الاثنين، 25 ديسمبر 2017

دلالات قرار الجمعية العامة بشان رفض قرار ترامب اميركا نقل السفارة الاميركية الي القدس


‎الخليل اون لاين‎

منقول :

فاروق سعدالدين زيادة
سفير سابق (متخصص في شؤون الامم المتحدة)
23/12/2017
من المؤلم ان يتم التعتيم على قرار الجمعية العامة في دورتها الخاصة حول القدس هذا الاسبوع الذي اتخذ تحت بند " الاتحاد من اجل السلم " (Uniting For Peace )
و الذي اتخذ بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة (377) لعام 1950 حول الحرب الكورية .
لقد حاولت اجهزة الاعلام العالمية و العربية و على الاخص : بعض اجهزة الاعلام الخليجية الادعاء بان القرار المتخذ قرار عادي للجمعية العامة للامم المتحدة و بذلك فانه قرار استشاري فقط لا يختلف عن قرارات الجمعية العامة السابقة ، و ليست فيه صفة الالزام .
بينما ان واقع الامر هو ان القرارات التي تتخذ في دورة خاصة للجمعية العامة تحت بند " الاتحاد من اجل السلم " باغلبية الثلثين لها صفة الالزام و قوة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة .
و للتوضيح :
فانه عندما قامت كوريا الشمالية بالهجوم على كوريا الجنوبية عام 1950 حاولت الولايات المتحدة التدخل في الحرب لصالح الجنوبية باصدار قرار من مجلس الامن لارسال قوات تحت مظلة الامم المتحدة للوقوف الى جانب كوريا الجنوبية . فقام الاتحاد السوفياتي باستخدام حق " الفيتو" لمنع اتخاذ قرار بهاذا الخصوص .
فقامت الولايات المتحدة بالالتفاف على ذلك بالذهاب الى الجمعية العامة ، و التي كان لها فيها انذاك اغلبية ساحقة ، بحجة انه لا يجوز عرقلة منع تهديد الامن و السلم الدوليين من قبل احد الدول دائمة العضوية في مجلس الامن باستخدامها حق النقض (الفيتو) و منع المجلس من اتخاذ قرار بهذا الشان .
فكان ان دعت الدول الغربية الى عقد دورة استثنائية خاصة للجمعية العامة للامم المتحدة عام 1950 تحت عنوان " الاتحاد من اجل السلم " تم فيها اتخاذ القرار رقم 377 ، بتصويت 52 ضد 5 اي باغلبية الثلثين ، جاء فيه انه في حالة قيام عضو دائم في مجلس الامن بعرقلة اتخاذ قرار يتعلق بالامن و السلم الدوليين فانه يحق لدورة خاصة للجمعية العامة تَجاوزُ ذلك باتخاذ قرارات باغلبية الثلثين تكون لها قوة قرارات مجلس الامن و من ضمنها الصلاحيات الممنوحة بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة . و قد تم بموجب هذا القرار ارسال قوات للامم المتحدة الى كوريا .
كما تم عقد الجمعية العامة في دورة استثنائية بموجب القرار 377 لعام 1950 " الاتحاد من اجل السلم" عام 1956 ، عندما قامت بريطانيا و فرنسا باستخدام حق النقض الفيتو في حرب السويس لمنع ارسال قوات فصل السلاح بين مصر و اسرائيل ، و اصدرت الجمعية العامة قرارها باغلبية الثلثين بارسال قوة عسكرية للفصل بين القوات المصرية و الاسرائيلية .
و في الختام فان عقد اجتماع استثنائي لدورة خاصة للجمعية العامة للامم المتحدة بموجب القرار 377 تحت بند " الاتحاد من اجل السلم " و اصدار قرار حول القدس باغلبية الثلثين له صلاحيات مجلس الامن و الصلاحيات في الفصل السابع امر بالغ الاهمية . اي انه بمثابة صدور قرار من مجلس الامن بموجب البند السابع .
و قد تم بموجب هذا القرار اعتبار قرار ترامب حول القدس او اي قرارات احادية اخري من اي جهة كانت باطلة و ملغية وليس لها اي صفة قانونية .
كما ان هذا يفتح الباب امام الذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية دون عرقلة من الفيتو الامريكي او غيره و محاسبة اسرائيل و مسؤوليها.
ملاحظة :
لقد حاول الاعلام الغربي و بعض الاعلام الخليجي تمييع الموضوع و التعتيم عليه .
و لقد ذهبت فور سماع خبر صدور القرار الى وكالة رويترز
و وجدت انها تشير اليه كقرار للجمعية العامة و أنَّ له صفة استشارية .
ثم ذهبت الى ال BBC فوجدت نفس الغموض ثم ذهبت الى وكالة CNN فكان فيها شرحاً اوسع و لكن دون الاشارة الى القرار 377 لعام 1950 أو الى قرار "الاتحاد من اجل السلم "
و أخيراً ذهبت الى موقع الامم المتحدة الرسمي فوجدت البيان الرسمي الصادر و كان يذكر بوضوح أن الجمعية العامة انعقدت في دورة استثنائية خاصة في اطار قرار الجمعية 377 لعام 1950 و تحت بند " الاتحاد من اجل السلم" .
ان هذا يكشف بوضوح رضوخَ الاعلام الغربي للصهيونية ؛؛و للاسف الشديد الموقف الخياني و المخزي لبعض الاعلام العربي و على الاخص بعض الإعلام الخليجي فقد كان صحفيو سكاي نيوز عربية من دبي و العربية الفضائية يحاولون التشكيك في القرار و التقليل من قيمته و أهميته و قوته للاسف الشديد .
ارجو ان اكون قد قدمت خدمة بسيطة لامتنا العربية في تقديم هذا الشرح المركز، و أرجو التعميم ،
مع التقدير
فاروق سعدالدين زيادة
سفير سابق (متخصص في شؤون الامم المتحدة)
23/12/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق