باحث مصري يؤكد معرفة العرب بالهيروغليفية
جرت العادة بين العوام أن يقولوا إن المصريين القدماء كانوا يتحدثون بالهيروغليفية، وأنهم في عهد الاحتلال الروماني كانوا يتحدثون اللغة القبطية، ناهيك عن الديموطيقية والهيريطيقية في عصور أخرى. وواقع الأمر أن ولا واحدة من تلك الأسماء كانت لغة للمصريين القدماء في يوم من الأيام، وإنما هي مجرد خطوط لكتابة اللغة المصرية القديمة، وبمعنى آخر فقد كانت تعتبر تطورا لحروف الكتابة الخاصة بلغة المصريين القدماء فقط، فمثلا الخط الهيروغليفي هو أقدم تلك الخطوط وأقدم نقش معروف كتب بهذا الخط هو مخطوط رسمي يرجع للفترة ما بين عامي 3300 قبل الميلاد و3200 ق.م.
وتسمية الخط الهيروغليفي بهذا الاسم هو اسم لم يعرفه المصريون القدماء أنفسهم، حيث إن كلمة "هيروغليفي" نفسها ليست كلمة مصرية بل يونانية أطلقها قدماء اليونانيين على النقوش المصرية المكتوبة بشكل الصور، والكلمة في اليونانية ἱερογλύφος مكونة من شقين (هيرو)؛ وتعني مقدس و(جلوفوس) وتعني النقوش، بينما كانت يعرفها المصريون القدماء باسم (ميدوا نتروا) وتعني النقش المقدس أو العلامات الروحانية، وكانت تنقش علي التماثيل والجداريات الحجرية وغيرها سواء نقش بارز أو نقش غائر أو بكلاهما في بعض الأحيان.
أما ما يسمى باللغة القبطية فله شأن آخر، مبدئيا لا يوجد ما يسمي باللغة القبطية، وإنما هي مجرد نوع جديد من الخطوط لكتابة اللغة المصرية القديمة استخدمه المصريون في العصر اليوناني والروماني عوضا عن خطوط الكتابة الخاصة بهم، وكان يستخدم فيه الحروف اليونانية القديمة، بالإضافة إلى خمسة حروف غير موجودة في حروف اللغة اليونانية القديمة، وهي الأحرف الديموطيقية السبعة Ϣ Ϥ Ϧ Ϩ Ϫ Ϭ Ϯ وتنطق (شاي فاي خاي هوري جنجا شيما دي) وأقدم ما عثر عليه مكتوبا بالخط القبطي هي بردية هايدلبرج 414 التي ترجع إلى منتصف القرن الثالث قبل الميلاد.
"من يعتبرالقبطية من اللغات؛ إما عن جهل أو بسبب عدم التمييز ما بين كلمة اللغة والخط، أو أنه يتجاهل أو يتعمد ذلك لمحاولة إيهام الآخر بأن هناك ما كان يدعى باللغة القبطية
"وما بين الخط الهيروغليفي والخط القبطي يوجد خطان آخران استخدمهما المصري القديم في الكتابة. أولهما الخط الهيريطيقي وهي كلمة يونانية γράμματα ἱερατικά ومعناها الكتابة الكهنوتية نسبة إلى الكهنة الذين كانوا أكثر من استخدم هذا الخط، وقد وجد هذا الخط لمسايرة الكتابة العملية، حيث إن الخط الهيروغليفي لم يكن ملائما للكتابة السريعة، ويعتبر الخط الهريطيقي منبثقا من الخط الهيروغليفي ومنبثقا منه، وقد استمر العمل به من عصر الأسرات الأولى وحتى عصر الدولة الحديثة أي ما يقرب من 2000 سنة إلى أن حل محله الخط الديموطيقي.
ثانيهما الخط الديموطيقي، وكان أسهل في الكتابة من الخط الهيروغيفي، وكان يستعمل من قبل الكهنة في كتابة اللغة المصرية القديمة، كما كان يستخدم أيضا في الوثائق والرسائل وهو خط يعتبر تطويرا للخط الهريطيقي، وقد ظهر هذا الخط في القرن الثامن قبل الميلاد، وظل مستخدما حتي القرن الخامس الميلادي واسمه مشتق من الكلمة اليونانية ديموس δημός وتعني الشعب وتصريفها δημοτικός (ديموتيكوس ويعتي الشعبي) أي أن معناها الخط الشعبي. وأقدم وثيقة معروفة لدينا الآن مكتوبة بالخط الديموطيقي تعود إلى السنة الحادية والعشرين من حكم الملك إبسماتيك الأول.
الخلاصة أن الهيروغليفية والهيريطيقية والديموطيقية والقبطية ليست لغات استخدمها المصريون القدماء ولكنها مجرد خطوط تطورت من بعضها البعض أو مفروضة لأسباب خاصة كما هو الحال في الخط القبطي.
ولكن البعض يعتبرها لغات إما عن جهل أو بسبب عدم التمييز ما بين كلمة اللغة والخط وبعضهم الآخر يتجاهل أو يتعمد ذلك لمحاولة إيهام الآخر بأن هناك ما كان يدعى باللغة القبطية، وأنها لغة المصريين القدماء، وذلك لغرض في نفس يعقوب.
متعلقات
منار أبو صقري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق