الخميس، 1 أكتوبر 2015

صاحب الحاجة.. خامنئي! نديم قطيش


الجمعة 18 ذو الحجة 1436 الموافق 02 أكتوبر 2015
صاحب الحاجة.. خامنئي!

لم تصمد كثيرًا الحملة المغرضة التي تصدرها المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي ضد السعودية على خلفية مأساة مشعر منى ووفاة مئات حجاج بيت الله الحرام.
منذ اللحظة الأولى بدت شهية المرشد، وجاراه في ذلك الرئيس الإيراني حسن روحاني، عالية للاستثمار في حادثة مروعة، لدرجة يكاد يُعتقد معها أن ثمة من أمر بإعدام ضحايا الحادثة!
وسرعان ما انتشرت في وسائل إعلامية ومنشورات ومواقع إلكترونية تابعة لإيران حزمة شائعات وضعت الحادثة في سياقات تلقي بالمسؤولية على السعودية ومسؤولين فيها، وتظهر هؤلاء بمظهر التكبر والتجبر الذي يخالف كل ما درجت عليه تقاليد خدمة الحرمين الشريفين!
غير أن صاحب الحاجة أرعن كما يقول الإمام علي بن أبي طالب، وكان للرعونة أن تفضح نفسها سريعًا بطريقة غير مسبوقة، جعلت المرشد مكشوفًا أمام تناقض شراسة حملته وبعض التصريحات المهمة التي خرجت من إيران.
فعلى عكس الحملة التي أعطى إشارتها خامنئي قال محمد هاشمي، رئيس مكتب هاشمي رفسنجاني، في مقابلة له مع وكالة «فارس» شبه الرسمية إنه «من الصعوبة بمكان أن نصدر أحكامًا في مثل هذه القضايا، فعندما هطلت 8 مليمترات من الأمطار في طهران لقي الكثير حتفهم، إلا أن ذلك ليس دليلاً كافيًا لنحكم من خلاله». وأضاف هاشمي: «الحادث كان مؤلمًا، ولكن لا نستطيع القول إن الحكومة هي مسؤولة أو غير مسؤولة، ونطلق الأحكام من هنا».
ولئن التبست هذه التصريحات بأخرى نسبت لرفسنجاني بدا فيها في موضع النقد للسعودية حول الموضوع نفسه، جاءت تصريحات مسؤولين آخرين أكثر وضوحًا في إضعاف مصداقية المرشد وكشف رغبته العميقة في تسييس حادثة تمتلك كل مواصفات الحادثة، على مأساويتها وفظاعة حصيلتها الدامية!
كان لافتًا مثلاً أن يثني وزير الصحة الإيراني حسن هاشمي من جدة على جهود السعودية في التعامل مع حادث منى، معربًا عن تفهمه صعوبة المهمة، وموضحًا أن الحادث «أمر خارج عن الإرادة».
لم يسبق أن تعرضت مصداقية المرشد الأعلى في إيران وهيبة موقفه السياسي لمثل هذا النزيف الحاد، لا سيما أنه بدا شديد التحفز لتحويل الحادثة إلى منصة سياسية للمواجهة مع السعودية، في حين جاءت بعض المواقف لتفضح رعونة موقفه بلا أي جهد يذكر لمسايرته!
الحقيقة أن الحاجة التي ولدت الرعونة، لا تتصل بالحج وبحادثة مشعر منى بقدر اتصالها بالوقائع الميدانية التي يفرضها التحالف على أرض اليمن بقيادة السعودية.
رغم التطورات الميدانية المهينة للميليشيات الحوثية المدفوعة من إيران في اليمن بدت طهران حريصة على أن تُبقي تصريحاتها في الموضوع اليمني ضمن وتيرة «معقولة» وسقف مدروس، وأوكلت للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن يكون لسان إيران العربي في المواجهة السياسية والإعلامية مع الرياض! ومن يتابع يلاحظ أنه ما عاد في جعبة نصر الله ألاعيب لغوية وعنتريات خطابية يعالج بها ملف اليمن، من دون أن يجعل من خطابه أضحوكة أمام جمهوره قبل خصومه. وعليه ما إن حصلت حادثة منى حتى سارع المرشد وروحاني وعدد من المسؤولين للهجوم على السعودية منتحلين صفة الحرص على الحج وشعائره فيما المقصود النيل من السعودية وسمعتها وهيبتها والانتقام من القرار الذي لم تبتلعه إيران حتى اليوم، الذي اختصرته جملة عميد الدبلوماسية العربية الراحل الكبير الأمير سعود الفيصل: «نحن لسنا دُعاة حرب ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها».
لسان المرشد نطق بالحرص المزيف على الحج وحسن إدارته أما عقله وما يعتمل في قلبه فكان اليمن!
المفارقة أن خامنئي الذي يطالب بكف يد السعودية عن إدارة موسم الحج والعمرة بحجة عدم الكفاءة بعد وفاة مؤلمة لبضع مئات هو نفسه من لا يزال يدافع عن استمرار بشار الأسد بإدارة بلاد قتل من أهلها مئات الآلاف وهجر الملايين ودمر نحو نصف بنيتها التحتية بمشاركة من إيران ودعاء من المرشد له بالتوفيق!
من يتنطح بالحرص على الحج عليه أولاً ألا يكون قد أوغل في دم الأنفس البريئة بمقدار ما أوغلت إيران وعصاباتها.

(الشرق الأوسط)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق