الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

فضيحة الكبتاغون وحزب الله لم تنته فصولا


كبتاجون
القضاء يرضخ للضغوط السياسية ويخلي سبيل الموقوفين
بعد سنة ونصف على توقيفهم، أخلي سبيل الموقوفين الثلاثة المتهمين بتصنيع وترويج الحبوب المخدرة، لقاء كفالة مالية قدرها مليوني ليرة  . هذا ما أثار استغراب الجهات الأمنية والقانونية المختصة خصوصا أن حبوب الكبتاغون ما زالت تروج في لبنان وتصدر منه الى دول عدة. “جنوبية” تابعت القضية وتفاصيلها منذ بدايتها وستعرض في هذا التحقيق، من هي الشبكة المصنعة للمخدرات، وكيف تم اكتشافها وكيف تمت المراوغة القضائية لإطلاق سراح الموقوفين.
في منطقة التل الأبيض في بعلبك، كان عباس يتلقى علومه الدينية في حوزة الإمام الحسين التي أسسها هاشم الموسوي رئيس جهاز أمن المقاومة في البقاع. وكان الشيخ عباس ناصر هو المشرف على الحوزة ويدرس الطلاب . لا يخفي الطالب عباس أيامه الجميلة في الحوزة المعاملة الحسنة التي يلقاها الطلاب من قبل الشيخ ناصر وهاشم الموسوي شقيق النائب عن كتلة حزب الله حسين الموسوي ، ويقول : “كان السيد هاشم الموسوي يحضر كل يوم اثنين الى
الحوزة،يجالسنا ويعطينا دروسا بالأخلاق وفي كيفية المعاملة الحسنة ويوزع علينا المساعدات، كما كان أيضاً يجلب لنا الطعام ويقيم الولائم الفاخرة.
ويضيف : “مر شهرّ على الطلاب ولم يزر هاشم الحوزة، وبدأ الطلاب يتهامسون عن سبب غيابه وهو حبيب الجميع . وذات يوم أبلغ الطلاب أن القوى الأمنية تريد تفتيش الحوزة، فاستغربوا الأمر، خصوصا بعدما طلب منهم الشيخ عباس ناصر نقل صناديق الكتب الى منزل خلف الحوزة، ففعل الطلاب . وفقط بعد ذلك سمح للقوى الأمنية بالدخول والتفتيش إلا أن عناصر الامن عادوا أدراجهم لأنهم لم يجدوا شيئا”.
في حيرة من أمره بقي عباس، الى أن ذهب يوما الى الحوزة فلم يجد أحدا. والحوزة كانت مقفلة و مختومة بالشمع الأحمر. لم يعرف ما جرى، الى أن بدأت تسري معلومات يتداولها الناس في ما بينهم بأن الحوزة أقفلت بسبب العثور على حبوب مخدرة داخلها، وكانت تستعمل كغطاء ديني من قبل الموسوي لتصنيع وترويج حبوب الكبتاغون. علما أن الكبتاغون هو مادة أمفيتامينية تعتبر من المؤثرات العقلية ومدرجة على جداول المخدرات العالمية وتوضع في خانة
المواد الخطرة جدا . والى جانب تأثيرها النفسي، تسبب أضرارا جسدية فتفتك بخلايا الجسم وتضرب الجهاز التنفسي والجهاز العصبي والهضمي، إضافة الى التسبب بالهلوسة.
كيف تم اكتشاف الشبكة
هذه المواد التي يتم تصنيعها في الحوزة كانت تسوق الى الخارج لا سيما العراق وأفريقيا وأميركا اللاتينية والمملكة العربية السعودية ، التي كانت أكثر الأسواق استهلاكا لهذه المادة ، حسبما أفاد “جنوبية” مرجع أمني بارز.
ويضيف:” توافرت لدينا معلومات حول ضبط الجمارك آلتين لتصنيع حبوب الكبتاغون في المرفأ وأوقف أحد الأشخاص ويدعى مروان سعد الملقب بالـ”دكتور”. فحقق معه مكتب مكافحة المخدرات واعترف بالاشتراك بتصنيع المخدرات مع  أشخاص آخرين.”بعدها أوقف عناصر مكتب مكافحة المخدرات بيار حنا حامض وهو عميل جمركي قام باستيراد مواد أولية لتصنيع المخدرات وإخفائها. وقد اعترف بأنه يرسل المواد الى شريك له بالتصنيع هو شربل كرم بو صعب الخبير الكيميائي المتعاقد مع قوى الأمن الداخلي. وبالتوازي مع استمرار مكتب
مكافحة المخدرات تحقيقاته لكشف كامل الشبكة، كانت المملكة السعودية ، هي أكثر من عانى من ظاهرة تهريب المخدرات الى أراضيها، تتابع عبر أجهزتها الأمنية الموضوع ، فتم القاء القبض على بعض المروجين على أراضيها فاعترفوا بأنهم يستوردون الكبتاغون من لبنان، ما استدعى إرسال ضابط سعودي للتنسيق مع مكتب مكافحة المخدرات اللبناني . فتكاملت المعطيات وتم تحديد الجهة المروجة . وألقت القوى الأمنية القبض على شخص من آل الزين من بلدة ايعات ، فاعترف أنه يقوم بخلط مواد كيميائية لصالح هاشم الموسوي ، وبان  شقيقه جهاد يتسلم من الزين الحبوب جاهزة وعليها شعار الكبتاغون.
مصانع ضخمة كمصانع بولونيا
بمتابعة التحقيق في القضية، توافرت معلومات الى مكتب مكافحة المخدرات بوجود مستودع يحتوي على معمل كيميائي لتصنيع المخدرات في محلة الشويفات التيرو.
وأفاد مرجع أمني مختص “جنوبية” أن ثلاث مجموعات من مكتب مكافحة المخدرات داهمت المستودع المذكور حيث ضبطت فيه آلات لتصنيع المواد الكيميائية بالاضافة الى كميات كبيرة من المواد على اختلاف أنواعها.  ويصف المرجع الأمني هذا المصنع بالضخم جداً. ويشبه مصانع كولومبيا إذ ينتج يوميا مليون حبة كبتاغون، ويعود للمدعو حيدر ديب الذي أوقف بعد استدراجه الى محلة حارة حريك . فاعترف أنه يقوم بالاشتراك مع المدعو فاروق مراد بتصنيع
مادة باز ( أساس ) الأمفيتامين لصالح هاشم الموسوي وأن شخصا ثالثا وهو رجل دين معمم يدعى عباس ناصر كان ينقل المواد الأولية الى المصنع ويتسلم المواد المصنعة. وقد استدرت القوى الامنية   ناصر الى محلة ضهر البيدر حيث جرى توقيفه .
الموقوفون الثلاثة اعترفوا بأنهم يقومون بتصنيع المخدرات منذ العام ٢٠٠٧ لقاء ٣٠٠ ألف دولار أميركي عن كل كلغ من باز الأمفيتامين.
احالة القضية الى القضاء
بعد تسليم القضية القضاء، جهد حزب الله لإبقائها في الخفاء . وبدأ نشاطا حثيثا لتمييعها ودفنها في مهدها. فعين الحزب محاميا للموقوفين منع إجراء اي تحقيق قضائي معهم عبر استمراره بتقديم الدفوع الشكلية بحجة مراجعة الملف على مدى أكثر من سنة. لقد كانت استراتيجية الحزب واضحة وهي اماتة القضية في الاعلام من اجل الضغط على
القضاء في ما بعد وإطلاق سراح المتهمين.
بعد سنة ونصف على اكتشاف القضية والقاء القبض على بعض المتورطين أصبح
المتهمون خارج السجن حيث أطلق سراحهم بكفالة مالية قدرها مليوني ليرة  لبنانية. وهذا ما أثار استغرابا واسعا في المجتمع اللبناني، ما دفع “جنوبية” الى الاتصال بوزير العدل في حكومة تصريف الاعمال شكيب قرطباوي الذي رفض أي تعليق على هذا الملف القضائي كونه وزيرا للعدل ، مشيرا الى ان القاضي هو الذي يمكل المعطيات ولا يحق لأحد التعليق على قضية لم يطلع عليها.
أما مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي فتفاجأ بخبر إطلاق سراح الموقوفين قائلا في اتصال مع “جنوبية:” لا أعرف ظروف القضية، لكن إخلاء السبيل حق قانوني . واضاف: من الممكن أن يكون هناك ضغوط سياسية ولكن بتخريجة قانونية لأن القانون لا يمنع إخلاء السبيل، لكنني في هذه القضية  بالذات لا أستطيع معرفة لماذا تم إخلاء السبيل.”
في جميع الجنايات تكون مدة التوقيف لحد أقصى ستة أشهر ومن الممكن أن تمدد لمهلة مماثلة، باستثناء جرائم القتل والمخدرات والجرائم ذات الخطر الشامل  والإرهاب لأمن الدولة، هذا ما يؤكده لـ “جنوبية” مرجع قانوني بارز ويشير الى أنه في هذه الجرائم يمكن تمديد مهلة التوقيف الى امد غير محدد وفقا للمادة 108 من أصول المحاكمات الجزائية.
 ويضيف المرجع القانوني أنه في لبنان يندر تخلية السبيل في جرائم ترويج المخدرات والاتجار بها وغالبا ما يحاكم التهم بها وهو موقوف من دون تخلية سبيله، ولأن هذا ما يعمل به في
لبنان يتساءل المرجع مستغربا:” لماذا في هذه القضية بالذات تمت تخلية سبيل من هو متهم بالترويج والاتجار على خلاف ما هو معمول وسائد.
المتهمون الذين أخلي سبيلهم وهاشم الموسوي مازال متواريا عن الأنظار، أما  الكبتاغون فيسرح ويمرح من دون إصدار أحكام جدية توقف القضاء على أجيال بأكملها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق