السبت، 11 أغسطس 2018

احمد الكاتب يتذكر ٢٥ العودة للحوزة العلمية والدعوة للتشيع


في ظل هذه المعطيات ، والطرق المسدودة للحرب العراقية الايرانية، والعجز عن التغيير واتخاذ القرار الصائب ، فضلت الاستقالة من منظمة العمل سنة ١٩٨٢، والتوجه نحو اكمال دراساتي الحوزوية التي أهملتها منذ خرجت من العراق ، وأعدت ارتداء لبس العمة التي خلعتها منذ وطئت ارض الكويت قبل حوالي عشر سنوات.
وفي عام 1985 دعاني السيد المدرسي الى التدريس في (حوزة الامام القائم) التي كان يشرف عليها وتضم طلبة من السعودية والخليج وبعض العراقيين والأفغان وغيرهم ، وتقع على مشارف طهران الشرقية في منطقة تسمى (مامازند) . وكانت أشبه بمدرسة كوادر حركية منها بحوزة علمية ، حيث كان الطلبة يجمعون بين الدراسة الفقهية والاسلامية وبين العمل التنظيمي والقيام بمهمات حركية مختلفة.
كان يوجد في (حوزة القائم) طلبة من المغرب والجزائر وتونس ، بالاضافة الى الطلبة الشيعة من السعودية والكويت والبحرين والعراق وأفغانستان.
وبعد سقوط نظام جعفر النميري في السودان عام ١٩٨٥، قررنا انشاء فرع للحركة المرجعية الرسالية في السودان ، وكان لدينا بعض الأصدقاء هناك كان قد كسبهم القائم بالأعمال الايراني السابق في الخرطوم ، الذي كان عضوا في الحركة المرجعية ، وقمت بالسفر عبر سوريا والقاهرة الى الخرطوم ، بجواز سفر سعودي . وبقيت حوالي اربعين يوما في السودان، قمت خلالها بالاتصال بمجموعة طلبة جامعيين وشيعت بعضهم ، ثم دعاني هؤلاء الى الحواز مع بعض أصدقائهم السلفيين (الوهابيين) فذهبت الى دارهم وجلست معهم الى آخر الليل. وفي الصباح سأل أحدهم صاحبه: كيف أصبحت؟ قال : اصبحت شيعيا.

وبعد ان كونت نواة شيعية قمنا بجلب بعض الأخوة السودانيين الى (حوزة القائم) ليشكلوا بداية حركة شيعية في السودان . وفي الحقيقة لم تكن للحكومة الايرانية اية علاقة بالموضوع.
وعندما عزمت على الرجوع من السودان ، فكرت بالنزول في القاهرة ، إذ كان علي ان انتظر في مطار القاهرة 24 ساعة ترانزيت. ولكني كنت أخشى من ذلك لأن جوازي السعودي قديم ومهلهل ، وأمن القاهرة حسب معلوماتي قوي ومتطور جدا، ولديهم أجهزة دقيقة لفحص الجوازات واكتشاف التزوير ، واذا اكتشفوا هويتي فمن المحتمل جدا ان يسلموني الى بغداد ، لأن العلاقة بينهم كانت قوية تلك الأيام وأنا محكوم غيابيا بالاعدام. ماذا افعل إذن؟ لا طريق لي الا اللجوء الى استشارة الله تعالى عبر الاستخارة ، فتوجهت الى الله تعالى ودعوت أن يرشدني الى القرار الصحيح، وفتحت القرآن الكريم ، واذا بهذه الآية تلوح أمامي: (قال ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين). ذهلت جدا ولم اصدق نفسي في البداية ، وقلت : غير معقول.. لعلها صدفة. ولكن أية صدفة؟ انها تتحدث عن دخول مصر وتعدني الأمان! ولكي يطمئن قلبي اطبقت القرآن وفتحته من جديد ، واذا بنفس الآية تخرج لي مرة ثانية. وهنا ادركت انها من المستحيل ان تكون صدفة. وغمرني شعور روحاني غريب وارتياح نفسي عظيم ، وثقة عالية بالله تعالى وبالقرآن الكريم كأنني أتعامل مع كتاب حي أكلمه ويكلمني ، ويهديني الى الصراط المستقيم والموقف السليم. فتوكلت على الله ونزلت في القاهرة وقدمت جوازي لضابط الأمن العام دون أن يلتفت أدنى التفاتة أو يسألني أي سؤال، وذهبت لأرتاح في فندق ، ثم ذهبت لزيارة مسجد الامام الحسين والسيدة زينب وبعض المكتبات ، ودخلت وخرجت وأنا مطمئن أردد الآية الكريمة (قال ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين). ولم التفت الى أحد ولم يلتفت الي أحد.
وفي طهران التقيت السيد مرتضى الكشميري (صهر السيد السيستاني ووكيله العام في أوربا هذه الأيام) ، الذي كان يدير في القاهرة في الستينات (دار التقريب بين المذاهب الاسلامية) ، وحدثته بالقصة ، فأقسم بالله العظيم انه حدثت معه قصة مشابهة و انه استخار الله تعالى فخرجت نفس الآية مرتين.

وبمناسبة هذه الاستخارة، احدثكم عن استخارة أخرى طريفة، وهي تتعلق بالزواج المؤقت (المتعة) فقد عرض علي في سفرتي هذه أحد الاصدقاء ممارسة الزواج المؤقت (المتعة) وهي كما تعرفون محللة عند الشيعة الاثني عشرية، بل وانها عندهم مستحبة بصورة مؤكدة، ولا تعتبر ممارستها خيانة للزوجة، لأن الزوج حسب الفقه الاسلامي والشيعي يحق له الزواج من أربعة بصورة دائمة أو منقطعة (متعة) ومن دون حاجة لاستئذان الزوجة، فهممت بها فعلا وتاقت اليها نفسي، ولكني ترددت وفضلت عمل استخارة، فخرجت هذه الآية الكريمة:“ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ“ (173 البقرة) فقلت في نفسي أنني لست مضطرا، وهذه المتعة كأكل لحم الميتة أو الخنزير. فلا أقربها أبدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق