الثلاثاء، 20 مارس 2018

علماء مسلمون ام فرس ؟ بقلم: بارق الطائي


تاريخ النشر : 2011-10-15
في خضم الحرب الشعوبية الجديدة التي تشنها هذه الايام دوائر كثيرة على الحضارة العربية ومفرداتها من لغة وتراث ودين نرى ان الكثيرمنا صارمع الاسف يردد ماتردده هذه الدوائر بجهل مطبق لما تحيكه له وبجهل مطبق لغاياتها الخبيثة الكبيرة .
من مفردات هذه الحرب تفريغ الحضارة العربية من مصادر فخرها ومن كل ماهو رائع فيها وتضخيم والترويج لنواقصها ومثالبها حتى وان كانت مختلقة وملفقة , املا في افقاد الشاب العربي ايمانه وثقته بنفسه وزرع الشعور بالدونية لديه امام الثقافات الاخرى وكلنا نعرف مدى سلبية هذا الامر وما له من تداعيات عملية خطيرة في عصرنا الحاضر .
من يقرأ التاريخ بتعمق وتمحيص سيعرف بالتاكيد ان اكثر من انتج من امتهن الكذب وتزوير التاريخ هما اليهود والفرس ( * ) . المجاميع التي امتهنت التزويرمن هؤلاء لم أجد لديهم أي حرمة للتاريخ وللحقيقة , زورا كتبا مقدسة وضعوا أحاديث وضعاً على انها أحاديث شريفة ووضعوا الاف الاحاديث على انها احاديث لائمة وصالحين وطعنوا في اعراض شريفة وزوروا تاريخ بلدان وحضارات وادعوا مفاخر لأنفسهم مماليس فيها ولفقوا عللا لغيرهم مماليس فيهم .
من ماثرهذه المجاميع الفارسية في التزوير ادعاء ان كل ما يمكن الافتخار به هو فارسي او من اصول فارسية بحيث انهم جعلوا اسماءا مشهورة في التاريخ الاسلامي تعود الى اصول فارسية زورا وكذبا مستغلين جهل الناس بالتاريخ او بالجغرافية او بعلوم الدين . كمثال على ما اقول فانهم استغلوا جهل الناس بموقع ولاية خراسان التاريخية او ماتسمى بخراسان الاسلامية وولاية خراسان الحالية وماتعنيه واين تقع والى اين تمتد , فانك لو سألت الكثير منا عن خراسان واين تقع وكم من سكانها من الفرس وكم فيها من سكانها من غيرالفرس فسترى ان الكثير, ان لم يكن الجميع , يعتقد ان خراسان هي منطقة فارسية تمتد كلها في ايران وان سكانها من الفرس ليس الا , حيث لاتحتوي ذاكرتهم الا على ما قرأوه في التاريخ الاسلامي عن مساعدة الفرس الخراسانيين للدعوة العباسية في بداية الدعوة لها . كذلك لو سالت الكثيرمنا عن خوارزم واين تقع وهل هي في بلاد فارس أم لا فانا اجزم ان القليل فقط سيعرف الجواب .
لازلت اذكر يوما وكنا جماعة وفينا من المتأثرين بالدعاية الفارسية نتحدث بمختلف المواضيع اذ قال لي احدهم ان أئمة المذاهب كلهم من الفرس عدا الامام جعفر الصادق حيث انه الوحيد الذي كان عربيا بينهم . لم يستوقفني وقتها الا الامام مالك ابن أنس ربما لنقص في معرفتي بالموضوع في ذلك الحين , فسألت وماذا عن مالك ابن أنس وكلنا نعرف انه عربي اصيل ولد في المدينة وعاش فيها . اذكر ان اكثر من واحد رد علي بنفس الجواب وهو ان هذا تشابه بالاسماء فهو ليس نفس الشخص الذي تعتقده فان امام المذهب هو فارسي وليس عربيا . لم استطع ابتلاع هذه المعلومة ولا صدقتها لكني لم اناقش لاني لم اكن واثقا من اي شيء و لكني ابتدأت بالبحث عن اصول الائمة الاربعة فوجدت ان ولا واحد منهم من اصل فارسي بل ان حتى الامام ابو حنيفة النعمان وهو الوحيد الذي لم يكن عربيا كان من كابول عاصمة افغانستان الحالية ولم يكن فارسيا ولا لغته الام هي الفارسية ولا علاقة له ببلاد فارس او بالفرس . ان رد الجميع برد واحد وبنفس الوقت يظهر لك ان الجواب كان جاهزا ومحضرا له في عقولهم وهذا له دلالات كبيرة لدي ويعطيني مؤشر كبير على مدى وصول دعاية الفرس الى عقول بعضنا حيث استخدموا المذهب لاغراضهم الدعائية فضلا عن اغراضهم الاخرى .
ما اريد ان اتحدث عنه اليوم هو ليس عن كذبة تفريس ائمة المذاهب الاربعة لكني اريد ان اتحدث هنا عمن نسميهم بالعلماء المسلمين والذي تدعي الدعاية الفارسية كذبا كعادتها بان اشهرهم فرس اقحاح و من اصول فارسية لاشك فيها بينما سنرى كم منهم فعلا من اصول فارسية وكم منهم لايمت الى الفرس باي صلة لا من قريب ولا من بعيد .
ساحاول هنا ان اذكر من الاسماء التي ادعت ابواق فارس انهم من فارس او من الذين وجدت توهما لدى البعض انهم من اصول فارسية وهم طبعا من اشهر واعظم علماء المسلمين في عصر الازدهار الاسلامي المجيد .
اللعبة التي يلعبها ابواق ايران هي الايحاء بان خراسان الاسلامية هي فارسية وسكانها فرس وهنا فان كل عالم من العلماء المسلمين الذين من خراسان سيكون فارسيا بالتاكيد بينما الحقيقة هي ان خراسان ليست فارسية وسكانها ليسوا فرسا ولغتها ليست فارسية ولاتقع اليوم في ايران . هذا طبعا عدا جزء صغير لايتعدى خمس خراسان هو فارسي . لهذا السبب فمن الضرورة بمكان هنا قبل البدا باسماء العلماء المسلمين واصولهم ان ابدا بتعريف لمقاطعة خراسان واين تقع ومن هم سكانها لنكشف عن الكذبة بالتفصيل .
ما دعي بمقاطعة خراسان في العصر الاسلامي تقع اليوم في عدة دول منها جمهورية تركمانستان الحالية حيث تحتل منطقة واسعة من جنوبها تعادل اكثر من نصف مساحة الجمهورية كلها , وافغانستان حيث تشمل كل شمالها الغربي بمايعادل اكثر من نصف مساحة البلد ايضا , كما تحتل ايضا خراسان الاسلامية اكثر من نصف مساحة جمهورية اوزبكستان الحالية وتحتل ايضا كل مساحة جمهورية طاجكستان الحالية الى حدود الصين , ثم تحتل خراسان اجزاء ليست بالقليلة من جمهورية قرغيزستان الحالية بينما لاتحتل خراسان من ايران الا ثلاث محافظات فقط من مجموع ثلاثين محافظة ضمن تقسيمات دولة ايران الحالية . ويمكن لمن يحب الاستزادة وضع اسم خراسان في خرائط غوغل ليرى خارطتها بالتفصيل .
اجمالا فان خراسان الايرانية لاتشكل الا مايقارب جزأ واحد من مجموع خمس أجزاء من مساحة المقاطعة التي كانت تدعى خراسان الاسلامية في العصور الاسلامية الاولى . الاجزاء غير الايرانية من خراسان سكانها ليسوا فرسا وليس لهم علاقة عرقية بالفرس لامن قريب ولامن بعيد بل ان حتى خراسان الايرانية نفسها تسكنها اكثر من قومية واحدة جنبا الى جنب مع الفرس الذين يعيشون فيها . هذه الاقوام غير الفارسية تتحدث لغاتها الخاصة بها وليست لها اي علاقة عرقية بالعرق الفارسي . هناك بعض المناطق يتحدث اصحابها اللغة الفارسية القديمة ربما تأثرا بما يجاورها من مناطق فارسية لكنهم ليسوا فرسا ولا علاقة عرقية لهم بالفرس وعلاقتهم العرقية بالفرس كعلاقة بعض الشعوب الافريقية السوداء المتحدثة بالفرنسية بالعرق الفرنسي .
اما سكان مقاطعة خراسان الكبرى فهم البلوش والبشتون والفرس وبعض الاتراك وتتوزع هذه القوميات حسب الدولة التي يعيشون فيها اي ان الفرس منهم يعيشون في ايران وهكذا .
الشيء الاخر الذي احب ان اوضحه هنا ان جمهورية اوزبكستان الحالية والتي كانت موطن لكثير من مشاهير علماء المسلمين , ليس فيها من الفرس احد ابدا بل ان شعبها يتكون من عناصرعرقية هم الاوزبك وهم الاغلبية , ثم التتار , ثم القزخ والطاجيك والروس . هذا يعني ان هولاء العلماء المسلمين اللذين هم من اوزبكستان وتفتخر اوزبكستان بهم وتضع صورهم على طوابعها واوراق عملتها وتحتفل باعياد ميلادهم ووفاتهم هم ليسوا فرسا ولاعلاقة لهم ببلاد فارس لا سياسيا ولا عرقيا ولالغويا بل ان اوزبكستان ليس لها حتى حدود سياسية مع ايران بل تفصل بينهما دولة كبيرة كاملة هي جمهورية تركمانستان . وسنرى كيف ان اوزبكستان والتي تقع خوارزم فيها هي كما قلنا منبع الكثير من علمائنا المسلمين العظام .
ليس من المهم ان يكون هؤلاء العلماء العظام و الذين يفتخر بهم كل المسلمين طاجيك او اوزبك او فرس او غيرهم فيكفينا انهم مسلمين وخصوصا ان مقابل كل عالم منهم يوجد عشرة علماء عرب انجبتهم ارض الرافدين والجزيرة العربية و الشام و مصروافريقيا و الاندلس وغيرها وخصوصا ايضا ان الفخر كل الفخر للبيئة العلمية التي وفرتها لهم ورعتهم بها الحضارة العربية الاسلامية في بغداد ودمشق والقاهرة والمدينة المنورة وقرطبة وغرناطة وتونس وغيرها من حواظر الاسلام الكبرى .
لكن مايجب ان يقال هو ان للتاريخ حرمة وللحقيقة حرمة اكبر يجب ان تصانان فلايمكن السكوت عن اكاذيب يروجها ابواق هنا وابواق هناك يحرفون فيها الحقيقة عن موضعها لاسباب سياسية بحتة , يستغلون جهل الناس بالجغرافية والتاريخ كالايحاء هنا ان خراسان هي مقاطعة محض ايرانية فارسية والايحاء بالتالي ان هؤلاء العلماء المسلمين جميعا بما انهم من خراسان فهم ايرانيون فرس وهذه هي الكذبة التي نحن بصددها اليوم .
لنأتي الى بعض الاسماء لنرى :
البيروني : ابو الريحان محمد بن احمد البيروني ولد في ضاحية كاث عاصمة خوارزم في جمهورية أوزبكستان الحالية والتي ليس بها فرس ابدا اي انه ليس فارسيا ولا علاقة له بالعرق الفارسي لا من قريب ولا من بعيد .
البخاري : من منطقة بخارى في اوزبكستان ايضا .
الدينوري : ابو حنيفة الدينوري . ينسب الى منطقة الدينور وهي بين همذان وكرمنشاه في ايران الحالية . كردي الاصل والابوين .
الخوارزمي : اوزبكي القومية ولد في خوارزم في اوزبكستان ايضا .
ابن النفيس : علاء الدين ابو الحسن علي ابي حازم القرشي الدمشقي . يقول البعض انه قرشي الاصل من مكة ويقول البعض انه ينتسب الى بلدة قرش بفتح القاف قرب دمشق والثانية اصح . عربي القومية .
الامام الترمذي : من اوزبكستان الحالية ايضا والتي ليس بها فرس ابدا .
ابن الهيثم : عالم عربي في الرياضيات والبصريات والهندسة .
الادريسي : شريف حسني عربي من الاشراف الادارسة اي انه عربي القومية .
ابن سينا : ولد قرب بخارى في اوزبكستان الحالية اوزبكي القومية ايضا .
ابن خلدون : عربي اصله من حضرموت في اليمن .
ابن الطفيل : اندلسي عربي من بنو قيس .
ابن البيطار : عربي اندلسي من ملقة اسمه ابو محمد ضياء الدين عبد الله بن احمد بن البيطار .
ابن رشد : عربي اندلسي .
الفارابي : ولد قرب فاراب في كازاخستان من ابوين تركيين . وهنا ايضا يستغلون ان ولادته تعتبر في خراسان ولم يذكروا انها خراسان التركمانستانية . العملة الوطنية في تركمانستان تحمل صورته فخرا به .
الرازي : غير مؤكد هل هو اذري ام فارسي لكن اغلب الظن انه فارسي . ولد في الري في ايران الحالية . كل كتبه ومؤلفاته كتبت بالعربية .
الخليل بن احمد الفراهيدي : مؤسس علم العروض وواضع اول معجم للغة العربية ومعلم سيبويه ولد اباضيا ثم تحول الى مذهب اهل السنة والجماعة . عربي النسب من قبيلة الازد ولد في عمان .
سيبويه : ولد في مدينة البيضاء قرب شيراز . فارسي الاصل صاحب كتاب (الكتاب) وهو كتاب النحو في اللغة العربية وقد ظهرت الحاجة الى وضع قواعد النحو العربي لاستخدام الكثير من المولدين غير العرب للغة العربية في ذلك الوقت . يجيد الفارسية بشكل جيد رغم انتقاله في سن مبكرة للعيش في البصرة .
ابو الاسود الدؤلي : اول من وضع قواعد النحو وضع النقاط على حروف اللغة العربية . عربي النسب يعود الى كنانة صحب الامام علي وشهد موقعة صفين معه .
ابن باجة : طبيب وفيلسوف وعالم رياضيات اندلسي يعود اصله الى قبيلة كندة العربية .
ابن القف : طبيب وعالم وفيلسوف . عربي ولد في الكرك وعاش في دمشق .
ابن البيطار : صيدلي بارع وعالم نبات . عربي من الاندلس من مدينة مالقة .
الزمخشري : علامة تركماني من قرية زمخشر التابعة لخوارزم في اوزبكستان . من ائمة المعتزلة . رغم ان له بعض المؤلفات بالفارسية الا انه كان من المؤمنين بتفوق اللغة العربية ومن محبيها لذلك كان من المعارضين للشعوبية .
ابو القاسم الزهراوي : عالم وطبيب عربي من مدينة الزهراء في الاندلس . كتب كنوزا في التوليد والامراض النسائية .
جابر بن حيان :عالم كيمياء كبير تقول الابواق ( ابواق ايران) انه فارسي استنادا الى مولده في طوس الفارسية والى كونه من مؤيدي الدعوة العباسية والتي قربته من البرامكة بينما يقول اخرون انه عربي من قبيلة الازد اليمنية بناءا على اسمه وهو جابر بن حيان الازدي . سكنت عائلته في الكوفة . كان ابوه من مؤيدي الدعوة العباسية والدعاة لها فانتقل الى طوس للدعوة فولد جابر بها . القي القبض على ابوه وقتل فعاد جابر الى الكوفة واقام بها .

هذا غيض من فيض وهؤلاء هم مشاهير علماء المسلمين وصفهم الاول وهم الذين كانوا هدف الاكاذيب الفارسية الاول وانت ترى كم منهم من الفرس وكم منهم ليسوا كذلك ولك ان تحكم بعدها ان سمعت الكذبة تتردد امامك . اما البقية الباقية منهم فهم الصف الثاني من علماء المسلمين الاقل شهرة ومعظمهم ايضا عرب ان احببت الاستزادة تستطيع البحث عنهم في الشبكة العنكبوتية واحذر حتى هنا من الاكاذيب فما تقراة تاكد منه قبل ان تصدقه .
في كل الاحوال فان الفخر كل الفخر في ظهور هؤلاء العلماء ان كانوا عربا او اوزبكا او كردا او فرس هو للحضارة التي رعتهم وكانت بوتقا داعما لهم فزيكريد هونكة مؤلفة كتاب شمس العرب تسطع على الغرب وواحدة من اكثر المعجبين بالحضارة العربية ترفض ان تسمي العلماء المسلمين الا بالعلماء العرب لان اصولهم كما تقول ليست اهم من البوتقة التي وفرت لهم الظهور والبروز ورغم اني لا اميل الى نسيان اصولهم لكن كلامها فيه الكثير جدا من الصحة .


( * ) هنا لابد من التنويه ان المقصود هو جهات من الفرس و اليهود وليس المقصود الشعب الفارسي واليهود فالشعب الفارسي شعب عظيم وصديق واليهود اصحاب كتاب وليس لنا اي نظرة عنصرية واحكام مسبقة ضدهما فقد نكتفي في احيان بكلمة الفرس واليهود قاصدين الاختصار والمعني بها جماعات و جهات معروفة من الفرس واليهود يطول الكلام عنها الان . 
بارق الطائي
Bariq7@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق