الثلاثاء، 3 مارس 2015

إنصاف الجبرتي لدعوة ابن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى


إنصاف الجبرتي لدعوة ابن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وبعد..

فإن الجبرتي يظهر من تاريخه أنه كان من المنصفين لهذه الدعوة المباركة، ومن الذابين عنها، ومن كاتبي الحقيقة حولها (وحقيقة ننصح بقراءة دائمة في تاريخ الجبرتي؛ فهو سفر عظيم يكسف كثيرا من تاريخ فترة ما قبل دعوة التوحيد كما يلقي الضوء على حقيقة دعوة التوحيد التي قام بها محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية والتي نالها من التشويه شيء عظيم).

يقول الجبرتي (ج4 ص28 عن البولاقية) فيما يسجله من أحداث شهر جمادي الآخر سنة 1221 هجرية:

« وفي يوم الخميس ثالث عشرة، وثلت قافلة من السويس وصحبتها المحمل، فأدخلوه وشقوا به من المدينة وخلفه طبل وزمر، وأمامه أكابر العسكر وأولاد الباشا، ومصطفى جاويش المتسفر عليه، ولقد أخبرني مصطفى جاويش المذكور أنه لما ذهب إلى مكة، وكان الوهابي – يقصد سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود – حضر إلى الحج واجتمع به، فقال له الوهابي: "ما هذه العويدات التي تأتون بها وتعظمونها بينكم" يشير بذلك القول إلى المحمل، فقال له: "جرت العادة من قديم الزمان بها يجعلونها علامة وإشارة لاجتماع الحجاج" ، فقال: "لا تفعلوا ذلك ولا تأتوا به بعد هذه المرة، إن أتيتم به مرة أخرى فإني أكسره". »

أي أنهم منعوا منه لكونه عادة محدثة في الدين، فتجري عليه أحكام البدعة، ولما يصاحبه من طبل وزمر.. فحدث ولا حرج عما يمكن أن تسمعه من أهل البدع ومن المفتونين بهم، حول قصة المحمل وما كان يفعله أمراء الدولة السعودية.. فيأخذ العوام هذا الكلام على حسب ما ينقله لهم رؤوس البدعة فينتشر بهيئته المزورة المفبركة بين الناس كالنار في الهشيم.

لنقرأ ما قاله الجبرتي رحمه الله عن حقيقة دعوة محمد بن عبد الوهاب، وما اثمرته تلك الدعوة، لنرى كيف تقلب الحقائق وتشوه..

يقول (ج4 ص8 عن البولاقية) فيما يسجله من أحداث شهر محرم سنة 1221 هجرية:

« وفي هذه الأيام، أيضا، وصلت الاخبار من الديار الحجازية بمسالمة الشريف غالب للوهابيين، وذلك لشدة ما حصل لهم من المضايقة الشديدة، وقطع الجالب عنهم من كل ناحية حتى وصل ثمن الأردب المصري من الأرز خمسمائة ريال، و الأردب البر ثلثمائة وعشرة، وقس على ذلك السمن والعسل وغير ذلك، فلم يسع الشريف إلا مسالمتهم والدخول في طاعتهم، وسلوك طريقتهم، وأخذ العهد على ددعاتهم وكبيرهم بداخل الكعبة، وأمر بمنع المنكرات والتجاهر بها، وشرب الأراجيل* بالتنباك في المسعى وبين الصفا والمروة، وبالملازمة على الصلوات في الجماعة، ودفع الزكاة، وترك لبس الحرير والمقصبات، وإبطال المكوس والمظالم، وكانوا خرجوا عن الحدود في ذلك حتى أن الميت يتقرر عليه فلا يقدرون على رفعه ودفنه، ولا يتقرب إلا الغاسل ليغسله حتى يأتيه الإذن، وغير ذلك من البدع والمكوس والمظالم التي أحدثوها على المبيعات والمشتروات على البائع والمشتري، ومصادرات الناس في أموالهم ودورهم، فيكون الشخص من سائر الناس جالسا بداره فيما يشعر على حين غفلة منه إلا والأعوان يأمرونه بإخلاء الدار وخروجه منها، ويقولون "إن سيد الجميع محتاج إليها" فإما أن يخرج منها جملة وتصير من أملاك الشريف، وإما أن يصالح عليها بمقدار ثمنها أو أقل أو أكثر، فعاهده على ترك ذلك كله، واتباع ما أمر الله تعالى به في كتابه العزيز من إخلاص التوحيد لله وحده، واتباع سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وما كان عليه الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون إلى آخر القرن الثالث، وترك ما حدث في الناس من الالتجاء لغير الله من المخلوقين الأحياء والأموات في الشدائد والمهمات، وما أحدثوه من بناء القباب على القبور والتصاوير والزخارف، وتقبيل الأعتاب، والخضوع والتذلل والمناداة والطواف، والنذور والذبح والقربان، وعمل الأعياد والمواسم لها، واجتماع أصناف الخلائق واختلاط النساء بالرجال، وباقي الأشياء التي فيها شركة المخلوقين مع الخالق في توحيد الألوهية التي بعثت الرسل إلى مقاتلة من خالفها ليكون الدين كله لله، فعاهده على منع ذلك كله، وعلى هدم القباب المبنية على القبور والأضرحة؛ لأنها من الأمور المحدثة التي لم تكن في عهده بعد المناظرة مع علماء تلك الناحية، وغقامة الحجة عليهم بالأدلة القطعية التي لا تقبل التأويل من الكتاب والسنة، وإذعانهم لذلك، فعند ذلك أمنت السبل وسلكت الطرق بين مكة و المدينة، وبين مكة وجدة والطائف، وانحلت الأسعار، وكثر وجود المطعومات وما يجلبه عربان الشرق إلى الحرمين من الغلال والأغنام والأسمان والأعسال، حتى بيع الأردب من الحنطة بأربعة ريال، واستمر الشريف غالب بأخذ العشور من التجار، وغذا نوقش في ذلك يقول: "هؤلاء مشركون وأنا آخذ من المشركين لا من الموحدين". » ا.هـ

فانظر إلى الحال في دولة التوحيد وما كان قبلها.. وأترك النقل للقارئ يعيد النظر فيه مستغنيا بذلك عن تفصيله هنا مما قد يكون إعادة وتطويلا.

ومرة أخرى ينصف الجبرتي رحمه الله هذه الدعوة فيقول (ج4 ص141 )فيما يسجله من أحداث شهر محرم سنة 1223 هجرية :

« ومنها انقطاع الحج الشامي والمصري معتلين بمنع الوهابي الناس من الحج، والحال ليس كذلك، فإنه لم يمنع أحدا يأتي إلى الحج على الطريقة المشروعة، وإنما يمنع من يأتي بخلاف ذلك من البدع التي لا يجيزها الشرع، مثل: المحمل والطبل والزمر وحمل الأسلحة، وقد وصل طائفة من حجاج المغاربة، وحجوا ورعدجعوا في هذا العام وما قبله، ولم يتعرض لهم أحد بشيء.. » ا.هـ

وبعد تلك النقول عن الجبرتي أقول: إنني أكاد أؤكد أن الجبرتي كان من الموالين والمؤيدين لتلك الدولة، لولا أنه كان يعيش بمصر وتحت قهر محمد علي. يؤكد ذلك أنه حين يتكلم عن الوهابية وحالهم مع الدولة العثمانية فإنه يخرج نوعا عن الطبيعة السائدة في جرده للأحداث وهي الجرد المجرد دون تدخل، فيأخذ في التصحيح والتعديل للحقائق.

ومن الجدير بالذكر أن الجبرتي رحمه الله مات سنة 1237 هجرية مخنوقا بشارع شبرا الشهير، بحي شبرا بالقاهرة في مصر، وكان خارجا من قصر محمد علي، وكل الشواهد كانت تحيط محمد علي بالشكوك والظنون.. فمحمد علي كان قد طلب من الجبرتي أن يكتب كتابا في مدحه، فرفض الجبرتي، فهدده محمد علي فظل على رفضه.. ثم إن ابن الجبرتي قد مات قبل والده مقتولا ولا يعرف قاتله.. كذلك كان محمد بك الدفتردار – الذي هو صهر محمد علي – يبغض الجبرتي إلى حد بعيد.

ونكتفي بذلك القدر في بيان نموذج من الافتراءات على دعاة التوحيد. والقارئ لو كان من النهمين في القراءة، الفضوليين في المعرفة، فيمكنه الوقوف على الكثير جدا من ذلك في عصر الدعوة الأخيرة. والحمد لله رب العالمين.

===============

المؤرخ الجبرتي المصري يصور لنا عسكر ابراهيم باشا والوهابيين .!!
المؤرخ الجبرتي المصري ( المحايد ) ينقل للجميع ما دار بينه وبين احد أكابر عسكر ابراهيم باشا لما قاتلوا النجديين , وقد نُقلت له القصة كما رآها القاص العسكري كما في تاريخه 4/140 .

هاهو يصور لك القضية فانظر ماذا يقول :

( ولقد قال لي بعض اكابرهم من الذين يدعون الصلاح والتورع :

1 - أين لنا بالنصر وأكثر عساكرنا على غير الملة
2 - وفيهم من لا يتدين بدين
3 - ولا ينتحل مذهبا ,
4 - وصحبتنا صناديق المسكرات ,
5 - ولا يسمع في عرصاتنا آذان
6 - ولا تقام فريضة
7 - ولا يخطر في بالهم ولا خاطرهم شعائر الاسلام . )

فلما انتهى من وصف عساكر باشا انتقل للكلام عن النجديين فقال :

1 - والقوم اذا دخل الوقت أذن المؤذنون
2 - وينتظمون صفوفا خلف إمام واحد
3 - بخشوع وخضوع ,


4 - واذا حان وقت الصلاة والحرب قائمة أذن المؤذنون
5 - وصلوا صلاة الخوف فتتقدم طائفة للحرب وتتاخر الاخرى للصلاة ,
6 - وعسكرنا يتعجبون من ذلك لانهم لم يسمعوا به فضلا عن رؤيته ..)

وابراهيم باشا على كل حال كان يكفر النجديين كما نقل ذلك الجبرتي في نفس التاريخ حتى تعلم ان المسألة لم تكن متوقفة على طرف دون آخر , كما في تاريخه 4/ 289 في حوادث 1233 , وهذا الكلام للجبرتي :

( فيجلس الكثير منهم في الاسواق يأكلون ويشربون ويمرون بالشوارع وبأيديهم اقصاب للدخان والتتن من غير احتشام ولا احترام لشهر الصوم , وفي اعتقادهم الخروج بقصد الجهاد وغزو الكفار المخالفين لدين الاسلام .. )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق