الأحد، 8 مارس 2015

كارثة تكفيرية: كل الفتوحات بعد عصر النبوة لم تكن إسلامية لأنها تحققت على أيدي الكفار

كارثة تكفيرية: كل الفتوحات بعد عصر النبوة لم تكن إسلامية لأنها تحققت على أيدي الكفار



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فقد وقفت على حديث في كتاب الكافي بمنتهى الخطورة يصف الناس في مشارق الأرض ومغاربها بالهلاك لأنهم لم يدخلوا بالدين الإسلامي الحق القائم على إمامة الأئمة ، بل دخلوا في دين الخلفاء الراشدين وباقي الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

وإليك نص الحديث كما ورد في كتاب الكافي ( 8 / 253 ):[ عن الحارث بن المغيرة قال : سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبد الله ( عليه السلام ) فلم يزل يسائله حتى قال : فهلك الناس إذا ، قال : إي والله يا ابن أعين فهلك الناس أجمعون قلت : من في المشرق ومن في المغرب ؟ قال : إنها فتحت بضلال إي والله لهلكوا إلا ثلاثة ].

وقد كشف لنا علامتهم محمد باقر المجلسي الفاجعة التي تضمنها الحديث حيث قال في كتابه ( مرآة العقول ) ( 26 / 233-234 ):[ كأنه جرى الكلام فيما وقع بعد الرسول صلى الله عليه وآله من ارتداد الخلق وتركهم الوصي بالحق ، فقال عبد الملك ، فعلى ما تقول هلك الناس جميعا ، وكفروا بعد الرسول صلى الله عليه و آله ، واستعظم ذلك ، فأجابه عليه السلام مؤكدا باليمين بأنهم هلكوا ، ثم كرر السائل السؤال على التعميم بأنه هلك من في المشرق والمغرب أيضا فقال عليه السلام إن أهل المشرق والمغرب كانوا لم يدخلوا بعد في دين الإسلام ، ولم يفتح بعد بلادهم ، ولما فتحت بجهاد أهل الضلال ودخلوا في دين هؤلاء ، ثم أكد ذلك واستثنى منه الثلاثة يعني سلمان وأبا ذر ومقداد، وإنما لم يستثنهم أولا لكون المراد بالناس هنا هؤلاء المخالفين ، ولما عمهم ثانيا في السؤال بمن في المشرق والمغرب، فكان يشمل هؤلاء أيضا فاستثناهم].

وأكد هذا المعنى أيضاً علامتهم محمد صالح المازندراني في شرحه للحديث في كتابه ( شرح أصول الكافي ) ( 12 / 348 ):[ الشرح : قوله : ( قلت : من في المشرق ومن في المغرب ) كلام الحارث من باب الاستفهام دون الإنكار لأنه ثقة من الأصحاب وله مدح عظيم من أبي عبد الله ( عليه السلام ) ( قال : إنها فتحت بضلال ) في عهد الخلفاء الضالة المضلة فلا يستبعد ضلالة من فيها لدخولهم في الدين الذي أخترعوه ... ].


بل إن آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي أورد الرواية ولم يقدح في ثبوتها وذلك في كتابه ( معجم رجال الحديث ) ( 4 / 315-316 )
.



ولا أدري كيف تنسجم هذه اللوثة التكفيرية لأصحاب نظرية الإمامة
مع الحقائق القرآنية والوقائع التاريخية التي بشرت بظهور دين الإسلام
وانتشاره في المعمورة حتى وصل إلى الصين والهند وأسبانيا وأوروبا ؟!!!

============
هذه حقيقة الشيعة وموقفهم من الفتوحات الأسلامية 




الفتوحات الاسلامية كانت ضرراً على الإسلام


من كتاب أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد لآية الله الشيخ محمّد جميل حمّود:2/316 ـ 324



إن التشدق بالفتوحات الإسلامية ليس إلاّ مظهراً من مظاهر العصبيّة التي نبذها الإسلام تحت قدميه، هذه الفتوحات التي جعلوها مفخرة عظمى لما يسمى بالخلفاء الراشدين قد صبت علينا الويلات، حتى نعت الغربيون الإسلام بأنه دين قسوة يعتمد على السيف أكثر من اعتماده على منطق العقل والعلم والدراية!!.. فأغلب هذه الفتوحات إنما كانت من أجل توسيع رقعة الحكم الغاصب للخلافة من أصحابها الحقيقيين أمير المؤمنين وأبنائه الميامين‏ (عليهم السَّلام)، بل كانت ضرراً على الإسلام ووبالاً عليه، وذلك لأمور:

الأول: لو كانت تلك الفتوحات للَّه تعالى لكان اتّبعها اهتمام القائمين بها من الحكّام والساسة بإرشاد الناس ففي تلك البلاد المفتوحةف وتعليمهم وتثقيفهم وتربيتهم تربية دينية صالحة، بحيث يتحول الإسلام في نفوسهم إلى طاقة عقائدية تشحذ الهمم نحو الفضيلة والتكامل، وتبنّيهم لأحكام الإسلام والدفاع عنها، فلما لم يكن شي‏ء من هذا حاصلاً في تلك البلاد، علمنا أن فتوحاتهم لم تكن فتحاً للإسلام، بل فتحاً للعداء عليه. فها هو رسول اللَّه محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لم يكن يكتفي من الناس بإظهار الإسلام والتلفظ بالشهادتين ثم ممارستهم السطحية لبعض الشعائر والظواهر الإسلامية فحسب وإنما كان يرسل لهم من يعلّمهم ويرشدهم إلى عقائد الإسلام وأحكامه، بخلاف هذه الفتوحات التي تمت على يد الثلاثة المتقدّمين على مولانا أمير المؤمنين عليّ‏ (عليه السَّلام) فإن الكثير من البلدان فُتحت ثم عادت إلى الكفر والعصيان.

قال الطبري:

إن سعيد بن العاص صالح أهل جرجان وكانوا يجبون أحياناً مائة ألف ويقولون هذا صلحنا، وأحياناً مائتي ألف، وأحياناً ثلثمائة ألف وكانوا ربما أعطوا ذلك وربما منعوه ثم امتنعوا وكفروا فلم يعطوا خراجاً حتى أتاهم يزيد بن المهلب فلم يعازه أحد حين قدمها، فلما صالح صولا وفتح البحيرة ودهستان صالح أهل جرجان على صلح سعيد بن العاص.

فكان همّ خلفاء الفتوحات جلب النفائس والحلي والدراهم والجواري.

قال ابن الأثير:

"إن معاوية بن أبي سفيان عزل معاوية بن حُديج عن أفريقية، واستعمل عليها عقبة بن نافع الفهري، وكان مقيماً ببرقة وزويلة مذ فتحها أيام عمروفبن العاص، ... فلما استعمله معاوية سيّر إليه عشرة آلاف فارس، فدخل أفريقية وانضاف إليه من أسلم من البربر فكثر جمعه، ووضع السيف في أهل البلاد لأنهم كانوا إذا دخل إليهم أمير أطاعوا وأظهر بعضهم الإسلام، فإذا عاد الأمير عنهم نكثوا وارتدّ من أسلم".

وهكذا نجد عدم اهتمام كثير من الصحابة بالإسلام كعقيدة ثابتة، لذا قال موسى بن يسار: "إن أصحاب رسول اللَّه كانوا أعراباً جفاةً، فجئنا نحن أبناء فارس فلخصنا هذا الدين".

الثاني: أدت سياسة التمييز في العطاء، وتفضيل العرب على العجم، والهيمنة والسيطرة التي كانت سائدة بين أواسط الحكام وأتباعهم، مضافاً إلى وفور النعم، إلى الإعجاب بالنفس والغرور، مع عدم وجود روادع دينية أو وجدانية لديهم، فنال الأمة منهم كل مكروه، وأصيب الإسلام على أيديهم في مقاتله. لقد انبهر أصحاب تلك الفتوحات بالمناصب التي كانوا فيها، وأسالت لعابهم الجواري الحسان، وتملك البلدان، فشمخ كل منهم بأنفه، ونظر في عطفه، وتكبّر وتجبّر، لأنه لم يتعامل مع الواقع الجديد بعقلية الرجل المسلم الواعي والهادف، بل بعقلية الجاهلية، التي تعتبر القبيلة لا الأمة أساساً، والفرد لا الجماعة ميزاناً ومنطلقاً لتعامله مع الآخرين، فكان جلّ اهتمامهم بتقوية أمرهم، وتثبيت سلطانهم، فصاروا يجمعون الأنصار بالمال وبالإغراء بالمناصب وغير ذلك من سياسات، ليس الترهيب والقمع في كثير من الأحيان إلاّ واحداً منها، واستمروا في بسط نفوذهم وسلطانهم على أساس أنه ملك قبلي.

"وإذا كان أبو بكر، وكذلك عمر لا يدري: أخليفة هو أم ملك، فإن معاوية بن أبي سفيان كان يعتبر نفسه ملكاً بالفعل، وكذلك كان يعتبره الكثيرون، بل إنّ عمر نفسه قد اعتبر نفسه ملكاً في بعض المناسبات".

لقد اعتبر معاوية والأمويون أنفسهم ملوكاً قيصريين، وأن الدين عندهم مجرد شعار يخدم هذا المُلك ويقويه، وكل ما كان مانعاً من الوصول إلى ما يبتغون، كانوا يدمرونه ويستأصلونه من جذوره.

فالمستفيدون الحقيقيون من تلك الفتوحات هم خصوص هذه الطبقة من المترفين المتجبّرين من أدعياء الإسلام، كانوا يكيدون للإسلام بإسمه، فهم أصحاب القرار لذا عبَّر العامة عنهم بف"أهل الحل والعقد" يحلّون ويعقّدون بأنفسهم من دون استشارة أحد من المسلمين، لأن القرار بأيديهم، واللَّه تعالى سلّطهم على عبيده فهم خدم عندهم لا يلوون على شي‏ء إلا بإشارتهم، فهذا النمط من الحكّام هم المستفيدون حقاً، لذا قد بلغت الثروات في عهد الخلفاء الثلاثة الأُول أرقاماً خيالية، حسبما أفادت النصوص التاريخية، فقد نجد أن عمرفبن الخطّاب الذي يقال عنه أنه من أزهد الناس فوربّ قول مشهور لا أساس له‏ف وأنه كان يرتزق من بيت المال، وغيرها من الفضائل التي أصبغوها عليه، نجده قد أصدق زوجته أربعين ألف درهم أو دينار، وقيل مائة ألف، كما أنه أعطى صهراً له قدم عليه من مكّة عشرة آلاف درهم من صلب ماله، وقد ملك أربعة آلاف فرس، إلى غير ذلك مما يجده المتتبع لمسيرة الثلاثة.

كما أن عمر بن الخطّاب قد حاول أخذ الجزية من رجل أسلم، على اعتبار أنه: إنما أسلم متعوذاً، فقال له ذلك الشخص: إن في الإسلام لمعاذاً! فقال عمر: صدقت أن في الإسلام لمعاذاً.

وها ذاك خالد بن الوليد فسيف الشيطان المسلول على المؤمنين الموحّدين لا سيّما الصدّيقة الطاهرة الزكية فاطمة (عليها السَّلام) لعن اللَّه من ظلمها وآذاهاف يخاطب جنوده ويرغّبهم بأرض السواد: "ألا ترون إلى الطعام كرفغ التراب؟ وباللَّه، لو لم يلزمنا الجهاد في اللَّه، والدعاء إلى اللَّه عزّ وجلّ، ولم يكن إلاّ المعاش لكان الرأي: أن نقارع على هذا الريف، حتى نكون أولى به، ونولي الجوع والإقلال من تولّى، ممن إثّاقل عما أنتم عليه".

وعلى كل حال، فإن الحرب من أجل الغنائم والأموال، كانت هي الصفة المميزة لأكثر تلك الفتوحات، ويشهد له ما رواه أبو نعيم والحسن‏فبن سفيان عن الحارث‏فبن مسلم التميمي: أن النبيّ أرسل بعض الصحابة في سرية وأنا معهم، فلمّا بلغنا المغار استحثثت فرسي وسبقت أصحابي، واستقبلنا الحي بالرنين، فقلت لهم: قولوا لا إله إلا اللَّه تحرزوا؟ فقالوها. فجاء أصحابي، فلاموني، وقالوا: حرمتنا الغنيمة بعد أن بردت في أيدينا، فلمّا قفلنا، ذكروا ذلك لرسول اللَّه، فدعاني، فحسَّن ما صنعتُ وقال: أما إن اللَّه قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا وكذا..".

وقال الزبير للذي سأله عن مسيره لحرب الإمام عليّ‏ (عليه السَّلام) "حدثنا أن هاهنا بيضاء وصفراء فيعني دراهم ودنانيرف فجئنا لنأخذ منها".

الثالث: إن تربية كثير من الأشراف والرؤساء على أيدي غير المسلمات، له دور كبير في تكوين الشخصية المهزوزة والتي ليس في قلبها متسع للرحمة، لأن الإسلام دين رحمة، فمن لم يتصف بتلك الرحمة فلا قيمة لإسلامه ولو تشهد بالشهادتين ألف مرة كل يوم.

لذا فقد كان:

1 لأولاد سعد بن أبي وقّاص معلم نصراني.

2 يوسف بن عمرو كانت أمه نصرانية.

3 خالد القسري، بنى لأمه كنيسة، وكان خالد يهدم المساجد، ويبني البيع والكنائس، ويولّي المجوس، وكان جد خالد من يهود تيماء.

4 وتزوّج طلحة بيهودية في زمن عمر.

5 تزوّج عبدفاللَّه بن أبي ربيعة بنصرانية في زمن عمر.

6 كان لعمر بن الخطاب غلام نصراني لم يسلم وقد أعتقه حين وفاته.

7 تزوّج عثمان بن عفان بنائلة بنت الفرافصة على نسائه وهي نصرانية وغيرهم كثير.

وعلى كل حال، "فإن تربية تلك الجواري للنش‏ء الجديد قد كان من شأنه أن يخفض من المستوى الديني، ومن مستوى الالتزام بالأحكام الإسلامية لدى ذلك النش‏ء بالذات، وهذا بطبيعة الحال من شأنه أن يشكّل خطراً جدياً على الإسلام والمسلمين، ولذلك فإننا نجد الأئمة (عليهم السَّلام) يهتمون بتربية العبيد والجواري تربية إسلامية صالحة ثم عتقهم.

وقد شجّع الإسلام العتق على نطاق واسع، وجعل له من الأسباب الإلزامية والراجحة الشي‏ء الكثير، الذي من شأنه أن يقضي على ظاهرة العبودية من أساسها".

الرابع: عدم اشتراك أمير المؤمنين وولديه العظيمين الإمامين الحسن والحسين‏ (عليهم السَّلام) في تلك الفتوحات التي طالما تشدق بها العامة وجعلوها من الأدلة على إمامة أبي بكر وعمر وعثمان، مع أنهم تناسوا فتوحات أمير المؤمنين عليّ في بدر وخيبر وأحد وحنين وكل المعارك التي خاضها الإسلام مع الكفر وخرج منها منتصراً ببركة ساعد مولانا أمير المؤمنين عليّ‏ (عليه السَّلام).

فسبب عدم مشاركته‏ (عليه السَّلام) في تلك الفتوحات يرجع إلى أمرين:

الأول: حرمة دعم هؤلاء لكونهم مالوا عن الحقّ واعتدوا على الحرمات، لأنّ في د عمهم تضعيف عقائد المؤمنين وتوهين شريعة سيّد المرسلين وإغراءٌ بالقبيح، هذا مضافاً إلى أنّهم لم يطلبوا بهذه الفتوحات وجه اللَّه والقرن منه بل كان كلّ همّهم الحصول على النفائس وصوافي الغنائم والاختصاص بالحسناوات من النساء بعنوان سبايا وجواري... وعلى كلّ حال فإنّ الحرب من أجل بسط نفوذهم وتقوية أمورهم، فصاروا يجمعون الأنصار بالمال وبالإغراء بالمناصب وبغير ذلك من سياسات ليس الترهيب والقمع في كثير من الأحيان إلاّ واحداً منها..

إذن، فالحرب من أجل الغنائم والأموال كانت هي الصفة المميّزة لأكثر تلك الفتوحات، ويشهد لهذا ما فعلوه بأمير المؤمنين‏ (عليه السَّلام) ورسول اللَّه‏ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مسجّى على الفراش، ثم انتهاكهم لحرمة ابنته الزهراء البتول ومنعها من الخمس واغتصابهم لفدك وغير ذلك لأكبر شاهد على ما قلنا. هذا مضافاً إلى أنّ ظاهرة الطمع في الأموال والنفائس كانت سائدة بين بعض المسلمين على عهد رسول اللَّه ممّا سبّب انكسار المسلمين في معركة أحد، وبقيت هذه الظاهرة إلى ما بعد وفاة النبي‏ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، بل لا نبالغ إذا ما قلنا أنها ازدادت عمّا كانت عليه في عهد رسول اللَّه‏ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).

الثاني: إنّ ضعف الإيمان في نفوس المسلمين وعدم معرفتهم بأكثر أحكام دينهم استدعى عدم مشاركته‏ (عليه السَّلام) في تلك الفتوحات، هذا علاوة على أنّه لم يأمر أحداً من أصحابه بالمشاركة فيها، لأنّ مهمّته‏ (عليه السَّلام) وأصحابه معه هي تثقيف الناس بعقائدهم وتثبيت الإيمان في نفوسهم ونشر فكر الإسلام الصحيح للأمّة، وللمتصدّين لإدارة شؤونها على حدٍّ سواء وقد نوّه بذلك‏ (عليه السَّلام) في خطبة له فقال: "أيّها الناس، خذوها عن خاتم النبيّين‏ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أنّه يموت من مات منّا وليس بميّت... ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر، قد ركزت فيكم راية الإيمان ووقفتكم على حدود الحلال والحرام وألبستكم العافية من عدلي، وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي، وأريتكم الأخلاق من نفسي، فلا تستعملوا فيما لا يُدرك قعره البصر ولا تتغلغل إليه الفِكَر...".

وبالجملة: فإن أئمة الهدى‏ (عليهم السَّلام) كانوا لا يرون في الاشتراك في هذه الفتوحات أو الحروب مصلحة، بل لا يرون نفس تلك الحروب خيراً، فقد روي عن مولانا الإمام الصادق‏ (عليه السَّلام) أنه قال لعبد الملك بن عمرو: "يا عبد الملك مالي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك؟ قال: قلت: وأين؟ قال‏ (عليه السَّلام): جدّة وعبادان والمصيصة وقزوين، فقلت: انتظاراً لأمركم والاقتداء بكم، فقال‏ (عليه السَّلام): أي واللَّه لو كان خيراً ما سبقونا إليه، قال: قلت له: فإن الزيدية يقولون ليس بيننا وبين جعفر خلاف إلاّ أنه لا يرى الجهاد، فقال‏ (عليه السَّلام): أنا لا أراه! بلى واللَّه إني لأراه ولكنني أكره أن أدع علمي إلى جهلهم".

وعن أمير المؤمنين عليّ‏ (عليه السَّلام) قال:

لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم، ولا ينفذ في الفي‏ء أمر اللَّه عزّ وجلّ، فإنه إن مات في ذلك المكان كان معيناً لعدوّنا في حبس حقنا والإشاطة بدمائنا وميتته ميتة جاهلية.

وثمة روايات أخرى تدل على أنّهم‏ (عليهم السَّلام) كانوا لا يشجّعون شيعتهم بل ويمنعونهم من الاشتراك في تلك الحروب، ولا يوافقون حتى على المرابطة في الثغور أيضاً، ولا يقبلون منهم حتى ببذل المال في هذا السبيل ولو كان نذراً، وشرّعوا لشيعتهم أنهم إذا دخلوا في حكومات الجائرين اضطراراً لدفع هجوم العدو عليهم أن يدخلوا دفاعاً عن بيضة الإسلام لا عن أولئك الحكّام.

فالأئمة (عليهم السَّلام) يرون حرمة الجهاد مع غير الإمام العاقل كما هو مفاد الخبر المتقدّم عن أمير المؤمنين‏ (عليه السَّلام)، فهم روحي وأرواح العالمين لهم الفداء أحرص الناس على توسعة رقعة الإسلام ونشره ليشمل الدنيا بأسرها، ولكنَّ الطريقة والأسلوب الذي كان يتم ذلك بواسطته كان حراماً ومضراً بنظرهم المقدَّس.

وما ادّعاه بعضهم (من أن الإمامين الحسن والحسين شاركا في كثير من الفتوحات الإسلامية وكان لهما دور بارز في سير تلك المعارك التي كانت تدور رحاها بين المسلمين وغيرهم) غير مقبول وذلك:

1 لم يرد ذلك في أخبارنا، بل ما ذكره الحسني إنما هو من مصادر العامة، ولا حجية لأخبارهم عندنا نحن الإمامية لا سيّما التي تخالف أخبارنا الصحيحة، وليت شعري كيف أخذ بأخبار عليها علائم الدّس والتحريف وقامت القرائن القطعية على بطلانها؟ هذا مضافاً إلى إرسالها وضعفها مع معارضتها لأخبارنا الصحيحة _ والتي عرضنا قسماً منها _.

2 إنّ عمله بهذه الأخبار فعلى ضعفها وشواذهاف لا يعبّر عن رأي الشيعة الإمامية، للأسباب التي ذكرناها سابقاً، مضافاً إلى أنه لو كان _ ما ذكره الحسني‏ _ صحيحاً فلِمَ جلس أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب‏ (عليه السَّلام) خمساً وعشرين سنة في بيته؟! وولداه لم يفارقاه أصلاً، مع التأكيد على أن أمير المؤمنين‏ (عليه السَّلام) وولديه‏ (عليهما السَّلام) لو كانوا _ والحالة هذه _ مكان سعد بن أبي وقاص فهل يكونون مأمونين من أن يرجعوا بذاك الجيش فيما لو كانوا قادة فيه، وماذا لو كانوا تحت إمرة الفسّاق، فما هو موقفهم من أولئك القادة، وهل يرضى الحسني أن ينضوي أئمته‏ (عليهم السَّلام) الحسن والحسين تحت إمرة خالدفبن الوليد والمغيرة بن شعبة وغيرهما؟! بل ما ادعاه المذكور مخالف لما ورد من أن القوم عرضوا عليه المشاركة فرفض
.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق