أيلول/سبتمبر 2, 2015
كتبه وطن الدبور
انتقدت مجلة (نيو انترناشوليست) مستوى الحريات السيء في دولة الإمارات العربية المتحدة، في تقرير نشرته تحدثت فيه عن مشروع دبي الجديد بإنشاء الجزيرة الصناعية المسماة " قلب أوروبا" و التي تشكل مجموعة من الجزر الإصطناعية الفاخرة و التي تسعى لنقل روح أوروبا لقلب الشرق الأوسط، بما في ذلك طقس أوروبا البارد و ثلوجها لقلب الجزيرة العربية والمنطقة الحارة.
والمفارقة في التقرير الصريح كانت انتقاده لمحاولات حكومة الإمارات لنقل روح أوروبا للشرق الأوسط كما تدعي، (ولكن) لم تفلح أو تنجح الامارات في نقل جزء من الروح الأوروبية غير المادية المتمثلة بحرية التعبير و إبداء الرأي بعيداً عن أي تهديد أمني أو إخفاء قسري.
وتعرض التقرير لحادثة إختفاء 3 شابات إماراتيات بشكل قسري بعد أن قاموا بنشر تغريدات عبر حساباتهم على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر، حيث تم استدعاء الأخوات الثلاثة ( أسماء و مريم و اليازية السويدي) إلى مقر شرطة أبوظبي حيث يقمن في 15 فبراير 2015. و أختفين لمدة 3 أشهر بشكل قسري دون الإفصاح عن مكان احتجازهم أو تمكين أسرتهم أو محامي من زيارتهم قبل أن يتم الإفراج عنهن منتصف مايو الماضي.
يذكر أن اليازية حصلت على شهادة الدكتوراة في الاتصالات الثقافية من جامعة كينغستون في لندن عام 2013 أما مريم فطالبة علم نفس اقتصادي في جامعة لندن متروبوليتان. و أسماء التي كانت تعمل في مكتب وسائل الإعلام الاجتماعية للشيخة فاطمة بنت مبارك ( أم ولي عهد أبوظبي)، استخدمن حساباتهن الشخصية في تويتر للاحتجاج على حكم بسجن أخيهم الناشط السياسي الدكتور عيسى خليفة السويدي لمدة 10سنوات فيما يعرف بقضية معتقلي الرأي في الإمارات.
و كان الدكتور عيسى قد خضع لمحاكمة جماعية في شهر مارس من عام 2014،كجزء من حملة وصفت بأن هدفها قمع المعارضة السياسية ضد حكومة الإمارات، و وفق المركز الإماراتي الحقوقي لحقوق الإنسان، فإن هذه المحاكمات تعد نموذجاً واضحاً على التعذيب الذي تمارسه الأجهزة الأمنية للدولة بحق المعتقلين السياسيين المدنيين، و تمثل ذلك في الحبس في زنازين صغيرة الحجم بالكاد تكفي لشخص واحد، ومعاناة السجناء من البرد القارس داخل محابسهم بالإضافة إلى الحرمان من النوم و عدم وجود مراحيض و الحرص على عصب أعين المعتقلين بشكل مستمر، ناهيك عن الحبس الإنفرادي للمعتقلين و ساعات الاستجواب الطويلة و ما يرافقها من وسائل تعذيب سيئة مثل الخنق و الضرب المبرح.
و أورد التقرير أيضاً التغريدات التي كتبتها الفتيات الثلاثة قبل أن يتم اعتقالهن و نوردها هنا كما جاءت من المصدر:
- تغريدة أسماء :" لقد قرأت لائحة اتهام أخي كاملة و لم أجد فيها أي حجة معقولة لعزله و حرمانه من الحياة ل 10سنوات."
تغريدة مريم :" لا أنسى تلك اللحظة التي وضعت يدك على الزجاج محاولاً تتبع يد أمي، و قلت لها أنك تفتقدها كثيراً."
تكميم أفواه المعارضين
يعمل جهاز الأمن السري التابع لوزارة الداخلية على اتباع منهجية الإخفاء القسري لاسكات أصوات المعارضين، فبهذه الطريقة لا يمكن معاملة المحتجزين على أنهم معتقلين رسميين وفق معاملات الدولة، و ترفض في الوقت ذاته الحكومة الكشف عن أماكن احتجازهم مما يتيح لجهاز الأمن الداخلي حرية التحقيق معهم بأبشع الوسائل دون أي اعتراض على ذلك.
و كانت منظمة العفو الدولية قد أطلقت مبادرة فور اعتقال الأخوات السويدي سعياً في إطلاق سراحهن، حيث قالت ممثلة المنظمة في الإمارات "منصورة ميلز":" تحاول الإمارات دوماً الترويج أنها أحد أكثر دول المنطقة تقدماً و تحفظ مكانة و حقوق المرأة، لكن المتابع للسياسة التي تنتهجها الحكومة تجاه المعارضين يثير العديد من الشكوك حول حرية التعبير في الإمارات و مكانة المرأة الحقيقية فيها، فطريقة اعتقال كهذه حيث تشمل اختفاءً قسرياً دون محاكمة او اشراف قضائي يعرض حياة المعتقلين للخطر و قد تواجه أي معتقلة خطر الاعتداء الجسدي أو الجنسي نتيجة هذه الظروف."
و بهذا تنضم دولة الإمارات لمجموعة من الدول الأخرى التي تتبع نفس سياسة الإخفاء القسري و التعذيب، و من ضمنها سريلانكا و بيرو و المكسيك مما سبب لهذه الدول مجموعة من المشاكل مع المنظمات و الهيئات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، و يبدو أن الإمارات في طريقها لمواجهة اتهامات كهذه أمام هيئات دولية بشكل أكبر خاصة مع تزايد حالات الاعتقال بنفس الطريقة و المنهجية التي تنتقص من الإنسان و لا تضمن له حقوقه الأساسية.
وينص القانون الدولي على أن لكل شخص الحق في حرية التعبير، وحرية التجمع السلمي، وإذا ألقي القبض عليهم وهو الحق في ظروف احتجاز إنسانية والحق في الحصول على ممثل قانوني.
الحد من حرية التعبير
تشهد الإمارات جدلاً واسعاً حول مدى التضارب بين الحرية و الديمقراطية و إشكالية سيادة الدولة مما ينتج عنه تغير في الصورة الذهنية التي تشكلها شعوب العالم عن هذا البلد العربي. فعلى سبيل المثال اعتقل أحمد عبد الله واحدي في مايو الماضي بتهمة إهانة الحكام عبر تغريدة نشرها على حسابه في توتير، و قد يواجه عقوبة بالسجن تصل إلى 10 أعوام نتيجة هذا الاتهام.
و كانت الأمم المتحدة قد أعربت عن قلقها إزاء عمليات الدهم الاعتقال و انتهاك حقوق الانسان التي تقع بشكل مستمر في الإمارات في حق جميع المعارضين، و كان ذلك خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان في 29 مايو الماضي، حيث ذكرت الأمم المتحدة في بيانها : "تعرب الأمم المتحدة عن انتقادها لما تمارسه قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة من مجابهة جميع المعارضين السياسيين المدنيين على أنهم خطر أمني و سوء التعامل معهم عن طريق الاعتقال".
و كانت شازيا أرشد منسقة الحملة الدولية من أجل الحرية في الإمارات قد قالت :" نحن قلقون من تزايد مستويات المقمع السياسي وانتهاك حقوق الانسان في الإمارات، فمنذ العام 2011 تم اعتقال العديد من النشطاء ويشكل اعتقال الأخوات السويدي تطور مثير للقلق، فهذه حالة تشمل اعتقال اقارب المعتقلين، السلطات الإماراتية تريد أن تغرس ثقافة الخوف بين الناس والمعارضين."
يذكر أن أحدث الاعتقالات السياسية في الامارات يعود إلى 18 أغسطس حيث تم اعتقال الأكاديمي و الناشط البارز الدكتور ناصر بن غيث والذي ما يزال عرضة للاختفاء القسري بما يخالف المواثيق الدولية كما أوضح التقرير وقد يتعرض خلال الاعتقال لكثير من التعذيب و الإهانة.
يوم ال30 من أغسطس هو اليوم الدولي للمختفين والذي أقرته الأمم المتحدة، و نحن هنا أمام حالات اختفاء متزايد بما يخالف كل القوانيين الدولية و المعاهدات التي يجب على الجميع الالتزام بها.
================
Tweeting from ‘paradise’, one disappearance at a time
http://newint.org/features/web-exclusive/2015/08/28/uae-enforced-disappearance/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق