الخميس، 21 ديسمبر 2017

فخري باشا.. بطولة طمستها دعاية الحلفاء! فائز موسى البدراني الحربي

الجمعة 16 ربيع الأول 1430 العدد 13315
Al Jazirah NewsPaper Friday 13/03/2009 G Issue 13315 

===============
أهيب بقومي

فخري باشا.. بطولة طمستها دعاية الحلفاء!

فائز موسى البدراني الحربي

ينظر كثير من أبناء الجيل المعاصر من أهالي المدينة المنورة إلى القائد فخري باشا نظرة سوداوية، نتيجة لما رسخ في أذهانهم وأذهان آبائهم من معلومات سيئة رسمتها دعاية الثورة العربية الموجهة بخبث ودهاء من بريطانيا وحلفائها المناوئين للدولة العثمانية المسلمة، ومن المعروف أن الاتصال بين شريف الحجاز والإنجليز قد بدأ في أواخر عام 1333هـ (1914م). وتم من خلال تلك الاتصالات التنسيق والتحالف من أجل الحرب على العثمانيين وإخراجهم من البلاد العربية. وعندما أحس العثمانيون بأن شيئاً كبيراً يتم إعداده في الحجاز تم إرسال القائد العسكري عمر فخر الدين المشهور بالقائد فخري باشا في مطلع عام 1334هـ، لكنه لم يلبث أن عين قائداً لمنطقة المدينة بتاريخ 17-9-1334هـ.
وبالفعل تحركت جيوش التمرد على الدولة العثمانية تحت شعار الثورة العربية وهاجمت المدينة المنورة من جميع الجهات، وعلى الرغم من كل تلك الاستعدادات والكثافة العددية فقد تصدى فخري وجنوده ببسالة وقاتل بكل ضراوة مما أدى إلى تراجع الجيوش المهاجمة عدة مرات.
وهنا تدخل الإنجليز بقوة، فتولى العميل الإنجليزي الضابط لورانس الإشراف على القوات الشريفية مباشرة، فأعادت الهجوم بصورة أكثر تخطيطاً وتسليحاً ودعماً أوربياً.
في المقابل قام فخري بتعزيز خطوط دفاعاته وعززها بخطوط هاتفية، وضبط الأمن داخل المدينة، وبادر بتخزين المواد الغذائية، كما استفاد من موسم جني التمور فأمر جنوده بجمعها وضغطها في قوالب صغيرة للمحافظة عليها واستخدامها خلال الحصار. ومن أجل تخفيف الضغط على أهل المدينة ومن أجل الصمود أمام الأشراف قام فخري بمهمة تنبيه أهل المدينة بالرحيل الذي كان في بداية الأمر اختيارياً ثم أصبح إجبارياً.
شحت المواد الغذائية وارتفعت الأسعار، وتفشت الأمراض، وعاشت المدينة ثلاث سنوات شديدة القسوة من شهر شعبان 1334هـ وحتى شهر جمادى الآخرة من عام 1337هـ عانى فيها أهل المدينة الجوع والمرض والفقر، وكما عانى أهالي المدينة، فقد عانت القوات العسكرية التي انتشر بينها مرض الحمى الإسبانية؛ ففي إبريل 1334 رومي (رجب 1336هـ) لوحظ تزايد فرار الجنود العرب من الخدمة بحجة سوء معاملة الضباط الأتراك، لكن المفاجأة كانت في اكتشاف خلية سرية تمارس الترهيب والترغيب وتحرض المقاتلين من العرب وغيرهم على الفرار. وأحيل المتورطون في تلك الخلية إلى المحاكمة وحكم على الكثير منهم بالإعدام، وكان ذلك في يوم 30 إبريل 1334 رومي (شعبان 1336هـ).
في ليلة 28 - 29 مايو 1334 رومي (رجب 1336هـ) تم تخريب سكة القطار في محطة المحيط شمال المدينة بزرع 11 قنبلة. وتوقف القطار بين الشام والمدينة إلى الأبد. وأدرك القائد وجنوده أنه لا أمل في وصول إمدادات، وأن عليهم الاعتماد على الله، ثم أنفسهم.
لجأ القائد إلى إشغال المحاصَرِين بأعمال مدنية، مثل البناء والزراعة، والتعليم والمحاضرات، ومن ذلك أنه في (14-11- 1336هـ) قام القائد وجنوده بغسل رخام الحجرة، وفي اليوم الذي يليه بتنظيف القناديل.
ويبدو أن فخري باشا لم يلجأ إلى الترحيل إلاّ بعد أن تفاقمت الأمور، فقد أعلن في بيانه الموجه لأهل المدينة في أواخر عام 1336هـ وجاء فيه: ... إن الذين يعملون معنا ويشاركوننا مصيرنا برضائهم يستطيعون البقاء في المدينة، شريطة ألا يطالبوني بالمؤن مدة عام، وغير هؤلاء ينبغي أن يرحلوا عن المدينة إلى حيث شاءوا، إلى موعد غايته شهر أبريل، حتى لا يتعرضوا لعواقب ملحمة كبرى محتملة الوقوع، بسب الحرب، أو القحط على السواء.. قائد قوة الحملة الحجازية فخر الدين.
ومما يحمد لفخري باشا أنه لم يعد مرسوم التسليم، وإنما سلم القيادة لمساعده أمين بك، حتى لا يكون هو طرفاً في عقد التسليم المشين.
في صباح يوم الجمعة 9 يناير 1919م (17-4-1337هـ) استقل الباشا السيارة وذهب إلى المسجد النبوي وقام بالزيارة الأخيرة.. وبعدها توجه إلى بئر درويش، وسلم نفسه، ثم غادرها منفياً إلى مصر، لتنتهي بطولة عظيمة لقائد مسلم شوهتها الدعاية الاستعمارية الظالمة، وغيبتها شعارات القومية العربية الفارغة، عن العقل العربي المعاصر!.


http://www.al-jazirah.com/2009/20090313/ar2.htm

==================


الخيانة.. وخلف ظهرك رُومٌ !

محمد الرطيان
(١)
«أبو رغال» أحد رموز الخيانة العربية، بل إن العرب صارت تنعت كل خائن بـ«أبي رغال» حتى أصبح اسمه مرادفًا للخيانة.
عندما قرّر أبرهة غزو الكعبة وهدمها، بحث عن دليل عربي يدله على طريق مكة، جميع من عرض عليهم هذا الأمر من العرب رفضوا رغم الإغراءات والتهديدات، إلى أن وصلوا إلى «أبي رغال» الذي وافق مقابل أجر معلوم ليكون دليلاً لجيوش أبرهة.
ظلت العرب لقرون (منذ الجاهلية) وهي ترجم قبره لأنها تحتقر الخيانة والخونة، بل إنهم قبل الإسلام جعلوا رجم قبره جزءًا من شعائر الحج.
(٢)
العبد الذي يتم سبيه: يُباع ويُشترى في أسواق النخاسة رغمًا عن إرادته المسلوبة.
الخائن: يذهب إلى أسواق النخاسة بإرادته ليعرض نفسه لمن يدفع أكثر!
الخائن لم - ولن - يكون حرًا أبدًا.. حتى وإن ظن ذلك.
(٣)
لا تُمذهب الخيانة.. هي طبيعة الوضيع الحقير الذي يمكنك شراءه بأي سعر.
عندما تتذكر اسم «ابن العلقمي» فلا تنظر لخيانته بشكل مذهبي.. وإن فعلت، فتذكّر بإنصاف اسم «سيف الدولة الحمداني» - وهو شيعي أيضًا- الذي أمضى عمره وهو يقاتل الروم لوحده ويدافع عن الأرض العربية ضد الغزاة، وعليك أن تغني مع «المتنبي»:
أنتَ طُولَ الحَيَاةِ للرّومِ غازٍ
فَمَتى الوَعْدُ أن يكونَ القُفولُ
وَسِوى الرّومِ خَلفَ ظَهرِكَ رُومٌ
فَعَلَى أيّ جَانِبَيْكَ تَمِيلُ
والروم الذين أمام سيف الدولة، وأمامك.. تراهم، وتعرفهم بشكل جيّد.
المشكلة في «الروم» الذين يقفون خلف ظهرك.. وما يزالون يقفون هناك!


(٤)
أخطر الخونة: خائن تتم صناعته من الأعداء باحترافية ومهارة ويتم تصديره لك وترويج أفكاره حتى يصبح وجهًا مألوفًا - ومقبولاً لدى البعض- ليعمل تحت الضوء بصفات وأسماء مختلفة.
يتم تلميع «الخيانة».. تصبح: وجهة نظر، أو: رأي آخر..
تتسرب إليك عبر عبارات أنيقة ورائجة، وأحيانًا عبر بعض القيم الإنسانية!
انتهى «الخائن» التقليدي.. الآن هنالك مؤسسات ودول ومنابر تستطيع أن تصنع لك «الخائن» الأكثر حداثة.. الخائن اللامع الأنيق الذي يأتيك بمسميات مختلفة وأنشطة إنسانية.
الخائن التقليدي يدل الأعداء على الطريق... يفتح لهم باب القلعة... يدلهم على الثغرة.
الخائن الحديث يصنع الطريق والثغرة... يجعلهم يتجولون داخل القلعة كأصدقاء... ويجعلك تعتاد على هذا الأمر، وتنظر إليه كشخص له قيمته، ومقامه، ومؤسسته المدعومة من الخارج، وصورته اللامعة بالفلاشات المستأجرة وهو يستلم الجائزة المشبوهة!
(٥)
عندما تجد في كتاب التاريخ سطرًا يقول لك:
أن أول زعيم عربي خان أمته وتآمر عليها وقاتل بجانب الأعداء في الأندلس هو «سليمان الأعرابي».. التاريخ هنا لا يحفظ اسمه، هو فقط يبصق عليه بشكل سريع!
التاريخ يذهلك ويفجعك بحكايات الخونة رغم عظمة آباءهم وأجدادهم:
أحد أحفاد الفاتح العظيم «صلاح الدين الأيوبي» سلّم القدس بكل حقارة للصليبين في صفقة قذرة، فقط لينصروه في حروبه الداخلية على عمه!
(٦)
لا أصل للخيانة، لا عِرق للخيانة، لا لون للخيانة:
عندما تُصاب بالغثيان من أسماء الخونة الذي يشبهون أسماءنا ولهم نفس ملامحنا، تذكّر أسماء الغرباء الذين وقفوا بجانبنا:
- «جورج غالاوي» سياسي بريطاني أمضى عمره يدافع عن القضية الفلسطينية. حاول - مع آخرين- كسر الحصار وتم منعه وضربه.. اسمه «جورج» والعسكر الذين منعوه أسماءهم: محمد وأحمد وعلي وعبدالسلام...!
- تذكّر أيضًا اسم «راشيل كوري» شابة أمريكية ماتت تحت عجلات وأسنان جرافة إسرائيلية وهي تحاول منعها من هدم بيت فلسطيني.
(٧)
فخر الدين باشا القائد العثماني العظيم، وآخر حاكم عثماني في حصار المدينة المنورة: يقف بثبات داخل مسجد رسول الله.. ويحرّض جنده لمواصلة القتال.
يتواصل حصاره هو وجنده..
الدولة العثمانية تتساقط أطرافها بضربات الحلفاء، وتوقع معاهدات الاستسلام، ويستمر حصار المدينة..
ينفد الطعام..
ينفد الماء..
تتفشى الأمراض بين جنده، وتنفد الأدوية، ويقل العتاد.
تقطع عنه الإمدادات، وتفجّر سكة حديد الحجاز.
يقف لوحده مع قوته الصغيرة وسط صحراء من الأعداء دون أي سند.
يأتيه التلغراف من اسطنبول يدعوه للاستسلام.. يتجاهله.
يرسل له قائده يطلب منه الاستسلام، يرفض.. ويبحث عن أي حجة، ويقول في رسالة الرد: هذه ليست أي مدينة حتى انسحب منها أو استسلم.. إنها مدينة رسول الله. لا بد أن يأتيني الأمر من الخليفة نفسه!
يأتيه أمر الخليفة بجواب من وزير العدل يأمره بتطبيق معاهدة موندروس وتسليم المدينة للحلفاء.. ويرفض، قائلاً:
«إن الخليفة يعد الآن أسيرًا في يد الحلفاء لذا فلا توجد له إرادة حرة».. ويرفض أن يستسلم، مُعرضًا نفسه للمحاكمة والعزل وتهمة خيانة الأوامر العسكرية... (سيسجل التاريخ أنها أطهر وأعظم وأشرف خيانة).
يقف أمام قبر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ويقول بلغة عربية مُكسّرة وعزيمة صلبة متماسكة:
«والله لن أخونك يا رسول الله».
يتساقط جنده وضباطه، وقبلها دولته، وكل شيء حوله يقف ضده... قال للقلة التي بقيت معه: أخرجوا أنتم، وأنا سأبقى هنا... لا يدرون ما الحيلة مع قائدهم!.. أحاط من تبقى منهم بفراشه وحملوه قسرًا وهم يبكون ليخرجوه إلى الخيمة المعدة له من جانب «حلفاء» الحلفاء.
التاريخ الذي يبصق على وجوه الخونة.. ينحني ليُقبّل رأس فخر الدين باشا.

(٨)
انزع ملابسك واستبدلها بملابس جديدة ومختلفة عمّا اعتدنا عليه.. أنت: حر.
انزع جلدك.. أنت: خائن!
http://www.al-madina.com/article/296873/
=============

مقالات عن فخري باشا / عمر فخر الدين باشا / حصار المدينة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق