الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

رد سوسن الشاعر على فريدمان ايران السعودية

من أطعم الوحش؟

سوسن الشاعر

سيد توماس فريدمان، الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها إدارة أوباما في حق العلاقات الأميركية - الخليجية بشكل عام، والعلاقات الأميركية - السعودية بشكل خاص، أكبر من أن تعد وتحصى، فلا تزيدها سوءًا بعملية تضليل كالتي قمت بها في مقالك يوم الخميس في «نيويورك تايمز» تلوي بها ذراع الحقيقة بشكل يهدد خلعه!
فلم يكن سمًا في العسل ما قمت بخلطه سيد فريدمان في مقالك في سبيل تبييض وجه إيران الإرهابي في المنطقة، وفي سبيل إلقاء الحمل كله على المملكة العربية السعودية قبل يوم من زيارة الملك سلمان لها، بل كان تزويرًا للتاريخ وانتزاعًا للوقائع من سياقها وقلبًا للحقائق.
فحين أتيت على ذكر التنظيمات الإرهابية الشيعية في منطقة الشرق الأوسط لم تسعفك الذاكرة إلا بتنظيم واحد وهو بـ«حزب الله» فقط؟ ولم تعرف له إلا جريمة يتيمة هي التي كانت في بيروت عام 1983 حين قتل 63 أميركيًا؟
وتجاهلت عشرات التنظيمات الشيعية التي تعيث في الأرض فسادًا اليوم رغم أن أعداد قتلاهم بالآلاف، هل لأنهم من العرب العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين والبحرينيين، فأسقطتهم من حسابك لمجرد أن قاتلهم شيعي؟! وتبييض صفحة إيران الإرهابية مطلب ملح لكم الآن.
أين كتائب عصائب أهل الحق وجيش المهدي والصدر وبدر والعباس وسرايا الأشتر وسرايا القدس وغيرهم العشرات، من معادلتك الشرق أوسطية التي تبحث فيها عمّن يقف وراء «الإرهاب»؟ هل تمرير الاتفاق النووي الإيراني قادر إلى هذه الدرجة على حجب صور الموت والدمار وصور الجثث المحروقة والمعلقة التي تخلفها هذه التنظيمات الشيعية؟
وحين فتحت باب تمويل التنظيمات الإرهابية ومن يقف وراء تمويل التنظيمات الإرهابية، ألم تنتبه أنك تقر بأن أموال البترول السعودي التي مولت التنظيمات السنية، على حد قولك، إنما كان مصدرها أفرادًا ولم يكن مصدرها من أموال الدولة ومن موازنتها؟
ألم تنتبه إلى أن الدولة السعودية هي من يخوض حربًا مع هؤلاء، محلية ودولية، وتطاردهم على كل صعيد وتخصص مكافآت لمن يدلها عليهم، وتتعاون دوليًا في حربها ضد الإرهاب مع الأجهزة الأميركية؟
وبالمقابل، كيف نسيت سيد فريدمان أن تقول للقارئ الأميركي إن من يقف وراء تمويل التنظيمات الإرهابية الشيعية، وعددها بالعشرات ومنهم «حزب الله»، هي الدولة الإيرانية بشكل معلن ورسمي وبأرقام محددة معروفة عدا عن إعلانها لدعمها اللوجيستي لهذه التنظيمات بقوات نظامية تعمل على الأرض؟
أما الحقيقة الكبرى التي قفزت عليها بشكل يخل بأسس المهنية وأعرافها رغم أنها حقيقة باتت معرفة حتى جسدتها الأفلام الهوليوودية عن دور الاستخبارات الأميركية في تأسيس وتمويل وتدريب التنظيمات (السنية) منذ الثمانينات قبل أن ترتد عكسيا، أم أن السيد فريدمان سينكر هذا الدور في تدريب المجاهدين الأفغان؟
فإن عدت إلى 11 سبتمبر (أيلول)، فعليك أن تعود عشرين عامًا قبلها لتعرف من أطعم الوحش.
لم تتعطل ماكينة الدعم الأميركية لهذه التنظيمات، بل إن البصمات واضحة في كل موقع انتشرت فيه اليوم وفي رسم مشروع الشرق الأوسط الجديد، من الذي مهد طريق «القاعدة» في ليبيا، على سبيل المثال، لتمر تحت سمعه وبصره في رأس لانوف والنوفلية اللتين كانتا تشكلان مراكز عمليات عصابات «القاعدة» والتنظيمات الإرهابية الأخرى المنتشرة في داخل المعسكرات بطول شاطئ البحر الأبيض المتوسط، استعدادًا لدخولها إلى سرت من جهة، والتغطية على ما جرى في باب العزيزية والساحة الخضراء من جهة أخرى؟
من الذي مررها في الموصل وفي الرقة بأرتال مزودة بأحدث المعدات القتالية رصدتها العين المجردة وصورتها كاميرات تلفزيون الجزيرة كما صورت خطب زعيمها في المساجد ثم تعطلت يومها أقماركم الصناعية عن رصدها؟
من مهد الأرض وقصقص السلطات وأسقط الأنظمة وأزال الأحراش لتنمو وتمدد تلك التنظيمات في العراق كما في ليبيا وكما في مصر وكما في سوريا، ألم يكن ذلك بعون الاستخبارات الأميركية أو بغض الطرف منها؟
البصمات واضحة أينما حلت «القاعدة» أو «داعش» وغيرها من التنظيمات التي وصفتها بالسنية، والتي تطاردها الدولة السعودية وتدفع أرواح أبنائها ثمنًا في حربها ضدهم، ولا نحتاج أن ننتظر الإفراج عن أوراق للسيد وكيليكس كي نعرف حجم تورط الاستخبارات الأميركية في دعم هذه المنظمات.
فإن كنت معنيًا بالقضاء على الإرهاب حقًا، كل الإرهاب يا سيد فريدمان، فآتِ البيوت من أبوابها ولا تزد الطين بلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق