فيها يتطلب شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص المأذون له فإن التنازل عنها يعتبر سببا لانقضاء الدعوي العمومية في تلك الجريمة في كل من القانونين المصري والأردني ، ففي مصر تنص المادة10 من قانون الإجراءات الجنائية علي أنه "لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة و للمجني عليه في الجريمة المنصوص عليها في المادة 185 من قانون العقوبات و في الجرائم المنصوص عليها في المواد 302 و 306 و307 و 308 من القانون المذكور إذا كان موظفا عاما أو شخصا ذا صفة نيابية عامة أو مكلفا بخدمة عامة و كان ارتكاب الجريمة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة العامة أو الخدمة العامة أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي و تنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل". و قضت محكمة النقض المصرية بأن " جرائم السب من الجرائم التي لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية عنها إلا بناء علي شكوى المجني عليه و لمن قدم الشكوى أن يتنازل عنها في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي و تنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل طبقا للمادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 426 لسنة 1954 .
و في حالة تعدد المجني عليهم فإن التنازل لا يعد صحيحا إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى.
كما أن التنازل عن الشكوى بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلاً بالنسبة للباقين، فإذ كان المقال أو التحقيق الصحفي محرراً من أكثر من صحفي ، وتنازل الشاكون عن شكواهم ضد أحد الصحفيين فإن هذا يعد تنازلا عن الشكوى ضد الصحفي الآخر .
مما سبق يتضح أن القانون المصري يمكن في إطاره أن يتم إيقاف التحقيق وانقضاء الحق في جرائم القذف والسب بشروط خمس:-
• تنازل المجني عليه عن شكواه و لا يشترط القانون شكلاً خاصاً لهذا التنازل.
• التنازل عن الشكوى هي لصاحب الحق في تقديمها و هي كذلك لممثله لكن إذا قدم المجني عليه الشكوى بنفسه فلا يجوز لوكيله التنازل عنها إلا بتوكيل خاص.
• وفي حالة تعدد المجني عليهم لا يعتبر التنازل صحيحا إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى
• والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازل بالنسبة للباقين.
• يحق للمجني عليه التنازل عن الشكوى أو الطلب في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي و تنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل.
و لا يتطلب القانون شكلا معيناً للتنازل فيجوز أن يكون كتابة أو شفوياً و يجوز أن يكون صريحاً أو ضمنياً ينم عنه تصرف يصدر من صاحب الحق و يفيد في غير شبهة أنه أعرض عن شكواه. لكن لا يصح افتراض التنازل و الأخذ فيه بطريق الظن لأنه نوع من الترك لا بد من إقامة الدليل علي حصوله.
لذلك يجب أولا التأكد من شخص الشاكي أو عما إذ كان وكيله يملك توكيلا خاصا بتحريك الدعوى في جريمة القذف ، ثم بعد ذلك التأكد من أن الشاكي لم يتنازل عن مخاصمة أحد المشاركين – رئيس التحرير – أو رسام الكاريكاتور أو صحفي شارك في الموضوع ذاته ، لأن التنازل عن أحد هؤلاء يؤدي مباشرة إلى انقضاء الدعوى بالنسبة للباقين .

وجه الدفاع الثاني
الدفع بعدم تعيين شخص المقذوف
كثير من الصحفيين يلجأ إلى ستر اسم المقذوف وإن كان يصفه بصفات يمكن أن تدل عليه ، والقانون يشترط تعيين شخص المقذوف فإن كان شخصا طبيعيا وجب أن يورد اسمه صراحة ، أو حرف من اسمه أو كنيته أو بنشر صورته أو صورة يمكن منها التعرف عليه ، فإذ لم يمكن تعيين المقذوف فلا جريمة ، علي إننا نحب أن ننبه إلى أن تعيين شخص المقذوف من عدمه هو مسألة واقع تقضي فيه محكمة الموضوع ويمكن أن تراقب قضاءها فيه محكمة النقض .
علي أننا نحب أن نوضح أن فكرة تعيين شخص المقذوف مقصود بها أن يكون تعيينه لدي من يعرفونه من أهل أو جيران أوفي محيط عمله أو أصدقائه ، والقول بغير ذلك يبطل القذف أو السب من أساسه لأن شرط أن يعرف كل الناس بسهولة شخص المقذوف – وهو ما يطلق عليه التعيين – هو أمر مستحيل إلا بالنسبة لبعض المشاهير ، ولكن بالنسبة للشخص العادي فيكفي أن يكون معينا في المقال موضوع القذف بشكل يكفي أن يتعرف عليه المحيطون به وأصدقاؤه وأقاربه؛ فالأمر يختلف من شخص إلى شخص حسب درجة الشهرة ونوع القذف والأساليب الإنشائية المستخدمة .
ينبغي تعيين الشخص أو الأشخاص الذين تسند إليهم الواقعة الشائنة ، وليس المقصود أن يكون المقذوف معينا بذكر اسمه بل يكفى آن يكون القذف موجها على صورة يسهل معها التعرف على الشخص أو الأشخاص الذين يعنيهم القاذف ، فإذا تعذر تعيين شخص المقذوف لا تقوم الجريمة .
فمتى أمكن لمن نشر بينهم الكلام – أو ما إليه من طرق التعبير – أن يفهموه على أن المقصود منه نسبة واقعة شائنة إلى شخص معين قامت جريمة القذف وحق العقاب عليها وقد قامت محكمة النقض أن المداورة في الأساليب الإنشائية لفكرة الفرار من حكم القانون لانفع فيها للمداور مادامت الإهانة تتراءى للمطلع خلف ستارها وتستشعرها الأنفس من خلالها .
كما قضت محكمة النقض في حكم آخر " بأنه لا يعفى الكاتب من العقاب اختياره العبارات والأساليب الملتوية التي قد يظن الكاتب أنها تخفى مراده إلا أنها لا تزيده في أنفس القراء إلا ظهورا وتوكيدا .
كما أن الفقه والقضاء قد استقرا على أن " مسألة كون المقذوف أو المسبوب معينا تعيينا لا محل للشك معه في معرفة شخصيته مسألة وقائع تفصل فيها محكمة الموضوع ".
ومفاد ذلك أن محكمة الموضوع تفصل فيها من ملابسات وظروف الواقعة وهى في كل الأحوال مسألة واقع إثباتها بكل طرق الإثبات .
كما أن فكرة تعبين شخص المقذوف مقصود بها أن يكون تعيينه لدى من يعرفونه من أهله أو جيرانه أو في محيط عمله، والقول بغير ذلك يبطل القذف أو السب من أساسه لأن شرط أن يعرف كل الناس بسهولة شخص المقذوف والذي جاهد القاذف ليجعله مكشوفا / مخفيا في آن واحد – وهو ما يطلق عليه التعيين – وهو أمر مستحيل حتى بالنسبة إلي البعض من المشاهير، ولكن بالنسبة للشخص العادي فيكفى أن يكون معينا في المقال موضوع القذف بشكل يكفى أن يتعرف عليه المحيطون به وأصدقاءه وأقاربه؛ فالأمر يختلف من شخص إلى شخص حسب درجه الشهرة ونوع القذف والأساليب الإنشائية المستخدمة .
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أنه " يكفي لوجود جريمة القذف أن تكون عباراته موجهة علي صورة يسهل معها معرفة الشخص الذي يعنيه القاذف ، فإذا أمكن للمحكمة أن تدرك من فحوى عبارات القذف من هو المعني به أمكن استنتاجه بغير تكلف أو عناء كبير ، وكانت الأركان الأخرى متوافرة حق العقاب علي الجريمة وإن كان المقال خلواً من ذكر اسم الشخص المقصود .

وجه الدفاع الثالث
عدم توافر ركن الإسناد
هذا الدفاع مهم جدا وانتفاؤه يعني عدم توافر ركن القذف أو السب، والإسناد معناه نسبة أمر إلى شخص يجعله إما مستحقا لعقاب القانون أو محتقرا عند أهل وطنه .
فيقصد بالإسناد نسبة واقعة أو أمر ما إلى شخص محدد و لا يشترط لتحقق الإسناد نسبة الواقعة أو الأمر علي سبيل التأكيد بل يكفي نسبتها علي نحو من شأنه أن يلقي في الأذهان مجرد الاحتمال أو الظن بصحتها و بذلك يدخل في مفهوم الإسناد الإخبار بمعني الرواية عن الغير و ذكر خبر علي أنه مجرد شائعة مقطوع بصحتها أو حتى غير مقطوع بصحتها و تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأنه "متي كانت العبارات المنشورة دالة علي أن الناشر إنما رمي بها إلى إسناد وقائع مهينة إلى المدعية بالحقوق المدنية هي إنها تشتغل بالجاسوسية لمآرب خاصة و تتصل بخائن يستغل زوجته الحسناء وأنه كان لها اتصال غير شريف بآخرين فإن إيراد تلك العبارات بما اشتملت عليه من وقائع مقذعة يتضمن بذاته الدليل علي توافر القصد الجنائي و لا يعفي المتهم أن تكون هذه العبارات منقولة عن صحيفة أجنبية وأنه ترك المجني عليها تكذب ما ورد فيها من وقائع أو تصححها فإن الإسناد في القذف يتحقق و لو بصيغة تشكيكيه متي كان من شأنها أن تلقي في الأذهان عقيدة و لو وقتية أو ظنا أو احتمالا في صحة الأمور المدعاة ".
فمن يسند إلى شخص أنه سرق أو زور أو تخابر مع دولة أجنبية يرتكب جريمة القذف باعتبار أنه فيما لو كان ذلك صحيحا يؤدي إلى عقابه قانونا ، كما أن من يسند إلى شخص أنه يعاشر خادمته يعد قاذفا إذا كان ذلك يترتب عليه تحقيره في الوسط الذي يعيش فيه فالمعيار هنا معيار ذاتي وليس موضوعياً .
وعلي العكس لا يعتبر إسناداً يشكل الجريمة القول إن شخصاً رسب في الامتحان أو أن المحامي لا يحسن الدفاع أو أن الطبيب لا يتقن التشخيص أو الصحفي لا يعرف قواعد اللغة العربية فذلك كله لا يؤدي إلى احتقار المسند إليه ، فالعبرة هنا بما يحدثه الخبر من أثر في نفس الغير لا من اثر علي نفس المسند إليه .
علي أننا نحب أن نوضح أنه " لا عبرة بالأسلوب الذي تصاغ به عبارات القذف فمتي كان المفهوم من عبارات الكاتب أنه يريد بها إسناد أمر شائن إلي شخص المقذوف بحيث لو صح ذلك الأمر لأوجب عقاب من أسند إليه أو احتقاره عند أهل وطنه ، فإن ذلك الإسناد يكون مستحقا العقاب أيا كان القالب أو الأسلوب الذي صيغ به ، سواء أكان بصيغة التوكيد أو التهكم أو التندر ، قدحا في صورة مدح ، تصريحا أو تلميحا أو تعريضا حقيقة أو تورية أو مجازا ، صدقا أو كذبا بطريق مباشر أو غير مباشر منجزا أو معلقا علي شرط ممكن أو مستحيل التحقيق . "
أي أنه لا يلزم في الإسناد أن يكون صريحاً بل يجوز أن يستخلص ضمنا من الكلام في مجموعه متي أمكن لمن نشر بينهم الكلام أن يفهموه علي أن المقصود منه نسبة واقعة شائنة إلى شخص معين قامت جريمة القذف و حق العقاب عليها .

وجه الدفاع الرابع
أن القذف كان استخداماً لحق نقد الموظف العام ومن في حكمه
يمكن أن يكون القذف مباحا حتى لو استعمل فيه قوارص الكلم ما دام موجه إلى الموظف العام أو من في حكمة ، وترجع علة ذلك إلى أهمية الدور الذي يلعبه الموظف العام ومن في حكمه مما يجعل من المصلحة وضعه تحت رقابة الصحافة – التي هي مرآة المجتمع – لضمان أن يؤدي هذا الدور علي نحو سليم ولإتاحة السبل أمام الأفراد للكشف عن الانحراف بأعمال الوظيفة العامة عن أهدافها وهم آمنون من عقاب القانون .
يقصد بحق نقد الموظف العام ومن في حكمه الحق الطبيعي المقرر لكل فرد في أن يتناول الموظف العام وذوى الصفة العمومية بالنقد والتعليق في حدود حياتهم العامة مهما قست صيغته أو اشتدت حدته ومفهوم النقد يستبعد فكرة العقاب طالما فتئ الناقد يرسل نقده بين غايتين صدق الراوية وشرف الغاية.
ويشدد القانون عقوبة القذف فيجعلها الحبس وغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين فقط ، إذا وقع القذف فى حق موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وكان القذف بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة .
ويستوى فى تطبيق هذه العقوبة أن يقع القذف ضد الموظف العام أو من في حكمه بطريق النشر فى الصحف أو المجلات أو غيرهما من أنواع المطبوعات ، أو أن يقع القذف بأي من طريق العلانية الأخرى المنصوص عليها فى المادة (171 ) من قانون العقوبات المصري .
ويعلل المشرع التشديد فى هذه الحالة برغبته فى أن يكفل للأشخاص الذين بيدهم نصيب من الأعمال قدرا من الطمأنينة فى أداء أعمالهم .
على أن القانون قد أباح الطعن في أعمال ذوى الصفة العامة بشرط إثبات صحة الوقائع المسندة إليهم ، ومعنى ذلك أن توقيع العقاب على من يقذف فى حق الموظف العام أو من في حكمه يفترض أن الوقائع التي نشرها القاذف كاذبة الأمر الذي تصبح معه الجريمة أشد خطرا .
وقد قضت محكمة النقض بأنه " إذا ثبت أن المطاعن التي وجهت لأشخاص الوزراء كانت من قبيل المطاعن التي اعتادت الأحزاب السياسية توجيهها لخصومها رجاء الفوز عليها أو لعقيدة سياسية غلت في النفوس فانحرفت بها عن التقدير السليم وكان الطاعن حسن النية جانحا إلي المصلحة العامة فلا عقاب " .
ومن أهم شروط الإباحة في هذه الحالة :-
أن يكون القذف مسندا إلى الموظف العام ومن في حكمه .
أن تكون الوقائع المسندة إلى الموظف العام متعلقة بأعمال الوظيفة العامة .
أن يكون القاذف حسن النية .
أن يثبت القاذف صحة وقائع القذف .
وحسن النية المقصود به هنا هو اعتقاد القاذف صحة الواقعة التي ينسبها إلى الغير اعتقادا مبنيا علي أسباب معقولة ، وأن يستهدف تحقيق المصلحة العامة لا التشهير، وتقول محكمة النقض إنه يجب أن:
"يعتقد موجه النقد صحته وأن يقصد به إلى المصلحة العامة ، لا إلى شفاء الضغائن والأحقاد الشخصية أو إحراز سبق صحفي أو إحراج الوزارة أو الحزب الذي ينتمي إليه المقذوف ، كما يجب أن يكون القاذف قد قدر الأمور التي نسبها إلى المقذوف تقديرا كافيا".
كما أنه من المهم جدا أن يثبت القاذف صحة الوقائع التي يسندها إلى المقذوف فبهذا الشرط تتحقق المصلحة العامة ، ويجوز إثبات صحة الواقعة المسندة إلى الموظف بكل طرق الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود وقرائن الأحوال ، وإذا تعددت الوقائع المسندة إلى الموظف العام وجب علي الصحفي إسنادها واقعة واقعة، فإذ أثبت بعضها وعجز عن إثبات الباقي ، لا يستفيد من الإباحة .
ولذلك يتعين علي الصحفي أن يقدم حال مثوله للتحقيق بيانا بالأدلة التي يري أنها تؤكد صحة ما نشره ، علي أن يكون متيقنا من أن كل واقعة نشرها يقوم عليها دليل ، كما أنه لا يقبل منه أن يتقدم ويده فارغة من الدليل ويطلب من المحقق أو المحكمة أن تتولى هي نيابة عنه إثبات صحة الوقائع، فالمفترض ألا ينشر الصحفي المقال أو الخبر إلا والدليل في متناول يده .

وجه الدفاع الخامس
النشر استخدام لحق التبليغ
تتطلب الإباحة هنا أن يكون النشر بغرض تبليغ الحكام القضائيين أو الإداريين عن جريمة، وألا تكون الجريمة المبلغ عنها من الجرائم التي لا يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية فيها بغير شكوى أو طلب مثل جريمة الزنى والتي لا يجوز أن تحرك إلا إذا أبلغ عنها الزوج مثلا، فنشر الصحفي لواقعة زنى أو اتهام امرأة بالزنى لا يجوز أن يكون استخداما لحق التبليغ الذي قصره القانون علي الزوج، وفضلا عن ذلك فلا بد من أن تكون الواقعة محل التبليغ صادقة أو علي الأقل احتمال الصدق فيها كبير، وأن يتوافر لدي الصحفي حسن النية بمعني أن يكون المبلغ يقصد المصلحة العامة ومعاونة السلطات علي كشف الجرائم.

وجه الدفاع السادس
النشر متى كان استخداما لحق نشر الأخبار؟
من المقرر أن للصحف الحق في نشر الأخبار حتى تؤدي رسالتها في الإعلام وتتطلب هذه الإباحة توافر شروط ثلاثة :-
1. صحة الخبر وطابعه الاجتماعي .فصحة الخبر شرط لتحقيق المصلحة الاجتماعية التي تقوم الإباحة عليها ، فالمجتمع لا يستفيد بنشر خبر غير صحيح ، وتقتضي صحة الخبر أن تكون الواقعة التي يتضمنها صحيحة في ذاتها ، وصحيحة من حيث نسبتها إلى من أسندت إليه. وأن يكون الخبر ذا طابع اجتماعي عام فلا تمتد الإباحة إلى الأخبار التي تنطوي علي إسناد واقعة شائنة تتعلق بالحياة الخاصة لأحد الأفراد دون أن تحقق هدفا اجتماعيا .
2. موضوعية العرض. وتعني أن يقتصر الصحفي علي نشر الخبر في حجمه الحقيقي، فلا يضفي عليه مبالغة أو تهكماً أو سخرية.
3. حسن النية. وتعني استهداف مصلحة المجتمع لا التشهير أو الانتقام ، وإذ كان الخبر غير صحيح ولكن ناشره اعتقد صحته واستند اعتقاده إلى التحري المعتاد ممن كان في مثل ظروفه فله أن يحتج بالغلط في الإباحة .

وجه الدفاع السابع
النشر كان ممارسة لحق النقد
النقد المشروع بحسب الأصل هو فعل ليس فيه قذف ولا سب ولا إهانة أي ليس فيه مساس بشرف الغير أو اعتباره أو سمعته، وإنما فيه نعي واستنكار لتصرفه أو عمله بغير المساس بشخصه من جهة شرفه واعتباره " .
منذ عام 1938 حددت محكمة النقض المصرية حدود ونطاق حق النقد فقالت: " النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته ، فإذ تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكونا لجريمة سب أو إهانه أو قذف بحسب الأحوال " ، كما قضت بأنه " إذا كانت العبارات المنسوبة إلى المتهم قاذعة وجاءت بأسلوب عام لا تبرز فيه واقعة معينة بالذات يمكن القول إن المتهم كان ينقدها ، ومن أثرها أن تصور في خيال القارئ أفدح المكاره وأزرى الصفات ، وصيغة التعميم هذه تشهير صريح لا يقبل فيه القول بحسن النية".
ويشترط للدفع بحق النقد ثلاثة شروط :-
1 . صحة الواقعة أو الاعتقاد بصحتها :-
فاختلاق واقعة شائنة لا وجود لها والتعليق عليها لا يعتبر نقدا ، أو إدخال التشويه علي واقعة حقيقية أو ذكر تعليقات عليها، كل ذلك لا يعتبر نقدا ، كما يجب أن تكون الواقعة تعني المجتمع ، ويجب أن يتناول النقد واقعة حدثت بالفعل إذ لا يتصور أن يتم إبداء الرأي بشأن عمل أو واقعة ليس لها وجود ، فالشخص الذي يعلق على عمل لم يخرج إلى حيز التنفيذ لا تعتبر آراؤه من قبيل النقد ، والسبب في هذا الشرط يرجع إلى أنه لا يمكن تقدير ما إذا كان الرأي الصادر من الناقد له صفة النقد المباح، إلا إذا كان هذا الرأي متعلقا بواقعة ثابتة مسلم بها حتى يمكن تبرير النتيجة التي توصل إليها الناقد.
وفى هذا المعنى تقول محكمة النقض " إنه إذا كانت العبارات المنسوبة إلى المتهم قاذعة وجاءت بأسلوب عام لا تبرز فيه واقعة معينة بالذات يمكن القول إن المتهم كان ينتقدها فإن أثرها انه صور في خيال القارئ أفدح المكاره وأزرى الصفات التي يمكن أن تسند إلى هيئة الحكم في البلاد وصيغة التعميم هذه هي تشهير صريح لا يقبل فيه القول بحسن النية كما أن هذا التعميم لا ينقلب إلى تخصيص وقائع معينة جائز إثباتها لمجرد ما ورد على لسان المتهم فيما بعد عندما تولت النيابة العامة التحقيق معه لأن أقواله عندئذ – حقة كانت أو باطلة – إنما كانت على سبيل ضرب الأمثال وهى لا تغنى شيئا في مكان لفعلتها من الأثر في أذهان الجمهور الذي قرأ المنشور خاليا من التخصيص والتعيين " .
2. التزام حدود النقد البناء:-
ينبغي أن يلتزم الناقد حدود إبداء الرأي في الأمر موضوع النقد بما يحقق إطلاع الجمهور علي وجهة نظرها فيه فلا يتناول صاحب ذلك الأمر إلا بالقدر الذي يقتضيه التعليق ، كما يجب أن يكون النقد والتعليق وإبداء الرأي متعلقا بالواقعة المسندة فلا يعد نقدا الخروج على مقتضيات التعليق إلى التحقير والزراية بالمقذوف وعلى المحكمة أن تستظهر توافر هذا من مجموع المقال لا من جزئية منه فإذا تبين لها أن المتهم قد اتخذ من التعليق وسيلة للتشهير تحت ستار النقد كان عليها أن تدينه.
.حسن النية .ينبغي لاكتمال شروط إباحة النقد أن يكون الناقد سليم النية معتقدا صحة الواقعة التي يبدي الرأي فيها ، وسلامة هذا الرأي ، وليس بذي شأن أن يكون الرأي صائبا أو خاطئا ، فيكون الناقد في دائرة حقه ولو كان التعليق خاطئا مادام قد أبداه بترو وتعقل ، ومتي كان معتقدا في صواب رأيه فلا يسأل جنائيا ، وإنما قد يسأل مدنيا فيما لو تسرع في إبداء هذا الرأي بغير التثبت والتحري اللازمين . والأصل في كل ناقد انه حسن النية وعلي سلطة الاتهام إثبات سوء نيته .
3. توخي تحقيق المصلحة العامة:-
فلا يباح مثلا النقد إذا كان الغرض منه الانتقام والتشهير ، والواقع أن النقد الذي يراعى فيه حدود الإباحة يفترض فيه أن يكون قد تم بغرض تحقيق المصلحة العامة .
وقد قضت محكمة النقض بأنه " لا مانع يمنع اشتمال المقال الواحد وما يتبعه من رسم وغيره على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير ، وللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدر أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر ، ولا محل للقول إن حسن النية يجب أن يقدم في كل الأحوال على ماعداه وإلا لاستطاع الكاتب تحت ستار الدفاع ظاهريا عن مصلحة عامة مزعومة أن ينال من كرامة الموظف العمومي ما شاء دون أن يناله القانون بالعقاب".

خـاتمــة
المعايير العامة لمحددات العمل الصحفي
قدمنا في الصفحات السابقة ما تصورنا أنه بعض أوجه الدفاع التي يمكن أن يلجأ إليها الصحفي حين يمثل أمام جهات التحقيق علي أننا نري أن من الواجب أن نضع بين يدي الصحفيين باعتبارهم -رسل الحرية- ما نتصور أنه بعض القيم والمعايير التي يتعين الالتزام بها في وسائل الإعلام وهي:-
1. عدم توثيق المعلومات ،عدم مراعاة الدقة في نشرها، وعدم الالتزام بحق الرد أو التصحيح .
2. نشر أخبار مجهلة، أو نشر الوقائع مبتورة أو مبالغاً فيها .
3. عدم احترام الحياة الخاصة للمواطنين .
4. عدم احترام الأديان أو العقائد أو الدعوة إلى التمييز القائم علي الدين أو الجنس أو اللون ن أو إثارة النعرات العنصرية أو الطائفية.

==============

حق النقد ونشر الأخبار في الصحف
كتب بواسطة Shabab 20
التاريخ: أغسطس 18, 2013
فى :قانون وتشريعات
اترك تعليق
تلعب وسائل الإعلام وخاصة الصحافة دورا هاما بين أفراد المجتمع، فعن طريقها يعلم الأفراد بالأمور الاجتماعية التي تهمهم من خلال من يتصدون لنشر هذه الأخبار. أو نقد وضع قائم أو شخصية معينة بقصد خدمة المجتمع. وبذلك تظهر القيمة الاجتماعية لوسائل الإعلام التي عن طريقها تخبر الدولة الأفراد بما يهمهم أن يعلموا به للوقوف بجانبها للعمل لخير المجتمع، وهذه الوظيفة الاجتماعية لوسائل الإعلام قد تنطوي على المساس بشرف  واعتبار احد الأشخاص مما ينتج عن ذلك جريمة قذف فإذا ثبت ذلك تعين إباحة هذا المساس، بقصد ترجيح حق المجتمع على حق الفرد . وسند الإباحة هنا استعمالا لحق أقره الدستور في المواد (49،48،47) . ونصوص هذه المواد تفيد أن من حق أي مواطن أن يسهم في خدمة المجتمع بالوسيلة الملائمة لذلك.

أ-حق النقد :

النقد هو مناقشة أمر من الأمور أو تقييم وضع أو عمل معين للحكم عليه، وتبيين محاسنه ومساوئه دون المساس مباشرة بصاحب الأمر أو العمل. وقد عرفته محكمة النقض بقولها ” النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته، فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكونا لجريمة سب أو قذف أو إهانة حسب الأحوال “.

وحق النقد يعد تطبيقا لمبدأ أساسي، راعته أغلب التشريعات الحديثة وهو حرية التعبير والرأي، فكل فرد في المجتمع من حقه إبداء رأيه في كافة الأمور ولا يؤاخذ على ذلك ما دامت آراؤه لا تتضمن مساسا بحقوق الآخرين .

وللنقد مجالات عديدة منها إبداء الرأي في مذهب سياسي أو اقتصادي أو إبداء الرأي في سياسة حزب معين، إذا كان النظام السياسي في الدولة يقوم على نظام تعدد الأحزاب، ويزداد النقد إبان المعارك الانتخابية. ويدخل النقد أيضاً في مجال تقييم الأعمال العامة والمهن الحرة كالأطباء والمحامين والمهندسين . كما يشمل أيضا النقد التاريخي فيحق نقد الشخصيات العامة التاريخية بشرط صدق الوقائع التي تروى عنهم . ويختلف النقد عن القذف في أن النقد المباح لا يتضمن قذفا، فليس فيه مساس بشرف المنقود أو اعتباره، وإنما يتناول النقد عمل الشخص أو تصرفا معينا له مع المساس بشخصه أو اعتباره . أما القذف فهو الذي يتضمن مساسا بسمعة الشخص واعتباره فيلتقي النقد مع القذف في أن كلا منهما يحمل في طياته رأيا في غير صالح من وجه إليه . وقد فرقت محكمة النقض بين القذف والنقد بقولها: ” إن النقد المباح لا عقاب عليه أصلا إذ المفهوم منه أن الناقد لم يخرج في نقده إلى القذف والسب “.

شروط إباحة النقد :

تستخلص شروط حق النقد من الدور الاجتماعي الذي يلعبه هذا الحق داخل المجتمع وما يهدف إليه من خدمة المصلحة العامة. وعلى هذا الأساس تكون شروط حق النقد هي:

أولاً :  أن تكون الواقعة محل النقد ثابتة .

ثانياً :  أن يكون موضوع الواقعة ذا أهمية اجتماعية .

ثالثاً :  أن ترد عبارات النقد في أسلوب ملائم.

رابعاً :  يجب أن تتوافر حسن النية لدى الناقد.

أولاً :  أن تكون الواقعة محل النقد ثابتة :

يجب أن ينصب النقد على واقعة ثابتة أو مسلمة . فيفترض في الناقد أنه يعلم لخدمة المصلحة العامة والمجتمع، وهذا يتطلب منه عدم تزييفه الوقائع.

فيتعين عليه أن يورد الوقائع في صورتها الحقيقية حتى يستفيد من الإباحة المقررة لحق النقد وعلى هذا الأساس لا يجوز للناقد أن يبتكر الوقائع الشائنة ثم ينقدها ويعلق عليها أو أن يشوه الوقائع الصحيحة مما يجعلها مشينة في نظر الرأي العام. فهو وإن فعل ذلك، لا يحق له أن يستفيد من الإباحة المقررة لحق النقد لأن هذه الإباحة لا تتطلب هذا التزييف، ولا يعتبر نقدا مباحا أن يذكر الناقد رأيه دون ذكر الواقعة التي يستند إليها .وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأنه ” إذا كانت العبارات المنسوبة للمتهم فاذعة وجاءت بأسلوب عام لا تبرز فيه واقعة معينة بالذات يمكن القول بأن المتهم كان ينتقدها فإن أثرها أنه صور في خيال القارئ أفدح المكاره وأزرى الصفات التي يمكن أن تسند إلى هيئة الحكم في البلاد. وصيغة التعميم هذه هي تشهير صريح لا يقبل فيه القول بحسن النية كما أن هذا التعميمي لا ينقلب إلى تخصيص بوقائع معينة جائز إثباتها لمجرد ما ورد على لسان المتهم فيما بعد عندما تولت النيابة التحقيق معه لأن أقواله عندئذ – حقه كانت أو باطلة – إنما كانت على سبيل ضرب الأمثال وهي لا تغني شيء فيما كان لفعلته من الأثر في أذهان الجمهور الذي قرأ المنشور خالياً من التخصيص والتعيين “.

ويستفيد من إباحة حق النقد الناقد الذي يعتقد في صحة الوقائع التي وجه النقد إليها ، بشرط أن يكون اعتقاده هذا يستند إلى أسباب معقولة . وتقدير ذلك من شأن قاضي الموضوع.

والناقد لا يحق له أن يباشر حق النقد إلا على أساس نوعين من الوقائع :

النوع الأول :  أن تكون الوقائع علم بها جمهور الناس نتيجة فعل أصحابها أو نيتجة شهرتها أو تكون هذه الوقائع قد استقرت في المجتمع على أنها واقعة مسلمة.

ويترك لقاضي الموضوع تقدير صفة الواقعة.

النوع الثاني :  وقائع يكشفها الناقد على الرغم من أنها لم تصبح في حوزة الجمهور ومثل هذه الوقائع إذا نازع فيها المجني عليه وجب على الناقد إثبات صحتها بشرط أن تكون مثل هذه الوقائع يجيز القانون إثباتها.

ثانياً :  أن يكون موضوع الواقعة ذا أهمية اجتماعية:

لكي يقوم حق النقد بدوره داخل المجتمع، يجب أن يكون موضوع الواقعة محل النقد ذا أهمية لأفراد المجتمع بحيث يهدف النقد الموجه إليه إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع . وعلى هذا فلا يحق للناقد أن يتناول الحياة الخاصة لفرد ما بالنقد . لأن ذلك لا يعود بأية فائدة على المجتمع بل إن المجتمع قد يتأذى من ذلك لأن القواعد الاجتماعية تأبى تعريض حياة الأفراد الخاصة للنقد وإبداء الرأي بشأنها ، إلا أنه يجوز التعرض للحياة الخاصة للفرد إذا كان عمله يرتبط بالحياة العامة ارتباطا لا يقبل التجزئة ويكون النقد بالقدر الذي يستلزمه ذلك الارتباط.

ولا يكفي لكي يكون موضوع الواقعة مما يهم الجمهور أن يكون ذات طابع سياسي أو يكون متصلا بالمصلحة العامة اتصالا مباشرا وإنما يكفي أن تكون الواقعة بطبيعتها تتجه إلى جمهور المجتمع وتنعكس آثارها على عدد غير قليل من الناس حتى يحق لكل شخص أن يوجه النقد إليها مثال ذلك أصحاب الحرف والمهن الحرة كالأطباء والمحامين والتجار والمهندسين فإن أعمالهم تهم الجمهور وانتقادها يحقق المصلحة العامة.

أهم حالات النقد المباح :

1-النقد الأدبي والعلمي والفني:  قد تشمل الواقعة محل النقد عملا أدبيا أو علميا أو فنيا والنقد الموجه إلى مثل هذه الأعمال يجب أن يقتصر على العمل نفسه ولا ينصرف إلى شخص صاحبه، فلا يحق للناقد أن يتعرض لسلوك صاحب العمل أو مقدرته أو أمانته . ومثل هذا النقد يجب أن يحقق النفع العام للمجتمع. وترجع الحكمة من تقرير حق النقد للأعمال الأدبية والعلمية والفنية إلى أن هذه الأعمال تهم الجمهور وتعرض عليه وإن عرضها على الجمهور يعطي الحق لكل شخص قادر على النقد أن يقوم هذا العمل ومؤلفه، لأن هذا العمل أصبح يحمل الصفة الاجتماعية العامة. وفي حكم لمحكمة مصر الابتدائية في 19 مايو سنة 1932 عبرت عن هذا النقد بقولها “إن النقد العلمي والأدبي جائز ما دام لا يتناول سوى المؤلفات نفسها بدون التعرض إلى شخصية المؤلف أو كرامته، ولا حرج على من ينقد أي مؤلف علمي أو أدبي ولو بألفاظ بالغة منتهى الشدة، لأن المؤلف إذا أدلى بمؤلفاته إلى الجمهور أصبح من حقهم أن يتناولوه بكل قدح أو مدح، لأن المؤلفات الأدبية أو العلمية لا تتولد لها أية حياة في عالم الأدب، والعلوم إلا بتقدير الجمهور لها. بذلك يكون من حق كل قارئ أن يتناول تلك المؤلفات بالتحبيذ أو بالتفريع وأن يبحث مآخذها ومصادرها وأن ينقد أسلوبها والأخطاء التي حولها إلى غير ذلك وعلى المؤلف أن يتسع صدره بحيث يحتمل كل طعنات يطعن فيها مؤلفه مهما كانت شديدة وقارصة لأن من ينشر كتابه يعتبر كأنه قبل ضمنا أن يستهدف لكل نقد أو تفريع ولو بأسلوب تهكمي سخري فضلا عن أن حرية النقد لازمة لارتقاء الفنون والآداب والعلوم وهذا صالح عام يجب أن تضحى في سبيله اعتبارات الأفراد “.

وترجع أهمية هذا النقد في هذه الحالة إلى أنه يحقق مصالح مختلفة وأن أهم هذه المصالح هي المصلحة التي تعود على صاحب العمل نفسه الذي يهمه معرفة ما يوجه إلى عمله من نقد حتى يتلاشى ذلك مستقبلا، أو يرى أن وجهه نظره تختلف مع وجهة نظر الناقد فيرد على ذلك بحجج وأسانيد جديدة وفي كلتا الحالتين فإن النقد يفتح أفاقا جديدة تؤدي إلى التقدم العلمي والفني والأدبي  . مما يترتب على ذلك خدمة المجتمع بأثره.

2-النقد التاريخي :  من المتفق عليه أن للتاريخ حق سرد وتقدير الوقائع التي جرت في حياة الأفراد فحياة الفرد الخاصة إذا كانت ملكا له إثناء حياته فإن هذا لا يسرى على التاريخ بعد وفاته . وبمجرد وقوع الحوادث التاريخية فإنها تصبح حقا للمؤرخ، فيحق له التعليق على هذه الحوادث وروايتها ولا يعتبر ذلك قذفا منه ما دام أنه قد راعى في ذلك سرد الحوادث بصدق وأمانة دون التعرض للحياة الخاصة .

ويرجع تقدير النقد التاريخي وصدق رواية المؤرخ إلى قاضي الموضوع يقدرها حسب ظروف الدعوى المعروضة عليه .

3-النقد السياسي :

إن الاعتبار السياسي للشخص مباح للمناقشة والبحث ولا يعتبر ذلك قذفا. لأن هذا الاعتبار وإن كان حقا لصاحبه إلا أن طبيعة النظام الديمقراطي يستوجب حق المعارضة ورقابة الرأي على مثل هؤلاء السياسيين، بغرض إشراك الشعب في مسؤوليات  الحكم .

ويتخذ النقد السياسي  أهمية خاصة إذا كان النظام السياسي للبلاد يعترف بالنظام الحزبي وتزداد هذه الأهمية في إبان المعارك الانتخابية  لأن الانتخابات في أي نظام ديمقراطي تتيح الفرصة لنقد المرشحين بقصد عرض أمرهم على الناخبين فإذا كان الهدف من النقد الكشف عن وقائع أو أمور يهم الناخبين معرفتها لصحة الحكم على النائب فلا عقاب على الناقد في هذه الحالة. وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأن ” الطعن في الخصوم السياسيين بوجه عام يجوز قبوله بشكل واسع واعم من الطعن في موظف عام بالذات. وأن الشخص الذي يرشح نفسه للنيابة عن البلاد يتعرض على علم لأن يرى كل أعماله هدفا للطعن والانتقاد ولكن له جميع الوسائل للدفاع عن نفسه والرد على الطعون الموجهة وتبرير أعماله. وأن المناقشات العمومية مهما بلغت من الشدة في نقد أعماله وآراء الأحزاب السياسية تكون في مصلحة الأمة التي يتسنى لها بهذه الطريقة أن تكون رأيا في الحزب الذي تثق فيه وتؤيده “.

كما أنه إذا تناول النقد تصرفا لأحد الأشخاص وتناول الناقد التصرف في ذاته وتجاهل شخص صاحبه ووضع حكما لا يقتصر على هذا التصرف في ذاته وإنما يشمل نوعا من التصرفات فمثل هذا النقد لا يعتبر قذفا. ولا يغير من ذلك أن يستعلم الناقد عبارات مريرة أو قاسية فالغرض أنها ليست موجهة إلى شرف شخص وإنما هي موجهة إلى الفكرة في ذاتها. وبناء على ذلك لا يعد من قبيل النقد المباح نشر مقالا تحت عنوان ” نفقات حفلات الطرب ألم يكن الفقراء أولى بها” وذكر فيه أن بعض الوزراء سلكوا سلوكا معيبا في غير حدود الاحتشام وصدر منهم من المساخر ما لا يليق بأشخاصهم ومناصبهم . ولا يعد من النقد المباح التعرض لأشخاص النواب والطعن في ذممهم برميهم بأنهم أقروا المعاهدة المصرية الانجليزية مع يقينهم أنها ضد مصلحة بلدهم حرصا على مناصبهم وما تدره عليهم من مرتبات . وحكم أيضا بأنه ” متى كان المقال محل الدعوى قد اشتمل على إسناد وقائع للمجني عليه هي أنه ” مقامر بمصير أمة وحياة شعب، وأن التاريخ كتب له سطوراً يخجل هو من ذكرها وأنه تربى على موائد المستعمرين، ودعامة من دعامات الاقتصاد الاستعماري الذي بناه اليهود بأموالهم وأنه يسافر إلى بلاد الانجليز ليمرغ كرامة مصر في الأوحال وليخترع نوعاً من التسول هو الاستجداء السياسي فإنه يكون مستحقا لعقوبة القذف المنصوص عليها في المادة 303 من قانون العقوبات إذ أن عباراته تشتمل على نسبة أمور لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من نسبة إليه قانونا أو احتقاره عند أهل وطنه ومن الخطأ اعتبار هذا المقال نقدا مباحا لسياسة المجني عليه وقع بحسن نية “.

ثالثاً :  أن ترد عبارات النقد في أسلوب ملائم:

لكي يباح النقد يجب أن يصاغ في أسلوب وعبارات ملائمة. فيجب أن يتناسب مع القدر المحدود من الواقعة محل النقد، فلا يجوز أن يستعمل الناقد عبارات قاسية بحيث يجعل من النقد ستاراً للتشهير والتجريح فهو وإن فعل ذلك يكون قد أساء استعمال هذا الحق ويسأل لتجاوزه حدوده، وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأنه ” إذا كان للإنسان أن يشتد في نقد أخصامه السياسيين فإن ذلك يجب ألا يتعدى حق النقد المباح، فإذا خرج إلى حد الطعن والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون ولا يبرر عمله أن يكون أخصامه قد سبقوه في صحفهم إلى استباحة حرمات القانون في هذا الباب ويكفي أن تراعى المحكمة هذا الظرف في تقدير العقوبة “.

والحكمة من ذلك ترجع إلى أن حق النقد يجب ألا يخرج عن الهدف الذي تقرر من أجله وهو خدمة المجتمع .

إلا أنه في حالات كثيرة قد تقضى الواقعة استعمال الناقد لعبارات فيها عنف وقسوة ولا يكون قد خرج في استعماله هذه العبارات حدود حقه. وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض أنه ” متى كان الحكم متضمنا ما يفيد أن المتهم كان فيما نسبه إلى المجني عليه في حدود المرسومة في القانون للنقد الذي لا عقاب عليه فلا يقدح في صحته إن كانت العبارات التي استعملها المتهم مرة قاسية “. ولكن يجب أن تستند هذه العبارات إلى وقائع ثابتة وإلا تعرض صاحبها للمسؤولية الجنائية أو المدنية أو كلتيهما حسب الظروف . وفي هذا تقول المحكمة الدستورية العليا ” وما رمى إليه الدستور في هذا المجال ( إباحة النقد البناء ) هو ألا يكون النقد منطويا على آراء تنعدم قيمتها الاجتماعية كتلك التي تكون غايتها الوحيدة شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية أو التي تكون منطوية على الفحش أو مجرد التعويض بالسمعة “.

والمرجع في تقدير عبارات النقد عما إذا كانت ملائمة من عدمه ترجع إلى قاضي الموضوع. ولكن قد يختلف الرأي بين القضاة في تقدير ملائمة عبارة واحدة، فقد يراها قاضي بأنها ملائمة بينما يراها آخر بأنها غير ملائمة . وتوجد في القضاء أمثلة عديدة لهذا الاختلاف منها ما قضت به إحدى المحاكم من أنه إذا نسب رئيس تحرير جريدة إلى فريق الأغلبية في مجلس الشيوخ والنواب بأنه يضحى بالوطن ويعبد الحكومة وأنه جشع ووظيفته هي اتهما الوطن. واتهمه كذلك بالجبن والكذب وعدم الفهم فهذه الألفاظ لا تعتبر من قبيل النقد المباح . إلا أن محكمة النقض اعتبرت أن هذه العبارات من قبيل النقد المباح لأنها صدرت في وقت كانت توجد فيه تطاحن في الأحزاب . وقد ألغت محكمة النقض حكما لمحكمة جنايات مصر صدر بإدانة صحفي في تهمة إهانة وسب رئيس مجلس النواب وأحد الوزراء بأن وصفه بأنه هو وحماره يتراكبان فمره يكون إلى أعلى وأخرى إلى أسفل . واعتبرت المحكمة من قبيل النقد المباح أن ينسب صحفي إلى مسؤول بوزارة الصحة بأنه استخدم وسائل غير مشروعة للسفر الى الخارج لمجرد النزهة وأنه لم يقم بواجبه نحو توفير الدواء اللازم للمستشفيات، وأنه عندما سافر في بعثه سابقة استورد أدوية منها الفاسد ومنها الغير صالح للاستعمال. ولم تعتبر المحكمة من قبيل النقد المباح التعرض لأشخاص النواب والطعن فيهم بأنهم اقروا المعاهدة المصرية الانجليزية مع يقينهم أنها ضد مصلحة بلدهم، حرصا على مناصبهم وما تدره عليهم من مرتبات .

رابعاً :  يجب أن يتوافر لدى الناقد حسن النية :

وأخيراً لكي تكتمل شروط حق النقد يجب أن يكون الناقد حسن النية وهو يكون كذلك إذا كان يستهدف من نقده تحقيق نفع عام للمجتمع مع اعتقاده بصحة الرأي الذي يوجهه إلى الواقعة محل النقد . فإذا لم يتوافر لدى الناقد الاعتقاد بصحة الرأي فإنه لا يكون حسن النية ويكون مضللا للرأي العام . ولا يستفيد من حق النقد. فإذا توافر حسن النية في النقد على هذا النحو كان القد مباحا بغض النظر عن رأي الناقد صائبا أم خاطئا طالما كان مترو ومتعقل في إبداء راية .

ويفترض في الناقد أنه حسن النية ، ما لم يبت خلاف ذلك، ويقع عبء الإثبات على عاتق سلطة الاتهام . ويستفاد سور النية من عدة قرائن: فقد يستفاد ذلك من قسوة عبارات النقد بغير ضرورة، ويتضح ذلك من عدم تناسب عبارات النقد مع الغاية التي قرر من أجلها. كما يستفاد سور النية ايضا من محاولة الناقد استغلال هذا النقد في جلب منفعة خاصة له أو تحقيق كسب مادي .

ب-حق نشر الأخبار:

تعلب الصحافة دوراً هاما في حياة المجتمع، فهي تقوم بنشر الأخبار في الصحف، حتى تؤدي رسالتها في المجتمع كوسيلة من وسائل الإعلام تمكن الأفراد من الاطلاع على ما يدور داخل المجتمع. ولا يثور البحث اذا كانت الواقعة التي نشرتها الصحيفة لا تستوجب عقاب أو احتقار من وجهت اليه. إنما يثور البحث عندما تنشر الصحافة واقعة شائنة إلى شخص من وجهت إليه. بحيث تحمل في طياتها عناصر جريمة القذف كالقول عن موظف أنه تلقى رشوة أو عن فرد أنه ارتكب سرقة فنكون هنا امام مصلحتين متعارضتين مصلحة عامة تتمثل في معرفة الأفراد بما يدور داخل المجتمع، ومصلحة الشخص الذي اسند تاليه الواقعة المشينة فترجح المصلحة العامة على مصلحة الفرد الخاصة .

وتتوافر الإباحة لحق نشر الأخبار في الصحف طالما يدخل هذا النشر ضمن الحالات المصرح بها قانونا . من ذلك الحق في نشر الشكاوى والأحكام حتى ولو تضمن الحكم أو الشكوى وقائع تشين من وجهت إليه، ويعاقب عليها القانون، وقد تقرر هذا الحق في فرنسا في المادة 39 فقره 2 من قانون 29 يوليو سنة 1881 وهو خاص بجرائم النشر فقد أجازت هذه المادة نشر الأحكام الصادرة في سائر الدعاوى، ولو كان محظورا نشر ما جرى بالجلسات التي انتهت بصدور تلك الأحكام . وكذلك حق نشر ما يجري بالجلسات العلنية للمحاكم أو أحد المجلسين وهذا الحق لم ينص عليه القانون المصري صراحة، ولكن يمكن أن يستخلص ذلك عن طريق الاستنتاج العكسي من نصوص المادتين: 191، 192 من قانون العقوبات. فتنص المادة 191 على عقاب من يقوم بنشر ما يجري في المداولات السرية بالمحاكم أو نشر بغير أمانة وبسوء ما جرى في الجلسات العلنية بالمحاكم. وتنص المادة 192 عقوبات على عقاب من يقوم بنشر ما يدور بالجلسات السرية لأحد المجلسين وكذلك من ينشر بغير أمانة وسوء قصد ما يجري في الجلسات العلنية لأحد المجلسين ويستفاد من نص المادتين أنه لا جريمة على من يقوم بنشر ما يدور بالجلسات العلنية للمحاكم أو أحد المجلسين طالما تم النشر بأمانة وبحسن نية . حتى لو تضمن النشر قذفا في حق شخص ما.

شروط حق النشر:

1-صحة الخبر.

2-أن يكون الخبر ذا طابع عام.

3-حسن النية.

وشروط حق النشر هذه ترتبط بالغرض الذي تقرر هذا الحق من أجله وهو علم الأفراد بما يدور داخل المجتمع ولكي يتحقق هذا الهدف يجب أن يعلم الأفراد بالأخبار الصحيحة لأن الأخبار غير الصحيحة تشوه الحقيقة في المجتمع . كذلك يجب أن يكون الخبر الذي يتم نشره ذا طابع عام، أي له قيمة اجتماعية تهم المجتمع حتى تمتد اليه الاباحة. أما إذا كان الخبر ينطوي على واقعة شائنة تتعلق بالحياة الخاصة لأحد الأفراد، فلا تمتد إليها الاباحة . كذلك يجب أن يتوافر لدى ناشر الخبر حسن النية، أي يهدف من وراء نشر الخبر تحقيق مصلحة عامة لا أن يكون نشر الخبر بغرض الانتقام أو التشهير بأحد الأفراد .

فإذا انتفت شروط حق النقد وشروط حق النشر انتفت بذلك اباحة هذين الحقين وتعرض الناقد أو الناشر للمسؤولية الجنائية، وقد شدد المشرع من العقوبة في جرائم النشر ومنها جريمة القذف، وذلك إذا تم القذف بطريق النشر ( مادة 307 عقوبات ).

كما أن المشرع قد ألغى أيضا نص المادة 135 من قانون الاجراءات الجنائية ، وهذه المادة كانت تنص على أنه ” لا يجوز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف إلا إذا كانت الجريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 180،179،173 فقرة ثانية من قانونا العقوبات إذا تضمن طعنا في الأعراض أو تحريضا على إفساد الأخلاق”. وقد علل المشرع الغاء هذه المادة بأنها تخالف نص المادة 40 من الدستور والتي تنص على أن ” المواطنون أمام القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة”. وبذلك يكون المشرع بالغاء هذه المادة اعتبر أن حرية الرأي لا تعني حرية ارتكاب الجرائم ولا تعني تمييز مرتكبي جرائم النشر عن غيرهم فالمواطنون جميعا ملتزمون بالقانون مهما كانت الوسيلة التي يعبرون من خلالها عن آرائهم. كما أن الدستور لا يوجد فيه ما يؤيد القول بأن من يتخذون الصحافة وسيلة للتعبير عن آرائهم يختلفون في مراكزهم القانونية عن سواهم ممن يعبرون عن آرائهم بغير هذا الطريق.

المرجع

جريمــــة القـــــــذف دراسة مقارنة  بين القانون الجنائي الوضعي والشريعة الإسلامية

الدكتور إبراهيم محمد حسن


حق النقد ونشر الأخبار في الصحف
كتب بواسطة Shabab 20
التاريخ: أغسطس 18, 2013
فى :قانون وتشريعات
اترك تعليق
تلعب وسائل الإعلام وخاصة الصحافة دورا هاما بين أفراد المجتمع، فعن طريقها يعلم الأفراد بالأمور الاجتماعية التي تهمهم من خلال من يتصدون لنشر هذه الأخبار. أو نقد وضع قائم أو شخصية معينة بقصد خدمة المجتمع. وبذلك تظهر القيمة الاجتماعية لوسائل الإعلام التي عن طريقها تخبر الدولة الأفراد بما يهمهم أن يعلموا به للوقوف بجانبها للعمل لخير المجتمع، وهذه الوظيفة الاجتماعية لوسائل الإعلام قد تنطوي على المساس بشرف  واعتبار احد الأشخاص مما ينتج عن ذلك جريمة قذف فإذا ثبت ذلك تعين إباحة هذا المساس، بقصد ترجيح حق المجتمع على حق الفرد . وسند الإباحة هنا استعمالا لحق أقره الدستور في المواد (49،48،47) . ونصوص هذه المواد تفيد أن من حق أي مواطن أن يسهم في خدمة المجتمع بالوسيلة الملائمة لذلك.

أ-حق النقد :

النقد هو مناقشة أمر من الأمور أو تقييم وضع أو عمل معين للحكم عليه، وتبيين محاسنه ومساوئه دون المساس مباشرة بصاحب الأمر أو العمل. وقد عرفته محكمة النقض بقولها ” النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته، فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكونا لجريمة سب أو قذف أو إهانة حسب الأحوال “.

وحق النقد يعد تطبيقا لمبدأ أساسي، راعته أغلب التشريعات الحديثة وهو حرية التعبير والرأي، فكل فرد في المجتمع من حقه إبداء رأيه في كافة الأمور ولا يؤاخذ على ذلك ما دامت آراؤه لا تتضمن مساسا بحقوق الآخرين .

وللنقد مجالات عديدة منها إبداء الرأي في مذهب سياسي أو اقتصادي أو إبداء الرأي في سياسة حزب معين، إذا كان النظام السياسي في الدولة يقوم على نظام تعدد الأحزاب، ويزداد النقد إبان المعارك الانتخابية. ويدخل النقد أيضاً في مجال تقييم الأعمال العامة والمهن الحرة كالأطباء والمحامين والمهندسين . كما يشمل أيضا النقد التاريخي فيحق نقد الشخصيات العامة التاريخية بشرط صدق الوقائع التي تروى عنهم . ويختلف النقد عن القذف في أن النقد المباح لا يتضمن قذفا، فليس فيه مساس بشرف المنقود أو اعتباره، وإنما يتناول النقد عمل الشخص أو تصرفا معينا له مع المساس بشخصه أو اعتباره . أما القذف فهو الذي يتضمن مساسا بسمعة الشخص واعتباره فيلتقي النقد مع القذف في أن كلا منهما يحمل في طياته رأيا في غير صالح من وجه إليه . وقد فرقت محكمة النقض بين القذف والنقد بقولها: ” إن النقد المباح لا عقاب عليه أصلا إذ المفهوم منه أن الناقد لم يخرج في نقده إلى القذف والسب “.

شروط إباحة النقد :

تستخلص شروط حق النقد من الدور الاجتماعي الذي يلعبه هذا الحق داخل المجتمع وما يهدف إليه من خدمة المصلحة العامة. وعلى هذا الأساس تكون شروط حق النقد هي:

أولاً :  أن تكون الواقعة محل النقد ثابتة .

ثانياً :  أن يكون موضوع الواقعة ذا أهمية اجتماعية .

ثالثاً :  أن ترد عبارات النقد في أسلوب ملائم.

رابعاً :  يجب أن تتوافر حسن النية لدى الناقد.

أولاً :  أن تكون الواقعة محل النقد ثابتة :

يجب أن ينصب النقد على واقعة ثابتة أو مسلمة . فيفترض في الناقد أنه يعلم لخدمة المصلحة العامة والمجتمع، وهذا يتطلب منه عدم تزييفه الوقائع.

فيتعين عليه أن يورد الوقائع في صورتها الحقيقية حتى يستفيد من الإباحة المقررة لحق النقد وعلى هذا الأساس لا يجوز للناقد أن يبتكر الوقائع الشائنة ثم ينقدها ويعلق عليها أو أن يشوه الوقائع الصحيحة مما يجعلها مشينة في نظر الرأي العام. فهو وإن فعل ذلك، لا يحق له أن يستفيد من الإباحة المقررة لحق النقد لأن هذه الإباحة لا تتطلب هذا التزييف، ولا يعتبر نقدا مباحا أن يذكر الناقد رأيه دون ذكر الواقعة التي يستند إليها .وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأنه ” إذا كانت العبارات المنسوبة للمتهم فاذعة وجاءت بأسلوب عام لا تبرز فيه واقعة معينة بالذات يمكن القول بأن المتهم كان ينتقدها فإن أثرها أنه صور في خيال القارئ أفدح المكاره وأزرى الصفات التي يمكن أن تسند إلى هيئة الحكم في البلاد. وصيغة التعميم هذه هي تشهير صريح لا يقبل فيه القول بحسن النية كما أن هذا التعميمي لا ينقلب إلى تخصيص بوقائع معينة جائز إثباتها لمجرد ما ورد على لسان المتهم فيما بعد عندما تولت النيابة التحقيق معه لأن أقواله عندئذ – حقه كانت أو باطلة – إنما كانت على سبيل ضرب الأمثال وهي لا تغني شيء فيما كان لفعلته من الأثر في أذهان الجمهور الذي قرأ المنشور خالياً من التخصيص والتعيين “.

ويستفيد من إباحة حق النقد الناقد الذي يعتقد في صحة الوقائع التي وجه النقد إليها ، بشرط أن يكون اعتقاده هذا يستند إلى أسباب معقولة . وتقدير ذلك من شأن قاضي الموضوع.

والناقد لا يحق له أن يباشر حق النقد إلا على أساس نوعين من الوقائع :

النوع الأول :  أن تكون الوقائع علم بها جمهور الناس نتيجة فعل أصحابها أو نيتجة شهرتها أو تكون هذه الوقائع قد استقرت في المجتمع على أنها واقعة مسلمة.

ويترك لقاضي الموضوع تقدير صفة الواقعة.

النوع الثاني :  وقائع يكشفها الناقد على الرغم من أنها لم تصبح في حوزة الجمهور ومثل هذه الوقائع إذا نازع فيها المجني عليه وجب على الناقد إثبات صحتها بشرط أن تكون مثل هذه الوقائع يجيز القانون إثباتها.

ثانياً :  أن يكون موضوع الواقعة ذا أهمية اجتماعية:

لكي يقوم حق النقد بدوره داخل المجتمع، يجب أن يكون موضوع الواقعة محل النقد ذا أهمية لأفراد المجتمع بحيث يهدف النقد الموجه إليه إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع . وعلى هذا فلا يحق للناقد أن يتناول الحياة الخاصة لفرد ما بالنقد . لأن ذلك لا يعود بأية فائدة على المجتمع بل إن المجتمع قد يتأذى من ذلك لأن القواعد الاجتماعية تأبى تعريض حياة الأفراد الخاصة للنقد وإبداء الرأي بشأنها ، إلا أنه يجوز التعرض للحياة الخاصة للفرد إذا كان عمله يرتبط بالحياة العامة ارتباطا لا يقبل التجزئة ويكون النقد بالقدر الذي يستلزمه ذلك الارتباط.

ولا يكفي لكي يكون موضوع الواقعة مما يهم الجمهور أن يكون ذات طابع سياسي أو يكون متصلا بالمصلحة العامة اتصالا مباشرا وإنما يكفي أن تكون الواقعة بطبيعتها تتجه إلى جمهور المجتمع وتنعكس آثارها على عدد غير قليل من الناس حتى يحق لكل شخص أن يوجه النقد إليها مثال ذلك أصحاب الحرف والمهن الحرة كالأطباء والمحامين والتجار والمهندسين فإن أعمالهم تهم الجمهور وانتقادها يحقق المصلحة العامة.

أهم حالات النقد المباح :

1-النقد الأدبي والعلمي والفني:  قد تشمل الواقعة محل النقد عملا أدبيا أو علميا أو فنيا والنقد الموجه إلى مثل هذه الأعمال يجب أن يقتصر على العمل نفسه ولا ينصرف إلى شخص صاحبه، فلا يحق للناقد أن يتعرض لسلوك صاحب العمل أو مقدرته أو أمانته . ومثل هذا النقد يجب أن يحقق النفع العام للمجتمع. وترجع الحكمة من تقرير حق النقد للأعمال الأدبية والعلمية والفنية إلى أن هذه الأعمال تهم الجمهور وتعرض عليه وإن عرضها على الجمهور يعطي الحق لكل شخص قادر على النقد أن يقوم هذا العمل ومؤلفه، لأن هذا العمل أصبح يحمل الصفة الاجتماعية العامة. وفي حكم لمحكمة مصر الابتدائية في 19 مايو سنة 1932 عبرت عن هذا النقد بقولها “إن النقد العلمي والأدبي جائز ما دام لا يتناول سوى المؤلفات نفسها بدون التعرض إلى شخصية المؤلف أو كرامته، ولا حرج على من ينقد أي مؤلف علمي أو أدبي ولو بألفاظ بالغة منتهى الشدة، لأن المؤلف إذا أدلى بمؤلفاته إلى الجمهور أصبح من حقهم أن يتناولوه بكل قدح أو مدح، لأن المؤلفات الأدبية أو العلمية لا تتولد لها أية حياة في عالم الأدب، والعلوم إلا بتقدير الجمهور لها. بذلك يكون من حق كل قارئ أن يتناول تلك المؤلفات بالتحبيذ أو بالتفريع وأن يبحث مآخذها ومصادرها وأن ينقد أسلوبها والأخطاء التي حولها إلى غير ذلك وعلى المؤلف أن يتسع صدره بحيث يحتمل كل طعنات يطعن فيها مؤلفه مهما كانت شديدة وقارصة لأن من ينشر كتابه يعتبر كأنه قبل ضمنا أن يستهدف لكل نقد أو تفريع ولو بأسلوب تهكمي سخري فضلا عن أن حرية النقد لازمة لارتقاء الفنون والآداب والعلوم وهذا صالح عام يجب أن تضحى في سبيله اعتبارات الأفراد “.

وترجع أهمية هذا النقد في هذه الحالة إلى أنه يحقق مصالح مختلفة وأن أهم هذه المصالح هي المصلحة التي تعود على صاحب العمل نفسه الذي يهمه معرفة ما يوجه إلى عمله من نقد حتى يتلاشى ذلك مستقبلا، أو يرى أن وجهه نظره تختلف مع وجهة نظر الناقد فيرد على ذلك بحجج وأسانيد جديدة وفي كلتا الحالتين فإن النقد يفتح أفاقا جديدة تؤدي إلى التقدم العلمي والفني والأدبي  . مما يترتب على ذلك خدمة المجتمع بأثره.

2-النقد التاريخي :  من المتفق عليه أن للتاريخ حق سرد وتقدير الوقائع التي جرت في حياة الأفراد فحياة الفرد الخاصة إذا كانت ملكا له إثناء حياته فإن هذا لا يسرى على التاريخ بعد وفاته . وبمجرد وقوع الحوادث التاريخية فإنها تصبح حقا للمؤرخ، فيحق له التعليق على هذه الحوادث وروايتها ولا يعتبر ذلك قذفا منه ما دام أنه قد راعى في ذلك سرد الحوادث بصدق وأمانة دون التعرض للحياة الخاصة .

ويرجع تقدير النقد التاريخي وصدق رواية المؤرخ إلى قاضي الموضوع يقدرها حسب ظروف الدعوى المعروضة عليه .

3-النقد السياسي :

إن الاعتبار السياسي للشخص مباح للمناقشة والبحث ولا يعتبر ذلك قذفا. لأن هذا الاعتبار وإن كان حقا لصاحبه إلا أن طبيعة النظام الديمقراطي يستوجب حق المعارضة ورقابة الرأي على مثل هؤلاء السياسيين، بغرض إشراك الشعب في مسؤوليات  الحكم .

ويتخذ النقد السياسي  أهمية خاصة إذا كان النظام السياسي للبلاد يعترف بالنظام الحزبي وتزداد هذه الأهمية في إبان المعارك الانتخابية  لأن الانتخابات في أي نظام ديمقراطي تتيح الفرصة لنقد المرشحين بقصد عرض أمرهم على الناخبين فإذا كان الهدف من النقد الكشف عن وقائع أو أمور يهم الناخبين معرفتها لصحة الحكم على النائب فلا عقاب على الناقد في هذه الحالة. وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأن ” الطعن في الخصوم السياسيين بوجه عام يجوز قبوله بشكل واسع واعم من الطعن في موظف عام بالذات. وأن الشخص الذي يرشح نفسه للنيابة عن البلاد يتعرض على علم لأن يرى كل أعماله هدفا للطعن والانتقاد ولكن له جميع الوسائل للدفاع عن نفسه والرد على الطعون الموجهة وتبرير أعماله. وأن المناقشات العمومية مهما بلغت من الشدة في نقد أعماله وآراء الأحزاب السياسية تكون في مصلحة الأمة التي يتسنى لها بهذه الطريقة أن تكون رأيا في الحزب الذي تثق فيه وتؤيده “.

كما أنه إذا تناول النقد تصرفا لأحد الأشخاص وتناول الناقد التصرف في ذاته وتجاهل شخص صاحبه ووضع حكما لا يقتصر على هذا التصرف في ذاته وإنما يشمل نوعا من التصرفات فمثل هذا النقد لا يعتبر قذفا. ولا يغير من ذلك أن يستعلم الناقد عبارات مريرة أو قاسية فالغرض أنها ليست موجهة إلى شرف شخص وإنما هي موجهة إلى الفكرة في ذاتها. وبناء على ذلك لا يعد من قبيل النقد المباح نشر مقالا تحت عنوان ” نفقات حفلات الطرب ألم يكن الفقراء أولى بها” وذكر فيه أن بعض الوزراء سلكوا سلوكا معيبا في غير حدود الاحتشام وصدر منهم من المساخر ما لا يليق بأشخاصهم ومناصبهم . ولا يعد من النقد المباح التعرض لأشخاص النواب والطعن في ذممهم برميهم بأنهم أقروا المعاهدة المصرية الانجليزية مع يقينهم أنها ضد مصلحة بلدهم حرصا على مناصبهم وما تدره عليهم من مرتبات . وحكم أيضا بأنه ” متى كان المقال محل الدعوى قد اشتمل على إسناد وقائع للمجني عليه هي أنه ” مقامر بمصير أمة وحياة شعب، وأن التاريخ كتب له سطوراً يخجل هو من ذكرها وأنه تربى على موائد المستعمرين، ودعامة من دعامات الاقتصاد الاستعماري الذي بناه اليهود بأموالهم وأنه يسافر إلى بلاد الانجليز ليمرغ كرامة مصر في الأوحال وليخترع نوعاً من التسول هو الاستجداء السياسي فإنه يكون مستحقا لعقوبة القذف المنصوص عليها في المادة 303 من قانون العقوبات إذ أن عباراته تشتمل على نسبة أمور لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من نسبة إليه قانونا أو احتقاره عند أهل وطنه ومن الخطأ اعتبار هذا المقال نقدا مباحا لسياسة المجني عليه وقع بحسن نية “.

ثالثاً :  أن ترد عبارات النقد في أسلوب ملائم:

لكي يباح النقد يجب أن يصاغ في أسلوب وعبارات ملائمة. فيجب أن يتناسب مع القدر المحدود من الواقعة محل النقد، فلا يجوز أن يستعمل الناقد عبارات قاسية بحيث يجعل من النقد ستاراً للتشهير والتجريح فهو وإن فعل ذلك يكون قد أساء استعمال هذا الحق ويسأل لتجاوزه حدوده، وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأنه ” إذا كان للإنسان أن يشتد في نقد أخصامه السياسيين فإن ذلك يجب ألا يتعدى حق النقد المباح، فإذا خرج إلى حد الطعن والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون ولا يبرر عمله أن يكون أخصامه قد سبقوه في صحفهم إلى استباحة حرمات القانون في هذا الباب ويكفي أن تراعى المحكمة هذا الظرف في تقدير العقوبة “.

والحكمة من ذلك ترجع إلى أن حق النقد يجب ألا يخرج عن الهدف الذي تقرر من أجله وهو خدمة المجتمع .

إلا أنه في حالات كثيرة قد تقضى الواقعة استعمال الناقد لعبارات فيها عنف وقسوة ولا يكون قد خرج في استعماله هذه العبارات حدود حقه. وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض أنه ” متى كان الحكم متضمنا ما يفيد أن المتهم كان فيما نسبه إلى المجني عليه في حدود المرسومة في القانون للنقد الذي لا عقاب عليه فلا يقدح في صحته إن كانت العبارات التي استعملها المتهم مرة قاسية “. ولكن يجب أن تستند هذه العبارات إلى وقائع ثابتة وإلا تعرض صاحبها للمسؤولية الجنائية أو المدنية أو كلتيهما حسب الظروف . وفي هذا تقول المحكمة الدستورية العليا ” وما رمى إليه الدستور في هذا المجال ( إباحة النقد البناء ) هو ألا يكون النقد منطويا على آراء تنعدم قيمتها الاجتماعية كتلك التي تكون غايتها الوحيدة شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية أو التي تكون منطوية على الفحش أو مجرد التعويض بالسمعة “.

والمرجع في تقدير عبارات النقد عما إذا كانت ملائمة من عدمه ترجع إلى قاضي الموضوع. ولكن قد يختلف الرأي بين القضاة في تقدير ملائمة عبارة واحدة، فقد يراها قاضي بأنها ملائمة بينما يراها آخر بأنها غير ملائمة . وتوجد في القضاء أمثلة عديدة لهذا الاختلاف منها ما قضت به إحدى المحاكم من أنه إذا نسب رئيس تحرير جريدة إلى فريق الأغلبية في مجلس الشيوخ والنواب بأنه يضحى بالوطن ويعبد الحكومة وأنه جشع ووظيفته هي اتهما الوطن. واتهمه كذلك بالجبن والكذب وعدم الفهم فهذه الألفاظ لا تعتبر من قبيل النقد المباح . إلا أن محكمة النقض اعتبرت أن هذه العبارات من قبيل النقد المباح لأنها صدرت في وقت كانت توجد فيه تطاحن في الأحزاب . وقد ألغت محكمة النقض حكما لمحكمة جنايات مصر صدر بإدانة صحفي في تهمة إهانة وسب رئيس مجلس النواب وأحد الوزراء بأن وصفه بأنه هو وحماره يتراكبان فمره يكون إلى أعلى وأخرى إلى أسفل . واعتبرت المحكمة من قبيل النقد المباح أن ينسب صحفي إلى مسؤول بوزارة الصحة بأنه استخدم وسائل غير مشروعة للسفر الى الخارج لمجرد النزهة وأنه لم يقم بواجبه نحو توفير الدواء اللازم للمستشفيات، وأنه عندما سافر في بعثه سابقة استورد أدوية منها الفاسد ومنها الغير صالح للاستعمال. ولم تعتبر المحكمة من قبيل النقد المباح التعرض لأشخاص النواب والطعن فيهم بأنهم اقروا المعاهدة المصرية الانجليزية مع يقينهم أنها ضد مصلحة بلدهم، حرصا على مناصبهم وما تدره عليهم من مرتبات .

رابعاً :  يجب أن يتوافر لدى الناقد حسن النية :

وأخيراً لكي تكتمل شروط حق النقد يجب أن يكون الناقد حسن النية وهو يكون كذلك إذا كان يستهدف من نقده تحقيق نفع عام للمجتمع مع اعتقاده بصحة الرأي الذي يوجهه إلى الواقعة محل النقد . فإذا لم يتوافر لدى الناقد الاعتقاد بصحة الرأي فإنه لا يكون حسن النية ويكون مضللا للرأي العام . ولا يستفيد من حق النقد. فإذا توافر حسن النية في النقد على هذا النحو كان القد مباحا بغض النظر عن رأي الناقد صائبا أم خاطئا طالما كان مترو ومتعقل في إبداء راية .

ويفترض في الناقد أنه حسن النية ، ما لم يبت خلاف ذلك، ويقع عبء الإثبات على عاتق سلطة الاتهام . ويستفاد سور النية من عدة قرائن: فقد يستفاد ذلك من قسوة عبارات النقد بغير ضرورة، ويتضح ذلك من عدم تناسب عبارات النقد مع الغاية التي قرر من أجلها. كما يستفاد سور النية ايضا من محاولة الناقد استغلال هذا النقد في جلب منفعة خاصة له أو تحقيق كسب مادي .

ب-حق نشر الأخبار:

تعلب الصحافة دوراً هاما في حياة المجتمع، فهي تقوم بنشر الأخبار في الصحف، حتى تؤدي رسالتها في المجتمع كوسيلة من وسائل الإعلام تمكن الأفراد من الاطلاع على ما يدور داخل المجتمع. ولا يثور البحث اذا كانت الواقعة التي نشرتها الصحيفة لا تستوجب عقاب أو احتقار من وجهت اليه. إنما يثور البحث عندما تنشر الصحافة واقعة شائنة إلى شخص من وجهت إليه. بحيث تحمل في طياتها عناصر جريمة القذف كالقول عن موظف أنه تلقى رشوة أو عن فرد أنه ارتكب سرقة فنكون هنا امام مصلحتين متعارضتين مصلحة عامة تتمثل في معرفة الأفراد بما يدور داخل المجتمع، ومصلحة الشخص الذي اسند تاليه الواقعة المشينة فترجح المصلحة العامة على مصلحة الفرد الخاصة .

وتتوافر الإباحة لحق نشر الأخبار في الصحف طالما يدخل هذا النشر ضمن الحالات المصرح بها قانونا . من ذلك الحق في نشر الشكاوى والأحكام حتى ولو تضمن الحكم أو الشكوى وقائع تشين من وجهت إليه، ويعاقب عليها القانون، وقد تقرر هذا الحق في فرنسا في المادة 39 فقره 2 من قانون 29 يوليو سنة 1881 وهو خاص بجرائم النشر فقد أجازت هذه المادة نشر الأحكام الصادرة في سائر الدعاوى، ولو كان محظورا نشر ما جرى بالجلسات التي انتهت بصدور تلك الأحكام . وكذلك حق نشر ما يجري بالجلسات العلنية للمحاكم أو أحد المجلسين وهذا الحق لم ينص عليه القانون المصري صراحة، ولكن يمكن أن يستخلص ذلك عن طريق الاستنتاج العكسي من نصوص المادتين: 191، 192 من قانون العقوبات. فتنص المادة 191 على عقاب من يقوم بنشر ما يجري في المداولات السرية بالمحاكم أو نشر بغير أمانة وبسوء ما جرى في الجلسات العلنية بالمحاكم. وتنص المادة 192 عقوبات على عقاب من يقوم بنشر ما يدور بالجلسات السرية لأحد المجلسين وكذلك من ينشر بغير أمانة وسوء قصد ما يجري في الجلسات العلنية لأحد المجلسين ويستفاد من نص المادتين أنه لا جريمة على من يقوم بنشر ما يدور بالجلسات العلنية للمحاكم أو أحد المجلسين طالما تم النشر بأمانة وبحسن نية . حتى لو تضمن النشر قذفا في حق شخص ما.

شروط حق النشر:

1-صحة الخبر.

2-أن يكون الخبر ذا طابع عام.

3-حسن النية.

وشروط حق النشر هذه ترتبط بالغرض الذي تقرر هذا الحق من أجله وهو علم الأفراد بما يدور داخل المجتمع ولكي يتحقق هذا الهدف يجب أن يعلم الأفراد بالأخبار الصحيحة لأن الأخبار غير الصحيحة تشوه الحقيقة في المجتمع . كذلك يجب أن يكون الخبر الذي يتم نشره ذا طابع عام، أي له قيمة اجتماعية تهم المجتمع حتى تمتد اليه الاباحة. أما إذا كان الخبر ينطوي على واقعة شائنة تتعلق بالحياة الخاصة لأحد الأفراد، فلا تمتد إليها الاباحة . كذلك يجب أن يتوافر لدى ناشر الخبر حسن النية، أي يهدف من وراء نشر الخبر تحقيق مصلحة عامة لا أن يكون نشر الخبر بغرض الانتقام أو التشهير بأحد الأفراد .

فإذا انتفت شروط حق النقد وشروط حق النشر انتفت بذلك اباحة هذين الحقين وتعرض الناقد أو الناشر للمسؤولية الجنائية، وقد شدد المشرع من العقوبة في جرائم النشر ومنها جريمة القذف، وذلك إذا تم القذف بطريق النشر ( مادة 307 عقوبات ).

كما أن المشرع قد ألغى أيضا نص المادة 135 من قانون الاجراءات الجنائية ، وهذه المادة كانت تنص على أنه ” لا يجوز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف إلا إذا كانت الجريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 180،179،173 فقرة ثانية من قانونا العقوبات إذا تضمن طعنا في الأعراض أو تحريضا على إفساد الأخلاق”. وقد علل المشرع الغاء هذه المادة بأنها تخالف نص المادة 40 من الدستور والتي تنص على أن ” المواطنون أمام القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة”. وبذلك يكون المشرع بالغاء هذه المادة اعتبر أن حرية الرأي لا تعني حرية ارتكاب الجرائم ولا تعني تمييز مرتكبي جرائم النشر عن غيرهم فالمواطنون جميعا ملتزمون بالقانون مهما كانت الوسيلة التي يعبرون من خلالها عن آرائهم. كما أن الدستور لا يوجد فيه ما يؤيد القول بأن من يتخذون الصحافة وسيلة للتعبير عن آرائهم يختلفون في مراكزهم القانونية عن سواهم ممن يعبرون عن آرائهم بغير هذا الطريق.

المرجع

جريمــــة القـــــــذف دراسة مقارنة  بين القانون الجنائي الوضعي والشريعة الإسلامية

الدكتور إبراهيم محمد حسن







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق