السبت، 6 أغسطس 2016

الذين يظنون أننا هُزمنا واهمون مجاهد مأمون ديرانية

 -1-
 واهمٌ مَن يظنّ أن الثورة انتهت لأن بعض قرى وبلدات الريف الحلبي سقطت في يد العدو. الثورة أكبر من القرى والمدن، والحربُ سِجال، يومٌ لنا ويوم علينا. ولئن يكن هذا اليوم الذي علينا طويلاً ثقيلاً مُرّاً كريهاً، فقد ذاق عدونا بالأمس منّا مُرّاً وعلقماً وكان اليومُ الذي لنا ثقيلاً طويلاً عليه، والعاقبة لنا -بإذن الله- إن اعتصمنا بحبل الله واتكلنا عليه: {إن يمسسكم قَرْحٌ فقد مَسّ القومَ قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس}، {والعاقبة للمتقين}.
 فيَومٌ علينا ويومٌ لنا   ***   ويومٌ نُساءُ ويومٌ نُسَرّ
 -2-
 واهمٌ مَن يظنّ أن الشعب السوري سوف يستسلم لأن روسيا ألقت بثقلها في المعركة. لقد قاتَلْنا من قبلُ إيران ومعها عشرات من مليشياتها الطائفية ولم نيأس ولم نستسلم ولم ننكسر بفضل الله، وسوف نقاتل من بعدُ روسيا ولن نيأس ولن نستسلم ولن ننكسر بإذن الله: {الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشَوْهم، فزادهم إيماناً وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل} وماذا قال بعدها؟ {إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه، فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين}.
 اللهمّ إنك نهيتَنا عن خوفهم، وإنك قلت: {ومَن يتوكل على الله فهو حسبه}، وإنّا قُلنا: {حسبنا الله ونعم الوكيل}، فلن نخافهم وأنت الحسيب الوكيل.
 -3-
 واهمٌ مَن يظنّ أننا سنُغلَب لأن أمريكا حاصرت ثورتنا وحرمتنا من السلاح. نعم، القوة المادية سبب من أسباب النصر، والإعداد واجب والسلاح مطلوب: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة}، لكن الناصر على التحقيق هو الله وليس العدد والعُدّة: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة، ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تُغْنِ عنكم شيئاً}. وإنما نحن أدوات والفاعل هو الله: {فلم تقتلوهم ولكنّ الله قتلهم، وما رميتَ إذ رميت ولكن الله رمى}. وما العدد والعدة إلا لطمأنة القلوب، ولكنها لا تصنع نصراً إلا بأمر الله وقدرة الله: {وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به، وما النصر إلا من عند الله}.
 إذا كان الله معنا فلا نبالي.
 -4-
 واهمٌ مَن يظنّ أنّ صبر الشعب السوري نفَدَ أو كاد ينفد بسبب القتل والاعتقال والتجويع. لو أن هذا الشعب صرف الصبر من رصيده لنفد رصيدُه منذ دهر، ولكنه إنّما يغرف من خزّان الصبر الذي يستمدّه من الله: {ربنا أفرغ علينا صبراً} ويخاطب نفسَه بالخطاب الرباني لنبيه الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: {واصبر وما صبرُك إلا بالله}.
 ومَن كان صبره بالله ومدده من الله فإن خزّان صبره لا يزال ممتلئاً أبداً.
 -5
واهمٌ مَن يظنّ أن سبب هزائمنا الأخيرة في حلب والساحل هو خذلان الأقرباء والأصدقاء. لا ريب أن هذا الخذلان يزيد العبء ويطيل المعاناة، ولكنّ المؤكد أن العيب فينا قبل أن يكون في غيرنا: {أوَلمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثلَيها قلتم: أنّى هذا؟ قل هو من عند أنفسكم}. وإذا كان ربنا -عز وتبارك- قد أنزل في الصحابة ما أنزل فكيف بنا اليوم؟ {حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة}. قال ابن مسعود: “ما كنت أعرف أن فينا من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية”.
 فلو أننا استجبنا لداعي الله الذي دعانا إلى الوحدة والاعتصام بحبله جميعاً غيرَ متفرقين واتّكلنا عليه حق الاتكال -مع الأخذ بالأسباب- لوفّرنا على أنفسنا كثيراً من العناء والضرّاء.
 -6-
 واهمٌ مَن يظنّ أن ثورتنا هي نُسَخ مكررة من بدر ليس فيها أُحُد والأحزاب، أو نُسَخ من الفتح ليس فيها الحديبية وحُنَين.
 إن حربنا طويلة ولا بد فيها من إخفاقات وانكسارات مع النجاحات والانتصارات، غيرَ أن أملنا بالله كبير، وزادنا إلى النصر هو الصبر والاتكال على الله والثقة بنصر الله: {فصبروا على ما كُذِّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا}، {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين}.
 فاصبروا يا أهل سوريا فإن الله معكم ما صبرتم، اصبروا حتى يتحقق وعد الله ويأتي نصر الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق