الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فإن مما اشتهر في الأوساط العلمية ، أن عمر بن الخطاب أثنى على عبد الرحمن بن ملجم ، وأوصى عمرو بن العاص به ، الذي قتل علياً بعد ذلك ، وعادةً ما تذكر هذه القصة في سياق ذكر من كان حسن الحال ثم انتكس
ولما كانت لي تجربة في جمع آثار عمر بن الخطاب ، لم أذكر أنني وقفت على شيء مسند في ذلك فقررت بحث هذا الأمر بشكل مستقل
وقد وجدت أن أقدم من ذكر هذه القصة ابن يونس في تاريخ مصر حيث قال (1/214) :" عبد الرحمن بن ملجم المرادىّ التّدؤلىّ : أحد بنى تدؤل، وكان فارسهم بمصر . شهد فتح مصر، واختط بها مع الأشراف . وكان ممن قرأ القرآن والفقه .
أدرك الجاهلية، وهاجر فى خلافة عمر، وقرأ على معاذ بن جبل . وكان من العبّاد .
ويقال: هو الذي أرسل صبيغا التميمى إلى عمر، فسأله عما سأله من معجم
القرآن . وقيل: إن عمر كتب إلى عمرو: أن قرّب دار «عبد الرحمن بن ملجم» من المسجد؛ ليعلّم الناس القرآن والفقه. فوسّع له مكان داره، وكانت إلى جانب دار «عبد الرحمن بن عديس» البلوى (يعنى: أحد من أعان على قتل عثمان)"
وها أنت ترى أنه يقول ( قيل ) وهذه صيغة تمريضية ولم يسند الخبر في ذلك
ونقل هذا عن ابن يونس الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/ 539) ، وكذا الحافظ ابن حجر في لسان الميزان
وأما الصيغة المشهورة عند المعاصرين وهي قول عمر :" إني مرسل إليك رجلاً آثرتك به على نفسي هو عبد الرحمن بن ملجَم فإذا أتاك بكتابي هذا فاتخذ له داراً يقريء الناس فيها القرآن"
فهذه الصيغة لم أجدها في كتب المتقدمين، وإنما وجدت أن الشيخ صالح آل الشيخ ذكرها وتابعه غيره ، ولا يمكن إثبات أثر عن عمر بن الخطاب بقول ابن يونس ( قيل ) فإن هذا إعضال شديد ، على الأقل بهذه الصيغة ، ولا أدري إن كان ورد الخبر بصيغةٍ أخرى ، وإن كنت راجعت مظان الخبر فلم أجد
فأرجو من الإخوة الإفادة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
==========
الإمام أحمد بن حنبل كان يذكر حسين الكرابيسي بخير فلما قال ببدعة اللفظ ضلله وبدعه.
الأمر الثاني/ حال الرجل، فقد تكون حالة حسنة فيثني عليه العلماء، فإذا تغيرت حاله بعد وفاة هؤلاء العلماء فلا يؤخذ بثنائهم الأول، ومن ذلك أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أثنى على عبدالرحمن بن ملجم قاتل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، بل وأوصى به كما تجد ذلك في لسان الميزان .
وبعد وفاة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فعل فعلته الشنيعة من قتل علي بن أبي طالب ، فهل يصح لأحد أن يصر على التمسك بثناء عمر بن الخطاب على ابن ملجم ولو بعد قتله لعلي بن أبي طالب ؟!. هذا ما لا يصح بحال بل العبرة بحال الرجل بعد .
الأمر الثالث/ البينة والبرهان هي الحاكمة على كل أحد والعالم قد يخطئ ويزل كما ثبت عند الدارمي عن عمر أنه قال : ثلاث يهدمن الدين وذكر منها : زلة العالم . ونحن مطالبون باتباع الدليل إذا ظهر، فإذا زكى العالم أو جرح فالأصل قبول تزكيته أو جرحه، لكن إذا تبين بالدليل والبرهان خلاف ما ذكر فنحن مطالبون باتباع الدليل دونه .
وهذا الصنيع معروف عند أهل العلم ( فقد وثق الإمام أحمد بن حنبل رجلاً اسمه محمد بن حميد الرازي بينما جرحه ابن خزيمة، قال أبو علي النيسابوري: قلت لابن خزيمة: لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد، فإن أحمد بن حنبل قد أحسن الثناء عليه.قال: إنه لم يعرفه، ولو عرفه كما عرفناه، لما أثنى عليه أصلاً. (سير أعلام النبلاء (22 / 108))
وهكذا أهل الحق رائدهم اتباع الحق بالدليل والحجة ليفوزوا برضا الحق سبحانه .
يا طلاب الجنان والنجاة من النيران اجعلوا رائدكم الحق القائم على الدليل الصحيح ولا يثنيكم عنه حب أو بغض لأحد أو حزب أو عاطفة .
وكم نرى الآن من بعض المواقع في الشبكة العنكبوتية كالموقع المسمى بالذهبي أو من بعض الرجالات يثبتون أقوالاً لعلمائنا في تزكية أناس ليسوا أهلاً للتزكية ؛ لأن هذه التزكيات قديمة منسوخة بجرح وذم متأخر مفسر ، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
المثال الأول: يتناقلون تزكية قديمة لبعض علمائنا لسيد قطب والذي له كلام شنيع في سب بعض الصحابة ، بل وسب نبي الله موسى عليه السلام ، وفي المقابل يدعون التزكيات المتأخرة الناسخة التي فيها قدح وتحذير من سيد قطب لأمثال الإمام عبدالعزيز بن باز والإمام محمد بن ناصر الألباني والإمام محمد بن صالح العثيمين - رحمهم الله - ، وانظر كلامهم في كتاب أخينا الدكتور عصام السناني ( براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدعة والمذمة )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق