السبت، 16 ديسمبر 2017

أدلة قتل المرتد من القرآن الكريم :


أولاً : أدلة قتل المرتد من القرآن الكريم :

1- ففي القرآن الكريم يقول رب العزة : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في 
الأرض فساداً أن يُقَتَّلوا . ( 1 ) . 

والمحاربة نوعان : 1 - محاربة باليد 2- و محاربة باللسان 0 
1- والمحاربة باللسان في باب الدين قد تكون أنكي من المحاربة باليد ، ولذلك كان النبي r يقتل من كان يحاربه باللسان مع استبقائه بعض من حاربه باليد ( 2 ) , خصوصاً محاربة الرسول r بعد موته ، فإنها تمكن باللسان ، وكذلك الإفساد قد يكون باليد ، وقد يكون باللسان ، وما يفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تفسده اليد ، كما أن ما يُصلحه اللسان من الأديان أضعاف ما تُصلحه اليد ، فثبت أن محاربة الله ورسوله باللسان أشد ، والسعي في الأرض لفساد الدين باللسان أوكد .

فهذا المرتد عن دين الإسلام المحارب لله ورسوله ,أولي باسم المحارب المفسد من قاطع الطريق .

ويؤكد أن المحارب لله ورسوله باللسان قد يفسر بالمحارب قاطع الطريق , ما رواه أبو داود في سننه مفسراً لقوله r : (( التارك لدينه المفارق للجماعة )) ( 3 ) .
(( لا يحل دم امرئ مسلم , يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله , إلا بإحدى ثلاث : رجل زني بعد إحصان فإنه يرجم ، ورجل خرج محارباً لله ورسوله , فإنه يقتل أو يصلب , أو ينفي من الأرض ، أو يقتل نفساً فيُقْتَل بها . )) (4) . 
فهذا المستثني هو المذكور في قوله (( التارك لدينه المفارق للجماعة )) ولهذا وصفه بفراق الجماعة ، وإنما يكون هذا بالمحاربة .

ويؤيد ذلك أن الحديثين تضمنَّا أنه لا يحل دم من يشهد : أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله، والمرتد لم يدخل في هذا العموم ، فلا حاجة إلى استثنائه .

وعلى هذا فيكون ترك دينه عبارة عن خروجه عن موجب الدين ، ويفرق بين ترك الدين وتبديله0 
أو يكون المراد به من ارتد وحارب كالعُرَنيين ( 1 ) 0

ويؤيد أن المرتد عن دين الإسلام المشكك , والطاعن في كتاب الله  ، وسنة رسوله r محارب لله ورسوله ، وتشمله الآية الكريمة 0 

ما روي عن أنس ، وابن عمر ، وابن عباس وغيرهم , أن آية المحاربة نزلت في قوم من عرينة سرقوا ، وقتلوا ، وكفروا بعد إيمانهم ، وحاربوا الله ورسوله .
فعن ابن عمر أن ناساً أغاروا على إبل النبي r فاستاقوها , وارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا راعي رسول الله r مؤمناً ، فبعث في آثارهم ، فأخذوا , فقطع أيديهم وأرجلهم , وسَمَلَ أعينهم، وقال : ونزلت فيهم آية المحاربة ( 2 ) . 

والعلاقة بين العقوبة والجريمة في الردة والبغي : هي المعاملة بالقسطاس المستقيم فلما كان المرتد يعد خارجاً على النظام العام ، والباغي يبتغي تقويض نظام الحكم 0

والنظام، واستقرار الحكم , أمران ضروريان لا غني للبشر عنهما ، فهدمهما هدم للحياة ، والخيانة وعدم النظام , لا تستقيم الحياة معهما 0

فكان جزاءاً وفاقًا أن شرع الإسلام للمرتد والباغي عقوبة القتل ( 1 ) 0

وهذا القتل الذي جعله رب العزة عقوبة وحداً للمرتد والباغي ، وصفه  بأنه خزي لهم في الدنيا ، ولهم في الآخر عذاب عظيم ، وهذا ما ختمت به آية المحاربة قال تعالي :  ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم  ( 2 ) 0 


2- ويدل أيضاً على قتل المرتد قوله تعالي :  لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً 0 ملعونين أينما ثقفوا أُخِذُوا وقُتِّلُوا تقتيلاً 0 سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً  ( 3 ) 0 

قال الحسن البصري : أراد المنافقون أن يظهروا ما في قلوبهم من النفاق ، فأوعدهم الله في هذه الآية فكتموه وأسرُّوه . ( 4 ) 

وهذا يعني أن المنافق حين يظهر كفره ، ويطعن في دين الله ، يُأْخَذْ ويُقْتَلْ عقاباً له .

والسؤال هنا : هل هناك شك في أن المرتد عن دين الإسلام منافق ؟ يسعى إلي تفريق جماعة المسلمين ، وإفساد دينهم عليهم ؟ ! 0

فالمرتد كما سبق وأن قلنا : إن كانت ردته بينه وبين نفسه , دون أن ينشر ذلك بين الناس ، ويثير الشكوك في نفوسهم , فلا يستطيع أحد أن يتعرض له بسوء ، فالله وحده هو المطلع على ما تُخفِي الصدور .

أما إذا أظهر المرتد عن دين الإسلام ردته ، وأثار الشكوك في نفوس المسلمين بالنطق بكلمة الكفر، وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة .

كان حاله في هذه الحالة حال المنافق الذي يُظهر ما في قلبه من الكفر والنفاق ؛ وجهاده واجب عملاً بقوله تعالي :
3-  يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جنهم وبئس المصـير0 0 
يحلفون ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله من فضله فإن يتوبوا يكُ خيراً لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من وليِّ ولا نصير  ( 1 ) 0 

ووجه الدليل في الآيتين : أن الله أمر رسوله r بجهاد المنافقين , كما أمره بجهاد الكافرين وأن جهادهم يمكن إذا ظهر منهم ؛ من القول أو الفعل ما يُوجب العقوبة ، فإنه ما لم يظهر منهم شئ البتة لم يكن لنا سبيل عليهم 0 

فإذا ظهر منهم كلمة الكفر كما قال الله   وكفروا بعد إسلامهم  فجهادهم بالقتل وهو العذاب الأليم الذي توعدهم به  في الدنيا بقوله :  وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة  0

4- وهذه الآية نظير قوله تعالي  قل هل تربصُّون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا  ( 2 ) 0 

قال أهل التفسير ( أو بأيدينا ) بالقتل : إن أظهرتم ما في قلوبكم قتلناكم ، وهو كما قالوا ؛ لأن العذاب على ما يبطنونه من النفاق بأيدينا لا يكون إلا القتل لكفرهم ( 3 ) 0

فهل بعد كل هذه الآيات الكريمات شك , في أن المرتد إذا أظهر كلمة الكفر , مثل المنافق , جزاؤه القتل بصريح القرآن الكريم ؟ ! 0


أما إذا كان المرتد ردته بينه وبين نفسه ، ولم يعلن بها ، فحكمه في هذه الحالة , حكم المنافق المعلوم نفاقه بعلامات المنافقين , غير أنه لم يعلن كلمة الكفر , فيعامل بحسب الظاهر من إيمانه ، ويحصن به من القتل .

وهذا من حكم عدم قتل النبي r بعض المنافقين مع علمه بنفاقهم !

أن أجري عليهم أحكام الدنيا على حسب الظاهر من إيمانهم والله يتولى السرائر وهذا ما أكده النبي r في مواقف عدة منها : ـ

1- قوله r لأسامة بن زيد  لما أخبر النبي r أنه قتل من قال (( لا إله إلاَّ 
الله )) خوفاً من السيف ، فقال له النبي r (( أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم 
أقالها أم لا )) فما زال يكررها علىَّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ .

وفي رواية قال له رسول الله r (( فكيف تصنع بلا إله إلاَّ الله , إذا جاءت يوم 
القيامة ؟ قال يا رسول الله ! استغفر لي 0 قال : وكيف تفعل بلا إله إلاَّ الله إذا 
جاءت يوم القيامة ؟ قال فجعل لا يزيده على أن يقول , كيف تصنع بلا إله إلاَّ الله 
إذا جاءت يوم القيامة ؟ ( 1 ) 0 

2- وقوله r للذي ساره في قتل رجل من المنافقين : (( أليس يشهد أن لا إله إلا 
الله ؟ قال الأنصاري بلي يا رسول الله ؛ ولا شهادة له 0 قال رسول الله r 
أليس يشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال بلي يا رسول الله ! قال : أليس يصلي ؟ 
قال بلي يارسول الله ؛ ولا صلاة له 0 فقال رسول الله r (( أولئك الذين نهاني 
الله عن قتلهم )) ( 1 ) 0)) 00 

3- وقوله r لخالد بن الوليد  ( 2 ) لما استأذن في قتل رجل أنكر قسمته r فقال رسول الله r : (( لا 0 لعله أن يكون يصلي )) قال خالد : كم من مصل 
يقول بلسانه ماليس في قلبه ! فقال رسول الله r إني لم أُومر أن أُنَّقـب عـن 
قلوب الناس ولا أشق بطونهم )) ( 3 ) والأحاديث في ذلك كثيرة .

فإعراض رسول الله r عن قتل بعض المنافقين مع علمه بنفاقهم وقبول علانيتهم لوجهين :

الوجه الأول : أن عامتهم لم يكن ما يتكلمون به من الكفر مما يثبت عليهم بالبينة ، بل كانوا 
يظهرون الإسلام ، ونفاقهم كان يعرف بعلامات منها, الكلمة يسمعها الرجل المؤمن 
فينقلها إلي النبي r فيحلفون بالله أنهم ما قالوا ؛ كما قال الله :  يحلفون بالله 
ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ( 4 ) 0 


وقوله تعالي :  إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون . اتخذوا إيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون ( 5 ) 0 
فدلت هذه الآيات أن المنافقين كانوا يُرضون المؤمنين بالأيمان الكاذبة ، وينكروا أنهم كفروا ، ويحلفون أنهم لم يتكلموا بكلمة الكفر . وذلك دليل علي أنهم يُقتلون إذا ثبت عليهم ذلك بالبينة .

وكذلك المرتد إذا أظهر ردته , ونطق بكلمة الكفر , وثبتت عليه البينة ؛ قُتِلْ 0


الوجه الثاني : أنه r كان يخاف أن يتولد من قتلهم من الفساد أكثر من استبقائهم ، وقد بيـن 
ذلك رسول الله r حين استأذنه عمر ( 1) في قتل رجل من المنافقين أنكر قسمته r فقال :  معاذ الله ! أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي ( 2 ) 0 

فإنه لو قتلهم بما يعلمه من كفرهم لأوشك أن يظن الظانَّ أنه إنما قتلهم لأغراض وأحقاد ( 3 ) 

وبالجملة كان ترك قتلهم مع كونهم كفاراً ، لعدم ظهور الكفر منهم بحجة شرعية ، فإذا ظهر استحقوا القتل بصريح القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، والسيرة العطرة التي ورد فيها إهدار دماء بعضهم .
وفيما سبق ردُ على من استدل بمواقف النبي r من بعض المنافقين ، وأهل الكتاب بعدم قتلهم على نفي حد الردة ( 4 ) 0 


ثانياً : أدلة قتل المرتد من السيرة العطرة :
في صحيح السنة النبوية ، والسيرة العطرة نجد التطبيق القولي والعملي من النبي r للآيات الكريمات السابقة المجاهدة لكل من يرتد ويظهر كلمة الكفر ، ويفسد على المسلمين دينهم ، ويؤذيهم في ربهم  ، ونبيهم r بإهدار دمه ، يدل على ذلك ما يلي : ـ
1- ما روي عن ابن عباس  قال : كان عبد الله بن أبي سرح ( 1 ) يكتـب 
لرسول الله r فأزله الشيطان ، فلحق بالكفار ، فامر به رسول الله r أن 
يقتل يوم الفتح ؛ فاستجار له عثمان بن عفان ، فأجاره الرسول r ( 2) 0 

وفي رواية عن سعد بن أبي وقاص  قال : لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله بن أبي سرح عند عثمان بن عفان ، فجاء به حتى أوقفه على النبي r ، فقال : يارسول الله بايع عبد الله ؛ فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً ، كل ذلك يا أبي ، فبايعه بعد ثلاث ، ثم اقبل على أصحابه فقال : (( أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلي هذا , حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟
فقالوا : ما ندري يا رسول الله ما في نفسك ؛ ألا أومأت إلينا بعينيك ؟ قال : (( إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين ))( 3 ) 

وكان عبد الله بن سعد , أحد الرجال الذين أهدر النبي r دمائهم يوم فتح مكة ، وقال : ((اقتلوهم ، وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة )) ( 4 ) 0 

2- وعن معاذ بن جبل أن رسول الله r حين أرسله إلي اليمن قال له : (( أيما رجل ارتد عن 

الإسلام فادعه ، فإن تاب فاقبل منه ، وإن لم يتب فاضرب عنقه ، وأيما امرأة
ارتدت عن الإسلام ، فادعها ، فإن تابت فاقبل منها وإن لم تتـب فاضرب عنقها )) ( 1 ) 

3- وقد طبق معاذ حد الردة لما قدم على أبي موسى الأشعري باليمن وخاطبه قائلاً (( 
انزل . وألقي له وسادة ، وإذا رجل عنده موثق . قال ما هذا ؟ قال : هذا كان 
يهودياً فأسلم . ثم راجع دينه ، دين السوء ، فتهود . قال : لا أجلس حتى يقتل . 
قضاء الله ورسوله . فقال : اجلس 
نعم قال : لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله . ثلاث مرات . فأمر به فقتل . ثم تذاكرا 
القيام من الليل . فقال أحدهما ، معاذٌ : أما أنا فأنام وأقوم ، وأرجو في نومتي ما أرجو في 
قومتي )) ( 2 ) 0 
وغير ذلك من الروايات التي جاء فيها إهدار النبي r دم من كان يؤذيه بالسب
4- فعن عليّ  أن يهودية كانت تشتم النبي r وتقع فيه ، فنخقها رجل حتى ماتت 
فأبطل الرسول r دمها )) ( 3 ) 0 

5- وفي الصحيح عنه r قال : (( من بدل دينه فاقتلوه )) ( 4 ) 0 

للمزيد 

دقع شبهات عقوبة الزاني و المرتد في ضو ء الكتاب والسنة / عماد الشربيني 

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=12089

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق