السعادة في الكتاب والسنة د. مبارك المصري النظيف
|
الحمد لله الذي جعل سعادة القلوب في الإقبال إليه ، وجعل راحة الأرواح في السجود بين يديه، والصلاة والسلام الأكملان الأتمان على أسعدالناس نبينا الحبيب المصطفى الذي رسم لنا منهج السعادة الحقيقية ، وضَّحَ لنا طريق الصلاح والفلاح في الدارين.. الشفيع السعيد الذي تشتاق النفوس للقياه وتبتهج الأرواح لنور محياه ، وعلى آله وأصحابه ومن والاه وبعد:
لا شك أن الكل يبحث عن السعادة و يتمنّاها...الصغير والكبير والغني والفقير والعظيم والحقير والأمير والخفير والرئيس والوزير .فهل يا تُرىمن الذي وجدها ؟هل وجدها صاحب الأملاك والعقارات ؟أم الذي يُتابع القنوات ؟أم ذلك الشاب الذي يُعاكس الفتيات ؟أم الذي يسهر على المُحرَّمات ؟ أم تلك المرأة التي كشفـت عن ساقيها وذراعيها وتبعت الموضات،؟إنّني أتسائـل من الذي ذاق طعم السعادة؟ وكيف السبيل إليها؟ وما هي السعادة؟
أحبتي الكرام : إنَّ السعادة كنزٌ عظيم . . وغايةٌ منشودة . . ومطلبٌ نفيس.
السعادة عند أهل اللغة: هي ضد الشقاوة والتعاسة والنحس .
وعند علماء التربية الاسلامية: هي الشعور المستمر بالسرور والطمأنينة والبهجة والراحة ، نتيجة للإحساس الدائم بخيرية الذات وخيرية الحياة وخيرية المصير. فالسعادة .. سعة الصدر .. وراحة البال .. وصفاء النفس ..
الباحثون عن السعادة: طرقهم وأساليبهم ومذاهبهم ووسائلهم:
1/البعض يبحث عن السعادة في المال ... ثبت أنه ليـس كـل صاحـب مـالٍ سعيـدًا، فكثير من أرباب المال وأصحاب الثروات يعيشون في شقاء وتعاسة دائمة في حياتهم الدنيا قبل الآخرة لماذا؟ لأنهم يتعبون في جمع المال وحفظه واستثماره والقلق والخوف من فوات هذا المال وزواله.
ودونكم قارون الذي قال الله عنه "فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ" في قمة سعادته، حتى إن قائلهم يقول: "إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" وهذا وهم من أوهام السعادة، فما ذا كانت النتيجة لكفره بأنعم الله قال تعالى "فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ" .
وعلى هذا فقول أمية بن خلف، وأمثاله - يوم القيامة - "مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ" لم يأت من فراغ. فبئس المال الذي لا يغني عن صاحبه شيئا.
2/ البعض يبحث عن السعادة في الشهرة: كالرياضة والفن؟
والشهرة سراب لا حقيقة لها إن لم ترتبط بتقوى الله فسرعان ما تزول مخلفة الشقاء والتعاسة. قد يتوهم كثير من الناس أن السعادة موجودة عند صنفين من الناس هم أهل الرياضة وأهل الفن. فأقول:
1- أهل الرياضة: في سفر ومعسكر لا يستقرون مع أهليهم إلا قليلا ، وقد تشغلهم الرياضة عن دراستهم وعلمهم وعبادتهم ، ثم خوفهم الدائم من الهزيمة والإصابات والمحافظة على فريقهم من الهبوط كل ذلك يجعلهم يعيشون شقاء متواصلا.
2- أهل الفن:إن حياتهم أسوأ حياة يعيشها البشر! فشل أسري، وقد تختلط بها المخدرات، والانحلال،والسفور والاختلاط والعري وانعدام الحياء، وموت الفضيلة. وأقصد بأهل الفن: أهل الغناء والطرب، والتمثيل. ولا أقول هذا من عندي، بل هو من الواقع ، فالسعادة - إذن - ليست إلا بريقا زائفا تشع به أعينهم لتوهم الآخرين بذلك مع أنهم يعيشون في الواقع قمة الشقاء والتعاسة.
3/ البعض يبحث عن السعادة في الشهادات: والحقيقة أن الشهادات والدرجات العلمية ليست هي السعادة لوحدها إذا اعتمد عليها الانسان ولم يتزوج معها بل تخير بها المجالس وباهى بها الناس ، فكم ممن نالها ولم تتحقق له سعادة ، فها هي ذي طبيبة تصرخ، تقول: خذوا شهاداتي وأعطوني زوجا!!! انظروا كيف تقول هذه الطبيبة، تصوروا، دكتورة في الطب، وربما كانت في نظر كثير من الناس "سعيدة جدا"، تقول هذه الأبيات:
لقد كنت أرجو أن يقال طبيبة
فقل للتي كانت ترى فيّ قدوة
وكل مناها بعض طفل تضمه
فقـد قيـل, فما نالني من مقالها
هي اليوم بين الناس يرثى لحالها
فهـل ممكـن أن تشـتريه بمالها
فقل للتي كانت ترى فيّ قدوة
وكل مناها بعض طفل تضمه
فقـد قيـل, فما نالني من مقالها
هي اليوم بين الناس يرثى لحالها
فهـل ممكـن أن تشـتريه بمالها
4/ البعض يرى السعادة في المنصب والمسؤولية والجاه والسلطان فصاحب السلطان لا يفارقه الهم خوفا من زواله، وإذا زال عاش بقية عمره تعيسا.
وكفانا على ذلك قصة: فرعون وهامان صاحبا المناصب العالية المرموقة اللذان خلد القرآن قصتيهما. أما في العصر الحاضر، فالزعيم الليبي وأمثاله من قبله ومن بعده. وهكذا نرى من خلال الواقع أن السعادة الحقيقية ليست في المال ولا في الشهرة، ولا في الشهادات، ولا في المناصب، ولا ما أشبه ذلك من حطام الدنيا، فهذه سعادة وهمية.
طريق السعادة.
إذن ما الطريق الحقيقي إلى السعادة ؟ سؤال ملح لا بد له من إجابة. والاجابة عليه تقودنا أولا إلى معرفة موانع السعادة التي تحول دون الوصول إليها، وهذه الموانع هي:
1- الكفر: يقول الله -تعالى-: ( ومن يكفر بالله فقد حرم الله عليه الجنة ) ويقول: ( وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ )(الأنعام: من الآية125).هكذا يصور القرآن التعاسة والشقاء تصويرا دقيقا.
2- عمل المعاصي والآثام والجرائم: حديث: ( إن الرجل يحرم الرزق بالذنب يصيبه).
3- الحسد والغيرة: وأمر الحسد خطير، حتى إن الله يأمرنا بالاستعاذة من شر الحاسد، قال تعالى: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ). وقال:(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (النساء: من الآية54). قال ذلك عن الكفار.وقال رسول الله موجها أمته: " لا تحاسدوا، ولا تقاطعوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا " [متفق عليه].
4- الحقد والغل: قال الله: (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا) (الحشر: من الآية10). يصف الله -تعـالى- المؤمنـين في هذه الآية بأنهم يقولون هذا الدعاء، لأن الغل من موانع السعادة. ويقول تعالى عن أهل الجنة: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) (الأعراف: من الآية43).
5- الغضب: لا شك أن الغضب من حواجب السعادة والانشراح، ولذلك امتدح الله المؤمنين قائلا عنهم: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (الشورى: من الآية37). ويقول الرسول " ليس الشديد بالصرعة، إنمـا الشديد من يملك نفسه عند الغضب " [متفق عليه].وحديث: ( لا يقضي القاضي وهو غضبان ).
6- الظلم: فإن الظلم مرتعه وخيم. وعاقبته سيئة إلى أبعد الحدود. حديث: ( إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته).
7- الخوف من غير الله: يورث الشقاء والذلة، قال الله تعالى عن بني إسرائيل: (أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ) (البقرة: من الآية114).
وقال -تعالى-: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:175).
8- التشاؤم: كم كان التشاؤم سببا في التعاسة والمتاعب. ولهذا كان المصطفى يعجبه الفأل، ويكره التشاؤم. رواه البخاري ومسلم
9- سوء الظن: فالله -سبحانه- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) .ويقول الرسول " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث " [متفق عليه].
10- الكبر: المتكبر يعيش في شقاء دائم، وتعاسة أبدية، وإن تغطرس، وتعالى على الناس، وغمطهم حقوقهم.
11- تعلق القلب بغير الله: كتعلق قلب العاشق بمعشوقته. ودونكم قصة مجنون ليلى، لنعلم كيف عاش هذا الرجل شريدا طريدا، حتى جن، ومات وهو عاشق.
قال عنها شعرا:
أصلي فما أدري إذا ما ذكرتها اثنتين صليت الضحى أم ثمانيا
أراني إذا صليت يممت نحوها بوجهي وإن كان المصلى ورائيا
وما بي إشراك ولكن حبها وعظم الجوى أعيا الطبيب المداويا
ولما ذهب به إلى البيت الحرام لينسى هذا المرض والهلس ما ذا قال؟ قال:
ويارب لاتسلبني حبها أبدا وارحم الله عبدا قال آمينا
12- الخمر والمخدرات: إن كثـير من الناس يظن أن السعادة في احتساء الكؤوس المترعة ومعاقرة الصهباء وإدارة دن الحميا لتريحهم من هموم الدنيا ومشاغلها وأتراحها، وإذا بهم يجدون أنفسهم كالمستجير من الرمضاء بالنار. فاعتبروا يا أولي الالباب لعلكم تفلحون.
13/ من موانع السعادة السباع الأربعة، الهم والحزن والأرق والسهر . وهي جند من جنود الله، قال تعالى:وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً[الفتح:7].
ولقد سئل علي بن أبي طالب وأرضاه: من أشد جند الله؟ قال: (الجبال، الجبال يقطعها الحديد ؛ فالحديد أقوى، والنار تذيب الحديد؛ فالنار أقوى، الماء يطفئ النار؛ فالماء أقوى، السحاب يحمل الماء؛ فالسحاب أقوى، والريح تعبث بالسحاب، فالريح أقوى والإنسان يتكفأ الريح بيده وثوبه؛ فالإنسان أقوى، والنوم يغلب الإنسان؛ فالنوم أقوى، والهم يغلب النوم؛ فأقوى جند الله هو الهم يسلطه الله على من يشاء من عباده). وأهل الهم، يعيشون بين (لو) المتندمة و(ليت) المتحسرة.
قالوا و قال...الناس قالوا عن السعادة وقال الله...
في استفتاءأُجري على حوالي 16 ألف شخص، سُئلوا ماذا تعني لهم السعادة؟
- 38% قالوا: السعادة تعني: الحب.
- 28% رأوا أن السعادة هي: الرضا.
- بينما قال 17%: إنالسعادة هي: الصحة.
- وقال 7 %: إن السعادة هي: الزواج.
- وقال 5%: إنالسعادة هي: المال.
- وقال 3%: إن السعادة هي: الأطفال.
- وقال 2%: إنالسعادة هي: السفر.
قال الشارع الحكيم إن السعادة كلها بنسبة مائة في المائة 100% في اتباع هديه قال تعالى: ( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ). وقال: ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ).فهديه في كلامه العزيز ... ما فرط فيه من شيء.
وما يزال السؤال مطروح ما الطريق إلى السعادة ؟ وأين توجد السعادة الحقيقية؟ الطريق إلى السعادة الالتزام بالاسلام منهجا وعقيدة وشريعة و....
فالسعادة الحقيقة في طاعة الله، والبعد عن معصيته التي هي سبب في الفوز الأبدي ، قال تعالى:( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَوالحياة الدنيا إلا متاع الغرور ).
السعادة الحقيقية في تقوى الله..
ولست أرى السعادة جمع مال *** ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخرا *** وعند الله للأتقى مزيد
وإدراك الذي يأتي قريب *** ولكن الذي يمضي بعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخرا *** وعند الله للأتقى مزيد
وإدراك الذي يأتي قريب *** ولكن الذي يمضي بعيد
فالسعادة تنال بالإقبال على الله بالطاعات، ودوام الإنابة والتقرب إليه سبحانه وتعالى بكثرة النوافـل، ؛ فإن ذلك يوصلك إلى حلاوة الإيمان وجنة الدنيا، كما قال رب العزة والجلال: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) سورة النحل(97)، قال أحد الصالحين: "مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها، قالوا: وما هو؟ قال: "معرفة الله"، وقال آخر: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف". وقد بين المصطفى عليه الصلاة والسلام أسباب السعادة والراحة. حيث قال صلى الله عليه وسلم : ( من سعادة ابن آدم : المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح ). وقال صلى الله عليه وسلم : "نعم المال الصالح للعبد الصالح".
فالسعادة في المنظور الإسلامي تشمل مرحلتين :
الأولى:السعادة الدنيوية : وهي في اتباع هدي الله ومنهاجه، قال تعالى:( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ). والحياة الطيبة.
الثانية:السعادة الأخروية : وهذه هي السعادة الدائمة الخالدة ، وهي مرتبة على صلاح المرء في حياته الدنيا قال الله تعالى) : الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وقال تعالى : ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُالْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ) .
بعد أن عرفنا السعـادة الحقيقة، بقي أن نعرف أسبابها وصفات السعداء؟
أسباب السعادة وصفات السعداء:
إن من يريد السعادة، وهو لم يأخذ بأسبابها يصدق عليه قول الشاعر:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس
فتعالوا نقف على أسباب السعادة وصفات السعداء :
1- الإيمان بالله والعمل الصالح: يقول الله تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (النحل: من الآية97) أي فلنحيينه حياة سعيدة. وكلنا يريد الحياة الطيبة، فعلينا بالعمل الصالح مع الإيمان: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). وفي حديث أبي يحيى صهيب بن سنان قال رسول الله " عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد، إلا للمؤمن، إن أصابته سراء، شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر، فكان خيرا له " [رواه مسلم 18/125].
وكان الرسول يجد راحته ولذته في الصلاة والطاعة، كان يقول: " أقم الصلاة يا بلال، أرحنا بالصلاة " [رواه أحمد وأبو داود]. ويقول: " وجعلت قرة عيني في الصلاة " [رواه أحمد والنسائي].
2- الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره: فاعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك. وهذه الصفة من أهم صفات السعداء. قال تعالى:(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35). . قال صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان ) رواه مسلم.
3- العلم الشرعي: فالعلماء العارفون بالله هم السعداء. السعـادة الحقيقية، التي يورثهـا الإيمان والعلم النافع، ( فمن أراد الدنيا فعليه بالعلم ... ).
4- الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ). والله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم:طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى[طه:1-2]؟! ويقول: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ[البقرة:38]. فالمداوم على ذكر الله يعش سعيدا مطمئن القلب.
أما من أعرض عن ذكر الله، فهو من التعساء البؤساء. (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (الزخرف:36). (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طـه:124). (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الزمر: من الآية22).
5- انشراح الصدر وسلامته: وفي القرآن الكريم آيات عديدة في مقام الانشراح، قوله: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) وقوله: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ). وقال تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ) ويقول: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ). فانشراح الصدر من علامات السعادة وصفات السعداء.
6- الإحسان إلى الناس: وهذا أمر مجرب، ومشاهد، فإننا نجد الذي يحسن إلى الناس من أسعد الناس، ومن أكثرهم قبولا في الأرض.
7- النظر إلى من هو دونك في أمور الدنيا وإلى من هو فوقك في أمور الآخرة:
كما قال عليه الصلاة والسلام: " انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ) رواه البخاري ومسلم.فالتواضع يورث السعادة ، ومثال ذلك عمر:
يا من يرىعُمراًتكسوه بُردتُه والزيت أَدْمٌله، والكوخ مأواهُ
يهتزُّ كسرى على كُرسيِّه فَرَقاً من خوفه, وملوك الرومتخشاهُ
8. ملء الفراغ والاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة ، فإنه أبعد للتوتر والقلق النفسي والهم .
9/ العناية الصحية التي تشمل جميع الجوانب البدنية والنفسية والعقلية والروحية .
9/ العناية الصحية التي تشمل جميع الجوانب البدنية والنفسية والعقلية والروحية .
فالصحة البدنية الاهتمام بالمظهر...والصحة في تربيةالنفس وتزكيتها ...
والصحة العقلية : حفظ العقل من كل ما يذهبه...والصحة الروحية في صفاء النفس والاهتمام بالجوهر.
10/ تنظيم الوقت :يعتبرالوقت رأس مال الإنسان ، فهو فترة بقائه في هذه الدنيا لذلك اعتنى الإسلام بالوقتوجعل المؤمن مسئولا عن وقته وأنه سوف يسأل عنه يوم القيامة . وقال صلى الله عليه وسلم : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " وأرشد صلى الله عليه وسلم إلى التوازن فقال :" روحوا القلوبساعة بعد ساعة فإن القلب إذا أكره عمي ".
11/ قيام الليل سعادة الدنيا والآخرة: إن دخول جنة الخلد في الآخرة هو النجاح الأعظم والسعادة الكبرى، وقيام الليل من أعظم السبل لهذا النجاح العظيم، فقد وصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم الغرف التي أُعدَّت في الجنة لمن يحافظون على قيام الليل؛ فقال: (إن في الجنة غرفًا، ترى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها) فقام أعرابي، فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: (لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى لله بالليل والناس نيام) [حديث صحيح]. والصحة العقلية : حفظ العقل من كل ما يذهبه...والصحة الروحية في صفاء النفس والاهتمام بالجوهر.
10/ تنظيم الوقت :يعتبرالوقت رأس مال الإنسان ، فهو فترة بقائه في هذه الدنيا لذلك اعتنى الإسلام بالوقتوجعل المؤمن مسئولا عن وقته وأنه سوف يسأل عنه يوم القيامة . وقال صلى الله عليه وسلم : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " وأرشد صلى الله عليه وسلم إلى التوازن فقال :" روحوا القلوبساعة بعد ساعة فإن القلب إذا أكره عمي ".
كيف أعرف أني سعيـد؟
من جمع ثلاثة كان سعيدا حقا: الشكر على النعم، والصبرعلى الابتلاء والاستغفار من الذنوب.
إذن السعادة دين يتبعه عمل، ويصحبه حمل النفس على المكاره، وتعويدهاعلى تحمل المشاق ، والسعيد من آثر الباقي على الفاني إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً[مريم:96]. .. وفىالحديث (( إذا أحبّ الله تعالى العبد ، نادى جبريل : إن الله تعالى يحبّ فلاناًفأحبّه ، فيحبّه جبريل ، فينادى فى أهل السماء : إن الله تعالى يحبّ فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول فى الأرض)).متفق عليه .
فالسعادة هي الرضا والقناعة والثقة والايمان بالله ، فمن ذاق طعم الإيمان ذاق طعم السعادة، قال رسول الله: ((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا))[رواه مسلم] . و يقول: ((من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله)) [رواه الترمذي].
ولقد كتب الفاروق إلى أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنهما ـ يقول له: (أما بعد، فإن الخير كله في الرضى، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر).
حوار مع السعادة
قيل للسعادة : أين تَسكُنين ؟قالت : فى قلوب الراضين .
قيل : فبِمَ تتغذين؟قالت : من قوة إيمانهم .
قيل : فبِمَ تدومين ؟قالت : بحُسن تدبيرهم .
قيل : فبِمَ تُستَجْلبين ؟قالت : أن تعلم النفس أن لن يصيبها إلاَّ ما كَتَبَ الله لها.
قيل : فبم ترحلين ؟قالت : بالطمعبعد القناعة ، وبالحرص بعد السماحة ، وبالهمَّبعد السرور ، وبالشكَّ بعد اليقين .
السعادة بايجاز:ليست فى وفرة المال ، ولا سطوة الجاه ، ولا كثرةالولد ، ولا نيل المنفعة ، ولا فى العلم المادى .السعادة شئ معنوى لا يُرى بالعين ، ولا يُقاس بالكم ، لا تحويه الخزائن ،ولا يُشترى بالدينار أو الدولار . السعادة شئٌ يشعر به الإنسان بين جوانحه .. صفاءنفس ، وطمأنينة قلب ، وانشراح صدر ، وراحة ضمير . السعادة شئ ينبع من داخل الإنسان، ولا يستورد من خارجه . السعادة بذل وتضحية وعطاء . السعادة سرورٌ داخلى عندمانقوم بعمل نبيل . السعادة مدد إلهى يُضفى على النفس بهجة وأريحيّة . السعادة هبةربانية ، ومنحة إلهية يهبها الله مَنْ شاء مِنْ عباده جزاءً لهم على أعمال جليلةقاموا بها . السعادة شعور عميقٌ بالرضا والقناعة . قال القرضاوي:
قل للذي يبغى السعادة*هل علمت من السعيد
إن السعادة أنتعيش ... لفكرة الحق التليــد
فتعيش في الدنيا لأخرى ... لاتزول ولا تبيـد
هذي العقيدةللسعيد ... هي الأساس هي العمود
من عاش يحملها ويهتف ... باسمها فهو السعيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق